تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السابع

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

الرأس الشريف ومساره


لقد توقفنا في الجزء السابق عند مقام الرأس الشريف للإمام الحسين عليه السلام في المسجد الأموي بدمشق وبقي أن نتحدث عن مسير الرجعة لهذا الرأس وسوف نورد المقامات التي توقف فيها إذا كان له معلم، وإنما نتحدث عن المقامات التي نرى عدم صحتها لنستوفي الموضوع بشكل کامل، ولا يخفى أنَّ الأمويين كانوا من وراء كل الأحداث التي تتعلق بالرأس الشريف حيث سیَّروه من مكانٍ إلى آخر ترهیباً للأمة وانتقاصاً لمقام أئمة أهل البيت عليهم السلام ولكن شاء الله أنْ يقلب السحر على الساحر، وهذا ما حدث بالفعل حيث أصبح كل موضع احتمالي توقف فيه الرأس مهوى للموالين، ولم تتخلص الأمة من هؤلاء الأمويين الحاقدين على آل الرسول صلى الله عليه وآله، بل تمثل فيهم هؤلاء الأمويون الجدد الذين أدخلوا الإرهاب من أوسع أبوابه وأخذوا على عاتقهم تدمير كلّ ما له صلة بالرسول صلى الله عليه وآله وآله عليهم السلام ناکرین فضلهم عبر جميع وسائل التواصل، ومن هنا سجلت ملاحظتي على ما ورد في استعراض القناة الفضائية M. B. C المدعومة من قبل من لا يؤمن بإنشاء مراقد أهل البيت عليهم السلام ورعايتها ضمن برنامج أرض الحضارات بعد الساعة ۱۲٫۳۰ بتوقيت لندن من يوم الثلاثاء 6 / 1 / ۱۹۹۸ م = ۷ / رمضان / 1418 هـ، تحت عنوان المعالم التاريخية في سوريا فتطرقتْ إلى التفاصيل بينما أوجزت الحديث بخصوص مشهد رأس الحسين عليه السلام في الجامع الأموي ولخصته بهذه الجملة: «ويقول الناس إنه مات بطريقة مأساوية» دون أي تعليق على الإمام نفسه أو عن مقتله أو عن مشهده هذا أو غير ذلك» مما يعني أنَّ الأموية البغيضة لازالت تحكمنا عبر حكومات أخذت شرعيتها من النظام الأموي الذي بني على الإرهاب والبطش وعدم شرعية الحكم.
وبالعودة إلى مسألة مسيرة الرأس الشريف فعلی ما حققناه وعليه معظم
(73)


الإمامية والمحققين: إنَّ يزيد بن معاوية الأموي عندما سلم الرأس الشريف إلى الإمام السجاد عليه السلام (1) يوم السبت العاشر من صفر سنة 61 هـ، سار الركب ليلة الأحد 11 / 2 / 61 هـ ووصلوا إلى كربلاء يوم الثلاثاء 20 / 2 / 61 هـ، وقد أسرعوا بالأسرى ولم يتوقفوا كثيراً في الطريق، وساروا في طريق مغاير للطريق الذي ساروا فيه من ذي قبل من الكوفة إلى دمشق حيث كان مجموع المحطات مع دمشق وكربلاء أربع عشرة محطة على تفصيل أوردناه في الجزء الخامس(2) من هذا الباب فكان مجموع ما ساروا على هذا الطريق هو 65,1408 کیلومتراً، وقد باتوا في عشرة منازل (3)، وأكثر يوم مشوا فيه هو (275) کیلومتراً وذلك من منطقة البر إلى الداقوق، وأقل مسافة مشوا فيه هو (5,15) کیلومتراً وذلك من دير الأعور إلى كربلاء، ومعدل المشي اليومي هو 865,140 کیلومتراً أي (141) كيلومتراً تقریباً، ولم تحصل لهم مواجهات ولم يريدوا عرضهم على الناس، وكانوا يتَجنَّبون المدن، ولذلك اختفت المعالم، وسنذكر ما ورد في المصادر أو ما كان هناك على كلِّ أرض الواقع شيءٌ منها إن شاء الله تعالی.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) جاء في روضة الواعظين: 485 أن الإمام السجاد عليه السلام أخذ رأس أبيه وتوجه إلى کربلاء ووصل به في العشرين من صفر إلى كربلاء وضمه إلى جسمه الطاهر.
(2) تاريخ المراقد: 5 / 101 ـ 102.
(3) المنازل هي: دمشق، خندق الطعام، کفر عمّا، مسكنة، دوسر، الرقه، جبل بشری، طريق البر، داقوق، مسکن، مرس آباد، دير الاعور، کربلاء.
(74)


مقام الرأس في بالس (مسكنة)


إن أول محطة في طريق العودة تمكنا الحصول عليها في المصادر التاريخية أنّ للرأس الشريف فيها مقاماً يذكر هو مدينة بالس.
بالس(1): بالباء الموحدة التحتانية مفتوحة بالألف التي بعدها واللام المكسورة المنتهية بالسين المهملة: بلدة في سوريا تقع بين حلب والرقة، قال ياقوت الحموي(2): سمیت بإسم بالس بن الروم بن الیقن بن سام بن النبي نوح عليه السلام، وكانت على ضفة الفرات الغربية فلم يزل الفرات يشرّق عنها قليلاً حتى صار بينهما في أيامنا هذه أربعة أميال (سبعة كيلومترات تقريباً)، وكان على أول عهد الإسلام بالس وقاصرين لأخوين من أشراف الروم أقطعا القرى التي بالقرب منهما وجعلا حافظين لما بينهما من مدن الروم فصالحهم أهلها على الجزية أو الجلاء، فتحها المسلمون سنة ۱۳هـ (3) وقد ذكرها أبو العلاء المعري من الطويل بقوله:
أرى كَفْرَ طابٍ أعجزَ الماءُ أهلَها وبالس أعياها الفراتُ مَنَ الحَفْرِ (4)
وجاء في منجد الأعلام: بالس هي اسکي مسكنة، وفيها يذكر بأنها قرية في سورية شرقي حلب، عندها يتحول مجرى الفرات من الجنوب إلى الشرق (5) عرفت قديماً باسم بالس كانت مركزاً تجارياً هاماً في العصور الوسطى احتلها الصليبيون ودمرها المغول (6)، وهذا الاسم المركب الذي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجلة نور الإسلام: ۸۱ ـ 82 / 53، موسوعة کربلاء: ۲ / 346.
(2) ياقوت الحموي: هو ابن عبد الله الرومي البغدادي (574 ـ 626 هـ).
(3) راجع معجم البلدان: ۱ / ۳۲۸ وفتوح البلدان: 114.
(4) ديوان أبي العلاء المعري: 1 / 545.
(5) وفي المصدر: هي محطة آلات دفع مياه الفرات إلى حلب.
(6) المنجد في الأعلام: 44.
(75)


