موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

اسم الکتاب : موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

المؤلف : أليف سماحة آية الله المحقق الكبير الشيخ عبد الواحد المظفر قدس سره
المطبعة : مؤسسة الشيخ المظفر الثقافية العراق النجف الاشرف مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان

 

 

 

 

وجعل قائد المجنبة اليمنى الميمنة عمرو بن الحجاج الزبيدي المذحجي، وجعل الكل كتيبة وسرية قائداً، وعلى المجنبة اليسرى الميسرة شمر بن ذي الجوشن الضبابي من بني كلاب بن عامر، وجعل اللواء لواء العسكر الاعظم لدرید مولاه وهو على القلب، ووضع له کرسي في مركز القلب فجلس عليه من وراء الحامية وخلف الصفوف، وجعل على خيل الكشف والطلائع التي تمنع القاصدين إلى الحسين «عليه السلام» عن الالتحاق به وترد الخارجين لطلب الميرة أو لأستنهاض قبيلة الأزرق الشبامي من همدان وهو الذي حارب الأسديين الذين أستنهضهم حبیب ابن مظاهر لنصرة الحسين «عليه السلام» فردهم على أعقابهم وحال بينهم وبين الوصول إلى الحسين «عليه السلام» بقوته التي لم تكن لهم طاقة بمقاومتها فرجعوا إلى حيهم وأرتحلوا من ليلتهم مخافة أن يبيتهم عسكر ابن سعد، وقتل هذا الشقي التعيس قتله القاسم بن الحسن فيما قيل.
وجعل على کردوس من الخیل کثیر بن عبد الله الشعبي شعب همدان وكان فاتكاً فاجراً شيطاناً مارداً أموي العقيدة عثمانياً متصلباً قاسي القلب لئيم المحضر عديم الحياء فهو من شر خلق الله وأخبثهم وأجرأهم على سفك دم محترم وهو القائل لعمر بن سعد لما ندبه لمواجهة الحسين «عليه السلام» ليسأله عن مقدمه إلى العراق وما يزيد به ، قال : والله إن أمرتني أن أفتك به فعلت، فقال : لا ما آمرك أن تفتك به ولكن سله ما الذي أقدمه علينا، فأتجه اللعين يحمل خبثاً وشرارة ويضمر غشاً ودغلاً وينوي فجوراً وغدراً، ولما رآه الحسين «عليه السلام» مقبلا سأل عنه فقال أبو ثمامة الصائدي من همدان (رحمه الله): يا أبا عبد الله! هذا والله شر أهل الأرض وأجرأهم على دم وكتبنا ترجمته في «الميزان الراجح» فراجعها.
وجعل ابن سعد على کردوس آخر مسروق بن وائل بن حجر الحضرمي الكندي وكان عاقلاً فرجع عن حرب الحسين لما رأى استجابة دعائه سريعة على عبد الله بن حوزة .
ثم صف ابن سعد الرجالة صفوفاً ويقال کردسهم أيضا قبالة الحسين «عليه السلام» وأعطى القيادة العامة على كتائب المشاة لشبث بن ربعي من بني عمرو بن تميم وكان مؤذن سجاح المتنبئة في الردة مع أبن النواحة مؤذنها الآخر.
وصفت ابن سعد الرماة أمام الخيل المکردسة صفوفة وهم عشرة آلاف رامي، وجعل قيادتهم لمدير شرطة ابن زیاد حصین بن تميم التميمي وهو الذي كان على القادسية ووجه الحر الرياحي ليجعجع بالحسين «عليه السلام» إن لقيه، وهو الذي

(87)

قبض على رسول الحسين «عليه السلام» قيس بن مسهر الصيداوي فأرسله إلى ابن زیاد فقلته، ولهذا اللعين أخبار رديئة أطلب ترجمته من كتابنا «الميزان الراجح»، وفي هذا الخبيث جاء ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» وأنه خطب أهل الكوفة يوما فقال: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه تميم بن أسامة أبو حصين هذا فقال: يا علي! كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر؟! فقال «عليه السلام» إني لأعرف ذلك وأعلمه ولكن أين برهانه، وأن على كل شعرة من شعر رأسك ولحيتك ملك يلعنك وشيطان يغويك، وآية ذلك إن في بيتك سخ؟ يقتل ابن رسول الله (ص)، وكان ابنه حصین فطيماً يدرج.
ثم نظم أبن سعد «لعنه الله» كتائب القبائل وجعلها أربعة فرق كما هي عادة قبائل أهل الكوفة وكل فرقة تشتمل على أفواج فجعل أهل العالية هم أهل المدينة فرقة وهؤلاء قريش وكنانة والأنصار ومزينة وغيرهم، وولي قيادة هذه الفرقة عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي وهذا الخبيث قاده الشقاء إلى هذا الموطن وإلا فقد كان من أصحاب أمير المؤمنين علي «عليه السلام» وشهد معه حروبه وهو ابن أخي مخنف بن سليم وكان مخنف صحابياً شيعياً ومات على ذلك ولم يبدل كما بدل ابن أخيه هذا الشقي، اللهم نعوذ بك من عاقبة السوء.
وجعل على الفرقة الثانية التي تجمع كندة وربيعة وحضر موت ومن معهم قیس ابن الأشعث بن قيس الكندي وهذا الخبيث هو الذي أستلب قطيفة الحسين «عليه السلام» فعيرته العرب بذلك ولقبوه بقیس القطيفة ولا يلام هذا الرجل فهو ملعون من بيت شقاوة ملعون هو وأبوه وأخوه وابن أخيه كلهم أشقياء؛ فأبوه الأشعث خارجي وشارك ابن ملجم وأعانه على قتل أمير المؤمنين «عليه السلام»، وأخوه محمد بن الأشعث قتل مسلم بن عقيل وشارك في قتل الحسين «عليه السلام»، وابن أخيه عبد الرحمن بن محمد هو الجاسوس على مسلم بن عقیل وأشار على مصعب بن الزبير بقتل أصحاب المختار فذبح منهم أربعة آلاف صبراً بعد أن أعطاهم الأمان، وأخته جعدة بنت الاشعث سمت الحسن بن علي «عليهما السلام».

