المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 692

المشهور في زمن المقتدر العباسي  ، فمن ذلك قوله في تخريب المتوكل قبر الحسين بن علي ( عليه السلام )   ، وأمره بأن يُزرع ويُمحى رسمه  ، وكان شديد التحامل على علي وولده ( عليهم السلام ) ، قال ابن بسَّام هذا في ذلك :
تَاللهِ إنْ كانت أُميَّةُ قَدْ أَتَتْ قَتْلَ ابنِ بِنْتِ نبيِّها مظلوما
فَلَقَدْ أَتَاهُ بنو أبيه بمِثْلِهِ هذا لَعَمْرُكَ قَبْرُهُ مهدوما
أَسِفُوا على أَنْ لا يكونوا شَارَكوا في قَتْلِهِ فَتَتَبَّعُوه رَمِيما (1)

وجاء في الدر النظيم وغيره : عن هشام بن محمد  ، قال : لمَّا أُجري الماء على قبر الحسين ( عليه السلام ) نضُب بعد أربعين يوماً  ، وامتحى أثر القبر  ، فجاء أعرابي من بني أسد  ، فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمّه  ، حتى وقع على قبر الحسين ( عليه السلام ) فبكى حين شمَّه  ، وقال : بأيي وأمي  ، ما كان أطيبك! وأطيب قبرك وتربتك! ثمَّ أنشأ يقول :
أَرَادُوا لِيُخْفُوا قَبْرَه عن وَلِيِّهِ فَطِيْبُ تُرَابِ الْقَبْرِ دَلَّ على الْقَبَرِ (2)

فما أحقَّه صلوات الله وسلامه عليه بهذه الفقرة المنيفة في زيارته الشريفة : أشهد لقد طيَّب الله بك التراب  ، وأوضح بك الكتاب.
ذكر المسعودي أن المنتصر لمَّا استخلف أمِنَ الناس  ، وتقدَّم بالكفِّ عن آل أبي طالب  ، وترك البحث عن أخبارهم  ، وأن لا يُمنع أحدٌ زيارة الحيرة لقبر الحسين ( عليه السلام )   ، ولا قبر غيره من آل أبي طالب  ، وأمر بردّ فدك إلى ولد الحسن والحسين ( عليهما السلام )   ، وأطلق أوقاف آل أبي طالب  ، وترك التعرُّض لشيعتهم  ، ودفع

(1) البداية والنهاية  ، ابن كثير : 11/143  ، سير أعلام النبلاء  ، الذهبي : 12/35  ، ونسب البيت في النجوم الزاهرة : 2/284  ، و235 إلى يعقوب بن السكيت.
(2) الدر النظيم  ، ابن حاتم الشامي : 572  ، تاريخ مدينة دمشق  ، ابن عساكر : 14/245  ، تهذيب الكمال  ، المزي : 6/444  ، سير أعلام النبلاء  ، الذهبي : 3/317.
المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية 693

الأذى عنهم (1) ولله درّ الحجة الشيخ علي الجشي عليه الرحمة إذ يقول :
خليليَّ عُوجَا بي على الطفِّ لاَ أَرَى إلى غَيْرِ وادي كربلا يُحْمَدُ السُّرَى
فَإِنْ جِئْتَُماهَا فَانْزِلاَ في عِرَاصِها نُزُولَ حزين وَاذْكُرَا مَابِهَا جَرَى
غداةَ بها أمسى الحسينُ وصَحْبُهُ بِحَدِّ المواضي كالضَّحَايَا عَلَى الثَّرَى
وَقَدْ حُزَّ منه الرَّأْسُ بَغْياً من القَفَا وَسُيِّرَ في عَالِي السِّنَانِ مُشَهَّرَا
وَسِيْقَت بَنَاتُ الْوَحْيِ أَسْرَى وَجِسْمُهُ على الرَّغْمِ منها خَلَّفَتْهُ مُعَفَّرا
وَشُهِّرْنَ في الأسواقِ ما بينَ شَامِت وَطَلاَّبِ وِتْر مَا تَمَنَّاهُ أَبْصَرَا
فَحَجَّتْ مِنَ الشَّامَاتِ عَرْصَةَ كربلا ولم تُلْقِ إلاَّ في رُبَاهَا عَصَا السُّرَى
فَلَمَّا تَرَاءَت عَرْصَةُ الطفِّ أرسلت لها زَفَرَات أَعْقَبَتْها تَحَسُّرَا
وَسَرَّحْنَ في تلك العِرَاصِ نَوَاظِرَاً فَمَا نَظَرَت إلاَّ تِلاَعَاً وَأَقْبُرا
أقامت ثَلاَثاً لِلْعَزَاءِ وَمَا انطفى لَهِيبُ جَوَىً في قَلْبِها قَدْ تَسَعَّرَا
وَنَادَتْهُمُ عُذْراً فَلاَ عَنْ قَلاً لَكُمْ رَحَلْنا وَلاَ مِنْ مَكْثِنَا سَأَمٌ عَرَا (2)

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين  ، وسبحان ربك رب العزّة عما يصفون وسلام على المرسلين  ، والحمد لله رب العالمين.

(ستايل عبدالله الحاج بدري الكربلائي)
(1) مروج الذهب  ، المسعودي : 4/51 ـ 52  ، الوافي بالوفيات  ، الصفدي : 2/289  ، تاريخ الخلفاء  ، السيوطي :  356  ، سير أعلام النبلاء  ، الذهبي : 12/43.
(2) ديوان العلامة الجشي : 216 ـ 217.

السابق السابق الفهرس