ورد في هذا المصدر مأخوذ حسب الظاهر من اللغة التركية (eski) والتي تعني القديم أو العتيق (1) والتي تعني مسكنة القديمة، وربما ألحقت هذه بها في عهد العثمانيين الذين كانوا يحكمون هذه البلاد، ومن الغريب أن ياقوت الحموي لم يورد مفردة «مسكنة» في معجمه ولكنه ذكر «مسكَهَ» دون نون وقال: هما قريتان على البليخ (2) قرب الرّقة يقال لهما مسكة الكبرى ومسكة الصغرى (3) ولا نعلم أنه قصدها أو هي غيرها. ويبدو أنَّها كانت تسمى بالس قديماً ثم تحولت إلى مسكنة ولكن لم أجد من يصرح بها الا أحد المعاصرين (4).
ومسكنة تقع على نهر الفرات تحت خط العرض 360 وبَعْدَ خط الطول بقليل (5) والتي منها يمر النهر إلى الرقة وقد عرفت بهذه التسمية منذ أمد بعيد، وقد سبق وذكرنا بأنَّ مسكنة كانت رابع محطة من محطات الرأس الشريف بدءاً بدمشق ثم خندق الطعام، ثم كفر عمّا، ثم مسكنة، ثم دوسر، ثم الرقة والفاصلة بين كفر عمّا ومسكنة تبلغ 45,27 کیلومتراً، وبينها وبين دوسر 85,68 کیلومتراً، وبينها وبين الرقة 114,75 کیلومتراً، وبين مسكنة ودمشق 54,451 کیلومتراً.
وعلى أي حال فإنَّ ركب الإمام زین العابدین عليه السلام والذي معه الرأس وصل إلى بالس (مسكنة) ليلة الثلاثاء 13 / 2 / 61 هـ (6) وغادرها في نهار الثلاثاء وقد ذكر الهروي (7): مدينة بالس فيها مشهد الإمام علي بن أبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) القاموس الكبير: 214 و فرهنگ جامع تركي به فارسي: ۳۱۳.
(2) البليخ: اسم نهر بالرقة يجتمع فيه الماء من عيون وأعظمها الذهبانية في أرض حرّان.
(3) معجم البلدان: 5 / ۱۲۸.
(4) راجع موسوعة کربلاء: ۲ / ۳4۷.
(5) راجع أطلس تاريخ الإسلام: 417.
(6) تاريخ المراقد: 5 / ۱۰۱.
(7) الهروي: هو علي بن أبي بكر بن علي (ن 540 ـ 6۱۱ هـ) المولود بالموصل والمتوفى بحلب المؤرخ والكاتب والخطاط، له كتاب التذكرة الهروية، والخطب الهروية.
(76)


طالب عليه السلام، وبها مشهد الطرح، وبها مشهد الحجر، يقال: إنَّ رأس الحسين عليه السلام وضع عليه عندما عبروا بالسَّبْي (1) ولعله منه نقل المقال المنشور في مجلة نور الإسلام حيث يقول: «ومن ذلك مشاهد رأس الحسين عليه السلام في بالس على الفرات وحلب وحماه ودمشق» (2).
ولم أجد في غيرها من ذكر أنَّ للرأس مقاماً، والظاهر أنَّ المكان قد انْدرس وليس فيه ما يذكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) موسوعة کربلاء: ۲ / ۳4۷ عن الإشارات إلى أماكن الزيارات: 61.
(2) مجلة نور الإسلام: 81 ـ 82 / 53.
(77)



(78)


مقام الرأس بالرقة

الرقة: بكسر الراء وتشديد القاف المثناة مفتوحة، وآخرها تاء مربوطة(1)، وهي في اللغة كل أرض إلى جنب وادٍ ينبسط الماء عليها أيام المدّ ثم ينضب أي ينحسر(2) ولا يخفى أنَّه مفيد للزراعة ولها معانٍ أخرى لا تناسب ما نبحث عنه، وبما أنَّ التسمية جاءت لغوياً فإنَّ هناك عدداً من المواضع سمیت بذلك، والمهم أنَّ الموضع الذي على شرقي نهر الفرات بأرض سوريا هو الذي يحمل هذه المواصفات فسميت أرضه عند العرب بالرقة وهي التي يقال لها رقة البيضاء إذا أُريد تخصيصها في قبال الرقة السوداء التي تقع على مقربة من رقة واسط بالعراق، وقد شيَّدَها الإسكندر المقدوني (3) وسماها اليونانيون «فيقيفوريون» كما سماها الرومان «كالينيكوس»(4) والعرب سموها بالرقة، وقد فتحها المسلمون سنة ۱۷ هـ، لها تاريخ موغل بالقدم حيث فيها وقعت معركة بين الملك الساساني قباذ الأول والبيزنطینیین فانتصر الساسانيون، وقد أقام الملك كسرى الأول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) معجم البلدان: ۳ / 5۸.
(2) راجع القاموس المحيط: ۳ / 346، تاج العروس: 25 / 354.
(3) الإسكندر المقدوني: هو الإسكندر الكبير ابن فیلیپس المقدوني ولد عام ۱۰۰۹ ق.هـ (356 ق.م)، يعد من أشهر الغزاة الفاتحين، لقب بذي القرنين، خلف والده عام ۹۸۹ ق.هـ (۳۳6 ق.م) على حكم مقدونيا، قضى على الدولة الهخامنشية (الفارسية) وهزم سلطانها داریوش الثالث نهائياً عام ۹۸۳ ق.هـ (۳۳۰ ق.م) وتمكن من القضاء عليه غيلة قرب أربيل بالعراق، أسس مدينة الاسكندرية عام 985 ق.هـ (۳۳۲ ق.م) ومات بالحمى في بابل عام ۹۷5 ق.هـ (۳۲۳ق.م)، وهناك من يزعم بأنّ ذا القرنين الذي ورد اسمه في القرآن هو كورش الهخامنشیین (539 ـ 560 ق.م)، راجع الميزان: 13 / ۳۹۱ ويقال إنه كان موحِّداً.
(4) راجع المنجد في الأعلام: ۳۰۹.
(79)


