ابصار العين  في انصار الحسين  «عليه وعليهم السلام»

اسم الکتاب : ابصار العين في انصار الحسين «عليه وعليهم السلام»

المؤلف : الشيخ محمد بن الشيخ طاهر السماوي رحمه الله
المطبعة : الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية

 

 

 

 

 

جون بن حوي مولى أبي ذر الغفاري

كان جون منضماً إلى أهل البيت بعد أبي ذر، فكان مع الحسن «عليه السلام» ثم مع الحسين «عليه السلام» وصحبه في سفره من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق.

قال السيد رضي الدين الداودي: فلما نشب القتال وقف أمام الحسين «عليه السلام» يستأذنه في القتال، فقال له الحسين «عليه السلام»: يا جون ! أنت في إذني مني، فإنما تبعتنا طلبة للعافية فلا تبتل بطريقتنا.

فوقع جون على قدمي أبي عبدالله يقبلها ويقول: يابن رسول الله! أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم، إن ريحي لنتن، وإن حسبي للئيم، وإن لوني الأسود فتنفس علي في الجنة ليطيب ريحي، ويشرف حسبي، ويبيض لوني، لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم.

فأذن له الحسين «عليه السلام».

فبرز وهو يقول:

كيف ترى الفجار ضرب الأسود              بالمشرفي والقنا المسدد

          (یذب عن آل النبي أحمد)

ثم قاتل حتى قتل.

وقال محمد بن أبي طالب: فوقف عليه الحسين «عليه السلام» وقال: اللهم بيض وجهه، وطيب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرف بينه وبين محمد و آل محمد.

وروي علماؤنا عن الباقر «عليه السلام» عن أبيه زین العابدین «عليه السلام» أن بني أسد حضروا المعركة ليدفنوا القتلى وجدوا جوناً بعد أيام تفوح منه رائحة المسك.

وفي جون أقول:

خليلي ماذا في ثرى الطف فانظرا            أجونة طيب تبعث المسك أم جون

ومن ذا الذي يدعو الحسين لأجله             أذاك جون أم قرابته عــــــــــــون

لئن كان عبداً قبلها فلقد زکــــــــا              النجار وطاب الريح وازدهر اللون

المقصد التاسع

في بني كلب من أنصار الحسين «عليه السلام»

 

عبدالله بن عمير الكلبي

هو عبدالله بن عمير بن عباس بن عبد قيس بن عليم(1) بن جناب(۲) الكلبي العليمي أبو وهب. كان عبدالله بن عمير بطلاً شجاعاً شريفاً، نزل الكوفة واتخذ عند بئر الجعد من همدان دارة فنزلها ومعه زوجته أم وهب بنت عبد من بني النمر بن قاسط.

قال أبو مخنف: فرأى القوم بالنخيلة يعرضون ليسرحوا إلى الحسين «عليه السلام» فسأل عنهم فقيل له: يسرحون إلى الحسين بن فاطمة بنت رسول الله. فقال: والله لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصاً وإني لأرجو أن لا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثواباً عند الله من ثوابه إياي في جهاد المشركين. فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع، وأعلمها بما يريد، فقالت له: أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك، إفعل وأخرجني معك.

قال: فخرج بها ليلاً حتى أتى الحسين «عليه السلام» فأقام معه، فلما دنا عمر بن سعد ورمی فارتمى الناس خرج يسار مولی زیاد و سالم مولى عبيد الله فقالا: من يبارز؟

ليخرج إلينا بعضكم.

فوثب حبيب و بریر. فقال لهما الحسين: إجلسا.

____________

(1) بالتصغير فخذ من جناب.

(۲) - بالجيم والنون والباء الموحدة - بطن من كلب. ويمضي في بعض الكتب حباب و هو غلط .

(139)

فقام عبدالله بن عمير فقال: أباعبدالله ! رحمك الله آذن لي لأخرج إليهما.

فرأى الحسين «عليه السلام» رجلاً أدم طوالاً(۱) شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين، فقال: إني لأحسبه للأقران قتالاً، أخرج إن شئت ، فخرج إليهما.

فقالا: من أنت؟

فانتسب لهما.

فقالا: لا نعرفك، ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو بریر، ویسار مستنتل(2) أمام سالم.

فقال له عبدالله: يابن الزانية! وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس أو يخرج إليك أحد من الناس إلا وهو خير منك، ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد، فإنه المشتغل يضربه بسيفه إذ شد علیه سالم فصاح به أصحابه: قد رهقك(۳) العبد، فلم يأبه به(4) حتى غشيه، فبدره بضربة فاتقاها عبدالله بيده اليسرى فأطار أصابعها، ثم مال عليه فضربه حتى قتله، وأقبل إلى الحسين «عليه السلام» يرتجز أمامه وقد قتلهما جميعاً فيقول:

إن تنكروني فأنا ابن كلــــــــــب               حسبي ببيتي في عليم حسبي(5)

إني امرء ذو مرة(6) وعصب(7)              ولست بالخوار(8) عند الحرب

إلي زعيم لك أم وهـــــــــــــــب               بالطعن فنيهم مقدماً والضرب

_____________

(1) كغراب الطويل وكرمان المفرط الطول.

(۲) تقدم معناه.

(3) أي غشيك ودنا منك.

(4) أي لم يبال. يقال بالمعلوم ويقال بالمجهول ، والمجهول أكثر.

(5) لم يفهم بعض أن عليم عشيرته فظنها عليم وأبدل البيت حسبي إلهي من عليم وهو غلط واضح.

(6) - بكسر الميم - أي صاحب قوة.

(۷) - بفتح العين وسكون الصاد - أي شدة .

(۸) ۔ ککتان - الضعيف.

