الاربعون حديثاً 338

والمكر . قال الجوهري : ختله وخاتَله أي خدعه والتخاتل : التخادع .
قوله : مُمار :
سنتحدث عن سبب تعريف صاحب المراء بالمماري ، وصاحب الاستطالة والختل ، بالاستطالة على الانداد وبصاحب الخب أي الخدعة(1) .
قوله متعرض للمَقال : أي إظهار المقال ، يُقال :عرضت له الشيء ؛ إذا أظهرته له وعرض له أمر كذا ويعرض : أي ظَهر .
والأندية : جمع «النادي» وهو محل اجتماع القوم ، ومجلس التداول لقضاياهم . فإذا تفرقوا لا يقال للمحل «النادي» ومنه «دار الندوة» التي كانت في مكة والتي شيّدت للاجتماع والتشاور . و «نديّ» على وزن فعيل وتستعمل«نَدوَة» و«مِنتدى» و «مُتندّى» بهذا المعنى كما يقول الجوهري .
بتذاكرالعلم : الظرف إما متعلق بالمقال أو بدل عن المقال . وصفة الحلم : معطوفة على تذاكر العلم . والمقصود هو أنهم يتذاكرون العلم حتى يجعلوا أنفسهم من المنتمين إليه ويصفون الحلم ويستحسنوه حتى يُعدّوا من زمرة الحكماء ، رغم أنهم لا يكونون من أهل العلم ولا من أصحاب الحلم . إن علمهم جهل في صورة العلم وحلمهم خارج عن الحدود الكاملة المعتدلة . ونحن سنتحدث قليلا عن هذا الموضوع .
قوله تسربل : من باب تفعلل ـ ومعناه لبس السربال ـ يُقال : سَربَلته فتسربل : أي ألبسته السربال . وتسربل بالخشوع : أي ارتدى لباس الخضوع ، وأظهر ملازمته بمثل ما أن الثوب يلصق بالجسم ويلازمه . في حين أنه خال عنه ، كالثوب الذي يكون استعارة على الجسم .
والورع : بفتح الراء . معناه الابتعاد وتجنب المحرمات والمشتبهات .
قوله : فدَق الله ... الخ : يحتمل أن تكون هذه الجملة ومثيلاتها من الجملتين اللاحقتين للدعاء ، ويحتمل أن تكون أخبارا لأحوالهم في الدنيا والآخرة أو فيهما . و «دقّ» بمعنى قرع أو إنه اسم صوت .
قوله : مِن هذا : أي من أجل كل واحد من هذه الخصال .
والخَيشوم : هو أعلى الأنف . والمقصود من دق الخيشوم ، الكناية عن الذل والهوان ، أي أن الله سبحانه لأجل تلك الخصال يذلهم . وإننا سنلمح لهذا المعنى بعد حين .
والحيزوم : بفتح الحاء المهملة وضم الزاء المعجمة . ومعناه : ما يضم عليه الحزام .

(1) المقصود أن تعريف صاحب المراء بالمماري ، وأصحاب الخدعة ، بذوي الخِدعة من قبيل تعريف الشيء بنفسه وهذا ليس بصحيح لدى المناطقة . ونحن سنبين وجه ذلك بعد حين لدحض هذه العقدة . (منه) .
الاربعون حديثاً 339

