الحسين وأهل بيته وأنصاره (الجزء الرابع)

اسم الکتاب : الحسين وأهل بيته وأنصاره (الجزء الرابع)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : دائرة المعارف الحسينية / المركز الحسيني للدراسات /لندن المملكة المتحدة

 

 

 

 

116 117 118 119

باب الشهداء للصحن الحسيني الشريف باب السلطانية للصحن الحسيني الشريف

باب الرجاء للصحن الحسيني الشريف باب السلام للصحن الحسيني الشريف
(337)

120 121 123
ويمكن التركيز على بعض الحفريات الخشبية على أبواب الصحن الحسيني الشريف في الصور التالية.

باب الزينبية للصحن الحسيني الشريف حفريات خشبية من باب قاضي الحاجات

حفريات خشبية من باب الزينبية
(338)

123
وفي قبال ذلك يمكن ملاحظة نوع آخر من الزخارف المطعمة والتي استخدمت في أبواب الصحن الحسيني المقدس.

صورة من النقوش المستخدثة في باب القبلة الحسيني
(339)


وأما بالنسبة إلى الحفريات الخشبية، والمشربيات الخشبية التي استخدمت في الشبابيك والأبواب القرآن ومخازن كتب الأدعية والزيارات فيمكن ملاحظتها في الصور المعبرة التالية:

زخرفة خشبية بارزة زخرفة على أرضية خشبية

زخرفة خشبية استخدمت فوق الأبواب زخرفة خشبية استخدمت في السقوف

زخرفة خشبية استخدمت في رحلة القرآن زخرفة خشبية استخدمت في شبابيك المقابر التي كانت في ممر باب القبلة (مشربية)
(340)

130 131 0132 0134

نقشة خشبية استخدمت في ابواب المقابر (مشربية) زخرفة خشبية بارزة

زخرفة خشبية بارزة نوع من المشربيات الخشبية

نوع آخر من المشربيات الخشبية والتي استخدم قسم منها إلى جهة الرأس للفصل بين الرواق الغربي والروضة
(341)

135 136
وأما بالنسبة إلى أبواب الروضة والرواق فيمكن ملاحظة أن بعض الأبواب مليئة بألواح الذهب وأخرى بألواح الفضة وعليها زخارف ناتئة كما هو ملاحظ في الصورتين التاليتين:

من جمالية النقوش الذهبية الباب الشمالي للروضة الحسينية في مسجد شاهين والمكسوة بالفضة

ويمكن ملاحظة بعض الشبابيك الحديثة التي استخدم فيها الشبك الحديدي.


(342)


