أدب الطف ـ الجزء الخامس 131


خير الليالي ما تقدّم في الصبا كم بين من جلّى وبيـن التالي
لله كم لك يا زمـاني فيّ من جرح بجارحـة وسهـم وبال
صيّرتني هدفاً فلو يسقي الحيا جدثي لانبـت تربتـي بنـبال
ألفت خطوبك مهجتي فتوطنت نفسي على الإقـدام في الأهوال
وترفعت بي همتي عن مدحة لسوى جناب أبي الحسين العالي

وقال كما في نفحة اليمن ص 121 :
ضحكت فأبدت عن عقود جمان فجلت لنا فلق الصباح الثاني
وتزحزحت ظلم البراقع عن سنا وجـناتها فتـثلث القـمران
وتحدثت فسمـعت نطـقاً لفظه سحر ومعـناه سلافة حاني
ورنت فـخرقت القلوب بمـقلة طرف السنان وطرفها سيان
وترنمت فشـدت حمائم حـليها وكذاك دأب حمائم الأغصان
عـربية سعـد العشيرة أصلـها والفرع منها من بني السودان
خود تصوّب عـند رؤية خدها آراء من عكفوا على النيران
يبـدو محـياها فلـولا نطـقها لحسـبتها وثناً مـن الأوثان
لم تصلب القرط البريء لغـاية إلا لتنصر دولـة الصلـبان
وكذاك لم تضعف جفون عيونها إلا لتـقوى فتنـة الشـيطان
خلـخالها يخفى الانين وقرطها قلق كقلب الصبّ في الخفقان
بخـمارها غسق وتحـت لثامها شفـق وفي أكمامهـا فجران
سبـحان من بالخد صوّر خالها فأزان عينَ الشمس بالإنسان
أمر الهـوى قلبي يهـيم بحـبها فاطاعها فنهـيته فعـصاني
هي في غدير الشهد تخزن لؤلؤا واجاج دمعي مخرج المرجان
يا قلب دع قـول الوشاء فانـهم لو انصفوك لكنت اعذر جاني


ادب الطف ـ الجزء الخامس132


أصحاب موسى بعده في عجلهم فتـنوا وأنـت بـأملح الغزلان
عذب العذاب بـها لديّ فصحّتي سقمى وعزّي في الهوى بهوان
لله نـعمان الاراك فـطالـمـا نعمت بها روحي على نعـمان
وسقى الحيا منـا كرام عشـيرة كفـلوا صيانـتها بكل يـماني
أهـل الحمية لا تـزال بدورهم تحمي الشموس بانجم خرساني
أسد تخوض الـسابغات رماحهم خـوض الأفاعي راكد الغدران
لانت معاطفهم وطـاب أريجهم فكأنـهم قطب مـن الريـحان
من كل واضـحة كـأن جبينها قبس تقنّـع في خـمار دخـان
ويلاه كم اشقى بهم وإلـى متى فيهم يخلّـد بالجـحيم جنـاني
ولقد تصفـحت الزمان وأهـله ونقدت أهـل الحسن والاحسان
فقصرت تـشبيبي على ظبياتهم وحصرت مدحي في عليّ الشان
فهم دعونـي للنسيب فصـغته وأبو الحسين إلى المديـح دعاني

يعني بهذا السيد علي خان بن خلف الحويزي المشعشعي الآتية ترجمته في الصفحة الآتية .

