تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : دائرة المعارف الحسينية / المركز الحسيني للدراسات /لندن المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

        الحمدلله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى «2» آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم«3» إنه لقول رسول كريم «4»، إني لكم رسول أمين«4»، أبلغكم رسلات ربي و«6» لا أسالكم عليه أجراً الآ المودة في القربى«7» وآت ذا القربى حقه«8» ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون «9».

                                                                                                                                                                                                                                                                                                        صدق الله (10) العلي العظيم(11)

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النمل: آية: 30.

(2) سورة النمل، آية: 59.

(3) سورة آل عمران، آيتان: 33، 34.

(4) سورة الحاقة، آية: 40.

(5) سورة الشعراء، آية: 107.

(6) سورة الاعراف، آية: 62.

(7) سورة الشورى، آية: 23.

(8) سورة الاسراء، آية: 26

(9) سورة الروم، آية: 38.

(10) سورة آل عمران، آية: 95.

(11) سورة البقرة، آية: 255.

(5)

 

 

                قال رسول الأعظم ص:

                « إن الحسين مصباح هدى

                                وسفينة النجاة

                                        وإمام خير ويمن

                                                وعز وفخرٍ

                                                        وبحر علم وذخر»(1).

                                                                صدق رسول الكريم

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عيون أخبار الرضا: 1/62، وقريب منه في فرائد السمطين: 42.

 

(6)

 

 

مقدمة الناشر

        هل إن قبور الانبياء والائمة عليهم اسلام، والأولياء والصاحين، هي حقاً كتل من الاسمنت والحجار نمقت ببعض المنمنمنات وزخرفت ببعض الزخارف، وهي بالتالي لا تعني شيئاً لا تنفع ولا تضر كما يراه البعض؟ أم أنها تعني ما تعنيه من دلالات عقائدية، وايمانية، ومعنوية؟

        لو كانت قبور الأنبياء والائمة والأولياء ليست سوى كتل من الاسمنت والحجارة لا تنفع ولا تضر، لما كنا وجدنا في صفحات معظم كتب المذاهب الاسلامية أحاديث شتى تحث على زيارة القبور. كما تحث الأحاديث الشريفة على زيارة قبر النبي ص والأئمة ع لما لزوارهم من الأجر والثواب الكبيرين، فلقد ورد عن رسول الله ص أنه قال: « ... نهيتكم عن زيارة القبور، ثم بدا لي أنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة، فزوروها ولا تقولوا هجراً...» [ مسند الامام أحمد، ح 13129].

        ولقد أجمع المسلمون على زيارة قبر النبي ص حتى أنه من حج ولم يزره فقد جفاه وثلم حجة بذلك الفعل، وقال رسول الله ص « من سلم علي من عند قبري سمعته، ومن سلم علي من بعيد بلغته عليه سلام الله ورحمته وبركاته» [ انظر بحار الانوار ج 10ص 441].

        وهناك الكثير من الأحاديث في هذا الموضوع، لا مجال لذكرها في هذه العجالة، وعلى من يريد الاطلاع والتوسع في هذا الشأن مراجعة كتب الأحاديث عند السنة والشيعة يجد ضالته.

        وما لا بد من قوله هنا أن زيارة القبور والمراقد أنما هي لمن تضمه هذه القبور في جنباتها، وتعبير عن مكانته في القلوب والنفوس، وتأكيد على السير على خطة ونهجه ومبادئه التي نهج عليها في حياته، ناهيك عن رفع

(7)

 

اليدين والدعاء لله سبحانه وتعالى في هذه الأماكن الشريفة والمقدسة بقداسة المدفونين فيها.

        قالت سودة بنت عمارة بن الأسك الهمدانية لمعاوية بن أبي سفيان في حديث جرى بينه وبينها عندما جاءت تشكوه احد ولاته الجائرين، قالت عن علي ع:

صلى الاله على جسم تضمنه قبر             فأصبح فيه العدل مدفونا

        قد حالف الحق لا يبغي به بدلاً                  فصار بالحق والايمان مقرونا

        إن ستمرارية التواصل بين المؤمنين وبين تلك القبور والمراقد، عنوان التواصل بين المؤمنين والأنبياء حملة الرسالات والأئمة عليهم السلام والأولياء والمجاهدين في سبيلها والمضحين من أجلها.

