| هلَّ المحرَّمُ فاستهلَّت أدمعي |
|
وورى زنادُ الحزنِ بين الأضلعي |
| مذ أبصرت عيني بزوغَ هلالِهِ |
|
ملأ الشجا جسمي ففارق مضجعي |
| وتنغَّصت فيه عليَّ مطاعمي |
|
ومشاربي وازداد فيه توجّعي |
| اللهُ يا شهرَ المحرَّمِ ما جرى |
|
فيه على آلِ النبيِّ الأنزع |
| اللهُ من شهر أطلَّ على الورى |
|
بمصائب شيَّبن روسَ الرضَّعِ |
| شهرٌ لقد فُجع النبيُّ محمَّد |
|
فيه وأيُّ موحِّد لم يُفْجَعِ |
| شهرٌ به نزل الحسينُ بكربلا |
|
في خيرِ صحب كالبدورِ اللُّمَّعِ |
| فتلألأت منها الربوعُ بنورِهِ |
|
وعلت على هامِ السماكِ الأرفعِ(1) |
| من مبلغُ المصطفى والطهرِ فاطمة |
|
أن الحسينَ دماً يبكي على الحَسَنِ |
| يدعوه يا عضدي في كلِّ نائبة |
|
ومُسْعِدي إن رماني الدهرُ بالوَهَنِ |
| قد كنتَ لي من بني العليا بقيَّتَهم |
|
وللعدوِّ قناتي فيك لم تَلِنِ |
| فاليومَ بعدَك أضحت وهي ليِّنةٌ |
|
لغامز وهنيُّ العيشِ غيرُ هني |
| لهفي لزينبَ تدعوه ومقلتُها |
|
عبرى وأدمعُها كالعارضِ الهَتِنِ(1) |
| ألم تر آلَ اللهِ كيف تراكمت |
|
عليهم صروفُ الدهرِ أيَّ تراكمِ |
| أما شرقت بنتُ النبىِّ بريقِها |
|
وجرَّعها الأعداءُ طَعْمَ العلاقمِ |
| أما قُتِلَ الكرَّارُ بغياً بسيفِ مَنْ |
|
بغى وطغى فيما أتى من مآثم |
| عدوِّ إلهِ العالمين ابنِ مُلجم |
|
وأشقى جميعِ الناسِ من دورِ آدم |
| ألم يَعُدِ الزاكي ابنُه وهو مُلْجأٌ |
|
إلى سِلْمِ حرب وهو غيرُ مُسَالِم |
| أما هجموا فسطاطَه وتناهبوا |
|
به رَحْلَه نَهْبَ الغُزاةِ الغنائمِ |
| أما دسَّت الأعدا له السمَّ غيلةً |
|
فألقى به في الطشتِ قَلْبَ المكارم |
| أما رشقوه النبلَ وهو جنازةٌ |
|
على النعشِ لا بل فوقَ هامِ النعائمِ |
| وإنْ أنس لا أنسى الحسينَ وقد غدا |
|
على رَغْمِ أنفِ الدينِ نَهْبَ الصوارم |
| قضى بعدما ضاقت به سِعَةُ الفضا |
|
فضاق له شجواً فضاءُ العوالم |
| قضى وهو حرَّانُ الفؤادِ من الظما |
|
على غُصَص فيها قضى كلُّ هاشمي |
| فما لنزار لا تقومُ بثارِها |
|
فترضع حرباً من ضروعِ اللهاذم |
| وتملأُها خيلا تسابقُ طرفَها |
|
على آلِ حرب تحت أُسْد ضراغمِ |
| فتوطىءُ هاتيك السنابك هامَهم |
|
كما أوطأوها صَدْرَ سيِّدِ هاشمِ(1) |