لقد شيعني الحسين (ع) 163

كان شديدا في الحق كما تصفه الروايات المزيفة .
بيد أن سلبيات عمر التاريخية ، ونوادره في السلوك السياسي والاجتماعي والفقهي ، لم ينسها التاريخ ، ومن تلك النوادر :
* - سطحية سياسية ، العنف معتمدها .
* - القمع الاجتماعي .
* - الشذوذ الفقهي .

1 - سطحية سياسية : -

كان عمر ابن الخطاب كما تقدم ، يرهب الشريف والمنافق معا . فكان يحاسب الأمويين حسابا عسيرا ، لكنه في نفس الوقت يؤمرهم على أصقاع وسيعة . وفي ذلك تكمن سطحيته سياسية . لأن بني أمية لم يكونوا مكتفي الأيادي ، بعد أن كانوا طويليها في زمن البعثة . وليس بني أمية عناصر ساذجة . وإنما هم جهاز ، وحالة قابلة للنشوء في كل لحظة . فتأميرهم لا يعني سوى صب مزيد من النفوذ في جعبتهم . ولقد قووا في زمن عمر ابن الخطاب . وهو لم يكن يريد تقويتهم . إنما رأي رآه . ولكن الأمة دفعة ثمنه . ولم يكن مثل الإمام علي (ع) حيث أول ما قام به هو عزل (معاوية) من دون رجعة في الموقف . لأنه يدرك أن الإمارة تقوي . وبأن بني أمية ، ليسوا فئة عادية . فهو لا يزال يفوت عليهم هذه الفرص ، حتى وهم يعرضون عليه البيعة . لقد جاء أبو سفيان بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله إلى علي والعباس فنادى من وراء الباب .
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم و لا سيما تيم بن حرة أو عدي
فما الأمـر إلا فيكـم و إليـكم وليـس لهـا إلا أبو حسن علي
أبا حسن فاشدد بها كـف حازم فإنـك بالأمـر الذي تبغي ملي

بصوت عال : يا بني هاشم ، يا بني عبد مناف أرضيتم أن يلي أبو فيصل . أما والله لو شئتم لأملأنها عليهم خيلا ورجالا فناداه أمير المؤمنين علي (ع)

لقد شيعني الحسين (ع) 164

(أرجع يا أبا سفيان فوالله ما تريد الله بما تقول ولا زلت تكيد للإسلام وأهله ونحن مشاغيل برسول الله صلى الله عليه وآله وورد أيضا في تاريخ (الطبري) بسنده إنه لما استخلف أبو بكر قال أبو سفيان ما لنا ولأبي فيصل ، إنما هي بنو عبد مناف ، فقيل له إنه قد ولى ابنك قال وصلته رحم . وكذلك فعل عمر ابن الخطاب ، بعد أن ولى على الشام يزيد بن أبي سفيان ، ومعاوية بن أبي سفيان بعده ، ثم عثمان بن عفان ، إعرابا عن هذه المودة بينه وبين بني أمية .
هذا الوعي السياسي العميق ، كان يملكه الإمام علي (ع) وقد تجلى في رفضه لشخص أبي سفيان الطليق في حين افتقد هذا الوعي الخليفتان . وبرز في عهد عمر لأنه الأطول عهدا بالخلافة . إنه (ع) أدرك أن لا مرونة مع تيار قوي . يبني نفسه في الخفاء ، ليعيد مكانته في الجزيرة العربية . ويسعى إلى تدمير بني هاشم ، والانتقام للأجداد .
ولكن عمر قد دفع ثمن سطحيته السياسية . لقد استفاد الأمويون من مودته لهم . وصبروا على لذعه وتشدده السطحي . فقووا شوكتهم . وحققوا قدرا من التراكم والنفوذ . مكنهم من السيطرة على أسباب القوة في الجزيرة العربية . وبعد ذلك وجدوا أن المرحلة قد نضجت لإزاحة عمر ابن الخطاب عن الخلافة . ذلك لأن عمر هذا طالت خلافته كثيرا . ثم لأنه بدأ يتجه في غير مجرى مصالحهم .
ولأن مصلحتهم المرحلية في طور متقدم لا يصلح لها عمر . فعمر ابن الخطاب ، ليس جديرا بالخلافة بالمقياس القبلي للأمويين ، وهو ليس في شرف بني عبد الدار . ثم لأنه بدا لهم إن عثمان قريبهم بدا يشيخ ولم ينلها ، وهو المرشح بعد عمر ، لقربه كيف لا ، وعثمان هو الذي كتب الكتاب لأبي بكر خلافة عمر وهو الوحيد الذي لم يقف ضد عمر ، بل تحمس لذلك حتى قال له أبو بكر :
(جزاك الله عن الإسلام خيرا) .
فهم أدركوا وبترتيباتهم الخاصة ، أن الأمر لعثمان لا مناص . وحيث إن الشام تحولت إلى منطقة نفوذ للأمويين . وقد كانوا يكرهون عمر ابن الخطاب نفسه ، بقول ابن قتيبة :

