مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 1





مأساة الحسين (ع)
بين السـائل والمجيـب

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 2




مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 3

الخطيب
الشيخ عبد الوهاب الكاشي



مأساة الحسين (ع)
بين
السائل والمجيب


مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 4


الطبعة الاولى : 1973م . ـ 1393 هـ .
الطبعة الثانية : 1978 م . ـ 1398 هـ .
بيروت ـ لبنان


مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 5

الإهداء

إلى شبابنا الواعي الذي يقف عند كل ظاهرة من ظواهر الحياة والمجتمع وقفة تأمل وتفحص وتفكير في أسباب تلك الظاهرة وآثارها ليتبين خيرها من شرها وحقها من باطلها .
إلى شبابنا الحر المثقف الطالب للعلم والمعرفة بواقع الحوادث وحقائق التاريخ بعيداً عن التعصب الأعمى والتحيز العاطفي .
إلى شبابنا المؤمن بالله الحكيم وبالإنسانية الكريمة وبنظامها الخالد المتمثل في الاسلام وبقادته الأفذاذ محمد وآله عليهم الصلاة والسلام .
إلى شبابنا المتعطش إلى التعرف على مقاييس الأخلاق الفاضلة وموازينها الدقيقة في هذه الحياة التي ضاعت فيها معالم الحق واختفت فيها آثار العدل.
وأخيراً : إلى كافة شبابنا المتحمس للاصلاح الباحث عن طريق السعادة والعدالة الاجتماعية الساعي وراء حياة حرة كريمة .
اليكم جميعاً أيها الاخوان ...
أهدي كتابي هذا على أمل أن يكون كاشفاً عن بعض الجوانب الغامضة والنقاط الحساسة المثيرة للتساؤل في ثورة الحسين (ع) باذن الله تعالى وتوفيقه .
المؤلف

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 6




مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 7

بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم

بقلم سماحة الشيخ حسين معتوق
لقد أشرقت شمس التوحيد على دنيا الناس ، وبددت بسناها ظلمة الشرك وخرج الناس من الظلمات إلى النور ودخلوا في دين الله أفواجاً. ولكن فريقاً من الناس أبت له نفسه الملوثة أن ينصاع لدعوة الحق ، وبقي من بعد إظهار الاسلام يمارس حياة الجاهلية ، ويستغل الفرص لمطاردة الدعوة التي فيها خيره وحياته ، في الخفاء تارة وفي الجلاء أخرى ليخنقوها في مهدها من قبل أن تستوي قائمة على الأرض .
وهذا الفريق لما رأى أن قواه قد انهارت أمام ضربات الحق الذي انتشر بسرعة البرق أظهر الاسلام كرهاً وتظاهر به كذباً وهو في قرارة نفسه كافر بالله وبرسوله ، وعلى رأس هذا الفريق الحزب الأموي ، الذي بقي يواصل تحركه ضد الحق وأهله كلما أمن من ضربات الحق ، ولقد مر الزمن سراعا وتوالت الأحداث تباعاً ، وضرب الدهر ضربته لصالح الحزب الأموي غب موت النبي مباشرة تحول فيه الحق عن مقره وأصبح مغلوباً على أمره

