تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : دائرة المعارف الحسينية / المركز الحسيني للدراسات /لندن المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

شكل أوراق الأشجار تزهو عندما تضاء الشموع وينعكس عليها نورها، وتوجد في قمتها صورة أو تمثال طاووس جميل، وقد وصفها وأرخها الشاعر محمد بن أمير الحاج بأبيات شعرية ــ من المتقارب ـ:

 ومسرجة في رواق الحسين          بها قد حباهُ مُلوكُ العجمْ

حكتْ دوحة من على سامةٍ(1)                  بأفلاكها قد وجدنا حكم

وأغصانها الصفر تحكي شعاش(2)            شموس أصاءتْ لكلْ الأممْ

وأثمارها مثل عد البروج(3)                   شموع يجلي سناها الظلمْ

وطاووسها فوقها لم يصد                        فكيف تصاد طيور الحرم(4)

فقالت لي السرج أرخ لها(5)           عروس بشمع جلوها الحشم(6)

        ويظهر من قوله: « بأفلاكها قد وجدنا حكم» إن في أطرافها قد نقشت كلمات حكيمة.

        # وفي عام 1165هـ تولى السيد مهدي الزعفراني(7) السدانة لمرقد أبي عبدالله الحسين ع(8)

        # وعن عام 1171هـ أرخ الشاعر محمد بن أمير الحاج وصول صندوق للمرقد الحسيني قد زينت جوانبه بنقوش جميلة بمقطوعة شعرية ـ

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) السامة: السبيكة من الذهب أو الفضة.

(2) قوله: « أغصانها الصفر» يدلنا على أنها من معدن اصفر اللون، وبما أنه سبق وقال «سامة» فالظاهر أنها كانت مصنوعة من الذهب.

(3) أي بعد البروج والتي هي اثنا عشر برجاً.

(4) في العجز استخدم تورية لطيفة أشار الى حرمة الصيد في الحرم المكي، وقد عادل الحرم الحسيني بالحرم المكي.

(5) العجز يعادل: « 336+ 402+ 45+ 389= 1162» وهو سنة نصب المسرجة ولايعد منها «لها».

(6) ديوان محمد ابن أمير الحاج: 34.

(7) السيد مهدي الزعفراني: هو ابن محمد منصور بن حسين بن محمد قاسم بن إبراهيم الموسوي الحائري تولى السدانة بعد أخيه السيد علي حتى عام 1204هـ وهي سنة وفاته بالكاظمية حيث رثاه السيد صادق الفحام الأعرجي بقصيدة لامية.

(8) مدينة الحسين: 1/77، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 210، شهرحسين: 445.

(101)

من البسيط ـ:

جاؤوا بصندوق يحان الرسول وفي          صفاحة كل نقش راق يلتمعُ

فجل في قبة  فيها الدعاءُ الى عرش الاله الرفيع الشأن يرتفـــــع

لم تحكها قبة الرمان في شرف        ولا قصور على الفردوس تطلعُ

ألواح موسى تمنت أن تكون به       واللوح فيما تمنته له طمــــــــع

يل سدرة المنتهى ودت تشق له       لوحاً ولكن قضاء الله يتبــــــــعُ

تاريخه شمعه أو أقد لديه وقل         للجوهر الفردي صندوقاً قد اصطنعو(1)

  ولكن المصادر التي بحوزتتنا والتي كتبت عن التاريخ مرقد الحسيني لم تذكر أن الصندوق قد جدد في هذا التاريخ، وكل ما ورد فهو عن الصندوق السابق الذكر الذي قدمته كريمة السلطان الصفوي عام 1133هـ، والذي تصدع من حملة الوهابيين فيما بعد، وأصلح بعد أن أمن هجماتهم، ولايعقل أن يكون ذلك الصندوق قد بدل بغيره لقصر الفترة بين التاريخين والتي تبلغ 38سنة، بل يستحيل ذلك لان المؤرخين ذكروا بأن الصندوق الذي قدمته كريمة السلطان الصفوي تعرض للحملة الوهابية ورمم وجاء تاريخ الانشاء ثم تاريخ الترميم عليه وهو موجود لى يومنا الحاضرمما لا مجال لتعدد اصندوق،كما لا مجال للخطأ في محاسبة معادلات الحروف بالارقام على حساب الجمل، أو عدم فهم المراد منه، وقد حاولنا جهد الامكان أن نفهم من صدر البيت الأخير: هل المقصود طرح بعض الأرقام من التاريخ بطرق ملتوية وفنية الا اننا لم نستطيع فهم لذلك لكي يتطابق التاريخين، اللهم إلا أن يقال: بأن المراد بالصندوق صندوق آخر استخدم في موقع يختلف عن الموقع الذي وضع فيه ذلك الصندوق، ولعله المراد به الصندوق الذي وضع على الضريح الذي يكون بمثابة السقف للضريح، وربما قصد الشاعر هذا المعنى من قوله: « فحل في قبة» حيث الأنسب من كونه الصندوق الموضوع على القبر مباشرة، إذ كان عليه أن يقول: « فوق قبره» أو «حل وسط ضريحه» أو مشابه ذلك والله العالم.

ــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان محمد بن أمير الحاج الحائري: 33.

(102)

 

        ومن جهة أخرى فانه في هذا الأبيات يقول: «تاريخه شمعة أوقد لديه» فإن الكلمة تدل على الصندوق كأداة للأضاءة، ويؤيد هذا التوجه الأبيات الأخرى التي أنشاها عند نصب الصندوق التي سيلي ذكرها في العام الآتي.

        # وفي عام 1172هـ تم نصب الصندوق السابق الذكر على ما ورد في تاريخ الشاعر محمد بن أمير الحاج له بأبيات شعرية ــ من الطويل ـ حيث يقول:

تجدد صندوق الحسين كأنه            لحكمة أحكام الإله مدينة

ومشكاة مصباح توقد نوره             زجاجته مثل الكواكب طينة

فحفت به أملاكه ثم أرخوا             لنا جدد التابوت فيه سكينة(1)

        ومن التاريخين يتبين أن الأول أنشىء في وصول الصندوق وأما الثاني فقد أنشىء لنصبه، وربما كانت الفترة الزمنية بينهما قصيرة الا أنهم تجنبوا فترة المواسم عرفة وعاشوراء والأربعين فيكون وصوله قبل الغدير ونصبه بعد الأربعين فالاول يكون عام 1171هـ والثاين في عام 1172هـ.