الساساني قبيلة مضر العربية فيها، ووقعت على مقربتها وقعة صفين سنة 37 هـ، وفيها عدد من المراقد التي تخص اصحاب علي عليه السلام کمرقد اويس بن عامر القرني (ق 1 هـ ـ ۳۷ هـ) ومرقد أُبي بن قيس النخعي (ق 1 هـ ـ 37 هـ) وسائر شهداء صفين بالإضافة إلى مشهد الإمام علي عليه السلام ومقام عمار بن یاسر(1) وهي وصفّين متلاصقتان وربما كان الفاصل بينهما النهر حيث تقع صفين على الجانب الغربي من النهر(2) وقد اتخذها هارون الرشيد العباسي عاصمته الصيفية سنة ۱۸۷ هـ وبنى فيها قصر السلام فعرفت آنذاك بمدينة الرشيد، وقد دمرت في المعارك التي دارت بين المغول وحكامها، وهي اليوم قاعدة محافظة الرقة.
وعلى أي حال فإنَّ الرقة تعد الموضع السادس بِعَدِّنا لمواضع الرأس الشريف في الرجعة من دمشق بدءاً بها ثم خندق الطعام، ثم كفر عمّا، ثم مسكنة ثم دوسر ثم الرقة وتبعد عن دمشق 29,566 کیلومتراً، وبينها وبين دوسر 90,45 کیلومتراً وبينها وبين بشر (جبل بشری) ۱۰۰٫۹۰ کیلومتراً، طوی مرکب الأسر من دمشق إلى هنا في أربع ليالٍ وأربعة أيام حيث تحركوا من دمشق ليلة الأحد 11 / 2 / 61 هـ ووصلوها يوم الأربعاء 14 / 2 / 61 هـ ومكثوا على أطرافها، ثم ساروا منها ليلاً (3).
نقل سبط ابن الجوزي (4) عن ابن عمر الوراق (5): لما حضر الرأس بين يدي يزيد بن معاوية قال: لأبعثنه إلى آل أبي معيط (6) عن رأس عثمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) دليل الأماكن المقدسة في سورية: ۱۲۹ وقد ذكر وجود مراقد بعض أحفاد الإمام الحسن عليه السلام فيها أيضا ـ راجع مشاهد العترة الطاهرة: ۱۰۰.
(2) معجم البلدان: ۳ / 414.
(3) راجع تاريخ المراقد: 5 / 101 ـ 102.
(4) سبط ابن الجوزي: هو يوسف بن فرغلي بن عبد الله البغدادي (581 ـ 654 هـ) ولد في بغداد وتوفي في دمشق ـ الصالحية ـ، من علماء الأحناف وكتابها، من مولفاته: الإيضاح لقوانين الإصلاح، إيثار الانصاف، وتفسير القرآن.
(5) ابن عمر الوراق: هو عبد الله بن عمر الذي توفي قبل 654 هـ يبدو أنه كان بغدادياً، له كتاب مقتل الحسين.
(6) آل أبي معيط: ورد اسم ابن أبي معيط في كتب المعاجم عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية خو عثمان من أمه، وهو الذي فرغ سلا الجزور أو البعير على ظهر =
(80)


وكانوا بالرقة فبعثه إليهم فدفنوه في بعض دورهم ثم أُدخلت تلك الدار في المسجد الجامع، قال: وهو إلى جانب سدرة هناك وعليه شبيه النيل لا يذهب شتاء ولا صيفاً (1).
وقال الهروي: إنَّ في الرقة مشهد علي بن أبي طالب وربما مشهد الجنائز، وبه المُردي (2) الذي جاؤوا بالشهداء عليه من الفرات (3) ولا يخفى لا شيء يدل على ارتباطه بكربلاء وبالأسرى ولا بالرأس، ولعل المُردي هو الخشبة التي نقلت من صفين عبر النهر إلى الرقة والله العالم.
وما ورد في التذكرة عن إبن الورّاق غریب مع سير الرأس المعروف، وربما جاء الجمع بين هذه المقولة وما هو معروف أنَّ الرأس كان مع الإمام السجاد عليه السلام وأنه بعثه إليهم من خلال مرورهم مع الركب السجَّادي والله العالم، ولكن من المتيقن أن لا أثر للرأس في هذه المدينة في اليوم الحاضر ولعل الموقع هو موقع وضع الرأس في دار بعضهم ثم نقل مع الركب إلى كربلاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= النبي صلى الله عليه وآله فدعا هو وفاطمة عليها السلام، وكان قد شهد على حجر بن عدي الكندي، وكان مع معاوية في صفِّين، وكان قد شرب الخمر وجلد، وهو من الذين رفعوا المصاحف في صفين ـ راجع الغدير: ۸ / ۲۷۲.
( ) تذکرة الخواص: ۲66 عن مقتل الحسين لابن الوراق، وعن التذكرة أعيان الشيعة.
(2) المردي: بضم أوله وسكون ثانیه و کسر ثالثه وتشديد الياء في آخره، وهي الخشبة التي يدفع بها الملاح القارب.
(3) موسوعة کربلاء: ۲ / ۳46 عن الإشارات إلى معرفة الزيارات: 63.
(81)


(82)


مقام الرأس في النجف


النجف الأشرف: هي المدينة المحيطة بالحرم العلوي الشريف وهي انار على علم، وتعد هذه المدينة من المدن التي وصلها الرأس حسب بعض الروايات، بل ذهب جمع من علماء الإمامية إلى أن الرأس قد دفن فيها، وهناك من ينفي ذلك وهناك من جمع بین دفنه في النجف ونقله إلى كربلاء وذلك بالقول بأنه دفن أولاً في النجف ثم نقل إلى كربلاء بعد عهد الإمام الصادق عليه السلام، ومنشأ هذا الخلاف بعض الروايات وبعض التحاليل للنصوص، ولا يخفى أنَّ النجف الأشرف تبعد عن كربلاء المقدسة ۷۳٫68 کیلومتراً (1) أي ما بين القبتين العلوية والحسينية.
هذا وقد سبق وأوردنا بعض الروايات الحاكية عن ذلك أو الموحية للأقوال السابقة، ولاشك أنَّ المراد بها ليس ما يذكر بالثوية أو الحنانة ولا نعيد ما ذكرناه هناك، بل نذكر ما يرتبط فقط بالنجف الأشرف فهي كالتالي:
١- روی ابن قولویه جعفر بن محمد القمي المتوفى سنة 367 هـ بإسناده عن يونس بن ظبيان الأَزدي الكوفي المتوفى نحو 148 هـ قال كنت عند أبي عبد الله ـ الصادق عليه السلام ـ بالحيرة (2) أيام مقدمه على أبي جعفر ـ الباقر عليه السلام ـ في ليلة صحيانة (3) مقمرة فنظر إلى السماء، فقال: يا يونس أما ترى هذه الكواكب ما أحسنها، أما أنّها أمان لأهل السماء ونحن أمان لاهل الأرض، ثم قال: يا يونس فمر بإسراج البغل والحمار، فلما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) وتبعد النجف عن بغداد العاصمة 160 کیلومتراً تقريباً، وأما المسافة بين النجف وكربلاء فهي بحدود ۷5 کیلومتراً بالسيارة.
(2) الحيرة: تقع اليوم بين النجف والكوفة وكانت قاعدة الملوك اللخميين.
(3) صحيانة: صافية ليس فيها غيم أو غبار.
(83)