لقد شيعني الحسين (ع) 165

(وكان أهل الشام قد بلغهم مرض أبي بكر ، واستبطأوا الخبر ، فقالوا : إنا لنخاف أن يكون خليفة رسول الله قد مات وولي بعده عمر ، فإن كان عمر هو الوالي فليس لنا بصاحب ، وإنا نرى خلعه) (81) وهكذا ، لم يكن عمر ليرضي أهل الشام ، الذين شربوا في قلوبهم حب بني أمية منذ تولوهم . ولذلك لا بد من التفكير في مخطط (تصفية) لعمر حتى ينزاح عن الطريق . وكان عمر بن الخطاب يواجه معارضتين :
الأولى : - بنو هاشم الذين فضلوا السكوت ، حفاظا على وحدة الأمة واستقرارها .
الثاني : - بنو أمية الذين كانوا يتحركون ضمن مشاريعهم ، وأهدافهم الخاصة .
ولما قتل عمر ، وظن أن الذي قتله قد يكون من طريق آل البيت (ع) أو منجهة أخرى مسلمة من الذين رأوا فيه خطرا على مصالحهم . وكان عمر رجلا شديدا قد ضيق على قريش أنفاسها) (82) ولما طعن ، قال لابن عباس ، أخرج فناد في الناس أعن ملأ ورضى منهم كان هذا؟ فخرج فنادى ، فقالوا : معاذ الله ، ما علمنا ولا اطلعنا) ودخل علي بن أبي طالب فقال : يا علي ، أعن ملأ منكم ورضى كان هذا؟ فقال علي (ع) ما كان عن ملأ منا ولا رضى . حتى قال (الحمد لله الذي لم يقتلني رجل يحاجني بلا إله إلا الله يوم القيامة) (83) .
كان الذي قتله هو أبا لؤلؤة ، قيل فارسي . إلا أنه لم يكن قتله لعمر ابن الخطاب ، انتقاما من (القادسية) كما يزعم بعض البهلوانيين . إنما شاع عند العرب أن يتهموا الفرس بالمجوسية والحقد على العرب ، حتى في عصرنا هذا .
وكان الأمويون يعتمدون على العنصر (الموالي) في دعم نفوذهم . عن طريق العطايا ، والشراء . لماذا قتل عمر؟ .

(81) الإمامة والسياسة - بن قتيبة - (ص 20) .
(82) نفس المصدر السابق (ص 27) .
(83) نفس المصدر السابق (ص 22) .
لقد شيعني الحسين (ع) 166

هناك من رأى أن أبا (لؤلؤة) قاتل عمر ، كان قد حملته روح الانتقام إلى تنفيذ هذه العملية . وكان أبو لؤلؤة عبدا للمغيرة بن شعبة ، وهو نصراني حسب بعض الروايات ومجوسي حسب أخرى . وجاء في (أسد الغابة) إن المغيرة كان يستغله (أي أبي لؤلؤة) كل يوم أربعة دراهم ، فلقي أبو لؤلؤة عمر فقال : يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد أثقل على غلتي ، فكلمه يخفف عني فقال له عمر : إتق الله ، وأحسن إلى مولاك (إلى أن قال ، فاصطنع له خنجرا له راسان) (84) وهذه الرواية إن صحت ، فإنها تظهر مدى الانسحاق الذي عانت منه الفئات الضعيفة ، وهذا واحد من الذين امتلكوا الشجاعة لقتله . لكنني أرى عكس ذلك . فأبو لؤلؤة - قد يكون منفذا لهذه المؤامرة التي خطتها ، وهندستها عقول كثيرة . ولا أدل على ذلك من مقتل (الهرمزان) وسكوت عثمان على ذلك ، وعدم إقامة الحد على عبيد الله بن عمر ، الذي راح ينتقم لأبيه من مجموعة أشخاص .
مما اضطر عثمان إلى غلق هذا الملف وعدم إشاعة الأمر . لقد سبق أن أكدنا على النفوذ الذي بقي في حوزة الأمويين والدليل على ذلك أن أبا سفيان لما عرض الخلافة على علي (ع) قال : له (لو شئت لأملأنها عليك خيلا ورجالا) فهذا دليل على النفوذ والقوة التي كانت لا تزال تحتفظ بها الكتلة الأموية . وبقي أبو سفيان حاقدا على عمر وأبي بكر ، لولا أنهما رتبا أمر إمارة ابنيه في الشام) (85) .
كانت علاقة المغيرة بن شعبة مع الأمويين متينة على الكوفة والمغيرة هذا هو سيد أبي لؤلؤة فيه نظر في السيرة كان عمر قد عزله بعد أن ولاه على البصرة وذلك بعد أن شهد عليه بالزنا (86) .
بيد أن عمر ، كما سبق أن قلنا ، وللسطحية السياسية التي كان يتحلى بها ولاه مرة أخرى على الكوفة مع أن في الصحابة من هو أكثر انضباطا واستقامة .