الفصل الخامس


الخطوط
لقد تحدثنا بإسهاب عن تاريخ الخط وأنواعه في المجلد الأول من معجم المصنفات، فلا يصح تكرار ما قدمناه هناك، ولكن الذي ينبغي بيانه هنا هو ارتباط الخط بالفن المعماري والذي أصبح جزءاً منه، وقد استخدم في الروضة الحسينية المباركة في كل المراقد والمساجد وبشكل رئيسي حتى لم تكد تتطلع على أي فن معماري إسلامي إلا وتجد الخطوط قد تعانقت مع النقوش النباتية أو الرسوم الهندسية، بل وتجاوزتها حتى أصبحت جزءاً من الزخرفة ومن نسيج واحد مع الطيور والزهور فأخذوا يرسمون الطيور والازهار بالخطوط، ومن الملاحظ أن الذي كتبوا عن القاشاني الكربلائي والزخارف – على سبيل المثال لم يتركوا ذكر الخطوط كعنصر من عناصر الزخرفة، فقد ذكر أحدهم: إن القاسم المشترك بين لوحات قطع القاشاني هو الورود والزهور، وأوراق الأشجار.
أما في الخط فاعتمدوا على الثلث(1)وقد أوضح بعضهم بأن السر في استخدامه كونه مركباً متراكباً ومتداخلاً يستوعب كلمات كثيرة على مساحة محدودة، أما خط النسخ(2) فتخط به عناوين الدوائر والمحال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) خط الثلث: أجمل الخطوط العربية وأرقاها وأصعبها، وقد قام ابن مقلة المتوفى سنة 328هـ بوضع قواعده الأولى وقد هذبها ابن البواب المتوفى سنة 423هـ، ويذكر أن ابن مقلة رأى امير المؤمنين «عليه السلام» في الرؤيا فأمره بتطوير الخط الكوفي. وعادة تكتب عناوين الكتب به – راجع معجم المصنفات الحسينية: 1/38.
(2) خط النسخ: سمي بذلك لأن الكتبة كانوا ينسخون المصاحف على صورته، وهو من =
(343)
والبنايات، أما الخطوط الجمالية كالتعليق(1) والديواني(2) فتستخدم في خط اللوحات الفنية ولتغليف القباب والأواوين، وهناك الخط الكوفي(3) الذي قام بهذه المهمة على أكمل وجه، وبتميز القاشاني بتلك الخطوط والزخارف والنقوش انتقلت اللوحات الفنية الرائعة من كربلاء موطن القاشاني الأزرق واستقرت في بلدان العالم المختلفة كشاهد على أصالة وعظمة الفن المعماري الجميل والمدهش(4).
ومما تجدر الإشارة إليه أن الخط الكوفي ذا المقاييس الهندسية، بما يمتلك من الزوايا كان له الدور البارز في استخدامه في الكتابات التي تصدرت المباني الإسلامية، فقد تشكلت منه معظم النقوش المرتبطة بالخط، فالخط التكعيبي والذي هو من مولدات الخط الكوفي أخذ موقعه الأول في الكتيبة المستخدمة ذات الطابع الهندسي وتلاه الخط الكوفي
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
= متولدات الخط النبطي، وهو خط لين ذو حروف مدورة استعمل منذ القرن الأول قبل الهجرة كرديف مع الخط الكوفي وبخاصة في المكاتبات وأعمال التدوين، وقد حل محل الخط الكوفي في الكثير من المجالات، وأهم مميزات هذا الخط هو رأس العين والميم الأخيرة، طوره ياقوت المستعصمي المتوفى سنة 698هـ - راجع معجم المصنفات الحسينية: 1/52.
(1) خط التعليق: عندما بسط البويهيون سلطانهم على العراق في أوائل القرن الثالث الهجري عمدوا إلى خط النسخ وأدخلوا في شكل حروفه أشياء زائدة ميزته عن أصله، وكان للحسن الفارسي المتوفى سنة 377هـ الفضل في استنباط قواعد هذا الخط في أول تكوينه، ومن مميزاته أن لا يخلط بحروفه حرف من قلم آخر من الأقلام العربية ولا ترسم له حركات – راجع معجم المصنفات الحسينية: 1/36.
(2) الديواني: سمي بذلك لكثرة استخدامه في داوين (دوائر) الحكومات وكان أول من وضع أسسه وسن قاعدة إبراهيم التركي المتوفى سنة 860هـ، وأشهره نوعان: الجلي، والطغرائي – معجم المصنفات الحسينية: 1/41.
(3) الخط الكوفي: نسبة إلى مدينة الكوفة في العراق، وقد نشأ من الخط السرياني، وهو خط جاف مستقيم الحروف حاد الزوايا، مما أعطاه طابعاً هندسياً، وقد انتشر في جميع الأقاليم الإسلامية واستعمل خاصة في القرآن الكريم نحو خمسة قرون، وقد تطور منذ نهاية القرن الثاني الهجري فزينت نهايات حروفه بزخارف نباتية، وهناك أساليب أخرى له – راجع معجم المصنفات الحسينية: 1/46.
(4) مقال للأستاذ كاظم ناصر السعدي على شركة الاتصالات الدولية (الإنترنت).
(344)
المضفور، ثم الخط الكوفي المشجر.
ولا شك أن خط الثلث كان هو الآخر استخدم في المراقد بشكل عام فمنه ما جاء متداخلاً في سطر واحد ومنه ما جاء في سطرين يفصلهما خط مستقيم يتكون من مد الياء المعقوفة أو بعض الحروف الأخرى لتضفي عليها جمالية تختلف عن غيرها.
ولم تفارق الخطوط اللوحة الخشبية كما لم تفارق اللوحة القاشانية بل تمازحت مع لوحة الذهب والفضة وحفرت على الرخام وبرز على سطح اللوحة المصنوعة من الجص وهكذا، ويمكن ملاحظة الخطوط التي استخدمت في الروضة الحسينية في الصور التالية:

139 140
(345)

144 145 146 147

(346)
* وأما عن اول كتيبة سجلت في المرقد الحسيني فهي ما كتبه الإمام السجاد «عليه السلام» عندما دفن أباه يوم 13/1/61هـ فكتب على قبره بإصبعه: «هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتلوه عطشاناً غريباً»(1).
* وفي عام 66هـ حين شيد محمد بن إبراهيم بن مالك الأشتر مرقد الإمام الحسين «عليه السلام» ورفع عليه قبة بيضاء، يتصور السيد عبد الجواد الكليدار(2) قائلاً: وقد زين حول كل مدخل منهما بالخطوط والنقوش البارزة تحمل الآيات القرآنية العظيمة بالكتابة الكوفية القديمة، ولعل من بينها بل في مقدمتها تلك الناطقة بفضل الشهادة وخلود الشهداء (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)(3).
* ولكن ظهور الكتيبة في الروضة المقدسة بشكل مؤرخ يبدو أنه كان في القرن الرابع الهجري وذلك عندما قام البويهيون ببناء الصحن الصغير فقد استخدموا القاشاني أولاً، وكتبوا على المئذنتين للصحن الصغير آيات قرآنية بالكتابة الكوفية(4).
ويبدو أن سنة الكتابة على القبور جاءت من الإسلام حيث ورد استحباب كتابة اسم الميت على القبر(5) كما فعل أمير المؤمنين «عليه السلام» على قبر نوح «عليه السلام»(6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع هذا الجزء: 3.
(2) عبد الجواد الكليدار: هو ابن علي بن جواد آل طعمة (1308 – 1379هـ) ولد وتوفي في كربلاء، تخرج من جامعة السوربون بفرنسا سنة 1347هـ (1928م)، أصدر جريدة الأحرار من بغداد، له العديد من المؤلفات منها: تاريخ الإسلام، ابن طبابا والدولة العلوية في الشرق، أمية في الجاهلية والإسلام.
(3) سورة آل عمران، الآية: 169.
(4) راجع تاريخ المراقد: 1/301.
(5) العروة الوثقى: 1/443.
(6) الإرشاد: 1/19.
(347)

(348)


الفصل السادس


الزخرفة
إن الزخرفة من الفنون التي تعلمها الإنسان من البيئة والطبيعة التي يعايشها، وبعد أن استوعبها أخذ يطورها تماشياً مع سنن الحياة التي أخضعت كل شيء إلى التطور والتطوير، والمفردة مأخوذة من زخرف بمعنى تزين وتحسن، فإذا ما حسنت شيئاً وزينته، وذلك بإدخال بعض عناصر الجمال قيل لعملك هذا زخرفة.
والزخرفة لا تختص بشيء دون آخر بل تدخل في كل مناحي الحياة من الملابس والأثاث والبناء بل والأواني، وحتى الجسم كما نشاهده في كثير من الأعراف يخضع إلى عملية التجميل ومن تلك وضع الخضاب للعروسة، حيث تخضب بالحناء رجليها ويديها وتنقش بالنقوش النباتية.
والزخرفة في العمارة وبالأخص الإسلامية منها تشكل من النقوش النباتية والحيوانية والخط، وعلى قاعدة الخشب والجص والمعدن والقاشاني وغيرها، وهذه الزخرفة قد دخلت في صميم عمارة الروضة الحسينية، وقد صرح المؤرخون لدى حديثهم عن القرن الرابع الهجري أن مرافق الصحن كانت مكسية بالقاشاني والفسيفساء مستخدماً الآيات القرآنية، وقد استخدموا المقرنصات وسائر الأشكال الهندسية البارزة، كما استخدموا الحفريات الخشبية(1) ولا شك أن ذلك لم يأت من فراغ بل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 1/300.
(349)

