تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 


4 ـ سيف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبو النجم بدر المستنصري.
5 ـ عضَّدَ اللهُ به الدين وأمتع بطول بقائه أمير المؤمنين وأدام قدرته وأعلى كلمته للمشهد الشريف بثغر.
6 ـ عسقلان مسجد مولانا أمير المؤمنين أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما في شهور سنة أربع وثمانين وأربعمائة (1).
ويذكر بأنّ المنبر في خلال الحروب الصليبية نقل من عسقلان إلى مدينة الخليل الفلسطينية (2) ووضع في مسجد النبي إبراهيم عليه السلام.
ولازال المنبر في مسجد النبي إبراهيم وهو في غاية الإبداع والإتقان (3).
ويبدو أنه أمر بصنع المنبر في هذا العام أعني (484 هـ) ولكنَّه لم ينته منه إلا بعد سنوات ووضع في المشهد بعد الانتهاء مِنْ بناء المشهد سنة 491 هـ أو أنَّه وضع في المشهد القديم، وليس فيه دلالة على أنَّ البناء من المشهد قد انتهى في التاريخ الذي صنع فيه المنبر.
وجاء في كتاب المسجد النبوي: إن المنبر مصنوع من خشب الجوز التركي وقد دقت أجزاؤه بحشوات خشبية مدقوقة بالأويمة (4) البديعة التي تدل بوضوح على دقة صناعة الحفر الغائر، حيث تحمل زخارف نباتية وكتابات بالخط الكوفي المزهر (5) وذكر بأنَّ النص التالي ورد على قوائم المنبر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) مجلة الموسم الهولندية، العدد: 4 / الصفحة: 1084، راجع تراث فلسطين: ۸۰، هامش كتاب الإشارة إلى من نال الوزارة: 5۷، راجع أيضاً: المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: 65، والظاهر أن هذه الكتيبة جاءت على أعلى باب المنبر من الداخل.
(2) جاء في هامش مجلة الموسم أنَّ الذي نقله هو صلاح الدين الأيوبي خشية من الصليبيين.
(3) تراث فلسطين: ۸۰ مجلة العرفان اللبنانية، السنة ۳۳، العدد: ۲، الصفحة: ۱۳۷.
(4) الأويمة: عبارة عن خشبة منحوته بشكل بديع ومطلية بماء الذهب أو بلون ذهبي، وقد يُشار بها إلى آلة (ماكنة) نحت الخشب.
(5) الخط الكوفي المزهر: هو الذي ينتهي قوائمه بأشكال نباتية وهو من خصوصيات الخط الكوفي.


(120)


«الحمد لله وحده لا شريك له محمد رسول الله عليٌّ وليُّ الله صلى عليهما وعلى ذريتهما، سبحان من أقام لموالينا الأئمة نسبهما(1) مجداً، ورفع راية وأظهر معجزاً، كل وقت وآية بين .. (2)، وبها فضلاً عظيماً وعناية وكان من معجزاته تعالى في إظهاره رأس مولانا الإمام الشهيد أبي عبد الله حسين بن علي بن أبي طالب صلی الله عليه وعلى جده وأبيه وأهل بيتهم بموضع بعسقلان كان الظالمون لعنهم الله ستروه فيه إعفاء لنوره الذي وعد تعالى آية لإظهاره لعنة الله على الظالمين وأباد الله تجاذبه به عن دور المخالفين وإظهاره الآن شرفاً لأوليائه الميامين وانشراح صدور شيعته المؤمنین (به عن دور المخالفين الميامين وانشراح صدور شيعته المؤمنين) (3) الذي علم صفاء ضمائرهم في الولاء والدين وإنجاز الحجة على العالمين ورزق الله فتی مولانا وسيدنا معد أبي تميم الإمام المستنصر بالله تعالى أمير المؤمنین صلی الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين السيد الأجل أمير الجيوش سيف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبا النجم بدر المستنصري إظهاره في أيامه فاستخرجه من مكانه وخصه بإجلاله وتکریم مقامه وتقدم بإنشاء هذا المنبر برسم المشهد الشريف الذي أنشأه ودفن فيه هذا الرأس في أشرف محلة قبلة الأمير وصلاة المتقبلين وشفيع المستشفعين والزائرين وبناهُ من أُسِّه إلى علوه وابتاع له الأملاك وحبس منافعها على عمارته وسدنته وجماله لليوم وما بعده إلى أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها وهو خير الوارثين أنفق على جميع ذلك من فضل ما أتاه الله من حل ماله وخالص ما ملکه ابتغاء وجه الله وطلب ثوابه واتباع رضوانه وإعلاء شرف هذا الإمام ونشر أعلامه بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّـهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّـهَ فَعَسَىٰ أُولَـٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ (4) وقال النبي خلفت فیكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) وجاء «مشهداً» بدلاً من «نسبهما» كما في کتاب ملحقات الإحقاق: ۷۲۷.
(2) كذا في الأصل نقاط.
(3) ولا يخفى أن العبارة التي وضعناها بين قوسين قد تكررت على المنبر حسب كتاب «مسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت».
(4) سورة التوبة، الآية: ۱۸.
(121)


يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض كهاتين(1)، ويجب على من يؤمن بالله واليوم الآخر تعظيمه وتشريفه والنظر في مصالحه وعمارة ما يحتاجه في أوانه وتطهيره وكان إنشاء هذا القبر في سنة أربع وثمانين وأربعمائة»(2).
وجاء في أعلى واجهة باب المنبر النص التالي: «بسم الله الرحمن الرحيم نصر من الله وفتح قريب لعبد الله وولیه معد أبي تميم الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنین صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه البررة الأكرمين صلاة باقية إلى يوم الدين مما أمر بعمل هذا المنبر فتاه السيد الأجل أمير الجيوش سيف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبو النجم بدر المستنصري عضَّد الله به الدين وأمتع بطول بقائه أمير المؤمنين وأدام قدرته وأعلى كلمته للمشهد الشريف بثغر عسقلان مسجد مولانا أمير المؤمنين أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما في شهور سنة أربع وثمانين وأربعمائة»(3).
ويذكر أنَّ صناعته تمَّت من ثلاثة آلاف قطعة خشبية دون أن يستخدم فيها المسمار وقد ركب ترکیباً هندسياً بارعاً وهو مصنوع من خشب الأبنوس(4) وقد نقل سنة 587 هـ إلى مدينة الخليل في فلسطين كما سيأتي.
والمنبر يعد تحفة فنية ويحتوي على سلالم، في نهايته الأعلى مقصورة مسقفة يمكن للخطيب أن يقف فيها كما يمكنه الجلوس وعليه قبة خضراء وله مسند من الخشب المحفور بالأشكال الهندسية كما في المقصورة مقرنصات وشرفات خشبية جميلة ذات أشكال هندسية، وأما السلالم فهي مسيَّجة بمقدار نصف متر من ارتفاع السلم وهي على شكل مشبکات خشبية تشبه أضرحة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، وللمنبر باب أثري جميل محفورة في مصراعيه نقوش هندسية ومطعمة بأخشاب بيضاء في قبال الأرضية البُنِّية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) أنظر: معاني الأخبار: ۹۱.
(2) المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: 64، وقريب منه في (مساجد مصر وأولياؤها الصالحون): 1 / 375، والظاهر أنَّ هذه الكتيبة شملت على ما ورد في إطار باب المنبر وفي الإطار الخارجي لمحجّر المنبر من الجهتين.
(3) المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: 65.
(4) منتدى عالم من الابداع والفن الفلسطيني (www.my...yoo7.com).
(122)


