مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 178

من دفن الحسين (ع) وأصحابه ومتى وكيف ؟

من القواعد العامة والثابتة عند الشيعة هي أن المعصوم لا يجهزه ولا يدفنه إلا معصوم مثله . فرسول الله (ص) مثلاً جهزه ودفنه الإمام أمير المؤمنين (ع) وكذلك سيدة النساء فاطمة عليها السلام قام الإمام عليه السلام بغسلها وتجهيزها ودفنها ليلاً وعفا موضع قبرها حسب وصيتها عليها السلام . والإمام علي (ع) جهزه ودفنه ابنه الإمام الحسن (ع) ... وهكذا كل إمام أو معصوم قام بتجهيزه المعصوم الآخر .
والآن السؤال هو :
من الذي دفن الحسين (ع) مع العلم أن إبنه الإمام زين العابدين كان أسيراً بأيدي الأعداء في الكوفة ؟
نقول : أجل كان علي بن الحسين زين العابدين أسيراً بأيدي الأعداء ولكن تمكن من الخروج من السجن ليلاً مساء الثاني عشر من المحرم ووصل إلى كربلاء صبيحة الثالث عشر منه ودفن أباه الحسين (ع) وصحبه بمعونة رهط من بني أسد كانوا هناك ولما فرغ من مواراتهم جميعاً وعرفهم بمواقع قبور الأصحاب والهاشميين وأبي الفضل العباس وحبيب بن مظاهر عند ذلك عرفهم بنفسه وطلب اليهم أن يقوموا بضيافة الزائرين ودلالتهم وتعريفهم . ثم ودعهم وعاد إلى سجن عبيد الله بن زياد ليلاً دون أن يشعر به الحراس وكانت عمته العقيلة زينب (ع) قد افتقدته تلك الليلة ولما عاد أخبرها أنه مضى لمواراة جثمان أبيه الحسين (ع) وصحبه .

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 179

نعم لقد دفن جسد الحسين (ع) في الثالث عشر من المحرم أي بعد مقتله بثلاثة أيام ولكن رأس الحسين بقي على أطراف الرماح وبأيدي الأعداء وبين يدي ابن زياد ويزيد لعنهما الله حتى أعاده الإمام زين العابدين إلى كربلاء عندما رجع من الأسر وألحقه بالجسد الشريف وذلك بعد أربعين يوماً من مقتله أي في العشرين من شهر صفر .
هذا أصح الأقوال وأقربها إلى الاعتبار عند المحققين . وهناك أقوال مختلفة في تحديد مدفن رأس الحسين .غير أن الذي عليه الشيعة هو القول الأول أعني أن الإمام السجاد أعاده إلى كربلاء ودفنه مع الجسد . وبهذه المناسبة تكونت زيارة الأربعين حيث تفد المواكب العزائية وآلاف الزائرين إلى كربلاء يوم العشرين من شهر صفر فكأنهم يقومون بدور الاستقبال للإمام السجاد وبنات الرسالة العائدين من الشام ومعهم رأس الحسين (ع) . وفي نفس الوقت يجددون الاحتفال بذكرى مرور اربعين يوماً على شهادة الحسين (ع) .
وأول من قام بهذه الزيارة عفواً ومن غير قصد إلى المناسبة المذكورة . هو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري (ره) الذي عظم عليه نبأ قتل الحسين (ع) وهو في المدينة فخرج منها متوجهاً إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين (ع) وإصطحب معه رجلاً يقال له بن عطية وغلاماً له . وصادف وصوله الى كربلاء يوم التاسع عشر من صفر . اي قبل ورود أهل البيت (ع) بيوم واحد . فلما وصل جابر إلى كربلاء توجه إلى شاطئ الفرات فاغتسل وغسل ثيابه ثم توجه نحو القبور الطاهرة بهدوء وخشوع وكان يسبح الله ويهلله ويقول لصاحبه بن عطية قصر الخطا في زيارة الحسين (ع) فإني سمعت رسول الله (ص) يقول إن لزائر الحسين (ع) بكل خطوة حسنة عند الله تعالى .
ولما أتم جابر زيارة قبر الحسين (ع) توجه إلى قبور الشهداء حوله وسلم عليهم وحياهم أحسن تحية ثم قال لهم أشهد أننا قد شاركناكم فيما أنتم فيه من الأجر الجزيل عند الله سبحانه . فقال له بن عطية وكيف نكون شركائهم في