وجعل عمر بن سعد على الفرقة الثالثة التي تجمع تميمة وهمدان شبث بن ربعي التميمي بعد أن كان الحر هو القائد لهذه الفرقة فتركها ولحق بالحسین «علیه السلام» وشبث هذا كما عرفته ممن أرتد مع سجاح وكان يؤذن لها وراجع الإسلام وشهد صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام، ثم تحول خارجياً وراجع ظاهراً

(88)

وأعتقد الخارجية باطناً وهو شريك بن عمر بن حريث وجرير بن عبد الله البجلي والأشعث بن قيس في مبايعة الضب وخلع بيعة أمير المؤمنين علي «عليه السلام»، ثم خرج إلى حرب الحسين «عليه السلام» ثم حارب المختار فهو يتقلب في الضلالة أولاً وأخيراً.
وجعل ابن سعد على الفرقة الرابعة التي تجمع مذحجاً وأسداً ومن معهم عبد الرحمن ابن أبي سبرة الجعفي من مذحج وهذا الخبيث كان صحابياً وبطلاً من أبطال العرب وشجعانهم ولكنه كان أموي الرأي عثماني العقيدة وهو من شهود الزور الذين شهدوا على حجر حتى قتله معاوية.
ثم رتب عمر بن سعد حرس الشرائع فجعلها كتائب وكان حرس الشرائع قوية والشرائع كلها على ضفاف نهر العلقمي وهو شعبة من الفرات الأعظم يسمى بالفرات الأصغر فمنها شريعة الغاضرية وتسمى اليوم أرض الحسينية وتبعد عن معسكر الحسين «عليه السلام» بمقدار میلین تقريبا، وأمير حرس هذه الشريعة عمرو بن الحجاج الزبيدي في سبعمائة مسلح من الكماة وقيل أربعة آلاف مدجج من الأبطال ولعله الأصح.
وشريعة نينوى أو أراضي السليمانية اليوم وهذه المشرعة تبعد عن عسکر الحسين «عليه السلام» بمقدار میل ونصف میل تقريبا وأمير حرسها الأزرق الشبامي -وفي قول اسحاق بن حيوة-.
وشريعة المسناة أو قنطرة العلقمي وهذه الشريعة تبعد عن معسكر الحسين «عليه السلام» بنصف مبل فهي أقرب الشرائع إلى معسكر الحسين «عليه السلام» ومنها أستقي العباس «عليه السلام» وعلى ضفتها سقط وبالقرب منها مرقده الشريف، وأمير حرسها إسحاق بن حيوة الحضرمي ويقال الأزرق الشبامي.
وشريعة النواويس وهي بالقرب من مرقد الحر الرياحي اليوم وتبعد عن معسكر الحسين «عليه السلام» بما يزيد على ميلين وتعتبر أبعد الشرائع عن مخيم الحسين «عليه السلام» وأمير حرسها حسان بن أسماء بن خارجة الفزاري وهذا الخبيث كان مع أبيه أسماء ومحمد بن الأشعث لما خدعا هاني بن عروة فقاداه وأسلماه لابن زیاد فقتله وله يقول هاني: يا ابن أخي إن نفسي أحست ببعض الشر الخ.
وكل واحد من هؤلاء القواد يتلقى وظيفتين وأكثر في جيش عمر بن سعد؛ فإن الأزرق الشبامي كان على خيل الكشف وأمير الحرس الماء، وعمرو بن

(89)

الحجاج على المجنبة اليمني الميمنة وعلى حرس الماء وعلى خيل الطلائع، والشمر على المجنبة اليسرى وعلى قطعة من الخيالة وعلى حرس المشاة ليلاً، والحصین بن تميم على الشرطة وعلى الرماة من الجنود، وعزرة بن قيس على فرق الخيالة وعلى الحرس الليلي وهكذا كثير من الباقين .


اختيار ابن سعد للكردسة شأن الضعيف مع القوي


بقي علينا أن نفهم لم أختار عمر بن سعد «لعنه الله» الكردسة وإنما يختار الكردسة الضعيف في قبال القوي وتعول عليها القلة في جنب الكثرة وقوة العدو القوية وتفوقه في الاستعداد فتخشى منه الغلبة فيخاف الجيش الصغير أن يحطمه الجيش الكبير ويغلبه بكثرته فيركن إلى الكردسة حين تظهر له أمارات عدم المقاومة لذلك الجيش الضخم المستعد فيضطر القائد المجرب إلى الكردسة ليبين اثرها إذا اجتمعت وتظهر نكايتها في الصدمة.
وقد فعل هذا خالد بن الوليد المخزومي يوم اليرموك فإنه کردس الخيل لقلة جيشه وعدم استعداده ولياقته لمقابلة جيش الروم الذي يفوقه عدة وعددة بكثير فإنه لما رأى قوة جيش الرومان وكثرة عدده البالغ على ما قيل مائتي ألف مع الاستعداد التام والأهبة الكاملة لأن المقابل للعرب المسلمين في اليرموك حكومة الرومان وقوتها واستعدادها معلومان لأنها من أقوى دول العالم في ذاك العصر وجيش العرب المسلمين ضعيف من الوجهتين العدة والعدد إذ كان عدد جيشهم سنة وثلاثين ألف مقاتل، ومن حيث عدم الاستعداد إنهم عرب أهل بداوة بعيدون عن استعداد المتحضرين، وقاصرين عن مساوات الحضارة الدولية فلا يملكون إلا الرماح والسيوف وبعض الأقواس وقل من يملك غير سيف واحد ورمح واحد، ومن كان له رمحان أو سيفان قيل له ذو الرمحين وذو السيفين تعظيماً له.
فرأى خالد بن الوليد بعد أن أقنع القواد بالخضوع له أن الموقف أزاء العدو المقتدر الذي يفوق عدداً وعدة خطر جداً وحرج للغاية فجعل القائد جيشه الصغير صفوفاً يشرف به على الخطر ويورده مورد التلف فأضطر للكردسة ليتوهم العدو کثرتهم ولتکسر سورة طيشهم وحدة خيلائهم وغيظهم على المسلمين فإن سرایا الفرسان وكتائب الخيالة إذا أقبلت متتالية متعاقبة كبكبة على أثر كببكة وقطعة تلو قطعة أرناع لها العدو وأرهبه ذلك، ومن وجهة ثانية إنها إذا هجمت على جبهة من الجبهات حطمتها وأزالتها لا محالة ولا تتضرر كثيرة تضرر المصطفين وإن هاجمها

(90)

