تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السادس

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السادس

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

عندك؟، قال: جئتك بغنى الدهر، هذا رأس الحسين معك في الدار، فقلت: ويلك – جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله (ص) لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبداً، فقمت من فراشيث فخرجت إلى الدار، فدعا الأسدية فادخلها إليه، وجلست أنظر، فوالله ما زلت أنظر إلى نور يشطع مثل العمود من السماء إلى الإجابة ورأيت طيراً أبيض ترفرف حولها. فلما أصبح غدا – الخولي – بالرأس إلى عبيد الله بن زياد(1).
وإذا ما أردنا تطبيق نص الرواية السابقة مع النص التاريخي اللاحق لعلنا نصل إلى أن المكان الذي وضع فيه الرأس هو بيت الخولي والذي كان عند الحنانة، وكلاهما في سيرهم من كربلاء الكوفة، ولم تتحدث النصوص على أن الرأس الشريف وضع في غيرهما فالظاهر اتحادهما.
ونحتمل والله العالم بأن موضع الدفن الذي ورد في رواية الصادق «عليه السلام» مختلف عن موضع مكث الرأس(2)، كما هو مختلف عن موضع منبر القائم(3) ولكنها في مسير واحد وسنأتي على بيان ذلك في (مدفن الرأس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ الطبري: 3/335، وفي الرواية تفاصيل أخرى ذكرها الرواة واوردناها في السيرة ومنها رد فعل زوجته الاسدية، وان الرأس الشريف وضع داخل التنور، وعلى إثر ذلك شاع المثل العراقي المشهور «طلع النور من التنور» -راجع تفاصيل ذلك في باب السيرة وباب الأمثال. راجع أيضاً روضة الشهداء: 450.
(2) وكان هذا هو السبب في قول المجلسي في البحار: 44/199 وروى الكليني في ذلك روايتين: إحداهما عن أبان بن تغلب عن الصادق «عليه السلام» أنه مدفون بجنب أمير المؤمنين «عليه السلام»، والأخرى عن يزيد بن عمرو بن طلحة عن الصادق «عليه السلام» أنه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين «عليه السلام»، ولكن الذي يدقق في الروايتين يجد أن الأولى صرحت بأنه مدفون جنب أمير المؤمنين «عليه السلام» حيث قال: «فدفنه بجنب أمير المؤمنين «عليه السلام»» والثانية يتبادر منها أنه موضع مكث الرأس الشريف حيث يقول «موضع رأس الحسين «عليه السلام» وموضع منزل القائم «عليه السلام»»، راجع الكافي: 4/571 و 572، ومن ذلك أيضاً قول صاحب الجواهر: 20/93 «ويمكن أن يكون هذا – مسجد الحنانة – موضع دفن الرأس الشريف» راجع وسيلة الدارين: 352 وهذا من الخلط بين ما ورد عن الإمام الصادق «عليه السلام» في الحنانة والغري.
(3) في الكافي: 4/572 «موضع منزل القائم»، أي أنه سيكون موضع منزل القائم «عليه السلام» أو منبره وفي فهم القارئ من كلام الكليني بأن المراد من القائم هو الإمام المهدي عجل=
(89)
في النجف)(1) إن شاء الله تعالى(2). وعبر عنها بعضهم بمسجد رأس الحسين «عليه السلام»(3).
جاء في بعض المصادر أن بيت خولي يبعد عن الكوفة فرسخاً واحداً(4) وهو إلى النجف أقرب منه إلى الكوفة ويقع شمالها وهي اليوم تعد أحد أحيائها ومجالها، وهي على مقربة من الثوية(5).
* في سنة 446هـ ذكر أن القائم (في الحنانة) كان بناءً من آجر وكلس، وقيل إنه كان علماً تهتدي(6) به السفن لما كان البحر(7) يجيء إلى النجف(8).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الله تعالى فرجه الشريف غرابة لأن القائم كان شاخصاً للسفن، وكان موجوداً أيام كان الإمام علي «عليه السلام» حيث كان يأتي إلى هذا المكان ويصلي بالمسلمين صلاة العيد، وقد كان يرتقي المنبر عند هذا القائم، وقد صلى الإمام الصادق «عليه السلام» هناك أي عند منبر القائم لأن جده كان يرتقيه ويعظ الناس ويلقي خطبة العيد عليهم، فكرمه الصادق «عليه السلام» لكونه موقع صلاة جده وخطابه، ونظن أن الخطأ جاء من النساخ حينما وضع كلمة («عليه السلام») بعد القائم.
(1) حيث روى ابن قوليه في كامل الزيارات: 35، باسناده إلى الإمام الصادق «عليه السلام» أنه قال: إذا أتيت الغري رأيت قبرين قبراً كبيراً وقبراً صغيراً، فأما الكبير فقير امير المؤمنين، واما الصغير فرأس الحسين بن علي «عليه السلام».
(2) ولهذا المكان أدعية وزيارات أوردناهافي باب الزيارات من الموسوعة، ولي فيها أنه مدفون فيها. راجع مستدرك وسائل الشيعة: 10/226.
(3) دائرة المعارف الشيعية العامة: 8/507.
(4) روضة الشهداء: 450.
(5) الثوية: موضع قريب من الكوفة وكان في تاريخها القديم سجناً للنعمان بن المنذر، وفيها قبر جماعة من الأصحاب، وهي أقرب إلى النجف منها إلى الكوفة.
(6) في المصدر يهتدي، ربما كان فاعله السفن اي صاحب السفينة وإلا فالمفروض أن يقول تهتدي به السفن إذا كان جمعاً للسفينة.