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 180

أجرهم وثوابهم مع أننا لم نضرب بسيف ولم نطعن برمح والقوم كما ترى قد بذلوا أنفسم وضحوا بكل ما لديهم . فكيف نكون شركائهم . فقال جابر نعم يابن عطية لقد سمعت رسول الله (ص) يقول من أحب عمل قوم أشرك معهم في عملهم . وأن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه .
والخلاصة : لقد التقى جابر بن عبد الله الأنصاري في اليوم الثاني بالإمام زين العابدين (ع) عند قبر الحسين (ع) واستمع منه إلى تفاصيل ما جرى هناك فكثر البكاء والعويل حول قبر الحسين (ع) وأقيمت المآتم من قبل أهل السواد والنواحي الذين كانوا قد توافدوا لزيارة قبر الحسين (ع) وللسلام على زين العابدين وبنات الرسالة واستمروا على تلك الحال ثلاثة أيام ثم بعد ذلك ارتحل زين العابدين عليه السلام بالعائلة من كربلاء مواصلا سيره نحو المدينة المنورة .

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 181

شقيقات الحسين (ع) كم عددهن ومن هن ؟

المشهور بين المؤرخين أن بنات فاطمة عليها السلام اثنتان : زينب العقيلة واختها أم كلثوم . والمشهور بينهم أيضاً أن أم كلثوم هذه تزوجها عمر بن الخطاب . غير أن بعض المحققين ينفي وجود أم كلثوم بتاتاً ويرى أن زينب العقيلة كانت تكنا بأم كلثوم وأنها هي البنت الوحيدة لفاطمة الزهراء (ع) ويستند في رأيه هذا على ظواهر تاريخية . منها أنه لم يرد لها . أي لأم كلثوم ذكر في حوادث وفاة فاطمة عليها السلام . حيث أوصت ببعض الأشياء التي تعود لها إلى زينب وأوصتها بأمور تتعلق بالحسين (ع) ولم يرد في وصاياها ذكر لام كلثوم . ومنها أيضاً . إن كثيراً من قضايا كربلاء والسبي من خطب وكلمات وأعمال تنسب تارة إلى زينب وتنسب نفسها إلى أم كلثوم تارة أخرى الأمر الذي يدل على أن زينب وأم كلثوم واحدة يعبّر عنها تارة بالاسم وتارة بالكنية .
وهناك بعض الخبراء من علمائنا الأعلام يقر وجود أم كلثوم كبنت ثانية لفاطمة (ع) ولكن ينفي تزويجها من عمر بن الخطاب نفياً قاطعاً . ومنهم الحجة الجليل الشيخ المفيد قدس سره في أجوبة المسائل السروية . حيث يقول (ره) والخبر الحاكي أن أمير المؤمنين (ع) زوج أم كلثوم من عمر بن الخطاب خبر لم تثبت صحته لأن مصدره الأول والوحيد هو الزبير بن بكار وهو غير مأمون ولا موثوق به لأنه مشهور بالعداوة لعلي (ع) وأهل بيته