العدو لا يظفر منها بطائل لا عتصامها واحتماء بعضها ببعض.
فخرجت جنود خالد کرادیس فبلغت ستة وثلاثین کردوساً لكل کردوس قائد من حمات الصحابة ونوابغ القواد ومهرة الأبطال، والكردوس عدده ألف، فكان فوجاً.
وهكذا كان يصنع مروان بن محمد المرواني المعروف بالحمار والجعدي آخر ملوك بني أمية فينال بالكردسة ما يريد وعلى هذا كانت تسير قواد الخوارج من الأزارقة والصفرية والأباضية والنجدات وغيرهم، وقديماً ما كان هذا النظام معروفاً وأستعمله من العرب جذيمة الأبرش الملقب بالوضاح وبعض ملوك التبابعة فيدرك من أستعمله مطلوبه وينال بذلك الظفر من عدوه.
فهل ترى عمر بن سعد أستقل جيشه الكثير الجرار المتلاحق الإمداد أم أستكثر جيش الحسين «عليه السلام» الصغير الفاقد المدد؟ كلا، لا ولكنه استعظم جیش الحسين «عليه السلام» بثبات رجاله الأفذاذ لأنهم من أهل الحفاظ والبصيرة في الدين والمستميتين وهم فرسان العرب وأبطالهم المتميزون بالنجدة والشجاعة شهدت لهم الوقائع الإسلامية والفتوحات وحروب الجمل وصفين والنهروان بالبطولة، وتحامتهم الأبطال في المعارك وحادت دون لقائهم الكماة، فتيقن ابن سعد أن جيشه الكبير لا يثبت أمام صدمتهم ولا تقف خيله الكثيرة لخيلهم القليلة وليس لجيشه أستماتتهم ولا تبصرهم في دينهم فإنما جله فساق طماعون ومراق مخادعون وإن كانت عندهم حمية العرب وتعصب القبائل الجاهلي فإنه سيندك أمام صدمة التبصر الديني وينهار عند الأحتكاك بأسطوان الأستماتة المحكم، ورصيف التفاني الثابت على أُسسه القويمة.
فرأى من التدبير الفني الحربي والحالة هذه التعويل على الكردسة لعلمه أن أصحابه وإن كثر عددهم واستكملت عددهم وأضعفوا على جيش الحسين «عليه السلام» أضعافاً كثيرة إذا لو قسم ذلك الجيش لكان سهم الواحد من أصحاب الحسين «عليه السلام» وحصته من جيش ابن سعد المائة وأكثر حسبما يقتضيه الحساب الحقيقي لكن عزم كل فرد من أفراد هذا الجيش الصغير أقوى بالضعف المضاعف من عزم ذاك العدد المتكانف بالكثرة، وفرق بين من يقاتل طمعاً وخوفاً وتعذيراً وبين من يقاتل تديناً وتبصيراً وأستماتة وتفانياً.
وعمر بن سعد وقواده یعرفون شجاعة أصحاب الحسين «عليه السلام» وبسالتهم ونجدتهم في الحروب معرفة دقيقة، معرفة حقيقية، معرفة واقعية، معرفة

(91)

تجربة واختبار لا مجرد ظن و تخمين لما شاهدوه وعاينوه من فعالهم في المغازي والفتوحات الإسلامية، فكان الواحد منهم يكاد يلتهم الجيش بأسره لولا عوائق القدر وحيلولة القضاء المبرم ومع ذلك فلهم به البطشة الكبرى والنكاية التي لا يمحي ذكرها مدى الأزمان وهم في قدرة ولهم مقدرة أن يأتوا على الجمع بحذافيره والحشد بأسره لولا الظمأ الذي حال بينهم وبين مشاهدة السماء لشدته فكان كالدخان المنعقد في الأجواء .
وقد عضدت تلك البسالة والنجدة وشدة الشكيمة والحفاظ والحيمة بصيرة الدين وصفاء النية في الاعتقاد واليقين وبلوغهم في الإيمان الدرجة القصوى وارتقائهم في الديانة إلى أرفع المراقي ولهم مع ذلك الرجاء بموعود الله تعالی للمجاهدين في سبيله والثقة بصدق وعده لمن حامی عن دينه ودعا إلى سبيل ربه وهم كذلك مستميتون في سبيل العز، متفانون في إحياء الذكرى الجميلة وقد يبلغ الفرد المستميت ما لا يبلغه الجيش الجرار وقد هزم جيش أبي بلال مرداس الخارجي وهم أربعون جیش زرعة بن أسلم الكلابي وهو الفان وهزم أربعون من البدو جيش عبد العزيز الرشيد الذي لا يقل عدده عن ألفين في عصورنا هذه؛ فالاستماتة لها أثرها ولها مفعوليتها .
وجيش عمر بن سعد خال من البصيرة وقد عدم الإسلامية وسُلب روح الإيمان وهو متیقن سوء العاقبة وواثق بتعاسة المنقلب، وله مندوحة النجاة إذا ما فر أو أنهزم، ومن كانت هذه صفته فهو قليل وإن کثیر جمعه ضعيف، وإن كمل أستعداده وأتصلت إمداده فإنه لا يثبت أمام الحائز لتلك الصفات وإن قل العدد وأنقطع المدد فإن المتصف بهذا لا يرى إلا الموت أمامه ويعلم أن لا سبيل إلى الحياة وهو مستقبل دار البقاء الآخرة مستدبر دار الفناء الدنيا، معرض عن زهرتها وزهوها، ومتجاف عن نضرتها وغضارتها، فهو يقدم بثبات روح الإيمان إقدام المستميت المتبصر بما هو أثبت من قنن الرواسي وأرسى من أركان الشامخات الرواسخ، معقله سيفه، وحصنه رمحه، واستحکامه بطشه، إذا تلبط الكماة بالأستحکام وتحصن الأبطال بالمعاقل.
للمؤلف:
لهم عزمهم حصن حصین وبطشهم بجیش العدى في الحرب اقوى المعاقل
فسل صحف التاريخ تنبئك إنهم مساعير من أعلا حماة القبائل
وهم نخبة من خير عدنان عنصراً ومن يعرب أهل الحفاظ الأماثل

(92)

لقد أصحرتهم كالأسود كريهة يحامون عن ثقل الهدى والعقائل
رعوا لرسول الله فيهم وصاية وقد جالدوا عنهم بغاة الغوائل
غداة أثار الغدر حرباً عليهم فسار بجيش ذا قنا وقنابل
ومن بايعوهم بعد توكيد عهدهم غدر بين حربي شديد وخاذل
ولم يحفظ العهد الوكيد بنصرهم سوی نفر غر کرام قلائل
سروا في رحاب السبط للموت عنوة وما كانت الدنيا لديهم بطائل
فقد بذلوها أنفساً عز مثلها فداء حسين خير حاف وناعل
وقالوا هي الفردوس لا شيء غيرها فسيروا إلى ريحانها سير عاجل

فأبن سعد «لعنه الله» کردس الخيل لهذا الغرض وقد أستشعر أهل الكوفة هذا من أصحاب الحسين «عليه السلام» فلذلك أستقبلوهم بكمال الأستعداد خوفاً على عطب جيشهم الكبير واستئصال عددهم الكثير بيد ذلك العدد النزر والجيش الصغير فأحتاطوا لذلك بکردسة الخيل وقدموا كتائب الرماة ثم كتائب المطاعنة أهل الرماح المشرعة التي لا تقدم على أسنتها الخيل وأضافوا إليها أصحاب المقاليع الذي يقذفون الحجارة بالمقلاع ومع ذلك كله فقد أستبان الخلل في الكوفيين وظهر عياناً عند المقاومة وساعة الالتحام، وإن تلك الخيل المکردسة كراديساً أو كما تقول العوام ((سربه)) للخيل «وصمصوم» للرجالة فإن العشرة آلاف فرس المکردسة والعشرون ألفة المشاة أنهارت أمام حملات أصحاب الحسين «عليه السلام» وأختلت أنظمتها وسبعون فارساً يقاوم عشرة آلاف فارس أو أكثر كما قال السيد الهندي (رحمه الله) في أستنهاض الإمام المهدي المنتظر «عجل الله فرجه» ویرثي بلك جده الحسين «عليه السلام»:
هب إن جندك معدود فجدك قد لاقى بسبعين جيشاً ما له عدد

ولهول الصدمة من هجمة السبعين فارساً على العشرة آلاف فارس واندحار العشرة آلاف أمام السبعين بل الثلاثين أرسل قائد كتائبها وأمير سراياها العام عزرة ابن قیس الأحمسي إلى القائد العام عمر بن سعد يشكو إليه عدم ثبات خيله أمام هذه الخيل اليسيرة ويستنجده ويستعين به في تقوية خيله بالقوة المرامية وهي عشرة آلاف لتعقر الخيول التي يمتطيها أصحاب الحسين «عليه السلام» وهذا لفظ الطبري في تاريخه(1): وقاتلهم أصحاب الحسين «عليه السلام» قتالاً شديداً وأخذت
______________
(1) تاريخ الطبري 6/249.