أسرجا، قال: يا يونس أيهما أحبّ إليك البغل أو الحمار؟ فظننت أن البغل أحبّ إليه لقوته، فقلت: الحمار، فقال عليه السلام: أحب أن تؤثرني به قلت: قد فعلت، فركب وركبت، ولما خرجا من الحيرة قال: تقدم يا يونس، فأقبلَ يقول تيامن تیاسر، فلما انتهينا إلى الذكوات الحمر(1)، قال: هو المكان، قلت: نعم، فتیامن ثم قصد إلى موضع فيه ماء وعين فتوضأ، ثم دنا من أكمَةٍ فصلّى عندها، ثم مال عليها وبكى، ثم مال إلى أكمة دونها ففعل مثل ذلك، ثم قال: يا يونس إفعل مثل ما فعلت، ففعلت ذلك، فلما تفرَّغت، قال لي: يا يونس، تعرف هذا المكان؟ فقلت لا. فقال: الموضع الذي صليت عنده أولاً، هو قبر أمير المؤمنین عليه السلام والأكمة الأخرى رأس الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام: إنَّ الملعون عبيد الله بن زیاد لعنه الله لما بعث رأس الحسين عليه السلام إلى الشام ردّ إلى الكوفة فقال: أخرجوه عنها لا يفتن به أهلها، فصيّره الله عند أمير المؤمنين عليه السلام فالرأس مع الجسد والجسد مع الرأس (2) وجاء في الوسائل: «فدفن، فالرأس مع الجسد والجسد مع الرأس»(3).
ويعلق المجلسي على قوله عليه السلام: «فالرأس مع الجسد» أي بعدما دفن هناك ظاهراً ثم أُلحق بالجسد بكربلاء، أو صعد به مع الجسد إلى السماء كما في بعض الأخبار (4)، أو أنَّ بدن أمير المؤمنین صلوات الله عليه كالجسد لذلك الرأس وهما من نور واحد (5)، وتفسير المجلسي في مقطعه الأول هو جمع صناعي مقبول فعليه يكون النقل أولاً إلى النجف ثم نقل إلى كربلاء، وعلى أي حال فالرواية تنافي قول المشهور بأن الإمام زين العابدين عليه السلام نقل الرأس الشريف إلى كربلاء، ولعل الرواية مردودة لضعف سندها بعلي بن أحمد بن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) الذكوات الحمر: فالذكوات جمع الذكاة وهي الجمر، الملتهبة من الحصى، ولكن جاء في مجمع البحرین: ۱ / ۱59 نقلاً عن الوافي: ۸ / ۲۰۹ بعد ذكر معنى المفردة «قبر علي عليه السلام بين ذكوات بيض»، والظاهر أراد به الدر المعروف بدر النجف، وهو لا يتطابق مع ما رواه يونس بن ظبيان.
(2) کامل الزيارات: ۳6.
(3) وسائل الشيعة: 14 / 403.
(4) وهذه الأخبار لم تعتمدها الإمامية.
(5) بحار الأنوار: 45 / ۱۷۸.
(84)


أشيم وبيونس بن ظبيان الأزدي، وبالواسطة بينهما «عن رجل» حيث لم نجد في المعاجم أنَّ علي بن مهزیار روی عن علي بن أحمد بن أشيم، ولا برواية ابن أشيم عن يونس، بالإضافة إلى أنَّ الطوسي صرح بجهالة ابن أشيم(1)، وذكر محمد بن قولويه حديثاً صحیح السند بذم الإمام الرضا عليه السلام ليونس وهناك من يوثقه، ويضعف سند الحديث الذي فيه ذمُّه.
ومن جهة أخرى فإنَّ في نص الرواية غموضاً، ومن هنا علق كل من رواها ليفسر المقطع الأخير، وهناك من أراد أن يحدد الأكمة الثانية بمسجد الحنانة ولكن العبارة الواردة في النص تأباه لأنَّ مفهومها يوحي بقرب الأكمتين، وأما الحنانة فبعيدة عن المكان حيث إنَّ المسافة الجوية بينهما من القبة إليها تعد ب 2٫۱5 کیلومتر، وهو لا يناسب مفهوم الرواية ومنطوقها.
2 ـ روی محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460 هـ بإسناده (2) عن عبد الله بن طلحة النهدي المتوفي في 147 هـ قال: «دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ـ فذكر حديثاً فحدثناه ـ فمضینا معه ـ أي مع الصادق عليه السلام ـ حتى انتهينا إلى الغَري، فأتی عليه السلام موضعاً فصلى، ثم قال لإسماعيل ـ نجله ـ قم فصل عند رأس أبيك الحسين عليه السلام، قلت: أليس قد ذهب برأسه إلى الشام؟ قال عليه السلام: بلى ولكن فلان مولانا سرقه فجاء به فدفنه ههنا» (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) رجال الطوسي: ۳۸4.
(2) اسناده: روى الطوسي عن محمد بن محمد بن النعمان المفيد المتوفى سنة 413 هـ والحسين بن عبيد الله الغضائري المتوفى سنة 411 هـ عن محمد بن أحمد القمي المتوفى سنة ۳۷۸ هـ عن أبيه أحمد بن داود القمي المتوفى سنة ۳6۸ هـ، عن محمد ابن علي عن عمه قال حدثني أحمد بن عماد بن زهير القرشي عن يزيد بن اسحاق شعر الأرحني المتوفى قبل ۲۰۳ هـ عن أبي السخيف الأرحني قال حدثني عمر بن عبد الله النهدي عن أبيه عبد الله بن طلحة النهدي المتوفی ق 14۷ هـ عن الإمام الصادق عليه السلام المتوفى سنة 148 هـ.
ولا يخفى أن معجم رجال الحدیث: ۲۰ / ۱۰6 اعتبر أن أبا سخيف (سخف) هو جد یزید بن إسحاق شعر لتكون سلسلة الرواة كالتالي: روى أحمد بن حماد القرشي عن يزيد بن إسحاق شعر بن أبي السخيف الأرحني (الأرحبي) وما ذهب إليه هو الصحيح.
(3) تهذيب التهذيب: 6 / 35، فرحة الغري: 53، وعنه البحار: 97 / 249، ومستدرك وسائل الشيعة: 10 / 226.
(85)


