الحسين وأهل بيته وأنصاره (الجزء الرابع)

اسم الکتاب : الحسين وأهل بيته وأنصاره (الجزء الرابع)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : دائرة المعارف الحسينية / المركز الحسيني للدراسات /لندن المملكة المتحدة

 

 

 

 

القرن العاشر الهجري


(21/9/1495 = 7/10/1592م)
25- وقفية الشيخ أمين الدين بتاريخ جمادى الأولى من سنة 907هـ، فيها دلالة واضحة على أن حصير البارية كانت مستخدمة في المرقد الحسيني لأجل الزوار، كما كانت الشموع مستخدمة للإضاءة أيضاً(1).
26- خدمات اسماعيل الصفوي(2) للمرقد الحسيني: حيث أمر في البداية بتذهب جوانب الضريح بتاريخ 26/6/914هـ، وبذلك يكون السلطان الصفوي أول من أضاف مادة الذهب في الضريح، كما أهدى اثني عشر قنديلاً من الذهب وفرش الحرم بالسجاد الإيراني المصنوع من الحرير(3).
وكان في إصلاحات وإمدادات السلطان الصفوي للحرم الحسيني قفزة نوعية في تطوير المرقد الحسيني الشريف، حيث استخدم لأول مرة الذهب كمادة تزيينية في الضريح، والذي أخذ بعدها بالتطور شيئاً فشيئاً، كما ولى بذلك عهد الاستفادة من الحصر والبواري ليقوم مقامه السجاد.
كما أنه في سنة 920هـ أكسى صندوق الضريح بالأقمشة الفاخرة المصنوعة من الحرير المزركش والموشى بالفضة والذهب، وأمر بصنع صندوق الخاتم المصنوع من الخشب الثمين وأودع فيه الفسيفساء كما زينه بالنقوش الاسليمية والختائية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 2/56.
(2) اسماعيل الصفوي: هو اسماعيل الأول بن حيدر بن جنيد الأردبيلي (892 – 930هـ) هاشمي النسب أسس الدولة الصفوية في سنة 908هـ، وكان موالياً لأهل البيت «عليهم السلام».
(3) راجع تاريخ المراقد: 2/58.

(201)