        وعلي أية حال فإن هذه الأبيات تدل على ان الصندوق لم يكن صندوقاً خشبياً محضاً يوضع على القبر او الضريح بل هو صندوق من نوع آخر، ولعله كان مصنوعاً من الزجاج الخالص حيث يقول: «ومشكاة مصباح توقد نوره» ويبدو أنه لم يكن مصنوعاً من الزجاج الخاص حيث يقول: «زجاجته مثل الكواكب طينة»، ولكنه يتراجع في الشطر الأخير ليقول:«لنا جدد التابوت فيه سكينة» حيث أن كلمة التابوت أنسب للصندوق الخشبي الذي يوضع على القبر، وذلك لان التابوت هو الصندوق الخشبي الذي قد احتوى الواح النبي موس ع واحتفظ فيه ودائع النبوة وكانت آية من الآيات الالهية(2) وبما انه ورد في مادة التأريخ لا يمكن الاعتماد عليه في تشخيص نوعية الصندوق وذلك لان التاريخ لعله الى ذلك، بالاضافة الى أنه أراد أن يستخدم

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان محمد بن أمير الحاج الحائري: 35.

(2) وقد ورد في دعاء السمات: 25« فوق غمائم النور، قوف تابوت الشهادة في عمود النار» وفي حديث علي ع: «وعند أهل الكتاب أن التابوت حمل الى ناحية»=

(103)

التورية في ذلك بحيث يضمنها مضمون الآية الكريمة: (إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم).

        والحاصل أن احتمال أن يكون الصندوق مصنوعاً من الخشب ولكنه مقزز بالزجاج وارد جداً، وبذلك يرتفع التنافي الذي أثرناه.

        # وفي عام 1172هـ زار الوزير حسين(1) الروضة المباركة وقام بخدمات جليلة الى مرقد أبي الفضل العباس ع(2) سنأتي على ذكرها في محلة(3).

        ولعل الشاعر محمد بن أمير الحاج قصد بإنشائه البيتين التاليين هذه الزيارة(4) حيث ورد في ديوانه: كان وقوعها قبل زيارة الاربعين بأربعة أيام وتسمى زيارة مرد رأس الكريم فقفلت أبواب الحضرة النضرة واعلم الوزير، ولم تفتح للزيارة، فقال ـ من الطويل ـ:

بقرب غداة الأربعين تقفلتْ           على السيد المذبوح أبوابه القدس

فما قفلت الا لتنصب لللعزا            به أمهُ الزهراء خزناً على الرأس(5)

        # وفي عام 1174هـ أهدي ستار لأبواب الروضة الحسينية صنع في إيران فقال الشاعر ابن أمير الحاج(6)ـ من الرجز ـ قصيدة يقول في تأريخها:

استبرق الفردوس قل مؤرخاً          ساق الستور سندساً سنيا(7)

ـــــــــــــــــــــــ

= كرزيم من ناحية طور سيناء فكانت تظله بالنهار غمامة ويشرق عليه بالليل عمود من نار، وكان لديهم على الطريق ليلاً» ـ بحار الأنوار:87/110.

(1) الحسين: هو وزير وسلطان نادر الأفشاري، سكن كربلاء وقتل في غزوة الوهابيين لكربلاء عام 1216هـ.

(2) العباس للمقرم: 387، وعنه تراث كربلاء: 62.

(3) راجع فصل العين من هذا الباب.

(4) حيث لم نجد زيارة أخرى تنتاسب وحياة الشاعر.

(5) ديوان محمد بن أمير الحاج: 33.

(6) ابن أمير الحاج: هو محمد بن حسين (أمير الحاج) الحائري المتوفى 1180هـ.

(104)

        # وفي عام 1179هـ وبالتحديد ف 14 رجب(1) منه زار الرحالة كارستن نيبور(2) مدينة الحسين ووصف المرقد الحسيني وما يحيطه بقوله: « إن أطراف الحضرة والصحن(3) كانت  مصاءة كلها، وكان لها بذلك منظر فريد في بابه نظراً للشبابيك الكثيرة التي كانت موجودة فيها(4)، وقد كان ذلك يكاد يكون غريباً في هذه البلاد التي يقل فيها زجاج النوافذ يومذاك، وأن الصحن يقوم في ساحة كبيرة تحيط بها من أطرافها الأربعة مساكن السادة والعلماء، وكان يوجد بين يدي الباب الكبرى ــ القبلة ـ شمعدان نحاسي ضخم يحمل عدداً من الأضوية على شاكلة ما كان موجوداً في مشهد الامام علي»، ويضيف قائلاُ: «لم يوجد الكثيرمن الذهب في الروضة الحسينية يومذاك ولاسيما عندما يقارن ضريح الامام الحسين بضريح الامام علي في هذا الشأن»(5).

        ويبدو أنه لما زار مدينة كربلاء تمكن من ان يكون صورة عن المشهد الحسيني عبر مشاهداته من الخارج ووصف الآخرين له، فعمد الى بعض الرسامين فرسم مايلي:

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان محمد بن امير الحاج: 27(مخطوط).

(2) الموافق: 27/12/1765م.

(3) كارستن نيبور(1146ــ 1231هـ): رحالة ألماني اختص بعلم الفلك والجغرافية واللغات الشرقية أوفده ملك الدانمارك فردريك الخامس عام 1175هـ على رأس بعثة الى الشرق الأوسط وبالأخص شبه الجزيرة العربية لدراسة أحوال المنطقة جغرافياً وسياسياً واجتماعياً وأثرياً.

(4) الحضرة والصحن: أراد بالحضرة مبنى الروضة الداخلي وبالصحن مبنى الروضة الخارجي المحاط بالمبنى الداخلي.