(93)

خيلهم تحمل وإنما هم إثنان وثلاثون فارساً، وأخذت لا تحمل على جانب من خيل أهل الكوفة إلا كشفته فلما رأى ذلك عزرة بن قيس وهو على خيل أهل الكوفة وإن خيله تنكشف من كل جانب بعث إلى عمر بن سعد عبد الرحمن بن حصن فقال: أماتری ما تلقي خيلي منذ اليوم من هذه العدة اليسيرة، إبعث إليهم الرجال والرماة ، فقال لشبث بن ربعي: ألا تقدم إليهم بالرماحة؟ فقال: سبحان الله! أتعمد إلى شيخ مضر وأهل المصر عامة تبعثه في الرماة لم تجد من تندب لهذا أو يجزي عنك غيري؟ قال: وما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله.
قال أبو زهير العبسي: أنا سمعته في إمارة مصعب يقول: لا يعطي الله أهل هذا المصر خيراً أبداً ولا يسددهم لرشد، ألا تعجبون إنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين ثم عدونا على ابنه وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية ضلال يالك من ضلال!
قال: ودعا عمر بن سعد الحصين بن تميم فبعث معه المجففة وهم خمسمائة من المرامية فأقبلوا حتى إذا دنوا من الحسين «عليه السلام» وأصحابه رشقوهم بالنبل فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم وصار رجالة، إنتهی.
فهذا قائد كتائب الخيالة وسرايا الفرسان يستغيث بأمير الأمرار وقائد القوات العام من سرية خيل عدد فرسانها إثنان وثلاثون وما صبرت كتائبه وسراياه لها حتى عززت قوته بقوة المرامية من أصحاب الأقواس والمقاليع الذين يقذفون الحجارة والسهام وهم عشرة آلاف على ما رواه غير الطبري .
وهذا قائد المجنبة اليمنى عمرو بن الحجاج الزبيدي يهجن عقل أصحابه ويقبل رأيهم ويستحمقهم في المبارزة لأصحاب الحسين «عليه السلام» لأنه قد عاين أنه ما برز منهم أحد لأصحاب الحسين «عليه السلام» إلا وقتل وكان خبيراً ببطولتهم وفروسيتهم وعارفاً بشجاعتهم المدهشة حيث كانت تجمعه وإياهم الملاحم في الفتوحات والمغازي وأيام الجمل وصفين والنهروان فلهذا يتقدم لأصحابه بالنصيحة وينذرهم بالخطر في مبارزتهم ويعرفهم أنه سفه واغترار کما تحدث الطبري في التاريخ(1) بما نصه: فصاح عمرو بن الحجاج بالناس: یا حمقاء! أتدرون لمن تقاتلون؟ فرسان المصر قوماً مستمتين لا يبرزن لهم منكم أحد فإنهم قليل وقل ما يبقون، والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم، فقال عمر بن سعد: صدقت الرأي ما رأيت وأرسل إلى الناس يعزم عليهم لا يبارز رجل منكم رجلاً منهم الخ.
________
(1) تاريخ الطبري 6/249.

(94)

وخذ إليك نبذة من أعتراف أهل الكوفة بتفوق أصحاب الحسين «عليه السلام» شجاعة ونجدة في الأفراد والجماعة كل ذلك عن تاريخ الطبري:
منها قول شبث بن ربعي التميمي في مسلم بن عوسجة الأسدي في قصة أستشهاده «رضوان الله عليه»، قال(1): فصاحت جارية له فقالت: يا بن عوسجتاه! يا سيداه! فقال أصحاب عمرو بن الحجاج: قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي، فقال شبث: ثكلتكم أمهاتكم إنما تقتلون أنفسكم بأيديكم وتذللون أنفسكم لغيركم، تفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة، أما والذي أسلمت له لرب موقف له قد رأيته في المسلمین کریم، لقد رأيته يوم سلق أذربيجان قتل ستة من المشركين قبل أن تتام خيول المسلمين، أفيقتل منکم مثله وتفرحون؟!.
وقول أيوب بن مشرح الهمداني الخيواني في الحر بن یزید اليربوعي الرياحي واللفظ(2): إن أيوب بن مشرح الخيواني كان يقول: أنا والله عقرت بالحر بن یزید فرسه حشاته سهما فما لبث أن أرعد الفرس وأضطرب وكبا فوثب الحر عنه كأنه ليث والسيف في يده وهو يقول:

إن تعقروا بي فأنا ابن الحر أشجع من ذي ليث لبد هزبر

قال: فما رأيت أحداً قط يفري فريه ، قال: فقال له أشياخ من الحي: أنت قتلته؟ قال: لا والله ما أنا قتلته ولكن قتله غيري وما أحب أني قتلته، فقال له أبو الوداك: ولم؟ قال: زعموا أنه كان من الصالحين فوالله لئن كان ذلك إثمة لأن ألقى الله بإثم الجراحة والموقف أحب إلي من أن ألقاه بإثم قتل واحد منهم، فقال له أبو الوداك: ما أراك إلا ستلقى الله بإثم قتلهم أجمعين، أرأيت لو أنك رميت هذا فعقرت ذا ورميت آخر ووقفت موقفا وكررت عليهم وحرضت أصحابك وكثرت أصحابك وحمل عليك فكرهت أن تفر وفعل آخر من أصحابك كفعلك وآخر وآخر كان هذا وأصحابه يقتلون أنتم شرکاء كلكم في دمائهم، فقال له: يا أبا الوداك! إنك لتقنطنا من رحمة الله وإن کنت ولي حسابنا يوم القيامة فلا غفر الله لك إن غفرت لنا، قال: هو ما أقول لك، إنتهی.
أبو الوداك هذا هو أبن نوف البكالي صاحب أمير المؤمنين «عليه السلام» وكان أبو الوداك كابیه نوف شيعياً وله بلاء عظيم في حروب الطلب بثار الحسین «عليه السلام» أيام المختار، ترجمناه في كتابنا «الميزان الراجح» تجد هناك أخباره.
___________
(۱) نفسه 6/249. (۲) نفسه ۱/ ۳5۰.

