أدب الطف ـ الجزء الخامس 114


ونُـهني مجدك العالي بـما حازه بل كلـما حاز تهنى
وابق يا مولى الموالي بالغاً من مقامات العلى ما تتمنى(1)

ومن شعره :
ولما رأينا منزل الحي قد عفا وشطّت أهـاليه وأقوت معالمه
لبسنا جلابيب الكآبة والأسى وأضحى لسان الدمع عنا يكالمه

وقوله :
كم ذا أواري الجـوى والسقم يبديه وأحـبس الدمع الأشـواق تجريه
شابت ذوائب آمالي ومـا نجـحت وليل هـجرك ما شابـت نواصيه
ولاهب الـوجد في الاحشاء يخمده رجا الوصال وداعي الشوق يذكيه
رفقاً بقلبـي المعنى في هواك فما أبقيت بـالهجر منه مـا يُعـانيه
وكيف يقوى على الهجران ذو كبد جرت لطـول التئاني مـن مآقيه
ما زال جيش النوى يغزو حشاشته حتى طواه الضنى عن عين رائيه
يا من نأى ولـه في كل جـارحة مني مـقام إذا مـا شـطّ يدنيـه
هل أنت بالقرب بعد اليأس منعطف وراجع مـن لذيذ العيش صـافيه
فقـد تمادى الجـوى فينا ورقّ لنا قاسي قلوب العدى مما نقاسيه(2)

ومن قوله أيضاً كما في السلافة :
سـئمت لفـرط تنقـلي الـبيداءُ وشكت لعظم ترحلي الانضاء
ما ان أرى في الدهر غير مودع خـلا وتوديع الخـليل عناء
أبلى النوى جلدي وأوقد في الحشا نيران وجد ما لهـا إطـفاء
فقدت لطول البين عيني مـاءها فبـكاؤها بدل الدمـوع دماء


(1) شهداء الفضيلة للشيخ الأميني .
(2) أعيان الشيعة ج 33 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس115


فارقـت أوطاني وأهـل مودتي وخرائــداً غيـداً لهنّ وفاء
من كـل مائسة القـوام إذا بدت لجمال بهجتـها تـغار ذُكاء
ما اسفـرت والليل مـرخٍ ستره إلا تـهتك دونـهـا الظلماء
ترمي القلوب بأسهم تصمي وما لجراحهن سوى الوصال دواء
شمس تغار لها الشموس مضيئة ولـها قلوب العاشقـين سماء
هيفاء تخـتلس القلوب إذا رنت فـكأنـما لحظـاتها الصهباء
ومعاشر مـا شان صدق ولائهم نقض العهود ولا الوداد مـِراء
ما كنت أحسب قبل يوم فراقهم ان سوف يقضى بعد ذاك بقاء
فسقى ثرى وادي دمشق وجادها من هاطل الـمزن الملث حياء
فيـها أهيل مـودتي وبـتربها لجليل وجـدي والسقـام شفاء
ورعـى ليالينا التي في ظـلها سلفت ومقلة دهـرنا عمـياء
أترى الـزمان يجود لي بايابها ويـتاح لي بعـد البعاد لقـاء
فإلى متى يا دهر تصدع بالنوى اعـشار قـلب ما لهنّ قـواء
وتسومنـي منك الـمقام بـذلّة ولهـمتي عـما تسـوم إبـاء
فأجابني لولا التغرب ما ارتقى رتـب المكـارم قبلك الابـاء
فاصبر على مرّ الخطوب فإنما مـن دون كل مسـرّة ضراء
واتـرك تذكرك الشآم فإنمـا دون الشـآم وأهـلـها بيـداء(1)


(1) نزهة الابصار ج 3 ص 466 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس116


ابن جمال

المتوفى 1072 هـ
أرى الصـبر يفنى والهمـوم تبـيد وجسمي يبلـى والسقام جديد
وذكـرني بالـنوح والحزن والبـكا غريب بأكناف الطفوف فريد
عطاشى على شاطي الفرات فما لهم سبيل إلى قـرب المياه ورود
لقد صـبروا لا ضـيّع الله صبرهم إلى أن فُنوا من حوله وأبيدوا(1)


(1) بطل العلقمي للشيخ عبد الواحد المظفر ، الجزء الثالث ص 336 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس117