(140)

 

        قال: فأخذت ام وهب عموداً ثم أقبلت نحو زوجها تقول: فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين ذرية محمد، فأقبل إليها يردها نحو السماء، فأخذت تجاذب ثوبه وتقول: لن أدعك دون أن أموت معك، وإن يمينه سدكت(1) على السيف، ويساره مقطوعة أصابعها، فلا يستطيع رد امرأته، فجاء إليها الحسين «عليه السلام» وقال: جزيتم من أهل البيت خيراً، إرجعي رحمك الله إلى النساء فاجلسي معهن فإنه ليس على النساء القتال، فانصرفت إليهن.

        وقال أبو جعفر: حمل عمرو بن الحجاج الزبيدي على الميمنة، فثبتوا له وجثوا على الركب وأشرعوا الرماح فلم تقدم الخيل، وحمل شمر على الميسرة فثبتوا له وطاعنوه، وقاتل الكلبي – وكان في الميسرة – قتال ذي لبد، وقتل من القوم رجالاً، فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حي التيمي من تيم الله بن ثعلبة، فقتلاه.

        وقال أبو مخنف: ثم عطفت الميمنة والميسرة والخيل والرجال على أصحاب الحسين «عليه السلام» فاقتتلوا قتالاً شديداً وصرع أكثرهم، فبانت بهم القلة وانجلت الغبرة، فخرجت امرأة الكلبي تمشي إلى زوجها حتى جلست عند رأسه تمسح التراب عنه وتقول، هنيئاً لك الجنة، أسأل الله الذي رزقك الجنة أن يصحبني معك.

        فقال الشمر لغلامه رستم: إضرب رأسها بالعمود، فضرب رأسها فشدخه، فماتت مكانها.

عبد الأعلى بن يزيد الكلبي العليمي

 

        كان عبد الأعلى فارساً شجاعاً من الشيعة كوفياً، خرج مع مسلم بن عقيل «رضي الله عنه»

______________

(1) لزمت وذلك لجمود الدم عليها من كثرة القتلى.

(141)

 

فيمن خرج، فلما تخاذل الناس عن مسلم قبض عليه كثير بن شهاب فسلمه إلى عبيد الله ابن زياد فحبسه.

        قال أبو مخنف: ولما قتل مسلم  أحضره عبيد الله بن زياد فسأله عن حاله، فقال: إنما خرجت أنظر، فطلب منه اليمين فلم يحلف، فأخرجه إلى جبانة السبيع فقتله هناك «رحمه الله».

سالم بن عمرو مولى بني المدينة الكلبي

 

        كان سالم مولى لبني المدينة، وهم بطن من كلب، كوفياً من الشيعة، خرج إلى الحسين «عليه السلام» أيام المهادنة، فانضم إلى أصحابه.

        قال في الحدائق: وما زال معه حتى قتل.

        وقال السروي: قتل في أول حملة مع من قتل من أصحاب الحسين «عليه السلام» وله في القائمات ذكر وسلام.

(142)

 

المقصد العاشر

في الأزديين من أنصار الحسين «عليه السلام»

 

مسلم بن كثير الأعرج الأزدي أزد شنوة الكوفي

 

        كان مكسلم تابعياً كوفياً، صحب أمير المؤمنين «عليه السلام» واصيبت رجله حروبه.

        قال أهل السير: أنه خرج إلى الحسين «عليه السلام» من الكوفة، فوافاه لدن نزوله في كربلا.

        وقال السروي: إنه قتل في الحملة الأولى.

رافع بن عبد الله مولى مسلم الأزدي

 

        كان رافع خرج إلى الحسين «عليه السلام» مع مولاه مسلم المذكور قبله، وحضر القتال، فقتل بعد مسلم مبارزة بعد صلاة الظهر.

القاسم بن حبيب بن أبي بشر الأزدي

 

        كان القاسم فارساً من الشيعة الكوفيين، خرج مع ابن سعد، فلما صار في كربلا مال إلى الحسين «عليه السلام» أيام المهادنة، ومال زال معه حتى قتل بين يديه في الحملة الأولى.

زهير بن سليم الأزدي

 

        كان زهير ممن جاء إلى الحسين «عليه السلام» في الليلة العاشرة عندما رأى تصميم القوم على قتاله، فانضم إلى أصحابه، وقتل في الحملة الاولى. وفيه يقول الفضل بن العباس ابن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب من قصيدته التي ينعى بها على بني أمية أفعالهم:

(144)

 

أرجعوا عامراً وردوا زهيـــــراً               ثم عثمان فارجعوا غارمينــا

وارجعوا الحر وابن قين وقوما               قتلوا الحسين وجاورا صفينا

ابن عمرو وبن بشر وقتلــــــى                منهم بالعراء ما يدفنونـــــــا

 

عن بعامر العبدي، وبزهير هذا، وبعثمان أخا الحسين «عليه السلام»، وبالحر الرياحي، وابن قين زهيراً، وبعمرو الصيداوي، وببشير الحضرمي.

النعمان بن عمرو الأزدي  الراسبي

وأخوه

الحلاس(1) بن عمرو الراسبي(2)

كان النعمان والحلاس ابنا عمرو الرسبيان من أهل الكوفة، وكانا من أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام»، وكان الحلاس على شرطته بالكوفة.

قال صاحب  الحدائق: خرجا مع عمر بن سعد، فلما رد ابن سعد الشروط جاءا إلى الحسين «عليه السلام» ليلاً فيمن جاء وما زالا معه حتى قتلا بين يديه.

وقال السروي: قتلا في الحملة الأولى.

عمارة بن صلخب(3) الأزدي

 

كان عمارة من الشيعة الذين بايعوا مسلم بن عقيل في الكوفة وخرج معه، فلما قبض على مسلم وقتل أحضره ابن زياد فسأله: ممن أنت؟

قال: من الأزد.

فقال: إنطلقوا به إلى قومه فاضربوا عنقه.

قال أبو جعفر: فانطلقوا به إلى الأزد فضربت عنقه بين ظهرانيهم.

_______________

(1) كغراب – بالحاء المهملة واللام والسين – نص عليه الشيخ. وذكر بعضهم أنه بالخاء المعجمة المكسورة.

