تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 324

وكان موقعها في محلة العباسية الغربية ، ولا وجود لها اليوم ، بعدما رحل مؤسسها عن كربلاء ، وإختار ألإمامة في مدينة الري بالقرب من مدينة طهران بإيران ، منذ أكثر من عقدين من الزمن وحتى يومنا هذا.

مكتبة أبي الفضل العباس عليه السلام:

وهي أيضا من أشهر المكتبات العامة في كربلاء ، حيث يرتادها يوميا العشرات من المثقفين ، وهواة المطالعة والتحقيق ، ومن الزائرين والوافدين للتشفع بروضتي ألإمام الحسين واخيه العباس (عليهما السلام) ، وقد بلغ تعداد الكتب بها حتى وقت قريب اربعة آلف مجلد كتاب ، بينها كتب كثيرة ومخطوطات نفيسة مهادة لها من قبل بعض أهالي كربلاء ، وتقع هذه المكتبة عند مدخل باب القبلة ، بصحن روضة سيدنا أبي الفضل العباس عليه السلام.

مكتبة القرآن الحكيم:

تأسست بسعي آية ألله العظمى السيد محمد الشيرازي عام 1387 هـ ، وذلك أبان ترأسه لحركة التدريس والفتيا في حوزة كربلاء ، وقد ضمت ما يربو على تسعة آلف كتاب، وكانت مكتبة عامة يرتادها الناس المتعلمون للإستفادة من موضوعات الكتب فيها، والتي هي في معظمها كتب إسلامية تثقيفية ، وكذا مجلات ومنشورات وكراسات دينية ثقافية تلبي حاجة كل راغب في التفقه بالدين والمبادئ وألأسس القويمة للمذهب الشيعي ألإمامي ، وكان موقعها خلف المخيم الحسيني ، ولا وجود لها اليوم.

مكتبة السيدة زينب الكبرى:

كان موقعها في الزقاق المواجه لباب الزينبية لصحن الروضة الحسينية ، وقد سعى لتأسيسها في سنة 1386 هـ ، الخطيب الحسيني الشهير السيد أحمد السيد هادي الحسيني المرعشي الشهرستاني ، وقد حوت على أكثر من ألف وستمائة مجلد كتاب في شتى العلوم والفنون ، وقد جرى تعطيلها في ألآونة ألأخيرة.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 325

مكتبة مدرسة البادكوبة:

كانت بها مصادر حسنة في الفقه وألأصول والتاريخ ألإسلامي واللغة والتراجم وكتب السير ، وكان يتوافد عليها رواد العلم والثقافة وهواة البحث والتحقيق للإستفادة من كتبها المتنوعة . وقد تأسست بداخل قاعة كبيرة في الدور الثاني لمدرسة البادكوبة المعروفة باسم مدرسة التركن أو مدرسة أهل البيت الكائنة في زقاق الداماد، وذلك بسعي المرحوم العلامة الشيخ محمد الكرباسي ، والعلامة السيد أحمد الفالي ، وقد تولى هذا ألأخير (السيد الفالي) عمادتها حتى لحين مغادرته بكربلاء ، حدود في سنة 1390 هـ.
والجدير بالذكر أن التاجر الكويتي الحاج جمعه كان قد تبرع ببناء الدور الثاني لمدرسة البادكوبة ، في العقد التاسع للقرن الرابع عشر الهجري ،وقد إحتوى هذا الدور على غرف عديدة لسكن طلاب العلوم الدينية وقاعة كبيرة خصصت لإنشاء مكتبة كبيرة ظلت قائمة حتى لوقت قريب.

المكتبة الجعفرية:

تأسست سنة 1372 هـ بجهود جمع من العلماء المبرزين في حوزة كربلاء بغرض صيانة التراث العلمي وألأدبي ،والحفاظ عليها من الضياع، وموقعها في المدرسة الهندية الكائنة في زقاق الزعفراني قريبا من الروضة الحسينية الشريفة ، وهي تحتوي على مايزيد على اربعة آلف كتاب ، وقد سميت بالجعفرية ، تيمنا وتشفعا باسم رئيس المذهب اشيعي الإمامي ، سيدنا ألإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام.

مكتبة الروضة الحسينية:

تشتمل على خمسة عشر ألف كتاب مطبوع ومجاميع من الكتب المخطوطة ، تأسست سنة 1399 هـ ، ومقرها بجوار الروضة الحسينية الشريفة .

مكتبة النهضة ألإسلامية:

كانت حافلة بالكتب الدينية والثقافية المختلفة بما يربو على ثلاثة آلف

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 326

مجلد كتاب ،إضافة إلى مخطوطات ثمينة ومجلات قديمة وحديثة ، تأسست عام 1380 هـ ، وكان موقعها بمسجد يقع مقابل باب الصافي لصحن الروضة الحسينية الشريفة ، غير أنه لا وجود لها اليوم بسبب تنفيذ مشروع الشارع الكبير الموصل بينالروضتين الشريفتين الحسينية والعباسية.