        ولا بد قبل الختام من الاشارة الى أن بين تاريخ المارقد الجزء الاول وتاريخ المراقد الجزء الثاني صدرت أجزاء عديدة من هذه الموسوعة المباركة والعظمى، لأوليات قد أشرنا اليها في الأجزاء التي طبعت حتى اليوم من دائرة المعارف الحسينية، والتي تسعى بكل جهد واجتهاد وبالاتكال على الله سبحانه وتعالى، وبدعم كبير من المؤمنين والمحبين للحسين وأهل البيت عليهم السلام للاستمرار بطباعتها وأصدار بقية أجزائها على التوالي.

        إن هذا الجزءــ كما أشرنا أعلاه ــ هو الجزء الثاني من تاريخ المراقد الحسينية يستكمل فيه المؤلف بحثه في تاريخ ونشوء وتطور المرقد الحسيني الشريف ومراقد المتعلقين بالحسين عليهم السلا على مرالأزمنة والعصور، وقد بلغت في يومنا هذا ما بلغته من سمو ورفعة في البناء ومن مكانة ومنزلة رفيعتين في نفوس وأفئدة وعقول المؤمنين ، وسأل الله سبحانه وتعالى أن تبقى كذلك والحمد لله رب العالمين.

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        13/ صفر/ 1424هـ

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        15/ نيسان/ 2003م

(8)

 

مقدمة

        رغم أننا لا نقدم على الأجزاء التي تتلو الجزء الأول من الموضوع الواحد حيث إنها في الحقيقة امتداد لذلك الجزء إلا أن للضرورة أحكاماً، وقد رأينا من الضرورة بيان بعض النقاط في هذا الباب ولعلها تكو بمنزلة الاستدراك على تلك المقدمة الضافية، أو تذكير ببعض النقاط التي وردت فيها، وربما كان بعضها وليد الحاجة التي فرضت نفسها، وعلى أي حال فإن الأمر يتطلب منا بيان ذلك:

        1ـ أن الجزء الأول من هذا الباب كما هو الحال في بقية الأجزاء خضع بعد تنضيد الحروف الى عشر مرات للتصحيح باختلاف أشكاله ومع هذا فقد وقع فيه عدد من الأخطاء بكل أسف، منها سقوط سطر بتمامه وهذا ما جعلنا أن نضع في آخر هذا الجزء فهرساً بأخطاء الجزء الأول نتمى أن لا يتكرر هذا الامر ولكن. « ما كلما يتمنى المرء يدركه»(1)، ونرجو أن يولي العاملون المزيد من الاهتمام وقد جاء في الحديث: « رحم الله أمرءاً عمل عملاً فأتقنه»(2)، ومن الطريف أن بعض الأخطاء لا تقع من اللامبالاة بل من شدة الحرص والاهتمام ولكن دون تحقيق أو معرفة أو استئذان وعلى سبيل المثال فقد سلمنا لأحدهم الأجزاء ليوصلها الى الجهة المشرفة على الطباعة وما كان منه الا أن تصرف في ذلك وأخذ يقدم خدماته بالمجان دون مقابل فوضع بعض علامات التنقيط من الفوارز والنقاط وعلامة التعجب والسؤال الى غيرها، ولما اطلعنا على ذلك قلنا له: ماذا تعمل؟ قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شطر من بيت للمتنبي من البسيط تمامه:

ماكل ما يتمنى المرء يدركه                   تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ

ديوان المتنبي: 2/344.

(2) بحار الأنوار: 22/ 264 عن الكافي: 3/262، رواه عن الرسول ص، وفي المأثور أيضاً: « إذا عمل أحدكم عملاً فليتقن».

(9)

وجدت أن الكتاب بحاجة الى ذلك فعمدت الى هذا مساهمة مني في هذا المشروع، وعندما استرجعنا منه ذلك المجلد وراجعنا الصفحات التي تناولها فأذا به قد حول الجملة الاستفهامية الى خبرية وبالعكس.

        وفي مجال آخر فقد صححنا كلمة ثلاث مرات ثم عاد المصحح فكتبها كما كان يعرفها على شكلها المعروف المجبل على الخطأ الشائع، ومن تلك على سبيل المثال حروف العلة وشقيقتها الهمزة والتي هي في الحقيقة أصبحت علة أغلبية الناس فكتبها على الياء أو على الالف دون مراجعة أصلها.

        وحتى لا تذهب بعيداً فقد أضاف بعضهم كلمة «الهي» في الجزء الأول من هذا الباب على مناجاة منظومة للامام الحسين ع غافلاً من أن وزن الشعر يختل بهذه الإضافة. إلا أنه حفظها هكذا وشاهدها في غالب المصنفات على هذا الشكل.

        من هنا وغيره يأتي معظم الأخطاء ورغم التطور الآلي فقد تراجعت القدرة الفنية لدى العامل المباشر.

