الاربعون حديثاً 1


الاربعون حديثاً

الاربعون حديثاً 2




الاربعون حديثاً 3

الاربعون حديثاً

الامام روح الله الموسوي الخميني
« قدس سره »

تعريب
محمد الغروي

مؤسسة دار الكتاب الاسلامي


الاربعون حديثاً 4




الاربعون حديثاً 5

بسم الله الرحمن الرحيم


الاربعون حديثاً 6




الاربعون حديثاً 7

مقدمة المترجم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين .
وبعد... لا يعرف احد السر الدفين في عدد «الاربعين» وفلسفته الوجودية ، وامتيازه على الاعداد الاخرى والارقام الثانية ، حيث نواجه في الاحاديث الماثورة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واهل بيته الكرام ، تركيزا كثيرا في شتى المجالات والمواضيع على هذا العدد : «الاربعين» بالذات ، مما يسترعي الانتباه والوقوف امام هذه الظاهرة الفريدة بين الاعداد والارقام . كما ان القرآن الكريم عند سرده لقصص بعض انبياء العظام يومئ الى دور هذا العدد في حياة النبي عليه السلام .
واليك بعض التفصيل لما المحنا اليه ، من القرآن الكريم والسنة الشريفة . وهو :
تحدث القرآن الكريم عن قوم موسى عليه السلام وتقهقرهم على ما كانوا عليه من الكفر والضلال عندما تاخر عنهم موسى عليه السلام اربعين ليلة قائلا : «واذ واعدنا موسى اربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وانتم ظالمون» (1)
كما وان القران الكريم قد جاء على ذكر قوم موسى عليه السلام ، وما تلقوا من العذاب في الدنيا بعد ان رفضوا الانصياع له عليه الصلاة والسلام ، متحدثا :
«قال فانها محرمة عليهم اربعين سنة يتيهون في الارض فلا تاس على القوم الفاسقين» (2) بعد ان امر موسى عليه السلام قومه بالدخول في الارض المقدسة حسب ما يحكي القرآن الكريم«يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدّوا على ادباركم فتنقلبوا خاسرين» ولكن قومه تعنتوا وتمردوا و«قالوا يا موسى انا لن ندخلها ابدا

(1) سورة البقرة ، آية : 51 .
(2) سورة المائدة ، آية : 26 .
الاربعون حديثاً 8

ما داموا فيها فاذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون»
فتاهوا اربعين سنة في البيداء .
وفي مجال ثالث يربط القرآن الكريم بين بلوغ الاشد وكمال العقل لدى الانسان من جهة وبين البلوغ للعام الاربعين من جهة اخرى حيث يقول عز من قائل : «حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعيـن سنة قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك» (1) ففي هذه الموارد الثلاثة يؤكد القرآن الكريم على عدد «الاربعين» .
واما الاحاديث التي جاءت على ذكر عدد الاربعين في مجالات مختلفة فكثيرة :
منها : استحباب شهادة اربعين مؤمنا بالخير والايمان للمؤمن الذي رحل من الدنيا .
عن ابي عبد الله عليه السلالم انه قال : «اذا مات المؤمن فحضر جنازته اربعون رجلا من المؤمنين فقالوا اللهم انا لا نعلم منه الا خيرا وانت اعلم به منا قال الله تبارك وتعالى قـد اجزت شهادتكم وغفرت له ما علمت مما لا تعلمـون» (2) .
ومنها : استحباب اجتماع اربعين شخصا في الدعاء والمسألة من الله سبحانه .
عن ابي خالد قال : قال ابو عبد الله عليه السلالم «ما من رهط اربعين رجلا اجتمعوا فدعوا الله عز وجل في امر الا استجاب لهم» (3) .
ومنها : استحباب دعاء الانسان لاربعين شخصا من المؤمنين قبل دعائه لنفسه .
عن ابي عبد الله عليه السلام قال : من قدّم في دعائه اربعين من المؤمنين ثم دعا لنفسه استجيب له (4) .
ومنها : تاكد استحباب زيارة الحسين عليه السلام يوم الاربعين من مقتله وهو يوم العشرين من صفر .
عن ابي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام انه قال : علامات المؤمن خمس : صلاة الخمسين ، وزيارة الاربعين ، والتختم باليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (5) .
ومنها : استحباب رش القبر بالماء بعد الدفن وتكراره اربعين شهرا او اربعين يوما