(5) أن قوله: « نظراً للشبابيك الكثيرة» توحي العبارة الى وجود مثل هذه الشبابيك التي لم نعهد وجودها، فأما التي تحيط بالقبة فقد استحدثت فيمابعد هذا التاريخ وبهذا الشكل، فلربما كانت هناك شبابيك في جدار الصحن او الروضة الغيت فيما بعد.

(6) موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم كربلاء: 278 عن رحلة كارستن نيبور تراث كربلاء: 92.

(105)

 

                ش 172

      ص106          (10)

المرقد الحسيني بريشة رسام كما جاء رحلة كارستن نيبور

 

        # وقبل عام 1180هـ ـ على مايبدوــ كان الشباك الطل من الرواق الشمالي الى الصحن قد أنشىء، والذي كان يعرف بشباك السلام في قبال شباك الرأس(2) حيث يقول الشاعرابن أمير الحاج ــ من الرمل ـ:

إن ذا الشباك السلام           منه يأتي الروح من ذرى السلام(2)

ــــــــــــــــــــــ

(1) فتح الشباكان اللذان سبق ذكرهما لأجل تهوية الروضة الشريفة.

(2) ابن أمير الحاج: هو محمد بن حسين الحائري المتوفى عام 1180هـ وقد مضت ترجمته، ومن تاريخ وفاته جاء ذكرنا للشباك في هذا الموقع.

(106)

 

        # كما وكتيب بيتان له ـ من الرمل ـ أيضاُ على بعض المخالع في الروضة الحسينية:

زائر السبط هنا الق العصا             بلت ما قد رمت من قره عين(1)

فاخلعنْ نعليك في وادي طوى         وادخل الجنات من عند الحسين(2)

        # وفي عام 1181هـ تولى السدانة السيد محمد علي أبو الردن(3) مدة قصيرة ثم تولاها السيد مهدي الزعفراني(4).

        #و في عام 1185هـ كتبت في أعلى الشباك الفولاذي الأوسط من الضلح الجنوبي لضريح الامام الحسين ع العبارة التالية: « من بكى وتباكى على الحسين فله الجنه صدق الله ورسوله ص سنة 1185هـ»(5).

        # وف سنة 1194هـ زار الوزير سليمان باشا(6) مرقد الامام الحسين ع(7).

        # وفي سنة 1195هـ تولى السيد محمد علي ابو ردن السدانة الحسينية مرة ثانية لمدة قصيرة حيث تولاها السيد مهدي الزعفراني(8).

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان محمد بن أمير الحاج الحائري: 38(مخطوط).

(2) ديوان محمد بن أميرالحاج الحائري: 37(مخطوط).

(3) السيد محمد علي بن محمد بن موسى الموسوي الحائري من آل يوسف، ويبدو أنه كانت السدانة تتناوب بينه وبين السيد مهدي الزعفراني حيث تولاها مرتين الى أن انتهت اليه بعد عام 1204هـ، كما يسأتي انه تولى السدانة في غياب السيد عبدالوهاب حينماهرب من كربلاء لأسباب أمنية وسياسية.

(4) تاريخ مرقد الحسين والعباس:210.

(5) تاريخ مرقد الحسين والعباس:106.

(6) سليمان باشا: كان مملوكاً أعتقه محمد بك الدفتري الربيعي، تقرب من العثمانيين فاستخدموه وتدرج في المناصب حتى تولى ولاية بغداد عام 1194هـ وفيها محا سلطة العشائر العربية والكردية، توفي في 8/4/1217هـ.

(7) العراق بين احتلالين: 6/84، موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم كربلاء: 122.

(8) راجع تاريخ مرقد الحسين والعباس: 210، وما كان ذلك الا للخلاف على السدانة بين الأسر التي كانت تتولى السدانة بتولية الملوك لهم وعزلهم حسب السياسة التي كانت ترتئيها والخلاف الأسري العميق بينهم.

(107)

        وقد مدحه الشاعر نصرالله الحائري ـ من الكامل ـ بقوله:

وأفخر على كل الانام بخدمة          للمشهدين علاك فيها زينا

فصنعت صندوقاً كروض زاهر              في ضمنه سر النبوة أسكنا

وبنيت خاناً قد هوت شهب السما              لو تغتدي آجر ذياك البنا(1)

        ويظهر من البيت الثاني أنه صنع صندوقاً للمرقد الحسيني وكما يظهر من البيت الأول أن له خدمات للمشهد الحسيني والعباسي معاً.

ــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان نصرالله الحائري:209.

(108)

 

القرن الثالث عشر

(24/10/1786ــ 1/11/1883م)

 

        # وفي عام 1204هـ تولى السيد آل وهاب(1) السدانة الحسينية خلفاً للسيد مهدي الزعفراني(2).

        # وفي عام 1206هـ عين السيد حسين الصحاف(3) سادناً للروضة الحسينية بعد عزل السيد موسى الوهاب(4).

        # وفي سنة 1207هـ(5) كلف السلطان محمد خان القاجاري(6) واليه

ـــــــــــــــــــــــ

(1) موسى الوهاب: هو ابن محمد علي بن محمد الحائري الموسوي كانمن رجال وأعيان اسرة آل الوهاب طعمة وقد استشهد في حادثة الوهابيين عام 1216هـ.

(2) مدينة الحسين: 1/78، تاريخ مرقد الحسين والعباس:211.

(3) حسين الصحاف: هو من سادة الحسينيين، كان أخوه نسابة من اهل الحائر، خلف السيد حسين من الأبناء محمد علي وسليمان وعباس ومهدي، وقيل إنهم من السادة الطباطبائيين، كما قيل هم من الروضتين.

(4) راجع عشائر كربلاء وأسرها: 132 عن تاريخ البيوتات والأسرا لعولية في الحائر.

(5) وجاء في تاريخچة كربلاء: 82، ومدينة الحسين:1/39، أن ذلك كان في سنة 1206هـ، بينما ورد في تاريخ مرقد الحسين والعباس: 90 أن السلطان أمر بتذهيب القبة عام 1211هـ. والظاهر أنه أمربتجديد القبة عام 1207هـ وانتهى من تجديدها عام 1211هـ ثم أمر بتذهيبها كما يفهم من بعض المصادر. وقد ذكرت صحيفة البديل الاسلامي: 62/8« عن يعقوب سركيس أنه أمر بتذهيب القبة 1207هـ فكسيت بالذهب»  ولم يرد الحديث عن تجديد القبة، ولكن في هامش المستدرك على الاعيان تصريح بصدع القبة، ويظهرمنه أيضاً أن طلب أهالي كربلاء كان في حدود عام 1207هـ.