أولاً: إنَّ الحديث إنْ صحَّ لابد وأن تكون الزيارة قد وقعت قبل سنة ۱۳۳ هـ لأن إسماعيل نجل الإمام الصادق عليه السلام قد توفي سنة ۱۳۳ هـ ولا إشكال في ذلك، ثانياً: إنه وقعت في سلسلة في سنده شخصان: أحدهما محمد بن علي، والذي لم نتمكن من التعرف عليه وفيه إحتمالات عدة: الأول: إنه محمد بن علي الكوفي الذي لا يوثقه جمع من أرباب الرجال، وجهالته توجب الطعن في سندها، والثاني: هو عمه الذي رواه فإذا لم تتضح لنا شخصيته فلم نتمكن من معرفة عمه أيضا، وهذه الجهالة مضعفة للسند.
ولكن رواها الكليني محمد بن يعقوب المتوفى سنة ۳۲۹ هـ بإسناده (1) عن يزيد بن عمر بن طلحة، عن الإمام الصادق عليه السلام بشكل آخر، حيث قال یزید: قال أبو عبد الله ـ الصادق عليه السلام ـ وهو بالحيرة، أما تريد ما وعدتك؟ قلت: بلى ـ يعني الذهاب إلى أمير المؤمنین صلوات الله عليه ـ فركب وركب إسماعيل وركبت معهما حتى إذا جاز الثوية، وكان بين الحيرة والنجف عند ذکوات بيض (2) نزل ونزل إسماعيل ونزلت معهما، فصلی وصلى إسماعيل وصلیت، فقال لإسماعيل: قم فسلم على جدك الحسين عليه السلام فقلت: جعلت فداك، أليس الحسين بكربلاء. فقال: نعم، ولكن لما حُمل رأسه إلى الشام سرقه مولی لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين عليه السلام (3).
وفي ظاهر الحديث تناقض حيث يقول في أوله: «بين الحيرة والنجف» ثم في نهايته يقول إنه: «دفن بجنب أمير المؤمنين عليه السلام» اللهم إذا قصد بالجنب القرب وليس في الروضة أو الضريح أو المحيط القريب منهما، أو أراد بالنجف الأعم من الغري الذي فيه مدفن الإمام أمير المؤمنین عليه السلام (4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) إسناده: روى الكليني عن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي المتوفى سنة 307 هـ ـ عن أبيه ـ إبراهيم بن هاشم بن الخليل القمي المتوفى في أواسط القرن الثالث الهجري ـ عن يحيى بن زكريا ـ بن موسی ـ عن يزيد بن عمر بن طلحة ـ المفروض أنَّه توفي قبل 148 هـ عن الإمام الصادق عليه السلام.
(2) ذکوات بيض: أي حصوات بيض والذي يقال إنَّه دُرُّ النجف.
(3) الكافي: 4 / 5۷۱، وعنه قرحة الغري: 5۱ ووسائل الشيعة: 14 / 400 وكامل الزيارات: 34.
(4) راجع في تحديد النجف والغري والكوفة والحيرة كتاب ماضي النجف وحاضرها: 1 / 5.
(86)


وقد يكون أراد به المنطقة عامة وهذا أمر مألوف حيث يطلق على كربلاء وغيرها بالكوفة أو أطرافها ومن ذلك ما ورد في البداية والنهاية عن قبر الإمام الحسين عليه السلام: «فقد اشتهر عند كثير من المتأخرين أنَّه في مشهد علي» ثم أضاف: «بمكان من الطف عند نهر كربلاء، فيقال: إنَّ ذلك المشهد مبني على قبره» (1).
وفيه أنَّ يزيد بن عمر ـ أو عمرو بن طلحة، ويحيى بن زكريا بن موسى لم يرد فيهما مدح ولا ذم، وهما مجهولان، وقد علق المجلسي على هذه الرواية بأنها مجهولة (2)، ولكن هناك حديث آخر رواه الكليني محمد بن يعقوب المتوفى سنة ۳۲۹ هـ (3) بإسناده عن أبان بن تغلب البكري المتوفى سنة ۱4۱ هـ قال: كنت مع أبي عبد الله ـ الصادق عليه السلام ـ فمر بظهر الكوفة (4) فنزل فصلى ركعتين، ثم تقدم قليلاً فصلى ركعتين، ثم سار قليلاً فنزل فصلى ركعتين، ثم قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: جعلت فداك والموضعين اللذين صليت فيهما؟ قال: موضع رأس الحسين عليه السلام وموضع منزل القائم عليه السلام (5).
أولاً: بالنسبة إلى قوله: «وموضع منزل القائم عليه السلام» ربما كان المراد «موضع مكان القائم» ليكون «عليه السلام» جاء من قبل النُسَّاخ بمجرد ظهور كلمة القائم في الإمام الحجة عليه السلام، ويؤيد ذلك أن هناك رواياتٍ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) البداية والنهاية: 4 / 163.
(2) راجع مرآة العقول: 3 / 1 / 290.
(3) باسناده: روى الكليني عن عدة من أصحابنا ـ فهم أحد الثمانية محمد بن يحيی العطار القمي أو على بن موسی بن جعفر الكمندائي، أو داود بن كورة القمي، أو أحمد بن إدريس بن أحمد الأشعري، أو علي بن إبراهيم بن هاشم القمي، أو محمد بن عبد الله بن أذينة، أو أحمد بن عبد الله بن أمية، أو علي بن الحسين السعد آبادي ـ عن أحمد بن محمد ـ أما البرقي فقد توفي سنة ۲۷4 هـ، وأما الأشعري الذي كان من أصحاب الإمام الجواد عليه السلام المتوفي سنة ۲۲۰ هـ ـ عن فضالة بن أيوب ـ وأما الأزدي الذي كان من أصحاب الكاظم عليه السلام المتوفى سنة ۱۸۳ هـ والرضا عليه السلام المتوفى سنة ۲۰۳ هـ ـ نعيم بن الوليد، عن يونس عن الصادق عليه السلام.
(4) ظهر الكوفة: يطلق على النجف الأشرف.
(5) الكافي: 4 / 5۷۲.
(87)


وردت في شرح القائم بأنه العمود الذي كان هناك والذي انحنا لجسد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عندما مرّ من هناك لدفنه في النجف وقد سبق وتحدثنا عن ذلك (1) وتقديسه لأجل الانحناء ولا حاجة إلى الإعادة.
ولكن هناك رواية أخرى تُصرح بأنَّ المراد به مکان منبر القائم وحينئذ يصح وربما لا يرتبط بالحنانة، رواها عبد الكريم بن أحمد بن طاوُس المتوفى سنة 693 هـ بإسناده (2) إلى أبي الفرج السندي ـ المتوفی نحور ۱4۸ هـ ـ قال: «كنت مع أبي عبد الله جعفر بن محمد حين تقدم إلى الحيرة، فقال ليلة: أسرجوا لي البغل فركب وأنا معه حتى انتهينا إلى الظهر(3) فنزل فصلى ركعتين، ثم تنحى فصلى ركعتين ثم تنحی فصلی ركعتين، فقلت: جعلت فداك، إني رأيتك صليت في ثلاثة مواضع، فقال: أما الأول فموضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام، والثاني موضع رأس الحسين عليه السلام، والثالث موضع منبر القائم عليه السلام» (4).
ولا يخفى أنَّ الرواية التي رواها الكليني والتي فيها: «موضع القائم» رواها ابن طاوُس بإسناده إلى الكليني وفيها: «موضع منبر القائم عجل الله فرجه» (5) فيبدو أن في ما ورد في الكافي وهو مفردة «منبر»، وتؤيدها أيضاً رواية ثالثة رواها ابن طاوُس بإسناده عن مبارك الخباز عن الإمام الصادق عليه السلام ورد فيه: «موضع رأس الحسين عليه السلام وموضع منبر القائم عليه السلام (6) والذي لا يصرح بأنَّ فيه مدفن رأس الإمام الحسين عليه السلام.
ثانياً: يظهر من النص أنَّ موضع الرأس الشريف ليس بعيداً عن المرقد العلوي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع تاريخ المراقد: 6 / 7 / .
(2) بإسناده: هو رواية عبد الكريم بن أحمد بن طاوُس عن عبد الرحمان بن أحمد الحربي، عن عبد العزيز بن الأخضر، عن أبي الفضل بن ناصر، عن محمد بن علي میمون، عن محمد بن علي بن الحسن العلوي، عن ميمون بن علي بن حميد ـ عن إسحاق بن محمد المقرئ ـ عن جعفر بن محمد بن مالك ـ عن يعقوب عن إلياس.
(3) الظهر: أراد ظهر الكوفة أي النجف.
(4) فرحة الغري: 45 وعنه مستدرك وسائل الشيعة: 10 / 225.
(5) راجع فرحة الغري: 46.
(6) راجع فرحة الغري: 47.
(88)