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 8

فالخلافة التي قربت إلى ساحتها رجلاً من ـ تيم ـ وأقامت محله رجلا من ـ عدي ـ هي التي دفعت بالحق الى أعدائه ، وهل ينتظر من أعداء الحق غير القضاء عليه.
وهنا استصرخ الحق أهله عندما توالت عليه الأحداث فما وجد له ملبياً غير علي وبنيه (ع) حملهم الحق مسؤولية حمايته والدفاع عنه ، لقد قرر في هذا الدور أن يعيد للخلافة اعتبارها الذي فقدته من بعد ما انطوى على نفسه في الدور الأول الذي لم يدع فيه إلى خلاف أو تأييد إحتفاظاً بحقه من جهة وحفاظاً على الدين من جهة أخرى ، قام الآن ليلتقي مع عهد الرسالة له بالقتال على التأويل بعد القتال على التنزيل ؛ وفي هذا العهد أكثر من دليل على أنه دون سواء هو المسئول الثاني عن هذا الدين.
لقد كتب على الإمام علي (ع) أن يحارب على جبهتين جبهة الكفر من الخارج وجبهة النفاق من الداخل ـ والإمام لايملك الاختيار تجاه الحق وهو يستصرخه إلا أن يلبي دعوته ، وقضية الحق في حساب علي وبنيه (ع) جديرة بالولاء الذي لاينقطع وبالحماية التي ينبغي أن لا تغيب عن معركة الحياة وإن أدت حمايته إلى الشهادة ، فالخلافة عند أهل البيت لا تشكل أكثر من تحمل مسؤولية يفرضها الحق لا شيء سواه ، ومن طبيعة الظروف وأعني بها ظروف المعركة التي يخوضونها وهي التي فرضت على الأمام علي (ع) أن يعلن الثورة على الأوضاع الفاسدة التي خلفتها من ورائها خلافة عثمان وإذا كانت الظروف هي نفسها لم تسمح له بتحقيق الأهداف الكاملة التي حاول جاهداً الوصول اليها من وراء خلافته فإنه استطاع من غير شك ان يربط الاسلام من جديد بقيادته الأولى ويفصله عن القيادات المستوردة من هنا وهناك ، إنه استطاع أن يفصل الاسلام عن قاعدة الحكم الجديد ويجعل المسلم يفقد ثقته بالحاكمين وهذا ما كان يحرص عليه أهل البيت عندما حالت الأقدار بينهم وبين الوصول إلى حقهم ، ومن هذه الزاوية نستطيع أن نجعل من صلح الإمام الحسن (ع)

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 9

وسيلة من أهم الوسائل للكشف عن زيف معاوية وانحرافه عن خط الاسلام .
لقد خفي على كثير من الباحثين وجه المصلحة في صلح الإمام الحسن (ع) وقرروا واهمين أنه آثر الصلح استسلاما للراحة وطلبا للعافية وكأن هؤلاء قد نظروا إلى حياة أهل البيت نظرة واحدة مجردة عن طبيعة الظروف التي عايشوها وعاشوا معها ، وفات هؤلاء أن أهل البيت إنما يمثلون في حماية الرسالة دوراً مشتركا يكون لللاحق دور الإكمال والسابق دور التحضير وأن كل واحد منهم هو في مستوى المسؤولية يأبى عليه غناه الروحي كما يأبى عليه امتلاء نفسه بالبطولة الذاتية إلا أن يثور في وجه الباطل ، وحياة كل واحد منهم هي ثورة على الظلم وله إسلوبه الخاص في نشر الدعوة وايضاح معالمها والدفاع عنها بما يناسب طبيعة عصره وظرفه ، ولكن إذا وضعنا في اعتبارنا أن الثورة لا تختص بالكفاح المسلح وأنما يدخل فيها التخطيط والعمل ويكون الكفاح المسلح هو نهاية مراحلها ، وارتجال الامور التي يكون مركزها في نهاية النضال إذا استبقنا بها الحوادث وجعلناها في بداية النضال ، يؤدي في النتيجة إلى القضاء على أهداف الثورة وتسهيل الطريق لهزيمتها ومحوها من الوجود .
وما موقف الإمام على (ع) بثورته وموقف الإمام الحسن (ع) بصلحه الا تمهيد وتخطيط لموقف الإمام الحسين (ع) الذي سار فيه من البداية الى النهاية في اطار منهج موحد منتظم حياة أهل بيت في الدفاع عن الدين بما يملك كل واحد منهم من الوسائل في ظرفه وعصره وأن ثورة الإمام الحسين (ع) قد استكملت جميع العناصر التي سارت به نحو الهدف المنشود أو سار هو بها فخطط بنفسه لنفسه حتى النهاية وحتى بلوغ الأهداف إذ كان الوضع في يومه لايمكن علاجه بغير الكفاح المسلح وبغير الاستشهاد ، كما كان يتطلب أن يكون القائم بالثورة رجلاً قد تعاظم فيه الجانب الروحي وامتلأت نفسه امتلاءاً يجعلها تندفع تلقائياً للتجاوب مع الحق ومن أجل الحق وحده .
ولا أريد الآن الدخول في شرح معطيات الثورة الحسينية وما ولده هذا