اللون، ارتفاعها نحو متر وعليها مقصورة مشابهة لمقصورة مسند الخطيب ويبدو أن ارتفاع المنبر في حدود المترین وأما ارتفاع المقصورة من أرض المسند الذي يجلس فيه الخطيب أكثر من مترين.
ش1149
(52)123

المنبر الفاطمي في المسجد الإبراهيمي في الخليل (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) أُخذت الصورة من موقع منتدى لك.
(123)


• وفي شعبان سنة 491 هـ دخل الأفضل بن بدر الجمالي(1) عسقلان وزار المشهد الحسيني فيها وكان دارساً، وأخرج الرأس الشريف وعطَّره وحمله في سفط إلى أجلِّ دار بعسقلان ثم أنَّه عمَّرَ المسجد الذي كان فيه الرأس الشريف فلما تکامل حمله ثانية على صدره وسعی به ماشياً إلى أنْ أحلّه في مقره، وقيل إنَّ الذي بدأ ببنائه هو أبوه بدر الجمالي ثم انه لمَّا مات كمَّلَه إبنه الأفضل(2).
• في حدود سنة 516 هـ قام السلطان الفاطمي الآمر بأحكام الله الفاطمي(3) بعد أنْ بلغ رشده بإهداء قنديل من الذهب وآخر من فضة إلى مشهد الحسين عليه السلام بعسقلان(4) وربما في مثل هذا الوقت قام المأمون الوزير(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) جاء في هامش الحلل السندسية: ۱۷۱ أنَّ الأفضل ابن أمير الجيش في شعبان سنة 491 هـ خرج بعساکر جمة إلى القدس وكان فيه الأتراك فراسلهم الأفضل في تسليم القدس بغير حرب فامتنعوا فقاتل البلد إلى أنْ استولى عليه، كما استولى على عسقلان وكان بها مكان دارس فيه رأس الحسين عليه السلام فأخرجه وعطّره إلى آخره، وذكر المقريزي في المواعظ والاعتبار: ۲ / ۲۸۳ أنَّ الذين كانوا من الترك في بيت المقدس هما سقمان وایلغازي ابنا الأرتق في جماعة من أقاربهما ورجالهما وعساكر كثيرة من الأتراك. والأرتق هو مؤسِّسُ دولة بني أرتق الذين حكموا دیار بكر وحلب وماردين، وقد حكم سقمان وایلغازي إبنا أرتق من سنة 484 هـ إلى سنة 516 هـ.
(2) مشاهد آل البيت الأطايب في فلسطين: كما في مجلة الموسم الهولندية: 4 / 1084 عن مجلة الزهراء القاهرية، العدد: ۱ / السنة: ۲ / الصفحة: ۳۲، التاريخ: 15 / محرم 1344 هـ عن كتاب البينات: 1 / 8 وهذا ما تؤكده اللوحة التي وضعت عند المشهد في وقتنا الحاضر، راجع أيضاً المواعظ والاعتبار للمقریزي: ۲ / ۲۸۳.
(3) الآمر بأحكام الله الفاطمي: هو منصور بن أحمد المستعلي (490 ـ 524 هـ) ولد وتوفي في القاهرة، حكم بعد أبيه المستعلي سنة 459 هـ وهو صغير وكان الوزير الأفضل بن بدر الجمالي يقوم بشؤون الحكم، وهو عاشر سلاطين الفاطميين.
(4) تاريخ المقريزي: 2 / ۱۷۱.
(5) المأمون: هو محمد بن مختار بن فاتك البطائحي المكنى بأبي عبد الله (478 ـ 522 هـ) لما قُتل الوزير الأفضل عينه الآمر بأحكام الله الفاطمي وزيراً له وذلك في مستهل شهر ذي القعدة عام 515 هـ، ومن هنا نرجح أنَّ إهداءه للقندیل کان في سنة 516 هـ ولربما الآمر بأحكام الله الفاطمي والمأمون أهديا القناديل في وقت واحد.
(124)


بإهداء قنديل من الذهب له سلسلة فضية إلى نفس المشهد (1) على ما يفهم من بعض النصوص(2).
• وفي سنة 548 هـ نقل الرأس الشريف من عسقلان إلى القاهرة على تفصیل سنأتي على بيانه في فصل «الرأس في القاهرة» وقد وصل إلى القاهرة في يوم الأحد الثامن من شهر جمادى الآخرة (3) وكان الأمير على عسقلان آنذاك الأمير سيف المملكة تميم، والقاضي بها هو المؤتمن(4) بن مسكین(5)، وسبب نقله يعزى إلى أنَّ الصليبيين عندما دخلوا القدس سنة 492 هـ عاثوا في الأرض فساداً هدموا ما أمكن هدمه من المراقد والمشاهد وسرقوا القناديل وما غلا ثمنه بعدما قتلوا من المسلمين (6) جمعاً، فمن هنا جاءت فكرة نقل الرأس إلى القاهرة وفديته بمال.
• في سنة 567 هـ على الظاهر نقل صلاح الدين الأيوبي المنبر الفاطمي الذي كان في مشهد الحسين بعسقلان إلى مدينة الخليل ووضعه في المسجد الخليلي وكان هو أول من خطب عليه (7).
• وفي سنة 570 هـ زار الهروي (8) مشهد الحسين بعسقلان وقال: وبعسقلان مشهد الحسين عليه السلام كان رأسه به فلما أخذتها الفرنج نقله المسلمون إلى مدينة القاهرة وذلك سنة 548 هـ (9).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) تاريخ المقريزي: 2 / ۱۷۱.
(2) المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: 6 عن تاريخ المقريزي: ۲ / ۱۷۱.
(3) راجع مشاهد آل البيت في فلسطين، وفي مجلة الموسم: 4 / ۱۰۸۳ كما ذكر ذلك محمد بن علي بن يوسف المعروف بابن میسر الحلبي المتوفى سنة 677 هـ، ويقول إبن تيمية في كتابه رأس الحسين: ۱۹۹ «إن الرأس الشريف نُقل إلى القاهرة في أواخر المائة الخامسة».
(4) المؤتمن بن مسکین: والشهير بعبد الله المؤتمن، ولي القضاء في عهد المستنصر بالله معد بن علي بن منصور الفاطمي الذي حكم منذ عام 4۲۷ هـ حتى وفاته عام 487 هـ.
(5) راجع هامش الحلل السندسية: ۱۷۲.
(6) مشاهير أهل البيت في مصر: ۱۹5.
(7) راجع موقع بلدية الخليل (www.hebroncity.ps).
(8) الهروي: هو علي بن أبي بكر (ن 540 ـ 611 هـ)، مضت ترجمته.
(9) المسجد النبوي الشريف ومزارات أهل البيت: 66.
(125)