(1) سورة الاحقاف ، آية : 15 .
(2) وسائل الشيعة ـ المجلد ـ 2 ـ الباب ـ 90 ـ من ابواب الدفن ـ ح 1 ص 925 .
(3) وسائل الشيعة ـ المجلد ـ 4 ـ الباب ـ 38 ـ من ابواب الدعاء ـ ح 1 ص 1143 .
(4) وسائل الشيعة ـ المجلد ـ 4 ـ الباب ـ 45 ـ من ابواب الدعاء ـ ح 5 .
(5) وسائل الشيعة ـ المجلد ـ 10 ـ الباب ـ 56 ـ من ابواب المزار وما يناسبه ، ح 1 .
الاربعون حديثاً 9

وفي كل يوم مرة واحدة .
عن محمد بن الوليد ان صاحب المقبرة ساله عن قبر يونس بن يعقوب وقال: من صاحب هذا القبر فان ابا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام امرني ان ارش قبره اربعين شهرا او اربعين يوما في كل يوم مرة» (1) .
ومنها : ان آثار الاخلاص لله تتفجر لدى المؤمن اذا استمر عليه لمدة اربعين يوما .
عن ابي جعفر عليه السلام قال : «ما اخلص عبد الايمان بالله اربعين يوما او قال ما اجمل عبد ذكر الله اربعين يوما إلا زهده الله في الدنيا ، وبصره دائها ودوائها ، واثبت الحكمة في قلبه وانطق بها لسانه ...» (2) .
ومنها : احتباس الوحي عن النبي موسى عليه السلام اربعين صباحا (3) وان مدة ملك داودد عليه السلام كانت اربعين سنة (4) وان الوحي قد احتبس عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم اربعين يوما (5) .
كما قيل ان الله سبحانه وتعالى قد جعل انتقال الانسان في اصل الخلقة من حال الى حال في اربعين يوما كالانتقال من النطفة الى العلقة ، ومن العلقة الى المضغة ومن المضغة الى العظام ومنها الى اكتساء اللحم (6) .
واورد المحقق الخبير الشيخ آقا بزرك الطهراني في «الذريعة» (7) اثنا عشر كتابا لعلمائنا الكبار القدامى باسم «الاربعون» مثل «الاربعون مسألة» للشيخ جمال الدين حسن بن يوسف بن المطهر الحلي المتوفى سنة 726 هجرية الموافق عام 1306 م . و «الاربعون مسألة» للامام فخر الدين الرازي المتوفى عام 606 هجرية الموافق عام 1185 م . و «الاربعون مسألة» للشيخ شمس الدين محمد بن مكي الشهيد عام 786 هجرية الموافق سنة 1366 م .
كما ان جمعا من علمائنا العظام رضوان الله تعالى عليهم وضعوا كتابا اسموها بـ «الاربعينات» لاستقصاء ما ورد ذكر الاربعين فيها . مثل «الاربعونيات» للشيخ حبيب

(1) وسائل الشيعة ـ المجلد ـ 2 ـ الباب ـ 32 ـ من ابواب الدفن ـ ح 6 ص 860 .
(2) بحار الانوار ـ المجلد ـ 70 ـ ح 8 ـ ص 240 .
(3) بحار الانوار ـ المجلد ـ 13 ـ ح 9 ـ ص 8 .
(4) بحار الانوار ـ المجلد ـ 14 ـ ح 23 ـ ص 15 .
(5) بحار الانوار ـ المجلد ـ 16 ـ ح ـ ص 136 .
(6) بحار الانوار ـ المجلد ـ 70 ـ ص 241 .
(7) الذريعة ـ الملجد الاول ـ ص 434 ـ دار الاضواء ـ بيروت .
الاربعون حديثاً 10

