كربلاء في الذاكرة 337

14 ـ مقهى كمبوري : وهي ملاصقة لجدار صحن الحسين بين بابي قاضي الحاجات والصحن الصغير . يرتادها تجار الأقمشة . اما اليوم فلم يبق لها أثر بسبب فتح شارع الحائر .
15 ـ مقهى حاج حبيب : تقع مقابل باب قاضي الحاجات ، وهي مقهى كبيرة محاطة بالمرايا من الداخل ، يرتادها التجار والكسبة وخدمة الروضة الحسينية وبعض أفراد العشائر العربية ، وقد تحولت هذه المقهى الى حوانيت للبزازين .
16 ـ مقهى حاج علي البنّاء : تقع مقابل حمام باب القبلة ، وهي مقهى كبيرة يرتادها البناءون وبعض الكسبة ، وقد اندثرت هذه المقهى اليوم بسبب فتح شارع الحائر .
17 ـ مقهى ابو حسن : تقع في شارع العباس دار الحاج حسين المعمار . يرتادها شيوخ الشرجية وبعض أفراد عشيرة المسعود وآل عواد . وبعد وفاة صاحبها آل الأمر الى صهره الحاج جاسم البحراني . أما اليوم فقد تحولت هذه المقهى الى سوق الهنود ."
18 ـ مقهى حاج عبود الحملدار : تقع في محلة العباسية الشرقية ، مقابل علوة السمك . كان يجلس فيها المعدان وبعض أفراد الحميرات وبائعو الغنم .
19 ـ مقهى عباس منسي . موقعها السابق في سوق الجللجيه ، وهي خارجة من خان ابو الدهن . وبعد هدم الخان المذكور انتقلت الى باب المشهد مقابل بناية فيض حسيني أو علوة السمك سابقاً ، حيث كانت تعرف بمقهى حاج عبود الحملدار . وهي اليوم مزينة بصور الشخصيات العراقية والشعراء الشعبيين الفراتيين .

كربلاء في الذاكرة 338

20 ـ مقهى مهدي بقّاوه : تقع في سوق الصاغة حالياً ، ومجاورة لمسجد سوق القندرجية . وهي مزينة بصور شخصيات وابناء المدينة .
21 ـ مقهى متعب : تقع هذه المقهى في محلة باب الطاق ، قرب دار تاج دار باهو ، تعود ملكيتها للمرحوم الحاج محمد عبد العزيز ، وكان يرتادها الملاكون والتجار من أهالي المحلة ، وقد زالت معالمها اليوم .
22 ـ مقهى الفرات : تقع على نهر الحسينية في منطقة باب السلالمة ، مجاورة لجامع الفرات . وهي ملتقى المزارعين من أفراد العشائر ، يؤمها الكثير من الطلاب الدارسين أيضاً ، وتمتاز بجمال موقعها . تأسست في أوائل الخمسينات صاحبها عبد الابراهيم دواس الخفاجي ، وورثها من بعده ابنه نجم .
موسم التكي (1)

من المواسم المعروفة في كربلاء والمجهولة لدى الخارج موسم التكي ـ وهو ثمر التوت ـ فالزراع هنا يعتنون بزراعة الأصناف النادرة من هذا الشجر ، والباعة يتفنون في طريقة بيعه ويمتاز هذا الثمر عن مثيله في بغداد ونواحيها بنسبة الحجم وبكثرة الوانه الزاهية ، وبمذاقه الذي يحاكي التمر أو يكاد .
وفي هذا الموسم تشحن الى مدن الفرات كمية كبيرة منه وعدا ذلك كان الكثيرون ـ لاسيما من النجف ـ يقصدون كربلاء في هذه الأيام من أجل موسم التكي الذي يعدونه من الفواكه الممتازة .

