كربلاء في الذاكرة 145

4 ـ فرقة المسرح الجماهيري


تأسست بتأسيس دور الثقافة الجماهيرية فرع كربلاء (مديرية الاعلام الداخلي حالياً) وقدمت عروضاً مسرحية داخل المحافظة وخارجها في المناسبات القومية والوطنية . ومن المسرحيات التي قدمتها هذه الفرقة (صقر قريش يعود ثانية) وهي من اعداد محمد زمان ، وقد تخصصت هذه الفرقة في المسرح الشعري باللغة الفصحى . وكانت أعمالها جادة وهادفة نصاً واخراجاً وتمثيلاً .
5 ـ فرقة الاتحاد الوطني


أسسها الاتحاد الوطني لطلبة العراق فرع كربلاء ، وقدمت عروضاً مسرحية على قاعة الادارة المحلية ، وكانت بمستوى العرض الجيد ، ونالت اعجاب الجمهور من ناحية الاخراج الفني . وكان أهم أعمالها على الاطلاق مسرحية (خان السقاية) وهي من تأليف ياس الربيعي واخراج أنور مولود .
6 ـ فرقة اتحاد النساء


قدمت عدة عروض في مناسبات مختلفة داخل كربلاء وخارجها ، وكانت هي الأخرى قد حازت الاعجاب بما حققته من اشراقات رائعة ونشاط ملحوظ في التمثيل ، ومن أهم أعمالها مسرحية (الساعة الوحدة يصدق الحب) لشاكر عبد القادر البدري واخراج عيسى الحسيني .
7 ـ فرق المسرح العمالي


وهي تابعة لاتحاد نقابات العمال ، قدمت عدة عروض في مجالات العمل تضمنت مكاسب الثورة ومنجزاتها ، وحملت

كربلاء في الذاكرة 146

مضموناً عن الحركة العمالية أبّان العهود السابقة في اضراباته وانتفاضاته واستغلالية اصحاب المعامل لعمالهم البسطاء .
8 ـ فرقة مسرح التأميم


وهي فرقة حديثة تأسست سنة 1976 بدعم من مكتب الأدباء والفنانين في المحافظة ، وقدمت عروضاً مسرحية مغلفة باطار كوميدي هادف تدلل على تطور النشاط الفني .
9 ـ الفرقة القومية للتمثيل


وتضم في صفوفها خيرة الفنانين الكربلائيين ، وقدمت عروضاً مسرحية نالت اعجاب الجمهور ليس في كربلاء فحسب انما في سائر محافظات القطر ، ومن ابرز الأعمال المسرحية التي قدمتها هذه الفرقة (كان يا ما كان) و(سرّ الكنز) وهي من تأليف قاسم محمد واخراج نعمه أبو سبع .
وحبذا لو توحدت هذه الفرق بفرقة واحدة تضم النخبة الصالحة من الموهوبين من كتاب وممثلين وفنانين يكون لها أثرها في تطوير الحركة المسرحية في القطر كله ، وهذا خير من توزيع الطاقات الفنية على فرق متعددة لا تفي بالغرض المطلوب .
وقد أخذت هذه الفرق تنمو في المؤسسات والاتحادات المهنية والشعبية . وادى التعاون بين مكتب الادباء من جهة ومديرية دور الثقافة الجماهيرية وفرقة مسرح كربلاء من جهة أخرى الى ايجاد قفزة نوعية في حركة المسرح من خلال تنظيم مهرجانات يوم المسرح العالمي في السنوات الأخيرة . وتجلى ذلك في ظهور انجازات مسرحية من خلال التجمعات الفنية في فرق المسرح الفلاحي واتحاد النساء والبيت العمالي والاتحاد الوطني

