أدب الطف ـ الجزء الخامس 367


استدراكات



ادب الطف ـ الجزء الخامس368


ادب الطف ـ الجزء الخامس369


المتوكل الليثي

توفى حدود 85 هـ

قتلوا حسـيناً ثم هـم ينعونه ان الـزمانَ بأهـله أطـوارُ
لا تبعدن بالطف قتل ضُيّعت وسقى مساكن هامها الأمطار(1)
* * *

المتوكل الليثي هو ابن عبد الله بن نهشل من ليث بن بكر ، من أهل الكوفة في عصر معاوية وابنه يزيد .
لقد حجبت المصادر عنا معالم حياة المتوكل واخباره ، إلا أن الدكتور يحيى الجبوري يرى أنه توفي في حدود سنة 85 هـ خمس وثمانون وهي السنة التي توفي فيها عبد الملك بن مروان .
أقول : له ديوان شعر قامت بنشره مكتبة الاندلس ـ بغداد وطبع في لبنان بعناية الدكتور يحيى الجبوري ، وفي الديوان روائع من شعره ، فمن ذلك هذا البيت الذي صار مثلاً :
لاتنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَه عارٌ عليك اذا فعلتَ عظيمُ

وكان للمتوكل امرأة يقال لها أم بكر فمرضت وأقعدت ، فسالته الطلاق فقال لها ليس هذا حين طلاق فأبت عليه فطلقها ، ثم انها برئت فندم وقال :
طربت وشاقني يا أمّ بكر دعاء حمامة تدعو حماما
فبتّ وبات همي لي نجياً أعزّي عنكِ قلباً مستهاماً


(1) تاريخ الطبري ج 6 ص 70 ـ 71 تحقيق ابراهيم ابو الفضل .
ادب الطف ـ الجزء الخامس370


إذا ذكرت لقـلـبك ام بـكـر يبـيت كأنما اغتـبق المـداما
خـدلجـّة ترفّ غـروب فيها وتكسوا المتن ذا خصل شحاما
أبى قـلبي فما يهـوى سواهـا وإن كـانت مـودتها غـراما
ينـام اللـيل كـل خـليّ هـمٍّ ويأتـي العين منـحدراً سجاما
على حين ارعويت وكان راسي كأن عـلى مـفارقـه ثـغاما
سعى الواشـون حتى أزعجوها ورثّ الحـبل وانجـذم انجذاما
فـلست بزائـل ما دمـت حيّاً مسيراً مـن تذكّـرهـا هـياما
تـرجّيها وقـد شطـت نواهـا منّتـك المنى عـامـاً فعـاما
خـدلـّجـة لهـا كفل وثـيرٌ يـنوء بهـا اذا قامـت قـياما
مخصّرة تـرى في الكشح منها على تثقيل أسفـلها انهـضاما
اذا ابتسمت تـلألأ ضوء برقٍ تهـلل في الـدجنّة ثـم دامـا
وان قـامـت تـأمـل رائياها غمامة صيّفٍ ولجـت غـماما
اذا تمشي تقـول دبـيب شول تعـرّج ساعـة ثم استـقامـا
وان جلـست فدمية بـيت عيدٍ تـصان ولا تـرى إلا لـماما
فـلو أشكو الذي أشـكـو اليها الـى حجر لراجعـني الكلاما
أحـبّ دنـوّها وتـحـب نأيي وتعـتام التـناء لـي اعـتياما
كـأني مـن تـذكـر أمّ بـكر جريـح أسـنّة يشكـو الكلاما
تساقـطُ أنفـساً نفـسـي عليها اذا شحطت وتغـتمّ اغتـماما
غشـيت لهـا منازل مقـفرات عفـت إلا الاياصـرَ والثماما
ونـؤيـاً قـد تـهـدّم جانـباه ومبـناه بـذي سلـم خـياما
صـليني واعـلـمي اني كريم وان حلاوتي خلطت عـراما
وانـي ذو مـجـاملـة صليب خُلقـتُ لمن يماكـسني لجاما
فـلا وأبـيك لا أنسـاك حتـى تجاور هامتي فـي القبر هاما(1)


