عقيلة بني هاشم 1


عقيلة بني هاشم


لمؤلفه
علي بن الحسن الهاشمي الخطيب



عقيلة بني هاشم 2


الطبعة ألأولى
سنة 1377 هـ


عقيلة بني هاشم 3

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يكن له ند ولا ولد ثم
الصلواة على نبيه المصطفى ، وآله الميامين الشرفا ،
الذين خصهم الله بآية التطهير .
يقول تعالى : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراَ»


عقيلة بني هاشم 4


بسم الله الرحمن الرحيم



عقيلة بني هاشم 5

عقيلة بني هاشم
زينب الكبرى

ولادتها :

ولدت زينب الكبرى .بنت أمير المؤمنين (ع) في الخامس من جمادى الأولى في السنة الخامسة من الهجرة ، وذكر جلال الدين السيوطي في رسالته ( الزينبية ) قال : ولدت زينب في حياة جدها رسول الله (ص) .
تسميتها و كنيتها :

سماها جدها رسول الله (ص) (( زينب )) إسم اختاره لها جدها سيد البشر ( ص) وتكنى أم كلثوم . وأم الحسن . ويقال لها زينب الكبرى للفرق بينها وبين من سميت باسمها من أخواتها .
وتلقب رالصديقة الصغرى للفرق بينها وبين أمها الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين .وتلقب ايضاً بالعقيلة (1)وعقيلة بني هاشم . وعقيلة

(1) العقيلة : هي المرأة الكريمة على قومها ، العزيزة في بيتها .
عقيلة بني هاشم 6

الطالبين ، وتلقب بالموثقة، والعارفة ، والعالمة غير المعلمة والفاضلة ، والكاملة ، وعابدة آل علي (ع) .
زينب أولى بنات أمير المؤمنين (ع) ولدتها فاطمة الزهراء بعد الحسنين السبطين ، ومما يؤكد ذلك أن الرواة في أيام الاضطهاد كانوا إذا رووا رواية عن علي (ع) يقول الرجل هذه الرواية عن أبي زينب كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وانما كنوا أمير المؤمنين بهذه الكنية لأن زينب كانت الأكبر من ولده بعد الحسنين ولم يعرف بهذه الكنية عند أعدائه .

أبوها :

أبوها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) القرشي الهاشمي أبو السبطين الحسن والحسين عليهما السلام ولد في بيت اللله الحرام ، في الثالث عسر من شهر الحرام رجب قبل المبعث بعشرة سنين كان أول الناس اسلاماً وأعظمهم اقداماً وأقواهم شكيمة وأشدهم عزيمة ، كيف لا يكون كذلك وقد تربى في حجر الرسول الأعظم(ص) وآزره وحامى عنه وهو ابن عشر سنين ، وأخذ عن رسول الله كل العلوم ، واقتبس من قبس النبوة ، حتى قال (ص) خير أعمامي أبو طالب (ع) وخير اخواني على (ع) ، وفداه بنفسه ليلة مبيته على الفراش ، وشهد مع النبي (ص) مشاهد كلها وقد زوجهمن ابنته فاطمة الزهراء (ع) إذ

عقلية بني هاشم 7

ما كان لها كفواً لاَّّ ابن عمها علي بن أبي طالب (ع) فولدت له الحسن والحسين ومحسن السقط وزينب الكبرى وزينب الصغرى ـ أم كلثوم ـ ، وكان علي (ع) اشجع اصحاب رسول الله وأعلمهم بالفرائض والسنن ، وما أشكلت على المسلمين قضية إلاًّ وجدوا عند علي (ع) حلها ، حتى قال عمر بن الخطاب (رض) : لولا علي لهلك عمر ، وكان من الرسول الأعظم (ص) بمنزلة هارون من موسى . قال الحميري :
سائل قريشاً به إذ كنت ذا عمه من كان أثبتها في الدين أوتادا
من كان اقدم إسلاماً وأكثرها .علما وأطهرها أهلاً وأولادا
من وحد الله إذ كانت مكذبة تدعوا من الله أوثانا وأندادا
من كان يقدم في الهيجاء إذ نكلوا عنها وان بخلوا في أزمة جادا
من كان أعدلها حكماً وابسطها كفاً وأصدقها وعداً وإيعادا
إن يصدقوك فلن يعدوا أبا حسن إن أنت لم تلق للأبرار حسادا