        وربما كان حقاً تلك الكلمة التي اطلقتها لبعض الاخوان قبل أكثر من عقدين من الزمن حينا وجدت بعض الأخطاء في بعض المؤلفات، فقلنا له عن خبرة ودراسة: لا يسمى الكتاب كتاباً إذا لم يكن فيه خطأ، ولكنا نقول أيضاً: لكل شيء حد.

        ومما يجدر ذكره هنا رغم الأطالة مطلبان:

        الأول: كنا نقابل الجزء الأول من هذا الباب مع أحد الأصدقاء فيقرؤه أحدنا ليطبقه الآخر على الأصول والمصادر أو بالعكس، وكان ذلك أمام ضيف حلً علينا فوجدناه أخذ يصحح ما نقرأ، فقلنا له إنما نقراً ما حملته المصادر إلينا لنطبق بعضها مع البعض الآخر، فقال: لايجوز هذا عليكم، يجب أن تخضعوا الكتاب الى مراقبة الاخصائيين، قلنا له: إنها مرحلة تطبيق وليست النهاية فلم يقنع.

        الثاني: أيام إقامتي بلبنان وبالتحديد قبل أن نؤسس للطباعة مؤسسات ونعرف الكثير من مشاكلها أردنا طباعة كتاب كان يهمنا أمره جداً بأن لا يقع

(10)

فيه أخطأُ مطبعي، وجهوونا الى شركة لها اختصاص بذلك، وقال المشرف عليها: متحدى من يرشدنا الى خطا فيما أشرفنا عليه، فأخذنا بعضاً من تلك المطبوعات فوقع نظرنا على عد من الأخطاء فبهت الذي تحدى فوعد بالحسنى.

        وهذا لا يعني اننا مع الخطأ وعدم معالجته بل العكس هو الصحيح ولكن ما قدمناه هو اعتذار عن خبرة، وشكوى عم مرارة، وأمنية لتحقيق ضرورة من ضرورات الكتابة علنا نصل اليها عاجلة.

        2ـ لقد حاولنا جهد الامكان نقل النصوص الواردة في باب المارقد لأنها في الغالب مشاهدات حتى لا نخطىء في الوصف إلا إذا كانت العبارة غير مفهومة أو ناقصة أو غير صحيحة فعندها نعطي الحق لأنفسنا بالتصرف ولكن نشير الى ذلك بشكل من الأشكال كقولنا بعد ذكر المصدر في الهامش «بتصرف» أو نذكر قبل ذكر المصدر كلمة « راجع » لنشعر القارىء أن الفكرة مأخوذة من هناك وأن تصرفاً حدث في النص وذلك مراعاة للأمانة، ولو وضعنا لموضوع واحد أكثر من مصدر فهذا لا يعني بأن المصادر كلها متفقة في النص كما لا يعني ذلك بان كل الموضوع مأخوذ من جميعها إذ ربما أثبتنا الموضوع ملفقاً من بين مجموعة من المصادر.

        3ـ بالنسبة الى مرقد الامام الحسين ع قد يتصور العض أنه يشمل مرقد علي الاكبر ابن الامام الحسين ع أو مرقد الشهداء رضوان الله عليهم، أو مرقد حبيب بن مظاهر رضي الله عنه حيث احتواها مبنى واحد، ولكننا افردنا لكل منها فصلاً خاصاً بها حيث إن الاستقلالية في البحث بحد ذاته مطلوبة وسيأتي الحديث عن كل واحد منها حسب الحروف الهجائية، وقد نوهنا الى أننا قدمنا الحديث عن مرقد الامام الحسين ع على بقية المراقد التي تبدأ أسماؤهم بحرف الحاء كحبيب بن مظاهر الأسدي، والحر بن يزيد الرياحي، احتراماً للمكانة التي يتبوأها الامام ع ونزولاً لرغبة أنصاره الذين لا نشك بأنهم لا يهنأ لهم أن يتقدموا على سيدهم الا في الذب عنه والفداء بأنفسهم دونه.