كربلاء في الذاكرة 147

والشباب وغيرها . واذا أردنا تقييم الصورة بشكلها الذي وصلت اليه في المواسم الأخيرة ، فاننا سنجد النشاط المسرحي آخذاً بالتطور من خلال الكادر الذي يعمل منذ عام 1970 في فرقة كربلاء للتمثيل التي اعتبرت مؤخراً فرعاً للفرقة القومية التي ذكرناها آنفاً ، وقدمت باكورة انتاجها في مسرحية (كان يا ما كان) باخراج نعمه ابو سبع . وتلاحقت بعدها المسرحيات الجادة الهادفة ، وقد فاق بعضها اخراجاً وتمثيلاً الأعمال المماثلة في بغداد . ومن خلال فرقة المسرح الفلاحي الذي ساهم بمسرحية (التمثال) وفرقة المسرح الجماهيري التي استطاعت أن تقدم عدة مسرحيات جادة منها (كلمات ورصاص) و(مأساة الحلاج) الشعريتين ، وكذلك مسرحية (النخلة والسلطان) التي قدمتها فرقة مسرح كربلاء الفني ونوهت بها جريدة (المجتمع)(1) . ومن النشاط المدرسي المتميز لعام 1973/1974 ظهور عدة مسرحيات منها (البطلة الصغيرة) و(الطبل الصغير) و(نديم والمحتال) و(الانصار) و(ملاك الرحمة) ومعظم تلك المسرحيات من اخراج نعمه أبو سبع . اضافة الى ما تقدم فهناك مسرحية (خان السقاية) التي مثلت سنة 1976 ، و(السيد المدير) سنة 1977 اللتان كتبهما ياس الربيعي ومسرحية (صقر قريش يعود ثانية) التي مثلت سنة 1978 وهي من اعداد محمد زمان(2) .
أما في مجال الابداع الفني المسرحي كانت في السبعينات وبداية الثمانينات تظاهرات فنية برزت من خلالها طاقات عظيمة في مجال المسرح اعتمدت فيه على الامكانيات الذاتية للطلائع

(1) جريدة المجتمع (18/5/1972) .
(2) مجلة الحرف العدد 6 السنة السادسة 1974 .
كربلاء في الذاكرة 148

والفتوة والشباب والمشرفين الفنيين في مجال الاخراج الفني العام للمهرجانات سيما المهرجان القطري الثالث للطلائع المنعقد في تموز 1979 .
هذا وما زالت الحركة المسرحية في كربلاء تتأهب للوثوب لتحتل مكانها اللائق ضمن نشاطات القطر بشكل جيد والوصول الى مستوى أفضل في المجال المسرحي .
زفة ختم القرآن

وهي من الموروث الشعبي الكربلائي الذي يحكي تقاليد اجتياز الأولاد مرحة تعلم قراءة وحفظ القرآن الكريم من الكتاتيب . في البداية يحمل التلاميذ الكبار (اللالات) وهي الأضوية القديمة ، بينما يحمل بعض الاطفال (الصناع) الشموع والبخور والحرمل في الصواني . يلبسون الطفل الخاتم للقرآن العقال المقصّب واليشماغ الابيض والعباءة ذات (الكلبدون) . تبدأ المسيرة من باب دار خاتم القرآن ، والجميع يهزجون بأهازيج حلوة يتقدمهم (الشيخ) ، ويرفع الحمال (الحجلة) وهي صينية يوضع عليها أوراد وياس وشموع ، وتكون صغيرة الحجم تلتمع فيها اللالات ، وكل ثلاثة تلاميذ يسيرون بشكل منتظم وهم يرتدون (العرقجين) على رؤوسهم ، ويشدّون الحيص المفضضة على بطونهم وكلّهم ينشدون الأناشيد الحزينة قاصدين صحن الامام الحسين عليه السلام . ومنها :
والشمس وضحاها هاها
والقمر اذا تلاها هاها

وقولهم :
الحمد لله الذي هدانا بفضله علّمنا القرآنا

كربلاء في الذاكرة 149

ومن الأهازيج الاخرى قولهم :
حب علي بـن ابي طالب احلى من الشهد الى الشارب
لو فتشوا قلبي رأوا وسطه سطرين قـد خطا بلا كاتب
العدل والتوحيد في جانب وحب أهل البـيت في جانب

أو قولهم :
الحمـد الذي تحمدا حمداً كثيراً دائماً وأبدا

أو قولهم :
صبّوا على الرحل دراهم وذهب أنّ أخـانـا قـد تعلّـم وكتـب

وفي صحن الحسين يقفون صفاً واحداً أمام كتّاب ، وينشدون بهذه الأهزوجة :
سلام سلام سلام سلام سلام عليكم فردوا السلام
فنقرأ وندعو لكم جمعنا وعيد مبارك عليكم تمـام

فيرد الشيخ وتلاميذه المستقبلين بالقول :
هنيئاً مريئاً لكم جمعكم وبورك يوم وأسعد عام

على انّ كلمات الترحيب هذه هي أطول مما هو مثبت هنا، وأنا احاول جهدي الحصول عليها من أفواه المعمرين .
ثم يذهب الطلاب الى صحن العباس ، ويقفون أمام كتاب من كتاتيب الصحن ، ويردّدون الأهزوجة السابقة . ومن ثم يقصدون دار خاتم القرآن لتناول طعام الغذاء . وبعد ذلك يجمع الاطفال هدية من عندهم كأن تكون نقوداً أم غير ذلك توضع في الصينية وتقدم الى عائلة التلميذ الخاتم .