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 10

الفداء من عطاء فلقد تناول أكثر من كاتب ثورة الحسين (ع) بالدرس والتحليل وإن من الصعب تحديدها وحصرها في مقال أو في مقدمة كتاب ، وحسبي أن أقول بأنها ثورة من أعظم شخصية لأعظم غاية لها قدرة الإشعاع على الوجود بصورة جديدة ملهمة ، تنعكس فيها الصورة النهائية لما يمكن أن تسمو به الإنسانية في حاضرها ومستقبلها البعيد ، وإن شئت فقل بأنها قد احتضنت في حركتها كل أهداف الاسلام ؛ وهل أهداف الاسلام شيء آخر وراء ماأعلنه الحسين (ع) عن أهداف ثورته بقوله إني لم أخرج أشراً ولا بطراً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكرفمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ؛ لقد حدد أهداف ثورته بهذه الكلمات وأنه لا غاية له من ورائها إلا الحق ، وأن قبوله يجب أن يكون على حساب الحق لا على حساب شيء آخر ومعنى ذلك أن من يرد عليه فإنما يرد على الحق وفي ذلك انعكاس لثورة الاسلام وإن في إطارها المنهجي الذي ارتفع عن مستوى الأفراد والأشخاص ، وبذلك لم تعد ثورة الحسين (ع) تمثل حركة شخصية أو مصيبة فردية ليقال أنه مضى زمانها وانتهى وقتها وإنما هي رمز للاستشهاد في سبيل الحق وهي بذلك سوف تعيش في ضمير الإنسان ووجدانه مابقي هذا الإنسان وما بقي في الكون حق وباطل وإن مسؤولية الإنسان عن الحق تفرض عليه إحياءها في الجفون والأفكار انطلاقاً مع الحق وتجاوباً مع الصدق وتعاملاً مع الوفاء لدين الله ، وإنها لمسيرة كبرى في حياة هذا الكائن الحي أن يتمرس اليوم من جديد بروح النضال من أجل الحق وينطلق من هذه المسيرة التي ألفت من اعتبارها كل شيء إلا شيء واحد اسمه الحق.
وإن مستقبل الأجيال الصاعدة حيث تنظم مسيرتها من هذه القاعدة مع قافلة الشهداء من أهل بيت لا بد أن تقوم حياتها على حراسة المبادئ وصيانة القيم وتنظيم كافة الوسائل لحماية المكاسب والمغانم التي يثرى معها العقل وينمو

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 11

بها الإدراك كما أنها سوف تكون السبيل الوحيد لتطوير المجتمع وتحويل نظره إلى المستقبل الأفضل الذي يدفع أهله لتحمل المسؤولية والصمود في مواجهة الأحداث التي تحاك ليل نهار ضد الدين وأهله .
وكان لزاماً علي أن لا أخوض كما وعدت من قبل في شرح معطيات ثورة الإمام المجيدة وبيان الدوافع والأهداف لها بعد أن كانت كلمتي هذه مقدمة لكتاب يكاد أن يكون الفريد من نوعه في شرح الأهداف التي تحددت بها نهضة الإمام الحسين (ع) ولا سيما أن مؤلف الكتاب فضيلة الخطيب الشيخ عبد الوهاب الكاشي ممن قد برز في هذا المضمار وحلق في سماء الأفكار حتى صار ملء السمع والبصر في أكثر الأقطار ، وإن هذه الدراسة التي يجدها القارئ بين يديه لم تكن إلا سورة مصغرة عن مكانة واضعها العلمية فالظروف القاسرة كما تحكمت في طبعها كذلك تحكمت في وضعها .
لذلك وتجاوباً مع رغبة مقدري فضله قرر أن يجعل من هذه الدراسة مقدمة لدراسة جديدة وشاملة بكل ما في التجديد والشمول من معنى .
جزاه الله عن أهل بيت نبيه خير جزاء العاملين.

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 12




مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 13

مقدمة الطبعة الاولى
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره وسبباً للمزيد من فضله ودليلاً على آلائه وعظمته والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين المعصومين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .
وبعد فإن تاريخ الأجيال دروس وعبر ولذا كثر في القرآن الكريم ذكر الحوادث السابقة وأحوال الأمم السالفة وسيرة الأنبياء والملوك وغيرهم بما فيها من خير وشر وظلم وعدل لأجل العظة والاعتبار . ولنفس الغرض أيضاً حثنا الأنبياء والمصلحون وأمرونا أن ننظر في سير الماضين وآثارهم وندرس التاريخ . قال الأمام علي (ع) في وصية إلى ولده الحسن (ع) ... واعرض على قلبك أخبار الماضين وذكره بما أصاب من كان قبلك من الأولين وسر في ديارهم وآثارهم وانظر فيما فعلوا وعما انتقلوا وأين حلوا .. !
ووجه الاتعاظ والاستفادة من التاريخ واضح . وهو أن عمر الفرد الانساني في هذه الحياة محدود وقصير نسبياًً . حيث يترواح معدله بين الستين والسبعين عاماً ومعلوم أن نصف هذا المعدل تقريباًَ يذهب في حالات اللاوعي والغفلة القهرية الطبيعية كفترة الطفولة والنوم والشيخوخة مثلاً والثلاثين سنة الباقية غير كافية للقيام بتجربة الحياة واختبارها اولاً بكل فروعها ونواحيها ثم تطبيق تلك التجارب والاختبارات ثانياً . أي أن يدرس الحياة أولا دراسة