(84) أسد الغابة في معرفة الصحابة لعز الدين بن الأثير الجزري (ج 3 ص 674 - 675) دار الفكر .
(85) يزيد ومعاوية ابنا أبي سفيان .
(86) أسد الغابة (ص 472 ج 4) .
لقد شيعني الحسين (ع) 167

ويعرف عنه الدهاء (87) .
قال الشعبي (نقلا عن ابن الأثير الجزري) (دهاة العرب أربعة : معاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة وزياد) وذكروا أنه تزوج ثلاثمائة امرأة في الإسلام ، وقيل ألفا . وإذا ما جمعنا بين الدهاء الذي يعني عند الأربعة تجاوز المسطرة التشريعية إلى حد الدهاء في قتل الأبرياء وبين الأزمة السياسية التي كانت بين المغيرة بن شعبة وعمر ابن الخطاب . لما كان عزله عن البصرة ، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك ، بالنسبة إلى داهية عربي كبير . ثم بنو أمية الذين كانوا يشترون العملاء بالمال والوعود . إننا نتمكن من الوصول إلى نتيجة . وهي أن قتل عمر لم يكن بتلك البساطة والتلقائية ، وإنما كان عملا منظما . كيف نهتدي لذلك؟ .
لقد سبق أن تحدثنا عن واقع الجزيرة العربية قبل وبعد البعثة والروح القبلية التي كانت أساس الاجتماع العربي . ثم العنصر اليهودي الذي كان لا يرى مانعا من التحالف مع القبائل الوثنية لمحاصرة الرسالة في بدايتها . ولما طرد اليهود من الجزيرة العربية بقي بعض المندسين ، الذين قبلوا الإسلام . كتكتيك ضروري للبقاء . وكتكتيك توارثي لهدم معالم الإسلام . وكان من أولئك (كعب الأحبار) الذي كان مصدرا لكثير من الإسرائيليات في الأحاديث النبوية (88) . وكان هذا الأخير من المقربين إلى عمر ابن الخطاب . كان كعب يعلم أن عمر ابن الخطاب ، معرض للموت . وأنه أكد له غير مرة ، أنه سيموت (شهيدا) وبهذه الكلمة ، سوف يغطي عن أشياء تدار خلف النور .
فهي إشعاع غيبي ، يغيب السؤال والاستفسار في تعجب عمر واندهاشه .
نحن نسأل ثانية ان من أين له هذا؟ وهل يعلم الغيب؟ ومتى علمه رجال الصحابة الكبار حتى يعلمه يهودي تأسلم؟ .

(87) نفس المصدر .
(88) ذكروا أن كعب هو الذي توسط مع عمر بن الخطاب لإدخال أبي لؤلؤة إلى المدينة بحجة إنها خلت من الصناع والحدادين .
لقد شيعني الحسين (ع) 168

الواقع إن عمر ابن الخطاب كان يطوف يوما في السوق ، وإذا به يلقى أبا لؤلؤة فقال : يا أمير المؤمنين ، أعدني على المغيرة بن شعبة ، فإن علي خراجا كثيرا .
قال : وكم خراجك؟ قال : درهمان كل يوم . قال : وأيش صناعتك؟ قال :
نجار ، نقاش حداد . قال : فما أرى خراجك كثير على ما تصنع من الأعمال ، قد بلغني أنك تقول : لو أردت أن أصنع رحى تطحن بالريح لفعلت! قال :
نعم . قال ، فاعمل لي رحى قال : لئن سلمت لأعملن لك رحى يتحدث بها من بالشرق والمغرب! .
ثم انصرف عنه ، فقال عمر : لقد أوعدني العبد الآن) (89) هذا الوجه الأول للمشهد التآمري أما الوجه الثاني ، قال ابن الأثير : (ثم انصرف عمر إلى منزله ، فلما كان الغد جاءه كعب الأحبار فقال له : يا أمير المؤمنين ، أعهد فإنك ميت في ثلاث ليال . قال : وما يدريك؟ قال أجده في كتاب التوراة قال عمر (الله! إنك) لتجد عمر ابن الخطاب في التوراة؟ قال : اللهم لا ، ولكني أجد حليتك وصفتك وأنك قد فني أجلك . قال ، وعمر لا يحس وجعا! فلما كان الغد جاءه كعب فقال : بقي يومان فلما كان الغد جاء كعب فقال : مضى يومان وبقي يوم . فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة وكان يوكل بالصفوف رجالا فإذا استوى كبر ، ودخل أبو لؤلؤة في الناس . الخ) (90) .
إن الذي ورث غباء الأولين والآخرين ، لا يمكن أن تجتاز عليه هذه الحيلة .
فهل هذا يجري بالاتفاق! كيف يقول أبو لؤلؤة ذلك ، فيجد كعب الأحبار ينتظر عمر ليقول له ما قال!! لماذا لم يأته قبل ذلك بأشهر أو عشرة أيام أو خمس حتى يقول له قد بقي لك كذا وكذا ، إذا كانت أوصاف عمر كما رآها في التوراة ثابتة وقديمة ، كما قرأها قبل البعثة وبعدها . الظاهر أن كعبا هذا كان يرقص على الحبال ، لذلك أراد أن يثبت نفسه في المجتمع ، بأنه من أهل الأسرار ، وصاحب الكشوف .