(6) محمد القاجاري: هو محمد خان بن محمد حسن بن فتح علي (1147ــ 1211هـ) مؤسس الدولة القاجارية عام 1200هـ كان في عهد السلطان حسين الصفوي قائداً لجيش الخيالة، وفي عهد طهماسب الصفوي تولى منصب(نائب السلطنة)أي الوصاية.

(110)

على كاشان عبدالرزاق خان(1) بتعمير وتذهيب القبة الحسينية المباركة فجمع أبرع المهندسين والصاغة لذلك، فجدد بناء القبة وحعلها سامية وألبسها بالذهب الخالص(2) وقد أرخ ذلك سليمان صباحي(3) في قصيدته من ــ مربوع الكامل ـ الذي يقول فيها(4):

كلك صباحي از بر تاريخ أونوشت(5)                در گنبد حسن علي زيب جست زر(6)

   ويعد هذا التذهيب هو الأول من نوعه(7) للقبة الحسينية المطهرة، حيث كانت مكسوة بالقاشاني الممتاز، كما صرف على توسيع الجانب الغربي من الصحن وجعله بالسعة التي هو عليه اليوم(8) وكان قد تلقى من أهالي كربلاء خبر تصدع القبة(9).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عبدالرزاق خان: وصفه مترجموه بأنه كان متديناً فاضلاُ، أنيطت اليه ولاية كاشان في العهد القاجاري، والظاهر أنه كان من أهل كاشان، اعتمد عليه السلطان محمد القاجاري وبالاخص عند مرضه.

(2) ناسخ التواريخ (قسم تاريخ القاجارية): 33، تراث كربلاء: 45، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 76، تاريخچة كربلاء:82.

(3) سليمان صباحي: هو سليمان بيدگلي الكاشاني شارع إيراني معروف ولد في بيدگل من أعمال كاشان وتوفي عام 1218هـ لقب من قبل فتح علي خان بملك الشعراء، اختص بالسلطانين محمد علي خان وفتح علي خان القاجاريين له ديوان شعر.

(4) تاريخچة كربلاء: 82، شهر حسين: 345، بغية النبلاء: 76، تراث كربلاء: 45، تاريخ محمدي: 206.

(5) قوله: « درگنبد حسين علي زيب جست زر» يعادل «204+ 76+ 128+ 110+ 19+ 463+ 207= 1207» ولايخفى أن بعض المصادر ذكرته «يافت زر» وهو غلط حيث يعادل 1235.

(6) ترجمته البيت هي:

قلم صباحي كتب في تاريخه           في قبة حسين علي ازادان الذهب

وذلك بإضافة كلمة الحسين الى علي.

(7) وأما القبة العلوية فقد كسيت بالذهب عام 1155هـ من قبل السلطان نادر شاه الأفشاري بينما كسيت القبة الرضوية عام 1084هـ من قبل السلطان سليمان الصفوي.

(8) موسعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 270 نقلاً عن الموسوعة الاسلامية.

(9) جاء في هامش مستدرك الأعيان:5/49 نقلاً عن جان عوره الفرنسي في كتابه «الخصي المتوج» ان آقا محمد خان قاجار بعد أن سير هذين الجيشين ـ اللذين =.

(110)

 

         ويبدو أن السلطان محمد القاجاري كان قد نذر أن يقدم شيئاُ لمرقد أبي عبدالله الحسين ع إن شفي من سكته قلبية، فلما شفي وفى بنذره عبر واليه على كاشان(1).

        # وفي شهر جمادى الثاني من العام نفسه قام الوزير سليمان باشا العثماني بزيارة المرقد الحسيني بكربلاء(2).

        # وفي هذا العام ايضاً زارت قرينة(3) السلطان محمد الأول القاجاري كربلاء وذلك في شهر ربيع الأول أو الثاني(4).

        # وفي سنة 1208هـ تم إعادة الماء الى كربلاء(5) وبناء سور لمدينة الحسين ع وشراء منازل للزائرين وذلك بإشراف السيد علي الطباطبائي(6) وتمويل ىصف الدولة(7) المتوفى عام 1212هـ، وكان الطباطائي قد كلف تلميذه السيد دلدار على التقوي(8) بالهجرة من كربلاء

ــــــــــــــــــــــ

= وجهما الى شمال إقليم فارس ـ تلقى من أهالي كربلاء رسالة ينبثه فيها بأن قبة مرقد الحسين ع قد أصابها تصدع ويستنجدون لأصلاحها، فبادر فورا الى إرسال بعثة من أهل الاختصاص لترميم القبة وتذهيبها، وخصص لذلك مبلغ مائة ألف تومان، وقامت البعثة بمهمتها فرممت القبة وذهبتهاً

(1) راجع شهر حسين: 345.

(2) تاريخ العراق بين احتلالين: 6/112، عن دوحة الوزراء: 211.

(3) قرينة السلطان محمد القاجار هي والدة السلطان فتح علي القاجاري تحركت من طهران في 27 صفر عام 1207هـ مع ركب رسمي لزيارة العتبات المقدسة في العراق: النجف، كربلاء الكاظمية وسامراء.

(4) تاريخ محمدي: 229.

(5) كما بنى سوراً لمدينة النجف الأشرف وأجرى نهر الهندية إليها.

(6) علي الطباطبائي: هو ابن محمد علي اب أبي المعالي الصغير الحسني الحائري (1161ــ 1231هـ) من أعلام الامامية وفقهائها المشهروين تخرج عليه عدد من الفطاحل والأعلام ــ عرف بكتابه رياض المسائل فقيل عنه صاحب الرياض.