وبمعنى وسط الصدر والعظم الذي يحيط مثل الطوق على الحلقوم . والمعنى الأول هو المناسب ، لنسبة القطع اليه .
والخِب : بكسرالخاء معناه الخدعة والخُبث والغش . يُقال رجل خب ـ بكسر أو فتح ـ بمعنى الخدّاع كما يقول الجوهري .
ومَلِق : بمعنى التملق والتزلف ، وهذا المعنى يلازم ما قاله الجوهري في صحاحه من قوله : قال «رجل مَلق : يُعطي بلسانه ما ليس في قلبه . انتهى» وهذا تفسير باللازم الاعم بل المعنى إظهار التلطف والتودد المشوب بالتخضع رغم أن قلبه لا يكون كذلك .
قوله لحلوائهم : يقول المجلسي وفي بعض النسخ مع النون . وعليه تكون الكلمة ـ بضم الحاء المهملة وسكون اللام ـ ومعناها أجرة السمسار والكاهن ، وما يدفع من قبيل الرشوة والمقصود ما يدفع له الأغنياة مكافأة لأعماله التي أنجزها لهم ، ولتنازله عن مواقفه الدينية .
والحطم : هو الكسر . ويقول المجلسي : إن حطم بمعنى الكسر ، الباعث على الفساد .
قوله خُبرَه : يحتمل أن تكون بضم الخاء المعجمة وسكون الباء بمعنى الخبرة والبصيرة . ويحتمل أن يكون بفتح الخاء والباء . وحيث أن الفعل منسوب إليه كان المعنى الأول أنسب وإن كان المعنى الثاني لا يخلو عن وجه .
والكآبة : بالتحريك والمد والتسكين ، سوء الحال والذبول من شدة الهم والحزن .
قوله : تحنّك في بُرنُسه : يعني جعل تحت الحنك ـ الطرف من العمامة على الرأس ـ في برنسه . والبرنس قلنسوة طويلة كان أهل العبادة في صدر الإسلام يضعونها على رؤوسهم . كما ورد في (صحاح اللغة) للجوهري . وقال المحقق المجلسي (تشير هذه الجملة إلى استحباب التحنك في الصلاة) . وفي هذا الاستظهار نظر ، لأن التحنك في ثياب يرتديها أهل العبادة ، يدل على استحبابه بصورة مطلقة ولا يدل على الاستحباب في خصوص وقت الصلاة ، نعم لو كان البرنس ثوبا يخص الصلاة فقط ، لكان الاستظهار صحيحا .
والحِندس : ـ مع الحاء المهملة المكسورة ، ومع النون الساكنة ، والدال المهملة المكسورة ـ هو الليل الشديد الظلام ، كما يقول الجوهري . وإضافته إلى الضمير إضافة بيانية . وجملة (في حِندِسه) بدل «لَيل» ويحتمل بقوة أن يكون الحندس في هذا المقام ظلمة الليل بناءا على تجريده ـ من الألف واللام ـ .
قوله : فشد الله أركانه : إن «شدّ» بمعنى القوة والمتانة ، يقال شد عضده أي قوّاه . وإن «الرُكن» هو الذي يُعتمد ويُقام عليه . قال الجوهري : «ركن الشيء : جانبه الأقوى» .

الاربعون حديثاً 340

ونحن نذكر في شرح هذا الحديث ما يناسب بيانه وشرحه ، ضمن فصول عديدة. وعلى الله التُكلان .
فصل

اعلم أنه قد تقرر في محله بأن مقدمات القياس بالنسبة إلى نتائجه ، والأدلة والبراهين في كل علم بالنسبة إلى مدلولاتها والمبرهن عليه ، تكون بمثابة المُعِدّات ، فليست مستقلة بصورة تامة ، ـ تتولد عنها الدلالات وتكون منتجة من دون ارتباطها بشيء آخر ـ ولا غريبة عنها نهائيا ومن دون ارتباط ـ تكون عقيمة وغير منتجة ـ . وقد اختلف في المقام . الطائفتان المجبّرة والمفوّضة ، وحاد كلاهما عن طريق الاعتدال ، واختار كل منهما جانبا يتناسب مع وجهة نظره ومذهبه . فقال أحدهما : إن المقدمات مستقلة ، وإنه لو أغلقت أبواب عالم الغيب ، وانقطع الفيض من عالم الملكوت ، استطاع الانسان أن ينتهي من المقدمات ذاتها إلى النتائج .وقال الآخر منهما أن المقدمات لا علاقة لها كليا مع النتائج ولكن العادة قد جرت على إلقاء النتائج في ذهن الإنسان بعد ترتيب المقدمات ، وأن المقدمات ترتبط بالنتائج شكليا من دون أن يكون بينهما إرتباط حقيقة .
وكل واحد من هذين الرأيين مع منطلقاته من المذهبين ـ المجبرّة والمفوّضة ـ باطل لدى أهل المعارف الحقة والعلوم الحقيقية .
والحق ـ وفاقا لأهله ـ هو : أن المقدمات ذات دور إعدادي للنفس ، لتلقي العلوم المفاضة عليها من المبادئ العالية الغيبية .
ونحن لسنا هنا بصدد شرح هذا المذهب وإبطال المسلكين المذكورين ، لأنه يوجب الخروج عن الهدف المبتغى ، وإنما ذكرنا ذلك استطرادا لشرح موضوع آخر هو :
إننا بعدما ذكرنا أن إلقاء العلوم والمعارف من العوالم الغيبية ، ومن نتائج ارتباط النفس بها ـ وتقبّلها للعلوم ـ كما ورد في الحديث الشريف : «ليس العلم بكثرة التعليم بل هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء» (1) فكل نفس ذات ارتباط مع الملكوت الأعلى وعالم الملائكة المقربين ، وتكون الإلقاءات إليها من نوع الفيوضات الملكيّة ، والعلوم التي تفاض عليها هي من العلوم الحقيقية ومن عالم الملائكة . وكل نفس منشدّة إلى عالم الملكوت السفلي ، وعالم الجن والشيطان والنفوس الخبيثة ، كانت الإلقاءات اليها شيطانية ومن قبيل الجهل المركب ، والحُجب المظلمة .