(2) نسبة إلى راسب بطن من الأزد.

(3) كجعفر – بالصاد المهملة واللام والخاء المعجمة والباء المفردة -.

(144)

 

المقصد الحادي عشر

في العبديين من أنصار الحسين

 

یزید بن ثبیط(۱) العبدي عبد قيس البصري

وابناه

عبدالله بن يزيد بن ثبیط العبدي البصري

و

عبیدالله بن يزيد بن ثبیط العبدي البصري

 

كان يزيد من الشيعة ومن أصحاب أبي الأسود وكان شريف في قومه.

قال أبو جعفر الطبري: كانت مارية ابنة منقذ العبدية تتشيع وكانت دارهاً مألفاً للشيعة يتحدثون فيه، وقد كان ابن زیاد بلغه إقبال الحسين «عليه السلام» ومكاتبة أهل العراق له، فأمر عامله أن يضع المناظر ويأخذ الطريق، فأجمع یزید بن ثبیط على الخروج إلى الحسين «عليه السلام» وكان له بنون عشرة فدعاهم إلى الخروج معه وقال: أيكم يخرج معي متقدماً؟ فانتدب له إثنان عبدالله وعبيد الله، فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة: إني قد أزمعت على الخروج وأنا خارج فمن يخرج معي؟

فقالوا له: إنا نخاف أصحاب ابن زیاد.

فقال: إني والله أن لو قد استوت أخفافها بالجدد(2) هان على طلب من طلبني، ثم خرج وابناه و صحبه عامر ومولاه وسيف بن مالك والأدهم بن أمية، وقوى في

_____________

(1) - بالثاء المثلثة والباء المفردة والياء المثناة تحت والطاء المهملة - علیم مصغر، ويمضي في بعض الكتب ثبيت ونبيط وهما تصحيف.

(۲) صلب الأرض، وفي المثل: من سلك الجدد أمن العثار.

(145)

 

الطريق(1) حتى انتهى إلى الحسين «عليه السلام» وهو بالأبطح من مكة، فاستراح في رحله ثم خرج إلى الحسين «عليه السلام» إلى منزله وبلغ الحسين «عليه السلام» مجيئه فجعل يطلبه حتى جاء إلى رحله، فقيل له: قد خرج إلى منزلك، فجلس في رحله ينتظره وأقبل يزيد لما لم يجد الحسين «عليه السلام» في منزله وسمع آنه ذهب إليه راجعاً على أثره، فلما رأى الحسين «عليه السلام» في رحله قال: (بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)(2) السلام عليك يابن رسول الله، ثم سلم عليه وجلس إليه وأخبره بالذي جاء له، فدعا له الحسين «عليه السلام» بخير، ثم ضم رحله إلى رحله وما زال معه حتى قتل بين يديه في الطف مبارزة وقتل ابناه في الحملة الأولى - كما ذكره السروي - وفي رثائه ورثاء ولديه يقول ولده عامر بن یزید:

یا فرو قومي فاندبــــــــي             خير البرية في القـــــبور

وابكي الشهيد بعبـــــــــرة              من فيض دمع ذي درور

وارث الحسين مع التفجع              والــــــتأوه والزفـــــــــير

قتلوا الحرام من الأيمـــة               في الحرام من الشهـــور

وابکي يزيد مجــــــــدلا               وابنيه في حر الهجـــــير

متزملين دماؤهـــــــــــم                تجري على لبب النحـور

يالهف نفسي لم تفــــــز                معهم بجنات وحـــــــور

في أبيات کا ذکر ذلك أبو العباس الحميري وغيره من المؤرخين.

__________

(۱) تتبع الطريق القواء أي القفر الحالي.

(۲) يونس: 58.

 

(146)

 

عامر بن مسلم العبدي البصري

ومولاه

سالم مولى عامر بن مسلم العبدي

 

كان عامر من الشيعة في البصرة فخرج هو ومولاه سالم مع يزيد إلى الحسين «عليه السلام» وانضم إليه حتى وصلوا کربلا، وكان القتال فقتلا بين يديه، وقد تقدم له ذكر في أبيات الفضل بن العباس بن ربيعة المارة آنفاً.

قال في المناقب وفي الحدائق: قتلا في الحملة الأولى.

سيف بن مالك العبدي البصري

كان سيف من الشيعة ومن يجتمع في دار مارية كما ذكرنا آنفاً، فخرج مع یزید إلى الحسين «عليه السلام» وانضم إليه وما زال معه حتى قتل بين يديه في كربلا مبارزة بعد صلاة الظهر.

الأدهم بن أمية العبدي البصري

كان الأدهم من الشيعة البصرية الذين يجتمعون عند مارية و خرج إلى الحسين «عليه السلام» مع یزید.

قال صاحب الحدائق: قتل مع الحسين «عليه السلام» ولم يذكر غير ذلك.

وقال غيره: قتل في الحملة الأولى مع من قتل من أصحاب الحسين «عليه السلام».

(147)

 

المقصد الثاني عشر

في التيميين من أنصار الحسين «عليه السلام»

 

جابر بن الحجاج مولی عامر بن نهشل التيمي تيم الله بن ثعلبة

كان جابر فارساً شجاعاً.

قال صاحب الحدائق: حضر مع الحسين «عليه السلام» في كربلا وقتل بين يديه، وكان قتله قبل الظهر في الحملة الأولى.

مسعود بن الحجاج التيمي تيم الله بن ثعلبة

وابنها

عبدالرحمن بن مسعود بن الحجاج التيمي

 

كان مسعود وابنه من الشيعة المعروفين، ولمسعود ذكر في المغازي والحروب، وكانا شجاعين مشهورين، خرجا مع ابن سعد حتى إذا كانت لها فرصة أيام المهادنة جاءا إلى الحسين «عليه السلام» يسلمان علیه فبقيا عنده وقتلا في الحملة الأولى كا ذكره السروي.