ثالثاً: يظهر من استخدام مفردة الموضع من دون الإشارة إلى الدفن أنَّه أراد موضع لبث الرأس ومكوثه، حيث إنه حينما أراد أن يعبر عن مرقد الإمام علي عليه السلام قال: «موضع قبر أمير المؤمنين» أي موضع دفنه وهذا لم يحصل بالنسبة إلى الرأس الشريف.
رابعاً: إن بعض الرواة لم يرد فيهم مدح ولا قدح، وقد علق المجلسي على هذه الرواية بأنها ضعيفة على المشهور (1).
وهناك رواية أخرى تدل على دفنه عند الإمام أمير المؤمنین عليه السلام حيث روی جعفر بن محمد بن قولويه القمي المتوفى سنة ۳6۷ هـ بإسناده (2) إلى علي بن أسباط رفعه إلى أبي عبد الله ـ الصادق عليه السلام ـ قال: إنَّك إذا أتيت الغري رأيت قبرين قبراً كبيراً وقبراً صغيراً فأما الكبير فقبر أمیر المؤمنين، وأما الصغير فرأس الحسين بن علي عليهما السلام (3).
أولاً: الحديث مرسل حيث انقطع رواته من عند علي بن أسباط إلى الإمام الصادق عليه السلام.
ثانياً: يدل أنَّه كان على مقربة من قبر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
ويبدو أنَّ كل ما ورد في هذا المجال هو موضع رأس الحسين عليه السلام وليس قبره بل قبره عند الجسد في كربلاء، لوجود روايات أخرى تدل على ذلك منها ما رواه محمد بن جعفر المشهدي المتوفى بعد سنة 594 هـ مرسلاً عن محمد بن خالد الطيالسي (4) المتوفى سنة ۲5۹ هـ، عن سيف بن عميرة النخعي (5) قالت: خرجت مع صفوان بن مهران الجمال الأسدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) راجع مرآة العقول: 18 / 290.
(2) بإسناده: إذْ يروي جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن جعفر بن موسی بن بابویه القمي المتوفى سنة ۳۰۱ هـ عن سعد بن عبد الله ـ بن أبي خلف الأشعري القمي المتوفى سنة ۳۰۱ هـ، عن الحسن بن موسی الخشاب ـ من أصحاب الإمام الحسن العسكري (232 ـ 260 هـ) ـ عن علي بن أسباط ـ بن سالم المقرئ من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام (148 ـ 203 هـ) ـ عن الإمام الصادق عليه السلام.
(3) کامل الزيارات: ۳5.
(4) محمد بن خالد الطيالسي: هو حفيد عمر التميمي المكنى بأبي عبد الله الكوفي.
(5) سيف بن عميرة النخعي: هو الكوفي من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام (83 ـ 148 هـ)، والإمام الكاظم عليه السلام (۱۲۸ ـ ۱۸۳ هـ).
(89)


المتوفي نحو 14۷ هـ، وجماعة من أصحابنا إلى الغري بعدما ورد أبو عبد الله ـ الصادق عليه السلام ـ فزرنا أمير المؤمنین عليه السلام وقال: نزور الحسين بن علي عليه السلام من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام وقال صفوان: وردت مع سيدي أبي عبد الله الصادق جعفر بن صلوات الله عليه ففعل مثل هذا، ودعا بهذا الدعاء، بعد أن صلى وودع ... الحديث (1).
وبما أنّا تحدثنا عن ذلك في مدفن الرأس في كربلاء فلا حاجة إلى إعادة الكلام، والظاهر أنَّ الأثر الذي كان موجوداً في النجف، والذي أشارت إليه الروايات هو موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام، وأما الأحاديث التي تصرح بأن الرأس دفن في النجف لا يمكن الاعتماد عليها لعدم وثاقتها وتعارضها مع ما ثبت أنَّ الإمام السجاد عليه السلام نقل الرأس الشريف إلى كربلاء، وشرعية زيارة الأربعين إنما جاءت لأجل مردّ الرأس الشريف، ومشهور الفقهاء (2) وعلى أي حال فالمرجح أنَّ هذا موضع يزار منه الإمام الحسين عليه السلام كما فعل الأئمة ولا زالت المروياتُ تحكي عن ذلك وعمل الفقهاء جرى على ذلك.
ولقد ورد في حبيب السير: «أن یزید بن معاوية سلم رؤوس الشهداء إلى علي بن الحسين عليه السلام فألحقها بالأبدان الطاهرة يوم العشرين من صفر، ثم توجه إلى المدينة الطيبة»، ثم قال: «هذا أصح الروايات الواردة في مدفن الرأس المكرم» (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) المزار الكبير: ۲۱4 وعنه فرحة الغري: ۷۹ وعنه وسائل الشيعة: 14 / 401.
(2) جاء في مقتل الحسين لبحر العلوم: 4۷۱، المشهور عند الشيعة الإمامية أنَّ رأس الحسين عليه السلام بالخصوص وكذلك بقية رؤوس أهل البيت التي حملت إلى الشام كلها أُعيدت مع الإمام زين العابدین عليه السلام وزینب بنت علي عليها السلام إلى كربلاء اليوم الأربعين ودفنت مع أجسادها ولذلك أثِرتْ زيارة الأربعين عند الشيعة، ويضيف قائلاً: ولعل مرد ذلك إلى طلب الإمام زین العابدين عليه السلام رأس أبيه ورؤوس أهل بيته من يزيد بن معاوية حينما عرض له يزيد أن يطلب منه ما يشاء، بعد أن أظهر الأسف والندم على ما فعله ابن زياد في قتل الحسين وأهل بيته الأطهار عليهم السلام خوفاً من تصدع كيانه المهزوز.
(3) مقتل الحسين لبحر العلوم: 4۷۲ عن حبیب السير.
(90)