• وفي سنة 580 هـ يذكر إبن جبير(1) عندما زار دمشق في ربيع الثاني عن مسجد رأس الحسين عليه السلام: إنَّه مزار عظيم والذي كان بها رأسه الشريف لفترة ثم نقل منها إلى القاهرة، وحينما يتحدث عن سفرته من وإلى القاهرة (2) والتي وصلها في شهر ذي الحجة من سنة 578 هـ ذکر بأنَّ مشهد رأس الحسين عليه السلام بها(3) ممَّا لا يرى للرأس الشريف وجوداً في عسقلان.
• وفي سنة 587 هـ هدم صلاح الدين الأيوبي عسقلان ـ كما سبق ـ وسلم مشهد الحسين عليه السلام من الخراب حيث كانت تقع في الجورة، وقد نقل المنبر الفاطمي من مشهد الحسين بعسقلان إلى مدينة الخليل في فلسطين ووضعه في المسجد الإبراهيمي وقد خطب عليه صلاح الدين الأيوبي في أول خطبة له بها (4) ومن هنا سمي منبر صلاح الدين، وما يرى من علامة فوق باب المنبر «منبر صلاح الدين» فهو من الخطأ التاريخي.
• وفي سنة 548 هـ في حدود أول شهر جمادى الثانية إنتهی تاریخ الرأس الشريف في مدينة عسقلان لمن اعتقد بأنه مدفون بهذا المشهد حيث نُقل حسب مروياتهم إلى القاهرة عبر حكّام الفاطميين فإلى هناك تفاصيل أحداث النقل حيث وصل حَمَلَةُ الرأس إليها في يوم الأحد الثامن من شهر جمادى الثانية من سنة 548 هـ (5)، وسنتحدث عن المسجد بعد نقل الرأس عنه.
وفي سنة 726 هـ جاء وصف المشهد الحسيني في تحفة النظار: بعسقلان المشهد حيث كان رأس الحسين بن علي عليه السلام قبل أن ينقل إلى القاهرة مسجد عظیم سامي العلو فيه جب للماء، أمر ببنائه بعض العبيد (6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) إبن جبير: هو محمد بن أحمد بن جبير الكناني (540 ـ 614 هـ) ولد في فالنسيا ومات في الإسكندرية، أديب وشاعر ورحالة أندلسي، طاف في البلدان واستقر في مصر، من مصنفاته: تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار.
(2) سفرنامه ابن جبیر: ۳۳۰.
(3) سفرنامه ابن جبير: ۷۷، رحلة ابن جبير: ۱۹.
(4) موقع بلدية الخليل (www.hebron city.ps).
(5) راجع المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار: ۳۱۱.
(6) العبيد: ربما في الكلام سقط وكان أصله بعض العبيديين نسبة إلى مؤسس الدولة الفاطمية عبيد الله بن الحسين المهدي المتوفى سنة ۳۲۲ هـ.
(126)


وكتب ذلك على بابه، وفي قبلة هذا المزار مسجد کبیر یعرف بمسجد عمر، لم يبق منه إلا خيطانه، وفيه أساطين رخام لا مثيل لها في الحُسن، وهي ما بين قائم وحصيد، ومن جملتها أسطوانة حمراء عجيبة، يزعم الناس أن النصارى احتملوها إلى بلادهم ثم فقدوها فوجدت في موضعها بعسقلان، وفي القبلة من هذا المسجد بئر تُعرف ببئر إبراهيم عليه السلام ينزل إليها في درج متسعة ويدخل منها إلى بيوت، وفي كل ناحية من جهاتها الأربع تخرج من أسراب مطوية بالحجارة، وماؤها عذب وليس بالغزير، ويذكر الناس من فضلها كثير (1)، وإنْ دل على شيء فهو يدل على ما بناه بدر الجمالي أمير جيوش الفاطميين.
في سنة 1369 هـ وبالتحديد في ۲۰ رمضان (2) أمر موشي ديان (3) بهدم وتفجير مشهد الحسين في عسقلان (4) ضمن حملة تفجير شملت أكثر من ۱۲۰ مسجداً من أصل 160 كانت قائمة في القرى والمدن الفلسطينية قبل عام 1367هـ (1948 م)، وبذلك ترك هذا الأمر وبالأخص هدم مشهد الحسين عليه السلام جدالاً واسعاً بين المسؤولين الإسرائيليين وعلماء الآثار الإسرائيليين وغيرهم وكالعادة لم يعاقب الفاعلون على ذلك رغم الوعود بذلك، وفي 7 / 12 / 1367 هـ (5) قصف الجيش الإسرائيلي قرية الجورة (6).
وجاء في التقرير الذي نشرته الصحيفة أنَّ الطائفة الإسماعيلية قبل سنوات أقاموا على المشهد ما يشبه منصة صغيرة مصنوعة من الحجر في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) تحفة النظار: (رحلة ابن بطوطة): 80.
(2) الموافق لـ 6 / 7 / 1950 م.
(3) موشي ديان: أو موشيه (1370 ـ 1401 هـ)، عسکري وسياسي إسرائيلي، ولد شمال فلسطين ومات في تل أبيب، انتظم في المنظمات الصهيونية منذ صباه، تولى وزارة الزراعة ثم الدفاع، وتقلد المناصب العسكرية وتولى رئاسة الأركان.
(4) نقلاً عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية في ملحقها الأسبوعي.
(5) الموافق 15 / 10 / 1948 م، وورد في صحيفة نيويورك تايمز في التاريخ نفسه أن الجورة كانت من أوائل الأهداف التي قصفتها خلال الحملة.
(6) راجع موقع المعهد العربي للدراسات الاستراتيجية بتاريخ 29 / 5 / 2011 م.
(127)