الله بن شيخ الحكماء . و «الاربعونيات» للعلامة النوري قدس الله نفسه .
فنستظهر من الآيات الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة ، واهتمام العلماء بعدد الاربعين في تصانيفهم القيمة ، ان لهذا العدد شانا قد لا يتوفر في الاعداد والارقام الاخرى .
ومن جملة تلك الروايات الماثورة عن اهل البيت عليهم السلام واهتمامات علمائنا الابرار ، الاحاديث المعروفة المشهورة بـ «حفظ اربعين حديثا» .
عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام «قال من حفظ من شيعتنا اربعين حديثا بعثه الله عز وجل يوم القيامة عالما فقيها ولم يعذبه» (1) .
وعن انس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حفظ عني من امتي اربعين حديثا في امر دينه يريد به وجه الله عز وجل والدار الآخرة بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما (2) .
وغير ذلك من الاخبار المنقولة عن المعصومين عليهم السلام التي تفوق حد الاحصاء . قال المجلسي رحمه الله «هذا المضمون مشهور مستفيض بين الخاصة والعامة بل قيل انه متواتر» (3) .
وذكر الباحث المدقق الطهراني في «الذريعة» (4) سبع وسبعين كتابا باسم (الاربعون حديثا) للعلماء والفقهاء والمحدثين ابتداءا من القرن الرابع الهجري حسب احصائه الى القرن الرابع عشر الهجري . ونجد بان هذه الكتب مختلفة فيما بينها من ناحية الموضوع والمضمون ، رغم اتفاق جميع هذه الكتب في اسم واحد هو : «اربعون حديثا» اذ ان قسما منها في مناقب الفقراء خاصة وقسما آخر في خصوص الامامة ، وقسما ثالثا في فضائل امير المؤمنين وقسما رابعا في الاحكام والاخلاق وخامسا في فضيلة العلم وسادسا في الطب وسابعا في الاخلاق .
وممن الف في هذا الموضوع قائد الثورة الاسلامية الامام الخميني العظيم قدس الله نفسه الزكية قبل انتصاره على قوى الاستكبار العالمي الشرقي والغربي باربعين عاما تقريبا . حيث ذكر الامام رضوان الله تعالى عليه في آخر كتابه هذا (قد تم هذا الكتاب على يد الفاني المؤلف الفقير في عصر يوم الجمعة الرابع من شهر محرم الحرام عام ثمان

(1) بحار الانوار ـ المجلد ـ 2 ـ ح 1 ـ ص 153 .
(2) بحار الانوار ـ الملجد ـ 2 ـ ح 5 ـ ص 154 .
(3) بحار الانوار ـ المجلد ـ 2 ـ ح 5 ـ ص 156 .
(4) الذريعة ـ الملجد الاول ـ ص 409 .
الاربعون حديثاً 11

وخمسين وثلاثمائة والف للهجرة القمرية» الموافق عام 1939 الميلادي . وكان انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام الف واربعمائة من الهجرة النبوية الشريفة المصادف عام 1979 الميلادية .
ومما يجدر الانتباه اليه هو ان الانسان عندما يتامل في حياة هذا القائد الكبير قبل انتصاره على الشاه عميل الصهيونية العالمية بعقود اربعة او اكثر ، ويدرس الشعارات التي رفعها امام الامة ايام الثورة ، ويصغي الى احاديث القائد بعد قيادته للحكم طيلة عشرة اعوام من نهاية حياته الكريمة ، يفهم ويتيقن بان هذه الثورة الاسلامية وقائدها الكبير امتداد لشريعة الله في ارضه على يد النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم حيث ان الافكار والاتجاهات والاهداف وادبيات الثورة وثقافة الملتزمين بالقائد قبل استلام الحكم باربعين عاما وبعد استلام السلطة هي هي بعينها من دون اي تغيير وتحريف او تبديل .
ان معظم افكار هذا الكتاب المؤلف قبل اربعين عاما من الانتصار على الكفر ، قد ترددت على لسان القائد في مناسبات عدة لدى توجيه المسؤولين والامة ايام الحكم والسلطة . وان الهدف الاول والاخير هو السير الى الله سبحانه وعدم الاغترار بزخارف الدنيا فان «ما عند الله خير وابقى» (1) .
وعندما نقارن هذا الكتاب مع الكتب الاخرى في الموضوع ذاته : «الاربعون حديثا» نجد ان هذا الكتاب يتفوق على غيره من الكتب «الاربعون حديثا» في الامور التالية رغم ان المؤلفين لها علماء لامعون واجلاء . وهي :
اولا ـ شمولية الكتاب :


لقد اسلفنا الحديث عن ان معظم كتب «الاربعون حديثا» يتناول موضوعا واحدا ويتحدث عن اربعين حديثا منقول عن المعصومين عليهم السلام في ذلك الموضوع مثل فضائل الفقراء ، او فضائل امير المؤمنين عليه السلام ، او الطب او... في حين ان هذا الكتاب يتحدث عن اكبر عدد ممكن من الابحاث المتنوعة مثل تفسير بعض آيات القرآن الكريم ، واصول الدين ، والاخلاق وشرح بعض الروايات المشهورة المستعصية فهمها على الناس والعرفاء .
كما ان المؤلف قدس الله نفسه يتناول الحديث ويدرسه من جوانب عديدة