كربلاء في الذاكرة 150

وهناك في الدار يقف الشيخ مخاطباً صاحب الدار بهذه الأهزوجة بألحان شجية تستهوي الأذواق وتستميل القلوب :
صلّ يا ربّنا على سيدنـا
مَن به عزّنا و بعتـرتـه

ومنها قوله :
شيخـه تَعَبا ضاق النصبا
يرجو الذهبا فـي تعبتـه
هنّـوا عمّته هنّـوا خالته
هنّـوا اسرته فـي ختمته

لا يكاد ينتهي الشيخ من الانشاد حتى يقدم له صاحب الدار الهدية وهي عبارة عن مبلغ من النقود ومقدارها مجيدي = 4 دراهم إذا كان موسرا ونصف مجيدي او طاقة (عزيزي) او طاقة (پُتّه) وهما نوعان من الأقمشة أو (كلّة قند) (وهو سكر صلب مصنوع بشكل مخروطي) أو غير ذلك حسب امكاناته المادية . ثم يخاطبه بقوله : اصرف الصناع أي دع التلاميذ ينصرفوا الى دورهم ليستريحوا من عناء التعب . ويكون عصر ذلك اليوم عطلة للتلاميذ قاطبة .
وكل طفل يشترك في الزفة يشرب الشربت ويأكل الحلوى والملبّس . ولابد من الاشارة انّ بعض الاطفال الذين لم يختنوا فانهم يختنون مع خاتم القرآن ، لأنها فرصة مواتية ويمشي مع رفاقه في الزفه . وفي هذه الحالة تكون مناسبتان سارّتان في آنٍ واحد . ذلك مما عاصرته وعلقَ بذاكرتي حول هذا الموضوع .

كربلاء في الذاكرة 151

الفصل الرابع

الآثار

الأماكن الاثرية والسياحية

تحتضن مدينة كربلاء عدة مواقع أثرية وسياحية يعود تاريخها الى سنين موغلة في القدم ، حيث يفد اليها العديد من الزوار والسيّاح ، وأهم تلك المواقع هي :

1 ـ حصن الأخيضر :
(1)

يبعد عن مدينة كربلاء حوالي (35) كم من جهة الغرب . ويعد من المواقع الأثرية المهمة لملتقى الطرق الرئيسة في البادية . وتبرز أهمية هذا الحصن كنقطة تربط العراق بالعالم الخارجي ، اذ كان يربط بين حلب والبصرة من جهة وبين بادية الشام وهضبة نجد من جهة أخرى . وجاء في (الدليل العراقي لسنة 1936) : الأخيضر وهو قصر لأحد الكنديين يقع ضمن ناحية شفاثا ويبعد 32 ميلاً عن كربلاء الى الجهة الغربية الجنوبية ويعرف لدى العامة بقصر الخراب وقصر الخفاجي عامر ، ويتألف هذا القصر من حصن كبير داخله قصر فخم تحفه ابراج شاهقة وهو من الآثار العراقية المهمة التي يرتادها السياح والأثريون(2) .
اختلف المؤرخون في أصل تسمية الأخيضر ، كما اختلفوا كذلك في تحديد زمن بنائه ، غير أنّ الآراء تتجه الى ترجيح كونه أثراً عربياً اسلامياً يرجع تاريخه الى النصف الثاني من القرن

(1) الاخيضر / للاديب الكربلائي علي محمد مهدي (منشورات مديرية الآثار بغداد) (بغداد 1969م) .
(2) الدليل العراقي لسنة 1936 ص 687 .
كربلاء في الذاكرة 152