(1) جريدة (الطريق) البغدادية ـ 29 نيسان 1933م .
كربلاء في الذاكرة 339

السمّاكه

كان محل بيع الأسماك في باب المشهد مقابل مقهى حاج عبود ومجاور لكراج طويريج ، والفائض منه يؤتى به الى منطقة باب البويبه ليباع في سوق العلاوي . ثم انتقل المحل الى محل آخر يقع مقابل خان الهنود ثم الى محل في الفسحة جنب خان المخضر القديم . أما الآن فانه يقع جنب علوة المخضرات في شارع الجمهورية المؤدي الى طويريج . ويباع أيضاً في رأس سوق الميدان .
وكان السمك يجلب من طويريج وسدة الهندية والحلة محمولاً على الخيل والبغال ، ويباع بكميات كبيرة في العلوة ، واصنافه هي الكطان والشبوط والبنّي والحرش واحياناً يجلب البزّ . وكان سعر الحقه منه بمبلغ بيشلغ ويساوي درهماً واحداً . أما اليوم فان الاسماك تنقل بالسيارات المبردة الى العلوة ومن ثم تعرض الى البيع بأسعار تختلف حسب اختلاف أنواعها ، فمثلاً الكيلو الواحد من الگطكان بمبلغ 8 دنانير ، والحرش بمبلغ (2) دينار ، والبنّي بمبلغ (5) دنانير .
وقد اختص ببيع السمك اسرة آل السماك من عشيرة السلالمة وكذلك الحاج كفري والحاج حسن بن نصر الله والحاج عباس السماك وغيرهم .

كربلاء في الذاكرة 340

الفصل السابع

الناحية الصحية


الحكماء

بالنظر لقلة الوعي الصحي أبان العهود السحيقة وقلة وجود الأطباء وعدم توفر اشخاص متخصصين بعلم الطب ، لذلك انتشرت الأمراض في كل انحاء القطر لاسيما في كربلاء ، وهذه الأمراض هي الطاعون والحصبة والجدري والهيضة والتيفو والنكاف وغيرها مما دعا الناس الى مراجعة الحكيم أو الطبيب ليجد له العلاج الشافي .
ويراد بالحكيم الشخص الذي يقوم بتطبيب الأبدان عن طريق التداوي بالأعشاب والعقاقير الطبية الى غير ذلك .
ذكر لي الصحفي الأديب عباس علوان الصالح : في سنة 1917 جُلب الأطباء العراقيون الذين كانوا يدرسون في اسطنبول ، وجيء بقسم منهم الى كربلاء ، وكان منهم الحاج داود الممرض مع الطبيب وكانا ماهرين في الصنعة ، وكانا يداويان المرضى في المستوصف الذي كان موقعه في دائرة الشرطة .
وحدثني الشاعر الكبير السيد أحمد الصافي النجفي : أنه ادخل في سنة 1928 في مستشفى لسعد الدين عيسى في كربلاء وهو دكتور عند الحكومة له مستشفى خاص وبقى يعالج فيها عدة أيام(1) .

(1) أحمد الصافي شاعر العصر / للمؤلف ص 106 .
كربلاء في الذاكرة 341

ولعل من المفيد أن أذكر ان الشخص الذي يقوم بالتداوي لا يستلم أجورا من الفقراء والمعوزين ، فضلاً عن ذلك فأن البعض يدفع للمريض أجور الدواء .
في الثلاثينات من هذا القرن كان يقيم طبيبان سوريان في كربلاء أحدهما له عيادة بباب قبلة الحسين واسمه دكتور ابراهيم ، والآخر له عيادة قرب المخيم وزوجته تقيم قرب مرقد أبو الفهد ، وكانا يداويان في المستشفى الحسيني التي تعرف (كربلا غرباً قسطخانه سي) . أما ابرز هؤلاء الحكماء :

1 ـ السيد ابو القاسم الحكيم :