ادب الطف ـ الجزء الخامس133


السيد علي خان المشعشعي

ألا عاد جرح القلب بعـد اندماله لـرزء شـجى قـلب النبي وآلـه
اذا رمت أن أرنـو هلال مـحرم غدا دمـع عيني حاجباً عـن هلاله
فلا كـان قلب حين هلّ ولم يذب ولا كان جـفن لـم يجد بانـهماله
كأني أرى مـنه الحسين وقد غدا يـذود العـدى عـن أهله وعيالـه
وقد نـازل الأعداء حتى تـبَينوا نـزال أبيه الـمرتضى بنــزالـه
وأصحـابه مـن حـوله فـكأنهم نجـوم تحـف الـبدر عنه كـماله
وأبصر منه حين خـرّ على الثرى ثرى الطف تكسوه الصبا من رماله
ويـذكرني هـتك الخيام وسلبـهم بنات الهدى مـن بعد قـتل رجاله
وتسييرها بـين الخلائـق حسراً على كل صعـب حاسر من رحاله
فلـما أتوا شـرّ الـبرايا بشامـه أبـان سـروراً شـامتاً بمـقالـه
وقـرّب راس السبط ينـكت ثغره وأبدى قـبيحاً كامـناً مـن فعالـه
فكادت تميد الأرض من قبح فعله وما نال من أهـل الهدى بضلالـه
فيـا ويله لم يرع فيهـم محـمداً ولم يخـش مـن رب السما ونكاله
ويا ويحـه مـاذا أعـدّ إذا دعـا آلـه الـورى كل الـورى لسـؤاله(1)


(1) عن ديوانه المخطوط في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف ـ قسم المخطوطات ـ رقم : 801 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس134


السيد علي خان المشعشعي الحويزي .


المتوفي 1088
ابن السيد خلف بن عبد المطلب بن حيدر بن محسن بن محمد الملقب بالمهدي ابن فلاح بن محمد بن أحمد ينتهي نسبه إلى الامام موسى بن جعفر عليه السلام هو أحد حكام الحويزة . ذكره شيخنا الحر في أمل الآمل وقال : كان فاضلاً شاعراً أديباً جليل القدر له مؤلفات في الأصول والإمامة وغيرها وله ديوان شعر المسمى بـ (خير جليس ونعم أنيس) بخط الشيخ محمد السماوي وهو في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف .
ورأيت من مصنفاته كتاب (خير المقال في فضل النبي والآل) مخطوط في مكتبة صاحب الذريعة يحتوي على ثلاث مجلدات . رأيت المجلد الثالث في المكتبة المشار اليها يبدأ باحوال الامام الحسن الزكي ثم يذكر أحوال الحسين ويشير إلى جملة من القصائد التي نظمها في رثائه عليه السلام ويذكر مطلع كل قصيدة وبعض أبياتها ، وينتهي الكتاب باحوال الحجة المهدي عليه السلام . ويقول في آخره : قد وقع الفراغ من تأليف كتابنا المسمى بخير المقال في فضل النبي والآل في ليلة الجمعة الثاني والعشرين من شهر شوال ثلاث وثمانين وألف .
أقول ورجعت إلى كتاب (الذريعة) ج 7 فوجدت ما يلي : خير المقال في شرح القصيدة المقصورة في مدح النبي والآل كما ذكره في أمل الأمل وقال : هو في الأدب والنبوة والامامة للسيد علي خان الوالي الحويزي ابن السيد خلف بن عبد المطلب الموسوي المشعشعي المتوفى 1088 كما ارخه حفيده وسميه في الرحلة المكية وترجمه صاحب الرياض وذكر انه يقرب من ثلاثة وستين الف بيت في أربع مجلدات صنفه في ستة أشهر ونصف ، شرع فيه منتصف ربيع الاول 1083 وفرغ منه آخر رمضان قال : وهو شرح لقصائد في مدحهم .
قال الشيخ الطهراني في (الذريعة) عند ذكر ديوان السيد عليخان

ادب الطف ـ الجزء الخامس135


المشعشعي : له ديوان عربي وفارسي . قال السيد شبر بن محمد بن ثنوان الحويزي في رسالته المؤلفة في نسب السيد عليخان الوالي ما لفظه : أنا لما اجتمعنا في زيارة رجب في سنة 1154 مع العالم اللبيب العارف الأديب الحاوي من الكمالات كل نفيس ، شيخنا المكرم الشيخ خميس الخلف ابادي ، ذكر أن الديوان الفارسي للسيد عليخان بن خلف غير ديوانه العربي انتهى .
أقول وفي الديوان المخطوط المشار اليه جملة من القصائد في الامام ابي عبد الله الحسين فمنها قصيدة أولها :
يا نجوماً لم ترض أفق السماء كيف أضحت لقىً على البوغاء
وشـموساً لـم تنبعث لغروبٍ قد كساهـا الكسوف في كربلاء


