أحكام المرأة والأسرة 75

الحجر

1 ـ الصغير محجور عليه شرعاً ، بمعنى أنّه لا تنفذ تصرّفاته الاستقلاليّة في أمواله ، كالبيع والصلح والهبة والقرض والإجارة والعارية ، ويستثنى من ذلك ما يتصدّى له الصبيّ مما جرت عليه العادة كالخيرات العامة والمبرّات.
2 ـ لا يصح الاقتراض من المحجور عليه ، ولا البيع والشراء في الذمّة بالنسيئة ـ أي استلام البضاعة وتأجيل الثمن أو بالعكس ـ وإن كان وقت الأداء مصادفاً لزمان البلوغ.
ولا يصح منه التزويج ولا الطلاق ، نعم يجوز حيازته المباحات كالاحتطاب ونحوه ، ويكون ملكه بالنية ، وكذلك يملك الجعالة وإن لم يأذن له الولي. والجعالة هي: ما يجعل له مقابل عمل معيّن كما إذا وجد ضالةً لأحد.
3 ـ الصغير: هو الذي لم يبلغ حدّ البلوغ شرعاً ، وهو إكمال تسع سنين هلاليّة للأنثى ، أمّا في الذكر فيتحقّق البلوغ بأحد الأُمور الثلاثة ، وهي:
الأول: نبات الشعر الخشن على العانة ، ولا عبرة في غير الشعر الخشن.
الثاني: خروج المني ، سواء في النوم أم اليقظة ، بالاحتلام أو بالجماع أو غير ذلك.
الثالث: إكمال خمس عشرة سنة هلاليّة على المشهور.
4 ـ ترد تغيّرات على الصبيّ كنبات الشعر الخشن في الخد أو الشارب ، فهي أيضاً من علامات البلوغ ، وأمّا نبات الشعر في الصدر وتحت الابط وكذا غلظة الصوت فليس من علامات البلوغ.
5 ـ الصغير محجور عليه لا يتمكّن من التصرّف في المال ، حتى يتبيّن الرشد

أحكام المرأة والأسرة 76

منه ، ولا يكفي البلوغ في عدم الحجر.
6 ـ الولاية في مال الطفل والنظر في مصالحه وشؤونه قبل بلوغه ورشده للأب والجد للأب ، فإذا فقدا فللقيّم الذي ولاّه أحدهما أو أوصى إليه ، وإذا فقد الوصي فالولاية للحاكم الشرعي. وأمّا الجد للأُمّ وكذلك الأُمّ والأخ والأعمام والأخوال فلا ولاية لهم عليه ، ويكون حالهم حال العدول من المؤمنين مع فقد الحاكم ، فيرجع إليهم عند فقد الحاكم الشرعي.
7 ـ لا تشترط العدالة في ولاية الأب والجد ، ولكن متى ما ظهر للحاكم ولو بقرائن الأحوال تعدّيهما على حقوق الطفل في نفسه أو ماله منعهما.
8 ـ الأب والجدّ مشتركان في الولاية ، فينفذ تصرّف السابق منهما ويلغى تصرّف اللاحق ، ولو اقترنا فالأقوى بطلانهما ، إلاّ في عقد النكاح فيُقدّم عقد الجد.
9 ـ لا فرق في الجدّ بين القريب والبعيد ، فلو كان له أب وجدّ الجدّ اشتركوا كلّهم في الولاية.
10 ـ يجوز للولي المضاربة بمال الطفل وتبديله إلى البضاعة ، بشرط وثاقة العامل وأمانته ، فإن دفعه إلى غيره ضمن.
11 ـ يجوز للولي تسليم الصبيّ إلى أمين يعلّمه الصنعة ، أو إلى من يعلّمه القراءة والخطّ والحساب ، والعلوم النافعة لدينه ودنياه. ويلزم عليه أن يصونه عما يؤدّي إلى فساد أخلاقه فضلا عما يضرّ بعقائده.
12 ـ لو مات والد الطفل فيجوز للولي أن يجمعه مع عائلته ، ويحسبه كأحدهم ، فيوزّع المصارف عليهم على الرؤوس ، ويُشركه معهم في المصارف التي يتشاركون فيها عادةً لا التي تنفرد بشخص دون آخر ، والأمور المشتركة كالمأكل والمشرب والمسكن وما يُعدّ مشتركاً عرفاً ، وأمّا الكسوة فلا بدّ أن ينفرد بها ولا تأخذ