لقد اشتهر هذا السيد شهرة واسعة في معظم أنحاء العراق ، حتى ضرب به المثل في تشخيصه للأمراض وعثوره على الأعشاب الطبية النافعة . وكان يستعمل الطب النفسي في التداوي والعلاج الصعب الميؤوس منه حينذاك .
ومن حوادثه الطريفة التي تروى : انّ فتاةً في مقتبل العمر من اسرة كريمة محترمة جاءوا اليه بها ، وقد تشنجت أعصاب وجهها ، فقال السيد لذويها اني أداويها بشرط عدم معارضتكم اياي فيما افعله من عمل قد تعدونه عيباً أو جنوناً وأنا بطبها لقمين . اخلعوا ملابسها جميعاً واتركوها في غرفة امام مرآة صافية نقيّة ، ولتنظر وجهها بالمرآة ملياً ، ففعلوا ما أمر به وأفردوا لها غرفة ، فجاء السيد الطبيب على حين غرة من الجهة السالمة من وجهها وهي عارية ، فالتفتت بذعر وحمية للجهة السالمة فتركت اعصابها ، وشفيت بفضل معرفة السيد لنفسية الفتاة المريضة .
وكان السيد يداوي العيون والأبدان والمعدة ومختلف

كربلاء في الذاكرة 342

الامراض التي يشكو منها المريض .
روى المرحوم محسن عليوي آل غريِّب قال : ان أخي حسن شكى من وجع في اضلاعه ، فجيء به الى السيد ابو القاسم فقال له : اجمع لي ديداناً من النهر فجمعها وكوّن منها (لزگة) وعندما وضعها على صدره شفي من المرض بعد فترة من الزمن .
وبعد وفاة السيد امتهن التداوي ابنه السيد شمسي ، وكان هو الآخر عارفاً بتشخيص المرض ، وقد اجيز رسمياً من دائرة الصحة بمباشرة عمله . وكانت بعض الأدوية من صنعه وعمل يده . وبعضها كتابة على أوراق صغيرة او الكتابة على البيضة .

2 ـ الحاج محمد المجبرجي :

وهو رجل مشهور في الكسور والعظام(1) . وقد حدثني بعض المعمرين أنه عالج ساق الملك فيصل اثر اصابتها وهو يتدحرج على الجليد في لندن ، فأصيبت رجله برضوض ، فعالجها بدقة . وكان يُقصد من خارج كربلاء للعلاج . وهذه المهنة ورثها عن ابيه الشيخ حسين ، وكان يقيم في داره بالبلوش قرب ساحة الامام علي . ثم تولى من بعده ممارسة هذه المهنة ولده ومن بعده حفيداه جاسم وحسين .

الحاج يحيى صائب العطار :

كان قد فتح أول صيدلية في كربلاء باسم (الصيدلية

(1) يوضع على مكان الكسر الذي يصيب العظام خليط من صفار البيض وطحين الماش حين توضع بعد التجبير . أما الرضوض فانها تدلك بالملح والدهن الحر على الموضع المرضوض ثم تلف بقطعة من الصوف .
كربلاء في الذاكرة 343

الحسينية) وحصل على اجازة رسمية من الحكومة بفتحها . وكان عطاراً ، يداوي الامراض القديمة الباطنية والعظام .

الحاج اسماعيل صائب العطار :

وهو شقيق المتقدم ذكره . كان يداوي المرضى في داره . قصدته امرأة مصابة بالسل المعوي ، فوصف لها أربعين نوعاً من العقاقير ، وبعد فوران تلك الأعشاب سكبته في (تنكه) أي صفيحة ثم أخذت تقطر منه باناء صغير ، وصارت تشرب منه يومياً مقدار (گلاسين) من الدواء المقطر ، فشفيت .

الحاج اسماعيل الخباز :

وهو رجل جاوز الثمانين من العمر ، يمتهن بيع الخبز في دكانه بمحلة المخيم ، وبالاضافة الى ذلك فهو يداوي المرضى المصابين بالرضوض والكسور بداره في عگد السيد يوسف آل طعمة . وكان يعالج المصابين بدقة وعناية .

السيد عباس العطار :

رجل اتصف بالحكمة يتعاطى بيع الأعشاب والبذور والمعاجين لمن يقصده بموجب الوصفة التي يصفها الحكماء ، يعالج المرضى أحياناً ، فهو صيدلي وحكيم في آنٍ واحد .