(7) البحر: جاء في موسوعة العتبات المقدسة – قسم النجف -: 1/13 «قيل إن النجف كان قريباً من البحر» وفيه: 1/14 «اراد بالبحر ههنا الفرات» وقال المسعودي في مروج الذهب: 1/62 «وقد كان الفرات لأكثر من مائة عام ينتهي إلى بلاد الحيرة ونهرها بين إلى هذا الوقت فيصب في البحر الحبشي في الموضع المعروف بالنجف في هذا الوقت»، ولحد الآن يعرف الجانب الغربي «بحر النجف» موسوعة العتبات المقدسة – قسم النجف -: 1/15 -.
(90)
* قبل عام 1320هـ قال النوري: إن الحنانة قريبة من النجف الأشرف، بناء من الحصى والآجر(1).
* عن سنة 1345هـ ذكر بأن هذا المسجد وقع في زماننا هذا داخل مدينة النجف وتسمى تلك المنطقة الحنانة وهي منطقة كبيرة جداً ومشهورة(2).
* في عام 1365هـ جدد بناء مسجد الحنانة وجاء على المقاسات التالية:
يشكل المسجد ساحة رباعية حديثة البناء طولها ثلاثون متراً، وعرضها خمسة عشر متراً وارتفاعها عشرة أمتار، ومدخل المسجد يقع في منتصف الضلغ الغربي، وهو باب خشبي محاط من جوانبه وجبهته بالقاشاني المنقوش والمكتوب فيه – على جبهته - «بسم الله الرحمان الرحيم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) صدق الله العلي العظيم»(3) كما كتب تحتها: «بسم الله الرحمان الرحيم (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) صدق الله العلي العظيم»(4).
وجاء في أسفل هاتين الآيتين على الباب أيضاً: «وقال المرحوم السيد مهدي الأعرجي(5) من الرمل:
مسجد الحنانة السامي علا كاد بالفضل يضاهي المسجدين جهلوه الناس قدراً وهو في
قدره ضاهى السهى والفرقد ينرفع الله تعالى شأنه فتعالى شأنه في النشأتين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) الكامل في التاريخ: 8/67.
(1) وسيلة الدارين: 352 عن مستدرك وسائل الشيعة، ولكني لم أحصل على هذه العبارة في ثلاثة مواقع ورد ذكر الحنانة: 3/426، 10/403 ومكان آخر لم أتمكن من الوصول إليه.
(2) وسيلة الدارين: 352.
(3) سورة الأحزاب، الآية: 33.
(4) سورة النور، الآية: 36.
(5) مهدي الأعرجي: هو عبد المهدي بن راضي بن راضي الحسيني (1322 – 1358هـ) ولد وتوفي في النجف، كان خطيباً وشاعراً، له مؤلفات منها: ديوان شعر جمعه أخوه السيد حبيب، ديوان شعر باللهجة الدارجة، وارجوزة في تأريخ ولادات الأئمة ووفيائهم.
(91)
كيف لا يرفعه الله علا وبه قد وضعوا رأس الحسين»(1)
وعلى يسار الداخل للمسجد توجد عدة غرف مشيدة للخدم، وعلى يمينه ساحة مسقوفة تمتد على عرض المسجد وهي ممتدة إلى 10 أمتار داخل المسجد، وعليها قبة مزخرفة بالكاشاني يبلغ قطرها حوالي مترين ونصف المتر، وترتفع عن السقف نحو اربعة امتار، وتحتها صندوق خشبي مشبك، وقد كتب على باب هذه الساحة المسقوفة بالقاشاني أبيات من الكامل للشيخ عبد المنعم الفرطوسي(2) يؤرخ فيها تجديد المسجد عام 1365هـ من الكامل:
هو مسجد بالصالحات مشيد وعلى التقى قد أسسوا بنيانه
هو مشهد رأس الحسين به ثوى(3) فسما وشيد بالهدى أركانه
وقد انحنى متواضعاً للمرتضى إذ مر فيه معظماً جثمانه
أرض الثوية هذه أرخ(4) فذا رأس الحسين بمسجد الحنانة(5)
وعن هذا التجديد كتب بعضهم(6): وفي أيامنا هذه أجريت تعميرات واصلاحات واسعة في الحنانة وقامت القصور بجنبها بعدما كانت بنياة بسيطة منفردة في البر تتألف من جدران قديمة وأثر خاوٍ فامتدت إليها أيدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أدب الطف: 3/105.
(2) عبد المنعم الفرطوسي: هو ابن حسين بن حسن (1335 – 1403هـ) ولد في النجف، وتوفي في الإمارات ودفن في النجف، كان من العلماء الفضلاء، ومن الأدباء الشعراء، له: ديوان شعر، وملحمة أهل البيت، وشرح الاستصحاب من رسائل الأنصاري.
(3) هذا على قول من ذهب إلى أنه مدفن الرأس الشريف ولكن التحقيق ذهب إلى أنه المكان وضع فيه مكوثه وعليه فلا بد من القول «هوى» بدل «ثوى» وان صح من حيث اللغة بأن تكون ثوى بمعنى الإقامة دون الدفن، ولكن اصطلح استخدام المثوى للمدفن.
(4) مجموع ما بعد ارخ يكون كالتالي: 781 + 261 + 159 + 109 + 145 + = 1455 وهذا لا يصح وإذا ابدل مفردة «فذا» بـ «أصخ» لصح لأنها تعادل (691) والمفردة أمر من أصاخ بمعنى أصغى واستمع.
(5) مساجد الكوفة: 180.
(6) بعضهم: هو الخطيب والكاتب والمحقق السيد جواد شبر.
(92)
أهل الخير فاتسعت وازدانت وتأثثت وتنورت بالكهرباء وذلك من كثرة ما تحدثنا للناس في محافلنا ومنابرنا عن قدسية هذا المكان وحرمة هذا المسجد المعظم وما يجب من حقه على مجاوريه بالدرجة الأولى(1).
* وفي سنة 1382هـ وما بعده زرت مسجد الحنانة فكان عامراً من حيث البناء ولكنه لم يكن عامراً من حيث المصلين(2) وكان مسجداً صغيراً.
* في سنة 1388هـ شيد الحاج عبد الغني مرزة(3) مئذنة حديدة وقد كتب عليها بيتان من الشعر من بحر مجزوء الرمل:
شاد لله منارة عمر الوهاب داره