(1) نزهة الأبصار بطرائف الاخبار والاشعار ج 1 ص 467 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس371


القاضي أبو حنيفة المغربي
المتوفى سنة 363

وقـام بعـد الحسـنِ الحسينُ فـلم تـزل لهـم عليه عـينُ
ترعـى لهم أحوالـَه وتـنظرُ في كـل ما يسـرّه ويجـهرُ
وشـرّدوا شيـعته عـن بابه وأظهروا الطـلب في أصحابه
ليمنـعوه كــل مـا يـريدُ وكـان قـد وليـهـم يـزيدُ
فأظـهـر الفسوقَ والمعاصي وكان بالحـجاز عـنه قاصي
ومـكـره يبلـغـه ويلحـقه وعينُه بـما يـخاف تـرمـقه
ولم يكن هناك مـن قد يدفعه عـنه اذا هـمّ بـه أو يمـنعه
وكـان بالعـراق من أتباعه أكثر ما يرجـوه مـن أشياعه
فسـار فيـمن مـعه اليـهم فقـطعوا بـكـربلا عـليـهم
في عسكر ليـس لـه تناهي أرسلـه الـغاوي عبــيد الله
يقدمه في البـيض والدلاصِ عمرو بن سعد بن أبي وقاص
فجاء مثل الـسيل حين ياتي فحـال بين القـوم والفـرات
واذ رأى الحسين ما قد رابه نـاشـدهـم بـالله والقـرابه
وجـدّه وأمّـه الـصديقـة وبعـلها أن يـذروا طـريقـه
وجاء بالوعـظ وبالتـحذير لهـم بـقـولٍ جامـع كـثير


ادب الطف ـ الجزء الخامس372


فـلم يـزدهـم ذاك إلا حنقا ومنعـوا الماء وسـدّوا الطرقا
حتى إذا أجـهده حرّ العطش وقد تغـطّى بالهجـير وافترش
حرارة الرمضاء نادى ويلكم أرى الكلاب في الفرات حولكم
تلـغُ في الـماء وتمنـعونا وقد تعبـنا ويحـكم فـأسقونا
قالوا لـه لست تنال الـماءا حـتى تـنال كـفّك السـماءا
قال فما تـرون في الاطفال وسـائـر النـسـاء والعـيال
بنـي علي وبـنات فاطـمة عيونهم تهـمي لـذاك ساجمه
فهل لكم أن تتركوا الماء لهم فإنكم قـد تعلـمون فضـلهم
فان تروني عنـدكـم عدوكم فشـفّعوا فـي ولـدي نبـيكم
فلم يـروا جـوابه وشـدوا علـيه فـاستعـدّ واستـعدّوا
فثبـتوا أصـحابه تـكرّمـاً من بعد أن قـد علموا وعلما
بأنهم فـي عـدد الأمـواتِ لما راوا مـن كـثرة العـُداةِ
فلـم ينالـوا منـهم قـتيلا حتى شفى من العدى الغـليلا
واسـتشهدوا كلهم من بعدما قد قَـتلوا أضعافهـم تقـحّما
واستشهد الحسين صلّى ربُه عليه لـما أن تـولّى صـحبه
مع ستة كانوا أصـيبوا فيه بالقـتل أيضاً مـن بـني أبيه
وتسـعـة لعـمّه عـقـيل لهـفي لذلك الـدم المـطلول
وأقبلوا بـرأسه مـع نسوته ومـع بنـيه ونسـاء اخـوته
حـواسـراً يـبكـينه سبايا عـلى جـمال فوقـها الولايا
ووجهوا بهـم عـلى البريدِ حتى أتـوا بـهم الـى يـزيد
فكيف لـم يمت على المكان من كان في شيء من الايمانِ
أم كيف لا تهمي العيون بالدم ولم يـذُب فـؤاد كـل مسلم
وقـد بكـته أُفـق السـماء فأمـطرت قطراً مـن الدماء