المكان الذي تواجد فيه المقام ومنذ ذلك الحين يزور الآلاف منهم هذا المكان (1).
في سنة 1406 هـ لا يزال مشهد الحسين عليه السلام مقصوداً بالزيارة، ووصف بأنَّه على نشر من الأرض يطل على أطلال المدينة (2).
قبل سنة 1420 هـ قام الإسماعيليون المصريون المعروفون بالبهرة بأمر سلطانهم برهان الدين (3) ببناء مشهد الحسين عليه السلام في عسقلان (4) كما جاء في اللوحة الزرقاء المخطوطة باللون الأبيض بخط عبري غرست خارج المشهد عند الزاوية الشمالية الغربية، تحتوي على واحد وعشرين سطراً وجاءت ترجمتها كالتالي: «في سنة 656 م (5) فاز علي صهر محمد بالخلافة، وابنه الأصغر حسين قتل في كربلاء في العراق سنة 680 م (6)، أُرسل رأسه إلى دمشق عاصمة الأمويين ودفن في المسجد الكبير، في القرن التاسع أُرسل الرأس إلى مكان آخر من المملكة وهكذا وصل إلى عسقلان، سنة ۱۰۹۸ م (7) إحتل الفاطميون عسقلان وأُرسل رأس الحسين إلى مبنی فاخر (مشهد) في هذا المكان، وفي سنة 1153 م (8) احتلت عسقلان على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) أُنظر موقع منتدى مكتوب (forum.maktoob.com) من مقالة بعنوان «أرشيف الجيش الإسرائيلي وثَّق حملة تفجير المساجد بقيادة موشيه ديان» نشر بتاريخ 21 / 11 / 2007 م، والصحيفة إشارة إلى صحيفة هآرتس في ملحقها الأسبوعي بتاريخ 6 / 7 / 2009 م.
(2) تراث فلسطين: ۸۰، والنص معدل مما ذكره، ويبدو أنه نقله من عبد الله المخلص في مقاله مشاهد آل البيت الأطايب في فلسطين. راجع: مجلة الموسم: 4 / 1082.
(3) برهان الدين: هو محمد برهان الدين ابن طاهر سيف الدين بن محمد برهان الدين، ولد في سورت بالهند سنة ۱۳۳۳ هـ، تولى الزعامة عن أبيه سنة 1385 هـ ويعد الزعيم الثاني والخمسون من طائفة الإسماعيليين البهرة، ومقره في بمباي.
(4) کما بنوا مسجد هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي جد الرسول صلى الله عليه وآله في غزة، ومسجد النبي إبراهيم الخليل عليه السلام في مدينة الخليل.
(5) الموافق لـ ۳6 هـ.
(6) الموافق لـ 61 هـ.
(7) الموافق لـ 491 هـ.
(8) الموافق لـ 548 هـ.
(128)


يد الصليبيين ونقل رأس الحسين إلى القاهرة، مع ذلك لم يفقد المكان قدسيته، ويدل على ذلك الأشجار المعمرة والتي حفظت بفضل قدسيته، المشهد الحالي بني في تسعينات القرن العشرين (1) على يد المسلمين الفاطميين من الهند ومحيطها، كثيرون منهم يزورون المكان في مسارٍ يبدأ في دمشق وينتهي في القاهرة (2).
ش1150
(53)
موقع اللوحة من المشهد
صورة اللوحة الزرقاء
ولا يخفى أنَّ الصورة مُعَلَّمةٌ بعلامة لجنة الآثار من جهة اليمين، والنص الوارد تحتها جاء كالتالي: «مجلس المحافظة على المواقع التاريخية في إسرائيل»، وعلى اليسار علامة إدارية، والنص الوارد تحتها جاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) 1990 ـ 2000 م الموافق 1410 ـ 1420 هـ.
(2) وقد التقطت الصورة في الساعة: 4٬۳۰ مساءً بالتوقيت المحلي من يوم 9 / 6 / ۲۰۱۱ م الموافق ليوم الخميس 6 / 7 / 1432 هـ.
(129)


كالتالي: «بلدية أشكلون»، وأما العلامة الوسطى وما جاء تحتها هو كالتالي: «الجمعية لبحث الشاطئ».
أما من حيث المساحة والخصوصيات الهندسية فإنَّها جاءت مستطيلة الشكل طولها إلى جهة الجنوب والشمال وعرضها إلى جهة الغرب والشرق يرتفع عن الأرض بِسُلَّمين قاعدتها وأعني بها ارتفاعها عن سطح الأرض بمعدل 40 سم.
والمشهد هو عبارة عن مسجد بطول 8.58 متر وبعرض 6.40 متر من الداخل غير مسقف بل مفتوح تظله عدد من الأشجار القديمة المحيطة به، وقد سیج بسياجٍ رخامي من اللون الأبيض بارتفاع 75 سنتيمتراً وسمك ۱۰ سم، وأرضه مبلطة بالرخام الأبيض المائل إلى الرمادي وقد وضع المحراب في وسط الجهة الجنوبية بينما جاء المدخل في قبال المحراب من الجهة الشمالية، وأما السياج فيه نقوش هندسية محفورة في ألواح رخامية والتي يتوسطها شكل سداسي يوحي إلى أنه نجمة داوُد المعروفة وعدد لوحات كل من الغرب والشرق ثلاث حيث يفصل بينهما عمودان، وإذا ما أُضيف عمودا الزاويتين كانت أربعة أعمدة على كل عمود كرة دائرية من الرخام ذاته قطرها نحو عشر سنتيمترات، كل لوحة منها تحتوي على أربعة أقواس، كل قوس يحتوي على نقوش هندسية كما أسلفنا ويعلو الأقواس هذه شريط رخامي بعرض 15 سنتيمتراً عليه نقوش هندسية نباتية متداخلة متسلسلة محفورة في الرخام.
وأما الجهة الشمالية فتحتوي على لوحتين من جهة الغرب من المدخل ومثلها على جهة الشرق فاللوحة الأبعد من المداخل تحتوي على أربعة أقواس وأما القريبة من المدخل فتحتوي على ثلاثة أقواس علی شاكلة اللوحات والأقواس والشريط التي سبق وذكرناها وعليه فالأعمدة مع الزاويتين والمدخل ستة، وأما مقاييسها فالمدخل عرضه ۹۲ سنتيمتراً، وأما جانبا المدخل فكل جانب منه جاء قياسه بـ ۳٫۸۳ أمتار، وأما الجهة الجنوبية ففي وسطها محراب على شكل قوس خارج من مستوى السياج بحدود المتر الواحد أو أقل منه بقليل بحيث إذا وقف المصلي كان في حالة القيام خارج المحراب داخل ساحة المسجد، وجاء عرضه
(130)


بمقدار ۱٫۰۲ متر وقیاس ۳٫۷۸ أمتار ليكون مجموعها 58,8 أمتار.
وهذا يعني أنَّ كل طرف يحتوي على ذات العدد من اللوحات والأقواس التي توجد في الجهة الشمالية، ولكن المحراب المقوس يحتوي على ثلاثة أقواس أوسطها جاء متوازياً بينما طرفاه جاءا منحرفين، فلو وضعت بصورة مستقيمة في فتحة المحراب لاحتوت على قوسین لا أكثر.