وفيما يلي نحلل المفردات التي جاءت كمواد مستخدمة في بناء وصناعة عناصر المرقد الحسيني الشريف:
أ- الحرير المزركش: إن مفردة مزركش فارسية دخلت العربية في حقل التزيينات النسيجية، حيث إن مفردة «زركش» فارسية مركبة من كلمتين «زر» بمعنى الذهب، و«كش» بمعنى السحب، وتعني المطلي بالذهب، أي سحب الذهب على واجهته، أو ما استخدم في نسيجه خيوط من الذهب، وأما في مصطلح أهل الفن الفرس فهو القماش الذي كانت إحدى خيوط نسيجه من الذهب، ثم اشتق العرب منه صيغة اسم المفعول باعتباره مفردة رباعية على وزن دحرج يدحرج فهو مدحرج وذاك مدحرج، فقالوا: زركش يزركش فهو مزركش وذاك مزركش، ويعادله في العربية تقريباً كلمة «الموشى» أي الثوب المنقوش، من الوشي، ولكن معناه عام يشمل كل التزيينات، وأما المزركش فيختص بالمزين بالذهب.
وأما كيفية صنعه فالجيد منه ما يحول الذهب إلى خيوط مطاوعة ليدخل في نسيج القماش الحريري، وهناك استخدام آخر لهذه الخيوط سواء الفضية منها أو الذهبية بشكل آخر ألا وهو تطريز القماش بمثل هذه الخيوط كأعمال يدوية.
ب- صندوق الخاتم: سبق الحديث عن الخشب المستخدم في مثل هذه الأضرحة، والذي هو خشب الساج والأبنوس، وأما الحديث عن تطعيمه، فقد ورد في النص أنه صندوق خاتم من الفسيفساء المزين بالنقوش الأسليمية والختائية، وما يهمنا هنا مسألة التطعيم وليست النقوش التي سنأتي على دراستها في محله، إن شاء الله تعالى.
إن مفردة خاتم فارسية الأصل درجت في مجال فن النحت في الأخشاب وهي نجارة الخشب وزخرفته، ومجاله الفصول الآتية، وأما الفسيفساء: فقد سبق الحديث عنه، وهنا استخدم لمطلق التطعيم كتطعيم الخشب بالخشب أو بغيره، كالعاج وأمثاله، وأما المفردات الأخرى فهي ترتبط بالفنون المستخدمة في النقوش وسنأتي عليها إن شاء الله تعالى، وأما المفردات التي ترتبط بهذا الفصل فهي:
ج- خشب العناب: والعناب شجر من فصيلة النبقيات، يرتفع ما بين
(202)
4-6 أمتار، قائم الساق، وأغصانه شائكة، ولون خشبه بني إلا أنه ليس بالغامق، ومقاومته جيدة، يستخدم في ما ظرف من أدوات الزينة الخشبية، وتطعيم الخشب بالخشب.
د- خشب الليمون: وربما أرد به خشب النارنج لانه أجود من غيره، وهو من فصائل شجر الليمون، وكلمة نارنج فارسية ويقال إنها معربة نارنگ بالكاف الفارسية، لا يختلفط النارنج عن الليمون(1) (البرتقال) في الحجم إلا أن لون قشره يضرب إلى الحمرة، والخشونة، وطعم لبه حامض، وربما مال بعض الشيء إلى الحلاء، ومعدل طول شجره ما بين 4-5أمتار، وخشبه صلد أبيض اللون، ومعطر، مقاوم للسوس، ودوامه طويل، يستخرج من أطراف أغصانه الزيت المعروف باسم تيرولي المستخدم في العطور، وأما زهره فيقطر لصناع ماء الورد (ماء الزهر)، ويستخدم خشبه للزينة، ويطعم به خشب الساج المائل من شدة احمراره إلى السواد، أو يطعم مع خشب الأبنوس الشديد الاحمرار، أو خشب الجوز، ليقع البياض على الحمرة فيكون جميلاً.
هـ - عظم الجمل والحصان: وردت المفردتان في النص، ويبدو أن هذين العظمين كانا يستخدمان كبديل عن العاد، من جهتين، الأولى: لاستقامتهما، والثانية: لبياضهما، وربما جاء اختيارهما كبديل للعاج لأنهما من أعضاء حيوانين حلالي اللحم بخلاف الفيل.
و – الصدف: ويقال له المحارة، وهو غطاء خارجي صلب واقِ يكسو أجساد عضديات الأرجل(2) والرخويات(3)، وتتألف أصداف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البرتقال: لا يخفى أن الليمون والذي يعرف عند العراقيين بالبرتقال هو مركب ما بين النارنج والليمون الأصفر (الليمون الحلو) وإنما سمي بالبرتقال لأن موطنه الأولي كان في البرتغال ويقال في تاريخه إنه اكتشف لأول مرة في البرتغال، كما يذكر أن تاريخه يعود إلى قبل الميلاد، كما لا يخفى أن النارنج في لبنان يعرف بـ«أبو صفير».
(2) عضديات الأرجل: نوع من أنواع اللافقاريات البحرية الصدفية، تشبه الرخويات من حيث الذراعان والعضدان، والأذرع مزودة بمجسات تتحرك فتحدث تيارات مائية تحمل إليها طعامها المؤلف من متعضيات صغيرة، لها أنواع مختلفة ومتنوعة.
(3) الرخويات: هي اللافقاريات وأغلبها حيوانات مائية، جسمها رخو غير معقل، =
(203)
عضديات الأرجل من مصراعين ينفتحان وينغلقان بواسطة مجموعة من العضلات، قوامها من طبقة عضوية خارجية تكسو طبقة رقيقة من كربونات الكلسيوم، وطبقة غليظة داخلية، وأما أصداف الرخويات فهي حلزونية الشكل عادة، وتتألف من طبقة خارجية وطبقة وسطى كلسية وبطانة داخلية لؤلؤية(1)، وقد استعمل الصدف في كثير من موارد التزيين، ومن أبرزها التطعيم في الخشب والتنقيش عليه.
ز– البرونز: لا شك أنها دخيلة في العربية، ولكن من أي اللغات، هذا ما لم نتمكن تحديده، ولكن من حيث اللفظ فإنها متطابقة مع الإنكليزية «bronze» وكذلك جاءت متطابقة مع اللغة الفرنسية(2)، إلا أنها ليست بإنكليزية ولا فرنسية حيث إن تاريخها كما يقال يعود إلى 3500 سنة قبل الميلاد، ولا هي لاتينية لأن اللغة اللاتينية اشتهرت في القرن السابع في قبل الميلاد، ويقال لها في اللغة الفارسية «برنج» وذكرت المصادر الفارسية بأنها معربة من «پرنگ» بالباء والكاف الفارسيتين.