(7) آصف الدولة: هو يحيى بن حيدر رابع سلاطين أوده حكم ما بين عامي (1189ــ 1212هـ) بعد أبيه شجاع الدولة حيدر بن محمد مقيم، وكانت عاصمة ملكه لكهنو، له خدمات جليلة منها الحسينية الكبيرة التي أنشأها بمدينة لكهنو والتي عرفت باسمه وفي آية من آيات الابداع وأثر تاريخي جليل.

(8) دلدار علي النقوي: هو ابن محمد معين بن عبدالهادي النصير آبادي الحائري=

(111)

 

الى لكهنو(1) للتحدث الى السلطان بهذا الشأن فوصلها عام 1194هـ(2).

        # وفي سنة 1209هـ في أوائل شهر جمادى الثاني قصد الوزير سليمان باشا ثانية كربلاء وزار مرقد الامام الحسين ع(3).

        # وفي سنة 1211هـ تم بناء القبة الحسينية وبدىء العمل بتذهيبها(4) وقد كتب تأريخ تذهيبها في الشطر الأخير من قصيدة فارسية أثبتت على الالواح الذهبية وجاء نص التاريخ كالتالي: « بتأريخ تاريخ تعمير شد»(5) ومع الأسف فقد نقلت هذه الاواح عام 1229هـ ومعها ألواح التأريخ الى قبة الكاظمين، وذلك عندما جدد اسلطان فتح علي القاجاري بناء قبة الامام الحسين ع، ولا زالت ألواح التأريخ موجودة هناك(6).

        # وفي سنة 1212هـ وفي السابع عشر من شهر جمادى الثاني وصل جثمان السلطان محمد خان قاجار الى كربلاء، فطافوا به حول المرقد الحسيني ثم حمل الى مثواه الأخير في النجف(7) وكان يرافقه

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

= (1166ــ 1235هـ) كان من اعلام الامامية وأعيانها، كانت له مكانة لدى سلاطين الهند وشعبها، له خدمات جليلة، في لكهنو وغيره، درس في كربلاء وتخرج على أعلامها وله فيها خدمات جليل ومن مؤلفاته: إثارة الأحزان، المواعظ الحسينية.

(1) لكهنو: مدينة عظيمة وتاريخية في شمال الهند، تقع على نهر الغانج، وتعد قاعدة لولاية أتربراديش تأسست في القرن العاشر الهجري.

(2) أعيان الشيعة/ 1: 165،مطلع أنوار: 220 راجع ترجمة السيد علي دلدار فيما يتصل بالنهضة العلمية في باب أضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة.

(3) تاريخ العراق بين احتلالين: 6/114.

(4) تاريخ مرقد الحسين والعباس: 90، وفيه أنه ذهب القبة في هذا العام.

(5) قوله: « بتأريخ تعمير شد» يعين بتأريخ كلمة «تاريخ» عمر، فكلمة «تاريخ» هو تأريخ تعميره وهو يعادل 1211.

(6) مجلة سومر البغدادية: 19/166، التاريخ: 1963.

(7) شهر حسين: 345 ومن الجدير ذكره أن السلطان محمد خان القاجاري توفي في ليلة 21 ذي الحجة عام 1211هـ ونقل جثمانه الى العراق فوصل الكاظمية في 16 جمادى الثاني 1212هـ فاستقبله الوالي سليمان باشا العثماني وبعد أن طيف بجثمانه حول مرقد الامامين الكاظمين حمل الى كربلاء وأبقي فيها تسعة أيام وأثناء وجوده.

(112)

 وفد على مستوى عال(1).

        # وفي هذا العام أهدى السيد محمد تقي بن ميرزا محمد حسين(1) بقرآن ثمنين الى الروضة الحسينية كتب بالخط الأسود بين أسطره ترجمة فارسية باللون الأحمر، وعليه هوامش بالاسود، وجميع هوامشه محلاة كما أن صفحته الأولى كذلك(3).

        # وفي سنة 1213هـ لاحظ السيد محمد مهدي الشهرستاني(4) أن الروضة الحسينية تضيق بالزائرين بشكل لا يطاق فقرر الحاق المسجد الشمالي للروضة(5) بمرقد الامام الحسين ع فاستشار المهدسين(6) بذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

= وفي الرواق الحسيني حيث وضع كانت خدمة الروضة الحسينية ترثي أهل البيت ع على جثمانه بهذا البيت ـ من السبط ـ:

وحيث كان اله الخلق مادحهم         فأين يبلغ أمثالي بمدحهم

ثم نقل جثمانه الى النجف وكان في استقباله سادن الروضة العلوية الملا محمود، وسائر خدمة الروضة وبعد مراسم الزيارة والجنازة دفن في اول رجب في الرواق العلوي، ثم رجع الوفد المرافق له الى كربلاء وبقوا فيها حتى الثالث من شعبان حيث ذكرى مولد الامام الحسين ع.

(1) تاريخ محمدي: 312، وقد استقبل من قبل السلطات العثمانية فاستقبله الحاكم مراد باشا والأعيان والعلماء وعلى رأسهم السيد محمد مهدي الشهرستاني.

(2) محمد تقي بن محمد حسين.

(3) مجلة المجمع العلمي العراقي البغدادية: 6/23.

(4) محمد مهدي الشهرستاني: هو ابن أبي القاسم بن روح الله الموسوي الحائري ( نحو 1130ـ 1216هـ) من أعلام الامامية وفقهائها المشهورين ومن أعيان كربلاء أيضاً، له خدمات جليلة فيها وفي النجف ايضاً، من آثاره ايضأ: كتاب الفذالك، وكتاب المصابيح.

(5) ويذكر أن السيد الشهرستاني حاول رفع الحائل بشكل علين الا أنه جوبه بمعارضة السلطة العثمانية المحلية وكلما حاول علماء كربلاء منع اسلطة من التدخل في ذلك لم يفلحوا وحدثت البلبلة واشتد الهياج في البلد حتى بات الأمر ينذر بالخطر وقد بذل الشهرستاني والطباطبائي جهودهما لتهدئة الناس فلم يفلحا فعندما قام بخطته الجريئة وبذلك تفادى الكارثة.