بکر بن حي بن تیم الله بن ثعلبة التيمي

كان بكر ممن خرج مع ابن سعد إلى حرب الحسين «عليه السلام» حتى إذا قامت الحرب على ساق مال مع الحسين «عليه السلام» على ابن سعد، فقتل بين يدي الحسين «عليه السلام» بعد الحملة الأولى؛ ذكره صاحب الحدائق وغيره.

(148)

جوین بن مالك بن قيس بن ثعلبة التيمي

كان جوین نازلاً في بني تيم فخرج معهم إلى حرب الحسين «عليه السلام» وكان من الشيعة، فلما ردت الشروط على الحسين «عليه السلام» مال معه فيمن مال ورحلوا إلى الحسين «عليه السلام» ليلاً وقتل بين يديه.

قال السروي: وقتل في الحملة الأولى ، وصحف إسمه بسيف ونسبته بالنمري.

عمر بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التيمي

كان عمر فارساً مقداماً، خرج مع ابن سعد ثم دخل في أنصار الحسين «عليه السلام» فيمن دخل.

[قال] السروي: قتل في الحملة الأولى.

الحباب بن عامر بن کعب بن تيم اللاة بن ثعلبة التيمي

كان حباب في الكوفة من الشيعة وممن بایع مسلم، وخرج إلى الحسين «عليه السلام» بعد التخاذل عن مسلم فصادفه في الطريق فلزمه حتى قتل بين يديه.

قال السروي: قتل في الحملة الأولى.

(149)

المقصد الثالث عشر

في الطائيين من أنصار الحسين «عليه السلام»

 

عمار بن حسان الطائي

هو عمار بن حسان بن شریح بن سعد بن حارثة بن لام بن عمرو بن ظریف بن عمرو بن ثمامة بن ذهل بن جذعان بن سعد بن طي الطائي. كان عمار من الشيعة المخلصين في الولاء ومن الشجعان المعروفين، وكان أبوه حسان من صحب أميرالمؤمنين «عليه السلام» وقاتل بين يديه في حرب الجمل وحرب صقين فقتل بها، وكان عمار صحب الحسين «عليه السلام» من مكة ولازمه حتى قتل بين يديه.

قال السروي: قتل في الحملة الأولى.

ومن أحفاد عمار عبدالله بن أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن عمار هذا أحد علمائنا ورواتنا صاحب کتاب قضايا أمير المؤمنين «عليه السلام» يرويها عن أبيه عن الرضا.

أمية بن سعد الطائي

 

كان أمية من أصحاب أميرالمؤمنين «عليه السلام» تابعي نازلاً في الكوفة، سمع بقدوم الحسين «عليه السلام» إلى کربلا فخرج إليه أيام المهادنة وقتل بين يديه.

قال صاحب الحدائق: قتل في أول الحرب يعني في الحملة الأولى.

 

(150)

 

المقصد الرابع عشر

في التغلبيين من أنصار الحسين «عليه السلام»

الضرغامة بن مالك التغلبي

کان کاسمه ضرغاماً، وكان من الشيعة ، و من بایع مسلماً، فلما خذل خرج فيمن خرج مع ابن سعد، ومال إلى الحسين «عليه السلام» فقاتل معه وقتل بين يديه مبارزة بعد صلاة الظهر «رضي الله عنه».

كنانة بن عتيق التغلبي

 

كان كنانة بطلاً من أبطال الكوفة وعابداً من عبادها وقارئاً من قرائها، جاء إلى الحسين «عليه السلام» في الطف وقتل بين يديه.

قال السروي: قتل في الحملة الأولى.

وقال غيره: قتل مبارزة في ما بين الحملة الأولى والظهر.

قاسط بن زهير بن الحرث التغلبي

وأخوه

کردوس بن زهير بن الحرث التغلبي

وأخوه

مقسط بن زهير بن الحرث التغلبي

كان هؤلاء الثلاثة من أصحاب أميرالمؤمنين «عليه السلام» ومن المجاهدين بين يديه في حروبه، صحبوه أولاً ثم صحبوا الحسن «عليه السلام» ثم بقوا في الكوفة، ولهم ذكر في الحروب ولاسيما صفين، ولما ورد الحسين «عليه السلام» كربلا خرجوا إليه، فجائوه ليلاً وقتلوا بين يديه.

قال السروي: في الحملة الأولى.

(151)

المقصد الخامس عشر

في الجهنيين من أنصار الحسین «عليه السلام»

 

مجمع بن زياد بن عمرو الجهني

كان مجمع بن زياد في منازل جهينة حول المدينة، فلما مر الحسين «عليه السلام» بهم تبعه فيمن تبعه من الأعراب، ولما انفضوا من حوله قام معه وقتل بين يديه في كربلا كما ذكره صاحب الحدائق وغيره.

عباد بن المهاجر بن أبي المهاجر الجهني

كان عباد أيضا في من تبع الحسين «عليه السلام» من مياه جهينة.

قال صاحب الحدائق الوردية: وقتل «رضي الله عنه» معه في الطف.

عقبة بن الصلت الجهني

كان عقبة ممن تبع الحسين «عليه السلام» من منازل جهينة، ولازمه ولم ينفض فيمن انفض.

قال صاحب الحدائق: وقتل معه في الطف.

(152)

المقصد السادس عشر

في التيميين من أنصار الحسين «عليه السلام»

 

الحر بن یزید الرياحي

هو الحر بن یزید بن ناجية بن قعنب بن عتاب بن هرمي بن ریاح بن یربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي اليربوعي الرياحي.

كان الحر شريفاً في قومه؛ جاهلية وإسلاماً، فإن جده عتاباً كان ردیف النعمان، وولد عتاب قيساً وقعنباً ومات، فردف قيس للنعمان ونازعه الشيبانيون فقامت بسبب ذلك حرب يوم الطخفة، والحر هو ابن عم الأخوص الصحابي الشاعر، وهو زید بن عمرو بن قيس بن عتاب، وكان الحر في الكوفة رئيساً ندبه ابن زیاد المعارضة الحسين «عليه السلام» فخرج في ألف فارس.