وعلى أي حال فهي إشابة مخلوطة من القصدير والنحاس تتراوح نسبة النحاس فيها ما بين 67% و95% حسب حاجة الإنسان، وبذلك أصبحت أصلد من النحاس والقصدير، وربما خلطوا النحاس بمعدن آخر كالرصاص أو غيرها، واشتهر العصر الذي برز فيه كمادة استخدمت في كثير من الآلات والأدوات بالعصر البرونزي، والذي وقع ما بين العصر الحجري وعصر الحديد، لأنه استخدم بدلاً من الحديد لأنه أصلد منه، ولأن ذوبان النحاس والقصدير أسهل من الحديد بدرجات(3) فكان له دور كبير في صناعة الأدوات في تلك العصور وحتى قبيل عصرنا هذا، وكان قد استخدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وجزؤه الأسفل عضلي ويعرف بالقدم، ولكثير منها صدفة خارجية تقيها من الصدمات وابتلاع الحيوانات لها، منها الحلزون، وذات المصراعين، والاخطبوط.
(1) موسوعة المورد: 9/38.
(2) راجع المورد (في اللغة الإنكليزية)، والكنز (في اللغة الفرنسية) في مادة «bronze».
(3) لا يخفى أن النحاس ينصهر في درجة 1083ْم ويغلي في درجة 2300ْم، كما أن القصدير ينصهر في درجة 231,89ْم، وغلي في درجة 2260ْم تقريباً، بينما الحديد ينصهر في درجة 1535ْم ويغلي في درجة 3000ْم.
(204)
في مصر وأوروبا في الحضارات القديمة، ويذكر(1) أن اسمها ورد في الكتاب المقدس(2).
نحتمل والله العالم: أن الإسكندر المقدوني الذي ذكره الله في القرآن باسم ذي القرنين في قوله جل شأنه: (آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطراً)(3)حيث يذكر في تفسير كلمة القطر أنه النحاس المذاب، والزبر: هو القطع الصغيرة من الحديد، وقد جاء هذا الخليط قوياً ومستحكماً(4) ويذكر أن البرونز قديماً كان يصنع من قطع الحديد والنحاس بنسبة 67% و33% قطع الحديد(5) وكلما ذكرنا عن هذا الخليط يطابق ما فعله الاسكندر المقدوني الملقب بـ (ذي القرنين) والذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد(6) فجاء هذا الخليط أقوى من الحديد والنحاس، وربما كان الاسكندر هو الذي أبدعه.
وفي ما نحن فيه فقد أدخل كمادة تزيينية لضريح الإمام الحسين «عليه السلام».
ح- المعادن الملونة: ربما أريد به النحاس، والفضة والذهب، وما شابه ذلك حيث إن لكل منها لوناً يختلف عن الآخر، استخدم في تطعيم خشب الصندوق الحسيني وقد تحدثنا عن جميعها فيما سبق.
ط – دهن الصندل: جاء في المصدر «دهن الصندلوس»، في الواقع إن المصدر قد وقع فيه خطأ ربما كان من الطباع، حيث إن الصندل له دهن وأما الصندلوس فليس له دهن لأنه مادة (بلاستيكية) صنعت كبديل عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) موسوعة المورد: 2/121، 6/94، ولغت ماه دهخدا 9/976.
(2) راجع قاموس الكتاب المقدس: 960 تحت عنوان (النحاس).
(3) سور الكهف، الآية: 96.
(4) راجع تفسير الميزان: 13/364.
(5) راجع لغت نامه دهخدا: 9/967.
(6) ذو القرنين: جزم بعض المفسرين بأنه هو الاسكندر الكبير فيليب الثاني المقدوني الذي ولد سنة 336ق. م (990ق. هـ) وتولى الملك بعد وفاة أبيه سنة 356ق.م (1010ق.هـ) وتوفي في مدينة بابل في العراق سنة 323ق.م (976ق.هـ) وحمل جثمانه إلى الإسكندرية في مصر ليدفن هناك، والتي كانت هذه إحدى المدن التي بناها، وقد أخضع معظم البلاد لحكمه.
(205)
الصندل، وقد راجت في الفترة التي طبع فيها الكتاب (المصدر) فلربما وقعوا في مثل هذا الخلط لشيوعه آنذاك.
والصندلوس: بتشديد اللام، أصلها سندلوس مركبة من «سندل» و«لوس» فالأولى هي الخشبة المعروفة بالصندل، والثانية تعني البديل أو المزيف، ولما عربت أبدلت السين صاداً وأدغمت اللامان، فأصبحت صندلوس، وقد قمات المانيا بصناعتها ثم أخذها منهم الأتراك، وشاعت صناعة السبح منها.
وأما الصندل: فهو خشب شجر هندي أبيض الزهر، خشبه طيب الرائحة، وقد استخدم خشبه لصناعة عروش الملوك، وأدوات الأعيان، كما استخدم في صناعة السبح، ويقاوم نحو ستين سنة، ولا يفقد رائحته إلا إذا تعرض للشمس كثيراً، أو لأسباب أخرى.
والشجر الواحد يختلف فيه لون خشبه من الأبيض إلى الأصفر ثم الأحمر، حسب قدم زمانه فكلما كان غصنه غضاً جديداً كان أبيض اللون، وأفضله الأحمر.
وبما أن خشب الصندل مدهن فيستخرج منه الزيت ويستخدم في التطيب والطبابة، كما أنه يستخدم في تلميع الأخشاب(1)، ولهذا الغرض استخدم في تزيين الصندوق الحسيني الشريف.
27- التجديدات والإصلاحات التي تمت منذ سنة 936هـ إلى سنة 1000هـ كان أهمها توسيع المسجد الشمالي وإضافة الرواق الشمالي للروضة من قبل السلطان طهماسب الصفوي ووسع الصحن من جهة الشمال أيضاً، ولم يرد في المصادر بأنهم استخدموا ما هو جديد من حيث مادة البناء، رغم أنهم أجروا إصلاحات في القبة والمئذنة والروضة، وقد وصلت في هذه الفترة إلى الحرم الشريف هدايا ثمينة مصنوعة من الذهب والفضة إلى جانب المجوهرات والطنافس الحريرية والقناديل، إلا أنها لم تصرح بما هو جديد من حيث مواد البناء والإنشاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تذكرة أولي الأباب وفرهنك فارسي وتحفة حكيم مؤمن وغيرها في مادة سندل وصندل ولوس.
(206)