(1) سورة القصص ، آية : 60 .
الاربعون حديثاً 12

مختلفة : مثل الاحكام الفقهية والعرفانية والفلسفية واللغوية والاصولية (1) ولا يقتصر على جانب واحد .
ثانيا ـ الدقة والعمق :


ليس مستوى الكتاب بسيطا ومفهوما لدى الكثير من الناس بل حتى على الكثير من اهل العلوم الدينية وذلك ان المؤلف رضوان الله تعالى عليه قد دخل جوهر المعارف وعمق الابحاث واستظهر الحقائق العلمية التي قلما بيلغ اليها الكتاب والباحثون ، ناهيك عن تعمقه في ابحاث فلسفية وعرفانية تقف عندها سفينة المساكين ويعجز عن فهمها الكثير الكثير من المثقفين ويكاد ان يكون من النادر جدا ان نجد كتابا آخر من زملاء هذا الكتاب يتمتع بهذا المستوى من الدقة والعمق .
ثالثا ـ تصور المكافئة الدنيوية والاخروية :


ان المؤلف رضوان الله تعالى عليه عند عرضه للمعاصي الكبيرة الموبقة مثل الغيبة والحسد والكبر و... يصور العذاب الدنيوي بصورة يعيشه ويلمسه الانسان ، ويجسد العذاب الاخروي ببيان يحسب الانسان انه يراه وانه قريب منه جدا .
كما وانه طيب الله ثراه عندما يستعرض الحسنات والمثوبات يشرح بكل وضوح ارتباط الحسنات بالاعمال والآخرة بالدنيا ، ويبين كيفية الارتباط ومستواه .
وعندما يقرا الانسان في الاحاديث المباركة الجزاء الكبير على عمل بسيط وقليل ، قد ينبعث لديه الاستغراب او الاستنكار لمثل هذه المكافئة . ولكننا نجد بان الامام رحمه الله يشرح ويستدل ويبين ذلك بصورة واضحة فلا يبقى مجال للاستغراب والتردد في ذلك ، وانما تحصل للانسان القناعة بصواب مضمون الحديث وصحة هذه المكافاة العظيمة من الرب الرحيم على عمل صغير وقليل .
رابعا ـ الموعظة والنصحية :


يحتوى هذا الكتاب على قدر كبير من الموعظة والنصيحة بلغة عذبة وسهلة مع حرارة الحب ودفئ الحنان مستعينا بامثلة مستخلصة من واقع الحياة التي يعيش فيها الانسان ، مَثَلَه مثل الاب الكبير العطوف الذي يمسك بيد اولاده ويسير بهم معترك الحياة ومنعطفات الحوادث والايام ويشرح لهم بلسان ملؤه الرافة والرحمة وعواقب الامور ،

(1) علم اصول الفقه .
الاربعون حديثاً 13

ونتائج الاعمال ، وعدم الانبهار بالمظاهر الخلابة والزركشة المغرية .
ان المؤلف قدس الله نفسه يشفع الابحاث العلمية في معظم الاحاديث بالموعظة والنصيحة حتى تكون فائدة البحث اوفى ، وثمرة الحديث انضج .
ويشعر القارئ بان هذه النصائح والمواعظ الربانية تنبعث من القلب الطاهر النقي المحفوف بالحب الالهي والاخلاص الكامل ، لانها تاخذ الانسان وتهيمن عليه وترتسم في القلب .
خامسا ـ الداء والدواء :


يتولى السيد الامام رحمه الله تعالى بيان المساوئ الخلقية والعاهات النفسية مع بيان آثارها واعراضها على الانسان والمجتمع .. ثم يطرح صيغة العلاج بشقيها العلمي والعملي مع التذكير مغبة الامراض النفسية اذا اهملها الانسان واجلها والتنبيه بنتائجها على الصعيد الفردي والاجتماعي والدنيوي والاخروي .
ومثل هذا الاسلوب من الطرح والعلاج وان كان مذكورا في بعض الكتب الاخلاقية ولكنها لا تقدم الوصفة العلاجية الطيبة بمثل ما نشهد في هذا الكتاب .
سادسا ـ التواضع والتذلل :