روى الشيخ ابن نما: إن الحر لما أخرجه ابن زیاد إلى الحسين وخرج من القصر نودي من خلفه: إبشر یا حر بالجنة.

قال: فالتفت فلم ير أحداً، فقال في نفسه: والله ما هذه بشارة وأنا أسير إلى حرب الحسين، وما كان يحدث نفسه في الجنة، فلا صار مع الحسين قص عليه الخبر، فقال له الحسين: لقد أصبت أجراً وخيراً.

وروى أبو مخنف عن عبدالله بن سليم والمذری بن المشمعل الأسديين قالا: كنا سایر الحسين فنزل شراف وأمر فتیانه باستقاء الماء والإكثار منه ثم ساروا صباحاً

(153)

فرسموا(۱) صدر یومهم حتى انتصف النهار، فكبر رجل منهم، فقال الحسين: الله أكبر، لم كبرت؟

قال: رأيت النخل.

قالا: فقلنا: إن هذا المكان ما رأينا به نخلة قط.

قال: فما تريانه رأی؟

قلنا: رأی هوادي الخيل.

فقال: وأنا والله أرى ذلك. ثم قال الحسين: أما لنا ملجأ نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد؟

قلنا: بلى هذا ذو ځم عن يسارك تميل إليه فإن سبقت القوم فهو كما تريد، فأخذ ذات اليسار فما كان بأسرع من أن طلعت هوادي الخيل فتبيناها فعدلنا عنهم فعدلوا معنا كأن أستتهم اليعاسيب وكأن راياتهم أجنحة الطير، فسبقناهم إلى ذي شم، فضربت أبنية الحسين «عليه السلام».

وجاء القوم فإذا الحر في ألف فارس فوقف مقابل الحسين في حر الظهيرة ، والحسين «عليه السلام» وأصحابه معتمون متقلدوا أسيافهم. فقال الحسين لفتيانه: إسقوا القوم ورشفوا الخيل، فلما سقوهم ورشفوا خيولهم حضرت الصلاة، فأمر الحسين الحجاج بن مسروق الجعفي وكان معه أن يؤذن، فأذن، وحضرت الإقامة، فخرج الحسين في إزار ورداء ونعلين، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إنها معذرة إلى الله وإليكم، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم إلى آخر ما قال. فسكتوا عنه، فقال للمؤذن: أقم، فأقام، فقال الحسين للحر: أتريد أن تصلي بأصحابك؟

قال: لا بل بصلاتك.

فصلى بهم الحسين ثم دخل مضربه واجتمع إليه أصحابه، ودخل الحر خيمة

___________

(1) ساروا الرسيم وهو نوع من السير معروف.

(154)

نصبت له واجتمع عليه أصحابه، ثم عادوا إلى مصافهم فأخذك بعنان دابته وجلس في ظلها، فلا كان وقت العصر أمر الحسين بالتهيؤ للرحيل، ونادی بالعصر، فصلى بالقوم ثم انفتل من صلاته وأقبل بوجهه على القوم وأثنى عليه وقال: أيها الناس! إنكم إن تتقوا إلى آخر ما قال.

فقال الحر: إنا والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر.

فقال الحسين: يا عقبة بن سمعان! أخرج الخرجين اللذين فيها كتبهم إلى فأخرج خرجين محلوين صحفة فنشرها بين أيديهم.

فقال الحر: فإنا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك وقد أمرنا إذا نحن لقيناك أن الاتفارقك حتى قدمك على عبیدالله .

فقال الحسين: الموت أدني إليك من ذلك. ثم قال لأصحابه: إركبوا، فركبوا، وانتظروا حتى ركبت النساء، فقال: انصرفوا، فلا ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الإنصراف.

فقال الحسين للحر: ثكلتك أمك ما تريد؟

قال: أما والله لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل هذه الحالة التي أنت عليها ما ترك ذكر أمه بالثكل أن أقوله كائنا ماكان، ولكن والله مالي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما يقدر عليه.

فقال الحسين: فما تريد؟

قال: أريد أن أنطلق بك إلى عبیدالله .

فقال: إذن لا أتبعك.

قال الحر: إذن لا أدعك.

فترادا القوم ثلاث مرات، ثم قال الحر: إني لم أؤمر بقتالك وإنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة فإن أبيت فخذ طريقاً لا تدخلك الكوفة ولا تردك

(155)

إلى المدينة تكون بيني وبينك نصفا حتى أكتب إلى ابن زیاد و تكتب إلى يزيد إن شئت أو إلى ابن زیاد إن شئت، فلعل الله أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشيء من أمرك.

قال: فتیاسر عن طريق العذيب والقادسية وبينه وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلاً، وسار والحر يسايره حتى إذا كان بالبيضة(1) خطب أصحابه بما تقدم، فأجابوه بما ذكر في تراجمهم ثم ركب فسایره الحر وقال له : أذكرك الله يا أباعبدالله في نفسك فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلت، ولئن قوتلت لتهلكن فيما أرى.

فقال له الحسين: أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ ما أدري ما أقول لك ولكني أقول كما قال أخو الأوس لابن عمه حين لقيه وهو يريد نصرة رسول الله (ص) فقال له: أين تذهب فإنك مقتول، فقال:

سأمضي فما بالموت عار على الفتي         إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلماً

وآسى الرجال الصالحين بنفـــــــــسه                 وفارق مثبوراً وباعد مجرمـا

فإن عشت لم أندم وإن مت لم ألـــــم                  كفي بك عاراً أن تلام وتندـما

فلما سمع ذلك الحر تنحى عنه حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات فإذا هم بأربعة نفر يجنبون فرسا لنافع بن هلال ويدلهم الطرماح بن عدي، فأتوا إلى الحسين «عليه السلام» وسلموا عليه، فأقبل الحر وقال: إن هؤلاء النفر الذين جاؤا من أهل الكوفة ليسوا من أقبل معك وأنا حابسهم أو رادهم.