القرن الحادي عشر الهجري


(8/10/1592 = 14/10/1689م)
28- كسيت القبة الحسينية من الخارج بالقاشاني الاخضر سنة 1032هـ، وزخرفت من الداخل بالفسيفساء، وقد تحدثنا عن مادتهما سابقاً، كما وأن جميع التعميرات والترميمات لم تختلف مادتها البنائية عن ذي قبل، ولكن الذي حدث في هذا التاريخ أن السلطان طهماسب أمر بصنع ضريح منسوج من الفضة للحفاظ على الصندوق الخاتم المنصوب على القبر الشريف، وهذا العنصر جديد من حيث الهيكلية، إذ إنه صنع مثل الدرع المشبك الذي كان يلبسه المحارب كسترة واقية، فجاء هذا كستار واق للصندوق الخاتم، ولكنه صنع بشكل لا يحجب عن الصندوق، وأبدل فيما بعد بصندوق زجاجي كما سنتحدث عن ذلك في محله إن شاء الله تعالى.
وقد سبق وأن تحدثنا عن الفضة وخصوصياتها فلا نكرر.
29- جاء في وصف الرحالة عباس المكي بأن القناديل الذهبية كانت مرصعة، وأشفعها بالجواهر الكريمة، فلا بد من التوقف عند الكلمتين: الذهب المرصع، والجواهر الكريمة.
فالذهب المرصع: فإن مفردة رصع تعني أنزل وأثبت وأقام، والمراد بقولهم رصع الذهب بالجواهر، أي أنزلها فيه وأثبتها، يقال: تاج مرصع بالجواهر، إذا كان مزيناً بها.
وأما الجواهر الكريمة: فهي جمع الجوهر، ومن معانيه المراد به هنا، كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، ويطلق في عالم الفن على الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، والأحجار التي عادة تستخدم في ترصيع
(207)
الذهب وغيره في مثل هذه والمراقد وهي حب الحروف الهجائية كالتالي:
أ- الألماس: الكلمة يونانية دخيلة على الفارسية ثم العربية، والألف واللام جزء من الكلمة فهي على زنة پنجاب، بفتح أوله وسكون ثانيه، وهو اسم خماسي يجمع على ألماسات، والواحدة ألماسة، ومن الخطأ تصور البعض أن الألف واللام فيها للتعريف أو غيره ليكون أصله «ماس» بل هما جزء من الكلمة كما في ألمانيا وألبانيا.
والحاصل فإن الألماس معدن يعد من أشد المواد صلادة على الإطلاق، كما أنه لا يذوب إلا في درجة عالية جداً، ومن هنا جاء استخدامه في فوهة المدافع، فهو من الأحجار الكريمة، شفاف لماع وأجود أنواعه ذلك الذي هو عديم اللون ويأتي الأزرق في الدرجة الثانية من حيث القيمة الشرائية، وله ألوان أخرى كالأصفر والأخضر والأحمر والبني والأسود.
يتكون الألماس من الفحم الحجري المؤلف من الكربون في طبقات الأرض، ويتواجد في إفريقيا بكثرة ومن البلدان التي اشتهرت بذلك سيراليون وزائير.
يستخدم في الغالب لأجل الزينة، وربما كان مطلوباً أكثر من غيره، وقد استخدمه الملوك والسلاطين في تيجانهم والأميرات في حليهم.
ربما أريد بالبلور – الذي ورد فيه عدد من الروايات «نعم الفص البلور» - الألماس وليس در النجف كما سيأتي الحديث عنه.
ب- الدر: لا شك أن الكلمة عربية، والواحدة درة، والجمع دراري ودرر، وللدر معنيان، الأول: هو اللؤلؤة العظيمة، والثاني: هو الحصى التي تتحول إلى مادة شفافة بسبب التغيرات المناخية، وتصبح كأنها زجاجة، وإن شئت فقل إنها زجاجة طبيعية لأن الزجاج يحصل من خلط بعض أنواع الرمال الناعمة والصوديوم وبعد صهرها في درجة حرارة وبالطريقة التي يصنع بها وكذلك بمعدل درجة تبريده.
(208)
والدر: بالتشديد، حجر شبه كريم يتولد في الأراضي الرملية ذات الحصاة الواقعة على خط الاستواء أو الخط المداري القريب من خط الاستواء، وأفضله در النجف في العراق، وقد وردت في استحباب التختم به روايات منها رواية الصادق «عليه السلام»، حيث قال: أحب لكل مؤمن أن يتختم بخمسة خواتيم: 1-بالياقوت وهو أفخرها، 2- أو بالعقيق وهو أخلصها لله ولنا، 3- وبالفيروزج وهو نزهة الناظر من المؤمنين والمؤمنات، وهو يقوي البصر، ويوسع الصدر، ويزيد في قوة القلب، 4- وبالحديد الصيني، وما أحب التختم به ولا أكره لبسه عند لقاء أهل الشر ليطفئ شرهم، وأحب اتخاذه فإنه يشرد المردة من الجن والإنس، 5- وما يظهره الله بالذكوات البيض بالغريين.
قلت: يا مولاي، وما فيه من الفضل؟
قال: من تختم به وينظر إليه كتب الله له بكل نظرة زورة أجرها أجر النبيين والصالحين، ولولا رحمة الله لشيعتنا لبلغ الفص منه ما لا يوجد بالثمن، ولكن الله رخصه عليهم ليتختم به غنيهم وفقيرهم(1).
وربما قيل له البلور: بكسرالباء وتشديد اللام المفتوحة على زنة سنور، ويقرأ بفتح الباء وضم اللام المشددة على وزن تنور، وهو حجر من المعادن، والواحدة بلورة، وكان يجلب من القارة الإفريقية(2). وفي حديث الرسول (ص) والصادق «عليه السلام»: «نعم الفص البلور»(3) وهو كما عرفه أرباب اللغة: جوهر أبيض فارسية الأصل(4).
ت- الزبرجد: بفتحتين وسكون، فارسية دخيلة، الواحدة زبرجدة، والجمع زبرجات، وهو حجر معدني كريم من أخوات الزمر، وقيل هو نوع من انواعه.
وهو شفاف أخضر ضارب إلى الزرقة، يتواجد في البرازيل وجبال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حلية المتقين: 19 عن تهذيب الأحكام: 6/37.
(2) راجع مجمع البحرين: 3/230.
(3) وسائل الشيعة: 5/97، ومستدرك وسائل الشيعة: 3/301.
(4) راجع المنجد في اللغة: 48.
(209)
أوريال في روسيا، وسيلان والهند، ومدغشقر، والولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وقبرص، ومصر، له استخدامات طبية وعلمية، وأفضله الأخضر، وأردأه الهندي الأحمر، وبعضه أصفر اللون، وقيل أجوده الشرقي، وجاء في حديث علي «عليه السلام»: «موضع الكعبة كان زبرجدة خضراء»(1) واستخداماتها التزيينية كأخواتها.
ث – الزمرد: الكلمة فارسية دخيلة، الواحدة منه زمردة، وتجمع على زمارد، وهو حجر معدني كريم، شفاف شديدة الخضرة، وكلما اشتدت خضرته كان أجود وأصفى جوهراً، ويعد أنفس أنواع ما يسمى بالبريل (Beryl)، يتواجد في الرخام وفي الجبال، ومصدره من مناجم مصر وأميركا والپيرو وكولمبيا والإكوادور، وبعض المدن الإفريقية، موطنه المناطق الحار، وقد قامت الولايات المتحدة الأميركية بإنتاج الزمرد الصناعي منذ سنة 1946م (1365هـ)، وله استخدامات طبية وعلمية، وقد ورد في حديث الكاظم «عليه السلام»: «التختم بالزمرد يسر لا عسر فيه»(2) وهو كالياقوت في الاستخدامات التزيينية.
ج- العقيق: كلمة عربية خالصة، والواحدة عقيقة، والجمع عقق وعقائق. وهو حجر معدني نصف شفاف، وشبه كريم، ويستخرج الجيد منه من جبال اليمن، وهناك قسم آخر أردأ منه يستخرج من جبال الهند، وأشهره الأحمر (الكبدي) والأصفر والأبيض والرمادي، وأجوده الأحمر الكبدي، وهو الذي يسمى بالإنكليزية الكوارتز (Quartz) وهو من معدن يسمى المرو (الصوان)، وتركيبته من ثاني أوكسيد السيليكون، وقد يكون شفافاً أو نصف شفاف، أو معتماً، كما يمكن أن يكون معرقاً، ويستخدم في صناعة الموازين الحساسة.
ويوجد منه أنواع مختلفة في البرازيل والهند والأرغواي والولايات المتحدة الأميركية ومدغشقر وجنوب إفريقياوإسبانيا وأوروبا الشرقية، ولكل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار: 10/79، وفي السعة والرزق: 47 عن الرسول (ص) قال: «تختموا بالزبرجد فإنه يسر لا عسر فيه».
(2) وسائل الشيعة: 5/93. راجع أيضاً السعة والرزق: 47، مكارم الأخلاق: 89.
(210)
واحد منها أسماء خاصة به، فمنها الجشمت، وعين الهر، والجزع(1)، وحجر خلدونيا، واليشت، وغيرها، واليشت بالذات معرق بألوان مختلفة وجميلة، وله استخدامات كيمياوية وصناعية، والعقيق بشكل عام يستخدم كثيراً في صناعة الحلي، ففي حديث الباقر «عليه السلام» حين سئل عن أفضل ما يتختم به قال: «أين أنت عن العقيق الأحمر والعقيق الأبيض، فمن تختم بشيء منها لم ير إلا الخير والحسنى والسعة في الرزق والسلامة من جميع أنواع البلاء..»(2) إلى غيرها.
ح- الفيرزوج: معرب الفيروزة، أصلها فارسية، ولدى التعريب حرفت إلى الفيروزج أو الفيروز(3)، كما تعرف عند العراقيين بالشذرة، واحدها الفيروزجة، ويجمع على فيروزجات، وهو معدن حجري شبه كريم، لونه أزرق سماوي، أو أزرق مخضر، يتألف من فوسفات الألمينيوم المائية وقليل من النحاس والحديد، وهو يوجد على شكل عروق في جبال نيسابور بإيران وفي شبه جزيرة سيناء بمصر، وفي الولايات المتحدة الأميركية وشمال إفريقيا وسيبيريا واستراليا، أفضله النيسابوري.
ومن صفاته رفع الكآبة، ومن خصائصه إذا تعرض إلى الدهن فما كان منه غير مستوي ينغمق لونه ويضرب إلى الخضرة، وأما الناضج منه فلا يغيره الدهن، ومنذ القدم استخدم في الحلي والزينة، ورصعت به تيجان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في مكارم الأخلاق: 89 قال أمير المؤمنين«عليه السلام»: «تختموا بالجزع اليماني فإنه يرد كيد مردة الشياطين».
(2) وسائل الشيعة: 5/88، وهناك روايات أخرى في فوائد العقيق. راجع السعة والرزق: 46، وجاء في مكارم الأخلاق: 8: روي عن علي «عليه السلام» أنه قال: «تختموا بالعقيق يبارك عليكم وتكونوا في أمن من البلاء».
(3) وقد سماها الرسول الأكرم (ص) بالظفر حيث روى علي بن مهزيار قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر «عليه السلام» فرأيت في يده خاتما فضة فيرزوج، نقشه «الله الملك» قال: فأدمت النظر إليه، فقال لي: «مالك تنظر؟ هذا حجر أهداه جبرائيل «عليه السلام» لرسول الله (ص) من الجنة فوهبه رسول الله (ص) لعلي أمير المؤمنين «عليه السلام»، تدري ما اسمه؟ قال «عليه السلام»: فيروزج، قال: هذا اسمه بالفارسية، تعرف اسمه بالعربية؟ قال: لا، قال «عليه السلام»: الظفر».