عقلية بني هاشم 8

إن أنت لم تلق أقواماً ذوي صلف وذا عناد لحق الله جحادا

ضُرِِبَ (ع) على قرنه ضربه عبد الرحم بن ملجم المرادي ـ الخارجي ـ بسيفه وهو يؤدي الفرض لله تعالى ليلة تسعة عشر من شهر رمضان في أفضل الأماطن من القطر العراقي ـ مسجد الطوفة ـ وفي افضل الشهور ـ شهر رمضان المبارك ـ وفي أفضل الأوقات ـ بين الطلوعين ـ طلوع الفجر وطلوع الشمس وفي أفضل الأمكنة ـ محرابه ـ ضربه وهو مشغول بالصلاة لله في أول ركعة من صلاة الفجر بين السجدتين ، قال المغفور له السيد حيدر الحلي :
قتلتم الصلاة في محرابها ياقاتليه وهو في محرابهِ
وشق رأسك العدل سيف جوركم من شق منه الرأس في اهابهِ
فيبك جبريل له ولينتحب في الملأ الأعلى على مصابه

أمها :

أمها سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت ارسول الأعظم كانت تلقب بالزهراء ، وأم ابيها ، والبتول ، والصديقه والطاهرة ، والزكية والمحدثة ، وهي أصغر بنات رسول الله (ص) وأمها خديجة بنت خويلد رضوان الله

عقلية بني هاشم 9

عليها ، ولدت فاطمة في جمادة الآخر وعمر النبي (ص) آنذاك خمس وثلاثين سنة .

نشأت في حجر رسول الله وتربت في كنفه (ص) وزوجها رسول الله علياً (ع) ويروى أنها بكت يوم زواجها .فقال (ص) مالك تبكين يا فاطمة فوالله لقد انكحتك اكثرهم علماً ، وأفضلهم حلماً ، وأولهم سلماً ، فولدت له الحسن والحسين وزينب الكبرى وأم كلثوم ومحسن السقط . وقد انقطع نسل رسول الله إلاّ من فاطمة ، وكان النبي (ص) ينوه على المنبر بفضلها وشرفها وحبه لها ، وكان يقول : فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ، ويريبني ما يريبها ، يرضى الله لرضا فاطمة ويغضب لغضبها ، توفيت سيدة النساء فاطمة بعد أبيها بخمسة وتسعين يوماً وألحدة ليلاً ، بوصية منها ، ودفنها عند قبر أبيها رسول الله ـ واليوم يقال لموضع قبرها { بيت فاطمة } فقال علي (ع) يرثيها :
فاقد قبرتك وانصرفت مودعاً بأبي ونفسي جسمك المقبور
أما القبور فانهن أوانس بجوار قبرك والديار قبور

نشأتها :

نشأت هذه الكريمة في حضن النبوة ، ودرجت في بيت الرسالة ، ورضعت لبان الوحي من ثدي بضعة النبي (ص) الزهراء البتول ، وغذيت بغذاء الكرامة من كف والدها ابن عم الرسول .

عقلية بني هاشم 10

فنشأت نشأة قدسية ، وربيت تربية روحانية ، متجلببة جلباب الجلال والعظمة ، مرتدية رداء العفاف والحشمة فالخمسة أصحاب العبا (ع) هم الذين قاموا بتربيتها وتثقيفها وتهذيبها ، وكفاك بهم مؤدبين ومعلمين ، ذكر العلامة محمد علي أحمد المصري في رسالته ، قال : السيدة زينب نشأت نشأة حسنة ، كاملة فاضلة ، عالمة ، من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء وكانت على جانب عظيم من الحلم والعلم مكارم الأخلاق ذات فصاحة وبلاغة ، تفيض من يدها عيون الجود والكرم ، وقد جمعت بين جمال الطلعة وجمال الطوية ، حتى انها اشتهرت في بيت النبوة .ولقبت بصاحبة الشورى ، وكفاها فخراً انها فرع من شجرة أهل بيت النبوة الذين مدحهم الله في كتابه العزيز ، إلى أخر ما كتب عنها .

شرف نسبها وفضلها :

جدها رسول الله سيد المرسلين . ووالدها علي أمير المؤمنين (ع) وأمها فاطمة سيدة نساء العالمين ، وجدتها خديجة الكبرى أم المؤمنين ، واخواها الحسن والحسين سبطا رسول رب العالمين ، وأعمامها طالب وعقيل وجعفر فخر الهاشميين ، والعمة أم هاني بنت عبد مناف شيخ الأباطح ، وأخالاتها ابناء رسول الله .
نسب كأن عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عمودا

عقلية بني هاشم 11

وقال أخر :
أبوها علي أثبت الناس في اللقا وأشجع ممن جاء من صلب آدم

فماذا يكون هذا الشرف ، إلى أين ينتهي شأوه ويبلغ مداه ، وإذا أضفنا الى شرف نسبها علمها وفضلها وتقواها وكمالها ،وزهدها وورعها وكثرة عبادتها ومعرفتها بالله تعالى كان هناك الشرف الذي لايجاريه شرف ، ذكر النيسابوري في رساته ـ العلوية ـ قال : كانت زينب بنت علي (ع) في فصاحتها وبلاغتها وزهدها وعبادتها كأبيها المرتضى وأمها الزهراء .
واقرأ ما دبجته يراعة البحاثة الكبير ( فريد وجدي ) بقول : السيدة زينب بنت علي رضي الله عنهما ، كانت من فضليات النساء وشريفات العقائل ، ذات تقى وطهر وعبادة
وحسب القارئ ، ما أملاه الأستاذ حسن قاسم في كتابه ـ السيدة زينب ـ قال : السيدة الطاهرة الزكية بنت الامام علي بن أبي طالب ، ابن عم الرسول ، وشقيقة ريحانتيه ، لها أشرف نسب وأجل حسب ، وأكمل نفس وأطهر قلب ، فكأنها صيغت في قالب ضمّخ بعطر الفضائل ، فالمستجلي آثارها يتمثل أمام عينيه رمز الحق ، رمز الفضيلة ، رمز الشجاعة ، رمز المروءة فصاحة اللسان ، قوة الجنان ، مثال الزهد والورع ، مثال العفاف والشهامة ، إن في ذلك لعبرة . . . الخ .

عقلية بني هاشم 12

وذكر العلامة محمد علي احمد المصري في رسالته السيدة زينب رضي الله عنها : هي بنت سيدي الإِمام علي كرم الله وجهه ، وبنت فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) وهي من أجل أهل البيت حسباً وأعلاهم نسباً ، خيرة السيدات الطاهرات ومن فضليات النساء وجليلات العقائل ، التي فاقت الفوارس في الشجاعة ، واتخذت طول حياتها تقوى الله بضاعة ، وكان لسانها الرطب بذكر الله على الظالمين عضباً ولأهل الحق عيناً معيناً ، كريمة الدارين ، وشقيقة الحسنين ، بنت الزهراء التي فضلها الله على النساء وجعلها عند أهل العزم ام العزائم وعند أهل الجود وألكرم أم هاشم .
واليك ما ذكره ـ عمر أبو النصر ـ في كتابه ( فاطمة بنت محمد ) قال : وأما زينب بنت فاطمة ، فقد اظهرت أنها من أكثر أهل البيت جرأة وبلاغة وفصاحة ، وقد استطارت شهرتها بما اظهرت يوم كربلاء وبعده من حجة وقوة وجرأة وبلاغة حتى ضرب بها المثل وشهد لها المؤرخون والكتَّاب .
ومن فضلها وشرفها أن الخمسة أهل العبا عليهم سلام الله كانوا يحبونها حباً جماً ، حتى ورد في بعض الأخبار ان الحسين (ع) كان إذا زارته زينب يقوم إجلالاً لها وكان يجلسها بمكانه .