(89) ابن الأثير - الكامل - (ص 49 ج 2) .
(90) نفس المصدر (ص 50) .
لقد شيعني الحسين (ع) 169

ليلتف حوله المسلمون . وإلا فأين يوجد عمر ابن الخطاب في التوراة ، وفي أي سفر من أسفاره ، تقرأه الآن . وكيف يتسنى للتوراة التي أنزلها له أن تحوي أخبارا عن عمر . والقرآن المهيمن على الكتب والناس والدهور ، لم يفهم منه كبار الصحابة إن عمر سيقتل بعد ثلاث أيام؟ إنها اللعبة! ولما طعن عمر ابن الخطاب ، دخل عليه كعب الأحبار فلما رآه عمر قال : .
توعـدني كعـب ثلاثـا أعدهـا ولا شك أن القول ما قال لي كعب
و ما بي حذار الموت إني لميـت ولكن حـذار الـذنب يتبعه الذنب (91)

كان ذلك الاتفاق والصدفة كما فهم عمر ابن الخطاب . لأنه تولى منصبا لا تسنده فيه حنكة ولا عصمة . ولم يكن مثل علي (ع) الذي كان يعلم بموته كما ورد في الأثير من دون أن يحتاج إلى راهب من أهل الكتاب يعلمه بذلك (92) . وكذلك اقتضت سنة التاريخ أن يكون عمر ابن الخطاب ، ضحية خفته ، وتسمنه حقا ليس له . إذ لم يعرف من يصلح للأمة ومن لم يصلح لها . ثم مات بالقوة التي مهد لها بجهله بخفايا الأمور . إنه لا يعلم حتى ، إن الرسول صلى الله عليه وآله قد مات؟!
فكيف يعرف عن مسائل السماء ، كما أدرك ذلك يعسوب المؤمنين! ولو راجعنا الملفات التاريخية طرا ، لاستطعنا إدراك مدى الحرص الذي بداه زعماء الانتهازية الذين مهدوا لحكم عثمان . وكانوا معروفين لدى الملأ .
لقد كان عمرو بن العاص أحد دواهي العرب من المساهمين في المؤامرة ن وكذلك المغيرة بن شعبة كما سبق ذكره . وتورطهم في العملية كانت له أسبابه الخفية ، والتي اكتشفت فيما بعد ، وهو التخطيط الأموي ، لقلب معادلة الخلافة . واستمالتها إليهم . ذكر أبو علي مسكويه في (تجارب الأمم) (93) وقد كان

(91) ابن الأثير - الكامل - .
(92) ولست أدري لماذا لم يخبر كعب الإمام علي (ع) عن موته ويكشف له عن الغيب اللهم إلا أنه يعلم أن عليا (ع) أعلم بالستورات منه! .
(93) تجارب الأمم أبو علي مسكويه الرازي (320 - 421) (ج 1 ص 264) دار سروش للطباعة والنشر) طهران (1322 ش - 1987 م) .
لقد شيعني الحسين (ع) 170

جاء عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة والقوم في البيت يتشاورون (أي بخصوص الخلافة بعد مقتل عمر) فجلسا بالباب ، فحصبهما (94) سعد وأقامهما .
فتحصبهما ، لم يكن اعتباطيا ، وفلتة تلقائية . فالرجلان من أدهى العرب كما تقدم ، ومن عملاء الأمويين . ثم أن رمي (سعد) لهما بالحصباء دليل على أن أمرهما ليس عاديا .
وهكذا كانت قصة التبييت لمقتل عمر ابن الخطاب ، الذي بالغ في مودته للفئات الأموية وصفات الإيمان (95)رغم ما كانوا يلقونه منه من قسوة عابرة . حيث كان عماله من أمثال ، سمرة بن جندب ، وعاصم بن قيس ، والحجاج بن عتيك ونافع بن الحرث ، وأبو هريرة ، ومعاوية ، وابن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ويزيد بن أبي سفيان . وكان قد توصل إلى أنهم نهبوا الأموال ، وكدسوها بعد أن كانوا فقراء ، مثل أبي هريرة ، لما قال له عمر علمت أني استعملتك على البحرين ، وأنت بلا نعلين ، ثم بلغني أنك ابتعت أفراسا بألف وستمائة دينار (96)ومع ذلك لم يقم عليه الحكم الشرعي ، بل اكتفى بمقاسمتهم الأموال . وكان من الواجب أن يحاكمهم على هذا الاختلاس ، ويعزلهم ، ولكنه لم يفعل ذلك ، والتاريخ يروي عكس هذا . ظل أمثال أبي هريرة ومعاوية وابن العاص وغيرهم من الطلقاء ، أمراء إلى آخر أعمارهم .
ولعل هذا هو السر . فعمر ابن الخطاب سواء أكان سطحيا في اختياراته أو ذكيا فيها . فإنه كان قاصدا في الابقاء عليهم في هذه الإجارات . وذكر بن أبي الحديد في شرح النهج ، أنه قيل لعمر : إنك استعملت يزيد بن أبي سفيان ، وسعد بن العاص ، وفلانا وفلانا من المؤلفة قلوبهم من الطلقاء وأبناء الطلقاء .
وتركت أن تستعمل عليا والعباس والزبير وطلحة؟! فقال : أما علي فانبه من