        4ـ لقد ورد في العديد من السنوات أن الملوك والأمراء والوزراء قاموا بالتبرع والعطاء على المجاورين للحرم الحسيني، فالظاهر ان المراد من

(11)

 

المجاورين حسب تتبعنا هم طلبة العلوم الدينية وخدمة الروضة الحسينية الذين كانوا قد نذروا أنفسهم لخدمة مرقد الامام الطاهر ع أو للدراسة والأخذ من منهلة العذب حين لم تنشأ بعد مؤسسات مستقلة لهذه الغاية بالشكل الذي نشاهده اليوم، كما لا يعقل أن يكون المجاورون حفنة من الفقراء والمساكين بل الواقع يدلنا على أن الجاورين كان أغلبهم أثرياء لاسباب عديدة منها أنهم كانوا يتعاطون التجارة حيث كان أمثال هذه البلدان وبالأخص كربلاء محط الزائرين وملتقى الجاليات وتقع على مفترق  الطرق وتحيط بها القبائل والعشائر التي كانت تتسوق من متاجرها ولذلك نجد الرحالة والمستشرقين يصفون بساتينها وحقولها ,أسواقها وحركتها الاقتصادية وصفاً جميلاً ويثنون على البضائع المتواجدة من حيث الوفرة والجودة والتنوع كل هذه تدلنا على أن المجاورين لم يكونوا مجموعة من الفقراء والمساكين.

        نعم هناك من خصص في مقالته بخدمة الروضة أو العلماء أو السادات أو الفقراء(1) او ما شابه ذلك حيث حدد مصرف تلك الهبات والعطايا، وأنما شاع اطلاق المجاورين على طلبة العلوم الدينية لانهم بالذات كانوا يقيمون في غرف الروضعة المباركة وزواياها ويتداولون العلم في أواوينها وأروقتها وقد أشار عدد من الرحالة الى هذا المعنى وقد فصلنا الكلام عن هذا في محلة(2).

        وعلى أي حال لا يعقل أن توزع الهدايا والعطايا على أبناء بلدة بكل أصنافها أثرياء وفقراء وأصحاب الحرف العاطلين عن العمل، والادعاء بأن النفوس كانت قليلة يتناقض مع النصوص التاريخية التي أوردناها في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفقراء: حسب مطالعتنا ومشاهداتنا، لم يكن في الحائر الحسيني فقراء بمعنى الكلمة أي من لا يملك قوت سنته، نعم هناك عدد من الفقراء الذين كانوا يتواجدون هناك من غير هذه المدينة يأتون في المواسم وكربلاء كلها مواسم حيث أن كل ليلة جمعة ونهارها موسم إضافة الى أربعة وعشرين موسماً سنوياً أو أكثر، للحصول على ما يرغد عيشهم، وقد اتخذوها مرحلة من مراحل حياتهم ــ راجع فصل الحالة الاجتماعية من باب أضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعةــ.

(2) راجع فصل الحركة العلمية من باب أضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة.

(12)

 

محلها(1)، مضافاً الى أن التاريخ يحدثنا ومشاهداتنا ترشدنا الى أن الكثير من الأثرياء كانوا يجاورون المرقد الحسيني في آخر حياتهم تشرفاً بالمجاورة وأملا في أن تضم تربة كربلاء أجسادهم.

        5ـ سنشير في آخر فصل المرقد الحسيني هذا وبالتحديد في الجزء الثالث الى عدد من الامور المتعلقة بالمرقد الشريف ضمن جداول واحصاءات يكون من السهل على القارىء  الوصول الى مبتغاه، منها جدول تسدنة المرقد الحسيني منذ اليوم الأول حسب ما توصلنا اليه، ومنا جدول بالهدايا والتحف التي جاؤوا على ذكرها، ومنها جدول بالشخصيات التي زارت المرقد الحسيني، ومنها جدول بالتطور العمراني لكل واحدة من قطاعات المرقد، ومنا إلقاء الضوء على الأمور الفنية لهذا المرقد، ونحاول الحصول على صورة شاملة لكل مرافق المرقد الى جانب الخريطة الهندسية لمجمل الروضة الحسينية.

        6ـ سيلاحظ اهل الخبرة اننا قمنا بمعالجة الكثير من التناقضات والأخطاء التي وردت في المصادر حيث وضع غالبها دون تثبيت او تحقيق لتلك الشخصيات التي ساهمت في عمران المرقد، أو الحوادث التي رافقت حركة العمران، أو تشابكت الأسماء واختلطت الأوصاف مما جعلت النصوص بدرجة من الارباك الذي لا يمكن الاعتماد كلياً الا بعد السبر والتمحيص، ولا أنفي وجود أخطاء فيما قدمناه لأن الكمال لله وحده، ولمن أنعم عليه بالعصمة من الأنبياء والأولياء، إلا أننا حاولنا الكثير لأن نتجنب الحد الأكبر منن تلك الأخطاء التاريخية، نسأل المولى جل وعلا أن يسدد خطانا كما نسأل القارىء أن يغفر خطأنا، وجل من لايخطى والعاقبة للمتقين.