ادب الطف ـ الجزء الخامس373


وحزن البدرله فانكسفا وناحت الجـنّ عليه أسفا
فيا لتسكاب دموع عيني اذا ذكرت مصرع الحسين
* * *

القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن احمد بن حيون التميمي المغربي المتوفى سنة 363 هـ له أرجوزة مطولة وتحتوي على احتجاج قوي في الامامة ، وللقاضي بجانب هذه الارجوزة أراجيز ثلاث طوال ، وهي الارجوزة المنتخبة في الفقه ، والارجوزة الموسومة بذات المنن في سيرة الامام المعز لدين الله الفاطمي ، والارجوزة الموسومة بذات المحن ، وقد أشار في أبيات الارجوزة التي نقتطف منها الشاهد الى انه سوف يدوّن كتاباً جامعاً في الإمامة بعد فراغه من هذه الارجوزة وقد أنجز ما وعد وألّف هذا الكتاب الجامع في أربع مجلدات ، ووجدنا الاشارة الى هذا الكتاب في كتاب (المناقب والمثالب) وكتاب (شرح الاخبار) .
نشرت هذه الارجوزة بتحقيق وتعليق اسماعيل قربان حسين عن معهد الدراسات الاسلامية ـ جامعة مجيل ـ مونتريال ـ كندا ـ بـ 357 صفحة .

ادب الطف ـ الجزء الخامس374


الحسن بن حكينا
المتوفى 528

ولائمٍ لام فـي اكتحالى يوم استباحوا دم الحسين
فقلت دعني أحقّ عضوٍ ألبس فيـه السـواد عيني(1)
* * *

الحسن بن أحمد بن محمد بن حكّينا ، الشاعر البغدادي .
قال ابن شاكر في الجزل الاول من (فوات الوفيات) ما يلي :
كان من ظرفاء الشعراء الخلعاء ، وأكثر أشعاره مقطعات . وذكره العماد الكاتب وقال : أجمع أهل بغداد على أنه لم يرزق أحد من الشعراء لطافة شعره توفي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ، رحمه الله !
اقول : وجاءت ترجمته في (شذرات الذهب في أخبار من ذهب) لعبد الحي الحنبلي ج 4 ص 88 ، وعبّر عنه بالحسن بن احمد بن حكّينا . وهو أصح من جكينا(2) وذكره الزركلي في الاعلام ، قال : وقال ابن الدبيثي : سار شعره وحُفظ ، على فقر كان يعانيه وضيق معيشة كان يقطع زمانه بها .

(1) عن فوات الوفيات لابن شاكر ج 1 ص 228 .
(2) تاج العروس ، مادة (حكن) .
ادب الطف ـ الجزء الخامس375


الكمال العبّاسي

قال الكمال العباسي يرثي سيف الدين علي بن عمر المُشِد المتوفى بدمشق سنة ست وخمسين وستمائة ، والمدفون بسفح قاسيون ويذكر الحسين بن علي (ع) :
أيا يوم عاشورا جُعلتَ مصيبة لفـقد كريم أو عظـيم مُبـجّل
وقد كان في قتل الحسين كفاية فقد جاء بالرزء المعظّم في علي

وقال تاج الدين بن حواري يرثيه :
أأخـيّ أيُ دجنّـة أو أزمـة كانت بغير السيف عـنا تنجلي
نبكي عليه وليس ينفعنا البـكا نبكي على فقد الجواد المُفضل
مَـن للقوافي والمـعاني بعده مَن للمـواضي والرماح الذّبل
مَن ذا لباب العلم غـيرَ ذنبُـه إذ حلّ فـيه كل خطب معضل
لم يكفه قتل الحسين وما جرى حتى تعدّى بالمصاب على علي(1)


(1) فوات الوفيات ج 2 ص 129 .


السابق السابق الفهرس