الثاني للهجرة ، تشهد بذلك محاريبه وطراز عمارته ومكان اقامته على طرق البادية ، حيث ان العرب يفضلون الاقامة دائماً .
والحصن بعد هذا محاط بسور حصين مستطيل الشكل طوله من الشمال الى الجنوب 80ر175م وعرضه من الشرق الى الغرب 60ر163م ويبلغ ارتفاعه حوالي 21م . وتحيط بالسور أربعة أبراج رئيسية تقع في الأركان الاربعة وفي منتصف كل ضلع برج كبير يتوسطه مدخل كبير وعلى كل ضلع عشرة أبراج .
وتوجد في حصن الاخيضر دار استراحة لراحة الزوار مزودة بجميع وسائل الراحة . المرافق الداخلية تجتمع داخل مستطيل ، وأول هذه المرافق (البهو) والى غربه مدخل يؤدي الى المسجد وآخر يؤدي الى الرحبة الكبرى ، والثالث يؤدي الى الديوان وصالات الاستقبال . وفي النهاية الشرقية سلّمان يؤدي احداهما الى السرداب وآخر الى السطح .
أما الديوان الكبير مساحة مستطيلة الشكل تحف بها عدة قاعات وفي منتصف الضلع الجنوبي منها مدخل يؤدي الى الرواق الكبير المحيط بالرحبة الكبرى وتوابعها .
وفي هذا الرواق ستة أبواب تؤدي الى البيوت الاربعة والحمام وقسم الخدمة وهناك ابنية خارج الحصن عبارة عن بناية مستطيلة الشكل تتألف من سلسلة من الغرف عددها أربع عشرة غرفة وعلى امتداد الضلع الغربي للحصن جدار محصن بأربعة ابراج تعرف هذه البناية بالأصطبل .

2 ـ خان العطشان :

يقع على بعد ثلاثين كيلو متراً من جنوب غربي كربلاء ،

كربلاء في الذاكرة 153

وهو كما يصفه الرحالة الفرنسي تافرنيه : بناء قديم مبني بالآجر ، وما زالت كثير من جدرانه وأقواسه وبعض عقاداته ترى الى يومنا هذا وان كانت قد تشعثت وتصدعت(1) .

3 ـ النصب التذكاري :

كان هذا النصب أثراً قيماً أقيم في وسط الميدان القديم تخليداً لذكر نشر القانون الاساسي للبلاد ، وقد شيد من قبل الحكومة العثمانية ، حيث كتب على جانب منه 10 تموز تخليداً لذكرى انقلاب السلطان عبد الحميد ، كما كتب على جهاته الأربعة شعار الحكومة العثمانية (أخوّت ، مساوات ، حريّت ، عدالت) . وكانت تقام بالقرب منه معاملات البيع والشراء بالمازاد . وقد أقيمت على انقاض هذا النصب بناية البلدية فيما بعد ، وهي التي عرفت بـ (بالقرّات خانه) .

4 ـ قلعة الهندي :

أثر تاريخي يقع الى الجنوب الشرقي من كربلاء على بعد 4 كيلو مترات ، شيده نوازش علي خان الكبير بن علي رضا خان النواب اللاهوري وذلك سنة 1296 هـ وتعرف أيضاً بقلعة النواب . وكانت الى عهد قريب ماثلة للعيان .

5 ـ بحيرة الرزازة :

تقع على بعد 11 كم غربي مدينة كربلاء ، وهي بقعة سياحية تمتد حتى محافظة الانبار بطول 60 كم وعرض 30 كم .

(1) العراق في القرن السابع عشر / ثافرنيه : اعراب بشير فرنسيس وكوركيس عواد ص 133 .
كربلاء في الذاكرة 154

تتوافد اليها الجموع من كل مكان ترويحاً للنفس من عناء العمل . فعلى شواطئها الكازينوهات والمطاعم والكابينات ، وبالقرب منها سداد الرزازة الضخم الذي يحمي مدينة كربلاء ، ومنطقة الفرات من أخطار الفيضان الذي يهددها من هور ابي دبس وبحيرة الحبانية .

6 ـ عين التمر :

تقع على بعد 86 كم جنوبي غربي كربلاء ، وهي منطقة جميلة للسياحة ، اشتهرت ببساتينها الزاهية ومياهها المعدنية وزيتونها ورمانها ، وهي غابة من النخيل تخترقها دروب ريفية تلبس حلة سندسية دائمة . تقع وسط الصحراء بالقرب من هور أبي دبس . وتنتشر فيها مجموعة من العيون الكبريتية التي تتدفق منها المياه خلال أيام السنة . وقد اكتسبت اسماؤها من البيئة المحلية (العين الكبيرة . عين الحمره ، عين مرزا ، عين السيب ، عين ام الگواني) .
وقد تم ايصال التيار الكهربائي اليها مؤخراً ، وتوجد فيها مدارس ابتدائية وثانوية وعدد من المستوصفات ، وهناك فندق سياحي ومجموعة من الكابينات السياحية المطلة على العيون وسط بساتين النخيل .