فقال الحسين: الأمنعهم مما أمنع منه نفسي، إنما هؤلاء أنصاري وأعواني وقد كنت أعطيتني ألا تعرض لي بشيء حتى يأتيك جواب عبيدالله.

فقال: أجل لكن لم يأتوا معك.

قال: هم أصحابي وهم منزلة من جاء معي، فإن تمت على ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك.

____________

(1) قال أبو محمد الأعرابي الأسود: البيضة - بكسر الباء - ماء بين واقصة إلى العذيب.

(156)

قال: فكف عنهم الحر.

ثم ارتحل الحسين «عليه السلام» من قصر بني مقاتل فأخذ يتياسر والحر يرده، فإذا راكب على نجيب له وعليه السلاح متنكب قوساً مقبل من الكوفة، فوقفوا ينتظرونه جميعا، فلا انتهى إليهم سلم على الحر وترك الحسين فإذا هو مالك بن النسر البدي من كندة فدفع إلى الحر كتاباً من عبيدالله فإذا فيه:

أما بعد؛ فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي، فلا تنزله إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام.

فلما قرأ الكتاب جاء به إلى الحسين «عليه السلام» ومعه الرسول فقال : هذا كتاب الأمير يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه، وهذا رسوله قد أمره أن لايفارقني حتى أنقذ رأيه وأمره وآخذهم بالنزول في ذلك المكان.

فقال له: دعنا ننزل في هذه القرية أو هذه أو هذه - يعني نينوى والغاضرية وشفية -.

فقال: لا والله لا أستطيع ذلك، هذا الرجل بعث علي عيناً.

فنزلوا هناك.

قال أبو مخنف: لما اجتمعت الجيوش بکربلا لقتال الحسين، جعل عمر بن سعد على ربع المدينة عبدالله بن زهير بن شليم الأزدي، وعلى ربع مذحج وأسد عبدالرحمن بن أبي سبرة الجعفي، وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث، وعلى ربع تميم وهمدان الحر بن یزید، وعلى الميمنة عمرو بن الحجاج، وعلى الميسرة شمر ابن ذي الجوشن، وعلى الخيل عزرة بن قيس، وعلى الرجالة شبث بن ربعي، وأعطى الراية مولاه دریداً، فشهد هؤلاء كلهم قتال الحسين إلا الحر فإنه عدل إليه وقتل معه.

(157)

قال أبو مخنف: ثم إن الحر لما زحف عمر بن سعد بالجيوش قال له: أصلحك الله! أمقاتل أنت هذا الرجل؟

فقال: إي والله قتالاً أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي.

قال: أفما لك في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضا؟

فقال: أما والله لو كان الأمر إلى لفعلت ولكن أميرك قد أبا.

فأقبل الحر حتى وقف من الناس موقفاً ومعه قرة بن قيس الرياحي، فقال: يا قرة! هل سقیت فرسك اليوم؟

قال: لا.

قال: أما تريد أن تسقيه؟

قال: فظننت والله إنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال وكره أن أراه حين يصنع ذلك فيخاف أن أرفعه عليه، فقلت: أنا منطلق فساقيه.

قال: فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه، فوالله لو اطلعني على الذي يريد الخرجت معه.

قال: فأخذ يدنو من الحسين قليلاً قليلاً، فقال له المهاجر بن أوس الرياحي: ما ترید یابن یزید؟ أتريد أن تحمل؟

فسكت وأخذه مثل العرواء(۱).

فقال له: يابن يزيد! إن أمرك لمريب وما رأيت منك في موقف قط مثل شيء أراه الآن، ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة رجلاً ما عدوتك ، فما هذا الذي أری منك؟

قال: إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار، ووالله لا أختار على الجنة شيئاً

______________

(1) - بالعين المهملة المضمومة والراء المهملة المفتوحة - قرة الحمى ورعدتها وفي رواية الأنكل وهو بفتح الهمزة كأحمد الرعدة.

(158)

ولو قطعت وحرقت، ثم ضرب فرسه و لحق بالحسين، فلما دنا منهم قلب ترسه(1)، فقالوا: أمستأمن، حتى إذا عرفوه سلم على الحسين وقال: جعلني الله فداك يابن رسول الله، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع و سایر تك في الطريق وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله إلا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبداً ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي: لا أبالي أن صانع القوم في بعض أمرهم ولا يظنون أني خرجت من طاعتهم، وأما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، ووالله إني لو ظننتهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك وإني قد جئتك تائبا ما كان مني إلى ربي ومواسية لك بنفسي حتى أموت بين يديك، أفترى لي توبة؟

قال: نعم يتوب الله عليك ويغفر لك، فانزل.

قال: أنا لك فارسأ خير مني راجة، أقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النزول ما يصير آخر أمري.

قال: فاصنع ما بدا لك.

فاستقدم أمام أصحابه ثم قال: أيها القوم! أما تقبلون من حسين هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه؟

قالوا كلهم: الأمير عمر، فكلمه بما قال له قبل وقال لأصحابه.

فقال عمر: قد حرصت ولو وجدت إلى ذلك سبيلاً فعلت.

فالتفت الحر إلى القوم وقال: يا أهل الكوفة! لأنكم الهبل(۲) والعبر(3)، دعوتم

__________________

(۱) هو علامة لعدم الحرب وذلك لأن المقبل إلى القوم وهو متترس شاهر سيفه ، محارب لهم، فإذا قلب الترس وأغمد السيف فهو غير محارب، إما مستأمن أو رسول.

(۲) کجبل

(3) كصبر و تضم العين هما بمعنى الثكل. ويمضي على بعض الألسنة العير بالياء المثناة تحت وهو غلط.