(1) بحار الأنوار ، المجلد 1 ، ص 225 .
الاربعون حديثاً 341

ومن هذا المنطلق يرى أرباب المعارف ـ العرفاء ـ ، وأصحاب العلوم الحقيقية ـ يأتي تفسير العلم الحقيقي ـ ، أن تطهير النفوس ، وإخلاص النية ، وتصحيح الغايات والأهداف في تحصيل العلم وخاصة في دراسة المعارف الحقة والعلوم الشرعية ، هو الشرط الأول في ذلك ، ويؤكدونه على المتعلمين ، لأنه مع تصفية النفس ، وتجليتها ، يشتد ارتباطها بالمبادئ العالية . وعندما يقول الرب جل جلاله في الآية الكريمة «اتقوا الله ويُعلّمكم الله» (1) فلأجل أن التقوى تزكّي النفس وتربطها بعالم الغيب المقدس ثم يكون التعليم الالهي والإلقاء الرحماني ، لأن لبخل في المبادئ العالية ، محال ، وأن فيضها يكون واجبا ، إذ أن واجب الوجود بالذات ، واجب من جميع الجهات والحيثيات .
وإذا كان الانسان لأجل تعمير نفسه ومأكله ومشربه وأنانيته النفسانية ، منصرفا إلى تحصيل العلوم ، غدا الهدف غير إلهي ، وأصبحت الإلقاءات شيطانية .
ومن المقاييس التي لا تتمكن من التفرقة، بين الإلقاءات الرحمانية ، والإلقاءات الشيطانية ، والتي لم يذكرها أهل المعارف حسب ما أظن ، هو ما ذكرناه ، والذي يُدركه الانسان بنفسه في كثير من الأحيان . فإن ما يلقى الى النفس المعتمة ، اللانقية ، يكون من الجهل المركب الذي هو مرض نفسي لا دواء له ، وشوك في طريق وصولهم إلى الحقيقة . لأن المقياس في العلم ، ليس هو تجميع المفاهيم الكلية ، والاصطلاحات العلمية ، بل المقصود منه ، رفع الحجب عن عين البصيرة للنفس ، وفتح باب معرفة الله ، حيث يكون العلم الحقيقي هو مصباح هداية الملكوت ، والصراط المستقيم ، للتقرب إلى الحق ، ودار كرامته . وكل ما عدا ذلك ، وإن كان في عالم المُلك ، وقبل إزاحة حجب الطبيعة ـ الدنيا ـ فهو في شكل العلم وصورته ، وإن أصحابه لدى أهل الحوار والجدال ، يُعّدون من العلماء والعرفاء والفقهاء . ولكنه بعد تساقط الحجب عن وجه القلب ، وكشف ستار الملكوت ، والاستفاقة من السبات العميق في عالم المُلك والطبيعة ـ الدنيا ـ يتبين بأن سُمك هذا الحجاب وغلظته أكثر من كل الحجب ، وإن هذه العلوم المقررة باسرها ، من الحجب الغليظة الملكوتية التي تكون بين حجاب وآخر مسافة أميال وفراسخ وقد كنا من الغافلين عنه « النـاس نيـام فإذا ماتـوا انتبهـوا» (2) ويتبين بإننا جميعا كيف سنكون ؟ .
وهنا العار والفضيحة ، إذ نتعلم خمسينعاما أو أكثر أو أقل ، ونزعم بأن أبحاثنا لله سبحانه ، ولكننا نكون من المخطئين أيضا ومن الغافلين عن كيدالشيطان ومكر النفس ، لأن

(1) سورة البقرة ، آية : 282 .
(2) كتاب (شرح مائة كلمة قصار) لابن ميثم البحراني ص 54 .
الاربعون حديثاً 342