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 14

نظرية وعملية ثم يسير على ضوء ما استنتجه من تلك الدراسات .
فإذاً يجب على الانسان إذا أراد أن يستفيد من حياته أن يأخذ بنتائج تجارب الآخرين من خير وشر وحق وباطل يطبقها على حياته لأن مصالح الأنسان واحدة لا تختلف في جوهرها وأصولها . ومن ثم جاء في الأثر : السعيد من اتعظ بغيره . وقال الامام علي (ع) من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه ... وهؤلاء الناس الذين لا يعتبرون بما يرون ويسمعون من تجارب الآخرين وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز بقوله : « ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والأنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ولهم أعين لا يبصرون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون» .
فالخلاصة هي أن دراسة التاريخ والتعرف على الحوادث السالفة أمر ضروري للوقوف على أسبابها ونتائجها والتمييز بين الحق منها والباطل والخير والشر وليعرف أيضاً تسلسل الحياة وارتباط الحاضر منها بالماضي وتأثير بعضها ببعض . يقول الإمام علي (ع) في بعض وصاياه : وصدق بما سلف من الحق واعتبر بما مضى من الدنيا لما بقي منها فإن بعضها يشبه بعضاً وإن آخرها لاحق بأولها وكلها حائل مفارق . وقال (ع) في مقام آخر : عباد الله إن الدهر يجري بالباقين كجريه بالماضين آخر فعاله كأوله.
وخاصة الحوادث المهمة التي غيرت وجه التاريخ وأثرت في مجرى الحياة لدى أمة أو مجتمع ؛ فإنها يمكن أن تتكرر وتعاد في كل مكان وزمان فإن كانت خيراًً عملنا على وقوعها والمساهمة فيها وأن كانت شراً عملنا على منعها وعدم تكرارها أو تجنب المساهمة فيها على الأقل . ولا شك أن ثورة الحسين عليه السلام من أغنى تلك الحوادث بالعبر والعظات الجديرة بالاخذ والالتفات لما فيها من تطورات وملابسات ولما تضمنته من شخصيات وأفراد يجب أن

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 15

نعرفهم حق المعرفة ونميز مواقفهم تجاه تلك الأحداث تميزاً دقيقاً لكي نكون على بصيرة من أمرنا تجاه تلك التناقضات التي ظهرت في مواقفهم وأعمالهم فنعرف المحق من المبطل والظالم من المظلوم لأن الحق والباطل لا يقاسان بالاشخاص بل بالعكس الاشخاص يقاسون بالحق والباطل ؛ فمن عرف الحق فاتبعه وعرف الباطل فنبذه فهو الانسان الكامل الذي يجب أن يقتدى به ويحتذي حذوه ومن كان على العكس من ذلك فهو المنافق الدجال الذي يجب أن يتبرأ منه ويحتقر وفاء لأمانة الحق في أعناقنا أياً كان ذلك الشخص من حيث النسب والمكانة الإجتماعية ... أجل أن ثورة الحسين (ع) بما سبقتها من مقدمات وتلتها من ثمرات وتضمنتها من قضايا وأحداث قد غيرت اتجاه المسلمين الخاطىء وأيقظتهم من سبات الغفلة ونفضت عنهم غبار التخدير والتنويم العقائدي والعملي وأدخلتهم في دور جديد ومرحلة جديدة ووضعت لهم النقاط على الحروف والعلامات الواضحة على سنن الطريق القويم وهدتهم إلى الصراط المستقيم وكل ما في عالمنا اليوم من اسلام ومسلمين بالمعنى الصحيح فإنهما مدينان في البقاء لفضل ثورة الحسين (ع) وإن بقائهما أهم ثمرات تلك الثورة المباركة . وهذا ما سنعرفه تفصيلاً من فصول هذا الكتاب باذن الله تعالى . والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...
بيروت في 1/رجب/ 1393 .
عبد الوهاب الكاشي