ناشئ عن تطور للبناء من القرون السابقة، ثم توالت وتطرت كما صرح بذلك المؤرخون(1) وكان للبويهيين دور كبير في ذلك.
والعناصر المستخدمة في الزخرفة بشكل عام هي أربعة:
1- الزخارف الكتابية: والتي لعبت دوراً أساسياً في زخرفة المساجد والمراقد والدواوين بل وغيرها، وقد استخدم الخط الكوفي ثم النسخ (الثلث) في تشكيل الزخرفة سواء على الحيطان أو الأبواب أو غيرها، وقد اتجهت نحو الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والأشعار سواء في جهة بيان الفضائل أو في جهة الرثاء، بالإضافة إلى بيان تاريخ البناء والمتبرعين وما إلى ذلك والذي زادها قيمة أثرية، وقد تحدثنا عن الخطوط واستخداماتها فلا حاجة إلى التكرار.
2- الزخارف النباتية: استخدمت هذه الزخارف المورقة (الأرابيسك) في تزيين القاشاني والأبواب والأضرحة والشبابيك بل ومخازن القرآن الكريم والرحلات التي كانت يوضع عليها القرآن وكتب الأدعية للقراءة والتلاوة، سواء كعنصر مستقل داخل اللوحات الجدارية والسقوف، أو كارضية للكتابات أو هوماشها على شكل أشرطة ممتدة ومتوازية، وفي اتجاه آخر استخدمت الزخارف النباتية المجردة إلى جانب الزخارف النباتية الطبيعية من أفرع وأوراق وسيقان وزهور، فكانت تستخدم بشكل مستقل أو بشكل متداخل مع عناصر نباتية أخرى أو مع الكتابات، بل واستخدمت الكتابات المشجرة للغرض ذاته، وفيما يلي صور بعض الزخارف المستخدمة في السقوف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 2/48 و61.
(350)

149 150 151

(351)

153

3- الزخارف الهندسية: والتي انتشرت على مداخل الأبواب وواجهات الأواوين وعند تلاقي الجدران لتشكيل الزوايا أو لتربط السقوف بالجدران والأعمدة بالسقوف مستخدمين الأشكال الهندسية ذات البعد الثلاثي كما هو الحال في المقرنصات والمتدليات الهندسية والتي لا زالت قائمة، بالإضافة إلى الأشكال الهندسية السطحية التي كان لها دور كبير في تشكيل الزخرفة كما هو سائر الأشكال الهندسية التي تتشكل إثر تقاطع الأشكال والخطوط بعضها بالبعض الآخر والتي في النهاية تبرز صورة جميلة من الزخرفة.

(352)

156 157

4- الزخارف التصويرية: وهذه وإن قل استخدامها في المساجد والمراقد إلا أنها لا تخلو منها، وبالأخص الطيور كالعندليب والحمام، ولكنها شاعت في المباني الأخرى، وهذا النوع من الزخرفة يولد مناظر تصويرية رائعة وبالأخص إذا تداخلت مع الزخرفة النباتية فتجد من الطيور والفراشات ما حطت على أغصان الأشجار وزهورها ومنها تحلق في الفضاء وبألوان زاهية والمعهودة في الأزهار والطيور.
هذه العناصر الأربعة قد تتداخل وقد لا تتداخل، من هنا أو هناك فتشكل كل منها لوحة رائعة تناسب موقعها حيث عمل عليها أرباب الفن من ذوي الاختصاص ممن هم بارعون في التخطيط والتنفيذ فإذا تحقق كل ذلك بهرت العيون وابتهجت القلوب وبالأخص إذا دخل عنصر اللون معها وهو بحد ذاته يحتاج إلى اختصاص وخبرة في استخدامه وفي اختياره بما يزيد على الجمالية والبهاء وقد سبق الحديث عنها.