حب النفس حجاب سميك جدا ، يستر علينا عيوبنا .
ولهذا ذكر الأولياء الأطهار ، والأئمة الكبار عليهم سلام الله ، لتفهيمنا معالم وآثارا من أجل التفريق بين الإلقاءات الرحمانية والإلقاءات الشيطانية ، حتى نعرف بها أنفسنا ، ونختبرها ، ولا نحسن الظن بها عبثا ولغوا .
وبعد هذا نشير إلى العلامات التي أتت على ذكرها الرواية الشريفة :
فعلِمَ بأن طلاب العلم ينقسمون بصورة كلية أولية . إلى طائفتين :
إحديهما : إن هدفهم من وراء طلب العلم يكون إلهيا .
ثانيهما : إن مقصودهم من وراء الدراسة ، أمور نفسية . ونستطيع أن نقول أن غاية مطلوبهم الجهل ، لأن العلوم الصورية التي تحصل لديهم ، تكون في الحقيقة من الجهل المركب ، والحجب الملكوتية .
وهذان الصنفان اللذان ذكرهما الامام الصادق عليه السلام في هذا الحديث الشريف الذي شرحناه يلتقيان في هذا الأمر الذي ذكرناه ـ الجهل ـ لأن أصحاب المراء والجدال وكذلك ذوي الاستطالة والختل ، من أرباب الجهل والضلال . ولهذا يمكننا أن نقول أن «الجهل» الذي جعله الامام عليه السلام من علامات الصنف الأول غير «الجهل» الذي له معنى متعارفا ، بل المقصود إما التباس الأمور ، وإلقاء الناس في الجهالة ، أو المقصود من الجهل ، التجاهل وعدم الإذعان للحق . كما أن هذين الأمرين من خصائص اصحاب المراء والجدال . إنهم يجحدون الأمور الحقة والحقائق الشائعة ، ويتجاهلون ، حتى يثبتوا كلامهم ، وينعشوا الأباطيل ، وينشروا أمتعتهم الفاسدة .
وإما أن الامام الصادق عليه السلام جعل الناس على ثلاثة أصناف ـ مع أنهم حسب التقسيم الأولي الكُلّي . صنفان يدوران بين النفي والإثبات ، وحسب اعتبار آخر يكونون أكثر من ثلاثة أصناف ـ فيمكن أن نقول إنما هو لأجل أنه صلوات الله وسلامه عليه أراد أن ينبه إلى هذين الصنفين العظيمين ، وهذين النوعين الكبيرين اللذين يعود إليهما معظم أصحاب الجهل والضلال . ولهذا نجد في رواية أخرى الإمام الصادق عليه السلام ، يصنف طلاب العلوم إلى صنفين :
الكافي : بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب . ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة» (1) .

(1) أصول الكافي ، المجلد 1 ، كتاب فضل العلم ، باب المستأكل بعلمه ، ح 2 .
الاربعون حديثاً 343

فصل

قد سبق منا الكلام في ذكرمفاسد المراء والجدال ضمن حديث من الأحاديث الشريفة . ولمّا رأينا أن من المناسب هنا ذكر بعض الأحاديث ، عرضناها وبيّنا نبذة من مفاسد المراء والجهل .
في الكافي الشريف بسنده إلى الإمام الصادق عليه السلام : قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ «إياكم والمراء والخصومة فإنهما يُمرضان القلوب على الإخوان وينبت عليهما النفاق» (1) .
وفي الكافي أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «إياكم والخصومة فإنها تشغل القلب وتورث النفاق وتكسب الضغائن» (2) .
وفيه أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «قال جبرئيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : إياك وملاحاة الرجال» (3) .
أما بيان أن المراء والخصومة في المقال ، يمرضان القلب ، ويسيئان في نظرة الانسان إلى أصدقائه ويبعثان النفاق في القلب ، فقد سبق منا الكلام بأن الأعمال الظاهرية تترك آثارا في الباطن والقلب ، متناسبة مع تلك الأعمال ، ونقول هنا بأن تأثير الأعمال السيئة في القلب أسرع وأكثر ، لأن الإنسان نتاج عالم الطبيعة ـ المادة ـ ، وأن القوى الشهوية والغضبية والشيطانية ترافقه وتتصرف فيه ، كما ورد في الحديث : «إن الشيطان يجري مجرى الدم من بني آدم» (4) ، ولهذا يتجه القلب نحو المفسدات ، والأمور المنسجمة مع الطبيعة ، ولدى وصول أقل عون ومدد من الخارج مثل أعضاء الانسان أو الصديق المنحرف السيء ، يتحقق الأثر الشديد في القلب . كما ورد النهي في الروايات الشريفة عن الصداقة والمؤاخاة مع المنحرفين .
الكافي : عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : «لا ينبغي للمرء المسلم أن يواخي الفاجر فإنه يزين له فعله ويُحب أن يكون مثله ولا يعينه على أمر دنياه ولا أمر معاده ، ومدخله إليه ومخرجه من عنده شين عليه» (5) .
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : «لا ينبغي للمرء المسلم أن يواخي الفاجر ولا الأحمق ولا الكذّاب» (6) .