وفق الرحمان أرخ(4) لغني بمنارة(5)

19

صورة عن المرقد وتبدو المئذنة الحديدية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أدب الطف: 3/105.
(2) لقد توقفت وزملائي في هذا المسجد كلما قمنا بالمشي إلى النجف عن طريق نهر الفرات في موسم الغدير والمولد النبوي الشريف.
(3) عبد الغني مرزة: يبدو أنه كان من تجار النجف أو الكوفة، ولم نعثر على ترجمته.
(4) مجموع ما بعد أرخ يكون كالتالي: 1090 + 298 + = 1388.
(5) مساجد الكوفة: 181.
(93)
وما تجدر الاشارة إليه أن ضريح الرأس الشريف كان مربع الشكل كل جهة منه تحتوي على ثلاثة مشبكات، فالضريح مصنوع من الخشب بينما المشبكات مصنوعة من الفولاذ.

صورة الضريح القديم


ولا يخفى أن شكل المسجد كان مربع الشكل يعتمد سقفه على الجدران الأربعة القبة تعتمد على أربعة أعمدة على أطراف الضريح.
* في سنة 1406هـ تم بناء سياج من الطابوق بارتفاع 2,5 متر لساحة المسجد وذلك بتوجيه السيد الخوئي(1) وإشراف السيد بحر العلوم(2) بعدما كان قد اندرس سياجه(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السيد الخوئي: هو أبو القاسم بن علي أكبر الموسوي (1317 – 1413هـ) ولد في خوي (إيران) وتوفي في النجف، من اعلام الإمامية ومراجعها، له من المؤلفات: البيان، معجم رجال الحديث، وتكملة المنهاج.
(2) السيد بحر العلوم: هو حسين بن محمد تقي الطباطبائي (1348 – 1422هـ) ولد في النجف وتوفي فيها من علماء الإمامية، له عدد من المؤلفات منها: زورق الخيال، شرح تبصرة المتعلمين، وشرح منظومة بحر العلوم.
(3) رسالة الشيخ الدجيلي بتاريخ: 13/12/2009م.
(94)
في سنة 1428 هـ(1) وصف المسجد بالتالي بما وصف به سنة 1365هـ ما يدل أنه لم يدخل إليه ما يستجد، وقد كتب إلينا الشيخ الدجيلي(2) بأن المسجد في هذه الفترة كانت عليه قبة مصنوعة من الحديد ومصبوغة باللون الأزرق كما هو الحال بالنسبة إلى المئذنة الحديدية التي كانت بارتفاع 15 متراً، واللتان اقيمتا في السبعينيات من القرن 15هـ من قبل أهل البر والخير(3).
* وفي أوائل هذه السنة هدم المسجد بغرض التجديد من قبل ديوان الوقف الشيعي، وقد جاءت تفاصيل المسجد كالتالي: مساحة الصحن 300 متر مربع، ومساحة الحرم الداخلي (المصلى) مائة متر مربع، وكان في وسطه شباك وضع على المكان الذي وضع فيه الرأس الشريف، وكان الشباك مصنوعاً من الألمنيوم بطول مترين وعرض متر واحد ونصف المتر، وارتفاع مترين وكان سقف الحرم مزيناً بالمرايا ومجهزاً بآلات التكييف والمراوح ومؤثثاً بشكل لائق بقدسية المكان(4).
* في سنة 1426هـ بدأ التجديد في بقاء المسجد من قبل مديرية الوقف الشيعي في النجف وتقرر أن تكون مساحة الحرم الف متر مربع وارتفاعه يتفاوت ما بين أربعة أمتار إلى ستة أمتار، وبدأت اللجنة المشرفة بوضع التصاميم والخرائط، وقد شيدت له قبة شامخة بارتفاع ثمانية عشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بالتحديد في 12/1/1428هـ = 31/1/2007م.
(2) الشيخ الدجيلي: عباس بن محمد بن الزبيدي، ولد في النجف سنة 1385هـ تخرج من كلية التربية قسم التاريخ في جامعة الموصل سنة 1409هـ، وهو الآن عضو اتحاد المؤرخين العرب، ومسؤول شعبة الإعلام والعلاقات العامة في مديرية الوقف الشيعي في النجف، كما أنه عضو في العديد من الإتحادات الأدبية، من مؤلفاته: الدرر البهية في أنساب عشائب النجف العربية، النجوم الزاهرة، ومقبرة وادي السلام الطريق إلى الخلود. هذا وقد قدم لنا سماحته بعض المعلومات عن المسجد فجزاه الله عن الاسلام خير جزاء المحسنين.
(3) رسالة الشيخ الدجيلي بتاريخ: 13/12/2009م = 25/12/1430هـ.
(4) رسالة الشيخ الدجيلي.
(95)
متراً وبقطر 29 متراً وعمل لها من الخارج حزام من الكاشاني الكربلائي كتبت فيه سورة الكهف(1) بخط الخطاط جاسم العكايشي(2). بالإضافة إلى تشييد مئذنة بارتفاع 21 متراً، وقد كسيت أرض وجدران الحرم بالمرمر الهندي والتركي، كما وجدد الضريح المقام على موضع الرأس الشريف والذي يقع في وسط حرم المسجد، والضريح المشبك صنع على شكل دائري قطره 2,5 متر وبارتفاع ثلاثة امتار صنع من الخشب الساج والفضة، كما وجهز الحرم بعدد ممن اجهزة التكييف الحديثة واجهزة الانارة والثريات الحديثة(3).
* في سنة 1428هـ بدأت المرحلة الثالثة من الاعمار وذلك في شهر محرم، حيث تم إكساء الصحن الخارجي بالمرمر الهندي واليوناني والطابوق الابيض واستحدثت فيه حدائق ونافورات ومنظومة مياه حديثة، ونصبت شجرة على شكل نافورة وهي من صنع النحات محمد علي الجنابي(4)، كما وحفرت بئر بعمق 25 متراً وعليها مضخة تصفية مياه، فكانت مساحة الأرض المبلطة ثلاثة آلاف متر، ومساحة الحدائق ألف متر، وقد كتب على واجهة الحرم من الخارج سورة الرحمان(5) بخط العكايشي وصنعت من النحاس المطلي بالذهب، واستبدل السياج الخارجي بسياج آخر من الطابوق المشبك وبارتفاع 2,5 متر وللصحن بابان أحدهما من جهة الشمال والآخر من جهة الجنوب ارتفاع كل منهما ستة أمتار ومثلها بالعرض، وقد غلفت أطرافهما بالقاشاني الكربلائي والمرمر، وقد غرس في رصيف الساحة ثلاثون نخلة وعدد من أشجار الورد(6) كما يظهر من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الكهف: رقمها 18، وآياتها 110 آية.
(2) جاسم العكايش: من خطاطي النجف الأشرف ولا زال على قيد الحياة ولم نتمكن من الحصول على معلومات عنه.
(3) راجع رسالة الشيخ الدجيلي.
(4) محمد علي الجنابي: من فناني النجف الأشرف وهو معاصر إلا أننا لم نتمكن من معرفة ترجمته.
(5) سورة الرحمان: رقمها 55 وآياتها 78 آية.
(6) راجع رسالة الشيخ الدجيلي.
(96)
الصور التي حصلنا عليها(1) إن القبة مرتكزة على ستة أعمدة كسيت من الداخل بقطع من المرايا ذات الأشكال الهندسية يتخللها أسماء المعصومين الأربعة عشر عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام، وفي قاعدتها توجد كتيبة دائرية كتبت فيها سورة عم من البسملة إلى قوله تعالى: (لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً)(2) على أرضية قاشانية خضراء.
كما يظهر أن الحرم دائري كما الضريح وفي سقفه نتوءات زادته جمالية استخدمت فيها نقوش هندسية ومرايا وأضوية وأحيط جداره الملاصق بالسقف بكتيبة حزامية من أرضية قاشانية زرقاء كتب فيها سورة الإنسان(3) وهناك رواق خاص بالنساء على جانب الحرم الدائري: مفتوح قسم منه على الحرم الدائري يشابه في طرز بنائه هذا الحرم الدائري إلا أنه ليس بدائري وله حزام من القاشاني كتبت فيه سورة الإسراء(4) وفي القسم المفتوح تبدو أعمدة الحرم الدائري، ولا يخفى أن القسم المفصول بين الرواق والحرم مفصول بجدار نصفي غير مرتفع إلى السقف، وفي احدى مساحات الرواق يوجد منفذ في السقف على شكل قبة صغيرة كتب في حزامها سورة الناس(5) مع البسملة والتصديق ومما تجدر الإشارة إليه أن البناء بشكل عام مبني من ااسمنت المسلح، وأما جدار الصحن فهو مبني من الطابوق ويتخلله مشبكات هلالية من الحديد بحيث يمكن من الخارج رؤية الداخل.
هذا وقد كتب على باب المسجد على القاشاني الأزرق وذلك باللون الأبيض في خمسة أسطر ما يلي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ولا يخفى أننا كلفنا الأخ الفاضل اللواء عبد الزهرة بن محمد بن عبد الحسن الأسدي المولود في كربلاء سنة 1364هـ المتخرج من كلية الشرطة بذي قار سنة 1388هـ وسكن النجف ولا زال بتحصيل المعلومات عن هذا المقام، له من المؤلفات: قراءات في الجزء الأول من السيرة الحسينية من دائرة المعارف، كما له عدد من المؤلفات في العلوم القرآنية.
(2) سورة عم، الآية: 24.
(3) سورة الإنسان: رقمها 76، وآياتها: 31.
(4) سورة الإسراء: رقمها 17، وآياتها: 111.
(5) سورة الناس: رقمها 114، وآياتها: 6.
(97)
«بسم الله الرحمن الرحيم»، (في بيوت أذن الله أن ترفع)، (ويذكر فيها اسمه)(1)، صدق الله العلي العظيم».
«مسجد الحنانة السامي علا فتعـالى شأنه في النشأتين»
«كيف لا يرفعه الله علاذ وبه قد وضعوا رأس الحسين»(2).