ابن الجمال
مولده 1002 وفاته 1072 هـ
« 1593 « 1661 م

قال الزركلي في الاعلام ج 5 ص 74 :
علي بن أبي بكر بن علي نور الدين ابن الجمال المصري بن أبي بكر بن علي ابن يوسف الانصاري الخزرجي المكي الشافعي : فقيه فرضي ، من العلماء . مولده ووفاته بمكة . له تصانيف ، منها (المجموع الوضاح على مناسك الايضاح) و(كافي المحتاج لفرائض المنهاج) و(قرة عين الرائض في فنّي الحساب والفرائض) و(التحفة الحجازية في الأعمال الحسابية ـ خ) و(فتح الوهاب على نزهة الحسّاب ـ خ) .
وترجم له المحبي ترجمة واسعة وعدد مصنفاته وآراء الفقيهة وما تفرّد به من الفتاوى . قال : وكانت وفاته يوم الاثنين لثمان بقين من شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وسبعين وألف ، ودفن بمقبرة المعلاة(1) .
وقال الشيخ القمي في الكنى : ابن جمال علي بن أبي بكر بن نور الدين علي الانصاري الخزرجي المكي الشافعي ، كان صدراً عالي القدر محققاً تشدّ اليه الرحال للأخذ عنه ، له مصنفات في الفقه والفرائض والحساب والحديث وغير ذلك ، توفي سنة 1072 .

(1) خلاصة الاثر ج 3 ص 128 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس118


فخر الدين الطريحي

المتوفى 1085
يا جـد ذا نحـر الحسين مضرج بالـدم والجسم الشـريف مجرّدُ
يا جد حـولي مـن يـتاما اخوتي في الذل قد سلبوا القناع وجردوا
يا جد مـن ثكلي وطول مصيبتي ولـما أعانـيه أقـوم واقـعـد
يا جد ذا صـدرالحسين مرضض والخيل تنزل من علاه وتـصعد
يا جـد ذا ابـن الحسيـن مكـبّل ومغـلل فـي قـيده ومـصفـد
يا جـد ذا شـمر يـروم بفـتكه ذبـح الحسـين فأيّ عين تـرقد(1)


(1) عن نسخة مخطوطة للمنتخب .
ادب الطف ـ الجزء الخامس119


الشيخ فخر الدين الطريحي



نبغ في القرن الحادي عشر الهجري الإمام الفقيه المحقق اللغوي الشيخ فخر الدين بن الشيخ محمد علي بن الشيخ أحمد إلى آخر ما مرّ في سلسلة نسب هذه الأسرة المنتهي نسبها إلى حبيب بن مظاهر الأسدي الشهيد بين يدي الإمام الحسين (ع) يوم كربلاء . وبنو أسد من أشرف القبائل وأكثرها عدداً .
ولد الشيخ فخر الدين في النجف الأشرف سنة 979 هـ ونشأ محباً للعلم شغوفاً بالمعارف والكمالات فكتب وصنف وألّف ، وأجاد وأفاد كما شهد له أقرانه بذلك أمثال المجلسي صاحب بحار الانوار ، والحر العاملي صاحب الوسائل .
وهذه مصنفاته تشهد له بطول الباع وسعة الاطلاع ، فهذا كتاب (مجمع البحرين ومطلع النيرين) في الكتاب والسنّة وقد طبع مراراً وهو المرجع للباحثين والمتأدبين وكتاب (غريب الحديث) وكتاب (الضياء اللامع في شرح الشرائع) وكتاب (غريب القرآن) وبالجملة فمؤلفاته تقارب الثلاثين مؤلفاً .
قال الشيخ عبد المولى الطريحي في مؤلفه المخطوط (تاريخ الأسرة الطريحية) : للشيخ فخر الدين شعر جيد كثير قد ضمن أكثره في (المنتخب) وكأنه اقتصر في شعره على المديح والمراثي لأهل البيت عليهم السلام وأكثره في الإمام الشهيد الحسين عليه السلام ، وقد وجدتُ له أرجوزة خاصة في حديث الكساء . ومن شعره قوله كما في المنتخب :

يا عترة الهادي النبي ومَن هم عزي وكنزي والرجا والمفزعُ


ادب الطف ـ الجزء الخامس120


وآليتكم وبرئت من أعدائكم فأنا بغير ولائكم لا أقـنع
صلى الإله عليكم ما أحييت فكرٌ وأوقفت العيون الهمّعُ(1)