(1) أصول الكافي ، المجلد 2 ، كتاب الإيمان والكفر ، باب المراء والخصومة ، ح 1 .
(2) أصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الإيمان والكفر ، باب المراء والخصومة ، ح 8 .
(3) أصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الإيمان والكفر ، باب المراء والخصومة ، ح 6 .
(4) سنن الدارمي ، المجلد 2 ، ص 320 .
(5) و (6) أصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب العشرة ، باب من تكره مجالسته ، ح 13 و 3 .
الاربعون حديثاً 344

والنكتة المهمة في النهي عن مخالطة أهل المعصية ، أو الحضور في مجلس يعصى الله فيه أو التواد والتحاب مع أعداء الله ،هي من تأثير أخلاق العصاة والمنحرفين وسلوكهم في الإنسان .
والأهم من كل ذلك هو تأثر روح الانسان من أعمال نفسه ، فإن في ممارسة قليلة للأعمال السيئة ، تأثير كبير على الروح ، بحيث لا يتيسّر ولا يمكن التنزه من تلك الآثار وتطهير الروح منها عبر سنين طويلة .
فعلم أن الانسان لو انصرف إلى المراء والخصومة ، لحصلت بعد فترة ، ظلمة موحشة في القلب ، وأفضت الخصومة اللسانية الظاهرية ، إلى الخصومة القلبية الباطنية . وهذا هو السبب الكبير للنفاق والتلون . فلا بد من معرفة أن مفاسد النفاق تعود إلى مفاسد المراء والجدال أيضا . وقد تقدم منّا لدى شرح رواية الحديث عن مساوئ النفاق والتلون ، ولا حاجة إلى إعادته هنا .
وذكر الإمام الصادق عليه السلام آثارا وعلائم لصاحب الجهل والمراء :
منها : إيذاء الناس ، وسوء مجلسه ، وهذه من الصفات الذميمة والمفاسد التي تكون سببا مستقلا لهلاك الانسان . وفي الحديث الشريف المنقول من الكافي «من آذى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة» (1) . والأحاديث في هذا المضمار كثيرة لا يتسع لها هذا البحث المختصر .
ومنها : المراء والتصدي للحديث والبحث العلمي لأجل التغلب على الآخرين ، وإظهار علمه . وأما جعله صلوات الله وسلامه عليه ، المراء علامة على المراء ، فيمكن أن يكون المقصود من المراء الأول ـ في كلامه عليه السلام ـ الصفة القلبية وملكته الخبيثة ، ومن المراء الذي هو آية وعلامة ـ المراء الثاني ـ الأثر الظاهر من المراء .
ومنها : أن يظهر الاتصاف بالحلم رغم أنه غير ملتزم به ، وهذا هو النفاق وذو الوجهين والرياء والشرك ، كما أن إظهار الخشوع مع الخلو من الورع ، من أوضح مصاديق الشرك والرياء والنفاق والتلوّن .
فلما علمنا أن لهذه الصفة ـ المراء ـ مساوئ عظيمة ، توجب كل واحدة منها الموبقات والمهلكات ، وجب انقاذ أنفسنا بالترويض والجهد ، من هذه الخصلة المشينة ، والرذيلة المفسدة للقلب ، المدمرة للإيمان ، وتطهير النفس من هذه الظلمة والغبرة ، وتزيين القلب وجلائه بخلوص النية ، وصدق الباطن .

(1) أصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الإيمان والكفر ، باب من آذى المسلمين ، ح 8 .
الاربعون حديثاً 345

وهنا نكتة لو وقف عندها الانسان وتأمل فيها ، لانقصم ظهره ، وهي أن الإمام الصادق عليه السلام يقول بعد ذكره لهذه العلامة : «فدق الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه» وهذه الجملة إما إخبار أو دعاء ؟ وعلى أي حال فإنها ستتحقق ، لإنها إذا كانت إخبارا ، فهو إخبار صادق مصدق ،وإن كان دعاءا فهو دعاء إمام معصوم وولي الله ، ويكون مستجابا وهذا كناية عن الذل والهوان والفضيحة . ولعل الإنسان يفتضح في الدنيا والآخرة ويكون مهانا فيهما . إنه يذل في هذا العالم أمام أناس أراد أن يكون وجيها عندهم عبر تظاهره بالعلم فعلى العكس من ذلك ينحط من قدره ، ويذهب ماء وجهه ، ويصبح مهانا وذليلا أمام من كان يسعى للتفوق عليهم . وإنه يذل ويهان في عالم الآخرة أمام الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين وأوليائه المعصومين وعباده الصالحين ، ولا يكون له شأن عندهم .
إذاً : الويل لنا نحن أصحاب المراء والجدال وذوي الأهواء النفسية والخصومات ، حيث ابتلينا بهذه النفس الخبيثة التي لا تعرف الرحمة والحنان ، والتي لا تتركنا ، إلى أن تهلكنا في جميع النشآت والعوالم ، ولم نبادر لإصلاحها إطلاقا . لقد صممنا آذاننا ولم نستيقظ من سباتنا العميق الباعث على التوغل في عالم المادة .
إلهي أنت مصلح العباد ، وبيدك القلوب ، وطوع قدرتك وجود الكائنات ، وتحت هيمنتك ، قلوب العباد ، وإننا لا نملك نفعا ولا ضرا ولا حياة ، ولا موتا ، أنِر يا إلهي بنور فيضك قلوبنا المعتمة ، ونفوسنا المظلمة ، واصلح بفضلك ولطفك مفاسدنا أنقذ هؤلاء الضعفاء العُجّز .
فصل