ان المؤلفين في مختلف الموضوعات ان لم يتبجحوا ويفتخروا بانجازاتهم وافكارهم وابحاثهم ، يختاروا الصمت ويتركوا الحكم على الكتاب ومحتوياته الى القارئ . ولكننا في هذا الكتاب نجد التواضع والاحتقار من المؤلف لنفسه والاستهانة بالافكار التي يبديها والابحاث التي يشرحها امام الفلاسفة والعلماء والاجلاء وكان تلميذا بسيطا يسطر امام العظماء والكبار دروسه فيعتذر امام القارئ مما يكتبه ويصنفه .
ان الامام رضوان الله تعالى عليه يزدري نفسه ويحتقرها ولا يجد لها شانا على كافة المستويات العلمية والعرفانية والفلسفية والعملية والاخلاقية . وهذا امر نكاد ان لا نعثر عليه في كتاب آخر .
سابعا ـ التعظيم للعلماء :


ان ادب المؤلف طيب الله ثراه قد دفع به الى تجليل كل العلماء والمحدثين والفلاسفة وتعظيم كل من يرد ذكره في الكتاب فيعبر عن الكليني بثقة الاسلام والمسلمين تارة وبحجة الفرقة وثقتها اخرى وشيخ المحدثين وافضلهم ثالثة . وعن نصير الدين الطوسي بافضل المتاخرين واكمل المتقدمين ، وعن البهائي العاملي بالشيخ الجليل

الاربعون حديثاً 14

العارف . وعن المجلسي بالمحقق المدقق و ... فهذا التعظيم والاحترام للعلماء والفقهاء والمحدثين ظاهر لكل من يقرا صفحات من هذا الكتاب .
ثامنا ـ تعظيم المعصومين في الكتابة :


اعتاد الكتاب والمؤلفون بذكر (ص) كناية عن صلى الله عليه وآله وسلم عقيب ذكر اسم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم . وذكر (ع) اثر ذكر اسم امام من الائمة المعصومين عليهم السلام اشارة الى عليه السلام ولكن الامام رحمه الله قد خالف هذا العرف السائد لدى العلماء واتى على ذكر صلى الله عليه وآله وسلم بعد اسم رسول الله صلوات الله عليه وذكر عليه الصلاة والسلام بعد اسم كل واحد من الائمة عليهم السلام ولم اعثر في هذا الكتاب الضخم على مورد واحد اكتفى بالاحترام والتقدير كنابة بل صرح بالتقدير الصريح الواضح بكل افتخار واعتزاز .
مع الترجمة في هذا الكتاب :


عندما طبع الكتاب باللغة الفارسية وصدر الى الاسواق اخذت نسخة منه وقرات بعض صفحاته ، فوجدته كتابا قيما جديدا في العرض والاسلوب والمحتوى رغم ان قسما كبيرا من موضوعاته موجودة في الكتب المختلفة ثم ازددت شوقا واعجابا به عندما تصفحته اكثر ورأيت بان العالم الاسلامي المنبهر بشخصية الامام وقيادته الحكيمة ومرجعيته الرشيدة ، بحاجة ماسة شديدة لمعرفة افكار الامام وارشاداته فقمت بترجمة الكتاب رغم الاعمال الدينية الاجتماعية والمسؤوليات التعليمية وراجعت مجلة التوحيد التي تترجم الاحاديث الشريفة حسب التسلسل الموجود في الكتاب وتطبعها على حلقات في مجلتها التي تصدر الى الناس فاخذت الاحاديث المترجمة وعددها اربعة عشر حديثا الاولى واجريت عليها التعديل الكثير الكثير من الزيادة تارة والنقيصة اخرى والتغيير والتبديل في المفردات والجمل فاصبح شيئا جديدا مغايرا لما كان مطبوعا ومنتشرا من خلال المجلة بين ايدي الناس ، ثم مضيت في الترجمة الى ان انتهيت منها في اليوم الثاني من شهر رجب عام احدى عشر واربعمائة والف بعد الهجرة النبوية الموافق للثامن عشر من شهر كانون الثاني عام الف وتسعمائة وواحد وتسعين ميلادية .
ولا بد هنا من الاشارة الى :
اولا : ان الترجمة تكون حرفية وقريبة جدا من اصل الكتاب حتى انني في كثير من الاحيان استعملت المفردات التي استعملها الامام قدس سره بعد صياغتها في الجمل العربية .