وقال ابن الجوزي: واختلفوا في الرأس على أقوال أشهرها انه (1) رده إلى المدينة مع السبايا ثم ردَّ إلى الجسد بكربلاء فدفن معه، قال هشام (2) وغيره (3) تعليقاً على كلامه: نصه موهم أن الرأس ذهب به إلى المدينة، وربما أرسله معهم ليأخذوه إلى المدينة حيث إنَّ يزيد سيَّرهم إلى المدينة ولكنهم عندما وصلوا إلى مفترق الطرق طلبوا من النعمان بن بشير الأنصاري أنْ يعرج بهم إلى كربلاء فوافقهم على ذلك.
وجاء في كتاب نور العين: إنَّ يزيد بن معاوية حشا الرأس بالمسك والكافور وسلمه لهم ـ لأهل البيت ـ فأخذوه وساروا إلى كربلاء، ودفنوه مع الجسد (4). وفي البحار: انه المشهور بين علماء الإمامية وقد رده علي ابن الحسين عليه السلام (5) وقال أيضاً: «وإنما يزار ويصلى ههنا لكونه محلاً للرأس المقدس وقتاً ما» (6) ومثله في عوالم العلوم (7).
وفي الملهوف: وأما رأس الحسين عليه السلام فروي أنَّه أُعيد فدفن بكربلاء مع جسده الشريف صلوات الله عليه، وكان عمل الطائفة على هذا المعنى المشار إليه (8) وفي مثير الأحزان: الذي عليه المعول من الأقوال أنَّه أُعيد إلى الجسد بعد أن طيف به في البلاد ودفن معه (9) وفي تاريخ العرب: واحتز رأسه وحمل إلى يزيد بن معاوية بدمشق فأمر یزید برد الرأس إلى أخت الحسين وابنه اللذين كانا قد رافقا الرأس إلى دمشق فأخذاه ودفن مع الجسد في كربلاء (10).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) الضمير في انه يعود إلى يزيد.
(2) هشام: هو ابن محمد بن أبي النضر بن السائب بن بشر الكلبي المتوفى في الكوفة سنة ۲۰4 هـ، النسابة المعروف صاحب المؤلفات التي منها: جمهرة الأنساب، الأصنام، ونسب الخيل.
(3) تذکرة الخواص: ۲65.
(4) نور العين في مشهد الحسين: 44.
(5) بحار الأنوار: 44 / 199.
(6) بحار الأنوار: ۹۷ / ۲44.
(7) عوالم العلوم (حياة الحسين): 451.
(8) الملهوف: ۲۲5، ونقل عن الإقبال أنه اعتمد ما ذكر في الملهوف.
(9) مثير الأحزان: ۱۰۷.
(10) تاريخ العرب المطول: 1 / 253.
(91)


وفي سيرة الأئمة: «الذي يراه أكثرُ الشيعة اعتماداً على بعض المرويات أنَّه مدفون مع الجسد في كربلاء وأنَّ الإمام زين العابدين قد استوهبه من يزيد فوهبه إيّاه وفي طريقه إلى المدينة مرّ علی کربلاء وألحقه بالجسد الشريف» (1).
ومن هنا ورد في نور الأبصار: «وذهبت الإمامية إلى أنه أُعيد إلى الجثة ودفن بكربلاء بعد أربعين يوماً من المقتل» (2).
والبحار نسب إلى السيد المرتضى والشيخ الطوسي ذلك حيث قال نقلاً عن الأول أنَّه ردَّ إلى بدنه بكربلاء من الشام (3)، ونقل عن الثاني أنَّه قال: «ومنه زيارة الأربعين» (4) يفهم من الجواهر ذلك أيضاً (5).
وعلى فرضية النجف فإنَّ تحديد المكان فيها كما في بعض أقوال المؤرخین لابد وأن يكون عند رأس الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حيث ورد عندها زيارة نجله الإمام الحسين علیه السلام ولربما مسألة الوقوف عند رأس الإمام هو الذي سبب الخلط بين رأس الأب والابن، ليكون الواقع كالتالي زیارة الإمام الحسين عليه السلام من عند رأس أبيه أمير المؤمنين عليه السلام وليس زيارة رأس الإمام الحسين عليه السلام عند أمير المؤمنين عليه السلام والله العالم.
من جهة أخرى فإنَّ مجمل الروايات الواردة في زيارة المعصومين عليهم السلام لا يؤكد فيها بالتوجه إلى «عند رأس المعصوم» كما هو الحال عند رأس الإمام الحسين عليه السلام، والتصريح بالدعاء عند رأس الإمام الحسين عليه السلام دون القول عند جهة الرأس ربما يوحي أو يتبادر أو يؤكد وجود الرأس الشريف عند الجسم المبارك بكربلاء والله العالم.
وعلى أي حال فإنَّ الموضع المشتبه به في النجف يقع في مسجد الرأس الذي كان قائماً جهة رأس الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أي الجهة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) سيرة الأئمة الاثني عشر: ۲ / ۸4.
(2) نور الابصار: ۲۳4.
(3) بحار الأنوار: 44 / 199 عن مسائل السيد المرتضی.
(4) بحار الأنوار: 44 / 199.
(5) جواهر الكلام: 20 / 93، واحتمل أنَّ الرأس دفن هناك أولاً ثم أخذ ودفن في کربلاء، وقد استهجن القمي ذالك في نفس المهموم: ۳۹۰.
(92)