كربلاء في الذاكرة 155

السفر والسياحة

من عادات الكربلائيين الانطلاق في مواسم خاصة الى خارج المدينة ترويحاً للنفس وذلك الى الأماكن القريبة حيث البساتين والحدائق الغناء وهي ذات ازهار فائقة الجمال شكلاً ولوناً وعطراً ، فيمضون نهاراً كاملاً وهم في فرح غامر لاسيما في (چنبر سوري)(1) أي بعد 13 يوم من دورة السنة ويصادف يوم 4 نيسان من كل عام . وانهم يقصدون أيضاً بعض الاماكن المقدسة والمزارات المعروفة في ضواحي كربلاء ، ومن هذه المزارات والمراقد هي :
1 ـ زيارة الحر بن يزيد الرياحي :



وتصادف يوم 9/ربيع الاول من كل عام ، حيث يمتطي الرجال والنساء الحمير والبغال العائدة للسقائين قرب مغتسل المخيم يستأجرونها ليلة واحدة ، وذلك لعدم وجود السيارات . كما يجلب الناس الماء في القرب والطعام والشموع خلال هذه الرحلة القصيرة .
وكان أصحاب الذوات يركبون العربات ذات حصانين ، ولدى وصولهم باب مرقد الحر تودع العربات والحمير والبغال في مكان معد هناك . وينزل الناس في الصحن والأواوين ، والقسم الآخر منهم خارج الصحن حيث يفترشون الأرض ويلتحفون السماء . وبعد أداء مراسيم الزيارة يعودون في اليوم الثاني الى المدينة .

(1) انظر : مجلة (لغة العرب) ج 2 ص 172 موضوع (من عادات العراقيين المسلمين) لابراهيم حلمي .
كربلاء في الذاكرة 156

2 ـ زيارة عون بن عبد الله :



وتصادف يوم 13 صفر ، حيث يخرج الناس حاملين معهم الشموع والرايات والملبّس والخرفان لاسيما الأشخاص الذين لديهم نذور ، حيث تنحر هناك الذبائح . وكان الناس يركبون البغال والحمير وبعضهم العربات . وعندما استحدث القطار كانوا يستغلونه ويحجزون المقاعد . ثم يقصدون مرقد عون ويمكثون فيه ليلة واحدة .
3 ـ زيارة أحمد بن هاشم :



تبدأ زيارة أحمد بن هاشم أول الخريف في بداية موسم قصاص التمر (تختلف اشهر السنة الشمسية عن اشهر السنة القمرية) فشعبان وشوال يفصل بينهما رمضان .
وكان الأهالي تستعد لجلب الطعام والماء والخرفان واللوازم المنزلية الأخرى ويمكثون هناك ليلتين أو ثلاثة ليالي بعد أن يقطعوا الطريق في سيارات خشبية مارين بعين التمر .
4 ـ زيارة أولاد مسلم :



وتصادف يوم 25 شوال من كل عام . وفي هذا اليوم أيضاً يصادف وفاة الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) . حيث يقصد الناس الزيارة ويقضون نهاراً كاملاً مارين بالمسيب ، ثم يتجهون الى أولاد مسلم الذي يقع مرقده في ضاحية قريبة عن المسيب .