مدخل مسجد الحنانة
كما كتب باللون الأبيض على أعلى الجدار الدائري والذي هو أحد المداخل الرئيسية للحرم على القاشاني الأزرق في سطرين جاء في الأول البسملة ثم قوله تعالى: (أم حسبت أن أصحاب الكهف وارقيم كانوا من آياتنا عجبا)(3) ثم التصديقة كما البسملة في دائرتين.
وجاء في السطر الثاني بخط أكبر: «مسجد الحنانة – موضع رأس الحسين «عليه السلام».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النور، الآية: 36.
(2) هذين البيتين للسيد مهدي الأعرجي سبق واوردناهما مع بيتين آخرين كانت ثابتة على مدخل هذا المسجد، ولكن نقلا هنا باختلاف يسير.
(3) سورة الكهف الآية: 9.
(98)

 

المدخل الرجالي للحرم الجناني

الضريح الدائري الجديد
(99)

الضريح الدائري وتظهر الأعمدة الستة للقبة
* في سنة 1429هـ جدد بناء مسجد الحنانة من قبل ديوان الوقف الشيعي في بغداد وافتتح في يوم ولادة الإمام الحسين «عليه السلام» حيث جرت الاحتفالات بهذه المناسبة من قبل ديوان الوقف الشيعي(1) واستهل الاحتفلات بتلاوة آي من الذكر الحكيم بعدما ألقى السيد صالح الحيدري رئيس ديوان الوقف الشيعة كلمة بهذه المناسبة استعرض فيها مراحل الأعمال التي يقوم بها الديوان في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ولا يخفى أن الوقف الشيعي منذ سقوط النظام البائد يقيم احتفالاً سنوياً بمناسبة مولد الإمام الحسين «عليه السلام» وكانت هذه الخامسة.
(100)
عدد من العتبات المقدسة ومنها اكتمال المرحلة الثانية من إعمار مسجد الحنانة حيث لم يبق من العمل سوى المرحلة الثالثة التي تتضمن بعض الأعمال البسيطة، وتلتها كلمة للسيد محمد بحر العلوم، وقد أشاد بالجهود التي بذل من قبل ديوان الوقف الشيعي لاحياء هذا المكان المقدس مسجد الحنانة موضع رأس الإمام الحسين «عليه السلام»، ثم تلتها قصائد وكلمات بالمناسبة واخيراً قام السيد الحيدري وبحر العلوم بقص شريط المعرض الخامس للوقف الشيعي الذي ضم عدداً من الصور التي عكست وأبرزت انجازات حملات الإعمار التي يقوم بها ديوان الوقف الشيعي في عموم العراق(1).
وما تجدر الإشارة إليه أن القبة من الداخل تحتوي على اسماء الأئمة الأطهار من الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف أثبتت على المرايا الهندسية التي تكسو مقعر القبة كما ويتخللها اثنتا عشرة نافذة مدورة الشكل مما زادته جمالاً.

القبة من الداخل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) موقع المركز الإعلامي للبلاغ بتاريخ: 8/9/2008م وفيه وقد حضر الاحتفال السيد عبد الحسين الموسوي رئيس مجلس محافظة النجف ومدير ديوان الوقف الشيعي في النجف السيد كمال الفضلي وعدد من مدراء الدوائر في المحافظة.
(101)

 

القبة من الداخل والضريح والمنافذ المدورة

حرم المسجد – مصلى للرجال
ومن الملاحظ أن أطراف أسقف الحرم تحتوي على أربعين شباكاً مستطيل الشكل ينفذ منه النور ويساعد على التهوية.
(102)

 

رواق النساء وتظهر القبة الصغيرة

جانب آخر من رواق النساء


ويلاحظ الجانب المشترك مع المسجد الذي خصص للرجال
(103)

سقف رواق النساء بما يحتويه من نقوش
واخيراً فممن وصلنا ذكره في تولي سدانة هذا الصرح المقدس هم كالتالي:
1- الشيخ باقر الربيعي(1) سنة 1323هـ.
2- الحاج محمد الدروغي(2) سنة 1362هـ.
3- إدارة المسجد من قبل ديوان الوقف الشيعي(4) سنة 1425هـ(5).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) باقر الربيعي: هو ابن عبد النبي بن محمد بن عيلوي بن حسين بن محمد بن حسن بن حمزة بن دراغ بن عبد الله القريشي (1287 – 1362هـ) كان من الفضلاء تولى بالاضافة إلى سدانة مسجد الحنانة مرقد كميل بن زياد النخعي.
(2) محمد الدروغي: هو ابن باقر بن عبد النبي (1326 – 1421هـ) كان رجلاً فاضلاً، تولى السدانة بعد وفاة أبيه سنة 1362هـ، كما آلت إليه سدانة مرقد كميل بن زياد.
(3) جاسم الدروغي: هو ابن محمد بن باقر (ن1360 - ...هـ) تولى سدانة المسجد والمرقد حينما مرض والده وذلك قبل وفاته بحدود سنة.
(4) تحولت السدانة بعد سقوط النظام إلى ديوان الوقف الشيعي.
(5) رسالة الشيخ الدجيلي.
(104)

القبة في طور البناء

31

المئذنة في طور البناء
(105)

القبة والمئذنة

القبتان الكبيرة التي تعلو الضريح والصغيرة التي تعلو رواق النساء
(106)33

القبتان والمئذنة من الخارج

المنظر العام للمبنى بما فيه السياج للصحن
(107)35

37

جانب من السياج
(108)


مقام الرأس في العقر (الموصل)