ش1151
(54)131
مقاییس المشهد الحسيني
(131)


ش1152
(55)132
صورة عن اللوحات والأقواس والحزام
ش1153
(56)132 2

السياج الشرقي للمشهد
(132)


ش1154
(57)
السياج الشمالي للمشهد ويظهر فيه المدخل والمحراب

ش1155
(58)133 2
السياج الجنوبي ويظهر قوس المحراب من الخارج كما تظهر اللوحة الزرقاء في الزاوية الشمالية الغربية
(133)


ش1156
(59)134
السياج الغربي
ش1157
(60)134 2
المشهد الحسيني من الخارج
(134)


ش1158
(61)135
المحراب من الداخل
ش1159
(62)135 2
المحراب من الخارج
(135)


ش1160
(63)136
البهرة لدى زيارتهم المشهد في 5 / 4 / 1430 هـ
ش1161
(64)
البهرة حينما يخطب خطيبهم في 5 / 4 / 1430 هـ
(136)


ولا يخفى أنَّ المشهد الحسيني القائم يقع في المساحة التابعة لمستشفى برزيلاي الواقع في نطاق بلدية عسقلان ويقوم عمال البلدية بتنظيف المكان، ونقل لي مرشد الزائرين (1) وهو فلسطيني من هذه المنطقة بأنَّ الزائرين البهرة يأتون سنوياً في موسم أربعين الإمام الحسين عليه السلام بشكل مستمر وكان عددهم في عام ۱4۳۲ هـ نحو أربعمائة شخص وربما زاروا المشهد في أيام أخرى، وأما الفلسطينيون كما يقول فلم يكونوا قد تعرَّفوا على المشهد وما أنْ عرفوا بوجود هذا المقام خلال السنوات الأخيرة فإنَّهم يتوجهون إليه للصلاة وطلب الحاجة وينذرون الطعام لذلك.

ش1162
(65)137
المشهد الحسيني ومستشفى برزيلاي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) مرشد الزائرين: هو يوسف بن مصطفى بن عبد الحميد، فلسطيني ولد في قرية كفر منده في محافظة الناصرة في 1 / 12 / 1394 هـ، حصل على التعليم الأولي وله مطالعات متنوعة، يمتهن النجارة.
(137)


ومما تجدر الإشارة إليه أنَّ مستشفي برزيلاي يقع شمال المشهد، ويجري في الوقت الحاضر بناء مستشفى حديث من الناحية الغربية، ويقع شارع هستدروت على الجانب الشرقي للمشهد على بعد 400 متر، وأما من الجنوب فيقع شارع شاي عجنون وذلك على بعد ۲۰۰ متر، ومن الغرب يبعد المشهد عن ساحل البحر الأبيض المتوسط نحو 1400 متر (1).

ش1163
(66)138

خارطة المنطقة التي يقع فيها المشهد بعسقلان (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) وقد زودنا بمجمل هذه المعلومات والوثائق الدكتور وهبي بن علي وهبي المولود سنة ۱۳۹۹ هـ في قرية الجش في الجليل، فجزاه الله خير جزاء المحسنين، وقد تخرج من كلية الطب في الجامعة العبرية في القدس، وتخصص بطب العيون وهو يمارس مهامه في تخصصه بمستشفى برزيلاي.
(2) موقع محرك گوگل (www.google.co.uk).
(138)


ش1164
(67)

صورة من الجو للمنطقة التي يقع فيها المشهد بعسقلان (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) موقع محرك گوگل (www.google.co.uk).
(139)


(140)


الرأس في القاهرة


لا خلاف عند كلِّ مَن اعتقد بأنَّ الرأس الشريف دُفن في عسقلان أنَّه انتقل عبر الفاطميين إلى القاهرة، وهناك بعض الأقوال التي تذهب إلى أنَّ الرأس الشريف انتقل من دمشق إلى القاهرة مباشرة ولكن من دون تصريح، وهذا ما يفهم من كلام الرحالة ابن جبير السابق الذكر، وقد سبق وتحدثنا أن مسألة النقل إلى عسقلان فيها نظر وأنَّ الرأس الشريف على ما حقَّقناه وذهب إليه مشهور الإمامية والمحققين أنَّه أُلحق بالجسد الشريف بكربلاء، ومع هذا فإنَّنا من حيث البحثُ والتنقيبُ والتعهدُ بإيراد كلِّ ما يتعلق بالإمام الحسين عليه السلام كشخص ونهضة وجب علينا أنْ نذكر هذا المشهد كما وغيره وبالأخص فإنَّه قائم إلى يومنا هذا وهناك من يرى وجوداً حقيقياً للرأس الشريف بالقاهرة حسب تحقيقاته، ومن جهة أخرى فإنَّ مشهد الرأس الشريف هناك أصبح معلماً بارزاً من معالم مصر وهناك الآلاف بل الملايين من الوافدين إلى المشهد الشريف كل عام (1)، ولا خلاف بأنَّ تاريخ هذا المشهد بدأ في الثامن من شهر جمادی الثانية من عام 548 هـ حيث نقل الرأس حسب ما زُعم إلى القاهرة.
إنَّ استبعاد نقل الرأس إلى كربلاء من قبل بعض الكتاب والمؤلفين بقولهم: «لا تؤيِّده مراجعة الأحداث، فمن المستبعد عقلاً أنْ يعيد ـ یزید ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) في 26 رجب من عام 1432 هـ (28 / 6 / 2011 م) وبمناسبة المواليد وما يعبر عنها لدى المصريين بـ«الليلة الكبيرة» وفد إلى مشهد رأس الحسين عليه السلام ومرقده السيدة زینب عليها السلام من داخل القاهرة وخارجها نحو مليوني نسمة كما ورد في جريدة المساء القاهرية في العدد (19783) ليوم الأربعاء 29 / 6 / 2011 م، للمزيد راجع مقالة الدكتور نضير الخزرجي بعنوان «وللقاهرة المحروسة زحف مليوني» المنشورة في وسائل إعلام مختلفة منها موقع «المدينة نيوز» الأردني بتاریخ 13 / 7 / ۲۰۱۱ م.
(141)