أحكام المرأة والأسرة 77

إلاّ ممّا يصرف عليه مستقلاّ ، وكذلك لو تعدّد اليتامى فيجوز لمن يتولّى الإنفاق عليهم أن يخلطهم مع أفراد عائلته ، ويوزّع المصارف على الرؤوس بما هو من قبيل المأكول والمشروب دون غيره.
13 ـ لو كان الصغير يطلب غيره مالا ، جاز للولي أن يصالحه عنه ببعض المال مع المصلحة ، ولا يحلّ للمتصالح باقي المال ، وليس للولي إسقاطه بحال من الأحوال.
14 ـ إذا ادّعى وليّ الطفل الإنفاق عليه بالمقدار اللائق به ، وأنكر بعد بلوغه أصل الإنفاق أو مقداره وكيفيّة الإنفاق فالقول قول الولي بيمينه ، إلاّ إذا كان قوله مخالفاً للظاهر ، ولو كان للصبيّ بيّنة فيقدّم قوله.
15 ـ لا يصح زواج السفيه: وهو الذي ليس له قدرة تبعثه على حفظ ماله والاعتناء بحاله فيتلفه في غير محلّه ، والذي لا يبالي بالانخداع في المعاملة فهو خارج عن طور العقلاء وسلوكهم ، فمثل هذا الفرد لا يتزوّج إلاّ بإذن الولي ، ولكنّه يتمكّن من الطلاق ويصحّ ظهاره وخلعه.
16 ـ لو احتمل الولي حصول الرشد للصبيّ قبل البلوغ فالأحوط أن يَختبر حاله قبله; ليسلم إليه ماله بمجرد بلوغه لو اُنس منه الرشد ، وإن ادّعى الصبيّ حصول الرشد واحتمله الولي وجب اختبار حاله ، ولا يجب الاختبار مع عدم الادّعاء.
17 ـ الطريقة التي يثبت بها الرشد للرجال هي شهادة الرجال ، وأمّا في النساء فلا يثبت إلاّ بشهادة الرجال ، ويوجد إشكال في ثبوت رشد النساء بشهادة رجل وامرأتين أو بشهادة نساء منفردات.

أحكام المرأة والأسرة 78

الضمان

1 ـ الضمان: هو التعهّد بمال لشخص آخر ، ويقع على نحوين:
الأوّل: نقل الدّين من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن للمضمون له.
الثاني: التزام الضامن للمضمون له بأداء مال إليه ، فالنتيجة هنا وجوب الأداء عليه تكليفاً.
والفرق بين النحوين هو أنّ في الأوّل يجب الأداء على الضامن ولو مات يُخرج من تركته ، وفي الثاني لا يجب الإخراج من تركته.
2 ـ يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية ، وأمّا النفقات الآتية فلا يصح التعهّد بها إلاّ على النحو الثاني من الضمان ، وهو الالتزام للمضمون بأداء المال إليه ، وكذلك لا يصح ضمان نفقة الأقارب إلاّ على هذا النحو.


الإقرار

1 ـ لو أقرّ شخص بزواجه من إمرأة ولم تصدّقه نفذ إقراره بالنسبة إلى حرمة تزويجه من أُمّها مثلا ، لكن لا يجب عليها تمكينه من نفسها; لأن الإقرار يثبت فيما يتعلق بالمقرّ نفسه.
2 ـ إذا كان للميت ولدان وأقرّ أحدهما بولد آخر له وأنكر الثاني ذلك ، لم يثبت نسب المقرّ به ، فيأخذ المنكر ـ الثاني ـ نصف التركة ويأخذ المقرّ ثلثها.
3 ـ إذا كانت للميت زوجة وإخوة مثلا ، وأقرّت الزوجة بولد لذلك الميت ، فإن صدّق الإخوة قولها كان ثمن التركة للزوجة والباقي للولد ، وإن لم يصدّقوها أخذت الإخوة ثلاثة أرباع التركة ، وأخذت الزوجة ثُمنها ، والباقي وهو الثُمن للمقرّ به.
4 ـ لو مات صبيّ مجهول النسب ، فأقرّ إنسان بأنّه إبن له ، فيوجد إشكال في

أحكام المرأة والأسرة 79

استحقاق ميراثه للمقرّ.
5 ـ لو أقرّ جميع الورثة بدين على الميت أو بشيء من ماله للغير كان مقبولا; لأنّه كإقرار الميت ، ولو أقرّ بعضهم وأنكر البعض ـ كأن أقرّ إثنان وكانا عدلين ـ ثبت الدين على الميت أيضاً.