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 182

فهو متهم فيما يروي عنهم لا يوثق بخبره . هذا بالاضافة إلى أنه مضطرب في نقله لهذا الخبر ومختلف في روايته مما يدل على كذب الخبر ووهن الرواية ... والله أعلم ...
وأما زينب الكبرى فإنها عقيلة آل أبي طالب وسيدة النساء بعد أمها فاطمة ووصية أخيها الحسين (ع) وكافلة الإمام زين العابدين ، وعلى العموم هي شريكة الحسين (ع) في حركته المباركة وثورته المقدسة وشقيقة الحسن والحسين في أشرف نسب ورضاع ونشأة . انتقلت من أصلاب طاهرة إلى أرحام مطهرة رضعت من ثدي الإيمان والعصمة نشأت في حجر النبوة والإمامة درجت في بيت الوحي والرسالة . فكانت عليها السلام نموذجاً صالحاً ومثالاً صادقاً لأهل ذلك البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً .
ومن ثم أفادت بعض الأخبار بأن الإمام أمير المؤمنين (ع) كان ينظر إلى العقيلة زينب نظرته إلى أمها فاطمة من حيث الاجلال والاحترام وكان يحدثها ويحدث ثقاة أصحابه بالمحن الجسام التي أمامها وبالدور البطولي الذي ينتظرها في أعظم صراع بين الخير والشر في التاريخ .
والواقع أن الدور الذي قامت به العقيلة زينب في تلك الثورة لا يقل صعوبة ولا تأثيراً في نصرة الدين من دور الحسين (ع) وأصحابه .
فهي بحق بطلة كربلاء ظهرت على مسرح تلك الحوادث المؤلمة والمواقف الرهيبة بأجلى مظاهر البطولة وأعلى مستويات الشجاعة من حيث الصبر والاستقامة ورباطة الجأش وامتلاك الأعصاب . تماماً كما وصفها هذا السيد الأديب . قال :
بأبي التي ورثـت مصائب أمهـا فغـدت تقابلهـا بصبر أبيهـا
لم تلهو عن جمع العيال و حفظهم بفـراق أخوتهـا و فقد بنيهـا

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 183

وقال الآخر :
قد ورثت زينب عن أمها كل الذي جرى عليها وصار
وزادت البنت على أمهـا من دارها تهدى إلى شر دار

وان شئت هلم معي لنستعرض آيات باهرات عن بطولة العقيلة زينب (ع) وشجاعتها :
لما صرع الحسين (ع) خرجت السيدة زينب متوجهة اليه تشق طريقها بين الجماهير وتتخطى القتلى والجرحى حتى وصلت إلى مصرع أخيها الحسين (ع) فوجدته بحالة تفتت القلوب وتقطع الأكباد وتجري الدموع دماً . فكان المتوقع منها طبعاً وهي أخته الثكلى وشقيقته المفجوعة به . أقول كان المتوقع منها أن تفقد كل تماسك وتوازن وتشق جيبها وتنشغل بالصراخ والعويل واللطم والبكاء وما شاكل ذلك .
ولكنها لم تفعل شيئاً من هذا القبيل أبداً بل جلست عند رأس الحسين (ع) بهدوء ووقار ومدت يديها تحت ظهر الحسين (ع) ورفعت رأسه عن الأرض وأسندته إلى صدرها ورفعت طرفها نحو السماء وقالت وهي خاشعة خاضعة بين يدي الله تعالى : «اللهم تقبل منا هذا القربان . اللهم تقبل منا هذا الفداء» .

يوم الحادي عشر :

الأسير عادة يظهر عليه آثار الذل والاستكانة أمام آسره . وخاصة المرأة مهما كانت عظيمة وقوية ولكنها وقعت في أسر العدو تلين الكلام معه وتتطلب عطفه وشفقته .
أما عقيلة آل أبي طالب وبنت أمير المؤمنين (ع) فإنها ما ذلت ولا خضعت بالقول لأي من أولئك الطغات الغالبين . تخاطب القائد الفاتح عمر بن

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 184

سعد يوم الحادي عشر عندما قدم النياق إلى النساء للركوب . قالت ويلك يابن سعد سود الله وجهك أتأمر الأجانب أن يركبونا ونحن بنات رسول الله (ص) قل لهم فليتباعدوا عنا حتى يركب بعضنا بعضاً .
وقالت لعبيد الله بن زياد ذلك الطاغي المتجبر لما سألها قائلاً كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهلك . فأجابته قائلة : ما رأيت إلا جميلاً أولئك قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يابن مرجانة .
وقالت ليزيد بن معاوية وهي أسيرة بين يديه وفي المجلس العام .
أمن العدل يا بن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك وسوقك بنات رسول الله (ص) سيابا ... ولئن جرّت على الدواهي مخاطبتك إني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكبر توبيخك لكن العيون عبرا والصدور حرا فأسع سعيك وكد كيدك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ...
والله يايزيد ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك وهل رأيك إلا فند وجمعك إلا بدد وأيامك إلا عدد وسيعلم من سوى لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلاً إلا فالعجب كل العجب من قتل حزب الله النجباء بأيدي حزب الشيطان الطلقاء . وهذه الأيدي تنطف من دمائنا والأفواهُ تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفرها امهات الفراعل ... اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم لنا ممن ظلمنا واحلل غضبك على من سفك دمائنا وقتل حماتنا .
والخلاصة : انها سلام الله عليها ما ظهر عليها ذل الأسر وضعف السبي أبداً . لقد قابلت الحوادث الجسام والمصائب العظام بشجاعة فائقة ورباطة جأش .