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 16




مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 17

مقدمة الطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعماءه العادون ولايؤدي حقه المجتهدون .
وصلى الله على أشرف أنبيائه وخاتم رسله سيدنا محمد المصطفى .
وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين .
وبعد ، فإن من عظيم نعم الله سبحانه علي أن وفقني لتأليف هذا الكتاب منذ بضعة أعوام فجاء والحمد لله فريداً في موضوعه جديداًَ بمضمونه .
فنال رضا الكثرين من قرائه والقبول الحسن في أوساط المؤمنين . الأمر الذي اقتضى إعادة طبعه تلبية لطلب الراغبين ، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله . ولعمري إنها لظاهرة طيبة تسر المؤمنين أن يقبل شبابنا المعاصر على امثال هذه الكتب الاسلامية رغم كل المحاولات التي بذلت وتبذل لصرفهم عن كل ما يمت إلى الدين والأخلاق بصلة . أجل : إنها لظاهرة طيبة تبشر بالخير وتبعث على التفاؤل بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه.
ولكنها وفي نفس الوقت تدل دلالة واضحة على عظم المسؤلية التي نتحملها نحن رجال الدين عامة ورجال المنبر الحسيني خاصة ؛ تلك المسؤلية التي تتجسد

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 18

في اغتمام هذه الفرصة واستغلال وعي الشباب الروحي للقيام بكل عمل مستطاع لدعم هذه الظواهر الخيرة وتنمية هذا الوعي الروحي وتغذية التوجه والاحساس الإسلامي لدى النشئ الجديد .
أقول يجب أن نغتنم هذه الظوهر الخيرة التي هي دليل عافية الفكر عند الشباب ويقظة الضمير لديهم فنمدهم بما نستطيع من طاقات فكرية وعملية . وإني لعلى يقين أن ثورة الحسين (ع) بما فيها من دروس وعظات وعبر لهي المدخل الأمثل والوسيلة الفضلى للقيام بمهام التوجيه والتوعية والتنظيم السليم إذ أن تلك الثورة المباركة مقدسة لدى كافة العقلاء في العالم ومعبرة عن آمال كل الشعوب وتمثل الاسلام الصحيح وتدل على الطريق الواضح نحو تحقيق الكرامة الانسانية والحياة الأفضل .
ومن ثم يوصف الحسين (ع) بباب النجاة ، أي أنه عليه السلام أرسا بثورته الخالدة أسس بناء الحرية ووضع العلامة الفارقة على طريق النجاة من الذل والظلم والفساد وقال بلسان القول والفعل : أيتها الانسانية المعذبة لا نجاة لك مما تعانين إلا بالبذل والفداء والتضحية والانفاق والجهاد بالمال والنفس مقروناً بالايمان بالله وحده وباليوم الآخر .
إن الحسين (ع) جسد بثورته مضمون الآية الكريمة من قوله تعالى «ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم .؟. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم» .
ومثّل عليه السلام بثورته المقدسة مصداق الحديث الشريف عن جده رسول الله (ص) «سيد الشهداء عمي حمزة بن عبد المطلب ورجل قام في وجه سلطان جائر فقتل» . والخلاصة هي : أننا يجب أن نستفيد من الحسين (ع) أكثر مما استفدنا ولو كان الحسين (ع) عند غيرنا أي لو كان غيرنا نحن الشيعة يؤمن ايماننا بالحسين ويواليه ولاءنا نحن الشيعة لكانت استفادتهم من ثورته

مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب 19

المقدسة أكثر بكثير مما نستفيد ولجعلوا من الحسين شعاراً لجميع مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية والعسكرية يستوحون من ذكرى حياته وثورته دروسا لحياتهم اليومية في جميع المجالات .
إن الحسين (ع) مدرسة الحياة الكريمة ورمز المسلم القرآني وقدوة الأخلاق الأنسانية وقيمها ومقياس الحق ..
فيا أيها العاملون المخلصون ..
هذه أبواب الحسين (ع) فادخلوها وتلك سفينة الحسين (ع) فاركبوا فيها بسلام وإلى السلام ..، والسلام.
المؤلف

5/8/1977م.
19 شعبان 1397هـ.

الفهرس التالي التالي