الوكالة

1 ـ تصح الوكالة في النكاح إيجاباً وقبولا ، وكذلك في الطلاق.
2 ـ يجوز أن يوكّل عنه شخصاً في الطلاق ، سواء كان الزوج حاضراً أم غائباً ، وكذلك يجوز توكيل الزوجة بأن تطلّق نفسه بنفسها ، أو توكّل أحداً عن زوجها أو عن نفسها.
3 ـ لو زوّجه فأنكر الموكِّل الوكالة حلف وعلى الوكيل نصف المهر ، وعلى الموكِّل إن كان كاذباً في إنكاره الزوجيّة طلاقها ، ولو لم يفعل وقد علمت الزوجة بكذبه رفعت أمرها إلى الحاكم ليطلّقها.


الهبة

1 ـ يتمكن الأب والجدّ أن يهب عن الصغير والمجنون إذا بلغ وهو على الجنون.
2 ـ إذا تمّت الهبة وحصل القبض فإن كانت لذي رحم كالأب أو الأُمّ أو الولد لم يكن للواهب الرجوع في هبته ، ولا تلحق الزوجة وكذلك الزوج بالرحم.
3 ـ يستحب العطيّة للأرحام الذين أمر الله تعالى أكيداً بصلتهم ونهى شديداً

أحكام المرأة والأسرة 80

عن قطيعتهم ، فقد روي عن الإمام الباقر(عليه السلام) في كتاب علي(عليه السلام): "ثلاث لايموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن: البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها. وإنّ أعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم ، وأنّ القوم ليكونون فجّاراً فيتواصلون فتنمّى أموالهم ويثرون ، وأنّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع(1) من أهلها وتنقل الرحم ، وإنّ نقل الرحم انقطاع النسل"(2).
ولا يخفى التأكيد الوارد في كلمات أهل البيت(عليهم السلام) على صلة الوالدين وبرّهما ، ومنها: ما روي عن الصادق(عليه السلام): "أن رجلا أتى النبي(صلى الله عليه وآله) فقال: أوصني ، قال(صلى الله عليه وآله): لا تشرك بالله شيئاً وإن اُحرقت بالنار وعذّبت إلاّ وقلبك مطمئن بالإيمان ، ووالديك فأطعهما ، وبرّهما حيّين كانا أو ميّتين ، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فإن ذلك من الإيمان"(3).
وآكد من ذلك ما روى في برّ الأُمّ وصلتها ، فقد روي عن الصادق(عليه السلام)أنّه جاء رجل إلى النبيّ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله من أبرّ ؟ قال : " أُمك " ، قال : ثمّ من ؟ قال: " أمك " ، قال : ثمّ من ؟ قال: " أمك " ، قال : ثمّ من ؟ قال: " أباك "(4).
4 ـ يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطيّة على كراهيّة ، وربما يحرم إذا كان سبباً لإثارة الفتنة والشحناء والبغضاء المؤدّية إلى الفساد ، ولكن يكون التفضيل لبعضهم أفضل إذا كان له أولويّة موجبة لذلك.

(1) البلاقع ، جمع بلقع: وهي الأرض القفر التي لا شيء بها ، يقال: منزل بلقع ودار بلقع. الصحاح 3:1188 "بلقع".
(2) وسائل الشيعة 21:493 ، الحديث 1.
(3) وسائل الشيعة 21:489 ، الحديث 4.
(4) وسائل الشيعة 21:491 ، الحديث 1.
أحكام المرأة والأسرة 81

الوصيّة

1 ـ يُشترط في وصيّة الصبيّ أن يبلغ عشر سنين ، وتنفذ في الخيرات والمبرّات لأرحامه وأقربائه ، وأمّا الغرباء فيوجد إشكال في نفوذ وصيّته لهم ، وكذلك في نفوذ وصيّة البالغ سبع سنين في الشيء القليل ، فلا بدّ من رعاية مقتضى الاحتياط فيهما(1).
2 ـ إذا نصّب المجتهد قيّماً على الأطفال فهل تبطل الوصية بموته أو لا؟ لا يخلو عن إشكال فلا يترك الاحتياط(2).
3 ـ لو أوصى وصيّةً تمليكيّة(3) لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال ولكنّه جعل أمره إلى غير الأب والجدّ والحاكم ، فلا يصحّ هذا الجعل ، بل يكون أمر ذلك المال للأب والجدّ مع وجودها وللحاكم مع فقدهما ، ولكن لو أوصى أن يبقى المال بيد الوصي حتى يبلغ الصبيّ صح تمليكه أيَّاه ، وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليه من دون أن يملّكه إياه بشرط أن لا ينافي حقّي الحضانة والولاية.
4 ـ يجوز للأب والجدّ أن يجعلا القيمومة لفردين أو أكثر على الأطفال ، وكذلك يجوز لهم أن يجعلا شخصاً مشرفاً وناظراً على القيّم.
5 ـ لو أوصى بالوصيّة العهديّة ـ وهي تولّي أُموره بعد وفاته ـ بأن يُعطى من ماله شيء لأحفاده الذين لم يولدوا بعد ، إذا كان يتوقّع وجودهم في المستقبل ،