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 185

ومن الجدير بالذكر إضافة إلى ما سبق أن رجلاً من الشخصيات كان حاضراً في مجلس يزيد فنظر إلى فاطمة بنت الحسين (ع) فالتفت إلى يزيد وقال يا أمير أطلب منك أن تهب لي هذه الجارية تكون خادمة عندي . وقبل أن يرد عليه يزيد بشيء قامت اليه الحوراء زينب (ع) وقالت له صه يا لكع الرجال ما جعل الله ذلك لك ولا لأميرك . فقال يزيد ان ذلك لي ولو شئت أن أفعل لفعلت . فقالت له العقيلة (ع) : كلا إلا أن تخرج عن ملتنا وتدين بدين غير ديننا فغضب يزيد وقال إنما خرج عن الدين أبوك وأخوك . فردت عليه السيدة زينب (ع) قائلة بدين الله ودين جدي وابي وأخي اهتديت أنت وأبوك واخوك إن كنت مسلماً . ولما لم يجد يزيد جواباً قال لها كذبت يا عدوة الله . فقالت عليها السلام أنت أمير تشتم ظلماً وتقهر بسلطانك . فسكت يزيد وما رد عليها وسكتت زينب (ع) فأعاد الرجل الشامي مقالته وقال يا أمير هب لي هذه الجارية تكون خادمة لي . فقال له يزيد : وهب الله لك حتفاً قاضياً ويلك أتعرفها والتي تنهاك عنها . فقال الرجل : لا . ولكنك تقول هؤلاء خوارج خرجوا علي فقتلت الرجال وسبيت النساء . فقال يزيد ويلك اما التي تريدها خادمة في بيتك فهي فاطمة بنت الحسين بن علي وأما التي تمنعك عنها فهي عمتها زينب بنت علي بن أبي طالب . فلما سمع الرجل ذلك قال ويل لك يا يزيد أتقتل آل بيت رسول الله وتسبي نسائهم .
وهكذا وبمثل هذه المواقف الرائعة أعطت السيدة زينب (ع) المثل الأعلى للمرأة المسلمة المثالية كيف تتغلب على عواطفها في اللحظات الحرجة وكيف تسيطر على غرائزها بقوة العقل والتفكير الواعي فتساهم بذلك في خدمة الدين والعدل والمصلحة العامة مع الحفاظ على عزتها وكرامتها .
وهذا مما يؤكد لنا القول بأن المرأة أنفع عنصر في الحياة إن أخضعت عواطفها لارادة العقل والتفكير الواعي وجندت قواها لخدمة المصلحة الحقيقية وأنها تكون أضر وأخطر عنصر في الحياة إذا جعلت من نفسها آلة طيعة

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 186

للشهوات والغرائز الحيوانية وسارت وراء عواطفها بدون قيد من عقل ولا رادع من ضمير ولا وازع من دين فتكون بذلك أقوى سلاح بيد الشيطان .