(95)
ومنها قول ربيع بن تميم الهمداني من أهل الكوفة في عابس بن أبي شبيب الهمداني الشاکري ولفظه(1): عن رجل من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم قال: لما رأيته مقبلاً عرفته وقد شاهدته في المغازي وكان أشجع الناس، فقلت: أيها الناس! هذا أسد الأسود، هذا ابن أبي شبيب لا يخرجن إليه أحد منكم، فأخذ ينادي: ألا رجل لرجل؟ فقال عمر بن سعد «لعنه الله»: إرضخوه بالحجارة، قال: فرمي بالحجارة من كل جانب فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ثم شد على الناس فوالله لرأيته يکرد أكثر من مأتين من الناس ثم إنهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل، قال: فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي غدة هذا يقول أنا قتلته وهذا يقول أنا قتلته، فأتوا عمر بن سعد «لعنه الله» فقال: لا تختصموا، هذا لم يقتله سنان واحد ففرق بينهم بهذا القول، إنتهى، وفي رواية غيره: لم يقتله إنسان واحد.
وهل حدثك التاريخ في غابره وحاضره مثل هذا الرجل؟ إن الأبطال مهما بلغوا في البطولة يعتصمون بالحصون والمعاقل ويتخذون الأدراع والمغافر للوقاية حتى أن بعضهم ليظاهر بین در عین ویلبس بيضتين أو بيضة ومغفرة، وهذا البطل المستميت يلقى درعه ويرمي مغفره وترسه عجب في البطولة وفريد في الرجولية.
ومنها قول قاتل برير بن حضير الهمداني المشرقي وخذ القصة بنصها وطولها(2): عن عفيف بن زهير بن الأخنس وكان شهد مقتل الحسين «عليه السلام» قال : وخرج یزید بن معقل من بني عميرة من ربيعة وهو حليف لبني سليمة من عبد القيس فقال: یا بریر! كيف تری صنع الله بك؟ قال: صنع الله والله بي خيرة وصنع بك شرة، قال: كذبت وقبل اليوم ما كنت كذوباً، هل تذكر وانا أماشيك في بني لوذان وأنت تقول إن عثمان بن عفان كان على نفسه مسرفاً وإن معاوية بن أبي سفيان ضال مضل، وإن إمام الهدى والحق علي بن أبي طالب؟ فقال برير: أشهد أن هذا رأيي وقولي، فقال یزید بن معقل: أشهد أنك من الضالين، فقال برير بن حضير : هل لك فلا باهلك ولندعو الله أن يلعن الكاذب ويقتل المبطل ثم أخرج فلا بارزك، قال : فخرجا فرفعا أيديهما إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحق المبطل ثم برز كل واحد منهما إلى صاحبه فأختلفا ضربتين فضرب يزيد بن معقل بريرة ضربة خفيفة لم تضره شيئا وضربه بریر بن حضير ضربة قدت المغفر وبلغت الدماغ فخر كأنما هوی من حالق وإن سيف ابن
_____________
(1) تاريخ الطبري 6/ ۲54. (۲) تاريخ الطبري ۲/۲۹۷.

(96)
حضير لثابت في رأسه فكأني أنظر إليه ينضنضه من رأسه وحمل عليه رضي بن منقذ البعدي فأعتنق بريراً فأعتركا ساعة ثم إن بريرة قعد على صدره فقال رضي: أين أهل المصاع والدفاع؟ قال: فذهب کعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل عليه فقلت له: هذا برير بن حضير القارئ الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد! فحمل عليه برمح حتى وضعه في ظهره فلما وجد مس الرمح برك عليه فعض بوجهه وقطع طرف أنفه فطعنه کعب بن جابر حتى ألقاه عنه وقد غيب السنان في ظهره ثم أقبل عليه يضربه بسيفه حتى قتله.
قال عفيف: كأني أنظر إلى العبدي الصريع قام ينفض التراب عن قبائه ويقول: أنعمت علي يا أخا الأزد لا أنساها ابداً.
قال: فقلت: أنت رأيت هذا؟ قال: نعم رأي عيني وسماع أذني.
فلما رجع كعب بن جابر قالت له أمرأته أو أخته النوار بنت جابر: أعنت على ابن رسول الله وقتلت سید القراء؟! لقد أتيت عظيماً من الأمر والله لا أكلمك من رأسي كلمة أبداً، وقال كعب بن جابر:

سلي تخبري عني وأنت ذميمة غداة حسين والرماح شوارع
ألم آت أقصى ما كرهت ولم يخل علي غداة الروع ما أنا صانع
معي يزني لم تخنه كعوبه وأبيض مخشوب الغرارین قاطع
فجردته في عصبة ليس دينهم بدیني وإني بابن حرب لقانع
ولم ترى عيني مثلهم في زمانهم ولا قبلهم في الناس إذا أنا يافع
أشد قراعاً بالسيوف لدى الوغى ألا كل من يحمي الذمار مقارع
وقد صبروا للطعن والضرب حسراً وقد نازلوا لو أن ذلك نافع
فأبلغ عبيد الله إما لفيته بأني مطيع للخليفة سامع
قتلت بريراً ثم حملت نعمة أبا منقذ لما دعا من يماصع

قال: وزعموا أن رضي بن منقذ العبدي رد بعد على كعب بن جابر قوله فقال:

فلو شاء ربي ما شهدت قتالهم ولا جعل النعماء عند ابن جابر
لقد كان ذاك اليوم عاراً وسبة تعيره الأبناء بعد المعاشر
فياليت إني كنت من قبل قتله ويوم حسين كنت في رمس قابر

(97)

إنتهی.
وللمؤلف يرد على كعب بن جابر قوله السابق بقوله:
أيا كعب كعب الكلب شر عظامه نباحك في غاب الضراغم ضائع
تبجحت في لدن الكعوب ومرهف وما ذاك في نادي المفاخر نافع
تجرده فيمن تخالف دینهم فمالك منهم أيها الرجس شافع
ودينهموا دين الإله ووحيه بأبياتهم يتلى وتملى الشرائع
وحسبك إذ خالفتهم متديناً بدين بن حرب للصلاح تنازع
أبوه أبو سفيان خصم لجدهم وللشر في نفس أبن حرب منازع
فهاجر عنهم نحو طيبة فأحتمى بأنصاره إذا لم ترعه الروائع
وعيناك لم تنظر شبيهاً من الورى لعصبة حق عن حسين تدافع
ولا نظرت عيناً سواك مثيلهم ومظهر أفذاذ الرجال الوقائع
قتلت بريراً مستطيلاً بقتله ففخرك مردود عليك وضائع
فلو کنت قرماً يحتمي الذم لم تجئ على غرة للؤم فيك مشارع
لقد جئته مستدبراً فطعنته وليث الشری فوق الفريسة راكع
فهلا لك الخزي الطويل أذنته ليعلم أي الفارسين الممانع
ولو كانت الأنثى مكانك أدركت فقد كان ألهاه الكمي المصارع
وتدعو عبيد الله عبداً مجدعاً وليس ندا أهل الشقاوة نافع