وقوله من أخرى :
سقى الله قبراً بالغري وحوله قبور بمثوى الطف مشتـملاتِ
ورمساً بطوس لابنه وسميه سقته السحاب الغر صفو فرات
وفي طيبة منهم قبور منيرة عليها من الرحمن خير صـلاة(2)

أقول كنت أثناء مطالعتي للمنتخب أستجلي من بعض عبارات الشيخ عظيم تمسكه بأهل البيت عليهم السلام وشدة ولائه لهم مما جعلني أعتقد انه على جانب عظيم من الولاء ، ومما جاء من قسم المنظوم قوله :
وإني لمطوي الضلوع على جوى متى حلّ فوق الجمر يحترق الجمر
أحـنّ إلى أنـفاسـكم ونسـيمكم وأذكـركم والصـب يقـلقه الذكر
فقربكم مع قـلة الـمال لي غنى وبعدكم مـع كثرة المـال لـي فقر

وجاء أيضا :
يا مخزن الوحي والتنزيل يا أملي يا مـن ولاؤهم في القـبر يؤنسني
حزنـي عليـكم جديد دائـم أبداً ما دمت حياً إلى ان ينقضي زمني

كانت وفاة الشيخ الطريحي سنة 1085 هـ في الرماحية (وهي المدينة المعروفة الواقعة في أواسط الفرات بين ربوع قبائل خزاعة يوم كانت آهلة بالسكان وماثلة للعيان . ونقل للنجف ودفن في تربته وقبره معروف مشهور في داره التي يقطنها اليوم أسرة آل الطريحي بقرب مسجده الذي صلى فيه زمناً .

(1) و(2) ورواها الشيخ محمد السماوي في (الطليعة) .
ادب الطف ـ الجزء الخامس121


يقول صاحب رياض العلماء : وكان رضي الله عنه أعبد أهل زمانه وأورعهم ومن تقواه انه ما كان يلبس الثياب التي خيطت بالابريسم ، وكان يخيط ثيابه بالقطن .
وقال الشيخ اغا بزرك الطهراني في الذريعة ـ قسم الديوان ـ وللشيخ فخر الدين الطريحي ثلاثة دواوين : كبير ، وأوسط ، وصغير .
وذكر جملة من سيرته وأحواله الاستاذ الخاقاني في شعراء الغري ج 7 ص 68 .

ادب الطف ـ الجزء الخامس122


عبد الوهاب الطُريحي

أيها الراكـب المجـد إلى نحـو الإمام المـضرّج المستظام
قف وخـذ مني السلام إلى مـو لاي رب الافضال والانعام
فلك الفوز في المعاد ويا بشراك من ذي الـجلال والاكرام
واذرف الدمع في الجفون ونادي يا إمامي ويا بن خير الانام

إلى ان يقول :
آه واحسرتي لفقد وحيد آه والنحر منه مخضوب دام(1)


(1) عن مجموعة خطية عند الاسره الطريحية انتخبنا منها هذه الأبيات .
ادب الطف ـ الجزء الخامس123


الشيخ عبد الوهاب الطريحي



هو من الطريحيين الذين نزحوا من النجف إلى الحلة ولم تزل لهم فيها بقية إلى اليوم . وهو أخو الشيخ الأجل فخر الدين بن الشيخ محمد علي بن الشيخ أحمد الذي تقدمت ترجمته . ولم نقف على أثر أو ذكر لأخيه المترجم في المجاميع وكتب التراجم المتأخرة سوى أننا وقفنا على مؤلف له في مكتبة آل الطريحي سلك فيه طريقة أخيه فخر الدين في منتخبه جمع فيه الشيء الكثير من أحاديث أهل البيت وأخبار واقعة الطف التي نتلى عادة في المحافل الحسينية أيام عاشوراء وهو يصدّر تلك المواضيع بقصائد لمتقدمي الشعراء ومتأخريهم وجلّهم ممن عاصرهم أو قارب عصرهم كالسيد نعمان الاعرجي ، وابن عرندس ، والشفهيني ، وابن حماد ، وابن داغر ، وأمثالهم .
وإليك نص ما قاله في آخر الجزء الأول منه (تمّ الجزء الأول من كتاب المراثي على التمام والكمال ونعوذ بالله من الزيادة والنقصان على يد العبد الذليل راجي عفو ربه الجليل عبد الوهاب بن محمد علي طريح النجفي المسلمي ووقع الفراغ من هذا الكتاب يوم الاثنين خامس عشر جمادى الأولى سنة 1076 من الهجرة النبوية في الحلة الفيحاء(1) ووجدت في مجموعة مخطوطة بمكتبة البحاثة السماوي كتبت في أخريات القرن الثاني عشر وفيها قصيدة واحدة في الرثاء تنيف على الأربعين بيتاً للشيخ عبد الوهاب المذكور انتخبنا منها ما يلي :
لست أنساه في الطفوف ينادي يا لقومي وما له من محام
لهف نفسي عـليه وهو وحيد يتلظى من الظمـا والأوام