الشيخ كاظم العطار :

كان حكيماً يشخّص المرض ويبيع الأدوية في دكانه الكائن بسوق الحسين . ومن بعد وفاته تولى هذه المهمة ولده محمد جواد العطار .

كربلاء في الذاكرة 344

غلام علي أغا جان :

كان والده قد فتح أول صيدلية في سوق الحسين ثم انتقلت الى باب القبلة ، ومن بعد وفاته تولى هذه المهمة ولده غلام علي أغا جان الذي اصدر كتاباً باسم (السياسة الحسينية) طبع سنة 1347هـ ، وبالرغم من تردي حالته الصحية كان يعالج المرضى ، وضرب به المثل (طبيب يداوي الناس وهو عليل) رأيته يداوي الباطنية في داره بعگد الداماد ، وفي صيدلية باب القبلة .

عبد الحسين نداف :

كان هذا الرجل بالاضافة الى عمله بيع الألحفة ، يداوي المرضى في دكانه الكائن في سوق العرب ، وكان معمراً يداوي كسور العظام مجاناً .

الشيخ علي العطار :

رجل معمر له دكان خاص ببيع العقاقير الطبية في محلة المخيم ، له احاطة بعلم الطب ، وتولى بعده ابنه عباس هذه المهمة .

السيد حسين الحكيم :

كانت داره في محلة باب السلالمة تحت طاق الشيخ خلف ، يشخص الداء ويكتب الدواء في وصفة يشتريها المريض من الشيخ عيسى العطار ، وكان يطبب ايضاً بالعقاقير الموجودة لديه : بارهنك ، خوبه ، أضافر الجن وغيرها .

حافظ الصحة :

كان هذا الرجل يركب حماره ويأتي الى دور المرضى لاسيما

كربلاء في الذاكرة 345

المصابين بالأمراض الخطيرة ، وكانت داره بمحلة باب الطاق تزدحم بالمراجعين ، وله من النوادر والحكايات بمعالجاته العجيبة أمور تنبئ عن طول باعه وكثرة احاطته بعلم الطب .

السيد مهدي السيد خليل الحكيم :

بالاضافة الى كونه حكيماً يداوي العيون في داره ، اتسم بطول باعه في فنون المعارف والعلوم وقدراته بالطب والحكمة والادب ، له مخطوطات توجد في خزانته لدى حفيده الخطيب الشاعر السيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني .

السيد محمد حسن الحكيم :

تولى هذه المهنة التداوي بالعيون بعد وفاة والده السيد مهدي المتقدم ذكره وهو والد الشاعر السيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني .

الشيخ عيسى العطار آل شيخ صالح :

وهوه معمر جاوز الثمانين من عمره ، يداوي المرضى في داره ويبيع كافة العقاقير الطبية في دكانه بسوق الحسين قرب حمام المالح .

مؤيد الحكيم :

ويعرف بملك الأطباء ، وذلك لأنّ له معرفة تامة بالطب الشعبي وكان محله بباب بغداد ، يركب الحمار ويقصد المرضى في دورهم سيما في الحالات الخطرة . وكان يقرأ كتاباً في الحكمة ويكتب بموجبه ويشخص الداء .

كربلاء في الذاكرة 346

السيد صاحب الهندي :

وكانت داره في محلة باب الطاق مقابل ديوان آل الرشدي ، يطبب المرضى وله معرفة تامة بتشخيص المرض .

جعفر حسين الهندي :

رجل معمر يقيم في محلة باب الطاق في عگد بني سعد ، يداوي المرضى وهو مختص بالباطنية .

السيد حسن الهندي :

متطبب قديم يعالج المرضى في داره الواقعة في محلة العباسية الغربية ، ويستعمل العقاقير والاعشاب .

الحاج حسين الحلاق :

حلاق ومتطبب يتعاطى الختان والجراحة والفصد وقلع الأسنان والحجامة في محله الكائن بباب قبلة الحسين . وبعد وفاته تولى المهمة نفسها ولده الحاج محمد علي .