الرأس إلى كربلاء حتى لا يزيد النار اشتعالاً، وهو يعلم بأنها لا تزال مركز شيعة الحسين والمؤيدين لمذهبه، هذا بالإضافة إلى ما جاء في أحداث سنة ۲۳6 هـ من أن المتوكل العباسي (1) أمر الديزج (2) بالمسير إلى قبر الحسين بن علي وهدمه فتناول الديزج مسحاة وهدم أعالي قبر الحسين وانتهى هو ومن معه إلى الحفرة وموضع اللحد فلم يروا فيه أثر رُمَّة (3) ولا غيرها، وبعيد أنْ نتصور أنَّ الرأس قد بلي في ذلك الوقت المبكر، إذا لاحظنا أن أرض كربلاء رملية تحتفظ بالعظام لآلاف السنين» (4).
أولاً: القول بأنَّ مراجعة الحوادث لا تؤيِّدُ إعادة الرأس إلى كربلاء ودفنه فيها، أنَّه يتطلبُ على القائل قراءة مصادر الإمامية بجدِّ حيث ورد بأنه أُعيد مع ركب الأسرى على تفصيلٍ بيَّناه.
ثانياً: الاستبعاد العقلي لإعادة الرأس إلى كربلاء لأنَّه يزيد النار اشتعالاً على بني أمية، بتصوري أَنّ العكس هو الأصح لأنَّ بقاءه في دمشق يسبب مشكلة وموجب للإثارة وأمَّا إرجاع الرأس إلى الجسد فهو الذي يطفئ من لهيب الصراع فإنه يلتحق بالرأس فلا يزيد مقاماً آخر ومنطقة أخرى تكون سبباً لإذكاء الحدث، وعلى القول بأنَّه دفن في الشام فإنَّ جميعهم أكّدوا أنَّه أراد التخلُّصَ مِن الرأس خوفاً من الناس في الشام، ومنهم مَن قال: بأنَّه دفنه في مكان مجهول أو وضعه بعيداً عن أيدي الناس.
ثالثاً: أنْ تكون كربلاء لا تزال مركزاً لشيعة الحسين والمؤیدین لمذهبه، أمرٌ غريب لأنَّ كربلاء لم تكن لها مركزية بمعنى أنَّها لم تُمصَّرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) المتوكل العباسي: هو جعفر بن محمد المعتصم (206 ـ 247 هـ) عاشر الحكام من بني العباس، ولد في بغداد وفيها مات، حکم منذ عام ۲۳۲ حتى مقتله على يد ولد المنتصر ليلة الأربعاء 4 / 10 / 247 هـ.
(2) الديزج: هو إبراهيم بن سهل، من المقربين لدى العباسيين، سکن سامراء وبغداد، تولى قيادة الشرطة لأكثر من مرة، لاحقه الأتراك، توفي بعد يومين من وفاة المتوكل العباسي سنة 247 هـ.
(3) الرُمَّة: بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحاً: ما بلي من العظام.
(4) راجع مخلفات الرسول في المسجد الحسيني: ۳۸.
(142)


بعد، ولم يسكنها قبل المقتل أناسٌ وحتى بعد المقتل لم يتمكنوا من السكن في كربلاء لوجود المسالح الأموية على أطرافها، فالقول بأنَّها لا تزالُ مركزاً للشيعة لا يصدق.
رابعاً: إنَّ قيام المتوكل العباسي بهدم المرقد الحسيني ثلاث مرات ۲۳6 هـ، ۲۳۷ هـ، ۲4۷ هـ لم يرافقه نبش القبر بل كان هدماً للبناء وحرثَ الأرض كما أسلفنا الحديث حوله (1).
خامساً: إنَّ عدم رؤية الرأس على ما ورد في النص يكشف عن عدم رؤية الجسد أيضاً ولكن لم يذكر ذلك، وكان من الضرورة بمكان أنْ يذكر ذلك لأنَّ كربلاء على ما عليه جُلُّ المؤرخين وإجماع الإمامية ومن تبعهم أنَّ مدفن الجسد بكربلاء، والحديث هنا عن الرأس فقط، وليس عن الجسد والرأس معاً.
سادساً: إنَّ القول باستبعاد أنْ يكون الرأس قد بلي، مع عدم التحدث عن اندراس الجسد واختصاصه بالرأس أمر غريب، فلو صح الاستدلال لدلَّ على أنَّ الإمام الحسين عليه السلام لم يدفن بكربلاء لأنَّ جلاوزة المتوكل لم يعثروا على شيء.
سابعاً: إنَّ أرض كربلاء رمليَّة، هذا غير صحيح لأنَّها لم تكن رملية حين المعركة لأن أبا الفضل العباس بن علي عليه السلام استشهد بين النخيل وهي على شاطئ نهر الفرات، فهي لم تكن رملية ولا هي رملية في الوقت الحاضر.
وعلى أي حال مجردُ الاستبعاد أو التصورِ لا يُجدي نفعاً في التحقيق بل القول بوجوده في عسقلان هو بحاجة إلى دليل ملموس وهو ما لم يحصل، فإنَّه ليس لدينا مصدر يحدد تاريخ نقله إلى عسقلان ولا مَن حمله ولا كيف حصل ذلك، كل ذلك يوجب الريبة أولاً، ثم إنَّ الذي نَقَلَ في وجوده بعسقلان كلها أقوال مبتورة وليست مستندة ثانياً، والاستحسان لا يغني عن الحق شيئاً بحيث يقال: أُريد أنْ يكون الرأس في مكان قريب من بیت المقدس من جهة وقريب من الساحل من جهة أخرى فاختيرت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع تاريخ المراقد: ۱ / ۲۷۰ ـ ۲۷۷.
(143)


عسقلان، أو أنَّهم أرادوا إبعاده من المشرق الإسلامي ليكون في المغرب الإسلامي، كلها لا يناسب التحقيق والموضوعية.
إنَّ الحديث عن وجود الرأس الحسيني بالقاهرة تولّاه أكثر المرؤخين المصريين ومال آخرون إلى غير ذلك، وهو حديث كاد أن يكون متطابقاً إلا في بعض الخصوصيات ولاشك أنَّ لكل واحد منه طريقتهُ الخاصة في النقل وبما أنها كثيرة ومتنوعة وفي طياتها الكثير من المعلومات التي يمكن أنْ يكون فيها فائدة من نواحٍ عِدة قد تكون عمرانية، أو تاريخية أو اجتماعية وربما سياسية أو ما إلى ذلك فلذلك ارتأينا أن نذكرها لربَّما كان مفيداً للقارئ.
وهذا لا يعني أنَّنا لا نقوم بسرد الأحداث حسب تسلسلها التاريخي بل إنَّنا أضفنا هنا -علی سابقاتها - إيراد كلمات القوم وأسلوب حديثهم عن هذا المشهد والذي يمكن بمجمله أن يخرج القارئ بانطباعات تختلف تماماً عمَّا كان يفكرُ فيه، وهذا الحكم يعود إليه بعدَ أن تعرض ما لدى القوم من أفكارٍ أو معلومات.
(144)