خزانة مخطوطات الروضة الحسينية:

تحتوي على مخطوطات ومصاحف نفيسة وأثرية مهداة من قبل سلاطين وأمراء وعلماء واثرايء محسنين، وكانت هذه الخزانة تحتوي قبل هجمة الوهابيين على كربلاء في سنة 1216 هـ ، على مصاحف قديمة في خطها ونفسية الغاية في أوراقها وزخارفها ، نهبت أثر هذه الهجمة ، ولا يزال يوجد بها حتى يومنا هذا (272) مصحفا مخطوطا نفيسا للغاية ، بينها مصحف شريف بخط ألإمام زين العابدين عليه السلام ، كتابته كوفية على رق غزال، ومصحف آخر مذهب بنقش ابيض على قرطاس من قماش «ترمه» بالقطع الكبير.
وحول نهب المصاحف النفيسة من خزانة الروضة الحسينية في غارة الوهابيين على كربلاء ، فقد ذكر الشيخ محمد بن الشيخ عبود الكوفي في كتابه «نوهة الغري» ما نصه ألآتي: أقول ولما كنت في جبل حايل وهو جبل إبن رشيد ، رأيت قرآنا عنج سلامة السبهان من القرآئين التي نهبت من كربلاء ،ويقول (أي سلامة السبهان) : لما غزونا كربلاء مع ألإمام إبن سعود ، اصبتُ هذا القرآن من الحضرة الحسينية ، وكان يعرضه علينا فإذا هو قرآن كبير مخطوط مجدول بالذهب وهو من أعلى الخطوط.
والجدير بالذكر أن خزانة الروضة الحسينية كانت منذ ما يربو على سنة 528 هـ ، مليئة بألأموال والمجوهرات الثمينة والطنافس الحريرية والسجاجيد الراقية جدا، وذلك إضافة إلى المخطوطات النفيسة والنادرة ، ويقول أرباب السير من رجال ألإمامية : أن الخليفة العباسي المسترشد بالله أمر بجمع ما في خزانة الروضة الحسينية المقدسة من أموال ومجوهرات وغيرها من النفائس ، وتوزع على جيشه الذي كان قد اعده لمحاربة السلطان مسعود

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 327

السلجوقي في سنة 528 هـ ، محتجا أن قبر الحسين لا يحتاج إلى خزن أموال بل يجب توزيعها على أفراد جيشه فبعث أعوانه لنهب الخزانة فنهبوها وحملوها إلى الخليفة ، ولم يمسوا القبر الشريف بسوء ، ثم سار الخليفة العباسي وعه ألأموال المنهوبة لمقاتلة السلطان مسعود ، ولما تقابل الجيشان وقع المسترشد اسيرا بيد السلطان مسعود ، إذ خانه جيشه ، ثم أمر السلطان مسعود بقتل الخليفة العباسي ونهب معسكره.
وجاء في كتاب البحار للمرحوم المجلسي ، أنه عندما قتل المسترشد العباسي ونهبت خزانته وجد فيها خمسة آلاف جمل، واربعمئة بغلة ، محملة بالطنافس والمجوهرات والنقود ، وقدرت تلك الأموال بعشرة آلف دينار ، مع العلم أن خزانته كانت فارغة عندما تاهب لقتال السلطان مسعود قبل نهبه لأموال خزانة الروضة الحسينية.

خزانة مخطوطات الروضة العباسية:

تحتوي هذه الخزنة على(109) مخطوطة في غاية النفاسة والقدم والقيمة ، وهي في مجملها مصاحف قديمة ونادرة جدا، وقد نوه الكاتب المؤرخناصرالنقشبندي ، بثلاثة مصاحف بينها ، وهي مكتوبة بالخط الكوفي وإعتبرها بذات قيمة تاريخية وأثرية ، ولم تسلم خزانة الروضة العباسية الشريفة كنظيرتها خزانة الروضة الحسينية المقدسة من السلب والنهب في فترات زمنية مختلفة لكونها كانت تضم مجوهرات ومفروشات وطنافس نفيسة وثمينة جدا ، اثارت طمع وحرص المهاجمين والمتطاولين على حرمة كربلاء المقدسة.

تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 328




تاريخ الحركة العلمية في كربلاء 329

ملاحظة أخيرة

لقد نوهت في بداية هذا الكتاب أن الغاية الرئيسية من تأليفه هي إظهار وإبراز الدور العلمي والنشاط الحوزوي الديني لمدينة كربلاء المقدسة على مر العصور منذ أن اصبحت أرضها مباركة بالحسين الشهيد عليه السلام،وكان يلزم لذلك ذكر تراجم وسير وانساب العلماء والفضلاء والفقهاء والخطباء والوعاظ الذين زخرت بهم الحوزة العلمية في كربلاء جيلا بعد جيل ، وذلك بقدر ما توفر لي من مصادر ومعلومات عنهم إستقيتها من هنا وهناك ، ولا شك أن كثيرين من هؤلاء البررة الكرام لم ترد تراجم وسير حياتهم بسبب إفتقادي لمعلومات عنهم أو مصادر تذكرهم ، ولكن لي أمل وطيد في أن أستطيع الحصول على تراجم أعداد أخرى من العلماء والخطباء ، لكي أدرجها في الطبعات القادمة على شكل مستدركات بإذن ألله وتوفيقه.

نور الدين الشاهرودي


طباعة عبدالله الحاج بدري الكربلائي

السابق السابق الفهرس