كما ذكرنا في الجملة الأولى من هذا الحديث الشريف ، أن للمراء مرتبة باطنية وملكة نفسانية ، ومرتبة ظاهرية تكون نتاجا لتلك المرتبة الباطنية ، وآية وعلامة عليها . فكذلك الجملة الثانية من كلام الإمام عليه الصلاة و السلام حيث يكون لصاحب الاستطالة والترفع والختل والخديعة ، مرتبة باطنية وسرية هي ملكتها ، ومرتبة ظاهرية هي وليدة تلك الملكة . كما أن للقلب أيضا في كثير من الأعمال والأفعال نصيب ، حيث قد يصل إلى مرحلة الرسوخ والملكة وقد يبلغ مرتبة الحال ـ السطح ـ دون الارتكاز والرسوخ ، وتكون الأعمال الظاهرية من آثارها ومضاعفاتها . فمن كانت له ملكة الاستطالة والترفع وحب الرئاسة ،والتزوير وخداع الناس كانت لها علامات وآثار ظاهرية أيضا ، حيث ذكر بعضها الإمام الصادق عليه السلام : وهي : الخدعة والاحتيال على الناس ، فإنه يجعل نفسه من أهل الصلاح في حين أنه لم يكن في الحقيقة منهم . وهؤلاء الناس ذئاب في زي الأغنام ، وشياطين في هيكل الانسان . وإنهم أسوأ

الاربعون حديثاً 346

خلق الله، وإسائتهم إلى دين الناس ، أكثر من إساءة جيوش المخالفين الأعداء .
ومنها : أي من الآثارالظاهرية للجهل والمراء . إنهم يتزلفون ويتواضعون تجاه من يطمعون فيه ، وينصبون له شَرَك التدليس والتملق والتواضع ، حتى يصيدوا البسيط من الناس ، ويستفيدوا من حبهم الدافئ الجميل ، وقربهم واحترامهم الدنيوي ، فهم يدفعون بدينهم وايمانهم ، كي يستفيدوا من دنياهم . وهؤلاء من الناس الذين ورد فيهم الحديث قائلا (... يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون ما أدخلكم النار وإنما دخلنا الجنة بفضل تعليمكم وتأديبكم فيقولون إنا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله) (1) .
ومنها : إنهم يتكبرون على إبناء نوعهم وأشباههم وأمثالهم الذين لا يطمعون فيهم دنيويا ولكنهم يعتبرونهم عثرات في طريق تقدمهم ، ويترفّعون عليهم ويحقّرونهم مهما أمكن في سلوكهم وأقوالهم ، لأنهم يخشون أن ينافسوهم يوما من الأيام ، ويقللون من اعتباراتهم .
ولا بد من معرفة أن من أصعب الأمور ، وأقسى الأشياء ، محافظة العلماء والزهاد والمتقين على دينهم والمراقبة لقلوبهم في حياتهم .
ولهذا لو أن شخصا من هذه الطبقة ينهض بوظائفه ، وبكل إخلاص في النية ويسلك طريق العلم ، والزهد والتقى ، وينقذ نفسه من هذه المحن ، ويسعى في سبيل إصلاح الآخرين ، بعد أن أصلح نفسه ، ويرعى أيتام آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، كان مثل هذا الإنسان من المقربين والسابقين . كما قال الإمام الصادق عليه السلام ذلك في خصوص أربعة رجال كانوا من حواري الإمام الباقر عليه السلام ، ففي الوسائل عن رجال الكشي بسنده إلى أبي عُبَيدة الحذّاء قال : «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : زُرارة ومحمد بن مسلم وأبو بصير وبُريد من الذين قال الله تعالى« والسابقون السابقون * أولئك المقرّبون» (2) .
والأحاديث في هذا المضمار كثيرة وفضل أهل العلم أوسع من قدرة الانسان على بيانه ، ويكفي في ذلك الحديث المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من جاءه الموت وهو يطلب العلم لِيُحيى به الاسلام كان بينه وبين الأنبياء درجة واحدة في الجنة» (3) وبعد ذلك سنأتي على ذكر فضل أهل العلم إنشاء الله .
وإذا لا سمح الله انحرف العالم عن طريق الإخلاص ، وسلك طريق الباطل ، اعتبر من علماء السوء الذين هم أسوء خلق الله وقد وردت فيهم أحاديث شديدة ، وتعبيرات قاسية .