أقوال المؤرخين والكتاب


جاء في إسعاف الراغبين: إنَّه لمَّا غلبَ الإفرنجُ على عسقلان افتداه منهم الصالحُ طلائعُ (1) وزير الفاطميين بمال جزيل ومشى إلى لقائه عدة مراحل ووضعه في كيس من حرير أخضر على كرسي من خشب الأبنوس وفرش تحته المسك والطيب وبنى عليه المشهد الحسيني المعروف بالقاهرة بالقرب من خان (2) الخليلي (3).
وجاء في مرشد الزوّار: ذكر بعض العلماء ممَّن عاصر الفاطميين أنَّ هذا الرأس الذي وضع بهذا المكان ـ القاهرة ـ هو رأس الإمام الحسين رضي الله عنه وكان بعسقلان فلمَّا كان في أيام الظاهر الفاطمي كتب عباس (4) إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) طلائع بن رزِّیك: مضت ترجمته.
(2) خان الخليلي: وهو عبارة عن بناء أُنشئت فيه مجال للتبضع ويُنسب إلى أحد أشراف تجار مدينة الخليل بفلسطين، وقيل: إنه نسبة إلى جهاركس الخلیلی مسؤول الإسطبلات في عهد مؤسس الحكومة الشركسية في القاهرة برقوق بن أنس بن عبد الله الشركسي المولود في القفقاس سنة ۷4۰ هـ والمتوفى في القاهرة سنة ۸۰۱ هـ وتولى الحكم منذ عام 784 هـ حتى وفاته، وقد أقام السوق فوق مقابر خلفاء الدولة الفاطمية نكاية، وقيل مات شرّ قتلة في الشام، وهو الآن يضم أسواقا كثيرة متنوعة ومتداخلة تقع بموازاة الضلع الشمالي لمقام الرأس الحسيني الشريف، وأخذ شهرته العالمية بفضل مقام الحسين عليه السلام.
(3) سيرة الأئمة الإثني عشر: 3 / 84 عن إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل أهل بيته الطاهرین: وفي نور الأبصار: 234 «إنَّ يزيد أمر أن يُطاف به في البلاد فطيف به حتى انتهى إلى عسقلان فدفنه أميرها بها فلما غلب الإفرنج......».
(4) عباس: هو ركن الدين عباس بن أبي الفتوح تمیم بن باديس الصنهاجي، قائد عسكري، تقلد الوزارة في عهد الظافر سنة 548 هـ خلفاً لإبن السلار، وفي عام 549 هـ هرب الى الشام بعد أن اُتهم بقتل الظافر، قُتل بيد الإفرنج.
(145)


الظاهر (1) يقول: إنَّ الأفرنج أشرفوا على أخذ عسقلان وأنَّ بها رأساً يقال إنَّه رأس الحسين بن علي بن أبي طالب فأرسل إليه مَن تختار ليأخذه، فبعث إليه مكنون الخادم (2) مع عشاري عشاريات الخدمة فحمل الرأس من عسقلان وسار حتى أرسي به في الموضع المعروف بالكافوري من الخليج الحاكمي فحُمل وأُدخل إلى القصر واستقر فيه كما هو الآن وبنى الظاهر مسجد الفاكهاني (3) ليجعله فيه، وبنى طلائع بن رزِّيك مسجداً بظاهر باب زويلة أيضاً وهو المسمى بجامع الصالح (4) الآن ليجعله فيه، ثم أجمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) الظاهر: خطأ وهو تصحيف الظافر الفاطمي والذي هو الظافر بأمر الله إسماعيل بن عبد المجيد، الثاني عشر من سلاطين الفاطميين حكم ما بين (544 ـ 549 هـ).
(2) مكنون الخادم: ووصفه المقريزي في خططه: ۲/ ۲۸4 بالأستاذ مكنون.
(3) مسجد الفاكهاني: ويقال له «الجامع الأفخر»، ويُنسب إلى الفاكهاني لبناء وكالة لبيع الفاكهة بجنبه، وقيل نسبة إلى محمد أنور الفاكهاني، بناه الظافر الفاطمي سنة 543 هـ، ويقع على رأس حارة خوش قدم بالغورية في شارع المعز لدين الله في القاهرة، وهو مسجد معلق يقع فوق حوانیت موقوفة له، وفي نهاية القرن التاسع الهجري عُني بزخرفته وعمارته الأمير يشبك بن مهدي المقتول سنة 885 هـ، وأزال من حوله عمائر كانت تحجب عنه الرؤية، وفي سنة 1148 هـ جدد هذا المسجد الأمير أحمد كتخدا مستحفظان الخربوطلي المتوفى سنة ۱۱4۹ هـ، وللمسجد بابان بحري وغربي يصعد إليهما من خلال بعض درجات تؤدي إلى الداخل حيث الصحن المغطى بسقف منقوش، في وسطه منبر مثمن وتحيط به أربعة إيوانات أكبرها الإيوان الشرقي، وتتميز جميعها بالبساطة فلا توجد بها نقوش ولا وزرات رخامية، أما المحراب فإنه من الرخام الدقيق، وعقده وتواشيحه كلها من القاشاني وتتوسطه تربيعة كتب عليها «ما شاء الله». ويعلو المحراب شباك مستدير تحيط به كسوة من القاشاني. انظر: موقع النور آخر النفق، مدونة مجدي العريان من مقالة بعنوان «آثار شارع المعز لدين الله» نشرت في 27 / 12 / 2010 م.
(4) جامع الصالح: أو مسجد الصالح طلائع نسبة إلى بانيه الملك الصالح طلائع بن رزَّيك الأرمني (495 ـ 556 هـ) أسسه سنة 555 هـ، وهو يعتبر أحد المساجد المعلقة الشهيرة في القاهرة حيث يرتفع عن الأرض بنحو أربعة أمتار وتخرج منه حوانيت، يقع أمام باب زويلة أحد أبواب سور القاهرة من الناحية الجنوبية، وللمسجد ثلاثة أبواب، الرئيس يقع في الضلع الشمالي ويطل على شارع =
(146)


مجمع رأيهم على أن يجعلوه في القصر في قبة تعرف بقبة الديلم (1) وكانت دهليزاً من دهاليز الخدمة وأنشد المهذب بن الزبير (2) في دخوله قصيداً طويلاً ـ من الرمل ـ (3) أوله: (إنتبه ثم انف عنكَ الوسنا)، ومنها:
لهف نفسي لرؤوس نقلت بعد مثواها هنا ثمَّ هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الخيامية، والثاني يقع في الضلع الشرقي ويطل على الدرب الأحمر، والثالث يقع في الضلع الغربي ويطل على زقاق ضيق مغلق، والمسجد عامر بالصلوات اليومية والجمعة وفيه مدارس تعليم القرآن الكريم للأولاد ذكوراً وإناثاً، وهو عبارة عن بناء مستطيل غير مسقف فيه أربعة أروقة، الكبير منها في محراب ومنبر كبير، وليس للمسجد مئذنة فالأولى سقطت في زلزال ضرب القاهرة سنة ۷۰۲ هـ (۱۳۰۲ م) والثانية أزيلت سنة ۱۳4۷ هـ (۱۹۲۹ م) لخلل فيها، والحوائط الداخلية مغطاة بطبقة من البياض وعليها زخارف تمتاز بعناصرها الهندسية ويشع منها مجموعة من الكتابات الكوفية على آيات قرآنية ومجموعة من الصور المستديرة المختلفة الأشكال سواء الهندسية أو النباتية. وقد أقيمت الحوائط الخارجية للجامع من الحجارة الجيرية، أما الآجر فقد استخدم في الحوائط الداخلية وهو ما يتناسب مع الظروف المناخية المحيطة والمواد الخام المتاحة في البيئة كما استعمل الخشب في التسقيف على هيئة مساحات أفقية محمولة على عقود ذات مركزين أو عقود ذات أربعة مراكز وقد استخدمت مواد البناء على طبيعتها مع وضوح طريقة الإنشاء في الوجهات الخارجية، ويقع المسجد تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار ويحمل الرقم (۱۱6). من مشاهدات وفدنا إلى القاهرة، وانظر: منتدى مكتوب العرب المسافرون (travel.maktoob.com) من مقالة بعنوان (الصالح طلائع ثالث مسجد معلق في العالم يهتم به الغرب ويجهل تاريخه الشرق) نشرت في 23 / 6 / ۲۰۱۱ م.
( ) قبّة الديلم: نسبة إلى باب الديلم من أبواب سور القاهرة القديم ويُعرف بباب مشهد الحسين، وكانت المنطقة تسمی بـ «حارة الديلم» نسبة إلى الديلم الذين قدموا إلى القاهرة سنة ۳6۸ هـ بمعية أبو المنصور هفتكين (أفتكين) التركي المتوفى سنة ۳۷۰ هـ وهو مولی معز الدولة أحمد بن بويه الديلمي المتوفى سنة ۳56 هـ، ولا يخفى أن الديالمة (بإيران) كان جلّهم من الإسماعيلية آنذاك.
(2) المهذب بن الزبير: هو الحسن بن علي بن إبراهيم بن الزبير الغساني المصري (ق 500 ـ 561 هـ)، ولد في أسوان ومات في القاهرة، وهو أخو القاضي الرشيد أحمد بن الزبير، اختص بالطلائع بن رزِّيك الأرمني، له كتاب الأنساب، وديوان شعر.
(3) راجع ديوان القرن السادس: ۲۳۲، ولكن لم نعثر على القصيدة.
(147)