العقر: بفتح العين وسكون القاف موضع على بعد فرسخ من الموصل إلى الجنوب الغربي منه، وهو اليوم أصبح جزءاً من مدينة الموصل.
جاء في نفس المهموم: وأما مشهده بالموصل فهو كما في روضة الشهداء(1) ما ملخصه: إن القوم لما أرادوا أن يدخلوا الموصل ارسلوا إلى عامله أن يهيىء لهم الزاد والعلوفة وأن يزين لهم البلدة، فاتفق أهل الموصل أن يهيئوا لهم ما أرادوا وأن يطلبوا منهم أن لا يدخلوا البلدة بل ينزلون خارجها ويسيرون من غير أن يدخلوا فيها فنزلوا ظاهر البلد على فرسخ منها ووضعوا الرأس الشريف على صخرة(2)، فقطرت عليها قطرة دم من الرأس المكرم فصارت تنبع ويغلي منها الدم كل سنة يوم عاشوراء، وكان الناس يجتمعون عندها من الأطراف ويقيمون مراسم العزاء والمآتم في كل عاشوراء، وبقي هذا إلى أيام عبد الملك بن مروان فأمر بنقل الصخرة فلم ير بعد ذلك منه أثر، ولكن بنوا على ذلك المقام قبة سموه مشهد النقطة(3).
ويقال لهذا المقام «مشهد النقطة» أيضاً وربما قيل له: «مشهد النقطة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) روضة الشهداء: 458 النص بالفارسي قام القمي بترجمته في نفس المهموم.
(2) جاء في مقتل الحسين لابي مخنف: 182 تفصيل عن مقاومة أهل الموصل لحاملي الرأس الشريف وحاولوا أن يسرقوا منهم الرأس الشريف لكي يدفنوه عندهم ليكون لهم فخراً إلى يوم القيامة، وفي ناسخ التواريخ (قسم حياة الحسين): 3/102 وردت تفاصيل أخرى عن والي الموصل وأهلها حيث كانوا من أتباع أهل البيت «عليهم السلام»، ويذكر بأن الرأس الشريف والذي كان على الرمح وضع على صخرة خارج الموصل فقطرت قطرة من الدم على الصخرة.. الحديث، راجع أيضاً روضة
(3) نفس المهموم: 388، راجع الكامل للبهائي: 2/291.
(109)
الحسينية» حيث ورد في المصادر التي كتبت عن المشاهد المتواجدة في الموصل ما يلي:
مشهد النقطة الحسينية، يقع قرب دبر سعيد(1) جنوب الموصل، وأقدم من ذكره الهروي(2) قال: وبالموصل مشهد رأس الحسين رضي الله عنه، كان به لما عبروا بالسبي، وسبب بناء المشهد المذكور – فيما ذكره صاحب الانتصار للاولياء(3) أنه بعد قتل الإمام الحسين حملوا رأسه إلى الشام ومروا به من دير سعيد وباتوا بقربه، وكان رأس الحسين في مخلاة(4) فعلم به أحد رهبان الدير، فأخذه وغسله، وطيبه، وبيته عنده ليلة واحدة، وقطرت من الرأس قطرة دم على الأرض التي باتوا فيها فبنى الراهب مشهداً في المكان المذكور وسمي مشهد النقطة الحسينية(5) وصار مدفناً لنقباء الموصل(6).
ويترتب على ذلك ما يلي:
* ليلة 22/1/61هـ (الاربعاء) بات الرأس الشريف في العقر وهو في ركب الأسر(7) وقد وضع الرأس الشريف على صخرة فقطرت قطرة دم عليها(8).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دير سعيد: أو دير سعد وسيأتي الحديث عنه بالتفصيل.
(2) الهروي: هو علي بن أبي بكر بن علي المكنى بابي الحسن (ن540 – 611هـ) ولد في الموصل وتوفي في حلب من المؤرخين والخطاطين، حيث كان يخط على الجدران، من آثاره: الاشارات إلى معرفة الزيارات، التذكرة الهروية، والخطب الهروية.
(3) صاحب الانتصار للأولياء الاخيار: هو يوسف بن عبد الجليل المردي كان حياً سنة 1241هـ.
(4) المخلاة: ما يجعل فيه الخلى وهو العشب، والجمع مخال.
(5) الانتصار للاولياء (مخطوط)، ومنهل الاولياء (مخطوط) وعنهما الموصل في العهد الأتابكي: 165.
(6) الموصل في العهد الاتابكي: 165 – 166، وفيه أن بقربه قطع رأس عمرو بن الحمق الصحابي وحمل إلى معاوية ومدفنه هناك.
(7) تاريخ المراقد: 5/95.
(8) روضة الشهداء: 1/45.
(110)
* سنة 73هـ أو ما بعدها(1) أمر عبد الملك بن مروان(2) بقلع الصخرة التي في العقر كي لا يجتمع الناس عندها أيام عاشوراء التي كانت ترشح بالدم(3).
* بعد عام 86هـ(4) اقيم هناك مقام للرأس وشيدت عليه قبة وعرف بمشهد النقطة(5).
* قبل سنة 604هـ كان المشهد عامراً بالوافدين والجلسات الدينية وقد زارها الشاعر ابن الحكاك(6) فأنشأ عن المشهد ابياتاً من بحر البسيط:
رهبان دير سعيد بت عندهم في ليلة نجمها حيران مرتبك
فجاء راهبهم يسعى، وفي يده مدامة، ما على شرابها درك
كالشمس مشرقها كأس، ومغربها فم النديم، وكف الساقي الفلك
ما زلت أشربها حتى زوت نشبى عني كما زويت عن فاطم فدك
من كف أغيد تحكي الشمس طلعته في خده الورد والنسرين مندعك(7)
* في سنة 646هـ كان المشهد عامراً بالدرس والاحتفال بعيد الغدير ومجالس عاشوراء(8).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تولى الحكم عبد الملك بن مروان الأموي في رمضان سنة 73هـ وتوفي في شوال سنة 86هـ.
(2) عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي(26 –86هـ) رابع من حكم من الأمويين حيث حكم قبله أباه وخلفه ابنه الوليد.
(3) روضة الشهداء: 458 وعنه نفس المهموم: 388.
(4) إنما حددناه بسنة 86هـ لأن عبد الملك بن مروان توفي فيها وربما كان ذلك بعد ذهاب دولة بني أمية سنة 10هـ
(5) نفس المهموم: 388 عن روضة الشهداء: 458.
(6) ابن الحكاك: لعله هو جعفر بن يحيى بن إبراهيم المكي التميمي (410 – 485هـ) درس في بغداد، وكان من المحدثين والفضلاء عرف ابن الحكاك بالمعرفة والحفظ والاتقان والفقه والصدق وكان يلقي الدرس في مكة – راجع سير اعلام النبلاء: 19/131، ولكن لم يذكر أن له شعر.
(7) الموصل في العهد الاتابكي: 80.
(8) الموصل في العهد الاتابكي: 77.
(111)