ادب الطف ـ الجزء الخامس136


الحاج مؤمن الجزائري الشيرازي

قال يرثي الحسين عليه السلام وهي قطعة من قصيدة طويلة(1) :
جاء شهر البكاء فلتبكِ عيني بدماء على مصـاب الحسين
وإمـام الانام مـن غيرِ مَين وابن بنت الرسول قرّة عيني
آه واحسرتا لرزء الحسين

كم دماء في كربلاء أراقوا وبدور قـد اعتـراها محاق
وسقوا طعـم علقم لا يذاق خير رهط على البرية فاقوا
آه واحسرتا لرزء الحسين

خطفتهم بـروق بيض المنايا وأصابتـهم سهـام البـلايا
عن قسيّ الفضا فدعني ألأيا لائمي في البكا لعظم الرزايا
آه واحسرتا لرزء الحسين

هم بدور وغربهم كربـلاء هالهم كرب أرضها والـبلاء
خسفوا إذ لهم سنا واعتلاء ما لهذي البدور منها انجلاء
آه واحسرتا لرزء الحسين

كم بها صادت البغاث نسورا كم بها صارت السروج قبورا


(1) عن كتاب (حديقة الافواح لازاحة الأتراح) لمؤلفه أحمد بن محمد بن علي بن ابراهيم الانصاري اليمني الشرواني المتوفى سنة 1250 هـ .
ادب الطف ـ الجزء الخامس137


كم بها استوسد الكرام صخورا كم بها رضّت الخيول صدورا
آه واحسرتا لرزء الحسين

وردته الخطـوط منهم وقالوا مِل الينا بسـرعة ثم مالوا
عنه إذ حلّ في فناهم فحالوا بينه والفرات ثم استصالوا
آه واحسرتا لرزء الحسين

ومنها في أنصار الحسين (ع) :
وعدوا النصر حين أعطوا عهودا أوثقوا عقدها وصاروا أسودا
بذلـوا دونـه النفـوس سعـودا حينما شاهدوا الجنان شهودا
آه واحسرتا لرزء الحسين

غاب فتيان أهله والكهول فغـدا السـبط يشـتكي ويقول
وله مـدمع عليهم همول هل بقي من يعين يا قوم قولوا
آه واحسرتا لرزء الحسين

لست أنسى الحسين فرداً وحيدا وعـداه سدّوا عـليه الصعيدا
قصدوا بالـنصال منه الوريدا وسقوه الردى فأضحى شهيدا
آه واحسرتا لرزء الحسين


ادب الطف ـ الجزء الخامس138


الحكيم الجزائري

مولده سنة 1074 هـ

الحاج مؤمن ابن الحاج محمد قاسم ابن الحاج محمد ناصر ابن الحاج محمد الشيرازي المولد والمنشأ الجزائري الأصل ـ نسبته إلى جزائر خوزستان كان من العلماء العرفاء ، قرأ على المولى شاه محمد الشيرازي ووصفه في روضات الجنات بمولانا العالم العارف الجامع المؤيد البارع وقال : انه كان من أعاظم نبلاء عصر العلامة محمد باقر المجلسي الثاني له كتب مبسوطة في شرح منازل السائرين وذكر مقامات العارفين والسالكين ، له منية اللبيب في مناظرة المنجم والطبيب .
له شعر في مدح أمير المؤمنين علي ورثاء ولده الحسين عليهما السلام ومما ذكر السيد الأمين مضافاً إلى ما تقدم كتاب جامع المسائل النحوية في شرح الصمدية ومجالس الاخبار سبع مجلدات وبيان الاداب شرح على آداب المتعلمين النصيرية وتحفة الاحباء نظير الكشكول وتحفة الاخوان في تحقيق الاديان ومطلع السعدين .
وذكره في حديقة الافراح فقال : الحكيم محمد مؤمن بن محمد قاسم الجزائري الشيرازي أديب ماهر ، سيف ذهنه باتر حكيم حاذق ثاقب فهمه كاشف عن دقائق الحكمة والحقائق حاز حظاً وافراً من الكمالات وحيّر الافكار بما أبدع في صناعة السرقات ، مجاميعه كنوز الفوائد ومضامين رسائله فرائد .
وذكر الشيخ اغا بزرك الطهراني في الذريعة للمترجم له كتاب(تعبير طيف الخيال في تحرير مناظرة العلم والمال) هو شرح على طيف الخيال في المناظرة بين العلم والمال . والمتن والشرح كلاهما للمولى العارف الحاج محمد مؤمن

