عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 195

وهي من طابق واحد يحتوي على 11 غرفة. ومن مدرسيها آنذاك الخطيب الشهيد عبد الزهراء الكعبي والشيخ محمد علي الخليق ، وبعد أغتيال الشيخ الكعبي عام 1394هـ (1974م) أستولى عليها النظام البائد.

11ـ المدرسة الهندية الصغرى

وكانت تعرف أيضاً بمدرسة تاج محل. تقع هذه المدرسة في أحد الأزقة التي تنفذ من سوق التجار إلى شارع الإمام علي. شيدت سنة 1300هـ (1883م) من قبل أمرأة هندية فاضلة تعرف بتاج محل وأوقفتها على العلامة السيد علي نقي الطباطبائي ، كما تنص بذلك الوقفية الخاصة بها. وتحتوي المدرسة على 9 غرف ، يسكنها طلبة العلوم الدينية من الأفغان والهنود ، ومن أساتذتها آنذاك السيد محمد حسين الكشميري والسيد مرتضى الطباطبائي والسيد مرتضى الواجدي.

12ـ مدرسة أبن فهد الحلي

تأسست عام 1385 (1965م) وتقع هذه المدرسة في شارع باب القبلة أو شارع أبو الفهد ، وتحتضن قبر العالم الشيخ أحمد بن فهد الحلي الأسدي المتوفى عام 841هـ . وقد تم إنشاؤها على مساحة كبيرة من الارض. وتتألف المدرسة من مصلى ، وساحة مكشوفة واسعة تحيط بالضريح. وتحيط بالساحة غرف موزعة على طابقين عددها 40 غرفة يسكنها طلبة العلوم الدينية. وتضم هذه المدرسة مكتبة عامة بأسم (مكتبة الرسول الأعظم ) . وقد جددت مدرسة أبن فهد الحلي مرتين وكانت الأخيرة بأمر من المرجع الديني السيد محسن الطباطبائي الحكيم .

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 196

13ـ مدرسة البروجردي

تقع هذه المدرسة في شارع المخيم . أمر بتشييدها المرجع الديني السيد حسين البروجردي المتوفى سنة 1380هـ (1960م) ، ولم يكتمل بناؤها في عهده ، فقد أكل البناء المرجع الديني السيد عبد الهادي الشيرازي سنة 1381هـ (1961م ) . وطراز عمارة المدرسة روعة في فن العمارة الإسلامية ، وتتألف من طابقين وتحتوي على 20 غرفة يسكنها طلبة العلوم الدينية. وكانت توليتها بيد الشيخ نصر الله الخلخالي ، وتم الأستيلاء عليها من قبل وزارة الأوقاف سنة 1395هـ (1975م ) .

14ـ مدرسة شريف العلماء

تقع هذه المدرسة في زقاق كدا علي المتفرع من شارع باب القبلة. وإلى جانب المدرسة يقع مرقد العلامة الشيخ شريف العلماء المتوفى سنة 1245هـ (1830م ) . وفي خمسينيات القرن الماضي كان مسكن مؤلف هذا الكتاب يقع مقابل هذه المدرسة.
شيدت هذه المدرسة بأمر من المرجع الديني السيد محسن الطباطبائي الحكيم وفقاً على طلبة العلوم الدينية في كربلاء المقدسة والنجف الاشرف. وتتألف المدرسة من طابقين تحتوي على 22 غرفة. وقد استولى عليها النظام البائد سنة 1403هـ (1983م ) .

15ـ مدرسة الإمام الباقر

تقع هذه المدرسة في محلة باب الخان ، بالقرب من ساحة الفسحة. شيدها السيد عماد الدين محمد طاهر البحراني سنة 1381هـ (1961م ) . وتضم عدداً من غرف التدريس والسكن ، ويسكنها العديد من طلبة العلوم الدينية. وانشئت فيها

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 197

مكتبة عامة. وكانت هذه المدرسة قد أستخدمت من قبل حسينية خاصة بالزائرين القادمين من مدينة الكاظمية وذلك في مواسم الزيارات الدينية. وتم الأستيلاء عليها من قبل النظام البائد بعد أن أعتقل مؤسسها سنة 1395 (1975م ) .