(6) قام السيد الشهرستاني باستشارة السيد علي الطباطبائي فوافقه على ذلك واجتمعا سوية مع المهندسين القاطنين في كربلاء وعدد من المهندسين الهنود والفرس وخططوا لذلك.

(113)

فأبدوا موافقتهم وكان السيد الشهرستاني يتحين الفرص بانتظار الوقت المناسب وقد هيأ كل ما يحتاجه لهذه التوسعة، وما أن وقعت بعض الاضطرابات في المدينة استغل السادن السابق للروضة الحسينية السيد موسى طعمة(1) ذلك فقفل أبواب الصحن الشريف(2)ـ كما هي العادة في هذه الأحوال ـ فباشروا العمل وانهوه بسرعة فائقة ودقة تامة وفتحت الأبواب واذا بالناس قد فوجئوا بذلك التغيير حيث أخفي الأمر عن الجميع لأن المفتي(3) الذي نصبه السلطان العثمانية فتمنع تنفيذ المشروع، وعندما تم بناء والالحاق وجاء المفتي ليصلي وجد ان المسجد قد الحق بالورضة فاشتكى الى حاكم كربلاء مرادبيك(4) ورفعت القضية الى السلطان العثماني فأرسل وقداً لتقصي.

ـــــــــــــــــــــ

(1) موسى طعمة: ويقال له محمد موسى وهو ابن محمد علي بن محمد بن حسين الموسوي الفائزي تولى السدانة الروضة الحسينية بعد السيد مهدي بن محمد  منصور الرضوي الزعفراني عام 1204هـ وحتى عام 1206هـ الا أنه بقي يشرف على أمور الورضة حيث كان السيد حسين الصحاف خلال فترة (1206ــ 1215هـ) يتولى السدانة.

(2) ذكر إبراهيم شمس الدين في مذكراته المخطوطة: « أنه اجتمع فريق من العلماء وسادن الروضة الحسينية وعدد من المهندسين والفنيين في دار السيد الشهرستاني الواقعة عند باب السدرة ــ الباب الشمالي الغربي والصحن الحسيني الشريف ــ ثم هيأ السيد الشهرستاني جميع مواد البناء من الكلس والآجر وخزنها في داره ثم أحضر العمال وأقفل أبواب الصحن الا باب السدرة وذلك لتسهيل علمية نقل مواد البناء من داخل الروضة.

(3) المفتي: هو الملا عثمان مفتي العثمانيين في كربلاء كان حياً عام 1217هـ حيث ذكر الرحالة أبو طالب خان وأنه رافقه من بغداد الى كربلاء كما ورد في مدينة الحسين: 3/173.

ويذكر أن أول من أتخذ هذا المسجد مصلى له هو المفتي الشيخ عبدالله السويدي عام 1145هـ حيث نصبت السلطات العثمانية منصباً للقضاء والافتاء في كربلاء للموظفين الأتراك وأفراد الجيش العثماني والذين كانوا على المذهب الحنفي.

(4) مراد بيك: حاكم قصبة كربلاء في العهد العثماني ما بين عامي (1212ــ 1215هـ) تولى إدارة البلد بعد أحمد السياف، وتولى بعده عمر آغاسي.

(114)

 

 الحقائق ولكشفت ذلك، فلما كشف الوفد المكان لم ير أثرأ من أحداث، فترك الأمر للمصالحة فأفزع السيد الشهرستاني مسجداً على الجهة الشرقية(1) من الصحن الحسيني للمفتي وانتهى الأمر بسلام(2).

          ش 173

 ص115         (11)

صورة من سقف مسجد شاهين يظهر فيه المنور الوسط والغربي

كما أٌقام السيد الشهرستاني أيضاً جداراً لدعم الجدار الذي أنشأه السلطان أويس الجلائري، الواقع في الجهة الغربية للمرقد الحسيني

ــــــــــــــــــــــ

(1) وهو يقع عند باب الشهداء من الصحن الحسيني الشريف والذي عرف بتكية القميين فيما بعد، حيث نقلوا من هذا المكان أيضاً الى مسجد العباسية الواقع في سوق النجارين.

(2) شهر حسين: 348ـ 350، عن مجلة ماه نو الطهرانية: 17 بتاريخ كانون الثاني 1962م ومجلة العرفان اللبنانية العدد: 25 بتاريخ 25/12/1384هـ، مدينة الحسين: 3/141، الكراس الملحق بأعيان الشيعة ــ الطبعة القديمة: 4/6 عن مذكرات السيد إبراهيم القزويني.

(115)

 

 الشريف، وعن هذه التعميرات يحدثنا محمد حسن الكليدار(1) بقوله: ولقد «محا معالم الكتابة التي كانت موجودة في المحل الذي توجد فيه ( نخلة مريم)... وكتب بمحلها بعض الأدعية وتاريخ مذكور الآن في أسفلها»(2).

# وفي هذا العام ايضاً قام السيد علي الطباطبائي بتوسعة الروضة الحسينية الشريفة من جهة الشرق حيث قام بدارسة رفع الحاجز الموجود بين الروضة المقدسة وقبور الشهداء حيث كانت مفصولة عن الروضة الحسينية فأحضر المهندسين لهذه الغاية فأبدوا بحفر أطراف الأعمدة لتقويتها وفجاة طهرت لهم فجوة واذا هي سرداب(3) كبير، سقفه من جذع النخل واشاهد العاملون بعض الكرامات فارتفعت الاصوات وحضر السيد علي الطباطبائي فلما نظر داخل الهوة فاذا بجسد الحسين ع وسائر الشهداء(4) على طراوتها فأمر فوراً بسد الفجوة واستحكامها ثم بعدما استحكم أعمدة القبة أزال الحائظ الحاجر بين قبور الشهداء والروضة(5).

          # وفي العام نفسه أي سنة 1213هـ أهدى الميرزا محمد مرتضى(6)

ـــــــــــــــــــــ

(1) محمد حسن الكليدار: هو ابن مصطفى بن علي طعمة (1334ــ 1417هـ) من أدباء كربلاء ومؤلفيها، له عدد من الابحاث والدراسات والمؤلفات أهمها مدينة الحسين في أربعة أجزاء.