(94) حصبهما : رماهما بالحصباء .
(95) رأيي إن الأمويين كانوا أذكياء ومخططين بارعين . لقد أدركوا مدى ضعف عمر بن الخطاب ، لما لجأ على مودتهم وتأليفهم دون الآخرين! .
(96) أقول ، لعله ربح في (اللوطو) ما يكفيه غناء في حياته بعد الفقر والحاجة!! .
لقد شيعني الحسين (ع) 171

ذلك ، وأما هؤلاء النفر من قريش فإني أخاف أن ينتشروا في البلاد فيكثروا فيها الفساد) . والواقع هو أن عمر ابن الخطاب كان حريصا على أن يراهم على مقربة منه ، وحتى لا يذيع أمرهم في الأصقاع الأخرى ، وإلا كيف يجعلهم ضمن الستة المرشحين للخلافة بعده أليس ممكن أن يؤدي ذلك إلى فساد عريض؟! .
لقد وفق التيار الأموي في تحقيق جزء من مخططه الهدام . ونجح في توقعاته ، لما أثبت عثمان خليفة . وكان (المغيرة بن شعبة) قد قام خطيبا لما انصرف عثمان إلى بيت فاطمة بنت قيس . فقال : (يا أبا محمد ، الحمد لله الذي وفقك ، ما كان لنا غير عثمان . وعلي جالس) (97) .
فملخص القضية إن عمر راح ضحية قشريته السياسية ، إذ ركز على علي (ع) وشيعته ، وأرخى اللجام للزمرة الأموية . ومكن لها فكان أن تطور نفوذهم بحيث اقتضى أن يعزل عمر عن الخلافة ، لصالح مرشحهم (عثمان) وتدبير العملية . كان بواسطة مجموعة عناصر مشبوهة ، منهم (المغيرة بن شعبة) قاتل سعد بن عبادة ، وهو بذلك اكتسب خبرة في التصفية الجسدية للسياسيين المعارضين ، إذ يعتبر أول منفذ لعملية الاغتيال السياسي تلك . وعمر ابن الخطاب قتل بخنجر (أبي لؤلؤة) (مولى) (المغيرة بن شعبة) .
وملف (المغيرة) هذا فيه بعض الفواصل المشبوهة . بدأت وانتهت كالتالي : .
1 - عزله عمر عن البصرة بعد أن شهد عليه بالزنا .
2 - كان على علاقة وثيقة بالأمويين .
3 - أبو لؤلؤة ، مولاه! .
4 - هو قاتل (سعد بن عبادة) حسب بعض الروايات .
5 - هو الذي أتى يتلصص على المرشحين بعد مقتل عمر كما تقدم .

(97) أبو علي مسكويه (تجارب الأمم (ج 1 ص 288) .
لقد شيعني الحسين (ع) 172

6 - هو صاحب الخطبة أعلاها .
7 - تولى الإمارة في زمن معاوية وكان عميلا له على الكوفة .
8 - رجل زان بشهادة عمر ، ومسرف يحب المال فقد كان أول من رشى في الإسلام ، ومن إسرافه أن تزوج أكثر من ألف امرأة - مع التطليق حسب صاحب (أسد الغابة) .
9 - إنه أحد دهاة العرب الأربعة! .
ثم ماذا بعد؟ .
إن عبيد الله بن عمر ، راح ينتقم لأبيه . وقتل أبا لؤلؤة وقتل معه أناسا براء ، مثل جفينة - رجل نصراني - كان من أهل الحيرة وظهيرا لسعد بن مالك . ثم قتل الهرمزان ، فضربه بالسيف . وقال الهرمزان : لا إله إلا الله . ثم أخذه سعد بن أبي وقاص ، وحبسه في بيته وأخذ سيفه ، ثم أحضره عند عثمان (98) فاستشار عثمان من كان حوله وقال : (أشيروا علي في هذا الرجل الذي فتق في الإسلام ما فتق!
فقال علي : أرى أن تقتله . وقال عمرو بن العاص إن الله قد أعفاك ، أن يكون هذا الحدث ، ولك على المسلمين سلطان . فقال عثمان : أنا وليه وقد جعلتها دية وأحتملها في مالي (99) .
والملاحظ إن عثمان كان في أجواء الحدث . ورأى أن يطوي هذا الملف ، لاغيا كل الأحكام الإسلامية . وهو يعلم أن أقضى الناس وأعلمهم بشرع الله علي (ع) قد قضى بقتله . ولقد أراد الإمام علي (ع) أن يقيم عليه الحد أثناء خلافته . ففر عبيد الله بن عمر إلى معاوية بالشام . وذلك دليلا على أن عثمان كان متجاوزا لحكم شرعي خطر ، تجاه عبيد الله .