ولأبي الخطاب بن دحية (1) في ذلك جزء مؤلف (2).
جاء في الإتحاف بحب الأشراف لدى حديثه عن المشهد الحسيني بالقاهرة: البركات في هذا المشهد مشاهدة مرئية والنفحات العائدة على زائريه غير خفيّة وهي بصحة الدعوى ملية والأعمال بالنية (3) فإنَّ الحاصل في هذا المكان من الخير والذكر وقراءة القرآن لا ينكره أحد من أهل العرفان حتى بلغ عدد الختمات في كل شهر مائة ختمة، وقد جُدِّدَ هذا المشهد مرّات عدّة وأوقف عليه أوقاف كثيرة، وكان يفرق فيه في زمن العاشوراء من الجوز المقشور ألف قنطار وكان يوقّد فيه من الشمع أكثر من ذلك، وآخر من جدَّده في عصرنا السلطان (4) سليمان خان (5).
جاء في فضائل يوم عاشوراء أنَّه ذهب جمع من أهل التاريخ إلى دفن الرأس بالمشهد المصري المعروف وكذا جمع من أهل (6) الكشف (7).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) أبو الخطاب بن دحية: هو عمر بن الحسن بن علي بن دحية الكلبي (544 ـ 6۳۳ هـ)، فقيه ولغوي وحافظ، عاش في الأندلس وتنقل في البلدان بين المغرب وأفريقيا ومصر والشام والعراق ومات في القاهرة، من مصنفاته: الإبتهاج في أحاديث المعراج، تاريخ الأمم في أنساب العرب والعجم، وتنبيه البصائر في أسماء أم الكبائر.
(2) نور العين في ذكر مشهد الحسين: ۱6 (نسخة جامعة الملك سعود) عن مرشد الزوار إلى قبور الأبرار: ..، وعن النور سيرة الأئمة الإثني عشر: ۲ / ۸4، والإتحاف بحب الأشراف: ۸۲ ونور الأبصار: ۲۳5. وقد راجعنا نسخة أخرى من نور العين: 44 فوجدنا فيها: وروى عن الطائفة الفاطمية الذين حكموا مصر أنَّ الرأس وصل إليهم ودفنوه في المشهد المشهور، وقد ورد إسم المصدر «مرشد الزوار إلى طريق الأبرار» في سيرة الأئمة، ولكننا لم نعثر عليه إلا باسم مرشد الزوار إلى قبور الأبرار والمسمى أيضا بالدر المنظم في زيارة الجبل المقطم لموفق الدين ابن عثمان المتوفى سنة 615 هـ وليس فيه شيء عن مشهد الرأس بالقاهرة، ولا يخفى أن ما ذُكر في الإتحاف وغيره نقل عن النور باختلاف يسير.
(3) الإتحاف بحب الأشراف: ۸۱.
(4) سليمان خان: هو السلطان سليمان بن سليم بن بايزيد العثماني (۹۰۰ ـ ۹۷4 هـ) عاشر حكام بني عثمان، ولد في مدينة طرابزون على البحر الأسود ومات في سيكتوار بالمجر ودفن في استنابول، تولى الحكم سنة ۹۲6 هـ حتى وفاته، دخل في حروب كثيرة ولذا يلقب بسليمان الغازي، وسن القوانين ولذا يلقب بسليمان القانوني.
(5) الإتحاف بحب الأشراف: ۹۲.
(6) أهل الكشف: أراد بهم المتصوفة الذين يدَّعون المكاشفة وعلى أثرها يعرفون الحقائق.
(7) نور الابصار: ۲۳4، عن رسالة في فضل يوم عاشوراء للأجهوري.
(148)


جاء في بدائع الزهور (1): إنَّ الرأس كان بكربلاء فنقل إلى دمشق ومنها إلى عسقلان ولمَّا استولى الإفرنج على عسقلان خاف المسلمون على الرأس من الإفرنج فنقلوه إلى مصر (2) وبنى له الظافر المشهد الموجود الآن وقد نُقل في عَليَّة مُغلَّفة بجلد فأنزلوها لها أولاً في مسجد موسى (3) الذي يعرف بالركن المخلَّق فأقام به مدَّة حتى بنى له المشهد الموجود الآن ثم نقل إليه (4).

ش1165
(68)149

مسجد موسى في القاهرة
جاء في المواعظ والاعتبار: كان حمل الرأس إلى القاهرة ووصوله إليها في يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) بدائع الزهور في وقائع الدهور لمحمد بن أحمد بن إياس الحنفي (۸5۳ ـ ۹۳۹ هـ).
(2) راجع بدائع الزهور: ۱ / ۳6.
(3) مسجد موسي: ويعرف بمعبد موسى جاء في المواعظ والاعتبار (الخطط المقريزية): 4 / ۲6۹: إنَّ هذا المسجد بخط الركن المخلق من القاهرة إن أول من اختطه القائد جوهر عندما وضع القاهرة، ويقال انه كان ديراً فيه رفات بعض الحواريين وقد وجد في ذي الحجة سنة ستين وستمائة على حجر مكتوب عليه: هذا معبد موسى بن عمران عليه السلام فجددت عمارته وصار يعرف بمعبد موسى من حينئذ، وأما نسبته إلى موسى بن ميمون الطبيب اليهودي المتوفى سنة 601 هـ فهو تحريف للتاريخ لصالح اليهود وحولوه إلى معبد كنسي، كما حولوا المحلة إلى محلة اليهود، ويقع في 15 شارع درب محمود.
(4) راجع بدائع الزهور: ۱ / ۲۲7.
(149)

<












































<