(353)

(354)159

161


قاعدة الزخرفة


سبق وتحدثنا عن الأرضية التي تناسب الألوان، وإن شئت فقل الأرضية المستخدمة في الزخرفة، وهنا نجدد الحديث عن ذلك لتقول: إن الزخرفة لا بد وأن تكون لها قاعدة يعتمد عليها لإبرازها وتطبيقها ففي مثل الفن المعماري لا تخرج عن نطاق الخشب أو الجص أو الطابوق أو المعدن والصخر وسنستعرض واحدة واحدة:
1- القاعدة الخشبية: منذ أن دخل الخشب كعنصر أساس في البناء والعمران دخلت معها الحفريات وتطورت، ومن المعلوم أن الزخرفة الخشبية دخلت في الروضة الحسينية على ما صرح به المؤرخون قبل القرن الرابع الهجري ولعله في القرن الأول على عهد المختار الثقفي أو قبيله(1)، وكانت الأخشاب تستخدم لصنع صناديق الأضرحة والأبواب والشبابيك والسقوف بل والمشربيت التي تحول من الاختلاط بين الرجال والنساء، ولأمور أخرى ربما كانت الزينة والزخرفة من وجوهها، كما استخدم الخشب في صناعة الخزانات التي تحتوي على نسخ القرآن الكريم وكتب الأدعية والزيارات، بالإضافة إلى صنع المنابر ورحلات القرآن وما شابه ذلك، وقد استخدمت كل الأقوام والأقطار الزخارف الخشبية في المدارس والمستشفيات والبلاطات بل وسائر الصروح الأخرى مما غدا هذا الفن شائعاً منذ القدم، ولكن لكل شريحة أسلوبها الخاص في الحفر وسائر أشكال الزخرفة وفي اختيار النقوش، وكان للروضة الحسينية السبق في استخدام جميع أنواع الزخرفة الخشبية.
تعتمد الزخرفة الخشبية على عدد من الأمور أهمها: نوعية الخشب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 1/249 – 251 و294.
(355)
ولونه، ونوعية الزخرفة وشكلها، ونوعية الحفر وحاجته، بالإضافة إلى امور أخرى سنذكرها بالتدريج.
أما بالنسبة إلى الحفر فإنه قد يكون سطحياً وقد يكون عميقاً ليصل إلى حد النفوذ ولكل واحد منهما جمالية لا تتعارض مع الآخر، ومن الملاحظ أن جميع الزخارف السابقة سواء الكتابية أو النباتية أو الهندسية أو التصويرية تستخدم في الخشب على الطريقتين السطحية أو العميقة وما بينهما درجات، إذ قد تكون النقوش السطحية مجرد خطوط وأخاديد ترسم لك حدود الزهرة والخط، وقد تقلع من الخشب على مقاييسها، بل وربما يكون العكس جميلاً بان تكون الخطوط أو الزهرة بارزة نافرة.
وتضاف هنا مسألة أخرى ألا وهي التطعيم والذي يعني حفر النقوش ثم إدخال جنس آخر من الخشب أو غيره في المكان الذي حفر وافرغ لمزيد من الجمالية، وعندها تبرز النقوش ولون الخشب المطعم وذلك لأن الأخشاب تختلف نوعيتها، كما وألوانها فخشب الصندل لونه بني وخشب النارنج لونه أبيض فاختلاف الألوان يعطيك من الجمالية ما لا يعطيك مجرد الحفر، وعملية التطعيم ليست بالهيئة فإن لها من القواعد والقوانين ما لا بد من مراعاتها، منها قدرة الخشب على مقاومة الطقس فإن لكل خشب خصوصية معينة، ولكل واحدة منها عمر معين فلا بد من التنسيق فيما بينها وبين خصوصياتها، ومنها وضع الخشب حسب خطوط الطول أو العرض فإن لكل واحدة منها جمالية أو مقاومة خاصة.
وقد يكون التطعيم بعناصر أخرى ليست من جنسه كما يطعم الخشب بالعاج أو بالفضة والذهب أو بالأحجار الكريمة، وهذا ما يمكن ملاحظته في الصندوق الخاتم الذي وضع على قبر الإمام الحسين «عليه السلام» فإن قسماً منه مطعم بأنواع من الخشب، وقسماً آخر منه مطعم بالعاج وبغيرها، بينما يمكن ملاحظة الحفريات المجردة على باب السلطانية من الصحن الشريف، بل إلى جهة الرأس الشريف للفصل بين الروضة والروان الغربي، أو الذي استخدم كشبابيك للمقابر التي كانت في ممر باب القبلة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى نوع آخر من الزخرفة الخشبية وهي التي
(356)