38

دير مار ايليا
* في سنة 652هـ قام بدر الدين لؤلؤ(1) اعتنى بالمشهد وزخرفه وزوقه وجعل له سادناًَ، وكان يتردد إلى زيارته، كما حصل ذلك مع بقية المشاهد المنسوبة إلى أهل البيت(2).
* ونقل لي الشيخ محمد علي الموصلي(3) بأن المقام كان عامراً أيام الرخاء في المنطقة وبعد الحرب العراقية الايرانية في عهد صدام حسين لم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بدر الدين لؤلؤ: صاحب حلب وقد سبقت ترجمته.
(2) الموصل في العهد الأتابكي: 77.
(3) محمد علي بن حسين بن علي المولى، ولد في النجف سنة 1368هـ وهو من الموصل، ودرس في النجف، تولى مهام بلده الموصل بعد وفاة والده وبعد الاضطرابات الأخيرة ونشاط التكفيريين في العراق انتقل إلى موسكو للقيام بمهامه في الجالية التركمانية هناك حيث يشرف على مؤسسة آل البيت فيها، يجيد اللغة التركية الآذرية والروسية بالاضافة إلى العربية، ترجم 25 كتاباً عربياً إلى اللغتين مثل الوهابية في الميزان للسبحاني إلى الروسية، عقائد الإمامية للمظفر إلى الروسية، وتوضيح المسائل للسيستاني إلى الآذرية.
(112)
نجد له أثراً حيث هو في معسكر الغزلاني(1) وقال كان يعلوه قبة خضراء صغيرة والناس يفدون إليه(2).
ونقل لي الدكتور إبراهيم عرفات(3): إن مقام رأس الحسين «عليه السلام» قائم في سرداب كنيسة (حاوي الكنيسة)(4) في حي النجار الواقع على بعد كيلومترين غرب الموصل القديمة، واصبحت المنطقة في عصرنا الحاضر جزءاً من مدينة الموصل، والكنيسة الحالية أقيمت على آثار الكنيسة القديمة وآثار القديمة منها لا زالت موجودة، وهو بدوره نقل عن صديق له وهو الحاج عباس التركماني(5) عندما كان ينقل مواد بناء لكنيسة إلتقى بكبير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معسكر الغزلاني: جاء في موسوعة ويكبيديا (الموسوعة الحرة) بتاريخ: 16/2/2009م، أن دير مار إيليا يقع في الجانب الايمن من نهر دجلة جنوب الموصل داخل معسكر الغزلاني (سابقاً) وهو دير مار إيليلا يقع في الجانب الايمن من نهر دجلة جنوب الموصل داخل المعسكر الغزلاني (سابقاً) وهو دير خال من الرهبان حالياً، أسسه الراهي إيليا الحبري في نهاية القرن السادس الميلادي والذي جاء من مدينة الحيرة وترك كل ما يملكه ورحل من مدينته للتنسك حيث قصد نصيبين لطلب العلم ثم بنى ديره هذا بعد ذلك، وكان فيه عدد كبير من الزخارف والنقوش وفي سنة 1156هـ (1743م) قام قائد فارس بتدميره وبقي مهملاً ولحد الآن، ويحتفل الناس بعيد مؤسسه في أسبوع الخريف.
ويسمى ها الدير بالدير السعيد نسبة الى سعيد بن عبدالملك بن مروان الأموي والذي كان أميراً على الموصل في عهد أبيه حيث أبدى اهتماماً كبيراً بالدير، ثم عرف بالدر الخربان لما تعرض من الهدم أيام السلطان نادر الافشاري سنة 1156هـ، وذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان: 2/515أنه يقع غربي الموصل قريباً من نهر دجلة، وللسري الرفاء في وصف الدير رائيه جميلة.
(2) مكالمة هاتفية بتاريخ 6/11/2009م.
(3) ابراهيم عرفات: هو ابن محمد صالح ولد سنة 1367هـ في قرية السلامية التابعة لقضاء الحمدانية التابعة للموصل، وهو يقيم في الموصل منذ خمسين عاماً، ويمارس الطب الأسنان وجراحة الوجه والفكين.
(4) كنيسة حاوي: تقع الآن على الضفة الغربية من نهر دجلة، ويعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الثالث قبل الهجرة(4م) وذلك علىيد الراهب مار ميخائيل ويلقب برفيق الملائكة وقد ولد في قرية سوسنة في ديار بكر التركية وسكن الموصل وفيها دفن، وتقع الكنيسة على رابية.
(5) عباس التركماني: توفي سنة 1420هـ وهو صاحب سيارة أجرة من نوع الشاحنة، من أهل الموصل.

(113)

القساوسة، ولما عرف منه أنه شيعي إمامي، وأنه صاحب اخلاق طبية واخلاص وأمانة في العمل، قال له: سأريك ما لم تره في حياتك وهذا سر أرجو أن لا تبيح به حتى أموت، فتعهد الرجل له بذلك فنزل معه إلى سرداب الكنيسة وأراه موضعاً في وسطه سواد أكثر من السواد المحيط بالموضع، وقال له: هذا موضع رأس الحسين.
وأضاف عرفات: إن صورة الإمام الحسين عليه السلام رسمت هنا، وهو يؤكد صحة المعلومات التي نقلنا عن صديقة(1).
ويذكر أهالي تل أعفر أن ركب الأسر الحسني لما مر من تل أعفر توقفوا فهيا عند قلعتها، ويدعون أيضاً بأن هناك أثراً يتناقله الناس عن أسلافهم ولا يخفى أن الركب مر بها نهار يوم الخميس في 23/1/61هـ وإليك صورة القلعة تل أعفر:

ش975
39
(39)

قلعة تل أعفر

ويروى أن الإمام الحسين عليه السلام لما التقاه عبدالله بن الزبير في المدينة قال له: لو جئت إلى مكة فكنت بالحرم؟ فقال الإمام عليه السلام «لا نستحلها ولا تستحل بنا، ولأن أقتل على تل أعفر أحب إلي من أن أقتل بها»(2).

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) مكالمة هاتفية مع المركز الحسيني للدراسات في لندن ـ بواسطة الدكتور نضير الخزرجي.
(2) بحار الأنوار: 45/85 عن كامل الزيارات: 72، ومقولة الإمام عليه السلام كانت مثالاً للبعد عن الحرم، وربما أراد المعنى اللغوي لـ«تل أعفر».

(114)

مقام الرأس في نصيبين

نصيبين: بفتح النون وكسر ثانيها، واياء الثانية علامة الجمع الصحيح، وهي بلدة تقع اليوم في تركيا على حدودها مع سوريا تبعد عن سنجار تسعة فراسخ(1)، وكانت تقع في طريق القوافل من الموصل إلى الشام.
جاء في الكامل: إنهم لما وصلوا الى نصيبين أمر منصور بن إلياس(2) بتزيين البلدة فزينوها بأكثر من ألف مرآة، فأراد الذي معه الرأس الشريف أن يدخل البلد فلم يطعه فرسه فبدله بفرس آخرفلم يطعه وهكذا فإذا بالرأس الشريف قد سقط إلى الأرض فأخذه إبراهيم الموصلي(3) فتأمل فيه فوجده رأس الحسين عليه السلام فلامهم ووبخهم فقتله أهل الشام، قم جعلوا الرأس خارج البلد ولم يدخلوه به(4)
وعلق القمي قائلاً: ولعل مسقط الرأس الشريف صار مشهداً.
• في ليلة 24/1/61هـ سعط الرأس الشريف على الأرض(5).