كربلاء في الذاكرة 157

المقامات في كربلاء

معنى المقام لغة هو المكان الذي يقام أو يقوم فيه الشيء ، ويطلق اصطلاحاً على عدة مفاهيم أولا : مقامات دينية . ثانياً : مقامات أدبية . ثالثاً : مقامات غنائية .
أما المقامات الأدبية فهي مثل مقامات الحريري ومقامات الهمداني . واما المقامات الغنائية ، فهي تلك الانغام او الاسس الموسيقية التي يقوم عليها الغناء .
أما موضوع بحثنا هنا فهو ينصب على المقامات الدينية . فالمقامات الدينية هي الامكان المقدسة التي يقام فيها الدعاء أو للصلاة أو ما يوجد فيها مرقد لامام أو ولي مكان بضع آثاره . والواقع الذي لا مراء فيه ان اكثر هذه المقامات مستحدث اقامها أصحابها لغرض الارتزاق والعيش ، وليس لها أساس تاريخي ، واعتبرها الناس اعتقاداً مقدسا يتبركون به . يذكر الشيخ فرج آل عمران القطيفي : «وفي كربلاء مقامات عديدة يجدها الزائر في الطرق والشوارع ليست بمثابة المقامات المذكورة في الشهرة والاجلال ، بل هي مفندة من قبل العلماء والاعلام وذوي الخبرة ..»(1) . علماً بأن هناك مراقد ومزارات لشخصيات تاريخية معروفة تزار وتقدس ويطلق عليها مقامات أيضاً ، وهي : مقام الحر بن يزيد الرياحي ومقام عون بن عبد الله الحسني ومقام الشيخ محمد بن الحمزة الطوسي ومقام الشيخ ابو الفهد الحلي .

(1) راجع (الازهار الارجية في الآثار الفرجية) ج 7 ص 64 (النجف 1383) .
كربلاء في الذاكرة 158

يطلب المرء ذكراً كان أم أنثى المراد من الله بحرمة صاحب المقام ، فينوي ويأتي المقام ، فيشد الخيوط الخضر طلباً للحاجة . وعند قضائها يقوم الشخص بلطخ الحناء على جدران المقام . ومنهم من يربط القفل بشباك المقام لتحقيق المراد المطلوب . وتقدم الشموع وفاء للنذر . وقسم من الناس يرمي العملة البسيطة داخل الشباك أو يعطيها للقيم ان وجد . وهناك بعض النسوة يوسعن في النذور بتقديمهن بعض الاكلات الشعبية هي عبارة عن الخبز والخضروات واللبن والكليجه وهذا ما تسميه النساء بالسفرة أي المائدة . والمائدة لا تقدم في كل المقامات ، وانما في مقامات اختصت بها دون غيرها مثل مقام جعفر الصادق ومقام المهدي ومقام ابن الحمزة ومقام أبو الفهد والمخيم . ومن هذه المقامات الأثرية في كربلاء هي :

1 ـ نخل مريم :

ورد في ارجوزة (مجالي اللطف بأرض الطف ان الحسين عليه السلام ذبح عند نخل مريم مما يلي رأس الحسين(1) . والمقام عبارة عن محراب مرصع بأحجار من الرخام الناصع يخال الناظر اليها أنها قطع من المرايا . وفي وسط هذا المحراب حجر أسود على شكل دائرة يبلغ قطرها 40 سم تقريباً . أما المحراب فقد صمم على شكل نخلتين منحوتتين من نفس الحجر . وفي الوسط موقع الحجر المذكور .

(1) مجالي اللطف بارض الطف / الشيخ محمد السماوي .
كربلاء في الذاكرة 159


2 ـ مقام الحر بن يزيد الرياحي :

هو أحد شهداء معركة الطف . انظم الى الحسين يوم العاشر من محرم الحرام ، وهو نادم تائب على ما فعل ، فوقف بين يديه متضرعاً متعذراً عما أقدم عليه فعفى عنه الحسين . يبعد مرقده عن كربلاء خمسة كيلومترات ، وعليه قبة ومزار ، وتعتبر منطقته من المناطق التي يتنزه بها ابناء المدينة وذلك لوفرة البساتين هناك . وقد اعتاد الكربلائيون ان يخرجوا الى مرقد الحر وهم يحملون امتعتهم في طريق جميل على ضفاف نهر الحسينية . ويروي المعمرون(1) : ان قسماً من الاهالي كانوا يركبون السفن في نهر الرشيدية ، والقسم الآخر يمشون راجلين ، والقسم الثالث يركبون الخيول . وكان سكان بعض المحلات والعشائر والاسر تقصد الحر أيضا ومنهم اسرة آل عواد . وكان السيد مهدي الاشيقر المعروف (أخو شوكه) يركب فرساً ملحاء ، ويرأس فرقة ، ويذهبون الى الحر على شكل هوسات ، وذلك يوم 9 ربيع الاول من كل عام . وفي اثناء السير يتقدم سرب من الاطفال وهم يهزجون بأهازيج شعبية .
أما في الآونة الاخيرة ، فقد أصبحت زيارة الحر تصادف في اليوم الثاني من كل عيد . ومما يلي صحن الحر يوجد قبر يزعم بأنه لأم الحر .