(1) أي في عطيّة الصبيّ البالغ عشر سنين إذا كانت لغير أقربائه ، والصبيّ البالغ سبع سنين حتى لو كانت العطية شيئاً قليلا سواء كانت للأقرباء أو للغرباء.
(2) الاحتياط هنا وجوبي.
(3) سيأتي بيان معنى الوصية التمليكيّة.
أحكام المرأة والأسرة 82

صحت هذه الوصية; لأنّ الوصيّة العهديّة لا يشترط فيها وجود الموصى له ، فإن وجدوا في ظرف الإعطاء اُعطي لهم ، وإلاّ كان ميراثاً لورثة الموصي إن لم تكن هناك قرينة على كونها من باب تعدّد المطلوب (بأن تكون وصيّته في وجوه البرّ وكونه لأرحامه) وإلاّ صرف فيما هو الأقرب إلى نظر الموصي من وجوه البرّ.
6 ـ يشترط في الوصيّ أن يكون بالغاً على المشهور ، فلا تصح الوصاية إلى الصبيّ منفرداً إذا أُريد من الوصاية التصرّف في حال صباه قبل بلوغه مستقلاّ ، ولكنّه لا يخلو عن إشكال ، فلو أوصى إليه كذلك(1) فالأحوط أن يكون تصرّفه بإذن الحاكم الشرعي.
7 ـ تجوز الوصاية إلى المرأة وإلى الأعمى والوارث ، وإذا أوصى إلى صبيّ وبالغ فمات هذا الصبيّ قبل البلوغ ، أو أنّه بلغ وهو على الجنون ففي جواز انفراد البالغ بالوصيّة قولان ، أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضمّ إلى البالغ فرداً آخر ، إلاّ إذا كانت هناك قرينة على إرادة الموصي انفراد البالغ بالوصاية في هذه الصورتين(2).
8 ـ تختصّ الوصيّة التمليكيّة ـ وهي أن يجعل شيئاً ممّا له من مال أو حقّ لغيره بعد وفاته ـ بأنّها تثبت بشهادة النساء منفردات ، فيثبت ربع الوصية بشهادة مسلمة عادلة ، ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين ، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات ، وجميعها بشهادة أربع مسلمات عادلات مع عدم الحاجة إلى

(1) أي لو كانت الوصاية للصبيّ بتصرفه في المال ـ حال صباه ـ منفرداً ومستقلاّ بدون إشراف شخص عاقل بالغ قادر على التصرّف وعارف بموازينه ، فلا بدّ أن يأذن الحاكم الشرعي في ذلك حتى تكون الوصية نافذة وصحيحة.
(2) أي في صورة موت الصبي قبل بلوغه ، أو في كونه قد بلغ وهو مجنون.
أحكام المرأة والأسرة 83

اليمين ، والوصية العهديّة تثبت بشهادة عدلين من الرجال ، ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات أو منضمّات إلى الرجال.


الوقف

1 ـ يجوز للزوج أن يوصي بتحبيس ثلث بستانه على زوجته حتى تنتفع من وارده مدّة حياتها بشرط أن يعود الثلث بعد وفاة الزوجة إلى ورثة الزوج(1).
2 ـ إذا وقّف على أولاده الصّغار وأولاد أولاده وكانت العين الموقوفة في يده ، كفى ذلك في تحقّق القبض ، وأمّا إذا كانت العين في يد غير الواقف فلا بدّ من أخذها منه ليتحقّق قبض الولي.
3 ـ يشترط في الواقف البلوغ ، لكن لو أوصى الصبيّ بأن يوقّف ملكه بعد وفاته على وجوه الخير أو المبرّة لأرحامه وأقربائه وكان قد بلغ عشراً نفذت وصيّته.
4 ـ إذا وقّف على المؤمنين اختُص الوقف بمن كان مؤمناً في اعتقاد الواقف ، ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء والأطفال ، فلو كان الواقف اثني عشريّاً اختُص الوقف بالاثني عشريّة.
5 ـ إذا وقّف على إخوته فيشترك إخوته فيه بالسويّة ، سواء كانوا إخوة للأبوين أو إخوة للأب فقط ، أو الأُمّ فقط ، وكذلك إذا وقّف على أجداده أو أعمامه أو أخواله ، وأمّا الإخوة فلا يشمل أولادهم وكذلك الأخوات.
6 ـ إذا وقّف شيئاً على أبنائه لم تدخل البنات في جملة الأبناء ، ولكن إذا وقّف على الذريّة دخل الذكر والأُنثى ، والصلبي وغيره في الوقف.