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي 49,5 كيلومتر على ما في معجم البلدان: 5/288.
(2( منصور بن إلياس: لم نعثر على ترجمته، ولكن الذي يفهم من النص بأنه كان والياً على مدينة الموصل آنذاك، ولم يكن من الموالين لأهل البيت عليهم السلام خلافاً لابراهيم الموصلي.
(3) إبراهيم الموصلي: لا شك أنه ليس هو إبراهيم بن ماهان بن بهمن الموصلي(115ـ 189هـ)
(4) نفس المهموم: 389 عن الكامل: 2/292 أن حملة الرأس بعد أخذ ورد مع أهل نصيبين تركوها وتوجهوا إلى ميافارقين وهي أحدى مدن ديار بكر والواقعة غربيها.
(5) تاريخ المراقد:5/93.

(115)

مقام الرأس في حلب
مشهد النقظة

هناك على بعد 21,25كيلومتراً(1) من مركز مدينة حلب وفي جنوبها الغربي مشهد باسم الإمام الحسين عليه السلام عرف بمشهد النقطة، وقبل الحديث عن التفاصيل ذلك لا بد من تحديد الموقع تاريخياً ثم جغرافياً حيث استوقفنا المكان الذي وضع فيه الرأس الشريف وهل هو مجرد رؤيا رآها سيف الدولة(2) أم هناك أمر آخر وما هي خصوصية هذ المكان، والكلام عن مدينة قنسرين وحلب وكنا على وشك أن نشمر عن سواعدنا لأن نحقق في ذلك من الجهتين التاريخية والجغرافية فوجدنا أن صديقاً عزيزاً(3) قد سبقنا الى ذلك وكانت النتائج جيدة ذات صدقية عالية فاعتمدناه وأوجزنا ما أورده في كتابه آثار آل محمد في حلب(4) فإنه يصرح بأنه هو الآخر بقي في جيرة

ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 5/99وجاء في تاريخ مشهد الأمام الحسين في حلب للمكي: 11، أن قنسرين التي تقع إلى الجنوب الغربي من حلب تبعد عنها 25كيلومتراً.
(2) سيف الدولة: هو علي بن عبدالله بن حمدان التغلبي (303ـ356هـ) ولد في ميافارقين (في ديار بكر في تركيا) وتوفي في حلب، من أمراء الإمامية حكم سنة 333هـ وكانت عاصمته حلب وكان المنتبي شاعره، وقد قرب الأدباء والعلماء، وله آثار عمرانية.
(3) الصديق العزيز: هو الشيخ إبراهيم بن فرج نصر الله النبلي ولد في 22/7/1368هـ في نبل احدى قرى حلب، بعدما أنهى دراساته الأولية في بلاده ارتحل إلى كربلاء سنة 1381هـ للالتحاق بحوزتها ثم النجف وبعدما رجع إلى بلاده ليتولى مسؤولياته الدينية في مسقط رأسه، تولى الاشراف على النقطة سنة 1388هـ. له مؤلفات منها: حلب والتشيع، آثار آل محمد في حلب، وقد أمدنا بكثير من المعلومات والصور فجزاءه الله عن الاسلام خير جزاء المحسنين.
(4) راجع آثار آل محمد في حلب: 45ـ52.

(116)

من الأمر مدة من الزمن أمام المصادر التي اختلفت نصوصها وتناقضت أحياناً إلى أن وقف على نص قديم انقذه من الحيرة وهو نص ابن عديم(1) المتوفى سنة 660هـ حيث يقول نقلا عن خط ابن الخشاب(2) عن أبن أبي جرادة(3): كانت حلب في أول الاسلام إلى آخر ملك بني أمية مضافة الى قنسرين(4) ومعدودة من أعمالها، وذلك قل ذكرها في الأخبار عن ذلك الزمان، ثم تدرجت في العمارةوقنسرين في الخراب حتى صارت مضافة إلى حلب(5) في أيام بني العباس، ووليها لهم جماعة من الهاشميين»(6).

إن المصادر التي تتحدث عن نزول الاسرى بقنسرين قرب دير فيها، إنما تعني حلب والدير الذي كان يقربها، وعلى ضوء النص المتقدم نكتشف في الوقت نفسه حقيقة تاريخية هامة أن المصادر التي ذكرت قنسرين ـ في مسألة الرأس الشريف ـ أ،ها تتحدث بلغة العصر الإسلامي الأول إلى نهاية العصر الأموي لذكرها قنسرين عوضاً عن حلب، وان الاخبار التي تتعلق في حلب في ذاك العصر كانت تنسب إلى قنسرين لأنها مضافة إليها، وبقيت تلك الأخبار تنقل إلى عصرنا هذا كما رويت من أول يوم حفاظاً على امانة النقل»(7).

ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ابن العديم: هو عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي (588ـ660هـ) ولد في حلب وتوفي في القاهرة، مؤرخ محدث شاعر له: زبدة الحلب في تاريخ حلب، سوق الفاضل، والتذكرة.
(2) ابن الخشاب: هو الحسن بن إبراهيم (توفي قبل عام 660هـ) يكنى بأبي محمد ويلقب بـ «بهاء الدين» من اعلام حلب في القرنين السادس والسابع كان معاصراً لابن عديم المتوفى سنة 660هـ وقد توفي في حياته، وكان مؤرخاً.
(3) إبن أبي جرادة: هو علي بن عبدالله بن محمد المكنى بأبي الحسن (461ـ546هـ) ولد وتوفي في حلب كان راوياً محدثاً وشاعراً أديباً من اعلام الامامية في حلب، وكان غزير الفضل له إلمام باللغة والأدب والحساب والنجوم، حسن الخط كتب لنفسه ثلاث خزائن كتب وأخريات لآخرين ـ راجع حلب والتشيع: 115.
(4) كانت قرية تابعة لقنسرين التي هي مدينة كبيرة.
(5) حيث أصبحت قنسرين بعد خرابها تابعة لمدينة حلب بعدما توسعت.
(6) بغية الطلب في تاريخ حلب: 591(نهاية الجزء الأول).
(7) آثار آل محمد في حلب: 42.