(159)

ابن رسول الله (ص) قال حتى إذا أتاكم أسلمتموه وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدو تم عليه لتقتلوه، أمسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه(1) وأحطتم به من كل جانب التمنعوه التوجه في بلاد الله العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيته فأصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع ضراً، حلأتموه ونساءه وصبيته وأصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي والنصراني وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، فهاهم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمداً (ص) في ذريته، الاسقاكم الله يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتنزعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه.

فحملت عليه رجال ترميه بالنبل، فأقبل حتى وقف أمام الحسين «عليه السلام».

وروى أبو مخنف أن یزید بن سفيان الثغري من بني الحرث بن تميم قال: أما والله لو رأيت الحر حين خرج لأتبعته السنان.

قال: بينما الناس يتجاولون ويقتتلون والحر بن یزید يحمل على القوم مقدماً ويتمثل بقول عنترة:

ما زلت أرميهم بثغرة نحره(2)                ولبانه(۳) حتى تسربل بالدم

وإن فرسه لمضروب على أذنيه وحاجبيه وإن دمائه لتسيل.

فقال الحصين بن تميم التميمي ليزيد بن سفيان: هذا الحر الذي كنت تتمنى.

قال: نعم، وخرج إليه، فقال له: هل لك يا حر في المبارزة؟

قال: نعم قد شئت. فبرز له.

_______________

(1) كظم الوادي - بفتح الكاف وسكون الظاء المعجمة - مضيقه ، فإذا أخذه الإنسان فقد منع الداخل فيه والخارج، فهو كناية عن المنع، كما يقال أخذ بزمامه.

(۲) نقرته بين الترقوتين وهي بضم الثاء المثلثة.

(۳) ۔ کسحاب - الصدر من الفرس.

(160)

قال الحصين: وكنت أنظر إليه فوالله لكأن نفسه كانت في يد الحر، خرج إليه فما البث أن قتله.

وروى أبو مخنف عن أيوب بن مشرح الحيواني أنه كان يقول: جال الحر على فرسه فرميته بسهم فحشأته(۱) فرسه فالبث إذ أرعد الفرس واضطرب وكبا، فوثب عنه الحركأنه ليث و السيف في يده وهو يقول:

إن تعقروا بي فأنا ابن الحر           أشجع من ذي لبد هزبر

قال: فما رأيت أحد قط يفري فرية(2).

قال أبو مخنف: ولما قتل حبيب أخذ الحر يقاتل راج وهو يقول:

اليت لا أقتل حتى أقتـــــــــــــلا               ولن أصاب اليوم إلا مقبلا

أضربهم بالسيف ضربا مفصلا               لا ناكلاً فيهم ولا مهلـــــلا

ويضرب فيهم ويقول:

إني أنا الحر ومأوى الضيف          أضرب في أعراضكم بالسيف

(عن خير من حل بأرض الخيف)

ثم أخذ يقاتل هو وزهير قتالاً شديداً، فكان إذا شد أحدهما واستلحم شد الآخر حتى يخلصه، ففعلا ذلك ساعة ثم شدت جماعة على الحر فقتلوه، فلا صرع وقف عليه الحسين «عليه السلام» وقال له: أنت حر کما ستمتك أمك الحر؛ حر في الدنيا وسعيد في الآخرة.

وفيه يقول عبیدالله بن عمرو الكندي البدي:  

سعید بن عبدالله لا تنسينه             ولا الحر إذ اسی زهيراً على قسر

_________________

(1) أصبت أحشائه.

(۲) يفعل فعله في الضرب والمجالدة.

(161)

الحجاج بن بدر التميمي السعدي

كان الحجاج بصرياً من بني سعيد بن تميم، جاء بكتاب مسعود بن عمرو إلى الحسين فبقي معه وقتل بين يديه.

قال السيد الداودي: إن الحسين «عليه السلام» كتب إلى المنذر بن الجارود العبدي، وإلى یزید بن مسعود النهشلي، وإلى الأحنف بن قيس وغيرهم من رؤساء الأخماس والأشراف؛ فأما الأحنف فكتب إلى الحسين يصبره ویرجيه، وأما المنذر فأخذ الرسول إلى ابن زیاد فقتله، وأما مسعود(1) فجمع قومه بني تميم وبني حنظلة وبني سعد وبني عامر وخطبهم فقال: يا بني تميم !كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم؟

فقالوا: بخ بخ، أنت والله فقرة الظهر ورأس الفخر، حللت في الشرف وسطاً، وتقدمت فيه فرطاً.

قال: فإني جمعتكم لأمر أريد أن أشاوركم فيه، وأستعين بكم عليه.

فقالوا له: إنا والله نمنحك النصيحة ونجهد لك الرأي، فقل حتى نسمع.

فقال: إن معاوية قد مات فأهون به والله هالكاً ومفقوداً، ألا وإنه قد انكسر باب الجور والاثم، وتضعضعت أركان الظلم، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمرة ظن أنه قد أحكمه وهيهات الذي أراد، اجتهد والله ففشل، وشاور فخذل، وقد قام یزید شارب الخمور ورأس الفجور يدعى الخلافة على المسلمين ويتأمر عليهم بغير رضا منهم، مع قصر حلم وقلة علم، لا يعرف من الحق موطئ قدمه، فأقسم بالله قسماً مبروراً لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين، وهذا الحسين بن

____________

(۱) هكذا في الأصل، والصحيح: «ابن مسعود» .

(162)

علي أميرالمؤمنين وابن رسول الله (ص) ذوالشرف الأصيل والرأي الأثيل(1)، له فضل لا يوصف، وعلم لا ينزف، هو أولى بهذا الأمر لسابقته وسنه وقدمه و قرابته، يعطف على الصغير، ويحنو على الكبير، فأكرم به راعي رعية، وإمام قوم، وجبت الله به الحجة، وبلغت به الموعظة، فلا تعشوا عن نور الحق، ولا تسكعوا(2) في وهد الباطل، فقد كان صخر بن قیس - يعني الأحنف - انخزل بكم يوم الجمل فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله (ص) ونصرته، والله لا يقصر أحد عن نصرته إلا أورثه الله الذل في ولده والقلة في عشيرته، وها أنا ذا قد لبست للحرب الامتها، وأدرعت لها بدرعها، من لم يقتل يمت، ومن يهرب لم يفت، فأحسنوا رحمكم الله رد الجواب.