(1) وسائل الشيعة ، المجلد 11 ، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، باب 10 ، ح 12 .
(2) وسائل الشيعة ، المجلد 18 ، الباب 11 ، من أبواب صفات التآخي ، ح 22 .
(3) سنن الدارمي ، المجلد 1 ، ص 100 .
الاربعون حديثاً 347

ويجب على طلاب العلوم الدينية ، والسالكين لهذا السبيل المحفوف بالمخاطر ، أن يكون أول ما يضعونه بعين الاعتبار ، إصلاح أنفسهم أثناء الدراسة ويقدموه مهما أمكن على كل شيء ، لأنه أوجب كل الواجبات العقلية والفرائض الشرعية وأصعبها .
فيا طلاب العلوم الاسلامية ، والكمالات والمعارف ، استيقظوا من نومكم ، واعلموا أن الله قد أتم الحجة عليكم أكثر ، وسيحاسبكم أشد ، ويكون ميزان أعمالكم وعلومكم مغايرا كليا لميزان كافة العباد ، وصراطكم أرق وأدق ، ومحاسبة الله لكم أعظم .
الويل لطالب علم ، عندما يبعث علمه في قلبه ، الظلمة والكدرة . كما نشعرنحن بأننا إذا حصلنا على بعض المفاهيم الناقصة والمصطلحات التي لا طائل تحتها ، توقفنا عن متابعة طريق الحق ، وتحكّم فينا الشيطان والنفس ، وأنثنينا عن طريق الانسانية والهداية ، فغدت هذه المفاهيم الحقيرة حجابنا الغليظ ، ولا منجى لنا إلا اللجوء إلى الذات المقدس تعالى .
إلهي : نحن نعترف بالتقصير ، ونقر بالإثم ، ونعلم بأننا لم نخط خطوة واحدة في سبيل رضاك ، ولم نأت بعبادة على وجه الاخلاص لك . ولكن نرجو أن تعاملنا بلطفك العميم ورحمتك الواسعة . وأن تستر عيوبنا في الآخرة كما سترت عيوبنا في الدنيا فإننا هناك أحوج إلى الستر والمغفرة .
ويجب في هذا المقام أيضا أن أبين نكتة مذكورة في ذيل الجملة الأولى من الحديث الشريف وهو أن الإمام يقول «فأعمى الله على هذا خبره وقطع من آثار العلماء أثره» وهذه الجملة أيضا ستحصل سواء كانت إخبارا أو دعاءا . ويجب أن يكون الانسان حذرا جدا من العمى في البصيرة والباطن الذي يكون مصدر كافة أنواع الشقاء والظلمات ومبعثا لكل أصناف التعاسة .
وهكذا فإن «قطع الأثر من آثار العلماء» ، والحرمان من كراماتهم وعطاياهم ، مضافا على أنه حرمان في نفسه ، يكون شناره وعاره وفضيحته أمام الخواص في ساحة حق المتعالي يوم القيامة أكثر مما يتصور .
فصل

لأصحاب الفقه والعقل ـ الذين يقصدون التفقه في الدين وإدراك الحقائق ـ أيضا علامات وآثار ، عمدتها ما ذكره الإمام عليه السلام :
منها : أنه ينجم عن هذا العلم في قلبه الحزن والهم والانكسار ، ومن الواضح أن هذا الانكسار والفزع لا يكون لأجل الأمور الدنيوية الدنية الزائلة ، بل إنه ناجم عن الخوف من المعاد ، والتقصير في وظائف العبودية . وإن الانكسار والحزن مضافا إلى أنهما ينيران القلب ويجلّيانه ، يكونان مبدءا لإصلاح النفس ، ونمشأ للنهوض بوظائف العبودية . وإن هذا النور