(1) الفتاوى الميسّرة: 356.
أحكام المرأة والأسرة 84

7 ـ إذا قال: (هذا وقف على أولادي ما تعاقبوا وتناسلوا) أي على جميع عقبهم وكلّ من كان من نسلهم ، فيشترك الجميع في الوقف بدون تقدّم واحد على الآخر.
وأمّا إذا قال: (هذا وقف على أولادي نسلا بعد نسل ، فلا بدّ من الترتيب ، فيكون التصرّف حقّاً لمن هو أوّل في النسل.
8 ـ الوقف حسب ما يقفه أهله ، فلو جعله الواقف ترتيبيّاً فهو كذلك ، فإذا جعل الترتيب بين الطبقة السابقة والطبقة اللاحقة ، يراعى الأقرب فالأقرب إلى الواقف ، فلا يشارك الولد أباه ، ولا ابن الأخ عمّته أو عمّه ، ولا ابن الاُخت خالته أو خاله.
9 ـ لو قال الواقف: (وقّفت على أولادي طبقة بعد طبقة ، وإذا مات أحدهم وكان له ولد فنصيبه لولده) فلو مات وكان له أكثر من ولد قُسّم النصيب على الرؤوس ، وإذا مات ولم يكن له ولد فنصيبه لمن كان في طبقته.
10 ـ إذا قال الواقف: (هذا وقف على أولادي ، فإذا انقرض أولادي وأولادهم فهو على الفقراء) فهو وقف على أولاده الذين من صلبه وغيرهم. ولو قال: (هذه الدار وقف على أولادي) جاز لهم الانتفاع بها بغير السكن ، كأُجرتها إلى أحد وتقسيم الأُجرة عليهم ، وإذا عيّن وقف الدار بشرط السكنى فيها فلا يجوز أن يؤجّرها ، وإن لم تسع لسكناهم قسّموها بينهم يوماً فيوماً أو شهراً فشهراً أو سنة فسنة.
11 ـ إذا أوقف شيئاً على إخوته نسلا بعد نسل ، فيشمل الوقف الذكور والإناث ، ولو عيّن الوقف على الذكور فلا يشمل الإناث.

أحكام المرأة والأسرة 85

الصدقة

1 ـ وهي من الأُمور التي تواترت فيها الأحاديث ، فبها ينزل الرزق ، وبها يُشفى المريض ، وبها يُدفع البلاء. ويعتبر فيها البلوغ ، فيوجد إشكال في صحة الصدقة من الصبيّ البالغ عشراً.
ولو دار الأمر بين الصدقة وبين التوسعة على العيال ، فالتوسعة على العيال أفضل من الصدقة.

أحكام المرأة والأسرة 86


كتاب النكاح


النكاح من المستحبات التي أُكّد عليها في كلام أهل البيت(عليهم السلام) ، وورد أيضاً الذمّ على تركه ، ووصف بأنّه نصف الدين ، وأنّه "ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله"(1).
وحرصاً من الشريعة السمحاء على هذه المسألة المهمة ، نظر المعصومون(عليهم السلام)إلى الصفات التي لا بدّ أن تتوفّر في الزوجة التي يريد الرجل أن يختارها وكذلك العكس.
فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: "اختاروا لنطفكم ، فإنّ الخال أحد الضجيعين"(2).
وعن الصادق(عليه السلام) حيث قال له أحد أصحابه قد هممت أن أتزوج ، فقال(عليه السلام): "اُنظر أين تضع نفسك ، ومن تشركه في مالك ، وتطلعه على دينك وسرّك ، فإن كنت لا بدّ فاعلا فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق"(3).
وكما ينبغي للرجل أن يهتم بصفات المرأة التي يريد الزواج منها ، فلا بدّ أن

(1) وسائل الشيعة 20:40 ، الحديث 10.
(2) وسائل الشيعة 20:47 ، الحديث 2.
(3) وسائل الشيعة 20:27 ، الحديث 1.
أحكام المرأة والأسرة 87