ادب الطف ـ الجزء الخامس139


ابن الحاج محمد قاسم بن محمد ناصر بن محمد الجزائري الشيرازي المولد . ولد في ضحى السبت سابع عشر شهر رجب الاصب من سنة أربع وسبعين وألف . وقال هو في بعض مذكراته : سافرت نحو الهند في سلخ شهر ربيع الأول سنة اثنتين بعد ماية وألف ولي من العمر سبع وعشرون سنة ، ثم يذكر انه فرغ من تأليف الشرح المذكور سنة 1119 بالهند وله يومئذ خمس وأربعون سنة ثم بعد ذلك شرع في المجلد الآخر من الشرح الضخم وهو نفس المناظرة بين العلم والمال . ويوجد له أيضاً : خزانة الخيال الذي فرغ من تأليفه في سنة 1130 .
وذكر الشيخ له أيضاً كتاب تحفة الابرار في مناقب الأئمة الاطهار عليهم السلام وقال : حكى في نجوم السماء عن فهرس تصانيفه انه كتب هذا الشرح قبل بلوغه ثم كتب عليها حواشي دوّنها بنفسه وسماه بـ (الدرالمنثور) .
وفي حديقة الافراح قال ومن جيد شعره قوله مادحاً أمير المؤمنين علي بن أبي طالب :
دع الأوطان يـندبها الغريب وخلّ الدمع يسكبه الكثيبُ
ولا تحزن لا طلال ورسـم يهبّ بها شمال أو جنوب
ولا تطـرب إذا ناحت حمام ولاحت ظبية وبدا كثيب
ولا تصـبو لرناث الـمثاني وألحان فقد حان المشيب
ولا تعشق عـذارى غـانيات يزين بنانها كف خضيب
ولا تلـهو بحب صبيح وجه شبيه قوامه غصن رطيب
ولا تشرب من الصهباء كأساً يكون مديرها ساق أريب
ولا تصحب حميـماً أو قريباً فكل أخ يعـادي أو يعيب
ولا تأنس بـخل أو صـديق وذرهم إنهم ضـبع وذيب
ولا تفرح ولا تحـزن بشيء فلا فرح يدوم ولا خطوب


ادب الطف ـ الجزء الخامس140


ولا تجزع إذا ما ناب هـمٌ فكم يتلو الأسى فـرج قريب
وسكّن لوعة القلب المعـنّى وانشد حين يعروه الـوجيب
عسى الهمّ الذي أمسيت فيه يكون وراءه فـرج قـريب
ولا تيأس فـان الليل حُبلى يكون ليومـها شـأن عجيب
وحسبك في النوائب والبلايا مغيث مفزع مـولى وهوب
جواد قبل أن يرجى بواسي غأياث قبل أن يأدعى يجيب
أمير المؤمنـين أبـو تراب لـه يوم الـوغى باع رحيب
عليه تحـيتي ما جـنّ ليل وحنّ من النوى دنف غريب


ادب الطف ـ الجزء الخامس141


السيد نعمان الأعرجي

جزعاً بكى وأخو الصبابة يجزع وجرت سـواكب دمعه تتدفعُ
صبّ إذا هـلّ المـحرم هاجـه وجد تفيض العين منه وتدمع
وجـوىً لما نال الحسين وآلـه نيرانه بيـن الأضالع تسـفع
في كربلا ، فـي كربها وبلائها لما استجاشوا حوله وتجمّعوا(1)


(1) القصيدة طويلة رواها الشيخ فخر الدين الطريحي في (المنتخب) .
ادب الطف ـ الجزء الخامس142