        7- أن الحصول على المعلومات كما هو ملاحظ قد يكون من النصوص وقد يكون من الصور والخرائط، فعليه قد نخط ونرسم على ضوء المعلومات التي حينما تختفي المعالم المرسومة، وقد نكتب ونرقم على ضوء الصور حينما تختفي الكتابة عنها، ومن المؤسف جدأً أن الكاتب لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع فصل كربلاء إدارياً من باب أضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة.

(13)

 

يحظى بمساحة كافية من حرية الوصل الى ما يريد الكتابة عنه فيلوذ الى هذا النوع من العمل، وربما صرفنا الكثير من الوقت أو المال للحصول على كلمة واحدة او معلومة صغيرة قد يكلف المرء شيئاً في ظل أجواء تختلف عن الأجواء التي نعايشها، ولعل القارىء لايدرك ما نعانيه بالقياس الى أمور أخرى متاحة ومتوفرة فيسخر منا أو يتعجب والى الله المشتكى وعليه المعول في الشدة والرخاء.

        8- السنة والعام: لفظان لكل واحد منهما مدلول خاص فاذا أردنا البحث عن جذورهما وستعمالاتهما فسينقلنا البحث الى أصل الكلمة ونشأتها وتحولاتها لتصل الى الهيكلية التي استقرت الكلمة عليها بل سيقودنا الى البحث عن معانيها في المصطلحات المختلفة: اللغوية والفقهية والتاريخية والفلكية وهاذ مما لا ينتهي منه بسهولة لا يتنافى مع الايجاز وربما سيأتي الحديث عن ذلك في مكان آخر من الموسوعة ولكن الذي نريد بيانه هنا بإيجاز أن هناك ثلاث كلمات قد تستخدم إحداهما بدلاً عن الأخرى وهي: الحول، العام، السنة، ولنخلص الكلام عن العام والسنة واللتان هما محل الكلام في هذا الباب حيث ورد استخدامها في باب المراقد بالذات إذ تارة نستخدم العام وتارة أخرى نستخدم السنة رغم تفاوت معانيها في اللغة حيث قيل بأن العام جمع لأيام السنة بينما السنة جمع لشهور العام، ولذلك قالوا عام الفيل بدلاً من سنة الفيل وعليه فبالامكان إذا حل فصل من الفصول وأردت ان تتحدث عن الفصل الماضي المثيل له، تقول: في العام الماضي وإن لم ينته هذا الفصل، وأما في اسنة فلا يجوز استخدامه الا بعد الانتهاء منها بعدد أيامها، وعليه فقد ذكروا بأن العام أخص من السنة وليس كل سنة عاماً فأذا عددت من يوم الى مثله فهو سنة، والعام لا يكون الابفصل من الفصول ولهذا البحث من الفوائد الفقهية واللغوية ما لايخفى على أهل العلم والفضل، ولعل حالهما حال الكل والجميع فلأول إحاطة بالابعض والثاني احاطة بالأجزاء وعلى أية حال فقد اجاز اللغويون باستخدام أحدهما مكان الآخر جاء من باب المجاز الذي هو أحد ظواهر الأدب العربي بل غيره أيضاً، والا فانه يتنافى مع ما اخترناه في باب اللغة من أن اللفظ وضع لمعنى

(14)

 

واحد ولا وجود للمترادفات بل هي منباب المجاز وعدم الدقة كما هو الحال في الجلوس والقعود أذ الدقة العقلية واللغوية غير مطلوية بقدر ما للتفهيم والتفاهم من الأهمية أذ يجوز استخدام أحد اللفظتين بدلاً عن الآخر بأدنى مناسبة وقاسم مشترك وبالأخص في المجال الأدبي، ولو أردنا الدقة اللغوية لكان الأجدر في القام أن تستخدم كلمة السنة دون العام على المختار.

        9ـ وأخيراً أن الصور التي بحوزتنا رغم التطور الآلي والعلمي فلا تأخذ موقعها المطلوب في الكتاب من حيث الجودة.

        10ـ نضيف الى مقدمة هذا الباب بل نستدرك على دور المراقد الديني ما أورده بعضهم في دراساتهم حول القرن السادس الهجري في العراق حيث يقول: « ولعل من الأسباب التي جعلت الفكر الشيعي يتميز بنشاط واضح في هذه الحقبة وجود مشاهد وأضرحة أئمة الشيعة في عدة مدن عراقية منها مقابر قريس في بغداد، وقبر الحسين بن علي في كربلاء، وقبر الامام علي في الكوفة، ومن المعروف أن زعماء الشيعة يوصون أن يدفنوا في هذه المشاهد(1).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشعر العراقي في القرن السادس الهجري: 194.

(15)