(1) أقول وقد استعرت هذه النسخة من الاديب البحاثة الشيخ عبد المولى الطريحي واستفدت منها .
ادب الطف ـ الجزء الخامس124


لهـف نفسـي عـليه إذ خـرّ ملقى ومضى المـهر ناعياً للخـيام
لهف نفسي عليه والشمر قـد يكون مـن نحره شـبا الصمـصام
بأبي رأسه المعلّى علـى الـرمـح حـكى في سـناه بدر التمـام
بأبـي الطاهـرات تحـدو بهن الـ ـعيس بيـن الـوهاد والأكـام
والامـام السـجاد يـرفـل بالقـيد فـوا لهـفـتي لـذاك الامـام
يـا ذوي البـيت والمـشاعر والـ ـحـج ونون وقاف والأنـعام
أنـتم حـجة الإلـه على الخـلـق وأنتـم سفن النـجا في القـيام
أنتـم عـدتي غـداً فـي معـادي ومـلاذي وملجأي واعتصـامي
وصـلـوة الإلـه تـترى عـليكم ما حدا الركب فوق عالي السنام

انتهى عن (البابليات) للخطيب الشيخ محمد علي اليعقوبي ج 3 قسم 2 ص 211 .

ادب الطف ـ الجزء الخامس125


السيد معتوق الموسوي

المتوفى 1087
هلّ المـحـرم فاستـهلّ مـكـبّرا وانثر به درر الدموع على الثرى
وانظر بـغرّته الـهلال إذا انـجلى مستـرجـعاً متفجـّعاً متـفكّرا
واقطف ثمار الحزن من عرجونـه وانحر بخـنجره بمقـلتك الكرى
وانس العقيق وأُنـس جيـرانِ النتا واذكر لنا خبر الطفوف وماجرى
واخلع شعار الصبر منك وزر من خلـع السقام علـيك ثوباً أصفرا
فثيـاب ذي الأشـجان أليقـها به ما كان من حمر الثيـاب مزرّرا
شهرٌ بحـكم الدهـر فيه تحكّـمت شرّ الكلاب السودفي أسد الشرى
لله أي مـصيـبـةٍ نـزلـت بـه بكـت السماء لها نجيعاً أحمـرا
خطب وهـي الإسلام عند وقوعه لبسـت عليه حدادها أم القـرى
أو ما ترى الحرم الشريف تكاد من زفراته الجـمرات أن تـتسعّرا
وأبا قبـيس في حشـاد تصاعدت قبسات وجـد حرّها يصلي حرا
علم الحـطيم بـه فـحطّه الأسـى ودرى الصفـا بمـصابه فتكدّرا
واستشعرت منه المشاعر ........ وعفا مُحسّرهـا بهجوى وتحمّرا
قتل الحـسين فيالـها مـن نكـبةٍ أضحى لها الاسـلام منهدم الذُرا
قـتلٌ يـدلـك إنـما سـرّ الـفدا في ذلك الذبـح العـظيم تأخـّرا
رؤيـا خلـيل الله فـيـه تنـيرت حقـّاً وتأويـل الكـتاب تفـسّرا


ادب الطف ـ الجزء الخامس126


رزء تـدارك مـنه نفس محـمّدٍ كـدراً وأبكى قبره والمـنبرا
أهدى السـرور لقلب هنـدٍ وابنها وأساءَ فاطـمةً وأشجى حيدرا
ويــل لقـاتـلـه أيـدري أنـّه عادى النبي وصنوه أم ما درى
شلّـت يداه لقـد تقـمّص خـزيةً يأتي بـها يوم الحساب مؤَزرا
حـزني عـليه دائـم لا ينـقضي وتصبّـري مني عليّ تعـذرا
وارحمــتاه لصارخاتٍ حـولـه تبـكي له ولوجهـها لن تسترا
ما زال بالرمـح الطويـل مـدافعاً عنهـا ويكفـلها بأبـيض أبترا
ويصـونها صون الـكريم لعرضه حتـى له الأجـل المتاح تقدرا
لهـفي على ذاك الذبـيح من القفا ظـلماً وظلّ ثـلاثةً لن يقـبرا
ملقى على وجـه التـراب تظـنه داود في المحراب حين تسـوّرا
لهـفي على العاري السلـيب ثيابه فكأنـّه ذو النـون ينبذ بالعـرا
لهفي على الـهاوي الصريـع كأنه قمر هـوى مـن أوجهِ فتـكوّرا
لهفي علـى تلك البنان تقـطـّعت ولـو أنها اتصلت لكـانت أبحرا
لهفي علـى العباس وهو مجـندل عـرضـت منـيته لـه فتعـثرا
لحـق الغبار جـبينه ولـطالـما فـي شأوه لحـق الكـرام وغبّرا
سلـبته أبـناء اللئـام قمـيصـه وكسـته ثوباً بالنـجيع معـصفرا
فكـأنما أثر الـدمـاء بـوجـهه شفق على وجه الصباح قد أنـبرا
حرٌ بنصـر أخيه قـام مجاهـداً فهوى الممات على الـحياة وآثرا
حفظ الإخاء وعهـد فوفـى لـه حتى قضـى تحت السيوف معفرا
من لي بأن أفدي الحسين بمهجتي وأرى بأرض الطف ذاك المحضرا
فلـو استطعت قـذفت حبة مقلتي وجعلت مدفنه الشريـف المحجرا
روحي فدى الرأس المفارق جسمه ينـشي الـتلاوة ليـله مستـغفرا


ادب الطف ـ الجزء الخامس127


ريحانة ذهـبت نضارة عـودها فكأنـها بالثـرب تسـقي العنبرا
ومـضرّجٍ بدمـائـه فكـأنـما بجـيـوبـه فتـّت مسـكاً أذفرا
عضبٌ يد الحـدثان فلّت غـربه ولطـالما فلق الرؤوس وكسـّرا
ومثقّـفٍ حـطم الحمام كعوبـه فبكـى عليه كـل لـدن أسمـرا
عجـباً له يشكـو الظماء وإنّـهُ لو لامس الصخر الأصم تفـجّرا
يلج الغـبارَ بـه جـوادٌ سابـحٌ فيخوض نـقع الصافنات الأكدرا
طلب الوصول إلى الورود فعاقه ضرب يشب على النواصي مجمرا
ويل لمـن قتـلوه ظـمأناً أمـا علـموا بأنّ أبـاه يسقـي الكوثرا
لم يقـتلوه علـى اليقين وإنـما عرضت لهم شبه اليـهود تصورا
لعـن الإله بـني أمـية مثلـما داود قـد لـعن اليـهـود وكفّرا
وسقاهم جرع الحمـيم كما سقوا جرع الحـمام ابـن النبي الاطهرا
يا ليت قومي يـولـدون بعصره أو يسمـعون دعـاءَه مسـتنصرا
ولـو أنهم سـمعوا إذاً لأجـابه منـهم أسود شرّى مـؤيدة القرى
مـن كل شهمٍ مهـدوي دأبـه ضرب الطلا بالسيف أو بذل القرى
من كل أنـملةٍ تجود بعـارضٍ وبكل جـارحةٍ يـريك غضنـفرا
قوم يـرون دم القـرون مدامة ورياض شر بهم الحديد الأخـضرا
يا سادتـي يا آل طـه إنّ لـي دمـعاً إذا يجـري حديثكم جـرى
بي منكـم كاسمي شـهاب كلما أطـفيته بالدمـع في قلـبي ورى
شرفتـموني في زكيّ نـجاركم فـدعيتُ فيكم سيـداً بين الـورى
أهوى مـدائحكم فأنظم بـعضها فـأرى أجل المـدح فيكم أصـغرا
ينحط مدحـي عن حقيقة مدحكم ولـو انني فيـكم نظمت الجوهـرا
هيهات يسـتوفي القريض ثناءكم لو كـان في عدد النـجوم واكـثرا


ادب الطف ـ الجزء الخامس128


يا صفوة الرحـمن أبرأ من فتى في حقكم جحد النصوص وأنكرا
وأعوذ فيكم مـن ذنوب أثـقلت ظهـري عسى بولائكم أن تغفرا
فبكم نجاتي في الحياة من الأذى ومن الجحيم إذا وردتُ المحشرا
فعلـيكم صلّى المهـيمن كلـما كرّ الصباح على الدجى وتكوّرا(1)


(1) عن ديوانه المطبوع في بيروت .
ادب الطف ـ الجزء الخامس129


السيد معتوق الموسوي ابن شهاب .



السيد الجليل شريف الحسب يرجع بنسبه إلى الإمام الكاظم عليه السلام من شعراء القرن الحادي عشر . ولد سنة 1025 هـ . وهو من السادة أمراء الحويزة واعتنى ولده بشعره فجمعه وطبعه . كانت وفاته يوم الأحد لأربع عشر خلون من شوال سنة 1087 هـ . وذكره الشيخ اغا بزرك في الذريعة ج 9 قسم الديوان فقال : هو السيد شهاب الدين أحمد بن ناصر بن معتوق الموسوي الحويزي المتوفى يوم الأحد 14 شوال 1087 عن اثنتين وستين سنة ، جمع الديوان ولد الناظم معتوق ابن شهاب الدين بعد فوت والده ورتبه على ثلاثة فصول : المدائح ، المرائي ، المتفرقات ، وصدره باسم السيد علي خان ابن خلف الحويزي . وطبع مرة على الحجر بمصر سنة 1271 واخرى على الحروف بمطبعة شرف سنة 1302 واخرى بالاسكندرية سنة 1290 ببيروت 1885 م فمن شعره ما رواه الشبراوي في نفحة اليمن بقوله : للسيد الألمعي شهاب الدين بن معتوق الموسوي رحمه الله :
سفـرت فبرقعها حـجاب جـمال وصحت فرّنحها سلاف دلال
وجلت بظلمة فرعها شمس الضحى فمحا نهار الشيب ليـل قذالي
وتبسـمت خلـف اللـثام فخلتـها غيـماً تخلله ومـيض لآلـى
ورنت فشـدّ على القلوب باسـرها أسـد المنية من جفون غزال
ما كـنت أدري قـبل سود جفونها ان الجفـون مكامـن الآجال
بكـرٌ تقوّم تحـت حمـر ثـيابها عرض الجمال الجوهر السيال


ادب الطف ـ الجزء الخامس130


ريـانة وهـب الشـباب أديـمها لطـف النسيم ورقّـة الجـريال
عـذبت مراشفها فـأصبح ثغرها كـالأقحوان على غديـر زلال
وسرى بوجـنتها الحياء فاشبهت ورداً تفـتحّ فـي نـسيم شمال
وسخا الشقيـق لها بحـبّة قـلبه فاستـعملتها فـي مـكان الخال
حتام يطـمع في نمير وصالهـا قـلبي فـنورده سراب مـطال
علّت بخمر رضـابها فمزاجـها لم يصح يوماً من خمار مـلال
هي منيتي وبها حصول مـنيتي وضياء عيني وهي عين ضلالي
أدنـو اليـها والمـنيـة دونـها فـأرى مـماتي والحياة حـيالي
تخفـى فيخفيني النـحول وتنجلي فيـقوم في البدر الـتمام ظلالي
علقت بها روحي فجردها الضنى من جسـمها وتعلّقت بشـمالي
فـلـو انني في غير يـومٍ زرتها لتـوهمتني زرتـها بخـيالـي
لـم يبق مـني حبها شيـئاً سوى شوق ينازعني وجـذبة حـال
من لم يصل في الحب مرتبة الفنا فوجـوده عدم وفـرض محال
فـكري يصوّرها ولـم ترغيرها عيني ورسـم جمالهـا بخيالي
بانت فـما سجعت بـلابل بـانةٍ إلا أبـانت بعـدهـا بليـالـي
أنا في غـدير الكرختين ومهجتي معها بنجد مـن ظلال الـضال
حيّا الحـيا حيّاً باكـناف الحـمى تحميه بيض ظُبا وسـمر عوالي
حيّاً حوى الأضداد فـيه فنقـعه ليل يـقابـلـه نهـار نصـال
تلقـى بكل مـن خدور سـراته شمس قـد اعـتنقت ببدر كمال
جمـع الضراغم والـمها فخيامه كـنس الـغزال وغابة الـرئبال
وسقى زمانا مرّ فـي ظهر النقا ولـياليـا سلـفت بعـين أثـال
لـيلات لـذات كـأن ظلامـها خال على وجـه الزمان الخـالي
نظمت على نسق العقود فاشبهت بيـض الـلآلى وهي بيض ليالي


السابق السابق الفهرس التالي التالي