السيد نعمان الاعرجي



هو من أدباء القرن الحادي عشر ذكر له العلامة الخطيب اليعقوبي في (البابليات) ترجمة وجملة من الشعر ، قال : وذكره فخر الدين الطريحي في المنتخب ، وله مراث كثيرة لأهل البيت عليهم السلام ذكر قسماً منها الشيخ عبد الوهاب الطريحي ابن الشيخ محمد علي ـ أخو فخر الدين صاحب المجمع والمنتخب ، وكله في مراثي آل الرسول . وقال في مقدمة الترجمة :
السادة الأعرجيون من أكبر جذوم الطوائف الحسينية وأكثرها انتشاراً في العراق وغيره وينتهي شريف نسبهم إلى عبيد الله الاعراج ابن الحسين الاصغر بن الإمام زين العابدين (ع) الذي هو من معاصري أبي العباس السفاح وكان في احدى رجليه نقص فسمي الاعرج وعرفت ذريته بالسادة الاعرجية . وقال صاحب العمدة عن أبيه الحسين الأصغر : وعقبه عالم كثير بالحجاز والعراق والشام وبلاد العجم والمغرب . (اهـ) تقلد جماعة منهم نقابة الطالبيين وزعامة الدنيا والدين وامارة الحاج ، ومن أعيانهم في القرن الرابع الأمير أبو الحسن محمد الاشتر بن عبيد الله الثالث بن عبد الله الثاني بن علي بن عبيد الله الاعرج كان له نيف وعشرون ولداً تقدموا في الكوفة وملكوا حتى قيل السماء لله والأرض لبني عبيد الله ، وكان محمد هذا قد وقعت بينه وبين قوم من العرب بظاهر الكوفة حرب وهو دون العشرين فقتل منهم جماعة وجرح في وجهه فكسته الضربة حسناً ولقب بالاشتر وهو الذي مدحه المتنبي أحمد ابن الحسين بقصيدته التي مطلعها :
أهلا بدار سباك أغيدها أبعد ما بان عنك خردها

ومنها في المدحي ويشير فيها إلى جرح وجهه :

ادب الطف ـ الجزء الخامس143


خير قريـش أباً وأمجدها أكثرها نائـلا وأجـودها
تاج لوي بـن غالب رَبه سما لها فرعها ومحتدها
أفرسها فـارساً وأطوالها باعاً ومغوارهـا وسيدها
يا ليت لي ضربة أتيح لها كما أتيحت لـه محمدها
أثر فيها وفـي الحديد وما أثر في وجهـه مهـندها
قد أجمعت هذه الخليفة لي انك يا بـن النبي أوحدها

ونبغ في القرون الوسطى وما بعدها منهم عشرات الرجال بالعلم والفضل والأدب والشعر ومن أشهرهم في أوائل القرن الثامن السيد عبد المطلب بن أبي الفوارس الملقب بالعميدي الذي طفحت موسوعات التراجم والرجال بذكره وعرف بغزارة علمه وجلالة قدره وتعليقاته على كتب خاله (العلامة الحلي) وكانت ولادته بالحلة سنة 681 ووفاته ببغداد سنة 704 هـ وحمل إلى المشهد الغروي وتعرف ذريته في الحلة حتى اليوم بآل (العميدي) وفي القرن الحادي عشر نجم منهم جماعة بالفضل والأدب ترجم صاب (نشوة السلافة) لثلاثة منهم ولكنه لم يذكر إلا وجيزاً من أشعارهم ومجملاً من أخبارهم ولم يأت بما نروم من الغرض وكان أحدهم صاحب الترجمة السيد نعمان واليك نص ما قال عنه :
لم يذكره السيد في السلافة كأنه لم يبلغه اسمه ونظمه ، ومن رقيق شعره قوله :
حبـيبٌ فيه قد خلـع العذارُ وفي خديـه قم نـمّ العذار
هلال دجى لـه عيناي افقٌ غـزال نقاً له قلـبي قفار
ولست ألومـه إن صدّ عني فـان الظبي عادتـه النفار
أحب لوجـهه الاقمار جمعا ومنه عليه من شـوق أغار
وأشفق ان دنا من فيه كأس عـلى درٍّ يقـبّله الـنضار