الاربعون حديثاً 348

ـ نور القلب ـ يسلب السكون والقرار من النفس ، ويعرف قلبه على الحق سبحانه وعلى دار كرامته . ويجعله مستمتعا في مناجاته مع الحق المتعالي فيحيي لياليه ويقوم بوظائف العبودية . كما قال عليه السلام : «قد تحنّك في بُرنسه ، وقام الليل في حندسه» فإن الجملة الاولى كناية عن ملازمة العبادة .
ومن علامات هذا العالم الرباني أنه رغم قيامه الكامل بوظائف العبودية يعيش حالة الخوف ، لأن نور العلم يهديه إلى أنه كلما أدّى وظائفه ، يشعر بأنه قاصر أو مقصّر ، وأنه لا يستطيع أن يخرج من مسؤولية شكر نعمه وحقيقة عبادته . فيكون قلبه مملوءا من الخشية والذعر . وقال الحق جل جلاله فيهم : «إنما يخشى الله من عباده العلماء» (1) .
إن نور العلم يبعث على الخشية والحزن ، وصاحبه رغم إقباله على إصلاح نفسه لا يقر له قرار من جراء خوفه من يوم القيامة ، ويدفعه نحو الطلب من الله في أن يصلحه ، ويحذره من الانشغال بغير الحق ، ويبعده عن أهل زمانه ، ويجعل هاجسه الخوف من أنهم ـ أهل زمانه ـ يمنعونه من السير إلى الله ، والسفر إلى عالم الآخرة ، ويزينون الدينا ولذائذها في عينه . والحق سبحانه يؤيد مثل هذا الانسان ، ويقوّى وجوده وينعم عليه بالأمان يوم القيامة . فيا ليتنا كنا معهم فنفوز فوزا عظيما . والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .

(1) سورة فاطر ، آية : 28 .
الاربعون حديثاً 349

الحديث الرابع والعشرون

العلم


الاربعون حديثاً 350

بالسند المتصل إلى أفضل المحدّثين وأقدمهم محمد بن يعقوب الكليني ـ رضوان الله عليه ـ عن محمد بن الحسن وعلي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن عُبَيد الله بن عبد الله الدِّهقان ، عن دُرُستَ الواسطي ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : «دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برَجل ، فقال : ما هذا ؟ فقيل : علاّمة ، فقال : وما العلامة ؟ فقالوا له : أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيام الجاهلية والأشعار العربية ، قال : فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ذاك علم لا يَضر من جَهله ولا ينفع من عَلمه ، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إنما العلم ثلاثة : آية محكمة أو فريضة عادلة أو سُنّة قائمـة ، وما خلاهـن فهو فضل (1) .

(1) أصول الكافي ، المجلد الأول ، كتاب فضل العلم ، باب صفة العلم وفضله ، ح 1 .
الاربعون حديثاً 351

الشرح :


ورد في بعض النسخ مكان (ما هذا) ، (من هذا) . واستعمل صلوات الله عليه (ماهذا) لأجل التحقير .
و (العلامة) صيغة المبالغة ، والتاء أيضا للمبالغة والمعنى كثير العلم جدا .
إعلم أنه ذكر في المنطق بأن (من) للسؤال عن الشخص وكلمة (ما) للسؤال عن الحقيقة أو عن شرح الاسم ومفهومه . وعندما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا الرجل علامة ، استفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن تصورهم لحقيقة العلامة ، ومغزى علمه ، ولهذا سأل بكلمة (ما) . فإنه قد تجعل الأوصاف العنوانية ـ العلامة ـ وسيلة للسؤال عن الذات . مثل ما إذا كان الإنسان عارفا لحقيقة الوصف ولكنه يجهل الموصوف فيسأل حينئذ بكلمة من ويقول من العلامة ؟
وأما إذا كان الشخص معروفا والوصف مجهولا أو أن الغرض قد تعلق بمعرفة الوصف فقط فيسأل حينئذ بكلمة (ما) ويتوجه السؤال نحو الوصف فقط لا الموصوف مع الوصف ولا الموصوف فقط .
وفي هذا الحديث الشريف لمّا قالوا إن هذا الرجل علامة ، تعلق غرض خاتم النبيين نحو معرفة حقيقة الوصف حسب زعمهم فقال (وما العلامة ؟) ولم يقل (من العلامة ؟) أو (لماذا يقال له العلامة ؟) أو (ما السبب في كونه علامة ؟) .
وما ذكرناه أوضح مما حققه محقق الفلاسفة وفيلسوف المحققين صدر المتألهين ـ قدس الله نفسه ـ في شرح هذا الحديث الشريف الذي يوجب ذكره التطويل والخروج عن المقصد .

السابق السابق الفهرس التالي التالي