فقالت: بنو حنظلة: يا أبا خالد! نحن نبل کنانتك وفرسان عشيرتك؛ إن رمیت بنا أصبت، وإن غزوت بنا فتحت، لا تخوض غمرة إلا خضناها، ولا تلق والله شدة إلا لقيناها، ننصرك بأسيافنا ونقيك بأبداننا إذا شئت.

وقالت بنو أسد: أبا خالد! إن أبغض الأشياء إلينا خلافك، والخروج من رأيك، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال فحمدنا ما أمرنا به وبقي عثرنا فينا فامهلنا نراجع المشورة ونأتك برأينا.

وقالت بنو عامر: نحن بنو أبيك وحلفاؤك، لا نرضى إن غضبت، ولا نوطن إن ظعنت، فادعنا نجبك، وأمرنا نطعك والأمر إليك إذا شئت.

فالتفت إلى بني سعد وقال: والله يا بني سعد؟ لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم أبداً، ولا زال فيكم سيفكم.

ثم كتب إلى الحسين - قال بعض أهل المقاتل: مع الحجاج بن بدر السعدي -:

________________

(1) الأثيل: العظيم.

(۲) تسكع: تحير.

(163)

أما بعد؛ فقد وصل إلى كتابك وفهمت ما نديتني إليه ودعوتني له من الأخذ بحظي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك، وأن الله لم يخل الأرض من عامل عليها بخير، ودليل على سبيل نجاة، وأنتم حجة الله على خلقه، و ودیعته في أرضه، تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها وأنتم فرعها ، فاقدم سعدت بأسعد طائر فقد ذللت لك أعناق بني تميم وتركتهم أشد تتابعة في طاعتك من الإبل الظماء لورود الماء يوم خمسها، وقد ذللت لك بني سعد وغسلت درن(۱) قلوبها بماء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع.

ثم أرسل الكتاب مع الحجاج وكان متهيأ للمسير إلى الحسين بعد ما سار إليه جماعة من العبديين، فجاؤا إليه «عليه السلام» بالطف، فلما قرأ الكتاب قال: مالك، آمنك الله من الخوف، وأعزك وأرواك يوم العطش الأكبر.

وبقي الحجاج معه حتى قتل بين يديه.

قال صاحب الحدائق: قتل مبارزة بعد الظهر.

وقال غيره: قتل في الحملة الأولى قبل الظهر.

أقول: إن الذي ذكره أهل السير: إن الحسين «عليه السلام» كتب إلى مسعود بن عمرو الأزدي وهذا الخبر يقتضي أنه كتب إلى يزيد بن مسعود التميمي النهشلي، ولم أعرفه، فلعله كان من أشراف تميم بعد الأحنف وقد تقدم القول في هذا.

__________________

(1) الوسخ يكون في الثوب وغيره.

(۲) المطر اشتد انصبابه، يقال: هل السحاب وانهل واستهل.

(164)

المقصد السابع عشر

في الأفراد من أنصار الحسين «عليه السلام»

جبلة بن علي الشيباني

كان جبلة شجاعاً من شجعان أهل الكوفة، قام مع مسلم أولاً ثم جاء إلى الحسين «عليه السلام» ثانياً، ذكره جملة أهل السير.

قال صاحب الحدائ: إنه قتل في الطف مع الحسين.

وقال السروي: قتل في الحملة الأولى.

قعنب بن عمر النمري

كان قعنب رجلاً بصرياً من الشيعة الذين بالبصرة، جاء مع الحجاج السعدي إلى الحسين «عليه السلام» وانضم إليه، وقاتل في الطف بين يديه حتى قتل. ذكره صاحب الحدائق وله في القائيات ذکر وسلام.

سعيد بن عبدالله الحنفي

كان سعید من وجوه الشيعة بالكوفة وذوي الشجاعة والعبادة فيهم.

قال أهل السير: لما ورد نعي معاوية إلى الكوفة، اجتمعت الشيعة فكتبوا إلى الحسين «عليه السلام» أولاً مع عبدالله بن وال وعبدالله بن سبع، وثانياً مع قيس بن مسهر وعبدالرحمن بن عبدالله، وثالثاً مع سعيد بن عبدالله الحنفي وهاني بن هاني، وكان

(165)

کتاب سعید من شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحرث ویزید بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج ومحمد بن عمير، وصورة الكتاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد؛ فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار وطمت الجام، فإذا شئت فاقدم على جنډ لك مجند.

فأعاد الحسين «عليه السلام» سعيداً وهانياً من مكة وكتب إلى الذين ذكرنا کتاباً صورته:

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد؛ فإن سعيداً وهانياً قدما على بكتبكم وكانا آخر من قدم علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق، وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقیل وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمرکم ورأيكم، فإن بعث إلي أنه قد أجمع رأي ملئکم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت به على رسلكم وقرأت في كتبكم أقدم وشيكة إن شاء الله، فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب، والأخذ بالقسط، والدائن بالحق، والحابس نفسه على ذات الله، والسلام.

ثم أرسلهما قبل مسلم وسرح مسلماً بعدهما مع قيس وعبدالرحمن کا ذکرنا من قبل.

قال أبو جعفر: لما حضر مسلم بالكوفة ونزل دار المختار خطب الناس عابس ثم حبیب کما قدمنا، ثم قام سعيد بعدهما فحلف أنه موطن نفسه على نصرة الحسين، فادٍ له بنفسه، ثم بعثه مسلم بكتاب إلى الحسين، فبقي مع الحسين حتى قتل معه.

وقال أبو مخنف: خطب الحسين «عليه السلام» أصحابه في الليلة العاشرة من المحرم فقال

(166)