الاربعون حديثاً 15

ثانيا : اتيت على ذكر المصطلحات الفلسفية والعرفانية والفقهية والرجالية من دون اي توضيح وشرح ، لان ذلك يتطلب جهد اكبر ودراسة اوسع ، تجعل من هذا الكتاب الواحد مجلدات وكتبا عديدة ونحن هنا بصدد اعطاء توجيهات الامام وترجمة افكاره ، ولسنا بصدد التبسيط والتفصيل والشرح والبيان .
ثالثا : لا يظن كل واحد يعرف اللغة العربية انه يستطيع ان يستوعب ابحاث الكتاب بكل بساطة وسهولة ، لان هذا الكتاب ليس بكتاب تاريخ او قصة وانما هو كتاب يعيش مع القرآن الكريم والسنة المباركة من خلال الفلسفة والعرفان والتفسير والحديث وعلى يد عالم كبير يتدفق معرفة وثقافة وحكمة وعلما . ولهذا يكون صعبا ومستعصيا فهمه على كل انسان .
رابعا : حاولت رغم قلة المصادر المتوفرة في مدينة صور من جبل عامل الصالحة الكريمة المجاهدة ان استخرج الروايات والاحاديث من مصادرها والتقط اقوال العلماء من منابعها ، مع العلم بان الإمام قدس سره كان مكتفيا بذكر الحديث مرة ونقله الى اللغة الفارسية اخرى من دون بيان مصدر الراوية ومرجع قول العالم .
واسال الله سبحانه القبول لهذا الجهد اليسير ، واساله سبحانه التوفيق لكي اصير جنديا من جنود صاحب الامر الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف .
ولا يسعني في نهاية هذه المقدمة الا وان اشكر رعاية واهتمام مؤسسة «دار التعارف للمطبوعات والنشر» تحت اشراف اخينا الحاج حامد عزيزي على طبعه واخراجه لهذا الكتاب القيم في شكله الانيق ونشره بين ايدي الناس في العالم الاسلامي ، حتى يستفيدوا ويستنيروا بالنور الالهي المشرق . انه سميع عليم وبالاجابة جدير .
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .

السيد محمد الغروي
صور ـ جبل عامل
لبنان
21 ـ شعبان ـ 1411 هـ
8 ـ آذار ـ 1991 م شبكة كربلاء المقدسة

الاربعون حديثاً 16




الاربعون حديثاً 17

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله اجمعين ولعنة الله على اعدائهم الى يوم الدين .
الهي : ـ انر مرآة القلب بنور الاخلاص ، وأجل عن صفحة القلب صدا الشرك ، واهد هؤلاء المساكين في بيداء الحيرة والضلالة الى جادة السعادة والفلاح الواسعة ...
ووفقنا للتخلق بالاخلاق الكريمة واجعل لنا نصيبا مما اختصصت به اولياءك من نفحاتك والطافك الخاصة ...
واخرج من مملكة قلوبنا جنود الشيطان والجهل ، واحلل محلها جنود العلم والحكمة والرحمن ...
واخرجنا من هذا العالم بحبك وحب من خصصتهم بقربك ... وعاملنا برحمتك حين الموت وبعده ...
واقرن عاقبة امرنا بالسعادة بحق محمد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم اجمعين) .
وبعد ... يقول هذا العبد الفقير الضعيف : كنت احدث نفسي منذ فترة ، بان اجمع اربعين حديثا من احاديث اهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) ، المدونة في الكتب المعتبرة للاصحاب والعلماء رضوان الله عليهم ، وان اشرح كل حديث شرحا يتناسب وفهم العامة . ومن هذا المنطلق كتبتها باللغة الفارسية كي ينتفع منها الذين ينطقون بالفارسية ، ولعلي بذلك ـ ان شاء الله ـ اصبح ممن يشمله الحديث الشريف لخاتم الانبياء صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول : «من حفظ على امّتي اربعين حديثا ينتفعون بها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما» (1) . الى ان وفقت للبدء بذلك . ومن الله تعالى اطلب التوفيق لاتمامه انه ولي التوفيق .

(1) صحيفة الرضا ـ ح 114 ـ عيون اخبار الرضا ـ ج 2 ـ ح 99 . وفيه من حفظ من امتي بدلا على امتي .
الاربعون حديثاً 18


الفهرس التالي التالي