ادب الطف ـ الجزء الخامس144


قال وله نظم رائق ذكرناه في كتاب «نتائج الافكار» فليطلب من هناك . اهـ
وتعرض لذكره الاستاذ البحاثة يعقوب سر كيس في ترجمة الشاعر الاديب أبي عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الحميد البغدادي الشهير بـ (حكيم زاده) من أدباء القرن الحادي عشر عن مخطوط نقل عنه ما نصه : كان قد أرسل لي السيد الاجلي السيد نعمان الحلي وهو في بغداد نبذة من قصائده وأشعاره وكان له اليد الطولى في نظم الشعر فلما وقفت على أشعاره ودرر عقود أفكاره استحسنته غاية الاستحسان ونظمت هذه الأبيات وكتبتها في عنوان الكتاب وأرسلتها إليه وأنا .. الحكيم زاده والأبيات هذه :
نعمان لوح أرض ذهنك روضة فيها صـنوف شقائق النعمان
أحسـنت فيما قلـته وزبـرته وسبقت من جارك في الميدان

وآخرها :
ويريك وصل الحلة الفيحاء و الاحباب والاوطار والاوطان

«أبياتها ـ 14 ـ» وذكره فخر الدين الطريحي في المنتخب ، وفي بعض مطبوعاته السقيمة ربما عبّر عنه بالشيخ نعمان وهو تحريف من الناسخ أو الطابع ويقول من قصيدة له مطلعها :
جزعاً بكى وأخو الصبابة يجزع وجرت سواكب دمعه تتدفع

وترجم له الأديب الخاقاني في شعراء الحلة وقال : رأيت في مجموع بمكتبة الحاج محمد رضا شالجي بالكاظمية الأبيات الآتية :
غدوتُ ومـالي في الأحبة من ندّ وأخصلتُ فيكم يا أهيل الحمى ودّي
ووحّدكم قـلبي ولم يـرَ ناظري جمالكم يا من هم في الورى قصدي
وفي أسمر كالظبي جيداً إذا رنى دلالاً فقل ما شئتَ بالأبيض الهندي


ادب الطف ـ الجزء الخامس145


يفوق على اليبض الرقاق بطرفه ويزري على السمر الذوابل بالقدّ
حكى البدر حسناً والـغزالة مقلة وغصن النقا بالقد والـورد بالخد
بدا فرأيت الصبح من نور وجهه ولاح لعيني الليل من شعره الجعد

وأقول والقصيدة بكاملها في منتخب الشيخ عبد الوهاب الشيخ محمد علي الطريحي المخطوط وعبّر عنه بالسيد الحسيب النسيب السيد نعمان الاعرجي وعبّر عنه في المنتخب أيضاً : بالسيد الجليل نعمان الاعرجي الحسيني عندما ذكر قصيدته في رثاء الحسين (ع) التي أولها :
أسفـي وافرٌ وحزني طويل وحنيني باد ودائي دخيل

وقال السيد الجليل نعمان الاعرجي الحسيني يرثي جده الحسين (ع) رواها الشيخ عبد الوهاب الطريحي في (منتخبه) المخطوط بخطه :
أسفـي وافرٌ وحـزني طويل وحنيني باد ودائي دخـيل
وفؤادي من الأسـى باضطرام ودموعي على الخدود تسيل
واصطباري نأى ووجدي مقيم ومصابي جمٌ ورزئي جليل
قد جعلتُ البكاء والنـوح دأبي فكثير البـكاء عنـدي قليل

وقال في قصيدة مطولة :
يا مقلتي بالدمع جودي وابكي على السبط الشهيدِ

نقلناها عن مخطوطة في مكتبة الإمام الحكيم العامة بالنجف الأشرف ـ قسم المخطوطات . تحت عنوان : علويات السيد نعمان الاعرجي الحلي ، ومعها علويات الشيخ عبد الله بن داود الدرمكي ، وهي برقم 278 وكلها بخط الشيخ محمد السماوي .