(211)
السلاطين وعروش الملوك، وأواني الأمراء والوزراء، وفي حديث الصادق «عليه السلام»: «من تختم بالفيروزج لم يفتقر كفه إن شاء الله»(1).
خ- اللؤلؤ: مفردة عربية، جذرها من لألأ بمعنى برق ولمع، أو أنها هي الجذر ومنها جرت الاشتقاقات، الواحدة لؤلؤة، والجمع لآلئ، ويقال للحبات الكبار منه الدر، ولكن أرباب الفن يميزون بين المفردتين اللؤلؤ والدر، كما سبق الحديث عن الدر، وأما اللؤلؤ: فهو جسم كروي، الطبيعي منه غير متساوي الأقطار، أملس لامع يتكون في أصداف بعض القشريات، يتكون من دخول جسم غريب إلى الصدفة ذات المصراعين لدى فتحها، وغالباً يكون ذلك الجسم الغريب من رمل أو دودة صغيرة فيعمد المحار إلى إفراز مادة قوامها كربونات الكلسيوم، ويحولها إلى جوهرة نفيسة على شكل كرة صغيرة لا تتجاوز الحمصة الصغيرة، بيضاء(2)تضرب إلى الصفرة قليلاً، ولها ألوان أخرى: رمادي، أزرق، وردي، أخضر، أسمر، أو غيرها تبعاً لنوع الحيوان الرخوي، ونوع الجسم الطفيلي الذي يودع في الصدفة، ولكن الأسود أردأها، والأبيض أفضلها وأكثرها شيوعاً.
يكثر وجود اللؤلؤة في مياه البحرين وسواحل استراليا والهند والصين وكاليفورنيا في أميركا، والمهم أن تكون مياهها عذبة(3).
هذا وتمكنوا من التحايل على الحيوانات الصدفية بإيداع الحجم الذي يريدونه في الصدفة ليتحول إلى لؤلؤة ضمن أقفاص يمكن السيطرة عليها في قاع البحر، وتسمى هذه العملية بالزرع، ولكن الطبيعية منها أغلى من المصنع بالشكل الطبيعي، ويمكن تمييزها بطرق فيزيائية، وكانوا قديماً يستخرجونها حينما كانت الشمس تقابل برج السرطان والأسد لأسباب وقائية من الحيوانات البحرية والمناخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السعة والرزق: 47، ووسائل الشيعة: 5/94 وقريب منه في مكارم الأخلاق: 89 عن الإمام الكاظم «عليه السلام».
(2) بياضها حليبي اللون.
(3) وقد ذكر الدكتور زغلول النجار في مقابلة مع الفضائية «الشارقة» يوم الأربعاء 1/12/1426هـ بأن اللؤلؤ يمكن أن ينشأ في الماء المالح أيضاً إلا أن المرجان لا ينشأ إلا في الماء المالح.
(212)
ويعد أفضل اللآلئ هي التي تتكون في محيط دولة البحرين، وللؤلؤة فوائد طبية وغيرها، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم لدى ذكره جل وعلا لفوائد البحر وذلك في قوله عز شأنه: (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان)(1) ومنذ القدم تعرف الإنسان على اللؤلؤ واستخدمه في الزينة، والتي منها صناعة القلائد للنساء، واستخدمها الملوك والسلاطين في ترصيع تيجانهم وربما ملابسهم.
د- المرجان: كلمة عربية واحدها مرجانة والجمع مرجانات، قيل إنه اسم خماسي، وقيل أصله رباعي، وهو في الأساس اسم لحيوان بحري من الزهريات الشعاعية وهو لا حشوي (ذو تجويف بطني مركزي) يعيش في قاع البحار التي لا يزيد عمقها في الغالب على 30 قامة، بعيداً عن مصبات الأنهار، وفي المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، بحيث لا تنخفض درجة حرارتها عن 21ْم، وله أنواع مختلفة، ونوع منه يفرز مادة ينشأ منها الحجر الكريم الذي لونه في الغالب برتقال، وربما قرنفلي، بل وهناك اللون الأبيض أحياناً، يستخدم في صناعة المجوهرات، ويكثر تواجده في البحر الكاريبي، وبحر كورال، والبحر الأبيض المتوسط في المناطق الحارة منه، وقد ورد ذكره والياقوت أيضاً في القرآن الكريم لدى وصفه لحور العين: (كأنهم الياقوت والمرجان)(2) ويذكر أنه ينشأ في الماء المالح بخلاف اللؤلؤ.
ذ- الياقوت: الكلمة يونانية(3) دخيلة، تجمع على يواقيت، والواحدة منه يقاقوتة، وهو حجر معدني كريم، صلب رزين شفاف، ويعد من أنفس الجواهر، واشتهر منه أربعة ألوان: الأحمر، الأصفر، الأزرق، والأبيض، وأفضلها الأحمر الرماني، ويقال له بالإنكليزية كورندوم (Corundum) يتواجد في جبال الهند وسيلان وسيام وبورما واستراليا ومونتانا، وله فوائد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الرحمن: الآية 22.
(2) سورة الرحمن: الآية 58.
(3) وذكر الخواجة نصير الدين الطوسي في كتابه نسوخ نامه: 31 أن الياقوت مفردة عربية.
(213)
طبية وعلمية(1)، وقد ورد في حديث الرسول (ص) والصادق «عليه السلام»: «تختموا باليواقيت فإنها تنفي الفقر»(2) وقد دأب الملوك والسلاطين على ترصيع تيجانهم بالياقوت(3).
وهناك أحجار كريمة أو شبه كريمة أخرى أعرضنا عنها لأن مبتغانا فيما ذكرناها باعتبارها استخدمت كجزء من تراث هذا المرقد الشريف كواحدة من مراقد أئمة أهل البيت «عليهم السلام».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع ترتيب القاموس المحيط: 4/679.
(2) وسائل الشيعة: 5/92 – 93، السعة والرزق: 46.
(3) راجع بشأن، هذه الأحجار كلاً من المصادر التالية: موسوعة المورد، لغت نامه دهخدا، الموسوعة العربية الميسرة، نسوخ نامه، دائرة معارف القرن العشرين، فرهنك فارسي، تذكرة أولي الألباب وغيرها حسب المادة.
(214)