السيد محمد حكيم صاحب :

حدثني ولده السيد ضامن فقال : من الأطباء الشعبيين الذين اشتهر أمرهم ، وكان حسن المعرفة بالتداوي في الأعشاب ، يعالج الأمراض الباطنية في داره بعگد السلام في محلة باب الطاق ، ويراجع بعض المرضى في دورهم . توفي يوم 28 شعبان 1350هـ / 1931م .

السيد حسن بن السيد محمد حكيم صاحب :

كان عطاراً يتعاطي بيع الاعشاب والبذور في دكان له

كربلاء في الذاكرة 347

مقابل زقاق السيد يوسف آل طعمة . وكان يعالج المرضى أيضاً ، وقد اخذ التعليمات الطبية عن والده المتقدم ذكره . توفي ليلة 1 جمادى الاولى سنة 1377 هـ .
ومن بائعي الأدوية أيضاً : الحاج ابو القاسم العطار والحاج محمد حسين الحاج صالح العمران آل معيبد .
وهناك بعض النساء (القابلات أو الجدات) يقمن بالعلاج لاسيما الرمد ، حيث كان ينتشر في موسم الربيع (الرمد الربيعي) فيلجأ المريض الى الجدة (الحبوبة) لتداوي عينيه ، حيث تضع عليها اللطخات (اللزگات) جمع (لزگه) على رأسه ، وهذه اللطخات مكونه من القير السائل الأسفلت ، وبعد مضي اسبوع تقلعها من رأس المريض .
كما ان هناك بعض الحلاقين الذين يقومون بالتطبيب كما مرّ بنا آنفاً ، كقلع الاسنان والحجامة والختان وما الى ذلك .

كربلاء في الذاكرة 348

الاوبئة والامراض الفتاكة

من البديهي ان كل بلد مهدد بخطر الأمراض والاوبئة طيلة العصور ، وقد تسبب تلك الأمراض خسائر فادحة كما مر بنا في فترات زمنية ، وأودت بحياة الكثير من أرواح الناس أكثر بكثير من كل وباء شن غارته على الجنس البشري .
وبالنظر لكثرة المستنقعات وبرك المياه المحيطة بمدينة كربلاء ووجود الأحواض والآبار في البيوت ، وان أغلب هذه البيوت مظلمة لا تصلها اشعة الشمس ، كل ذلك ساعد على انتشار البعوض وتكاثر وسبّب انتشار مرض الملاريا ، ولذا نشاهد ان اغلب سكان المدينة مصابين بالحمى في تلك السنين الخوالي ، حتى دعت الحاجة الى ان يقول أحدهم للآخر (أروح أحم) أي ارتفعت حرارة جسمه ويريد أن ينام ، فيذهب الى البيت ليقضي بعض الوقت ويعود الى مزاولة عمله .
يذكر لنا السيد عبد الرزاق الحسني : ان هناك في كربلاء مستنقعاً كبيرا ً يهدد سكانها بأمراضه الكثيرة الأنواع ولاسيما البرداء المعروفة بالملاريا(1) .
وفي الاربعينات من هذا القرن نوّه الدكتور السيد عبد الجواد الكليدار عن وجود أمراض بوجود المستنقعات فقال : (وان لم يكذب التاريخ نفسه فلا زال يوجد فيها لحد اليوم بالوراثة الجغرافية للارض مثل هذه المنخفضات في اطراف البلد حيث تتشكل المستنقعات الواسعة لاسيما في الاقسام الجنوبية منها والتي لم تستطع البلدية من التغلب عليها لحد الآن لتخفيفها

(1) مجلة (المرشد) مج 4 ج 1 رجب 1348هـ (كانون الاول 1929م) ص 447 .
كربلاء في الذاكرة 349