الغربية للروضة العلوية ونترك الكلام عنه للشيخ محبوبة (1) حيث يقول: وهو مسجد واسع الساحة ضخم الدعائم کثیر الاسطوانات متقن البناء بابه في الصحن الشريففي الإيوان الكبير تحت الطاق «الساباط» (2) مقابل الرواق من جهة الرأس الشريف ويتصل بتكية «البكتاشية» (3) وهو قديم يظهر من جدرانه المنضدة بالأحجار الكبيرة أنه بني مع الحرم العلوي وينسبه البراقي (4) إلى السلطان عباس الأول (5) ـ كما هو الشايع عند النجفيين، وفي أحد محاريبه صخرة مكتوبة بحروف بارزة، ويحسب البعض أنَّ لها شأناً في الطلسمات. وجدد هذا المسجد سنة ۱۱56 هـ مع تذهيب القبة والمئذنتين بأمر «رضية سلطان بيكم» (6) كما في تاريخ نادري فقال ما ترجمته: «بذلت رضية سلطان بیكم (7) عشرين ألف نادري لعمارة مسجد الجامع الذي في جانب الرأس الشریف (8).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) محبوبة: هو جعفر بن باقر بن جواد بن محمد حسن النجفي (۱۳۱4 ـ ۱۳۷۷ هـ) ولد وتوفي في النجف من فضلائها، له عدد من المؤلفات منها: المختار من لئالي الأخبار، تعليقة على عمدة الطالب، والمجاميع الخمس عن التراجم والنسب والتأريخ.
(2) الساباط: السقيفة بين الدارين، الطاق، وفي عام 1426هـ الحق هذا الطاق بالحرم العلوي وأصبح جزءاً من الرواق الغربي للحرم.
(3) البكتاشية: فرقة صوفية تنسب إلى الطريقة التي انتهجها بكتاش التركي والذي يقال إنَّه عاش في القرن العاشر الهجري.
(4) البراقي: هو حسين بن أحمد بن إسماعيل الحسني النجفي (۱۲6۱ ـ ۱۳۳۲ هـ) المولود والمتوفى في النجف، من علمائها له مؤلفات منها: الجوهرة الزاهرة، منبع الشرف، والسر المكنون في الغائب المصون.
(5) عباس الأول: هو إبن محمد خدابنده الصفوي سادس ملوك الصفوية حكم بعد أبيه سنة 985 هـ إلى أنْ توفي سنة ۱۰۳۸ هـ.
(6) رضية سلطان بیكم: هي ابنة السلطان حسين بن سليمان القاجاري المتوفى سنة 1135 هـ، وزوجة السلطان نادر بن امام قلي الافشاري (۱۱۱۰ ـ ۱۱6۰ هـ).
(7) تاريخ نادري: 395، واسمه تاریخ جهانكشاي نادر ونصه جاء بالفارسية كالتالي بعد حذف المقدمات واختزاله، «رضية سلطان بیکم بنت خاقان شاه سلطان حسين نیز بيست هزار روبية که هزار تومان باشد براي تعمیر مسجد جامع إيست سر مبارك تحویل کارکنان گردید.
(8) وجاء في أحسن السير: إنَّ الأميرة رضية بيكم أرسلت البسط الفاخرة لأجل الحرم حملها عشرون جملاً وتم التعمير سنة ۱۱5۷ هـ.
(93)


ويقال: «إنه شيد ثانياً في أيام العلامة السيد بحر العلوم (1) رحمه الله وبأمره وإنَّه كان يقول لبعض خواصه إنَّه موضع رأس الحسين عليه السلام وإنَّ المسجد بني عليه ولأجله.
وفي أيام السلطان عبد الحميد العثماني (2) طُلِيَت جدرانه بأنواع الأصباغ ونصب فيه منبر من رخام أبيض صقيل واختص به أهل السنة زمناً وكانوا يقيمون الجماعة فيه في الجمعة والعيدين فقط وعند تقويض السلطة العثمانية (3) بقي هذا المسجد معطلاً مسدوداً بابه مدة غير يسيرة ثم فتح بابه وصلى فيه العلامة الكبير النائيني (4)، وقد سقطت بعض إسطواناته اليوم فعزمت الحكومة على عمارته وإصلاح أساسه ـ ويوجد على بابه بیتان وفيهما تأريخ إصلاحه في عصر السلطان عبد الحميد لم يستقيما وزناً وإعراباً وجاء بعدهما ما نصه: حرر في يوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام سنة 1306 هـ (5).
وقد وقع حوالي خمسة أمتار من الجانب الغربي من المسجد في الشارع الدائري الذي فتح عام ۱۳6۸ هـ (6).
وقد علقت السيدة سعاد ماهر (7) على نسبة هذا المسجد إلى رأس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) بحر العلوم: هو مهدي بن مرتضی بن محمد الطباطبائي البروجردي (۱۱55 ـ ۱۲۲6 هـ) ولد في كربلاء وتوفي في النجف من أعلام الإمامية ومراجعها، من مؤلفاته: تحفة الكرام، الإجازات، وأصالة البراءة.
(2) عبد الحميد العثماني: هو الثاني ابن عبد المجيد الأول حكم سنة ۱۲۹۳ هـ بعد أخيه مراد الخامس وحكم بعده أخاه محمد الخامس سنة ۱۳۲۷ هـ، وكان السابع والثلاثين من ملوك العثمانيين.
(3) انهارت الدولة العثمانية سنة ۱۳4۲ هـ.
(4) محمد حسين النائيني: من أعلام الإمامية وفقهائها الأصوليين المولود في نائین بایران حدود سنة ۱۲۷4 هـ والمتوفى سنة ۱۳55 هـ في النجف بالعراق، من مؤلفاته: تنبيه الأمة، التعليقه على العروة الوثقی.
(5) ماضي النجف وحاضرها: 1 / 103.
(6) هامش ماضي النجف وحاضرها: ۱ / ۱۰۳.
(7) سعاد ماهر: هي حفيدة محمد (۱۳۳5 ـ ۱416 هـ)، أستاذة جامعية وعالمة آثار مصرية استقلت في حقل الآثار الإسلامية والفنون القبطية، نالت الشهادة الجامعة والعالية (الماجستير) والعليا (الدكتوراه) من جامعة القاهرة، ساهمت بشكل كبير في =
(94)


امام الحسين عليه السلام قائلة: «المراجع التاريخية وكتب السيرة على اختلافها لم تنص على أنَّ رأس الحسين رضوان الله عليه قد دفن بالنجف بل ذكرت بلاداً أخرى وقد ناقشتها جميعاً عندما أُتيح لي شرف الحديث عن المسجد الحسيني بالقاهرة (1) ولعل السيد بحر العلوم لم يجد تفسيراً لتسمية المسجد باسم مسجد الرأس غیر کونه بني على رأس الحسين الشريف ومن الواضح أنَّ السبب في تسمية المسجد باسم مسجد الرأس هو كما جاء في تاريخ نادري وكما هو الواقع أنَّه بني إلى جانب رأس الإمام علي» (2).
ويبدو أنَّ السيدة سعاد لم تطلع على الروايات التي تتناقلها الإمامية والتي سبق ذكرها، هذا وليس السيد بحر العلوم ممن تفوته هذه الالتفاتة التي ذكرتها السيدة سعاد بأنَّ النسبة إنما جاءت إلى رأس الإمام علي عليه السلام بل إنما اختار ذلك لوجود تلك الروايات.
وفي الختام: لا يمكن الاعتماد على نقل ناقل مجهول عن السيد بحر العلوم على إثبات المدعى وليس على أرض الواقع ما يدل على ذلك، ومن هنا فهو خارج عن محل بحثنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= تأسيس كلية الآثار بجامعة القاهرة وأصبحت عميدة لها في الفترة (۱۳۹4 ـ ۱۳۹۷ هـ)، مارست التدريس في جدة للفترة (۱۳۹۷ ـ 1405 هـ)، عادت إلى كلية الآثار أستاذة حتى وفاتها، من مؤلفاتها: الجامع الأزهر أثر وحضارة، مشهد الإمام علي في النجف، ومحافظات جمهورية مصر العربية وآثارها الباقية.
( ) مخلفات الرسول في المسجد الحسيني: ۱۰۲.
(2) مشهد الإمام علي في النجف وما به من الهدايا والتحف: ۱5۳.
(95)


(96)