ادب الطف ـ الجزء الخامس146


أحمد بن خاتون العيثاني

دع التصابي بـذكـر البـان والعـِلم وذكـر سلمى وجيران بذي سلِم
فجـيش عـمرك ولّى وهـو منـهزم والشيب وافاك بالأسقـام والهرم
مخبّـر عن قدوم الـموت في عجـل يسعـى إليك بلا سـاقٍ ولا قدم
فشمرّ العـزم وانهض للـرحيل بـما يدني إلى جنة الفـردوس والنعم
لا تـركنـن إلى الـدنيا وزخـرفهـا فكم أبادت بسيف الـغدر من أمم
وكنصبوراً على صرف الزمان عسى يأتي من الله ما ينـجي من النقم
وارحل مـطاياك بالعزم الـشديد إلى معادن الجود أهل الفضل والكرم
خـير البرايـا ومختار الإله مـن الـ ـجم الغفير وخير العرب والعجم
محمد المصطفى الهادي الـبشير ومن أتى مـن الله بالـبرهان والحـكم
الصادق القول ذي الاحسان خـير فتىً من هاشم طاهر الأخلاق والـشيم
أبـدى لـنا من يـديـه كل معجـزة فاقت علـى أنبياء الله فـي القدم
والضـب والظـبي والسـرحان كلّمه والميت من بعدما قد عدّ في الرمم
أكرم بمســراء والأمـلاك مـحدقة تحـفّه وهو فيـهم صاحب الـعلم
يا أكرم الـرسل يا خيـر العباد ومن بـه نجاة الـورى من زلـة القدم
أشكـو إلـيك أموراً خـطـبها جلـل قد أحدثت من بقايا عابـدي الصنم
وقـد تـواصوا بنقـض العهد بيـنهم بغياً ومالوا لحـقدٍ في صـدورهم
وقابلوا سبـطك السـبط الشهيد بـما أخفوه مـن ضغنٍ في فعلـكم بهم


ادب الطف ـ الجزء الخامس147


فقال يا قـوم مـهلاً لا يحـلّ بكم من العذاب كما قد حلّ في الأمم
هـل جاءكم أحـد عني يخـبّركم بفعلةٍ أوجبت أن يستـباح دمي
فقـام من باع منه النفس عن رشدٍ بهمة منه قد فاقـت على الهمم
حتـى دعاهم إلى الجـنات خالقهم فاصبحوا مطعماً للطير والرخم
فيـالها حسـرة عـمّت مصـيبتها لكل حرّ بحـبل الدين معتـصم
والطاهرات على الأقتاب في عنف تسير فوق متون الانـيق الرسم
يا سبط أحمد يا ابن الطهر فاطـمة يا نجل حيدرة المنعـوت بالكرم
اذا أتى عـشر عاشـرو يفيض لك الطرف القريح بدمع منه منسجم
وقد وثـقـت بـأن الله يـغفر لي بحبكم مـوبقات الذنـب واللمم
فعـبدكم أحـمد يـرجو جمـيلكم بذمة مـنكم أوفت علـى الذمم
نجل ابـن خاتون يرجوكم له مدداً في كل حال من البأساء والغمم
صلى الإلـه عليكـم سادتي أبـداً ما هزّ شـوق المطايا هزة النغم(1)


الشيخ أحمد بن خاتون العاملي العيثاني .



في أمل الآمال : معاصراً للشيخ حسن بن الشهيد الثاني . كان عالماً فاضلاً زاهداً عابداً أديباً . وهناك من يتفق معه بهذا الاسم واللقب ذكره السيد الأمين في الأعيان .
وعيناثا بعين مهملة مفتوحة ومثناة تحتانية ساكنة ونون وثاء مثلثة بين ألفين ، من قرى جبل عامل .
وآل خاتون بيت علم قديم في جبل عامل . انتهى عن الأعيان ج 8 ص 369 . أقول إذا كان المترجم له من المعاصرين للشيخ حسن بن الشهيد الثاني فهو في القرن الحادي عشر ، إذ أن وفاة الشيخ حسن سنة 1011 .

(1) اعيان الشيعة ج 8 ص 370 .


السابق السابق الفهرس التالي التالي