(98) التاريخ الكامل لابن الأثير (ج 2 ص 75) .
(99) ذكر اليعقوبي أن عبيد الله قتل أبا لؤلؤة وابنته وامرأته . وروى بعضهم عنه أنه قال : يغفر الله لحفصة ، فإنها شجعت عبيد الله على قتلهم . وذكر أن عثمان قال له : يا عدو الله قتلت رجلا مسلما ، وصبية طفاة ، وامرأة لا ذنب لها! قتلني الله إن لم أقتلك ، فلما ولي رده إلى عمرو بن العاص .
لقد شيعني الحسين (ع) 173

وبذلك تتوضح الرؤية أكثر ، من خلال حضور عمرو بن العاص ، كشفيع لعبيد الله ، وإقناع عثمان بالعفو عنه . بعد أن تبين الحكم الحقيقي فيه في قضاء الإمام علي (ع) .
فالتدبير لقتل عمر بن الخطاب ، لم يكن بذلك البساطة التي رواها التاريخ المطرز . وإنما هي نتيجة لمخطط مدروس ، يمكن رمقه من خلال التحولات التي جرت فيما بعد ذلك .

2 - القمع الاجتماعي : -

من العوامل التي سهلت على التيار الأموي القيام بعملية الاغتيال هذه ، هو العزلة الشعورية التي كانت تفصله عن عامة المجتمع الذي كان يبحث عن المواقع التي تبعده عن عمر بن الخطاب ، ذلك أن ما قام بن عمر كان يختلف كثيرا ، كثيرا عما كان يقوم به النبي صلى الله عليه وآله والطبع العمري كان مرفوضا من كل فئات المجتمع . لقد كان المجتمع العربي ذا خصوصيات في الطبع والمزاج وإن الطبيعة القاسية والغاضبة التي صنعتها إياه بيئة الصحراء جعلته منه مجتمعا عصبيا متمردا . ولهذا قال الله سبحانه ، لنبيه محمد صلى الله عليه وآله في القرآن (ولو كنت فظا غليظ القلب ، لانفضوا من حولك) وبهذا المنهاج ، سار النبي صلى الله عليه وآله في خط الدعوة والإرشاد بيد أن عمر بن الخطاب ، لم يسر كذلك ولعل مرجع هذا ، لفراغه من الاستحقاق الذي يشد إليه الرعية ، ولخلوه من الخصائص التي نحمدها عليه العرب ، فلجأ إلى القمع ، كتعويض عن ذلك الاستحقاق المفقود!
ولعل مرده أيضا ، إلى طبيعته التي جبل عليها ، إذ أن صورته الجسدية ، تحتوي على كل سمات الغلظة والفضاضة .
في شخصية عمر ، علامات يمكن إرجاعها إلى عاملين أساسين يمكننا من خلالها رسم الحالة النفسية لعمر بن الخطاب بالشكل الذي قد لا يتفق مع ما ذهب إليه العقاد في عبقريته؟ .
الأول : - العامل الجسدي .
الثاني : - عامل (العقدة) النفسية .

لقد شيعني الحسين (ع) 174

أولا : - المظهر الجسدي .