16ـ المدرسة الحسنية

كانت هذه المدرسة تقع على بعد 30 متراً شمال الروضة العباسية. أقيمت على أرض مساحتها 400 متراً ، وتضم 28 غرفة لسكن طلبة العلوم الدينية. وأهم ما يدرس فيها: الفقه والأصول والنحو والمنطق وتفسير القرآن الكريم وقواعد اللغة العربية.
وقد أقيمت هذه المدرسة سنة 1388هـ (1968م) وبسعي من الخطيب الشيخ حسين النائيني الحائري ، ومن تبرعات بعض المواطنين الكويتيين. وقد هدمت هذه المدرسة سنة 1411هـ (1991م) بعد أن أستولت عليها وزارة الأوقاف.

17ـ مدرسة المازندراني

تقع في محلة المخيم . أسسها العلامة الخطيب الشيخ محمد مهدي المازندراني ، المتوفى سنة 1384هـ (1964م ) . تحتوي على عدد من الغرف ، وبعد رحيل المشرفين على المدرسة سنة 1380هـ (1960م) أستولت الحكومة عليها.

18ـ مدرسة الخوئي

أسسها المرجع الديني السيد أبو القاسم الخوئي سنة 1395هـ (1975م ) . وبعد وفاته سنة 1413هـ (1992م) تم الأستيلاء عليها من قبل النظام البائد.

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 198

19ـ مدرسة الخطيب

تقع هذه المدرسة في محلة المخيم . تم تشييدها سنة 1375هـ (1937م) من قبل العلامة الشيخ محمد الخطيب. ويتلقى الطلاب في فصولها مبادئ اللغة العربية والعلوم الدينية ، وهي مدرسة شبه رسمية ، وفترة الدراسة المقررة فيها خمس سنوات.
تتكون المدرسة من طابقين ، وتتألف من خمسة صفوف ، وتحتوي على مكتبة. تخرج من هذه المدرسة عدد من الشخصيات من علماء وخطباء ومدرسيين. أسندت إدارة المدرسة إلى الشيخ عبد الحسين الخطيب نجل المؤسس.

20ـ مدرسة الإمام الصادق الابتدائية

أنشئت المدرسة في البداية في دار العلامة السيد حسين القمي المتوفى سنة 1366هـ (1946م ) . ثم أنتقلت في سنة 1377هـ إلى بناية تقع إلى جانب كراج السيد هاشم .
اسسها المرجع الديني السيد مهدي الشيرازي وذلك سنة 1375هـ (1955م) بالتعاون مع العلامة الشيخ جعفر الرشتي والعلامة الشيخ محمد الكرباسي والعلامة السيد محمد الشيرازي والعلامة السيد محمد صادق القزويني ، وبعض وجهاء كربلاء. وقد عين أول مدير لها وهو الحاج محمد باقر الراجه. ثم جاء بعد العلامة السيد مرتضى القزويني ثم السيد محمد الطباطبائي.
وقد تحولت المدرسة فيها بعد إلى مدرسة دينية بعد أن تم تجديد بنايتها أيام العلامة السيد حسين البروجردي. وبعد وفاته تم توليتها بيد العلامة السيد عبد الهادي الشيرازي.
وقد أنتقلت مدرسة الإمام الصادق إلى بناية خاصة تقع في شارع القبلة. وهي مكونة من طابقين فيها ستة صفوف ، وكان الطلاب يتلقون فيها اللغة العربية

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 199

والمناهج الديينة إلى جانب المناهج المقررة في المدارس الرسمية. تم هدم هذه المدرسة سنة 1411هـ (1991م) بحجة توسيع شارع القبلة.