تهتمّ المرأة ـ أيضاً ـ بصفات الرجل الذي تريد أن تجعله شريكاً لها في حياتها ، وهذا دليل على اهتمام الشريعة بالمرأة واحترام شخصيّتها وحفظ كرامتها ، لذا فقد ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: "من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها"(1). وجاء عن رسول(صلى الله عليه وآله)قال: "النّكاح رقّ ، فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقّها ، فلينظر أحدكم لمن يرقّ كريمته"(2)
1 ـ يستحب لمن أراد التزويج أن يصلّي ركعتين ويدعو ويقول: "اللهمّ إنّي أريد أن أتزوج اللّهم فأقدر لي من النساء أعفّهنّ فرجاً ، وأحفظهنّ لي في نفسها وفي مالي ، وأوسعهنّ رزقاً ، وأعظمهنّ بركة"(3).
ويستحب أيضاً أن يُشهد على العقد وأن يعلن به ، ويستحب الخطبة ، وتشتمل الخطبة على التحميد ، والصلاة على النبي(صلى الله عليه وآله) والأئمة(عليهم السلام) والشهادتين ، والوصيّة بالتقوى ، والدعاء للزوجين ، ويكفي أن يقول: الحمد لله ، والصلاة على محمّد وآله(صلى الله عليه وآله).
ويكره إيقاع العقد والقمر في برج العقرب ، وإيقاعه في محاقّ الشهر.
2 ـ لا بدّ من النظر في حال الخطّاب ، فإذا كان ممّن يرضى خلقه ودينه فلا يردّ ، وهو ما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
3 ـ يكره الخلوة بالزوجة في حضور الأطفال ، فينظرون إليهما ، هذا إذا لم يكن مستلزماً للحرمة كالنظر إلى العورة فيكون محرّماً.

(1) وسائل الشيعة 20:27 الحديث 1.
(2) وسائل الشيعة 20:79 ، الحديث 8.
(3) وسائل الشيعة 20:113 ، الحديث 1.
أحكام المرأة والأسرة 88

4 ـ يستحب التوسّط للتزويج والشفاعة في هذا الأمر لاسيما إرضاء الطرفين به.
5 ـ لو عقد على صبّية لم تبلغ تسع سنين فلا يجوز أن يطأها ، ولو فعل ذلك ولم يفضّ بكارتها فليس عليه إلاّ الإثم ، أمّا لو أفضّها فتجب عليه ديّة الإفضاء ، ولم يحرم عليه وطؤها لاسيما إذا اندمل الجرح بعلاج أو بغيره ، وتجري عليها أحكام الزوجة من التوارث وحرمة زواج الأخت وغير ذلك ، وكذلك تجب عليه نفقتها ، ولو أفضى غير الزوجة بالزنا أو بغيره فتجب عليه الديّة فقط دون النفقة.
6 ـ لا يجوز ترك وطء الزوجة الشابّة أكثر من أربعة أشهر ، إلاّ إذا كان هناك عذر كالحرج والضرر أو أنّها كانت راضية ، أو اشترط عليها حين العقد ، وليس هذا الحكم مختصّاً بالزوجة الدائمة ، فيعمّ المنقطعة أيضاً على الأحوط وجوباً ، وكذلك يعمّ الحكم الحاضر والمسافر على الأحوط وجوباً أيضاً ، ولا يجوز إطالة السفر دون عذر شرعي إذا كان السفر يفوّت حقّها ، وكذلك إذا لم يكن لضرورة عرفية كما إذا كان للتنزّه ، وإذا كانت الزوجة لا تقدر على الصبر إلى أربعة أشهر بحيث خاف الزوج وقوعها في الحرام إذا لم يواقعها فالأحوط وجوباً المبادرة إلى مواقعتها قبل تمام الأربعة أو طلاقها وتخلية سبيلها.
7 ـ يستحب أن يكون الزفاف ليلا والوليمة قبله أو بعده ، وصلاة ركعتين عند الدخول ، وأن يكون كلّ من الزوجة والزوج على وضوء ، والدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده على ناصيتها ، وهو: (اللهمّ على كتابك تزوّجتها ، وفي أمانتك أخذتها ، وبكلماتك استحللت فرجها ، فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فأجعله مسلماً سويّاً ، ولا تجعله شرك الشّيطان) وأمرها بمثله ، ويسأل الله تعالى الولد الذكر.
8 ـ تستحب التسمية عند الجماع ، وأن يكون على وضوء خصوصاً إذا كانت