(117)
ويواصل المحقق في تحقيقه عن الدير الذي نزل بقربه الأسرى والذي وضع فيه الرأس الشريف فيقول: كان يعرف بدير مارت مروثا، وينقل عن باقوت الحموي(1) أنه كان على سفح بل جوشن مطل على مدينة حلب، وعلى العوجان(2) والذي قال عنه الخالدي(3). هو صغير وفيه مسكنان ـ غرفتان ـ أحدهما للنساء والآخر للرجال، ولذلك يسمى بالبيعيتن، وقل ما مر به سيف الدولة إلا نزل به، وكان يقول: كانت والدتي محسنة إلى أهله وتوصيني به، وفيه بساتين قليلة وزعفران، وفيه يقول التميمي(4) من المجتث:

يا دير مارت مروثا ســـــفيت غيثاً مغيثا
فأنت جنة حسن قد حزت روضاً أثيثا

ثم يقول الحموي: ذهب ذلك الدير ولا أثرله الان وقد استجد في موضعه الآن مشهد زعم الحلبيون أنهم رأوا الحسين بن علي (رضي الله عنهما) يصلي فيه فجمع له المتشيعون بينهم مالأً، وعمروه أحسن عمارة واحكمها، وفيه يقول بعض الشاميين من المجتث:

بدير مارت مروثا الـ ـشريف ذي البيعتين
والراهب المتحلي والقس ذي الطمرتين
إلا رثيت لصب مشارف للحسيــــــن
فد شفه منك هجرٌ من بعد لوعة بيـــــن(5)

ـــــــــــــــــــ
(1) ياقوت الحموي: مرت ترجمته.
(2) العوجان: هو نهر قويق، جاء بغية الطلب: 411«ويسمى قويق في ذلك الموضع العوجان».
(3) الخالدي: لعله هو أحد الأخوين الخالدين الشاعرين الموصليين: سعيد بن هاشم المتوفى سنة 371هـ، أو محمد بن هاشم المتوفى 380هـ.
(4) التميمي: هو الحسين بن علي: هو حفيد بن يحيى النيسابوري المتوفى سنة 375هـ، يعرف بابن منينة، ويعرف بـ«حسينك» وهي بالفارسية تعني مصغر الحسين ـ راجع الوافي بالوفيات: 13/18، ولم أجد غيره في كتب التراجم.
(5) معجم البلدان: 2/531.

(118)

ويقول المحقق: إن هذا الدير كان يستقبل القادم من الجنوب فيحط على سفح جبل جوشن بالقرب من الدير وفيه يقول الصنوبري(1) من الرمل:

رب ملقي الرحل منها حيث تلقى بيعتاها(2)
بل لربما كان سيف الدولة في غزواته وحروبه يجعل آخر عهده به في ذهابه، وأول عهده به في إيابه لسر كان فيه.
ويتابع المحقق في تحقيقه عن جبل الجوشن والمسمى بجبل النحاس أيضاً لينقل عن ياقوت الحموي: جوشن: بالفتح ثم السكون، والجوشن: الدرع، وجوشن ـ أسم ـ جبل مطل على حلب في غربيها في سفحه مقابر ومشاهد للشيعة، وقد أكثر شعراء حلب من ذكره جداً، فقال ابن أبي الخرجين(3) من الطويل:

عسى مورد م سفح جوشن ناقعُ فإن إلى تلك الموارد ظمآنُ(4)
ويقول الحموي: قرأت في ديوان الخفاجي(5) عند قوله من الكامل:
يا برق طالع من ثنيه جوشن حلباً، وحي كريمة من أهلها(6)

ـــــــــــــــــــــــــ
(1) الصنوبري: هو أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الانطاكي المتوفى سنة 334هـ من فحول شعراء الإمامية، وقد أتصل بسيف الدولة الحمداني، جمعت أشعاره في عدد من الدواوين.
(2) ديوان الصنوبري: ، آثار آل محمد في حلب: 43.
(3) ابن أبي الخرجين: هو منصور بن المسلم بن علي بن أحمد ابي الخرجين النحوي الحلبي المعروف بالدميك (457ـ 510هـ)، له: ديوان شعر، الرد على اعراب الحماسة، وتتمة ما قصرفيه ابن جني في شرح الحماسة، ولد في حلب، وعلم الأطفال في دمشق.
(4) راجع معجم البلدان: 2/86.
(5) الخفاجي: هو عبدالله بن محمد بن سعيد بن سنان (423ـ 466هـ) شاعر حلبي أخذ الأدب عن أبي العلاء المعرين وكانت له ولاية بقلعة عزاز من اعمال حلب، ولما عصي بها اغتيل بالسم وحمل جثمانه إلى حلب، من آثاره: ديوان شعر، وسر الفصاحة.
(6) ديوان ابن سنان الخفاجي: 181 ومع الأسف في هذه الطبعة لم يذكر التفاصيل التي أوردها الحموي نقلاً عن ديوانه.

(119)

جوشن جبل في غربي حلب، ومنه كان يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه، ويقال: إنه بطل منذ عبرعليه سبي الحسن بن علي (رضي الله عنه) ونساؤه، وكانت زوجة الحسين حاملاً فأسقطت هناك فطلبت من الصناع في ذلك الجبل خبزاً وماءً فشتموها ومنعوها، فدعت عليهم، فمن الآن من عمل فيه لا يربح، وفي قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط ويسمى مشهد لادكة، والسقط يسمى محسن بن الحسين رضي الله عنه»(1).
ويتابع المحقق لينقل عن أمات المصادر في سبب تسمية هذا الجبل بالجوشن قائلاً:«قال بعض العلويين لسيف الدولة الحمداني ـ بعدما سألهم ـ فإنا نروي عن آبائنا:
إن هذا المكان سمي بجوشن لأن شمر بن ذي الجوشن نزل عليه بالسبي والرؤوس وانه كان معدناً يعمل فيه النحاس الأصفر، وان اهل المعدن فرحوا بالسبي، فدعت علهيم زينب اخت الحسين ففسد المعدن ممن يومئذ»(2).
وقال ابن العديم: «جبل جوشن وهو جبل غربي مدينة حلب وفي لحفه نهر قويق.. وقرأت بخط بعض الحببين وأظنه بعض أعيان بني الموصل، قال: يقال إنه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين ونساؤه وأولاده عليهم السلام، وان زوجة الحسين كانت حاملاً، وانها اسقطت هناك وطلبت من الضياع(3) في ذلك الجبل خبزاً أو ماءً، وانهم شتموها، ومنعوها فدعت عليهم، وإلى الآن من عمل فيه لم يربح سوى التعب» ويضيف ابن العديم: سمعت بعض شيوخ الشيعة في حلب يقول: كان دعاؤها عليهم، لا أربح الله لكم تجارة، فما ربحوا بعدها(4). وينقل المحقق عن الغزي(5) رواية لها صلة

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) معجم البلدان: 2/186.
(2) آثار آل محمد في حلب: 46 عن الاعلاق الخطيرة لابن شداد: 1/148، الدر المنتخب لابن الشحنة، نهر الذهب للغزي: 2/278.
(3) الضيعة: حرفة الرجل وصناعته وتجارته.
(4) بغية الطلب: 411.
(5) الغزي: هو كامل بن حسين بن مصطفى الپالي الحلبي (1271ـ 1351هـ) ولد وتوفي في حلب، مؤرخ، صحفي، تولى تحرير جريدة الفرات، وعمل رئيساً للجنة الأثار في حلب، له مؤلفات منها: الروضة الغناء، جلاء الظلمة، وكان شاعراً وعضواً في المجمع العلمي العربي في دمشق.

(120)