(2) مدينة الحسين: 1/41، جاء فيه أنها كانت في عام 1259هـ وهو غير صحيح لأن السيد السيد محمد مهدي الشهرستاني توفي في سنة 1216هـ.

(3) سرداب: كلمة فارسية تعني الطابق المنشأ تحت الارض، راجع أضواء على مدينة الحسين، قسم العمران من هذه الموسوعة.

(4) ظاهر هذا الكلام يتنافى مع دفن الامام الحسين ع والشهداء رضوان الله عليهم من قبل الامام السجاد ع وبني أسد ثم الابنية التي اتخذت على قبورهم، ولعل الأجساد كشفت بسبب انهيارات الأبنية وتعريية التربة، أو أن المياه جرفت ما على الأجساد فبقيت الأجساد على حالها، وتلك كرامة.

(5) شهر حسين: 347، مدينة الحسين: 3/136 عن الدرر المنثور للسيد حسون البراقي.

(6) ميرزا محمد مرتضى.

(116)

مصحفاً وفيه بعض النقوش وعلامات التجويد(1).

        # وفي سنة 1215هـ تولى السدانة الحسينية على مايبدو السيد موسى آل وهاب مرة أخرى إلا أنه لم تدم له حيث قتل في أواخر عام 1216هـ(2).

          # وفي سنة 1216هـ أمر الامير محمد علي خان القواينلو(3) بتزيين الروضة الحسينية بالمرايا كما تشير الكتابة الموجودة في أعلى الباب الثالث من أبواب الحرم المقابل للشبكة المباركة والذي نصها: « واقفه محمد علي خان القواينلو 1216» وهذا التأريخ يوجد في كتابة داخل القبة على الضريح المقدس(4).

          # ولما كانت سنة 1216هـ(5) وبالتحديد في 18 ذي الحجة هاجمت(6) حشود من الوهابية(7) مدينة كربلاء المقدسة عندما كان غالب أهل المدينة

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجلة المجمع العلمي العراقي البغدادية: 6/24.

(2) قتل السيد موسى بن محمد علي بن محمد بن موسى في حادثة الوهابيين في 17/ ذي الحجة/ 1216هـ ولم يعقب ذكوراً وتخليداً لذكره سمي أبناء إخوته فيما بعد بآل الوهاب.

(3) محمد علي خان: سنأتي على ترجمته في عام 1251هـ.

(4) بغية النبلاء: 71.

(5) الموافق ليوم الاربعاء 21 نيسان 1802م.

(6) جاء في كتاب تاريخ المملكة العربية السعودية: 1/73 تحت عنوان مداهمة كربلاء « وفي سنة 1216هـ سار الأمير سعود علي رأس قوات كبيرة جمعها من جماعة من القوة، من الوصول الى بلدة «كربلاء» في شهر ذي القعدة من هذه السنة وحاصروها، وتسوروا جدرانها ودخلوها عنوة وقتلوا أكثر أهلها في الأسواق والبيوت وخرجوا منها قرب الظهر ومعهم أموال كثيرة، وارتحل القوم بعدها الى الماء المعروف باسم الأبيض، فجمع سعود الغنائم وعزل خمسها وقسم الباقي بين جنوده للراجل سهم وللفارس سهمان ثم عاد الى وطنه ـ الدرعية ـ». 

(7) الوهابية: نسبة الى محمد بن عبدالوهاب التميمي النجدي (1111ـ 1206هـ) ولد في العينية بنجد وفي عام 1158هـ ظهرت معالم حركته فقصد الدرعية وتلقاه أميرها محمد بن سعود وقبل دعوته وآزاره من بعده ابنه عبد العزيز، استمدت الوهابية تعاليمها من ابن تيمية أحمد بن عبدالحليم الحرائي الحنبلي (661ــ 728هـ)،=

(117)

في زيارة للنجف الأشرف احتفالاً بعيد الغدير(1) فهدموا سور البلدة ودخل المدينة خمسة وعشرون ألفاً من المسلحين فاستباحوها وقتلوا الناس ودنسوا حرمة الروضتين وفتحوا الخزائن المليئة بالمجوهرات والتحف الثمينة وهدموا(2) ضريح الامام ع وكانت حصيلة عملهم هذا أن قتلوا ما يقرب من عشرين ألفاً(3) من الأرواح البريئة أكثرهم من النساء والأطفال والعجزة وخدمة الروضتين حيث كان الفتية والقادرون متوجهين الى زيارة أمير المؤمنين ع بالنجف الأشرف.

وكان من جملة ما نهبوه جميع السجاد الايراني الفاخر والنفيس وجميع الأستار الثمينة المزركشة والذهب والفضة والمجوهرات والمرايا المتنقلة الثمينة والمصابيح والقناديل الذهبية التي كانت معلقة في الروضة وعشرين سيفاً ذهبياً مرصعاً بالأحجار الكريمة وثلاثة آلاف سيف فضي(4)

ــــــــــــــــــــــــــــــ

= وامتازت بالجمود على النصوص رافضين كل اجتهاد فقهي وأصولي باعتباره بدعة وشرك ومخالف لسيرة السلف.

(1) نقل أن هذا الهجوم تم بالاتفاق سراً مع الحاكم العثماني للمدينة عرم آقا إذ أرسل جماعة بزي الزائرين الى المدينة ليكونوا عوناً لهم في فتح سورها، وجاء في تاريخچة كربلاء: 119 أن حاكم البلد كان متعصباً وأنه قتل على يد والي بغداد فصل الحركة السياسية من هذه الموسوعة.

(2) جاء في موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء : 132 نقلاً عن عنوان المجد لابن بشر الحنبلي: « وهدموا القبة الموضوعة على قبر الحسين، وأخذوا ما في القبة وما حولها وأخذوا النصيبة التي وضعوها على القبر وكانت مرصوفة بالزمرد والياقوت وأخذوا جميع ما وجدوا في البلد من انواع الأموال والسلاح واللباس والفراش والذهب والفضة والمصاحف الثمينة وغير ذلك مما يعجز عنه الحصر، وفي 181 نقلاً عن موجز تاريخ البلدان العراقية لعبد الرزاق الحسني: 60ـ 75 «وهدموا أركان الحضرتين ـ حضرة الحسين والعباس ـ ونهبوا ما في الحضرة الحسينية من نفائس ومجوهرات ثمينة».