21ـ مدرسة الإمام الصادق الثانوية

تقع عند بداية الشارع القديم المؤدي إلى بغداد ، بمحاذاة نهر الحسينية. أسسها المرجع الديني السيد محمد الشيرازي سنة1385 (1965م) مع مجموعة من العلماء منهم العلامة السيد محمد صادق القزويني ، الخطيب السيد مرتضى القزويني ، العلامة الشيخ جعفر الرشتي ، العلامة الشيخ محمد الكرباسي والسيد صدر الدين الشهرستاني ، وبعض وجهاء كربلاء منهم الحاج جواد الصائغ ، الحاج حسن الوكيل والحاج محمد صدقي.

22ـ مدرسة الحفاظ الأولى

أسسها المرجع الديني السيد مهدي الشيرازي قبل وفاته سنة 1380هـ (1970م ) . وتقع قرب الحسينية الطهرانية ، وفي سنة 1384هـ (1964م) أنتقلت المدرسة إلى زقاق الداماد نتيجة أزدياد عدد الصفوف إذ بلغت ثمانية.
ومن المدارس الدينية الأخرى في المدينة : المدرسة الجعفرية ، المدرسة الأحمدية ، مدرسة الكتاب والعترة ، مدرسة الباكستانيين ، مدرسة الطبرغاسي ، مدرسة الحفاظ الثانية ، مدرسة الحافظ الثالثة ، مدرسة حافظات القرآن الأولى ، مدرسة حافظات القرآن الثانية.
وقد أنشئت العديد من المدارس الحكومية في مدينة كربلاء ، أشهرها: المدرسة الحسينية ، المدرسة الفضيلية ، المدرسة الهاشمية ، مدرسة السبط ، مدرسة العباس ، مدرسة المخيم .. ألخ ، أما أشهر المدارس الثانوية والمتوسط فهي : ثانوية كربلاء ، ثانوية حي الحسين ، ثانوية العراق ، إعدادية القدس متوسطة الوحدة ، متوسة الثورة... ألخ.

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 200

الفصل الرابع
عمارة كربلاء ... المباني التاريخية والتراثية

توطئة :

للأبنية التاريخية والتقليدية ، أو التراثية ، أنماط معمارية متعددة ، ومن هذه الأبنية : الأسواق والقيساريات والخانات والحمامات العامة والبيوت التراثية. وفي مدينة كربلاء أنتشر الكثير من هذه المباني ، والتي تمثلت عند تشييدها ، في العديد من العلاقات والخدمات وتلاؤم العادات والتقاليد وطريقة الحياة المألوفة والنظام الأجتماعي الذي يربط الناس ويشدهم إلى قيمهم الأجتماعية والدينية ، وتنسجم مع الجوانب الحضارية والإنسانية والملائمة للظروف المناخية والبيئة. وذلك لوقوع المدينة على مشارف الصحراء ، مما أثر بشكل كبير على نمط العمارة وأختيار مواد البناء المحلية لتكون المواد الرئيسية في البناء وأهمها الطابوق (الآجر) والجص.
تجتمع في أبنية مدينة كربلاء التاريخية والتراثية الشواهد الحية لممارسة النشاط الفني والتفوق العمراني والذي عبرت عنه حصيلة الأشكال البنائية الرائعة التي أنتجتها المهارات الفنية وأفرزتها المجتمعات الإسلامية عبر قرون عدة. وقد تمثل جزء منها في القباب والقبب الصغيرة والعقود وغيرها من الأشكال البنائية الأخرى التي كانت ولا تزال من أهم الخصائص والمفردات المعمارية لهذه المدينة التاريخية والدينية العريقة.

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 201

وقد توفرت في هذه المباني الجوانب الأقتصادية ، بالإضافة إلى الجوانب الجمالية والمناخية والأجتماعية التي جاءت نتيجة أستعمال عناصر ومفردات العمائر الإسلامية المختلفة كالفسيفساء والزخارف الأجرية والقاشانية والخشبية المتوعة ،خصوصاً المشبكات الخشبية الجميلة (الشناشيل أو المشربيات) وغيرها.
إن قسماً من الابنية التاريخية والتراثية ما زالت قائماً كما هو منذ نشأته الاولى. وبقيت أبنية اخرى محتفظة ببعض عناصرها ومفرداتها المعمارية رغم ما طرأ عليها من ترميمات. بينما هناك عدد آخر من هذه الأبنية فقد أصالته التراثية كليةً بسبب التجديد والترميم المستمرين ، وهناك مبانٍ أخرى أزيلت تماماً.
وسيتناول هذا الفصل عمارة المباني التاريخية والتراثية في مدينة كربلاء وهي :
  • الاسواق والقيساريات.
  • الخانات.
  • الحمامات العامة.
  • البيوت التراثية.
  • حصن الأخيضر.

    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 202

    الأسواق والقيساريات

    تُعد الاسواق القديمة في مدينة كربلاء أحد أهم الآثار التاريخية التي تدل على مدى عراقة هذه المدينة من ناحية ، ومدى حيويتها وفاعليتها التجارية على مر العصور الإسلامية من ناحية أخرى.
    وتذكر المصادر التاريخية أن نشأة الأسواق التراثية في هذه المدينة المقدسة تعود إلى بداية القرن الثالث الهجري ، وبالتحديد من زمن الخليفة العباسي المأمون. وتُشير تلك المصادر إلى إن أسواق كربلاء كانت في تلك الفترة عامرة تسودها الطمأنينة وتؤمها القوافل. وكان من الزائرين من يؤثر البقاء عند مرقد الإمام الحسين ،ومن يرجع إلى وطنه. وذلك قبل أن يأمر المتوكل بهدم البناء الذي كان يعلو القبر والمباني التي حوله وذلك سنة 236هـ (850م)(1).
    وفي العهد البويهي أنتشرت الأسواق بين المرقدين وذلك بعد ان قام عضد الدولة بإعادة بناء مرقد الإمام الحسين بين سنتي 369 371هـ (980 982م) ، وبناء مرقد العباس لأول مرة سنة 372هـ (983م) ، وتشييد بيوت واسواق جديدة في المدينة(2).
    وأشتهرت مدينة كربلاء بأسواقها التاريخية العريقة التي تؤلف بمجموعها وحدة من وحدات المنشأة الأجتماعية ، فهي ترتبط عضوياً بالمراقد المقدسة وتحيط بها. وقسم منها يمتد أمام مداخلها بحيث لا يمكن إلا المرور من خلالها ، مسجداً

    (1) السيد حسن الصدر : نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ، ص : 29ـ 31.
    محمد حسن مصطفى آل كليدار : مدينة الحسين ، ج2/ ص : 99 ، الطبعة الأولى ، سنة 1368هـ (1949م ) .
    (2) محمد حسن مصطفى آل كليدار : مدينة الحسين ، ج2/ ص : 106 .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 203

    الترابط بين الجانبين المادي والروحي في حياة المدينة والزائرين ، وكانت بعض الأسواق ممراً للمواكب الحسينية أثناء إقامة الشعائر في المناسبات الدينية وكذلك لمرور المواكب الجنائزية(1).
    وتوجد إلى جانب الأسواق التراثية الرئيسية أسواق تقليدية أخرى تعتبر محاور تجارية جانبية ترتبط بالأسواق الرئيسية من جهة ، وبالمناطق السكنية من جهة أخرى.
    واشار الكثير من الرحالة والمستشرقين إلى أسواق مدينة كربلاء. وقال الرحالة البرتغالي بيدرو تكسيرا من وصفة لأسواق المدينة عند زيارته لها عام 1013هـ (1604م) : (بسبب توافد الزوار وتقاطرهم على المدينة من كل حدب وصوب في مواسم معلومة من السنة أن تنشط فيها حركة البيع والشراء بحيث تحتوي المدينة على جميع المواد الضرورية والبضائع التجارية من بلدان أخرى وعلى اصناف من بضائع محلية والتي تميز الكثير منها بخصائص ومميزات دينية غنية بمواضيع من التقاليد الإسلامية ، ولهذا فإن مدينة كربلاء كانت ملتقى لعددٍ كبير من التجار القادمين من ختلف الأقطار) .
    وأشار تكسيرا أيضاً إلى عمارة أسواق كربلاء وقال: إنها مبنية على شكل عقود بأحكام(2).
    وجاء في كتاب (Iraq and the Persian Gulf) : إن الصف الواسع من الدكاكين والذي يقع في المنطقة المحصورة بين المرقدين في مدينة كربلاء ، وكان سابقاً سوقاً مسقفاً ، يشكل الآن السوق الرئيسي الذي يفصل المدينة من شمالها إلى جنوبها(3).

    (1) د. عماد عبد السلام رؤوف: حضارة العراق ، ج10/ ص : 184 ، 185.
    شمس الدين المقدسي : أحسن التقاسيم في ذكر الاقاليم ، ص : 117 ، سنة 1906م .
    (2) Sinclair, W.F.: The Travels ef Pedro Teixira. page: 51. 3- Iraq and the Persian Gulf, Naval Intelligence Dicision, page: 537 .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 204

    وعند زيارة الرحالة الإنكليزية مس ستيفنس كربلاء سنة 1337هـ (1919م) ، تحدثت عن أسواق كربلاء فذكرت سوقاً مسقفاً يبتاع منها الناس سلعهم وتكلمت عن أسواقها الشعبية فقالة : (أنها مليئة بالخضروات والفواكه وأنواع التمور إلى جانب اللوز والجوز)(1).
    وقد تخصصت الأسواق في مدينة كربلاء ، حيث أن كل سوق من الأسواق ، أو أن جزءاً منها ، كان يختص ببضاعة معنية. أن هذا التخصص والتنوع يعتبر مظهراً بديعاً من مظاهر الأسواق الإسلامية. والأسواق في مدينة كربلاء هي متاحف شعبية إسلامية قل أن نجد لها مثيلاً في كثير من أسواق المدن الأخرى(2).
    وكانت هناك داخل الأسواق في محاذاتها ، الكثير من البيوت التراثية الجميلة والمراقد الصغيرة والقيساريات والخانات التي كانت تعتبر من الأماكن التراثية في هذه المدينة.
    وتعتبر الأسواق من المعالم العمرانية المهمة في المدينة وأحد مستلزماتها الضرورية ، وأن عناصرها المميزة وتطورها وتكاملها العمراني هي أحد الروافد المساهمة في تطور المدينة(3).
    ولعبت الأسواق التراثية دوراً كبيراً في الحياة الأقتصادية والأجتماعية والسياسية أحياناً. إذ أن السوق لا يعمل كشريان للحياة الأقتصادية فحسب ، وإنما للحياة الأجتماعية العامة للمدينة. فهو إلى جانب المسجد ، يعتبر المكان الذي تحتك فيه القطاعات المختلفة من المجتمع الحضري مع بعضها.

    (1) Mrs. E.S. Stevens: By Tigris and Euphrates. pages: 39 - 42.
    (2) مصطفى عباس الموسوي : العوامل التارخية لنشأة وتطور المدن العربية الإسلامية ، ص : 339 ، دار الرشيد للنشر. 1982م . د. رؤوف محمد علي الأنصاري ، جريدة الحياة ، العدد 12430/ ص : 21 ، لندن 1997م .
    (3) د. رؤوف محمد علي الأنصاري ، جريدة الحياة ، العدد 12430/ ص : 21 لندن 1997م .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 205

    كما أن للاسواق دوراً في تكامل المدينة وترابطها مع مجاوراتها بفعل تبادل السلع والخدمات مع سكان المناطق القروية والريفية المحيطة بالمدينة(1).
    والأسواق في مدينة كربلاء ، والمدن العراقية عموماً ، أنشئت ضمن تخطيط المدينة ، فجاءت بحلول موفقة للمشاكل العمرانية والسكنية القائمة آنذاك. وهي لا تختلف من ناحية طراز عمارتها عن الاسواق في المدن العربية والإسلامية. إذ فرضت طبيعة المناخ السائد في تلك المدن نمطاً معيناً من الأسواق ، فهي ضيقة وشبه مستقيمة ، وفي أكثر الأحيان تقوم على طرفيها الدكاكين المختلفة وغالباً ما تكون ممراتها مسقوفة للوقاية من الأمطار وأشعة الشمس والرياح(2).
    ولوحظ عند بناء الأسواق وملحقاتها ، كالقيسريات ، معالجة أمور أساسية كتوفير الإضاءة الكافية بأقل حرارة ممكنة وضمان حركة الهواء داخل الأسواق ، وكذلك توفير حرية الحركة للمشاة ولوسائط النقل المستعملة آنذاك(3).
    إن الأسواق التراثية في مدينة كربلاء كانت تتسم ببساطة معالجتها المعمارية ، خصوصاً أطواقها وسقوفها الآجرية المعقودة بأحكام ، وكذلك معالجة واجهاتها الخارجية ، والتركيز على إغناء المعالجات المعمارية الداخلية(4).
    ونتيجة لعدم الأهتمام بالأسواق التراثية وعدم صيانتها وترميمها ، فقدت الكثير من مقوماتها الإنشائية التي كانت تتميز بها ، خصوصاً سقوفها الأجرية المعقودة التي استبدلت بسقوف من جسور الخشب تغطيها صفائح معدنية.

    (1) سعيد الأفغاني : أسواق العرب في الجاهلية والإسلام ، ص : 193 ، دمشق 1960م .
    Hassan Riaz: Islamic and Urbanization in the Middel east in Existics No. 195, page: 190, February 1972.
    (2) أصالة المدن العربية ، آفاق عربية ، السنة الثالثة ، العدد الأول/ ص : 35 ، أيلول 1977.
    د. رؤوف محمد علي الأنصاري : جريدة الحياة ، العدد 12430/ ص : 21.
    (3) د. هاشم حضير الجنابي : المدينة الإسلامية وخصائصها ، مجلة التربية والتعليم (جامعة الموصل) العدد2 ، ص : 330 ، سنة 1980م .
    (4) د. رؤوف محمد علي الأنصاري : جريدة الحياة ، العدد 12430/ ص : 21.
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 206

    ومنذ السبعينات من القرن الماضي ، وبسبب فتح شوارع جديدة والهدم الذي طال مركز المدينة ، أزيلت الكثير من الأسواق التاريخية القديمة ومنها سوق التجار ، سوق الحسين ، سوق العباس ، سوق باب القبلة وغيرها. وما زالت هناك بعض الاسواق الرئيسية القديمة موجودة في مدينة كربلاء على الرغم من أن بعضها فقد أصالته التراثية وخاصة السقوف نتيجة الترميمات غير المدروسة من الناحية المعمارية كسوق العرب ، وسوق الميدان ، وسوق المخيم ، وسوق باب السلالمة.
    أما بالنسبة إلى سوق التجار وسوق العباس وسوق الحسين ، فإنها من تشييد عضد الدولة البويهي سنة 1369هـ (980م) إذ أنشأها عندما قام بإنشاء الصحن الصغير الملحق بصحن الروضة الحسينية ، فشيد سوقاً بدأ من باب الصحن الصغير إلى جهة الشمال وفي وسطه تفرع إلى جهة الشرق ليصل إلى الباب الغربي من صحن سيدنا العباس (ع) . ويُعد هذا السوق من أقدم الاسواق التي شيدت في كربلاء ، والتي كانت ما تزال باقية إلى السنوات الأخيرة.
    وقد شُيد هذا السوق من ثلاثة طوابق ، حيث تعرض لعدة أحداث أولها سنة 858هـ (1454م) على يد المشعشعين وكان يعرف بسوق سيد الشهداء ، وسوق ما بين الحرمين كما كان يطلق على سوق التجار ، بسوق العجم ، لأنه من تشييد ملك العجم عضد الدولة البويهي.
    وفي العهد الملكي ، وفي حدود سنة 1354هـ (1935م) ، قسم السوق إلى قسمين بسبب فتح شارع الإمام علي والذي كان يسمى بشارع فيصل. فسمي القسم الغربي من الشارع بسوق التجار ، كما سمي القسم الأول منه المتجه نحو الشمال بسوق الحسين.
    وكانت تنحصر في سوق التجار مهنة بيع الأقمشة بأنواعها المختلفة ، وقد هدم جزء منه سنة 1978م . أما الجزء الآخر منه فقد هدم سنة 1991م .

    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 207

    أما سوق العباس فكانت تنشر فيه محلات صياغة وبيع الذهب والفضة. وأما موقعه فهو على أمتداد سوق التجار ، ويفصل بينهما شارع الإمام علي ، وقد هدم أيضاً سنة 1991م .
    ويمتد سوق الحسين ، من أمام باب الكرامة ، أحد أبواب الروضة الحسينية ، وينتهي بشارع صاحب الزمان ، ويتقاطع من سوق التجار. وتنتشر في هذا السوق عند بدايته محلات بيع الكماليات. أما في منتصفه ونهايته فتتوزع فيه القيساريات والمحلات التي تباع فيها البضائع بأنواعها المختلفة ، وقد هدم هذا السوق أيضاً سنة 1991م(1).
    وأما بالنسبة إلى أسواق العرب والميدان والعلاوي ، فقد شيدت في العهد العثماني وفي حدود سنة 1052هـ (1642م) ، عندما تولى أحمد آغا إدارة المدينة وشيد مبنى البلدية (قراة خانة) في موقع الميدان القديم .
    وقد حاول أن يحيط مبنى البلدية بشبكة من الأسواق. منها بأتجاه الشرق السوق الذي سمي فيما بعد بالعلاوي والذي ينتهي بشارع الصفارين. ومن جهة الشمال بالسوق الذي سمي فيما بعد بسوق الميدان والذي كان يتفرع إلى فرعين يصل أحدهما إلى باب الصحن الحسيني والذي سُمي بعد فتح شارع الإمام علي بسوق العربز ومن الجهة الثانية كان ينتهي إلى ساحة علي الأكبر والذي كان يُسمى بسوق الصفارين.
    وتنحصر في سوق العرب مهنة بيع الاقمشة. وقد سُمي بهذا الأسم لأنه كان قائماً على الاعراب (البدو الرجل) الذي يأتون من البادية لشراء ما يحتاجونه من الأقمشة والملابس ، وما زال قسم من هذا السوق قائماً إلى يومنا هذا.
    أما سوق الميدان فيشتهر بيع الفواكه والخضروات واللحوم وغيرها. ويشتهر سوق العلاوي بيع الرز والحبوب والطحين. أما سوق النعلجية فقد شيد

    (1) الشيخ محمد الكرباسي : دائرة المعارف الحسينية قسم مدينة كربلاء ، تحت الطبع .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 208

    في العهد العثماني ، وموقعة موازٍ لسوق العرب وينتهي أيضاً عند شارع الإمام علي ، وهو من الاسواق الشعبية ، ويختص بصناعة وبيع الأحذية والنعل لذلك سُمي بهذا الأسم .
    وهناك أسواق قديمة أخرى في المدينة ، قسم منها ما زال في موقعه القديم . أما القسم الآخر فقد تغير موقعه نتيجة هدم مواقعها القديمة. ومن هذه الأسواق سوق السراجين ، سوق الخياطين ، وسوق الحياك ، وسوق باب السلالمة ، وسوق المخيم ، سوق باب الخان ، وسوق الصفارين وغيرها من الأسواق(1).

    القيساريات

    جاءت كلمة قيسارية مفردة (قيساريات) من الرومان الذين كانوا يحكمون شمال أفريقيا. إذ كان يوجد في كل مدينة تقريباً سوق كبير أطلق عليه أسم قيسارية (تحريف قيصرية) نسبه إلى قيصر.
    والقيسارية عبارة عن مبنى ذي حوانيت يقع في مراكز المدن أستعمله الرومان لبيع السلع التي كانوا يتقاضونها من التجار كضرائب(2).
    وتذكر بعض المصادر التاريخية أن الملوك والقياصرة الروس شيدوا أماكن تجارية على شكل مجمعات في بلادهم وبلاد ما وراء النهر عرف بعضها بالقيصريات. ولقوة الروابط التجارية والتبادل السلعي بين العراق وهذه البلدان ظهرت مثل هذه المجمعات فيه ، وقد حرفت في العراق إلى (قيساريات)(3).
    وتضم مدينة كربلاء الكثير من القيساريات الموزعة داخل بعض الأسواق الرئيسية في مركز المدينة ، وهي مبان تراثية شبيهة بالخانات من ناحية التخطيط المعماري ولكنها تختلف عنها في وظائفها.

    (1) سلمان هادي طعمة : كربلاء في الذاكرة ، ص : 312 321.
    (2) د. حسن إبراهيم حسن : تاريخ الإسلام ، ص : 413 ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت لبنان.
    مصطفى عباس الموسوي : العوامل التاريخية للنشأة وتطور المدن العربية والإسلامية ، ص : 266.
    (3) الشيخ محمد صادق الكرباسي : دائرة المعارف الحسينية قسم مدينة كربلاء ، تحت الطبع .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 209

    وتعتبر القيساريات من المباني المهمة في المدينة العراقية وأحد مستلزمات الضرورية. وهي من الروافد المساهمة في تطور المدينة من الناحية الأقتصادية إذ تزود المحلات التجارية ببعض البضائع المحلية والمستوردة(1).
    والقيساريات في مدينة كربلاء والمدن العراقية الأخرى عبارة عن مبانٍ مستطيلة أو مربعة الشكل. وتشغل عادة الأماكن الواقعة خلف المحلات التجارية في الأسواق التراثية الرئيسية. وتتألف في أكثر الأحيان من طابقين : الأرضي : ويحتوي على ساحة داخلية واسعة يعلوها سقف يغطي الطابق الأول وتحيط بها الحوانيت (المحلات التجارية) التي هي عبارة عن مجموعة من الأسواق المتخصصة حسب المهن والبضائع التجارية المعروضة ، ومفتوحة على الساحة الداخلية ، وأحياناً تعلو واجهات الحوانيت عقود (أقواس) مدببة أو دائرية الشكل مبنية من الطابوق (الآجر) والجص.
    أما الطابق الأول: فيحتوي على غرف هي عبارة عن مكاتب تجارية ومخازن أو ورش عمل لبعض الصناعات التقليدية الشعبية كالأحذية والخياطة وتجليد الكتب ، ويتقدم هذه الغرف ممر يطل على الساحة الداخلية في الطابق الارضي
    . وقسم آخر من القيساريات يتألف من طابق أرضي فقط ويعود إلى شخص واحد ، وتحتوي أجنحته على بضائع متنوعة. أما مداخل القيساريات فتفتح مباشرة على الأسواق تتقدمها أبواب خشبية متينة تغلف اثناء الليل.
    واستعملت في بناء القيساريات مواد البناء المحلية كالطابوق (الآجر) والجص ، تعلوها السقوف الآجرية المعقودة بطريقة الأقبية وقسم منها مسقوف بواسطة جسور خشبية تغطيها صفائح معدنية. ويتم توفير الإضاءة والتهوية داخل

    (1) د. رؤوف محمد علي الأنصاري : جريدة الحياة ، العدد 12430/ ص : 21.

    السابق السابق الفهرس التالي التالي