(1) حدثني بهذه الرواية الحاج عبد العباس الحلاق وعبد الامير المصلاوي وعلوان الحاج عبد ابو هر .
كربلاء في الذاكرة 160

4 ـ مقام الحسين وابن سعد :

ويرمز هذا المكان الى الموقع الذي اجتمع فيه الحسين مع عمر بن سعد للمفاوضة . موقعه في قطاع (الجاجين)(1) التي هي اليوم عند باب البويبه(2) في محلة باب السلالمة . والمقام عبارة عن شبه حانوت خارج من جدار الدار المرقم 322/75 ويرجع تاريخ تشييده الى سنة 1113هـ كما هو موجود على الكتيبة . وتم تجديده سنة 1352هـ/1934م ثم جدد سنة 1378هـ/1952(3) . وهذا المقام يؤمه الزائرون ليتبركوا به وينذروا له النذور .

5 ـ مقام المهدي :

موقعه على الضفة اليسرى من نهر الحسينية الحالي عند مدخل كربلاء على الطريق المؤدية الى مقام جعفر الصادق . هو مزار مشهور عليه قبة عالية . وقد سمي هذا المقام تيمنا باسم الامام المهدي المنتظر ، حيث يقال ان الامام الحجة المهدي قد صلى في هذا المكان وانصرف . جدده المرحوم الحاج حمزة الخليل وذلك سنة 1378هـ ، وارخ تجديده الشاعر الكربلائي المعاصر المرحوم السيد مرتضى الوهاب بأبيات على القاشاني : وهي
شاد للقائم اذ ضحى الخليل بيت قدس فيـه برد وسلام
واعتنى الحمزة في تجديده فاستوى منـه عماد ورخام
مـذ تجلـى نوره ارختـه (ضاء للمهدي ركن ومقام)

(1) الجاجين كلمة محرفة عن (دكاكين) وتعتبر جزءا من محلة باب السلالمة .
(2) البويبة كلمة مصغرة من الباب ، ويقال انها كانت باب سور محلة تاب السلالمة قبيل هدمه .
(3) مدينة الحسين ج 2 ص 26 (طهران 1949) .
كربلاء في الذاكرة 161

وفي سنة 1970م ـ 1391هـ هدم جزء من البناء السابق وجدده محسن حميد الملا مهدي الوزني الخفاجي .
وفي عصر كل يوم جمعة تجتمع النساء وتقدم النذور للقيم ، ثم توقد الشموع وتوضع على كربه ثم تسيس في الماء . وقسم منهن يقدمن العرائض الغيبية بعد ان تذكر فيها الحاجة المراد تحقيقها فتوضع وسط كرة من الطين وترمى في النهر المذكور ، وفي صباح يوم الجمعة من كل اسبوع يجتمع هناك بعض الرجال لقراءة دعاء الندبة ، وهو دعاء خاص بالامام الحجة صاحب العصر والزمان .

6 ـ المخيم :

ان المخيم الحالي شيد مؤخرا كما يستدل المستندات القديمة الموجودة عند بعض السادة كربلاء ، وهي تشير الى ان هذه البقعة كانت تعرف قديماً بمحلة آل عيسى(1) حتى أواخر سنة 1276هـ أما بعد هذا التاريخ فقد عرفت بمحلة المخيم او مقبرة المخيم . وذلك سنة 1241هـ على أثر نشوب المناخور . وأصبح الناس فيما بعد يتبركون به(2) .
وفي ليلة الحادي عشر من محرم حيث يخيم الظلام الدامس على المدينة وتقطع أنوار الكهرباء ، وتستعمل الشموع ابتداء من وقت الاصيل ، تأتي مواكب العزاء من كربلاء واطرافها الى المخيم ،

(1) آل عيسى احدى قبائل كربلاء العلوية القديمة تنتسب الى زيد الشهيد بن الامام علي بن الحسين (عليه السلام) كان منها النسابة الاديب السيد حسين بن مساعد بن الحسن بن مخزوم بن ابي القاسم الحسيني الطوغاني الحائري من سلالة عيسى بن زيد الشهيد انظر كتابنا (تراث كربلاء) ص 172 .
(2) مدينة الحسين ج 2 ص 23 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي