العباس عليه السلام39

وفرح أبو طالب بهذه الحظوة من أبيه العطوف وراح يدخر لنفسه السعادة الخالدة بكفالة نبي الرحمة فقام بأمره وحماه في صغره بماله وجاهه من اليهود والعرب وقريش وكان يؤثره على أهله ونفسه وكيف لا يؤثره وهو يشاهد من ابن أخيه ولما يبلغ التاسعة من عمره هيكل القدس يملأ الدست هيبة ورجاحة ، أكثر ضحكة الابتسام ، ويأنس بالوحدة أكثر من الاجتماع .
وإذا وضع له الطعام والشراب لا يتناول منه شيئاً إلا قال بسم الله الأحد وإذا فرغ من الطعام حمد الله وأثنى عليه وان رصده في نومه شاهد النور يسطع من رأسه إلى عنان السماء(1) .
وكان يوماً معه بذي المجاز فعطش ابو طالب ولم يجد الماء فجاء النبي الى صخرة هناك ، وركلها برجله فنبع من تحتها الماء العذب(2) وزاد على ذلك توفر الطعام القليل في بيته حتى انه يكفي الجمع الكثير إذا تناول النبي منه شيئا(3) .
وهذا وحده كاف في الإذعان بأن أبا طالب كان على

(1) انظر مناقب ابن شهراشوب : ج 1 ص 36 ـ 37 المطبعة العلمية ـ بقم .
(2) السيرة الحلبية ج 1 ص 139 .
(3) المصدر السابق ج 1 ص 137 .
العباس عليه السلام40

يقين من نبوة ابن أخيه «محمد» صلى الله علـيه وآله . اضف الى ذلك قوله في خطبته لما أراد أن يزوجه من خديجـة «وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل»(1) وفي وصيته لقريش «إنّي أوصيكم بمحمد خيراً فانه الأمين في قريش والصديق في العرب وهو الجامع لكل ما أوصاكم به وقد جاء بأمر قبله الجنان(2) .
ولما جاء العباس بن عبد المطلب يخبره بتألب قريش على معادات الرسول قال له : ان أبي اخبرني ان الرسول على حق ولا يضره ما عليه قريش من المعادات له وان أبي كان يقرأ الكتب جميعاً وقال ان من صلبي نبياً لوددت أني أدركته فآمنت به فمن أدركه فليؤمن به(3) .
واستشهاده بكلمة أبيه القارئ للكتب مع أنه كان يقرؤها مثله يدلنا على تفننه في تنسيق القياس واقامة البرهان على صحة النبوة وان الواجب اعتناق شريعته الحقة .

(1) السيرة الحلبيةج 1 ص 165 .
(2) تاريخ الخميس ج 1 ص 339 وطراز المجالس للخفاجي ص 217 وثمرات الأوراق لابن حجة الحموي بهامش المستظرف ج 2 ص 10 وبلوغ الارب ج 1 ص 327 واسنى المطالب لزيني دحلان ص 5 .
(3) الحجة على الذاهب ص 65 .
العباس عليه السلام41

أما هو نفسه فعلى يقين من أن رسالة ابن أخيه خاتمة الرسل وهو أفضل من تقدمه قبل أن يشرق نور النبوة على وجه البسيطة . ولم تجهل لديه صفات النبي المبعوث وعلى هذا الأساس اخبر بعض أهل العلم من اللاحبار حينما أسر إليه بأن ابن أخيه محمد الروح الطيبة والنبي المطهر على لسان التوراة والانجيل فاستكتمه أبو طالب الحديث كي لا يفشوا الخبر ثم قال له : «ان أبي أخبرني انه النبي المبعوث وأمر ان استر ذلك لئلا يغرى به الاعادي» .
ولو لم يكن معتقداً صدق الدعوة لما قال لأخيه حمزة لما أظهر الاسلام(1) .
فصبـراً أبا يعلى على دين أحمد وكن مظهراً للدين وفقت صابرا
وحط من أتى بالدين من عند ربه بصدق وحق لا تكن حمز كافرا
فقد سـرنـي اذ قلت انك مؤمن فكن لرسول الله في الله نـاصرا
وناد قريشـاً بـالـذي قـد أتيته جهاراً وقل ما كان احمد ساحرا


(1) الحجة على الذاهب ص 71 .
العباس عليه السلام42

وقال راداً على قريش(1) :
ألم تعلموا أنا وجدنا محمداً نبياً كموسى خط في أول الكتب

وقال(2) :
وأمسى ابن عبد الله فينا مصدقا على سخط من قومنا غير معتب

وقال(3) :
أميـن محب في العباد مسوم بخاتـم رب قـاهـر للخـواتم
يرى الناس برهاناً عليه وهيبة وما جاهل في فعله مثـل عالم
نبي أتاه الوحي مـن عند ربه فمن قال لا يقرع بها سن نادم

ومما خاطب به النجاشي :
تعلم خيار الناس ان محمداً وزير لموسى والمسيح بن مريم


(1) خزانة الادب للبغدادي ج 1 ص 261 .
(2) الحجة على الذاهب ص 45 .
(3) شرح النهج الحديدي ج 3 ص 313 .
العباس عليه السلام43

أتى بالهدى مثل الذي اتيا به فكل بأمر الله يـهـدي ويعصم
وانكم تتلـونـه فـي كتابكم بصدق حديث لا حديث المترجم
فلا تجعلوا لله نـداً واسلموا فان طريق الحـق ليـس بمظلم

وقال(1) :
اذهب بُنيّ فما عليك غضاضة اذهب وقر بذاك منـك عيونا
والله لن يصلوا إليـك بجمعهم حتى أوسد فـي التراب دفينا
ودعوتني وعلمت انك ناصحي ولقد صدقت وكنت قبل أمينا
وذكرت دينـاً لا محـالة انه من خير أديان البـريـة دينا

وبعد هذه المصارحة هل يخالج أحداً الريب في إيمان أبي طالب وهل يجوز على من يقول : «أنا وجدنا محمداً كموسى نبياً» الا الاعتراف بنبوته والاقرار برسالته كالانبياء

(1) وذكرها جماعة كثيرة انظر ص 69 من الحجة على المذاهب .
العباس عليه السلام44

المتقدمين ؟ وهل يكون اقرار بالنبوة أبلغ من قوله : «فأمسى ابن عبد الله فينا مصدقاً» ؟ وهل فرق بين أن يقول المسلم أشهد أن لا إله إلا الله وبين أن يقول(1) :
وان كان أحمد قد جاءهم بصدق ولم يتهم بالكذب

أو يعترف الرجل بأن محمداً كموسى وعيسى جاء بالهدى والرشاد مثل ما أتيا به ثم يحكم عليه بالكفر ؟!
وهل هناك جملة يعبر بها عن الاسلام اصرح من قول المسلم :
«وذكرت ديناً لا محالة انه من خير اديان البرية دينا»

كلا ! ولو لم يعرف أبو طالب من ابن اخيه الصدق فيما اخبر به لما قال له بمحضر قريش ليريهم من فضله وهو به خبير وجنانه طامن : يا ابن أخي الله أرسلك ؟ قال : نعم . قال : ان للأنبياء معجزة وخرق عادة فأرنا آية قال صلى الله عليه وآله وسلم يا عم ادع تلك الشجرة وقل لها يقول لك محمد بن عبد الله اقبلي بإذن الله فدعاها أبو طالب فأقبلت

(1) شرح النهج ج 3 ص 309 .
العباس عليه السلام45

حتى سجدت بين يديه ثم أمرها بالانصراف فانصرفت فقال أبو طالب : أشهد أنك صادق ثم قال لابنه عليّ عليه السلام يا بنيّ الزمه(1) .
وقال يوماً لعلي ما هذا الذي أنت عليه ؟ قال يا أبة آمنت بالله ورسوله وصدقت بما جاء به ودخلت معه واتبعته . فقال أبو طالب : أما انه لا يدعك الا إلى خير فالزمه(2) .
وهل يجد الباحث بعد هذا كله ملتحداً عن الجزم بأن شيخ الأبطح كان معتنقاً للدين الحنيف ويكافح طواغيت قريش حتى بالإتمام مع النبي في صلابة وان أهمله فريق من المؤرخين رعاية لما هم عليه من حب الوقيعة في أبي طالب ورميه بالقذائف حنقاً على ولده (الإمام) الذي لم يتسنّ لهم أي غميزة فيه فتحاملوا على أمّه وأبيه إيذاءاً له واكثاراً لنظائر من يرومون اكباره واجلاله ممن سبق منهم الكفر وحيث لم يسعهم الحظ من كرامة النبي أو الوصي عمدوا الى أبويهما الكريمين فغزوا إليهما الطامات وربما ستروا ما يؤثر عنهما من الفضائل إيثاراً لما يروقهم اثباته .

(1) الحجة على الذاهب ص 25 .
(2) تاريخ الطبري ج 2 ص 214 والسيرة الحلبية ج 1 ص 306 .
العباس عليه السلام46

ويشهد لذلك ما ذكره بعض الكتاب عند ذكرى اسرى بدر فقال :
وكان من الاسرى عم النبي وعقيل ابن عمه (أخو عليّ)(1) .
فانه لو كان غرضه تعريف المأسور لكان في تعريف عقيل بأنه ابن عم النبي كفاية كما اكتفى في تعريف العباس بأنه عم النبي ولم يحتج ان يكتب بين قوسين (أخو علي) وأنت تعرف المراد من ذكر هذه الكلمة بين قوسين والى أي شيء يرمز بها الكاتب ولكن فاته الغرض وهيهات الذي أراد ففشل .
ثم جاء فريق آخر من المؤرخين يحسبون حصر المصادر في ذوي الاغراض المستهدفة وان ما جاءوا به حقائق راهنة فاقتصر على مروياتهم مما دب ودرج وفيها الخرافات وما أوحته إليهم الاهواء والنوايا السيئة ومن هنا اهملت حقائق ورويت أباطيل .
فعزوا الى أبي طالب قوله «اني لا أحب أن تعلوني استي»(2) .

(1) تاريخ الامة العربية ص 84 مطبعة الحكومة : بغداد 1939 .
(2) السيرة الحلبية ج 1 ص 306 .
العباس عليه السلام47

ثم رووا عنه انه قال لرسول الله : ما هذا الدين ؟ قال رسول الله : دين الله ودين ملائكته ورسله ودين أبينا إبراهيم بعثني الله به الى العباد وأنت احق من دعوته الى الهدى واحق من اجابني .
فقال أبو طالب اني لا استطيع أن افارق ديني ودين آبائي والله لا يخلص إليك من قريش شيء يكرهه ما حييت(1) .
فحسبوا من هذا الكلام ان أبا طالب ممن يعبد الاوثان ، كيف وهو على التوحيد أدل . وجوابه هذا من أنفس التورية وأبلغ المحاورة فان مراده من قوله لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عقيب قوله : أنت احق من دعوته : «اني لا أستطيع أن أفارق ديني ودين آبائي» الاعتراف بإيمانه وانه باق على الملة البيضاء وحنيفية ابراهيم الخليل الذي هو دين الحق والهدى وهو دينه ودين آبائه ثم زاد ابو طالب في تطمين النبي بالمدافعة عنه مهما كان باقياً في الدنيا .
نعم من لا خبرة له بأساليب الكلام وخواص التورية يحسب ان أبا طالب أراد بقوله اني لا أفارق ديني الخ ..

(1) تاريخ الطبري ج 2 ص 213 وابن الاثير ج 2 ص 21 .
العباس عليه السلام48

الخضوع للاصنام فصفق طرباً واختال مرحاً .
وجاء الآخر يعتذر عنه بأنه كان يراعي بقوله هذا الموافقة لقريش ليتمكن من كلاءة النبي وتمشية دعوته .
نحن لا ننكر ان شيخ الأبطح كان يلاحظ شيئاً من ذلك ويروقه مداراة القوم فيما يمس بكرامة الرسول للحصول على غايته الثمينة لكنا لا نصافقهم في كل ما يقولون من انسلاله عن الدين الحنيف انسلالاً باتاً فانه خلاف الثابت من سيرته حتى عنده رواة تلكم المخزيات ومهملي الحقائق الناصعة حذراً عما لا يلائم خطتهم فلقد كان يراغم اولئك الطواغيت بما هو أعظم من التظاهر بالايمان والإئتمام بالصلاة مع النبي .
وان شعره الطافح بذكر النبوة والتصديق بها سرت به الركبان وكذلك أعماله الناجعة حول دعوة الرسالة :
ولولا أبو طالب وابنه لما مثل الدين شخصاً فقاما
فذاك بمكة آوى وحاما وهـذا بيثرب جس الحماما
تكفل عبد منـاف بأمر وأودى فكـان علـي تماما


العباس عليه السلام49

فللـه ذا فـاتـح للهـدى ولله ذا للمعـالـي ختـاما
وما ضر مجد أبي طالب عدو لغى أو جهول تعامى

وأمّا أمير المؤمنين فيخرس البليغ عن أن يأتي على صفاته ويقف الكاتب متردداً وما عساه أن يقول فيمن قال فيه أبوه أبو طالب لما فزعت قريش إليه ليلة ولادة أمير المؤمنين إذا أبصروا عجائب لم يروها ولم يسمعوا بها :
«أيها الناس سيظهر في هذه الليلة ولي من أولياء الله يكمل فيه خصال الخير ويتم به الوصيين وهو إمام المتقين وناصر الدين وقامع المشركين وغيظ المنافقين وزين العابدين ووصي رسول رب العالمين إمام هدى ونجم علا ومصباح دجىً ومبيد الشرك والشبهات وهو نفس اليقين» .
ولم يزل يكرر هذا القول وهو يتخلل سكك مكة وأسواقها حتى أصبح(1)

(1) روضة الواعظين ص 69 .
العباس عليه السلام50

ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ضربة عليّ عمرو بن ود تعدل عبادة الثقلين» وقال يوم الخيبر : «لاعطيّن الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح فأعطاها لعلي عليه السلام وكان الفتح على يده»(1) .
وبعد هذا فلنقف عن الاتيان بما أودع الله فيه من نفسيات وغرائز شكرها له الاسلام نعم يجب أن نلفت القارئ الى شيء أكثر البحث في رواة الحديث وهو الاسلام حال الصغر وترددت الكلمة في الجوامع وتضاربت فيها الاقوال ولا يهمنا اطالة القول فيها .
«1» فانا لا نقول ان أمير المؤمنين أول من آمن وان كان هو أول من وافق الرسول على مبدأ الاسلام لما صدع بالامر ولكنا نقول متى «كفر» عليّ حتى يؤمن وانما كان هو وصاحب الدعوة الالهية عارفين بالدين وتعاليمه متعنقين له منذ كيانهما في عالم الانوار قبل خلق الخلق غير ان ذلك العالم مبدأ الفيض الاقدس ووجودهما الخارجي مجراه فمحمد نبي وعليّ وصيّ وآدم بين الماء والطين صلى الله عليهم اجمعين .

(1) الطبري ج 3 ص 93 وابن الاثير ج 2 ص 83 .
العباس عليه السلام51

«2» على ان نبيّ الإسلام وهو العارف بأحكامه والذي خطط لنا التكاليف قبل اسلام ابن عمه وانجز له جميع ما وعده به من الاخوة والوصاية والخلافة يوم أجاب دعوته ووازره على هذا الامر وقد احجم عنه عندما نزلت آية : «وأنذر عشيرتك الأقربين»(1) .
وهل ترى ان النبي كان يومئذ يجد في شريعته عدم الجدوى بإسلام مثل علي لصغره الا انه حاباه ، كلا وحاشا ... ! وانما قابله بكل ترحيب وخوله ما لا يخول أحداً صحة اسلامه عنده بحيث كان على أساس رصين فاتخذه ردءاً كمن اعتنق الدين عن قلب شاعر ولب راجح وعقلية ناضجة يغتنم بذلك محاماته ومرضاة أبيه في المستقبل :
واذا اكبرنا النبي الأعظم عن كل مداهنة ومصانعة فلا نجد مسرحاً في المقام لأي مقال الا ان نقول ان اسلام علي كان عن بصيرة وثبات مقبول عند الله ورسوله وكان ممدوحاً منهما عليه .

(1) نص الرسول على الخلافة ذكره الطبري في تاريخه ج 2 ص 216 وابن الأثير في الكامل ج 2ص 24 وأبو الفدا في المختصر ج 1 ص 116 وفي شرح النهج ج 3 ص 254 وفي تاريخ التمدن الاسلامي ج 1 ص 31 وفي حياة محمد ص 104 طبعة أولى .
العباس عليه السلام52

كما تمدح بذلك أمير المؤمنين غير مرة وهو اعرف الامة بتعاليم الدين بعد النبي الكريم فقال : «أنا الصدّيق الأكبر لا يقولها بعدي الا كاذب مفتر ، صلّيت مع رسول الله قبل الناس بسبع سنين»(1) .
وقال له رسول الله أنت أول المؤمنين إيماناً وإسلاماً ، كما مدحته الصحابة بذلك وهم أبصر من غيرهم يوم كانوا يغترفون من مستقى العلم ومنبع الدين .
وعلى هذا الاساس تظافر الثناء عليه من العلماء والمؤلفين والشعراء وسائر طبقات الامة بأنه أول من أسلم ، لكن هناك ضالع في سيره حسب شيئاً فخانته هاجسته وهوى الى مدحره الباطل فقال أن علياً أسلم وهو صغير ، يريد بذلك الحطّ من مقامه وليس هناك .
«3» ولو تنازلنا عن جميع ذلك فمن أين علمنا أن اشتراط البلوغ في التكليف كان مشروعاً في أول البعثة فلعله كبقية الاحكام التدريجية نزل به الوحي فيما بعد ولقد حكى الخفاجي في شرح الشفا ج 3 ص 125 في باب دعاء النبي على صبي عن البرهان الحلبي والسبكي ان اشتراط الاحكام

(1) الطبري ج 2 ص 212 .
العباس عليه السلام53

بالبلوغ انما كان بعد واقعة أحد وعن غيرهما انه بعد الهجرة وفي السيرة الحلبية ج 1 ص 304 ان الصبيان يومئذ مكلفون وانما رفع القلم عن الصبي عام خيبر وعن البيهقي ان الاحكام انما تعلقت بالبلوغ في عام الخندق أو الحديبية وكانت قبل ذلك منوطة بالتمييز .
«4» على أنّا معاشر الامامية نعتقد في أئمة الدين بأنهم حاملون اعباء الحجة متحلون بحلى الفضائل كلها منذ الولادة كما بعث عيسى في المهد نبياً واوتي الحكم يحيى صبياً غير انهم بين مأمور بالكلام أو مأمور بالسكوت حتى يأتي أوانه فلهم أحكام خاصة غير احكام الرعية ومن أقلها قبول اجابة الدعوة ونحوها فاذن لا مساغ لأي أحد البحث في المسألة .
هذه هي السلسلة الذهبية التي تحلّى بها أبو الفضل وهي «آباؤه الأكارم» وقد اتحد مع كل حلقة منها الجوهر الفرد لاثارة الفضائل فما منهم الا من اخذ بعضادتي الشرف وملك ازمة المجد والخطر قد ضم الى طيب المحتد عظمة الزعامة والى طهارة العنصر نزاهة الايمان فلا ترى أياً منهم الا منار هدى وبحر ندى ومثال تقى وداعية الى التوحيد والى بسالة وبطولة واباء وشمم وهم الذين عرقوا في سيدنا العباس عليه السلام هذه الفضائل كلها وان كان القلم يقف عند انتهاء

العباس عليه السلام54

السلسلة الى أمير المؤمنين فلا يدري اليراع ما يخط من صفات الجلال والجمال وانه كيف عرقها في ولده المحبوب «قمر الهاشميين» .

السابق السابق الفهرس التالي التالي