أحكام المرأة والأسرة 89

المرأة حاملا ، وأن يسأل الله تعالى أن يرزقه ولداً تقيّاً مباركاً زكيّاً ذكراً سويّاً.
9 ـ يجوز العزل عن الزوجة سواء كانت دائمة أم منقطعة ، ويكره في الزوجة الحرّة ، نعم ترتفع الكراهة إذا كان العزل برضاها أو اشترطه الزوج عليها في العقد.
وأمّا امتناع الزوجة عن انزال المني في قبلها فالظاهر حرمته إلاّ برضاه ، أو أشتراطه عليه حين التزويج ، ولا تجب عليها ديّة النطفة على الأقوى.
10 ـ يجوز لكلّ من الزوج والزوجة النظر إلى جسد الآخر ، ظاهره وباطنه حتى العورة ، وكذا لمس كلّ منهما كلّ عضو من الآخر ، سواء مع التلذّذ أو بدونه.
11 ـ يجوز للرجل أن ينظر إلى جسد مماثله ما عدا العورة ، سواء كان المنظور إليه شيخاً أم شاباً ، حسن الصورة أم قبيحها ، بشرط أن لا يلتذ بالنّظر ، وكذلك يحرم النّظر لو خاف على نفسه أن يقع في الحرام ، والحكم كذلك بالنسبة إلى نظر المرأة إلى امرأة أخرى ، ويجب أن يجتنب المكلّف عن النظر إلى عورة الكافر والصبيّ المميِّز على الأحوط وجوباً.
12 ـ يجوز أن ينظر الرجل إلى جسد محارمه ما عدا العورة ، بشرط أن يكون النظر خال من التلذّذ وخوف الوقوع في الحرام ، وكذلك يجوز نظر المحارم إلى جسد المحرم عليهنّ من عدم التلذّذ وخوف الوقوع في الحرام ، والمراد بالمحارم: من يحرم عليه نكاحهنّ أبداً ، سواء من جهة الرضاع ، أو النسب ، أو المصاهرة ، ولا يشمل النكاح المحرّم بغير هذه الأسباب كالزنا واللواط واللّعان.
13 ـ لا يجوز للرجل أن ينظر إلى ما عدا الوجه والكفّين من جسد المرأة الأجنبيّة ، ولا فرق بين أن يكون النظر لجسدها بشهوة أو مع خوف الوقوع في الحرام.أمّا الوجه والكفّين فلا يجوز له النظر إليهما مع التلذّذ الشهوي ، أو خوف

أحكام المرأة والأسرة 90

الوقوع في الحرام ، وأمّا مع عدم وجود هذين الوصفين فلا يبعد جواز النظر وإن كان الأحوط استحباباً تركه.
14 ـ يحرم على المرأة أيضاً أن تنظر إلى بدن الرجل الأجنبيّ مع الالتذاذ الشهوي أو مع خوف الوقوع في الحرام ، والأحوط وجوباً أن لا تنظر إلى غير ما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين ونحوها وإن كان بلا تلذذ شهوي أو خوف الوقوع في الحرام ، وأمّا نظرها إلى هذه المواضع من بدنه من دون تلذّذ شهوي ودون الخوف من الوقوع في الحرام فالظاهر جوازه وإن كان الأحوط استحباباً تركه أيضاً.
15 ـ لا يجوز لمس بدن الغير وشعره مع الالتذاذ أو الريبة إلاّ الزوجين فيما بينهما ، أمّا بدون الالتذاذ وخوف الوقوع في الحرام فيجوز للمحارم والمماثل ، أي الرجل للرجل والمرأة للمرأة ، ومن هذا تعرف حرمة المصافحة كما يفعل أهل الدول الغربيّة ، وتستطيع المرأة أن تقدّم تلك التحيّة مع الساتر كأن تلبس قفّازات وتصافح الأجنبي(1).
16 ـ لو قطع عضو من الأجنبيّ أو الأجنبيّة وهو ممّا يحرم النظر إليه قبل القطع ، فلا يجوز النظر إليه بعد القطع إن كان يصدق عليه عرفاً أنّه نظر إلى صاحب العضو المبان ، وأمّا مع عدم صدق ذلك فيجوز النظر إلى ما عدا العورة ، والأحوط استحباباً الاجتناب عن النظر إلى السنّ والظفر.
17 ـ يجب على المرأة أن تستر شعرها وجسدها ما عدا الوجه والكفين ، هذا

(1) قُيِّد حكم جواز المصافحة مع الكفوف بالضرورة كما إذا عُرّضت المرأة إلى ضرر معتدّ به أو حرج شديد لا يتحمّل عادةً. انظر فقه الحضارة: 180.
أحكام المرأة والأسرة 91