ومنها ما رواه الطبري في غير موضع وغيره من العلماء أن بعض أهل الكوفة الام صديقاً له ممن شهد قتل الحسين «عليه السلام» وقال له: قتلتم أبن رسول الله (ص) والعباد الصالحين وقراء أهل المصر! فقال: ثارت إلينا عصابة أيديها في مقابض سيوفها لو ونينا عنهم ساعة لأتوا على الجمع بحذافيره فما نصنع لا أم الك؟ إنتهى وكفاك هذا المقدار .
وسائل الظفر التي اتخذها جیش العدو
إن أبن سعد «لعنه الله» كان على يقين من أن كثرة جمعه لا تجدي نفعاً في مقاومة هؤلاء الكرام الذين هم نخبة العالم وصفوة الإنسانية وزبدة البشرية ولباب الكائن في ذاك العصر ومن هذه الوجهة حكمت التجارب الحربية في نفسه کردسة

(98)

الخيل وتقديم المرامية والتطويق والحصار ومنع المنازلة وإلقاء الذعر في نفوس النساء والصبيان بكل ما وجد إليه سبيلا ليوهن عزم المحاربين وأمثال هذه.
أما اللعين ابن زیاد فقد كان من أوثق عرى الغلبة عنده وأقوى حبال الظفر في نفسه حتى من جيشه الجرار الذي ملأ الفضاء وسد الآفاق منع الحسين «عليه السلام» وأصحابه الماء لاعتقاده أن هذه العدة اليسيرة في جيش الحسين «عليه السلام» وإن قلت، والعصبة المستنزرة العدد التي قطع مددها ولم تستكمل أهبتها وعددها لا يقاومها مقاوم فلا وسيلة أقرب إلى القضاء عليها سريعاً وإبادتها عاجلاً وإتلافها باسرع وقت إلا بمنعها من ورد الماء لتموت عطشاً فإن الحياة لا بقاء لها مع العطش ولا يمكن أن يعيش ذو روح بغير ماء وخصوصاً الإنسان فكانت هذه النية الخبيثة والفكرة الملعونة تختلج نفسه الشريرة أنها ستكون من أهم التحوطات وأقوى وسائل الدفاع في نفس ذلك الشيطان المتمرد واللقيط الجبار، والدعي المنبوذ بأقبح الالقاب فصدر أمره الرسمي إلى أمير أمرائه وقائد قواته المرتکس في الضلال عمر بن سعد: أما بعد؛ فل بين الحسين وأصحابه وبين الماء وأمنعهم أن يذوقوا منه قطرة الخ.
فبادر ابن سعد على الفور لأمتثال ذلك الأمر القاسي بتنظيم الحرس على الشرائع الأربعة فنظمها كما سمعت وقواها بالأسلحة وجعل لها قوات إضافية احتياطية فلم يضعضع ذلك أصحاب الحسين «عليه السلام» ولا أدخل وهناً عليهم بل زادهم بصيرة وثباتاً وعزماً ونشاط فتقوت عزائمهم وإن ضعفت الأبدان وقد صار العطش بينهم وبين السماء كالدخان لكن صرخة النساء وضجة الأطفال الذين نفذ صبرهم لشدة الظمأ أثرت في أنفسهم کسراً وفي قلوبهم صدعة وجرحا لا يندمل كما ينبئ عنه کلام عميده العباس بن علي «عليهما السلام» في قوله لأخيه الحسين «عليهما السلام» كما سمعته سابقا.
لكن قابلوا هذه الشدة الشديدة والمحنة الصعبة العظيمة بالصبر والأحتساب لكل ما أصابهم في جنب الله، إن أمتلاك الشريعة والغلبة على الماء وتقوية حرسه بالأستحكامات المنيعة وحمايته بالقوة القوية التي لا يتمكن المقابل من خرق خطوطها الأمامية ولا الأستيلاء عليها له الأثر التام في الرجحان الحربي وإنه الكفيل بتفوق من ملك الماء وضمين له بالغلبة إذا أستحکمه أستحکامة منيعا وجعل عليه خط دفاع قوي يصد هجمة المقابل فإن الرجحان الحربي يكون له لأن نفوس من منعوا الماء تضعف وهممهم تقل وعزائمهم تنكسر وتهن، وإن كانوا غالبين

(99)

أبتداء يصبحوا مغلوبين بالتالي بهذا قضت التجارب ودلت الاختبارات العديدة .
حيث أن الماء ضروري للحياة وهو مادة البقاء وجزؤها المقوم كما يكون زيت البترول أو النفط مادة المصابيح، والبطل وغيره إذا أصابه العطش الشديد ربما يصل إلى درجة لا يكاد يبصر ما أمامه وما خلفه وقد لا يقوي على حمل السلاح فضلاً عن المجالدة وربما تلف كما تلف كثيرون ممن أحتال عليهم أعداؤهم فأضلوهم في المفاوز العديمة المياه فهلكوا عطشاً کشمر بن أفريقس الحميري أحد الملوك التبابعة من عرب اليمن ففي أساطير التاريخ العربي إنه أضله الدليل في مفاوز التبت فهلك، وكفیروز الساساني ملك الفرس الذي أضله دليله في بعض صحاري الهياطلة وغيرهما مما هو مدرج في التاريخ العربي والفارسي.
وسواء كانت هذه اساطير تاريخية كما يزعمه المتجددون أم وقائع حقيقية إنها لقضية مسلمة وظاهرة وجدانية يعرفها كل أحد لذلك كانت أمية الفاجرة تستغل هذه الفرصة الهمجية وتستعمل هذه الأعمال المنكرة القبيحة القاسية الفظة الصارمة المخالفة لمناهج الإنسانية المحضورة في الديانة السماوية فلا يزالون يحصرون أعدائهم في البوادي والمفاوز إذا سبقوا إلى شرائع الماء ويصرون على منعهم من ورد المباح المشترك بين البشرية وغيرها وهو موزع على الإنسانية بالسواء كما قال رسول الله (ص) في الخبر المشهور: ثلاثة الناس فيها شرع سواء: الماء والنار والكلاء.
فمنع بني أمية الماء لمن حاربهم من الناس مخالف لسلك البشرية والقاعدة الدينية كما صنع جيش اللعن یزید بجيش الحسين «عليه السلام» يوم كربلاء وإن هذا الخبيث في أعماله أقتدي وتأسي بأبيه معاوية مبتدع كل قبيح في الإسلام ومخترع كل مشوه لسمعته فأنه بصفين حصر جيش أمير المؤمنين علي «عليه السلام» في البيداء ومنعهم من الماء لأنه سبقهم إلى النزول على شريعة الفرات وقال في جملة ما أجاب به من هاه عن منعهم الماء، دعوهم يعطشوا يوما فإنهم إذا لم يشربوا أنصرفوا وكان أنصرافهم هزيمتهم، وهذا رأي فایل وتفكير خاطئ خاب مرتئيه، وضل مدبره، أيظن أنصراف جيش قوي القوة عظيم الأستعداد والأهبة فيه فرسان العرب وأبطال المسلمين وأرباب الحفيظة من أهل العراق والحجاز واليمن وقائدهم الأعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أشجع الناس؟! هيهات نجاح ابن آكلة الأكباد، إن أبا الحسن القرم وجه كتيبتين من جنده كتيبة من المشاة الرجالة بقيادة الأشعث وكتيبة من الفرسان الخيالة بقيادة الأشتر عدد