للصفات الجسدية دور في معرفة السلوك النفسي للأشخاص وعمر بن الخطاب . له ميزاته الجسدية التي تنسجم مع سلوكه الاجتماعي لقد كان عمر طويلا . جسيما ، أصلع ، أشعر شديد الحمرة كثير السبلة في أطرافها صهوبة وفي عارضيه خفة . وكان رجلا أعسر ، أصلع آدم قد فرع الناس كأنه دابة حسب يعقوب بن سفيان في تاريخه (100) .
وكان إذا مشى تدانت عقباه . نضيف إلى ذلك إلى أنه كان جهوري الصوت ومدمنا على الخمرة في الجاهلية وحتى قبيل التحريم . ويروى أنه آخر من بقي متعلقا بها ويقول (اللهم بين لنا بيانا شافيا في الخمر) (102)إن عمر بن الخطاب قد دخل الإسلام بعاطفة تلقائية كما ورد في السيرة . وهو وإن كان أصله كذلك ، فإن الإسلام لا يؤاخذ من حسن إسلامه على ظروفه السابقة (فلا تزر وازرة وزرة أخرى) غير أن رواسب التربية ، وعوالق الطفولة ، تستمر مع الأنساب حتى الشيخوخة ، ويبقى محتفظا بقسط كبير منها .
إن المظهر الجسدي الذي كان يتميز به عمر لم يكن بعكس النفسية المتوازية .
وخصوصا ، فإن الإنسان الأعسر ، هو في حد ذاته إنسان مضطرب ، وعصابي ولكم حاول العقاد أن يتحايل لصنع سورة خيالية عن عمر في العبقرية ولكنه رحمه الله - لم يكن سوى مغالط ، إذ أن الشكل الفيزيائي لعمر لم يكن شكل العباقرة ، في كل مدارس السلوك والأشخاص من سر (الأسرار) لأرسطو طالس إلى آخر مدارس السلوك في أوربا ورغم أن الخمر كان من عادة العرب ، إلا أن التواريخ والسير ، تثبت إن من بين العرب من كان يتورع عنها . ويؤكد التاريخ أيضا إن عمر بن الخطاب كان من المدمنين الكبار ، وإنه لم ينقطع عن الخمر إلا بعد أن حرمت تحريما شديدا ، وبعد أن أعيي الرسول صلى الله عليه وآله بالسؤال الشافي!

(100) الإصابة في تميز الصحابة (لابن حجر العسقلاني) (ص 518 ج 2) دار صادر .
(102) ابن كثير التغير .
لقد شيعني الحسين (ع) 175

ويعرف المدمن على المسكرات عادة بعدم القدرة على السيطرة على نزواته وأعصابه . فهو معروف بفجاجة الشخصية ، خصوصا إذ انقطع عن تناول الخمر الذي أمسى من ضرورياته الجسدية وعادة ما كان العربي يندفع إلى الادمان بأحد السببين إما أن يلتمس من خلاله النشوة والطرب . . وذلك كان من دأب سادات العرب وكبراءها وإما بدافع الانسحاق طلبا للهروب والتعويض بالخيال .
هذه العوامل اجتمعت كاملة ، لتصنع من عمر بن الخطاب ، الرجل المهاب الذي يخشى من قسوته وخشونته .

ثانيا : عامل العقدة! .

لكي نتمكن من الحفر النفسي في شخصية عمر بن الخطاب يجب أن ندرك بعض المسائل الضرورية . وهي إن عمر إنسان . وهو بذلك يكسب الطبيعة المشتركة مع باقي البشر ، ضمن النماذج الطبيعية التي يتقاسمها البشر .
وكونه إنسانا معناه أنه خاضع للمؤثرات البيئية والتربوية ، وبالتالي تجرى عليه سنن الحياة ومحدداتها النفسية والاجتماعية . وعمر بن الخطاب الذي قضى أغلبية عمره في أحط بيئة جاهلية ، لا يمكننا تصور تحرره الكامل من رواسبها خصوصا ، أنه حافظ على مجموعة من هذه السمات في ظل إسلامه ، والتي منها ، حدة الطبع والفضاضة وعدم احترام كرام القوم! ما يقوم به عمر في فترة خلافته من ضرب الناس دون مبررات ، وقمعهم دون هوادة ، ليس إلا حالة من التعويض النفسي ، يحاول من خلالها الدفاع عن حالة نفسية كامنة ، تعتريه ، وهي دون شك جعلته ، يتطلع بذلك الشكل العنيف إلى (الخلافة) حتى وهو يعلم أنها ليست حقا له .
وحالة من التعويض النفسي لصغار يجده في نفسه منذ زمان ، هذا الصغار الذي كون عنده مركبا للنقص ، يوجه سلوكه باستمرار ، وهو لا يجد توازنه النفسي إلا بالانتقام من الآخرين أو زجرهم بالعنف حتى لا يظهروا عليه . ولذلك نجده يبدأ دائما بقمع الناس ، وإذلالهم ، حتى إذا ذلوا نجده يرجع ويقوم بعملية معاكسة - بعد تحقيق رغبة الانتقام - ، وبروز عقدة الأثمية لذا يبرر من خلالها