أو ردمها ردماً صحيحاً نهائياً لانقاذ حياة عشرات الألوف من البشر الذين يذهبون في كل سنة ضحايا بخسة للاوبئة المختلفة والامراض الفتاكة التي مصدرها الوحيد هو تلك المستنقعات الضارة المتكونة في اطراف البلد المقدس(1) .
وقد ساعدت الحكومات كثيرا في اتقاء هذه الامراض وتنقية المنازل من الاقذار والادران والحشرات التي تتراكم في البرك والمستنقعات من وقت لآخر ، كما قامت بلدية كربلاء بردم كافة الأحواض في البيوت وسعت الى دفن البرك والآبار فيما بعد ، وبعدها جاءت حملة الوقاية برش مادة الـ د . د . تي فتحسنت الحالة الصحية وقضي بصورة غالبة على مرض الملاريا . ولابد لنا من الاشارة الى ان تلاميذ المدارس كان يعطى لهم العلاج محلول الكنين في الاصطفاف الصباحي ، ويدعى ذلك المحلول (الصرفاله) .
ونحن هنا نذكر التسلسل التاريخي لتلك الأمراض التي شهدتها المدينة المقدسة والأعلام الذين ذهبوا ضحية تلك الأمراض حسب ما اهتدينا اليه في المصادر والمراجع التاريخية .
(سنة 964هـ) : حدث طاعون في كربلاء سنة 963 / 1555م ذهب فيه خلق كثير من سكان المدينة . وتوفي فيه الشاعر فضولي البغدادي(2) .

(1) تاريخ كربلاء وحائر الحسين د . عبد الجواد الكليدار آل طعمة ص 27 .
(2) اعيان الشيعة / السيد محسن الامين ج 46 ص 222 . وانظر : تاريخ الادب العربي / لعباس العزاوي ج 2 ص 251 ومدينة الحسين / لمحمد حسن الكليدار آل طعمة ج 3 ص 42 .
كربلاء في الذاكرة 350

(سنة 749هـ) انتشر في كربلاء سنة 749 هـ وباء الطاعون ومنه عم جميع الاقطار ولم يسمع بمثله ودام أكثر من سنة(1) .
(سنة 774هـ) : حدث في سنة 774هـ طاعون جارف في كربلاء والنجف ومنها انتقل الى بغداد وعبث فيها بعد ان فتك فتكاً هائلاً في كربلاء . ويحدثنا التاريخ انه وقعت في كربلاء سنة 860هـ زلزال عظيم اشتمل هذا الزلزال البصرة وبغداد والكوفة وكان قد حدث الزلزال ثلاث مرات في ساعة واحدة(2) .
(سنة 1101هـ) : تفشي الطاعون في سنة 1101هـ في بغداد والقصبات المجاورة لها وشمل قصبة كربلاء كما تفشى هذا المرض الخبيث مرة ثانية في مدينة كربلاء في سنة 1152هـ(3) .
(سنة 1186هـ) : داهم مرض الطاعون مدينة كربلاء في شهر شعبان 1186هـ لغاية شهر محرم الحرام سنة 1187هـ وحصد النفوس حصداً وفتك فتكاً ذريعاً حتى قيل لم يسلم منه الصغير والكبير والنساء حتى ساكني القصور والاكواخ وانتشر هذا المرض الفتاك حتى شمل بغداد والحلة والنجف وسائر المدن الجنوبية حوالي ستة اشهر ثم زال نهائياً(4) .
(سنة 1236هـ) : في أوائل هذه السنة ظهر مرض لم يسمع باسمه (القوليرا) أو الهواء الأصفر او الهيضة سماه ابن سند بـ (الوباء) ثم جاء الى الحلة وكربلاء ومكث في هذه

(1) مدينة الحسين ج 2 ص 139 .
(2) الفوز بالمراد في تاريخ بغداد / أنستاس الكرملي ص 67 .
(3) تاريخ بغداد / ابن السويدي ط 1962 ومدينة الحسين ج 3 ص 74 .
(4) دوحة الوزراء / رسول الكركولي ص 143 ومدينة الحسين ج 3 ص 85 .
كربلاء في الذاكرة 351