(100)

الكتيبتين عشرة آلاف مسلح فصدموا الجيش الشامي العرمرم البالغ عدده على أقل ما قيل مائة وعشرين ألفاً وأفقدوه على أعاظم قواده وأركان اثنی عشر ركناً خمسة بيد الاشعث وسبعة بيد الاشتر عدی سواهم من الضباط وأضطروا ذلك الجيش إلى تخلية الشريعة والارتفاع إلى البر بمقدار أربعة أميال، وأمتلكوا شريعة الفرات وقد كان هذا الحصار اليسير والمنع الموقت قد أثر في نفوس جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» واصابهم الخلل فأهتم أمير المؤمنين «عليه السلام» أهتماماً عظيماً أقامه وأقعده وأقلقه الوضع والتطور قلقاً شديداً حيث أنه كان يقصد الجلاد على الدين فإذا هو مضطر إلى الكفاح حمية وغيرة إلجاءاً ألجئه أهل الشام لهذه الخطة التي لا يريدها فحرض أصحابه وحركهم وشجعهم وهون الأمر عليهم واثارت شعراؤهم وخطباؤهم النخوة فيهم وأهاجت الحماس العربي بما ألقته من الخطب والأشعار حتى دبت نشوة الحفاظ في رؤوسهم وتغلغلت الحيمة في أدمغتهم وهزتهم الحفيظة وشهت لهم الأريحية ورد حياض المنية قبل ورد الشريعة فبينا يصغي أحدهم إلى هتاف شاعر مذحج معلناً بقوله:

أيمنعنا القوم ماء الفرات وفينا الرماح وفينا الجحف
وفينا الشوارب مثل الوشيج وفينا السيوف وفينا الزغف
وفينا علي له سورة إذا خوفوه الردا لم يخف
فنحن الذين غداة الزبير وطلحة خضنا غمار التلف
فما بالنا أمس أسد العرين وما بالنا اليوم شاء النجف
فما للعراق وما للحجاز سوي اليوم يوم فصكوا الهدف
ودبوا إليهم کبزل الجما ل دوین الذميل وفوق القطف
فأما تحلوا بشط الفرات ومنا ومنهم عليه الجيف
وإما تموتوا على طاعة تحلوا الجنان وتحبوا الشرف
وإلا فأنتم عبيد العصا وعبد العصا مستذل نطف

لم ينتهي ترنم هذا الشاعر المذحجي المتحمس حتى يشدوا شاعر کندة هاتفاً بزعيمه:

لئن لم يجلي الأشعث اليوم كربة من الموت فيها للنفوس تفتت
فنشرب من ماء الفرات بسيفه فهبنا أناساً قبل ذلك موتوا

(101)

إذا أنت لم تجمع لنا اليوم أمرنا وتلقى التي فيها عليك التشتت
فمن ذا الذي تثني الخناصر بأسمه سواك ومن هذا إليه التلفت
وهل من بقاء بعد يوم وليلة نظل عطاشى والعدو بصوت
هلموا إلى ماء الفرات ودونه صدور العوالي والصفيح المشتت
وأنت امرىء من عصبة يمنية وكل امرىء من غصنه حين ينبت

فيثور هذا الزعيم مغضباً كما ثار زميله الأشتر مصممين على أغتصاب المشرعة، طالبين من أمير المؤمنين أن يفسح لهما مجال الجلاد على الأحساب والكفاح على المجد فشدا بفيلق انتخبا رجاله الفرسان والمشاة بما عرفتهم إياه التجارب وقد خيرا جندهما الناهض حمية بين ورد المنون أو ورد المعين فشدت الرجالة مشرعة الاسنة وأغارت الخيالة مصلتة السيوف فأقحموها شريعة الفرات وطار الجيش الشامي كاليعافير إلى قلب البادية وفروا کحمر مستنفرة إلى حيث تقيم الاضبة واليرابيع وصمم العراقيون على منع الشاميين من الورود إيفاء للكيل بالكيل ومقابلة للوزن بالوزن.
فأبى أبو الحسن إلا الكرم والرأفة ومقابلة الإسائة بالإحسان فإن العفو من سماته والصفح من شمائله فأباح لأهل الشام الورود فكانت الشريعة مورد الجمعين على الاشتراك وليست نسبة جيش أمير المؤمنين الباسل المتميز بكثرة العدد کنسبة جیش الحسين «عليه السلام» المستميت في قلة العدد فإن جيش أمير المؤمنين علي «عليه السلام» على أقل ما قيل تسعون ألفا، وجيش الحسين «عليه السلام» لا يزيد على مائة وخمسة وأربعين رجلاً على ما نختاره في رواية عمار الدهني عن الإمام محمد الباقر «عليه السلام» فكان هذا الجيش مع قلة العدد أقوى عزمة وأشد ثباتا وأعظم صبراً من جميع الجيوش الجرارة الملتحمة في المعارك الطاحنة.
وليست تحوطات آبن زیاد من حركة أصحاب الحسين «عليه السلام» مقصورة على هذا بل أتخذت عامة التدابير للتحوطات وقد ذكرناها في كتابنا الميزان الراجح في تراجم التوابين فراجعه وكل ذلك لم يوهن عزمهم ولم يفت في أعضادهم بل زادهم إقداماً وتسرعاً إلى الموت والعادة قاضية بأن القوة القوية تضعف معها عزائم المعارضين والطبيعة حاكمة بجبن القلة أمام الكثرة إلا هذه العصابة فإن عزائمها تقوى كلما أزدادت قوة الأعداء وتستأسد ونستبسل كلما تکاثرت جموع المحاربين لهم وهذا مما لم يشهد التاريخ مثله في قديم أزمنته وحديثها جزاهم الله أحسن الجزاء.

(102)

انظمة الأمم في تعبئة الجيوش

 