عقلية بني هاشم 13

ولقد حدث يحيى المازني عن خفارتها ، وصونها ، قال : كنت مجاوراً لأمير المؤمنين (ع) في المدينة مدة مديدة ، وكنت بالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته ، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً ، وكانت إذا أرادت أن تزور قبر جدها رسول الله (ص) تخرج ليلاً . الحسن (ع) عن يمينها والحسين (ع) عن شمالها ، وأبوها أمير المؤمنين (ع) أمامها فإذا قربت من الروضة النبوية سبقها أبوها أمير المؤمنين فأخمد ضوء القناديل ، فسأله الحسن عن ذلك مرة ، أجابه (ع) أي بني اني أخشى أن هناك أحداً ينظر شخص اختك زينب (ع) .
هذا هو الشرف وهذا هو الصون الذي حفظه التاريخ لهذه السيدة العقيلة .

عبادتها :

قلنا ان السيدة زينب بنت الامام علي (ع) كانت تشبه أباها علياً وأمها الزهراء بالعبادة ، كانت تؤدي النوافل كاملة في كل أوقاتها ، حتى ان الحسين (ع) عندما أوصاها ليلة العالشرة من المحرم فمن جملة وصاياه أن قال لها : اختاه يا زينب وأوصيك أن لاتنسيني في نافلة الليل كما ذكر ذلك الفاضل البيرجندي وهو مدون في كتب السير والمقاتل .
ولم تغفل عن نافلة الليل قط ، حتى ليلة العاشرة من

عقلية بني هاشم 14

المحرم فلقد جاءت الرواية عن فاطمة بنت الحسين (ع) قالت : أما عمتي زينب ، فانها لم تزل قائمة في تلك الليلة ـ أي ليلة عاشوراء ـ في محرابها تستغيث الى ربها ، والنساء ما هدأت لهن عين ولا سكنت لهن رنة .
كانت سلام الله عليها من القانتات العابدات ، اللواتي وقفن حركاتهن وسكناتهن وانفاسهن للباري تعالى ، وبذلك حصلن على المنازل الرفيعة ، والدرجات العالية ، التي حكت برفعتها منازل المرسلين ودرجات الأوصياء عليهم الصلاة والسلام (1) .

تهجدها وأدعيتها :

كانت عقيلة بني هاشم كثيرة العبادة والتهجد تصلي النوافل ولا زالت تتلو القرآن الكريم وملازمة له ولن يفتر لسانها عن ذكر الله قط تدعو الله بعد كل صلاة وتسبحهُ ، فمن أدعيتها التي كانت تقرأها بعد صلاتها وحال القنوت ، وقد أخذت هذه الأدعية عن جدها المصطفى وأبيها المرتضى وأمها الزهراء ، من الأدعية التي كانت زينب تدعو بها (2):

(1) هذه الجملة ، نقلناها من كتاب ـ زينب الكبرى ـ لأستاذنا الشيخ حعفر نقدي رحمه الله .
(2)ورد في بعض الأخبار ، من واظب على قراءة هذا الدعاء ، كفاه الله هموم دنياه ، وكان له نوراً في أخراه .
عقلية بني هاشم 15