تحصل من تعانق الأخشاب بعضها مع البعض الآخر أو تقوس وتنحني حسب حاجة الفنان في صناعته للحصول على مشبك أو مشربية أو ما إلى ذلك، فإن هذا النوع من التشابك أو الليونة يولد أشكالاً مختلفة من فنون الزخرفة التي قد لا يمكن للفنان الحصول عليه من خلال الحفر، أما لكلفتها المادية أو الزمنية أو لعدم مطاوعة الخشب لمثل ذلك، وهنا يتطلب من الفنان أن يستخدم أخشاباً تخضع للانعطاف أو يقوم بوضعها في الماء أو مواد أخرى لكي يتمكن من عملية الإخضاع، كما يمكن ملاحظة أن هناك أخشاباً لها قابلية الليونة والانعطاف كما في خشب شجر الرمان وقصب الخيزران، وكثيراً ما يستخدم هذا النوع من الزخرفة في الأقواس والشبابيك.
ولا ننسى الإشارة إلى أن جزءاً من هذا الفن أيضاً يرتبط بقص الخشب ونشره والذي أصبح اليوم سهلاً بفضل الأدوات الكهربائية التي صنعت لهذه الغاية، ولكن تبقى الأعمال اليدوية محتفظة بقيمتها التراثية والأثرية.
وفي نهاية الحديث عن زخرفة الخشب لا بأس بالإشارة إلى أن القدامى بل وحتى الفنيين الجدد لا يستخدمون المسامير المعدنية بل يستخدمون المسامير الخشبية إلا أنهم يختارون منها بحسب خطوط الطول والعرض من جهة ونوعية الخشب من ناحية أخرى، نعم هناك من يستخدم بعض الصفائح المعدنية أو المسامير المعدنية لأجل الزخرفة والزينة وليس لأغراض أخرى فإن ذلك فن مستقل بذاته وبما أن المؤرخين لم يذكروا وجوده في الروضة الحسينية فلذلك أعرضنا عنه، نعم سيأتي الحديث عنه لدى الحديث عن القاعدة المعدنية وفن الإطلاء.
بقي أن نشير إلى أن هناك مصطلحات يستخدمها الفنيون في الزخارف الخشبية واستخداماتها إلا أننا أعرضنا عنها لأنهم غير متفقين عليها فلكل قطر مصطلحه مما لا يمكن تأصيله وتجذيره ومن تلك تسمية الأسقف الخشبية بالمصندقات(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع الفنون الزخرفية اليمنية في العصر الإسلامي: 129.
(357)

163

زخرفة جدارية مزدوجة بين القاشاني والطابوق الأصفر والخط الكوفي التكعيبي

من الملاحظ أنهم استخدموا القاشاني الفيروزجي في الخطوط التكعيبية فتداخلت مع الطابوق الأصفر وكونت صورة جميلة ولوحة فنية وزادها جمالاً جمال الولاء جاء في المربع الأعلى اسم الجلالة (الله) وفي المربع الأسفل كتب اسم أمير المؤمنين (علي) «عليه السلام»، بينما كتب في الوسط اسم الرسول الأعظم (محمد) (ص) أربع مرات وجاءت الدالات الأربع متقاربة.