الآماكن مدداً تتراوح بين عشرة أيام وعشرين يوماً(1) وجاء في (مدينة الحسين) : في أوائل سنة 1236هـ وفد من الهند الى العراق مرض لا يعرف اسمه ولا دواؤه وانتشر في بداية الامر في المدن الواقعة على الخليج العربي ثم سرى منها الى الحلة وكربلاء فمات في هذا الوباء الذي عرف اسمه فيما بعد بالكوليرا أو الهواء الاصفر أو الهيضة خلق كثير في كربلاء يقدر عددهم 15 الف شخص ، غير أنّ السلطات في بغداد قد اهتدت بمساعدة الممثلية الانكليزية من ايجاد دواء لهذا المرض الخبيث . ومن الاعلام الذين وافتهم المنية محمد كاظم الهزار جريبي(2) .
(سنة 1246هـ) : حدث طاعون جارف في هذه السنة وتوفي فيه جمع غفير منهم العالمان الشيخ شريف العلماء (محمد شريف ابن حسن علي الحائري) والشيخ خلف بن الحاج عسكر الزوبعي وابنه الشيخ حسين الشيخ خلف(3) . وتوفي الشيخ محمد حسن المامقاني بمرض الطاعون سنة 1246هـ ودفن في كربلاء ، وزال هذا المرض الخبيث أواخر شهر رمضان سنة 1247هـ .
(سنة 1262هـ) : في هذه السنة 1262هـ/1845م وقع الطاعون ببغداد وفي كثير من الانحاء العراقية . وتوفي في الوفاء في هذه السنة العلامة السيد ابراهيم القزويني في كربلاء(4) .
(سنة 1282هـ) : في هذه السنة (1282هـ / 1865م) حدثت الهيضة في بغداد لمدة قليلة فزالت في أواخر جمادى الآخرة ويقال لها الهواء الاصفر والكوليرا وابو زوعه(5) .

(1) تاريخ العراق بين احتلالين ج 6 ص 278 .
(2) مدينة الحسين / ج 3 ص 179 .
(3) اعيان الشيعة / ج 36 ص 61 .
(4) تاريخ العراق بين احتلالين / ج 6 ص 278 .
(5) تاريخ العراق بين احتلالين / ج 6 ص 278 .
كربلاء في الذاكرة 352

(سنة 1298هـ) : توفي في طاعون سنة 1298هـ السيد محمد باقر بن السيد مرتضى الطباطبائي اليزدي الحائري(1) .
الحجامة

كنا نسمع من قديم عن الحجامة التي تعتمد على وضع اقداح فيها دخان ساخن على مواضع معينة في البدن لاسيما في منتصف الظهر وذلك لسحب الهواء من العضلات وتنشيط الدورة الدموية فيها .
يتم تشريح الظهر للرجال والأطفال بالموس او بالسكين في موسم الربيع وذلك لتصفية الدم وسحب الدم الزائد ، وكثيراً ما كانت الحجامة تمارس من قبل الشباب والرجال عند الحلاقين . وقد ثبت لدى العلماء ان معظم الأمراض الحديثة ناتجة عن كثرة الدم . ولا يزال بعض الناس يعتقدون انها صحية .
وكان الحلاقون يقصدون البيوت للقيام بعملية الحجامة ، كما كانت هناك نساء حجامات أيضاً .
تتم الحجامه في عدة مواضع من البدن . حيث توضع الحجمة في الظهر لتخدير المكان وجمع الدم ، وهي مصنوعة من البرنج أو التنك . يشرط الموضع خمس أو تسع تشريطات (خطوط) ثم توضع المحجمة ثانية لمص الدم ، وجلبه يتم بالشفاء الهواء أو الدم يُسحب داخل المحجمة عدة مرات (3مرات أو خمس . وتستغرق العملية لمدة عشر دقائق في الاقل . وهناك مثل شعبي شائع وهو (يتعلم الحجامة بروس اليتامى) .

(1) أعيان الشيعة / ج 44 ص 106 وانظر : معجم المؤلفين / لعمر رضا كحاله ج 9 ص 96 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي