عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 181

أما أهم الحسينيات التي كانت قائمة في مدينة كربلاء فهي :

  • الحسينية الحيدرية (الطهرانية سابقاً) :

  • شيدت هذه الحسينية على أرض خان الباشا الذي بناه الوزير العثماني حسن باشا سنة 1127هـ (1715م) لأستقبال زوار الإمام الحسين (ع) . وتقع مقابل باب الرجاء ، أحد أبواب الروضة الحسينية. وفي سنة 1368هـ (1953م) اشترى مجموعة من التجار الإيرانيين من مدينة طهران ارض الخان من مديرية أوقاف بغداد وشاركهم في تمويلها بعض التجار من العراق والكويت.
    وقد اقيمت هذه الحسينية لعموم زائري مدينة كربلاء ومراقدها المقدسة. وخلافاً للاتفاق المبرم على أن يكون أسم الحسينية لعامة الزوار إلا أنها سُميت بالحسينية الطهرانية بعد إتمام بنائها(1).
    مخطط مبنى الحسينية مستطيل الشكل تبلغ مساحته حوالي 2400 م2. والمبنى يتألف من ثلاثة طوابق ، طابق تحت الارض يستخدم لمختلف الشؤون الأجتماعية منها قاعة للطعام . أما الطابق الارضي فهو عبارة عن قاعة كبير تستخدم للاحتفالات وإقامة المجالس والصلاة ، يعلو وسطها سقف يغطي الطابق الأول.
    أما الطابق الأول فيحتوي على 160 غرفة مع مرافقها لإسكان الزائرين. ويتقدم الغرف ممر يطل على الطابق الأرضي. وقد قام النظام البائد بتدمير الحسينية الطهرانية بالكامل بعد أنتفاضة آذار 1991م .

  • فيض حسيني (قصر سيفي) :

  • يُعد مبنى فيضي حسيني (قصر سيفي) أوسع مبنى بعد مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام) في مدينة كربلاء. وتعود هذه الحسينية إلى

    (1) محمد باقر مدرس : شهر حسين ، 323 324 .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 182

    طائفة البهرة الإسماعيلية ، ولها مدخلان : الأمامي وهو الرئيسي يفتح على شارع العباس ، والأخر من الجانب الخلفي للحسينية. مخطط مبنى فيض حسيني مستطيل الشكل تبلغ مساحته حوالي عشرة آلاف متر مربع ، تتوسطه ساحة مكشوفة واسعة. يتوسطها مسجد وبجانبه خزان للماء. وتحيط بالساحة 400 غرفة تتوزع على طابقين ، وكل غرفة ملحق بها مطبخ صغير وحمام . وتتقدم الغرف في الطابقين الممرات المسقفة.

  • الحسينية الاصفهانية :

  • تقع هذه الحسينية على أمتداد شارع القبلة أو (شارع أبو الفهد) . شيدت سنة 1379هـ (1960م) من قبل اهالي مدينة اصفهان في إيران لذلك سميت باسمهم .
    مخطط مبنى الحسينية مستطيل الشكل تبلغ مساحته حوالي 2000 م2 ، ويحتوي المبنى على مساحتين كبيرتين مكشوفتين تتوسط كل منهما نافورة مياه تستعمل للوضوء أحياناً. ويتألف البناء من طابقين ، ويحتوي على 200 غرفة مع مرافقها موزعة على الطابقين ، ويحتوي ايضاً على صالة كبيرة تستعمل للمجالس وإقامة الصلاة.

  • حسينية السيد محمد صالح:

  • شيدت هذه الحسينية سنة 1344هـ (1926م) من قبل الحاج السيد محمد صالح البلور فروش الذي كان يعمل نائباً لسادن الروضة الحسينية. وتقع في شارع المخيم . وهذه الحسينية أعدت لتكون مأوى لزوار الإمام الحسين ، ويتألف البناء من طابقين : الطابق الأرضي يحتوي على صحن واسع ومصلى كبير. أما الطابق الأول فهو من موقوفات السيد عبد الحسين آل طعمة سادن الروضة الحسينية وتلك الفترة ، حيث يتألف من مسكن ومكتبة.

    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 183

  • حسينية الحاج منن :

  • تقع هذه الحسينية في الشارع المؤدي إلى مدينة الهندية (طويريج) . شيدها الحاج منن بن الحاج فليح من أهالي مدينة الحلة لتكون سكناً لعموم زائري الإمام الحسين (ع) وذلك سنة 1345هـ (1927م) وأعيد تعمير هذه الحسينية سنة 1377هـ (1958م) من قبل الحاج فليح.

  • حسينية المازندراني :

  • تقع هذه الحسينية خلف مبنى المخيم . شيدها الشيخ محمد مهدي الواعظ المازندراني الحائري سنة 1372هـ (1953م) ، كما تنص اللوحة التذكارية المنقوشة بالقاشاني على باب الحسينية.

  • حسينية الأسكوئي الحائري :

  • تقع هذه الحسينية عند مدخل زقاق الداماد. شيدت سنة 1345هـ (1927م) من قبل ميرزا علي بن الميرزا موسى الأسكوئي الحائري ، وكانت تحتوي على مكتبة عامة بأسم (مكتبة العلامة الحائري) ، وتتألف من طابق واحدة تتوسطه ساحة وسعة تحيط بها الغرف(1).

  • حسينية أولاد عامر :

  • تُعد هذه الحسينية من المباني الإسلامية الحديثة التي أعيد بناؤها في السنوات الأخيرة. وتعتبر من أجمل الحسينيات في مدينة كربلاء. شيدت سنة 1375هـ (1955م) وأعيد بناؤها سنة 1420هـ (2000م ) . وتقدر مساحة بناء الحسينية بـ 4149 م2. وتتألف من طابقين ، الطابق الأرضي ، يتكون من المسجد والأروقة الملحقة به والإدارة والمرافق ، وتتوسط الطابق الأرضي ساحة مكشوفة تتوسطها نافروة ماء.

    (1) نور الدين الشاهرودي : تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ، ص : 297 298.
    سلمان هادي طعمة : تراث كربلاء ، ص : 224 225 .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 184

    أما الطابق الأول فيحتوي على قاعة للصلاة ايضاً مع الممرات وبعض الغرف والمرافق.
    وتعتبر قبة حسينية أولاد عامر بتصميمها من القباب الفريدة في طرازها المعماري.

    حسينية أولاد عامر في مدينة كربلاء

    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 185

    المدارس والمعاهد العلمية الدينية

    لعبت مدينة كربلاء دوراً حضارياً بارزاً في تاريخ العراق والعالم الإسلامي. وكانت مصدر النهضة العلمية والأدبية والفكرية خلال قرون عدة. وفي حقب زمنية مختلفة أصبحت مقر كبار العلماء والفقهاء ومكان تدريسهم .
    ومن أبرز ما تميزت به المدينة. خلال القرون الماضية ، الدراسات الدينية ذات الطابع التقليدي في طريقة التدريس المسماة بنظام الحلقات. وهذه الطريقة ما تزال معتمدة في أكثر الحوزات العلمية في المدن الإسلامية ، كما كان الحال في المدارس النظامية والأتابكية والمستنصرية وفي الأزهر الشريف وجامع الزيتونة وجامع القرويين.
    وكانت هذه الدراسات في بداياتها ، تتخذ من أروقة وصحن وغرف الروضتين الحسينية والعباسية أماكن لها. وكذلك في بيوت العلماء التي غالباً ما كانت تضم غرفاً كبيرة أعدت لهذا الغرض. ولقد تخرج عن طريق هذه الدراسات الكثير من العلماء ممن تخصصوا في الفقه والأصول والفلسفة والطب والفلك والنحو والأدب وعلوم القرآن(1).
    وعند بداية الحكم البويهي في إيران والعراق ، تاسست المدارس الإسلامية التي تدرس فقه الإمام جعفر الصادق (ع) في عموم المدن التي كانت تحت سيطرتهم ، خصوصاً في المدن التي يقطنها الشيعة. وأول مدرسة إسلامية شيدت

    (1) محافظة كربلاء بين التراث والمعاصرة ، إصدار محافظة كربلاء الإدارة المحلية ، ص : 101 ، سنة 1974م .
    نور الدين الشاهرودي : تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ، ص : 277.
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 186

    في العراق في كانت في كربلاء ، وهي (المدرسة العضدية) من قبل عضد الدولة البويهي عند زيارته للمدينة وتجديده لبناء مرقد الإمام الحسين (ع) سنة 369هـ (980م ) . وكان موقعها بجانب مسجد رأس الحسين الذي شيده عضد الدولة أيضاً بالقرب من باب السدرة أحد أبواب الحسينية.
    وقد بقيت هذه المدرسة إلى فترة العهد الصفوي. وكانت تحت رعايتهم وعنايتهم . وبعد زوال الدولة الصفوية آلت إلى الخراب. وفي سنة 1354هـ (1935م) أزليت المدرسة لغرض فتح شارع يحيط بالروضة الحسينية.
    كما شيد عضد الدولة البويهي سنة 371هـ (982م) مدرسة أخرى في مدينة كربلاء ، بجانب الصحن الصغير ، الذي بناه وألحقه بصحن الروضة الحسينية من الجهة الشرقية ، وهو موضع مقبرة السلاطين من آل بويه. وقد أزيلت هذه المدرسة والصحن الصغير كذلك بتاريخ 24/ 11/ 1948م(1).
    وتشير الكثير من المصادر التاريخية إلى بناء المدارس الإسلامية يعود إلى أيام السلاجقة الذين حكموا العراق بعد البويهيين. فهم أول من بنوا مثل هذه المؤسسة ، وأتخذوها مكاناً للصلاة ، وفي الوقت نفسه منشأة علمية. وأول مدرسة شيدت من قبل السلاجقة في العراق ، حسب تلك المصادر هي المدرسة النظامية في بغداد ، التي شيدها نظام الملك سنة 459هـ (1067م) الذي كان وزيراً للسلطان السلجوقي ألب أسلان وأبنه السلطان ملكشاه(2).
    وبالمقارنة بين التاريخين اللذين ذكرتهما المصادر التاريخية ، يظهر أن المدرسة العضدية في كربلاء ، شيدت قبل المدرسة النظامية بحوالي 90 عاماً ، وعليه فأنها أولى المدارس الإسلامية المشيدة في العراق.

    (1) الشيخ محمد الكرباسي : دائرة المعارف الحسينية فصل الحركة العلمية في كربلا ، مخطوط تحت الطبع.
    مجلة حوزة ، ص : 171ـ 172 ، العدد السادس من سنة 1416هـ (1996م) عن مكتب التبليغ الإسلامي ، قم إيران.
    د. الجواد الكليدار : تاريخ كربلاء وحائر الحسين : ص : 177.
    (2) د. عبد الجبار ناجي : دراسات في تاريخ المدن العربية الإسلامية ، ص : 305 ، مطبعة جامعة البصرة العراق ، 1986م . الشيخ طه الولي : المساجد ، ص : 84.
    د. عفيف بهنسي : الفن الإسلامي ، ص : 123 ، الطبعة الإولى ، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر ، دمشق 1986م .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 187

    وعند زيارة الرحالة الشهير أبن بطوطة إلى مدينة كربلاء سنة 727هـ (1327م) نوه إلى وجود مدرسة عظيمة وزاوية كريمة ، فيها الطعام للوارد لأبنية الروضة الحسينية ، وكانت أعداد متزايدة من طلاب العلم ترتاد هذا الجامع الذي تحول إلى مدرسة علمية ودينية مهمة.
    أما الزاوية التي قصدها أبن بطوطة في كربلاء ، فهي (دار السيادة) التي أقامها السلطان المغولي محمود غازان خان وجعلها وقفاً على الفقراء والمساكين(1).
    أدى تطوير الحركة الفكرية والدينية وأتساعها في القرن الثاني عشر الهجري ، إضافة إلى أزدياد عدد طلاب ، خصوصاً من البلدان الإسلامية المختلفة ، إلى أنتشار المدارس العلمية الدينية في كربلاء(2) ، فبدأت تتطور تطوراً سريعاً. وكانت لها خصائصها وطابعها المتميز من حيث أستقلال البناء وهندسته وإلحاق الأقسام الداخلية للطلبة وتطور مناهج الدراسة فيها ، وكانت تختلف عن حلقات المساجد والجلسات العلمية في البيوت. فصارت هي المكان المخصص للدراسة ، كما كان يخصص مكان للسكن في وحدة معمارية وإدارية متكاملة(3).
    أما أسلوب الدراسة في المدارس والمعاهد العلمية الدينية في مدينة كربلاء فكان يواكب التطور في المقررات ، وحاجتها لإدخال بعض المفردات والعلوم المعاصرة في مناهجها ، وكانت تمد الأقطار الإسلامية بالكثير من الكوادر العلمية الإسلامية المتفتحة.

    (1) رحلة أبن بطوطة ، ص : 233. نور الدين الشاهرودي : تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ، ص : 42 43.
    سلمان هادي طعمة : تراث كربلاء ، ص : 288.
    (2) نور الدين الشاهرودي : تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ، ص : 277 278.
    (3) محافظة كربلاء بين التراث والمعاصرة ، إصدار محافظة كربلاء ، ص : 101.
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 188

    وعندما نتحدث عن الحركة العلمية والمدارس والمعاهد الدينية في مدينة كربلاء ، فإن البحث يرتبط تلقائياً بالمرجعية الدينية ومهام المرجع العلمية التي لا تنفك عن مهامه الإدارية وهي تتمثل في :
    1ـ إدارة شؤون التعليم الديني في مركزه الرئيسي في المراكز التابعة له.
    2ـ قيامه بإلقاء المحاضرات العلمية في أعلى مستوياتها في مجالات عدة.
    3ـ تعيين ممثلي المرجعية في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي حيث يجب ذلك.
    4ـ الإجابة على الاسئلة والاستفسارات.
    5ـ صرف الرواتب الشهرية على الأساتذة والطلبة.
    6ـ تشييد المدارس والمعاهد العلمية لدراسة الطلاب وسكنهم .
    7ـ بناء المكتبات العامة ، والمستشفيات ، ودور الايتام وسائر المرافق الأجتماعية ذات المنفعة العامة(1).
    وكان كل هذا النشاط والتمويل والأشراف مستقلاً يتم بمعزل عن الدولة ولا يسمح بتدخلها فيه. فقد كانت الحركة العلمية الدينية في كربلاء مؤسسة مدنية مستقلة.
    والمدارس الدينية في كربلاء تحمل صفات وخصائص معمارية متميزة تتناسب مع الهدف الذي أنشئت من أجله. ويمثل تخطيطها طرازاً معمارياً معروفاً في العراق يعرف بالطراز الحيري ، نسبة إلى مدينة الحيرة قرب الكوفة ، والذي يتمثل بإحلال الصحن (الفناء المكشوف أو الساحة الداخلية المكشوفة) المكان الأول في التخطيط. ثم تأتي الأروقة المسقوفة المكشوفة والقاعات والغرف والمصلى والممرات والمداخل لتحتل مكانها حول تلك الساحة التي تتجه إليها كل

    (1) د. فاضل الحسيني الميلاني : دراسات حول كربلاء ودورها الحضاري ، ص : 625 ، الطبعة الاولى 1996م .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 189

    مرافق البناء ، إن هذا التنسيق الذي أتبع في بناء المدارس الإسلامية يشير إلى النظام المتبع في المباني الإسلامية يشير إلى النظام المتبع في المباني الإسلامية ، وإلى أسلوب التخطيط العمراني الذي أكدته البيئة ومتطلبات الحياة الأجتماعية.
    وفي أكثر الأحيان يتوسط الساحة المكشوفة حوض فيه نافورة ماء يستعمل أحياناً للوضوء. وفي بعض الأحيان تتوسط الساحة شجرة أو أشجار عدة. أما الواجهات الخارجية فتقتصر على الأبواب المؤدية إلى الداخل ، وأحياناً توجد فيها الشبابيك. وأستخدمت في الواجهات الخارجية لبعض المدارس الدينية تشكيلات زخرفية من الآجر وعلى مساحات معينة من الجدران بحيث أضفت مسحة جمالية رائعة على هذه الأبنية.
    واستعمل الطابوق (الآجر) والجص في بناء المدارس الدينية في كربلاء. وتم تزيينها من الداخل بزخارف جبصية وقاشانية ملونة تتخللها كتابات من الآيات القرآنية الكريمة ، وكذلك الزخارف الخشبية المتنوعة التي تغطي الشبايبك والمطعمة بالزجاج الملون الجميل.
    وكانت تنتشر في أرجاء مدينة كربلاء المقدسة المدارس والمعاهد العلمية الدينية ، الذي وصل عددها إلى 25 مدرسة ومعهداً ومعظمها يحتوي على غرف لسكنى الطلبة. وقد شيدت من قبل المرجعية الدينية وتحت إشرافها وفي مراحل زمنية مختلفة. وبعضها سمي باسمائهم . ومن أبرزهم: الوحيد البهبهاني ، والشيخ يوسف البحراني ، والأمير السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ، والسيد إبراهيم بن محمد باقر القزويني صاحب الضوابط ، والسيد محمد المجاهد ، وشريف العلماء والشيخ مرتضى الأنصاري ، والسيد محمد مهدي بحر العلوم ، والشيخ محمد تقي الشيرازي قائدة ثورة العشرين ، والسيد حسين الطباطبائي القمي ، والسيد محمد هادي الميلاني ، والسيد ميرزا مهدي الشيرازي. وقد تخرج الكثير من العلماء

    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 190

    والفقهاء والمراجع من معاهدها العلمية ممن تخصصوا في الفقه والأصول والفلسفة والأدب وعلوم القرآن.
    وقد أشادت الرحالة الفرنسية المعروفة مدام ديولافوا بالمدينة ومعاهدها العلمية الدينية عند زيارتها لكربلاء مع زوجها سنة 1299هـ (1881م) ، وقالة : (إنها مدينة تُعد من مراكز الشيعة المهمة ، وهي عبارة عن جامعة دينية كبيرة تضم عدداً من المدارس الدينية الكبيرة التي قصدها طلبة العلم من كافة أنحاء العالم الإسلامي فيقضون معظم سني حياتهم فيها)(1).
    ولكن مع الأسف الشديد أزيل معظمها في فترات زمنية مختلفة نتيجة فتح شوارع جديدة. خصوصاً في المنطقة المحيطة بالروضتين الحسينية والعباسية ، وقسم منها آل إلى الخراب نتيجة الإهمال وعدم الترميم والصيانة.
    وبالإضافة إلى المدارس العلمية الدينية ، كانت هناك مدارس شيدت من قبل الأهالي والبلدان الإسلامية لجالياتها التي كانت توفدها إلى هذه المدينة لدراسة العلوم الدينية ، وقسم منها كان يقيم فيها كالعثمانية والإيرانية ، ومن قبل المسلمين الهنود أيضاً.
    تدرس اللغة العربية في جميع هذه المدارس ، بالإضافة إلى أن كل مدرسة من هذه المدارس كانت تختص بلغة معينة أو لغات عدة ، ومن أشهرها المدرسة الجعفرية الأولى التي تأسست سنة 1332هـ (1914م) والمدرسة الحسينية سنة 1327هـ (1909م) والمدرسة الرشيدية سنة 1328هـ (1910م)(2).
    ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة سنة 1921م بدأت الحكومة بإنشاء مدارس رسمية أخذت على عاتقها تعليم ابناء مدينة كربلاء جنباً إلى جنب مع المدارس الدينية الأهلية الأخرى(3)

    (1) Madam J. Dieulafoy - La Porse: La Chaldee, et la Susiane (paris 1887) .
    (2و3) د. رؤوف محمد علي الأنصارين جريدة الحياة ، 1995 .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 191

    أما أشهر المدارس العلمية الدينية في كربلاء فهي :

    1ـ مدرسة السردار حسن خان

    تعتبر هذه المدرسة أحد ابرز المعاهد الدينية التاريخية في كربلاء. شيدت من قبل السردار حسن خان القزويني سنة 1180هـ (1767م), وكانت تقع في الزاوية الشمالية الشرقية من الروضة الحسينية ، وتخرج منها رعيل من كبار العلماء والفقهاء والمفكريين الإسلاميين كالعالم الكبير الشيخ شريف العلماء المازندراني والمصلح الإسلامي الكبير جمال الدين الأفغاني.
    وكانت هذه المدرسة تحتوي على 70 غرفة ، وقد كُسيت جدرانها بالزخارف الهندسية الرائعة تعلوها كتابات من الآيات القرآنية الكريمة. وبوشر العمل بهدم جزء من بنائها بتاريخ 18/ 11/ 1948م . في عهد متصرف كربلاء آنذاك عبد الرسول الخالصي(1) ، وقد بقيت آثارها إلى آذار من سنة 1991م حيث أزيلت هذه المدرسة بعد هذا التاريخ من قبل السلطات الحكومية ضمن تدمير مركز المدينة.

    2ـ مدرسة السيد المجاهد

    هذه المدرسة كانت تقع في سوق التجار الكبير بالقرب من مرقد مؤسسها السيد محمد المجاهد الطباطبائي. شيدت سنة 1270هـ (1854م) كما هو مذكور في الوقفية الخاصة بها وتخرج منها عدد كبير من كبار العلماء والفقهاء ، أمثال العلامة السيد محمد باقر الطباطبائي والعلامة السيد محمد علي الطباطبائي ، وكانت توليتها بيد العلامة السيد محمد تقي الطباطبائي ، وتتألف المدرسة من طابقين وتحتوي على 12 غرفة ، وقد أزيلت سنة 1980م نتيجة فتح شارع المشاة الذي يربط الروضتين.

    (1) د. عبد الجواد الكليدار : تاريخ كربلاء وحائر الحسين ، ص : 177 ، 270. مجلة (الحبل المتين) ، العدد 4ـ السنة 18 ، ص : 21 ، شهر رجب 1328هـ (1910م ) .
    سلمان هادي طعمةـ تراث كربلاء ، ص : 202 203.
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 192

    3ـ صدر الأعظم النوري

    تعتبر هذه المدرسة أحد أهم المعاهد العلمية الدينية الرئيسية في كربلاء. وكانت تقع غرب صحن الروضة الحسينية ، شيدها العلامة الشيخ عبد الحسين الطهراني من ثلث الأمير الميرزا تقي خان الصدر الأعظم المتوفى سنة 1268هـ (1852م ) . وقد أزيلت أيضاً في عهد متصرف كربلاء آنذاك طاهر القيسي سنة 1948م نتيجة فتح شارع الحائر المحيط بالروضة الحسينية. ومن أساتذتها يومذاك الشيخ أبو القاسم الخوئي المتوفي سنة 1364هـ (1945م) والشاعر السيد عبد الوهاب الوهاب المتوفى سنة 1322هـ (1904م)(1).

    4ـ المدرسة الزينبية

    تأسست عام 1276هـ (1860م) من قبل السلطان ناصر الدين القاجاري بمباشرة العلامة الشيخ عبد الحسين الطهراني. وكانت هذه المدرسة من المعاهد العلمية الدينية المزدهرة في فترات زمنية مختلفة. وسميت بهذه التسمية نسبة إلى موقعها عند باب الزينبية في الجهة الغربية للروضة الحسينية ، وتم تهديمها نتيجة فتح الشارع الميحيط بالروضة الحسينية سنة 1368هـ (1948م ) .
    ومن أساتذة المدرسة الزينبية الشيخ محمد الخطيب المتوفى سنة 1380هـ (1961م) ، والشاعر الشيخ جعفر الهر المتوفى سنة 1347هـ (1928م)(2).

    5ـ المدرسة الهندية الكبرى

    كانت هذه المدرسة أحد أشهر المعاهد العلمية الدينية حتى سنوات قريبة. وتقع في زقاق الزعفراني بالقرب من الروضة الحسينية. شيدت في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ، وتتألف من طابقين وتحتوي على 22 غرفة. وتضم مكتبة

    (1) د. عبد الجواد الكليدار : تاريخ كربلاء وحائر الحسين ، ص : 177. سلمان هادي طعمة : تراث كربلاء ، ص : 203.
    (2) د. عبد الجواد الكليدار : تاريخ كربلاء وحائر الحسين ، ص : 177 ، 270 .
    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 193

    عامة تعرف بأسم (المكتبة الجعفرية) ، وكانت تصدر عن هذه المدرسة مجلة تعرف بـ(أجوبة المسائل الدينية) . وقد تخرج من هذه المدرسية كبار العلماء والفقهاء ، ومن أساتذتها العلامة الشيخ جعفر الرشتي.

    6ـ مدرسة البادكوبة (الترك)

    وهي من المدارس الشهيرة في مدينة كربلاء. شيدت سنة 1270هـ (1854م) حيث اسسها الحاج البادكوبي وكانت توليتها بيد العلامة الشيخ محمد الكرباسي. وتقع في زقاق الداماد الواقع بين الروضتين الحسينية والعباسية. وكانت تتألف من ثلاثة طوابق. وتحتوي على 30 غرفة ، وتضم مكتبة عامة تحتوي على الكتب القيمة. ومن أستاتذتها آنذاك الشيخ محمد الشاهرودي والعلامة الشيخ محمد الكرباسي. وأزيلت هذه المدرسة نتيجة فتح شارع المشاة بين الروضتين سنة 1980م ، وكانت تصدر عنها مجلة « منابع الثقافة الإسلامية » ومجلة (مبادئ الإسلام) باللغة الإنكليزية.

    7ـ مدرسة البقعة

    أسسها العلامة السيد علي نقي الطباطبائي سنة 1289هـ (1872م ) . وكانت تقع في شارع الإمام علي ، وبجانب مرقد السيد محمد المجاهد الطباطبائي ، وقد شيدت في منتصف القرن الثالث عشر الهجري ، وتتألف من طابقين وتحتوي على 20 غرفة. وقد تخرج منها نخبة من العلماء والفقهاء بينهم العلامة السيد محسن الكشميري والعلامة الشيخ عبد الرحيم القمي والعالم السيد مرتضى الطباطبائي ، وكانت تصدر عنها مجلة (صوت المبلغين) . وقد أزيلت هذه المدرسة أيضاً سنة 1980م نتيجة فتح شارع المشاة بين المرقدين.

    عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 194

    8ـ المدرسة السليمية

    تقع هذه المدرسة في زقاق جامع السيد علي نقي الطباطبائي. شيدت من قبل الحاج محمد سلم خان الشيرازي سنة 1250هـ (1834م) ، وجددها المرجع الديني السيد مهدي الشيرازي سنة 1370هـ (1951م ) . وكانت توليتها بيد العلامة السيد مرتضى الطباطبائي ، وبعد وفاته تولى إدارتها نجله السيد محمد الطباطبائي ، وبعد أعتقاله عام 1991 تم الأستيلاء عليها.
    والمدرسة ذات مساحة صغيرة ، وتتألف من طابقين وتحتوي على 13 غرفة. ومن أساتذتها العلاة الشيخ يوسف الخراساني والعلامة المجاهد السيد حسن الشيرازي ، وقد صدرت عن هذه المدرسة مجلة بأسم (الأخلاق الآداب) ومجلة (ذكريات المعصومين) .

    9ـ المدرسة المهدية

    تقع هذه المدرسة في الزقاق المجاور لديوان السادة آل الرشدي. شيدت من قبل الشيخ مهدي بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء عام 1284هـ (1867م .) وتتألف من طابقين يحتويان على 24 غرفة ، ويسكنها طلبة العلوم الدينية وبينهم طلاب ينتمون لبعض الدول الإسلامية ، ومن أساتذتها العلامة الشيخ علي العيثان البحراني والشيخ عبد الحميد الساعدي. تم الاستيلاء عليها من قبل سلطات النظام البائد.

    10ـ مدرسة ميرزا كريم الشيرازي

    تقع هذه المدرسة في محلة العباسية الشرقية. شيدت سنة 1287هـ (1870م) وشيد فيها مصلى كبير أعيد بناؤه من جيد من قبل السيد علي محمد الموسوي الشيرازي سنة 1308هـ (1891م) كما تنص على ذلك اللوحة التذكارية المثبتة في داخله. والمدرسة كبيرة وذات ساحة داخلية مكشوفة واسعة

    السابق السابق الفهرس التالي التالي