164

مزاوجة القاشاني مع الطابوق الأصفر بزخارف هندسية في جدار الصحن الحسيني
(358)
ويمكن ملاحظة الزخارف الجدارية التي استخدمت على القاشاني في النقوش التالية:

(359)

169 170 171

(360)

173

سقف القبة الحسينية من الداخل فوق الضريح المقدس والمكسو بالمرايا
إلى جانب أنهم قاموا بصنع المشربيات من القاشاني كما يمكن ملاحظة ذلك في الصورة التالية:

174

مشربية مصنوعة من القاشاني الأزرق
بينما تجد بعض النقوش الهندسية التي استخدمت على قاعدة من الجص الأبيض كما هو ملاحظ في الصورتين التاليتين، ومن الجدير ذكره أن معظم المرافق في الروضة الحسينية كانت نقوشها البارزة تعالج بالجص، ومما أتذكره في الثمانينيات الهجرية مدخل مقبرة كانت تقع في ممر باب
(361)


الزنيبية والتي تحولت إلى مخزن من مخازن المرقد الحسيني كانت أقواسها ومقرنصاتها مصنوعة من الجص.

175

نقوش على الجص

176

نقوش استخدمت على القاشاني

177
بينما نجد أن سقوف وأعالي الجدران في الروضة والأروقة مكسوة بالمرايا ومزخرفة بزخارف هندسية، ويمكن ملاحظة ذلك في الصورة التالية:

لوحة جدارية من الرواق الحسيني والمكسي بالمرايا
(362)
* وفي نهاية الحديث عن الزخرفة فإن أرباب الفن استخدموا المعادن كارضية لإبداعاتهم الزخرفية سواء في ذلك النحاس أو الفضة أو الذهب، وتحتوي على النقوش النباتية او النقوش الهندسية بالإضافة إلى الكتابات والأزهار وبألوان زاهية مما زادها بهاءً وجمالاً. وفيما يلي نماذج من تلك الزخارف والتي جاءت على الضريح المقدس وأبواب الأروقة والروضة بالإضافة إلى الجدران.

صورة باقة أزهار مصنوعة من الفضة النافرة والمثبتة على أحد الأبواب الغربية لمسجد شاهين
(363)

قطعة من الضريح الحسيني الشريف

قطعة من باب ذهبي في الروضة الحسينية
(364)

لوحة ذهبية من أحد أبواب الروضة

لوحة ذهبية من أحد أبواب الروضة
(365)

نماذج الخط والمينا والذهب والنقوش على أحد الأبواب
(366)

الذهب والنقش والخطوط والميناء على جدار الروضة

المقرنصات المجسمة والأقواس والنقوش والذهب والخطوط تعانقت معاً
(367)

الأشكال الهندسية استخدمت على قاعدة ذهبية على جدار

الذهب والخط البارز والنقوش النافرة تمازجت
(368)
* وأخيراً يمكن ملاحظة التنسيق ما بين الزخرفة التي استخدمت في الأعمدة الرخامية مع القاشاني والألواح الذهبية والفضية والخشب وترابط النقوش مع الكتابات والمقرنصات مع الأقواس حتى أصبحا معاً فناً واحداً لا يمكن فصل بعضه عن الآخر.

واجهة الطارمة الحسينية والتي أعمدتها من الرخام وأقواسها مكسوة بالقاشاني
(369)