القرن الثاني عشر الهجري


(15/10/1689 = 23/10/1786م)
30- من سنة 1135هـ وحتى سنة 1138هـ جرت إصلاحات كبيرة من قبل زوجة السلطان نادر الافشاري للمرقد الحسيني الشريف، وكان طابعها العام الزخرفة والتأنيث وتلبية حاجات المرقد الحسيني الشريف لاستقبال الزائرين، ولكن لم نجد في النصوص التي وصلتنا ما هو جديد في مجال المادة المستخدمة في تلك الإنشاءات رغم أهميتها من الناحية الجمالية والمرفقية(1).
31- في سنة 1155هـ دخل الفانوس إلى المرقد الحسيني ليصبح جزءاً من الأدوات المستخدمة في إضاءة الحرم الحسيني، ولم نطلع على نص آخر سابق على هذا التاريخ يذكر فيه الفانونس.
أ- الفانوس: على وزن جاموس، يونانية الأصل(2)، والواحدة فانوسة، وتجمع على فوانيس، وهو مشعل يحمله المرء في الليل في تنقلاته لإضاءة الطريق، ويصنع منه على شكل قناديل إلا أنه محاط بالزجاج المؤطر ببعض الأسلاك المعدنية بغرض حفظ السراج من التعرض لتيار الهواء المطفئ لها، وهو بمنزلة المصباح الذي يحيط بالسراج، وهذا النوع الذي استخدم في الحرم الحسيني كان من المعلقات.
وهناك وردت مفردة مسرجة أخرى كبيرة الحجم دلت أوصافها على أنها تشبه الثريات المعروفة في عصرنا، وقد أهداها بعض السلاطين للرواق الحسيني سنة 1162هـ(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 2/95.
(2) فرهنك فارسي: 2/2480.
(3) راجع تاريخ المراقد: 2/101.
(215)
32 – وفي سنة 1171هـ سقف الضريح الحسيني بخشب الساج المطعم بأنواع الخشب الثمين، ولكننا لم نعثر في تركيبته على شيء جديد من المواد السابقة الذكر(1).
33- وأما في سنة 1172 فقد غلف الضريح بصندوق من الزجاج الفاخر والنادر ومن المعلوم أن الزجاج: مادة صلبة شفافة في الغالب، وتصنع بإذابة مزيج من السليكا (Silica) وبخاصة الرمل وبإضافة بعض الأكاسيد المعدنية بغية إكساب الزجاج المنتج خصائص معينة، وقد يضاف إليها بعض الألوان للزينة، ويختلف الزجاج في المميزات والخصوصيات باختلاف الخليط الذي يتكون منه، وبدرجة الحرارة التي تصهره وبدرجة البرودة التي تتعرض له في النهاية، فكل هذه الأمور لها تأثر في نقائه وصفائه وصلابته ومقاومته للحرارة والبرودة وللكسر وبالتالي في الجودة(2).
وقد تعرف الإنسان إلى صناعة الزجاج منذ فجر الحضارة، وقد برع في ذلك المصريون والفينيقيون في التاريخ القديم، ومنها انتشرت صناعته للعالم الغربي.
وهناك نوع كان يسمى بالزجاج الحجري وكان عادة يستفادة منه في صناعة المرايا الثمينة، وكان قابلاً للحفريات والنقوش الناتئة، وكان منتشراً حتى أواخر القرن الماضي.
والحاصل: إن الزجاج الذي نصب على شكل صندوق مؤطر بالخشب حول الصندوق الحسيني كان من النوع الفاخر، وقد استخدم كقطعة واحدة لكل جانب من جوانبه، وهي قطعة سميكة مقاومة وشديدة الشفافية.
34- يبدو من كلام الرحالة نيبور الذي زار كربلاء سنة 1179هـ أن في المرقد الحسيني كان قد استخدم عدد كبير من الشبابيك الزجاجية التي لم تكن مألوفة آنذاك في تلك المناطق كما صرح بذلك نيبور(3)، ويبدو لنا أنها كانت من صنع إيران، والتي كان مستخدمة في أروقة السلاطين،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 2/102.
(2) راجع موسوعة المورد: 4/222.
(3) راجع تاريخ المراقد: 2/105.
(216)
وغالباً ما كان الزجاج الملون باللون الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر بالإضافة إلى عديم اللون جزءاً لا يتجزأ من مواد هذه الشبابيك.
وبما أننا سبق وتحدثنا عن الزجاج وصناعته، لنشير إلى مفردة أخرى نص عليها نيبور وذلك حين جلب انتباهه شمعدان نحاسي، وهذه المفردة في الواقع فارسية مركبة من (شمع + دان) تعني موضع الشمع، أي المكان الذي يوضع فيه الشمع لأجل الإضاءة وعادة ما يصنع من البرونز أو النحاس، وقد يصنع من الذهب والفضة، بل وغيرها، وله أنواع مختلفة، وأما الذي تحدث عنه فإن له قاعدة كبيرة لأجل أن تستقر على الأرض في مثل هذه الأماكن العامة دون أن تنقلب، ويحيط عادة بالموضع المخصص للشمع صحن يجتمع فيه ما يسيل من الشموع حفاظاً على المكان والأثاث.
35- وفي سنة 1180هـ كان قد أنشئت المخالع على طرفي المداخل المؤدية إلى الروضة لتودع أحذية الزائرين فيها، وأهم عنصر استخدم فيها هو الخشب.
36- ويفهم من الأعمال التي أجريت عام 1185هـ أن الضريح كان محاطاً بشباك فولاذي قبل أن يتحول إلى شباك فضي.
أ- الفولاذ: على وزن صومال، وهو معرب پولاد الفارسية، ويجمع على فولاذات، وهو الحديد الصلد الذي فراغاته أقل من الحديد بفضل إضافة الكاربون إليه.
إن الفولاذ ليس معدناً بذاته بل إشابة صنعت من الحديد بنسبة 97,5% والكاربون بنسبة 2,5% وربما زيدت فيه نسبة الكربون إلى بعض العناصر الأخرى لتصل إلى 5% في قبال نسبة الحديد 95% مما يزيد تفوقاً على الحديد بالامتيازات التالية: يكون أصلد من الحديد، ويقاوم الصدأ أكثر منه، ويصبح أدكن منه، ويذوب في درجة أقل انخفاضاً من الحديد، كما يمكن أن يكون مظهره أملس من الحديد، وأشد مقاومة من الحديد(1).
وهذا القفص الفولاذي المكون من الأعمدة والمشبكات بالنقوش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع موسوعة المورد: 117، لغت نامه دهخدا: 9/550.
(217)
المستخدمة فيه أعطى للضريح جمالية فائقة سنبحثها في محله إن شاء الله تعالى.
37- في سنة 1195هـ كان للروضة عهد جديد حيث أدخلت المرايا في تشكيلتها البنائية فأخذت دوراً هاماً في إضفاء الجمال على هذه البقعة المباركة، وذلك بعد أن كسيت الجدران والسقوف بها، وقد تزامن مع إكساء جدران وأقواس الصحن الشريف بالقاشاني الجميل فزاده أبهة وجمالاً، وقد ازدانت الروضة بشيء من الذهب والفضة(1). ومن كل المفردات التي حصلنا عليها في هذه الإصلاحات هي مفردة المرآة.
أ- المرآة: بالكسر ثم ألف ممدودة اسم آلة اشتقت من رأى، ويجمع على مرايا ومراء. وهو كل سطح مصقول يعكس أشعة الضوء الساقطة عليه من جسم موضوع أمامه، وبذلك ترتسم عليه صورة ذلك الشيء، ويصنع عادة من الزجاج أو البلور وذلك بطلي أحد سطحيه بطبقة معدنية لامعة، وقد درجوا على طليه بالقصدير أو الفضة المذابة في المواد الكيمائية(2).
ولعل أول ما تعرف الإنسان على هذا النوع من الانعكاس هو سطح الماء الراكد الذي وجد نفسه فيه، ثم الصفحات المصقولة التي قام بصناعتها.
وأما بالنسبة إلى موضوعنا فإنها تقطع على شكل قطع هندسية صغيرة ليتم تنظيمها حسب النتوءات والتعاريج التي في السقوف والجدران أريد لها أن تكون ضمن أطر هندسية ليزاد من جمالية المكان وتنعكس الأضواء مرات عدة فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 3/47.
(2) راجع موسوعة المورد: 7/40 وغيرها.
(218)