« يا عماد من لا عماد له ، ويا ذخر من لا ذخر له ، ويا سند من لا سند له ، ويا حرز الضعفاء ، ويا كنز الفقراء ، ويا سميع الدعاء ، ويا مجيب دعوة المضطرين ، ويا كاشف السوء ويا عظيم الرجاء ، ويا منجي الغرقى ، ويا منقذ الهلكى ، يا محسن يا مجمل ، يا منعم يا مفضل ، أنت الذي سجد لك سواد الليل ، وضوء النهار ، وشعاع الشمس ، وحفيف الشجر ، ودوي الماء ، يا الله يا الله ، الذي لم يكن قبله ولا بعده ، ولانهاية ولاحد ، ولا كفؤ ولا ند ، بحرمة اسمك الذي في الآدميين معناه ، المرتدي بالكبرياء والنور والعظمة ، محقق الحقائق ومطل الشرك والبوائق ، وبالاسم الذي تدوم به الحياة الدائمة الأزلية ، التي لا موت معها ولا فناء ، وبالروح المقدسة الكريمة وبالسمع الحاضر النافذ ، وتاج الوقار ، وخاتم النيوة وتوثيق العهد ، ودار الحيوان ، وقصورالجمال ، يا الله ، لا شريك له » .
ومن الأدعية والتسبيحات التي كانت تواظب (ع) على قراءتها ، هو :
«سبحان من لبس العز وتردى به ، سبحان من تعطف بالمجد والكرم ، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلاله ، جل جلاله ، سبحان من أحصى كل شيء عدداً بعلمه وخلقه وقدرته ، سبحان ذي العزة والنعم ، اللهم إني اسألك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ،

عقلية بني هاشم 16

وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامات التي تمت صدقاً وعدلا ، أن تصلي على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ، وأن تجمع لي خير الدنيا والآخرة ، بعد عمر طويل ، اللهم أنت الحي القيوم أنت هديتني ، وأنت تطعمني وتسقيني ، وأنت تميتني وتحييني برحمتك يا أرحم الراحمين » .
ومن أدعية أبيها الذي كانت تدعو به بعد صلاة العشاء وهو :
« اللهم إني أسألك يا عالم الأمور الخفية ، ويا من الأرض بعزته مدحية ويامن الشمس والقمر بنور جلاله مشرقة مضيئه ، ويا مقبلاً على كل نفس مؤمنة زكية ، يا مسكن رعب الخائفين وأهل التقية ، يا من حوائج الخلق عنده مقضية ، يا من ليس له بواب ينادي ، ولا صاحب يغشى ، ولا وزير يؤتى ولا غير رب يدعى ، يا من لا يزداد على الإلحاح إلاكرما وجودا صلِّ على محمد وآل محمد واعطني سؤلي انك على كل شيء قدير » .
ومما كانت تناجي ربها به هذه الأبيات وهي من مناجاة أبيها أمير المؤمنين (ع) :
لك الحمد يا ذا الجود والمجد والعلى تباركت تعطي من تشاء وتمنع
إلهي وخلاقي وحرزي وموئلي اليك لدى الاعسار واليسر افزع

عقلية بني هاشم 17

إلهي جلت وجمت خطيئتي فعوفك عن ذنبي اجل وأوسع
ألهي لئن اعطيت نفسي سؤلها فها أنا في روض الندامة ارتع
إلهي ترى حالي وفقري وفاقتي وأنت مناجاتي الخفية تسمع
إلهي فلا تقطع رجائي ولا تزغ فؤادي فلي في سيب جودك مطمع
إلهي لئن خيبتني أو طردتني فمن ذا الذي أرجو ومن ذا اشفع
إلهي اجرني من عذابك انني أسير ذليل خائف لك اخضع
إلهي فآنسني بتلقين حجتي إذا كان لي في القبر مثوى ومضجع
إلهي أذقني طعم عفوك يوم لا بنون ولا مال هنالك ينفع
إلهي لئن لم ترعني كنت ضائعا وان كنت ترعاني فلست أضيع
إلهي إذا لم تعف عن غير محسن فمن لمسيء بالهوى يتمتع