أمام غير المحارم والزوج ، إلاّ إذا خافت أن تقع ـ هي ـ في الحرام ، أو أنّها أظهرتهما بداعي إيقاع الرجل في الحرام ، فيحرم عليها إبداؤهما ، حتّى بالنسبة إلى المحارم حينئذ.وأما إذا كانت المرأة كبيرة السنّ لاترجو نكاحاً فيجوز لها إظهار شعرها وذراعها ونحو ذلك ممّا لا يستره الخمار والجلباب عادة. والخمار: هو ما تغطّي به المرأة رأسها. والجلباب: هو الثوب الواسع. والجواز مشروطٌ بعدم تبرّجها بزينة ، فلو كانت متبرّجة بزينة حرم عليها الإظهار.
18 ـ لا يجب على الرّجل التستّر من المرأة الأجنبيّة ، وإن كان لا يجوز لها ـ على الأحوط وجوباً ـ أن تنظر إلى غير ما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره من بدنه.
19 ـ قدّر ديننا الحنيف مواقع الضرورة وجعل لنا قاعدة (الضرورات تبيح المحضورات) لذا فحرمة النظر واللمس للأجنبيّة موجودة في غير مواقع الاضطرار ، أمّا مع الاضطرار كالاستنقاذ من الغرق أو الحرق أو الاضطرار الى المعالجة من مرض وكان الرجل الأجنبي أرفق بعلاجها فيجوز ذلك ، ولو كان الطبيب يكتفي حين المعالجة إمّا باللمس أو بالنّظر فلا يجوز له التعدّي أكثر ، فإمّا يعالج بالنظر أو باللمس.
20 ـ يجوز اللمس والنظر من الرجال للصبيّة غير البالغة ـ ما عدا النظر إلى عورتها ـ بشرط عدم التلذّذ الشهوي وخوف الوقوع في الحرام. والأحوط استحباباً الاقتصار على المواضع التي لم تجر العادة بسترها بالملابس المتعارفة وترك ما جرت العادة بستره مثل الصدر والبطن والفخذ ، والأحوط استحباباً أيضاً عدم تقبيلها ووضعها في الحجر إذا بلغت ستّ سنين.

أحكام المرأة والأسرة 92

21 ـ يجوز للمرأة أن تنظر إلى الصبيّ غير البالغ ـ ما عدا عورته ـ وتمسّ مواضع بدنه مع عدم التلذّذ وخوف الافتنان ، ولا يجب عليها أن تتستّر منه قبل أن يبلغ سنّاً يمكن أن يترتّب على نظره إليها ثوران الشهوة عنده ، وإذا بلغ ذلك السنّ وجب التستّر منه على الأحوط وإن لم يبلغ البلوغ الشرعي.
22 ـ إذا كان الصبيّ غير مميّز فلا يجب التستر منه ، مع عدم الالتذاذ وخوف الوقوع في الحرام ، وكذلك إذا كانت الصبيّة غير مميِّزة فلا يجب عليها التستر مع عدم الالتذاذ وخوف الوقوع في الحرام أيضاً ، وكذلك المجنون غير المميّز لا تجري عليه أحكام التستّر.
23 ـ يجوز النظر إلى النّساء المتبرّجات المبتذلات اللواتي إذا نُهين عن التكشّف لا ينتهين ـ كما في الغرب ـ بشرط أن يكون النظر بلا تلذّذ وخوف الوقوع في الحرام ، ولا فرق في ذلك بين أن يكنّ كافرات أو غير ذلك ، أو أن يكون النظر إلى وجوههنّ وأيديهنّ أو باقي الأعضاء التي جرت عادتهنّ على عدم ستره.
24 ـ لو كانت المرأة سافرة في صورة لها ولكنّها غير مبتذلة فالأحوط وجوباً أن لا ينظر إليها الرجل الأجنبي إذا كان يعرفها ، ويستثنى من ذلك الوجه والكفّان إذا كان النظر بلا تلذّذ شهوي وخوف الوقوع في الحرام ، وكذلك لا يجوز النظر إليهما مباشرة مع التلذذ وخوف الوقوع في الحرام كذلك.
25 ـ يتعارف عند بعض الناس بأن ينظر الرجل إلى محاسن المرأة ـ كوجهها وشعرها ورقبتها وساقيها ومعاصمها ـ التي يريد التزويج منها فهو جائز ، ولا يشترط في ذلك رضاها ، ويستثنى من ذلك أُمور:
1 ـ أن لايكون النظر بقصد الالتذاذ الشهوي وإن علم أنّه يحصل بالنظر إليها قهراً ، وأن لا يخاف الوقوع في الحرام بسبب هذه النظرة.

السابق السابق الفهرس التالي التالي