القرن الثالث عشر الهجري


(24/10/1786 = 1/11/1883م)
38- في سنة 1207هـ أمر السلطان محمد القاجاري بتنصيب القبة الحسينية بعد أن جدد بناءها لتكون الأسمى فكان هذا التطور مدعاة مفخرة لمحبي الرسول (ص) وأهل بيته حيث ظلت القبة إلى يومنا هذا مكسية بالذهب، ولكن المواد التي استخدمت لم تكن تختلف عن ذي قبل ولذلك صرفنا الحديث عنها هنا.
39- وفي سنة 1216هـ أضيفت المرايا الجدارية إلى الروضة الحسينية والرواق، ولا جديد في ذلك من حيث ما نريد بحثه هنا.
وفي هذين العقدين جرت إصلاحات هامة في الحرم الحسيني إلا أن أهمها بالنسبة إلى موضوعنا هو صنع المشبك الفضي على الضريح، وكان ذلك من إهداء السلطان فتح علي القاجاري سنة 1218هـ، وقد سبق وقلنا إن الضريح الحسيني كان مصنوعاً من الفولاذ المشبك، فاستبدل بمشبك فضي، ومن الطبيعي أنه مصنوع من الفولاذ أيضاً إلا أنه مكسي بالفضة، كما هو الحال في الألواح الذهبية فإنها مصنوعة من النحاس ومكسية بطبقة من الذهب، وقد سبق وتحدثنا عن الذهب والفضة، ولمزيد من المعلومات عنهما نشير إلى ما يلي:
أ- الذهب: عنصر فلزي أصفر اللون قابل للتطريق والمد إلى حد تقصر دونه جميع المعادن الأخرى، ومن مميزاته أن الصدأ لا يعتريه، وهو لين جداً فلذلك يمزج معه الفضة أو النحاس فيميل لونه إلى البياض، أو الحمرة حسب نسبة الفضة أو النحاس الذي يضاف إليه، والذهب الخالص يعبر عنه بـ 24عياراً أي قيراطاً، أي لا يشوبه شيء، فإذا أبدل قيراطين من

(219)