عقلية بني هاشم 18

إلهي لئن فرطت في طلب التقى فها أنا أثر العفو اقفو واتبع
إلهي لئن اخطأت جهلا فطالما رجوتك حتى قيل ماهو يجزع
إلهي ذنوبي بذت الطود واعتلت وصفحك عن ذنبي اجل وارفع
إلهي ينحي ذكرك طولك لوعتي وذكر الخطايا العين مني يدمع
إلهي اقلني عثرتي وامح حوبتي فاني مقر خائف متضرع
إلهي انلني منك روحا وراحة فلست سوى أبواب فضلك أقرع
إلهي لئن اقصيتني أواهنتني فما حيلتي يا رب أم كيف اصنع
إلهي حليف الحب في الليل ساهر يناجي ويدعو والمغفل يهجع
إلهي وهذا الخلق ما بين نائم ومنتبه في ليله يتضرع
وكلهم يرجو نوالك راجيا لرحمتك العظمى وفي الخلد يطمع
إلهي يمنيني رجائي سلامة وقبح خطيئاتي علي يشنع

عقلية بني هاشم 19

إلهي فان تعفو فعفوك منقذي و'لا فبالذنب المدمر اصرع
إلهي بحق الهاشمي محمد وحرمة أطهار هم لك خضع
إلهي بحق المصطفى وابن عمه وحرمة أبرار هم لك خشع
إلهي فأنشرني على دين احمد منيبا تقيا قانتا لك اخضع
ولاتحرمي يا إلهي وسيدي شفاعته الكبرى فذاك المشفع
وصل عليهم ما دعاك موحد وناجاك اخيار ببابك ركع

وكانت لم تزل تلهج بهذه الأبيات وهي لأبيها (ع) :
وكم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذكي
وكم يسر أتى من بعد عسر وفرج كربة القلب الشجي
وكم أمر تساء به صباحا فتأتيك المسرة بالعشي
إذا ضاقت بك الأحوال يوما فثق بالواحد الفرد العلي
توسل بالنبي فكل خطب يهون إذا توسل بالنبي
ولا تجزع إذا ما ناب أمر فكم لله من لطف خفي

من غُررِ كلامها :

ذكر احمد بن أبي طاهر ـ طيقور ـ قال : كانت زينب

عقلية بني هاشم 20

بنت علي (ع) تقول : « من أراد أن لا يكون الخلق شفعاؤه إلى الله فليحمده ألم تسمع الى قولهم: سمع الله لمن حمده ، فخف الله لقدرته ، واستح منه لقربه منك ».

خطبتها في الكوفة :

حدث حذلم بن كثير ، قال : قدمت الكوفة في المحرم سنة احدى وستين ، عند منصرف علي بن الحسين (ع) والسبايا من كربلاء ومعهم الأجناد يحيطون بهم ، وقد خرج الناس للنظر اليهم ، فلما اقبل بهم على الجمال بغير وطاء ، خرجن نسوة أهل الكوفة يبكين وينشدن .
وذكر الجاحظ في ( البيان والتبيين ) عن خزيمة الأسدي ، قال : ورأيت نساء أهل الكوفة يومئذ قياما يندبن متهتكات الجيوب .
قال حذلم بن كثير : فسمعت علي بن الحسين (ع) يقول بصوت ضئيل صعيف ، وقد أنهكته العلة والجامعة في عنقه والغل في يديه ، ويداه مغلولتان الى عنقه : إن هؤلاء النسوة يبكين إذن فمن قتلنا ؟
قال : ورأيت زينب بنت علي (ع) ولم أر خفرة (1)أنطق منها كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (ع) .

(1) الخفر : بالتحريك شدة الحياء ، ومن قولهم : تخفرت المرأة اشتد حياؤها ـ لسان العرب.


الفهرس التالي التالي