نهاية المطاف :

وأخيراً عادت السيدة زينب من الأسر إلى مدينة جدها الرسول (ص) وبدأت فيها حربها الدعائية ونضالها الاعلامي ضد الأمويين وذلك بعقد المجالس والاجتماعات النسائية العامة وسرد المصائب والمحن التي لاقاها أهل البيت (ع) من الأمويين وأعوانهم حتى تركت الرأي العام في المدينة المنورة كبركان يقذف اللعنات على يزيد وأتباعه واستشعر حكام المدينة بالخطر فأرسلوا الرسل والرسائل إلى يزيد ينذرونه بخطر الثورة في المدينة إن بقيت السيدة زينب فيها مستمرة على عملها هذا . فلما وقف يزيد على حقائق الأمور الجارية هناك بعث إلى حاكم المدينة يأمره بإبعاد زينب (ع) منها إلى مصر. أي إلى أي بلدٍ آخر غير المدينة المنورة .
فظن الوالي أن يزيد يقصد إبعادها إلى بلاد مصر خاصة . فخرجت زينب مع نساء قومها إلى مصر . واستقبلها والي مصر بإجلال واكرام وعاشت هناك مواصلة كفاحها الدعائي بجد ونشاط إلى أن فاجأها الأجل المحتوم في الخامس عشر من رجب المبارك سنة خمس وستين للهجرة عن عمر ناهز الستين عاماً ودفنت هناك . فصلوات الله وسلامه عليها واللعنة الدائمة على أعدائها وظالميها أبد الدهر .
هذا وهناك أقوال وأخبار أخرى عن وفاتها ومدفنها سلام الله عليها منها الخبر القائل بأنها بقيت في المدينة المنورة حزينة نادبة باكية على أخيها الحسين إلى أن ماتت فيها ودفنت في البقيع على الرغم من عدم وجود قبر معلوم لها هناك .

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 187

ومنها الخبر الذي مفاده أنها عليها السلام هاجرت مع زوجها عبد الله بن جعفر الطيار إلى الشام عام المجاعة وكان لعبد الله بن جعفر ضياع ومزارع حول دمشق فهاجر اليها مع عائلته وبقيت السيدة زينب هناك إلى أن توفيت ودفنت حيث مكان قبرها المعروف اليوم في ضواحي دمشق .
وأخيراً الخبر الذي يقول بأن السيدة زينب (ع) ماتت في الشام وهي في السبي ولم ترجع إلى المدينة ماتت أيام السبي في الشام ودفنت هناك كما ماتت قبلها السيدة رقية بنت الحسين (ع) ودفنت في مرقدها المعروف داخل دمشق .
هذه مجموعة الأخبار والأقوال التي قيلت عن مكان وفاة السيدة زينب بنت علي (ع) ومرقدها الشريف ولكن القول الأول أشهرها بين المؤرخين وأوثقها رأي الخبراء . والله أعلم .
والظاهر الذي لا يبعد عن الاعتبار هو أن السيدة زينب الكبرى بنت فاطمة الزهراء (ع) هي التي مرقدها في مصر ... وأما التي في الشام فهي زينب الصغرى بنت الإمام أمير المؤمنين (ع) من غير فاطمة الزهراء (ع) ولم أقف على ترجمة وافية لحياتها وأسباب دفنها هناك .
وهذا من جنايات التاريخ على آل الرسول (ص) حيث أهمل الكثير من أحوالهم وسيرتهم . وكثيراً ما نسب الأكاذيب والافتراءات إلى بعضهم بغرض التشويه لسمعتهم والحط من كرامتهم .
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . وفي الختام نتساءل ونقول مع الأديب الفاضل السيد جعفر الحلي (ره) :

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 188

ما ذنب أهل البيت حتـى منهـم أخـلـوا ربوعـه
تركوهم شتى مصارعهم وأجـمـعهـا فضـيعـه
فمكابد للسمّ قـد سقـيت حشـاشـتـه نقــيعـه
ومـضرج بالسيف آثـر عـزه وأبـى خضـوعه
و مصفد الله سلّـم أمـر مـا قـاسـى جميـعـه
وسبيّـةٍ باتـت بأفعـى الهمّ مهجـتهـا لسـيعـه
حملـت ودائعكـم الـى من ليس يعرف ما الوديعه
آل الرسـالة لـم تـزل كبـدي لرزئكـم صديعـه

فإنا لله وإنا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيده محمد وعلى آله الطاهرين المعصومين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...

السابق السابق الفهرس