لقد شيعني الحسين (ع) 176

تواضعه . وما كان عمر بن الخطاب يبدأ في معاملاته بالتواضع . وذلك لأنه وقع بين مجموعة قوى نفسية تتجاذب طبعه باستمرار .
عمر بن الخطاب ، لم يكن رجلا مذكورا ، عند العرب . ولم يكن له وزن قبلي يثبته ولا سند له من الأنساب يسنده لذلك كان يحاول الانتقام من خلال الخلافة . ليس من أجل كسب ما ضاع منه ، وإنما من أجل الانتقام من الأمراء ، وأصحاب الرفعة والشرف .
وكان هذا من بين الأسباب التي جعلت المجموعة الأموية تنقم عليه . فلما علم أن عمرو بن العاص - أحد عماله على مصر - قد جمع في حوزته مالا كثيرا ، بعث إليه بمحمد بن مسلمة ، ليأخذ قسما من أمواله . فلما رأى عمرو بن العاص ، ذلك منه قال ، لعن الله زمانا صرت فيه عاملا لعمر ، والله لقد رأيت عمر وأباه على كل واحد منهما عبادة قطوانية لا تجاوز مأبض ركبتيه .
وعلى عنقه حزمة حطب ، والعاص بن وائل في مزررات الديباج) (103) .
(كما أن سعد بن عبادة لما حدثت له المناوشة مع عمر بن الخطاب في السقيفة ، نال منه ، واستحضر ماضيه وذكره ، بأصله ، لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع) .
وإذا ما استنطقنا (الأنساب) الذي يعتبر أرقى فن أهتم به العرب ، سنجد عمر بن الخطاب محدود النسب وضيعا . مما ترك في نفسه عقدة ، لا يدركها إلا من أدرك مقدار وقيمة النسب في جزيرة العرب . يروي (محمد بن السائب الكلبي النسابة وأبو مخنف لوط بن يحيي الأزدي النسابة في كتاب الصلابة في معرفة الصحابة وكتاب التنقيح في النسب الصريح بإسنادهم إلى ابن سيابة عبد الله في نسب عمر بن الخطاب قال : (104) .

(103) ابن أبي الحديد في الشرح (ص 175) .
(104) الكشكول (الشيخ يوسف البحراني) (المجلد الثالث ص 212 - 213) دار مكتبة الهلال - بيروت .
لقد شيعني الحسين (ع) 177

(كان عمر بن الخطاب متولدا من نجيبين متضادين نفيل وهو من نجباء الحبشة . ثم قال ذاكرا نسبه إليهما بعد أن قال : إن نكاح الشبهة من أبواب الحلال وإن المتولد منه ومن الزنا يكون أنجب من الولد للفراش (إلى أن قال) ثم قال : وأما تفصيل نسبه وبيانه وهو أن نفيل كان عبدا لكلب بن لؤي بن غالب القرشي فمات عنه ثم وليه عبد المطلب ، وكانت صهاك قد بعثت لعبد المطلب من الحبشة ، فكان نفيل يرعى جمال عبد المطلب وصهاك ترعى غنمه وكان يفرق بينهما في المرعى فاتفق يوما اجتماعهما في مراح واحد فهواها وعشقها نفيل ، وكان قد ألبسها عبد المطلب سروالا من الأديم وجعل عليه قفلا وجعل مفتاحه معه لمنزلتها منه ، فلما راودها قالت : ما لي إلى ما تقول سبيل وقد ألبست هذا الأديم ووضع عليه قفل فقال : أنا أحتال عليه ، فأخذ سمنا من مخيض الغنم ودهن به الأديم و ما حوله من بدنها حتى استله إلى فخذيها وواقعها فحملت منه بالخطاب ، فلما ولدته ألقته على بعض المزابل بالليل خيفة من عبد المطلب فالتقطت الخطاب امرأة يهودية جنازة وربته ، فلما كبر كان يقطع الحطب فسمي الخطب لذلك بالحاء المهملة فصحف بالمعجمة ، وكانت صهاك ترتاده في الخفية فرآها ذات يوم وقد طأطأت عجيزتها ، ولم يدر من هي فوقع عليها فحملت منه بحنتمة ، فلما وضعتها ألقتها على مزابل مكة خارجها فالتقطها هشام بن المغيرة بن وليد ورباها فنسبت إليه ، فلما كبرت وكان الخطاب يتردد على هشام فرأى حنتمة فأعجبته فخطبها إلى هشام فزوجه إياها فولدت عمر ، وكان الخطاب والد عمر لأنه أولد حنتمة إياه ثم تزوجها وحده . لأنه سافح صهاك قبل فأولدها حنتمة والخطاب من أم واحدة وهي صهاك . هذا ملخص كلام الكلبي .
وبقيت (حنتمة) مجهولة النسب ، إذ اختلف في أمرها نسابة العرب . فمنهم من حاول أن ينسبها إلى هشام بن مغيرة على أساس إنها ابنته . بينما هي متبناة واختلفوا فيها إذا كانت هي بنت هاشم بن مغيرة أم هشام بن مغيرة . ولو كان كما قالوا ، لما امتعض العرب من خلافته ، ولاحترم مقاماتهم كما هو منهج النبوة(105) . كان وضع عمر في طفولته ينوء بالبؤس والمعاناة . فهو

(105) أسد الغابة : أقول والكلبي هو واحد من النسابين الكبار ، حيث لا يرقى إليه من انتحلها من المؤرخين والمحدثين . وهو من أقواهم فيما لو راجعنا بن خلكان في وفيات الأعيان .

السابق السابق الفهرس التالي التالي