كلمة المؤلف حول هذه الأنظمة حيث أنك قد عرفت نظام الجيشين يوم کربلاء وجب أن تعرف أنظمة الأمم في تعبئة الجيوش وترتيب العسكر وتخطيط مراكزه الحربية وتشكيلات خطط الدفاع والهجوم في شكلي الأصطفاف والكر والفر لأجل أن يتضح لك السبب في اختيار الحسين «عليه السلام» في نظامه الجيشه وتعبئة جنده على شكل هلالي ولا خفاء في أن أنظمة الأمم للجيوش تختلف قديماً وحديثاً وقد كتبنا في «السياسة العلوية» في أنظمة الجيوش فصلاً مطولاً نورد منه هنا ما يتعلق بالأنظمة في ساحة الحرب خاصة وندع ما تعلق بشأن تمرين الجنود وتدريبها لأجل الطواري فذاك موکول لكتابنا «السياسة العلوية» من أراده فليطلبه منه.
وقد كنا عنوناه بعنوان الجيش أو العسكر والخميس وهو إسم للجمع المؤلف للدفاع أو المهاجمة في الحرب داخلاً وخارجاً ولهذا الجيش نظام وترتيب على وجوه شتى وأنواع عديدة تسمى قديماً بالتعبئة فإن لجيش الهجوم نظام لا يكون الجيش الدفاع؛ فإن جيش الدفاع يتخذ التدابير اللازمة لصد هجمات العدو ویکثر التحوطات من تمكين العدو من الهجوم عليه ويحافظ على ضبط النقاط التي تحول بين الجيش المرابط للدفاع القائم في وجه العدو وبين عدوه المهاجم له كما أن الجيش المهاجم لا يجوز أن يغفل عن حركات جيش عدوه المرابط في مركزه الدفاعه فلا بد له من الأستطلاع على رحكاته فيبث الطلائع لكشف الأمكنة وأستطلاع ما يقوم به جیش العدو من الحركات ولیعرف هل له المرابط بها والأستحکامات والمواضع حفريات مخفية واستحکامات مستترة تختبئ فيها قوة احتياطية أعدها للهجوم عند أغتفاله أو تكون خديعة ينخدع بها عدوه إذا أنهزم أو أنكسر أو أنسحب إلى أن يتجاوزه بعدوه خطوطها فيعطف عليه وتطبق عليه القوتان ويلتف عليه الجيشان وهذا ما تسميه القدماء بالكمين.
وإن يكثر الاحتراس والأستطلاع لما ورائه كأستطلاعه لما هو أمامه خوفاً أن يكون للجيش المدافع قطعات أخرى قد سلكت طريقاً آخر لتأتيه من خلفه فيحصل له بذلك نوع من التطويق لا أقل من أنه يقتسم قوته فيضعفه ويجب أن يحترس تمام الاحتراس من تطويق الجيش المهاجم له خصوصاً إذا كان أكثر منه فيستعد بجعل قوة كافية تضبط كل ناحية يخشى منها التطويق وكذلك لا يجوز للجيش الهاجم

(103)

إغفال هذه المهمة فإنه أيضاً معرض لخطر التطويق بأن تكون للعدو القائم للمدافعة قطعات من الجيش قد أعدها لتطويق عدوه فأخفاها في أستحکامات مخفية ومواضع غير بارزة أو أرسل قوات من جبهة ثانيه لتحيط به وليحيط به وليحذر من أنسحاب الجيش بأنتظام أن يكون ذلك مكيدة إلى غير ذلك من التعاليم الدفاعية والهجومية وللقدماء تمارين تخالف تمارين المصريين لاختلاف أنواع الأسلحة ولكن تعاليم القدماء وإن كانت بسيطة لكنها كانت أصلا لتعاليم العصريين.
ولكن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» الذي هو بطل العالم البشري كله لا بطل الإسلام خاصة بمهارته الحربية قد أبقى من التعاليم الفنية للحرب وأساليبها ما بقي منهج دولياً معمولاً به حتى اليوم وهو «عليه السلام» وإن لم يصف القتال بالبوارج والغواصات ولا نعت حرب الدبابات والمصفحات ولا الطائرات والمناطيد ولكن الترتيب الذي رتبه لجيش الخيالة يعرف منه كيفية المقاتلة بكل الأنواع وتعلم منه جهات الاحتراس من جميع المتلفات فهو في الحقيقة أستاذ الفنون الحربية ومعلمها الماهر الخبير وهو واضع أسس تعاليمها ومشيد مدرسة التمارين الجامعة وكلية التدريب الناجحة طلبتها وتلاميذها فله في التمرين والتدريب الحربي أبدع طرز وأتقن أسلوب.
وكان بعض قدماء الملوك يأمرون بالتعليم الحربي ويحضرون بأنفسهم في الميدان في ساحة التدريب والتثقيف ساعة التمرين كما كان كسرى أنوشروان الساساني ملك الفرس يفعل ذلك.
التعبئة والنظام العسكري القديم

وبيان هذا يستدعي أولاً معرفة معنى الجيش والعسكر والخميس، ثانياً تقسيمه وترتيبه وتعبئته قديماً وحديثاً، وثالثاً: النظام القديم والحديث على اختصار.
الأول: معنى الجيش والعسكر والخميس: وأشتقاق الجيش من الجيشان وهو الغليان، يقال: جاشت القدر إذا غلت، قال الراجز:
كمرجل الصباغ جاش بقمه
وجاشت الناس إذا هاجتها الحرب فغلت قلوبها على الأعداء فتجمعت للانتقام.
والعسكر معناه تلك القطع الجائشة إذا اجتمعت في محل واحد عسکرت به

(104)

أي اجتمعت ومحل اجتماعهم المعسكر أي المجتمع الحربي أو مقر الجيش وهو قراركاه بلغة العجم.
والخميس معناه الخمسة أقسام لأن الجيش عن القدماء مقسوم إلى خمسة أجزاء أبداً في الميسر والمناخ وعند التحام الحرب كما سنحررة إن شاء الله.
قال في المصباح: الجيش معروف والجمع جيوش، وجاشت القدر تجيش جيشاً غلت.
وقال أيضاً: الخميس لغة ثالثة وهو جزء من خمسة أجزاء.
وقال أيضاً: العسكر الجيش.
وقال في القاموس: جاش القر والبحر غلا، والعين فاضت، والوادي زخر.
ثم قال: والجيش الجند والسائون لحرب وغيرها.
وقال أيضاً: الخميس الجيش لأنه خمس فرق: المقدسة والقلب والميمنة والميسرة والساقة، وما أدري أين خميس الناس، أي جماعتهم.
وقال أيضاً: العسكر الجمع الكثير من كل شيء فارسي، وعسكر القوم تجمعوا والموضع معسكر.
نقد المؤلف لمن ادعی استعارة العرب لألفاظ العجم

هذا صاحب القاموس وتبعه آخرون يقولون: عسکر معرب وأصل ذلك الجواليقي الحنبلي في كتابه: المعرب من الكلام الأعجمي، وهذا نصه(1): قال ابن قتيبة: والعسكر فارسي معرب، قال ابن درید: وإنما هو لشكر بالفارسية وهو مجتمع الجيش الخ، وتبعه الفيروزآبادي والخفاجي فقال في شفاء الغليل(2): عسکر معرب لشكر وهو مجتمع الجيش، وسمي به الجيش نفسه.
ونقله عنه في الشرح الجلي(3) وهكذا يتناولها كثير ممن لم يحقق من أهل اللغة فيقول: عسکر معرب لشکر.
وهذه اللفظة لفظة لشکر توجد في لغة عجم وكونها قد أستعارتها العرب وهذبتها وأدخلتها في كلامها فإن لم یکن ضرباً من الهذيان فهو من أغلاط اللغويين فيها كما يغلطون في غيرها فيقولون: لفظ تنور معرب أي مستعار من لغات الأعاجم فهم أهل أغلاط كثيرة وجمود على نصوص السابقين من نقلة
_________
(1) المعرب من الكلام الأعجمي: ص ۲۲۰.
(۲) شفاء الغليل: ص ۱۲4. (3) الشرح الجلي : ص۱5۹.

(105)