الفضة أو النحاس قيل عياره 22 قيراطاً وهكذا ومعنى ذلك أن 22 من 24 ذهب و2 من 24 فضة أو نحاس، وعيار 22 هو أفضل ما يتعامل به الصاغة، والشائع عيار 18، وهناك أقل وأقل أيضاً.
وقد بدأوا منذ فترة مديدة بصناعة الذهب الأبيض وهو بشكله العلمي مزيج من الذهب (أي الأصفر) والبلاتين والبلاديوم والنيكل والزنك، ولكن يذكر أنهم استطاعوا أيضاً أن يحولوا لونه الأصفر غلى أبيض بمواد كيميائية دون أن يضاف إليه كل ما ذكرناه، وأما الذهب الأبيض المعروف عند الناس بشكل عام هو البلاتين وهو معدن كثير الشبه بالذهب من حيث الخصوصيات، حيث إنه فلز قابل للطرق والمد إلى أبعد حد وغير قابل للصدأ وشديد المقاومة للحرارة، وهو فضي البياض، ويمكن مقارنتهما بالجدول التالي مضافاً إلى الفضة التي نريد التحدث عنها أيضاً.
الفلز رقمه الذري وزنه الذري وزنه النوعي نقطة انصهاره نقطة غليانه كفاءته
البلاتين 87 90/195 45/21 1769مْ 4300مْ 2/4
الذهب 79 9/196 3/19 1063مْ 2966مْ 1/3
الفضة 47 86/107 5/10 8/960مْ 1950مْ ½
ويتواجد البلاتين بشكل طبيعي وبكثرة في جمهورية جنوب افريقيا والاتحاد الروسي، ويعود تاريخ اكتشافه بشكل واسع إلى سنة 964هـ (1557م) ثم اكتشف علمياً سنة 1148هـ (1735م).
ب - وأما الفضة: فهو معدن أبيض اللون (حليبي) لماع، قابل للمد، مقاوم للصدأ والتأكسد، وقد تعرف إليه الإنسان منذ القدم فكان فراعنة بمصر يستخدمونها كحلي، ويحتمل أن استخدام الفضة والذهب كعملة جاء قبل الميلاد بثمانية قرون أي قبل الهجرة بـ 15 قرناً، ويعد الذهب والفضة والابريديوم والبلاديوم والبلاتين من المعادن النفيسة(1).
40- منذ بداية العقد الثالث من هذا القرن جرت إصلاحات للمشهد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع مسوعة المورد، والموسوعة العربية الميسرة وغيرهما في مادة البلاتين والذهب والفضة.
(220)
الحسيني وكان منها إهداء الأمير القاجاري محمد علي بابين مصنوعين من خشب الساج ومكسوين بالفضة سنة 1220هـ، ومن ثم جاء النهب الوهابي للحرم الحسيني والقيام بتحطيم ما أمكن تحطيمه وهدمه، والقيام بعدها بالمزيد من الإصلاحات من قبل الملوك والسلاطين والأمراء والوزراء بالإضافة إلى الموالين والمؤمنين، لم نجد في النصوص الواردة مادة بنائية جديدة إلا ما ورد عن سنة 1225هـ أنهم عثروا أثناء تلك الإصلاحات على صخرة خضراء كانت جزءاً من منشآت الحرم الحسيني والتي قد أثبتت بها آية تساقط الرطب الجني، مما تدلنا وما رافقها من وجود محراب مصنوع من الرخام الأبيض أن الرخام دخل المشهد الحسيني كمادة إنشاء قبل القرن الثالث عشر الهجري.
أ – الرخام: بالضم على زنة غراب، ويجمع على أرخمة، والواحدة رخامة وتعني قطعة من الرخام، وهو نوع من أنواع الصخر القاسي المتحول من حجر الكلس أو حجر الجير بفعل الحرارة والضغط والمحاليل المائية ليصبح متبلوراً قابلاً للصقل، وله ألوان مختلفة، منها الأحمر والأخضر والأبيض إلى غيرها، ويأتي معرقاً، وكل أنواعه قابل للنحت فكان يستخدم لصنع التماثيل وفرش الأرض وإكساء الحيطان ويتواجد الرخام في أغلب المناطق الجبلية إلا أنه يكثر في إيران والأردن وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا وغيرها.
وقد استخدم الرخام في المشهد الحسيني لتبليط أرض الروضة وإكساء القسم السفلي من جدرانها، كما استخدموه لصنع المحاريب وحفروا فيها بعض الآيات القرآنية، ومن النص الوارد في هذا المقام(1) يتبين أنهم صنعوا من الرخام الأبيض محراباً، وعلى الرخام الأخضر حفروا بعض الآيات، ووضعوها على المحراب، ثم إنهم بعد ذلك استخدموا الرخام في كثير من مرافق الحرم الحسيني الشريف.
41- وفي سنة 1226هـ كان أبرز ما أنشئ في الحرم الحسيني أن الإيوان القبلي أكسي بالذهب واستخدم الرخام الأخضر فيه فإكساء جدار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 2/126.
(221)
الإيوان، وقد استورد من مدينة يزد الإيرانية، وزين سقفها بالمرايا واستخدمت الفضة في الأبواب(1)، واستمرت مثل هذه الأعمال لتسري إلى جميع الأبواب والأسقف والجدران.
42- وفي عام 1250هـ أنشئت دار للضيافة، وقد ورد وصف جميل للإضاءة فيه، وذكر لبعض تفاصيل المواد المستخدمة مما يفهم أن الإضاءة كانت تتم في مثل هذه الفترة الزمنية بالشموع الكافورية من جهة، وبالزيوت الشامية من جهة أخرى كما ورد في النص(2).
أ – أما الشمع: بفتح أوله وسكون ثانية، مع جواز فتحه أيضاً، واحده الشمعة، ويجمع على شموع، وهي مادة دهنية يفرزها النحل مع العسل ويجري فصلها عن العسل بالغليان، وتسمى الموم، ولها استخدامت مختلفة طبية وغير طبية. كما وتستخدم للتحنيط كبديل عن المومياء المادة الجبلية المعروفة، كما ويصنع من الموم الشمع للإضاءة بعد أن يذاب ويوضع في وسطه خيط قطني ويتفنن فيه ليكون على اشكال مختلفة وألوان جميلة فيشغل الخيط مستمداً وقوده من الشمع المحيط به.
كذا كان الشمع في أول اختراعه، ثم بدأوا يصنعونه من الشحومات الحيوانية بعد تصفيتها وإضافة بعض المواد إليها للمحافظة عليها من الفساد، ثم أخذوا يصنعونه من مواد دهنية أخرى مستخرجة من النفط والشجر أو ما شابه ذلك لتقوم مقام تلك.
ومن أفضل الشموع وأغلاها هو الشمع المصنوع من الموم والذي كان يضاف إليه الكافور لأجل تعطيره أولاً، وعد فساده ثانياً، ويبدو ان الهدايا التي قدمت إلى المشهد الحسيني كانت على قدر مهديها فالسلاطين أهدوا إلى هذا الصرح المبارك أثمن وأغلى الأشياء.
وكانوا يصنعون الشمع على شكل كبير من حيث الحجم طولاً وسماكة لمصل هذه الأماكن وبألوان زاهيةن إلى جانب نوع آخر صغير كان يوضع في الشمدان والقناديل أو الثريات المعلقة، ويحيطها كؤوس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 2/128 – 131.
(2) راجع تاريخ المراقد: 2/138.
(222)
زجاجية ملونة، وقد وصفها الشاعر السماوي(1) بأنها كانت حمراء اللون وبيضاء، كما كانت أطراف شفاهها وعراتها مذهبة مما زاد في جماليتها.
ب- الزيت: بالفتح والسكون، والجمع زيوت، والمراد لدى الإطلاق بالزيت المواد الدهنية النباتية في مقابل الدهن الذي هو مواد دهنية حيوانية، وكان من استخدامتها الإضاءة حيث كانت الزيوت توضع في وعاء خاص ذي فتحة ضيقة لتحرج منها الفتيلة، فتشتعل الفتيلة بفضل امتصاصها الزيت من الطرف الآخر الموضوع في الزيت، وكانوا أيضاً يستخدمون الشحوم الحيوانية مذابة، وربما أضافوا عليها مادة لتحافظ على سيولتها، وهذا هو الفرق بين الزيوت والشحوم فالزيوت بطبيعتها سائلة، وأما الشحوم فهي بطبيعتها جامدة، ومن الملاحظ أن هناك زيتاً آخر معدني المنشأ مثل النفط والذي كان يسمى بزيت الجبل أيضاً(2) إلى جانب الزيت الصناعي، وحسب الوارد في هذا المقام فإن أفضل الزيت لاستخدام الإضاءة آنذاك كان الزيت الشامي، كما ورد في النص(3) وزيت الشام الجيد كان يستخرج من الزيتون حيث كان زيت العصرة الأولى يستخدم للأكل، وأما زيت العصرة الثانية فيستخدم للإضاءة.
وكان هذا الوع من السراج يوضع في فوانيس لغرضين الأول الجمالية، والثانية خوف أن يلقيه الهواء أو يسبب حريقاً.
ومن القناديل التي كانت تستخدم في هذا المجال هو ما يسمى بالسراج، وهو مصنوع من الزجاج ذات قاعدة زجاجية تحتوي على النفط او الزيت، ولها زجاجة ذات عنق طويل وكان بالإمكان من تصعيد الفتيلة أو إنزالها زيادة النور أو انخفاضه، ومنها ما كانت على هذه الشاكلة
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السماوي: هو محمد بن طاهر (1292 – 1371هـ) ولد في السماوة وتوفي النجف كان من الأدباء الشعراء، تولى القضاء الجعفري في عدد من المدن العراقية ومنها في كربلاء والنجف له عدد من المؤلفات منها: ابصار العين، مجالي الطف، مناهج الأصول.
(2) كما أن الزيت كان يطلق على الأسيد ومنه زيت الزاج الذي هو اسيد سولفريك والذي كشفه محمد زكريا الرازي.
(3) راجع تاريخ المراقد: 2/138.
(223)
وتعلق إما على الجدران أو الأسقف.
43- وفي سنة 1250هـ تم تذهيب قاعدت المئذنتين(1)، وأما في سنة 1251هـ فقد تم نصب ستار ثمين مطرز باللؤلؤ في المرقد الحسيني(2) وقد سبق وتحدثنا عن اللؤلؤ، ولعل لأول مرة جاء في النصوص التصريح باللؤلؤ حسب ما لدينا من المصادر، وفي سنة 1256هـ أهدي إلى المرقد الشريف شمعدانان كبيران من الذهب(3)، وفي سنة 1257هـ بدأوا بتزيين ممرات مداخل الصحن الحسيني بالمقرنصات الجصية ثم إكسائها بالقاشاني، كما بدأت الكتيبة القرآنية تاخذ طريقها إلى المرقد الحسيني أيضاً(4) لتعم جميع المجالات، وأما في سنة 1258هـ فقد وصل الكثير من الهدايا الثمينة بما فيها التاج المرصع بالأحجار الكريمة، كما جرت إصلاحات متعددة في المرقد(5).
44- وفي سنة 1261هـ تم إنشاء السقاخانة في الصحن الحسيني ولعلها كانت الأفخم وربما الأولى من نوعها، ومواد البناء فيها لا تختلف عما سبق إلا في كسوة جدار الحوض من الداخل، والذي قديماً وبالأخص في مثل تلك الفترة الزمنية كان الجدار ينبى من الطابوق الأخضر والذي سبق بيانه، وكانت مادة الجص عادة مخلوطة بالزرنيخ أو الرماد – والتي سبق وتحدثنا عنها – ليكون الأقوى حيث يتماسك الطابوق مع الآخر ويشكل الجدار قطعة واحدة، وكان – في العادة – يكسى بالقاشاني أو القار، وقد تحدثنا عن القاشاني بإسهاب ولكن حتى يتضح الأمر أكثر من هناك فإن هذا النوع من القاشاني لا يختلف عن الذي كان يستخدم للتزيين إلا في جودة النوعية وبتعرضه للنار أكثر من تلك، وعادة كان يستخدم به لون واحد، وربما كان الأبيض أو الأزرق المناسب استخدامه لتخزين الماء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 2/139.
(2) راجع تاريخ المراقد: 2/140.
(3) راجع تاريخ المراقد: 2/142.
(4) راجع تاريخ المراقد: 2/143.
(5) راجع تاريخ المراقد: 2/148.
(224)