(3) جاء في الموسوعة الاسلامية الموجزة: « دخل من الوهابيين 12000 وقتلوا 3000» كما نقل عنه موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 201، وفي هامش كتاب أربعة قرون من تاريخ العراق: 233: « أنهم قتلوا خمسة آلاف وجرحوا عشرة الآف».

(4) وقيل ألفان.

(118)

 

  وأربعة آلاف قطعة من الشال الكشميري وأوان مختلفة الأشكال والأنواع من الذهب والفضة الفيروز والألماس وبنادق وأسلحة أثرية ثمينة، ومنها لؤلؤة كبيرة، وخلعوا الذهب والفضة من الضريح المقدس وغيره(1)، وحملوها الجمال ونقلوها الى عاصمتهم في الدرعية(2)، وخلفوا وراءهم الدمار والحريق(3)، فقد احرقوا ضريح الامام الحسين ع وكسروا قسماً منه ومن الابواب(4).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جاء في كتاب أربعة قرون من تاريخ العراق لستيفن هيمسلي لونكريك: 261 « ... شقوا طريقهم الى الأضرحة المقدسة وأخذوا يخربونها، فاقتلعت القضب المعدنية والسياج ثم المرايا الجسيمة، ونهبت النفائس والحاجات الثمينة من هدايا الباشوات والأمراء وملوك الفرس، وكذلك سلبت زخارف الجدران وقلع ذهب السقوف وأخذت الشمعدانات والسجاد الفاخر والمعلقات الثمينة والأبواب المرصعة وجميع ما وجد من هذا الضرب، وقد سحبت جيمعها ونقلت الى الخارج، وقتل زيادة على هذه الافاعيل قرابة خمسين شخصاً بالقرب من الضريح وخمسمائة أيضاً خارج الضريح في الصحن...».

 وفي موسوعة  العتبات المقدسة قسم كربلاء: 237، وتاريخ كربلاء المعلى:20، « وبعد أن أتم الأمير سعود مهمته الحربية التفت نحو خزائن القبر وكانت مشحونة بالأموال الوفيرة وكل شيء نفيس فاخذ ماوجد فيها، أنه فتح كنزاً كان فيه ـ تحف ـ جمة جمعت من الزوار وكان من جملة ما أخذه لؤلؤة كيرة وعشرين سيفاً محلاة جميعاً بالذهب مرصعة بالحجارة الكريمة وأوان فضية وذهبية».

(2)  الدرعية: مدينة من الجزيرة العربية في العارض بنجد كانت قاعدة وعاصمة للوهابيين خربها إبراهيم باشا عام 1234هـ.

(3) جاء في كتاب كربلاء في الذاكرة: 205 نقلاً عن كتاب « غرائب الأثر في حوادث ربع القرن الثالث عشر» ما حل في المدينة من تخريب بقوله: « لم يبق من بيوتها الا داراً واحداً كانت محصنة بالبناء الشامخ واجتمع فيها نحو خمسين رجلاً وجعلوا يضربون بالبنادق وقتلوا من الوهابيين عدداً كبيراً».

(4) راجع تاريخچة كربلاء: 110، موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 181، 201،271، أربعة قرون من تاريخ العراق: 260، تاريخ المملكة العربية السعودية في ماضيها وحاضرها: 1/73، تاريخ كربلاء، وحائر الحسين: 333، تاريخ كربلاء=

(119)

 ويصف السماوي الحادثة بقوله:

فشد لا يثني هواهٌ الثاني             ومزق الكتاب والمثاني

وهدم الشباك والرواقا               واسْتلب الحٌلي والاعْلاقا

وقتل النساء والا طفالا             إذْ لم يجدْ في كربلاء رجالا

لأنهم زاروا الغدير قصدا     فأرخوهُ: بغدير(1) عدا(2)

وقد أرخ الشاعر الاُزري(3) هذه الواقعة بقوله من قصيدة ـ من الطويل ـ:

ونادى به نادي الصلاح مورخاً: (4)                لقد عاودتْنا اليوم أرزاءُ كربلا(5)

ومن الجدير ذكره أن مجموعة من الشعراء نظموا وقائع هذه الفاجعة في قصائد متعددة ذكرناها في محلة(6)

# وفي نهاية هذا العام تسلم السيد جواد الفائزي(7) سدانة الحضرة الحسينية(8).

# وفي سنة 1217هـ زار الرحالة أبو طالب خان(9) مدينة كربلاء

ـــــــــــــــــــــــــــ

= المعلى: 20، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 33، شهر حسين: 353، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 90، تراث كربلاء: 371.

(1) قوله: «بغدير» يعادل «1216».

(2) مجالي اللطف: 2/43، كمالة مقطوعة أخرى راجع مجالي اللطف: 2/58.

(3) الأزري: هو محمد رضا بن محمد (1162ــ 1240هـ) وهو ثالث إخوة الشيخ يوسف والشيخ كاظم الأزريان كان شاعراً أديباً من أهل بغداد، اكثر شعره ففي أهل البيت ع نظم في حادثة الوهابيين ثلاث قصائد تحتوي على 260بيتاً.

(4) قوله: « لقد عاودتنا اليوم أرزاء كربلاء» يعادل «134+ 523+ 87+ 210+ 254= 1216».

(5) تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 238، ديوان الأزري: 5.

(6) راجع ديوان القرن الثالث عشر أضواء على مدينة الحسين، فصل الحركة السياسية من هذه الموسوعة.

(7) السيد جواد: هو ابن كاظم الطويل آل نصرالله الموسوي الحائري تولى السدانة بعد مقتل السيد موسى بن آل الوهاب في 17/12/1216هـ في حادثة الوهابيين.

(8) مدينة الحسين: 1/78، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 211.

(9) أبو طالب خان: هو ابن حاجي محمد بك خان الاصفهاني، تركي الأصل (برواية =

(120)

 

والتقى بعمته (كربلائي بيگم) التي كانت مجاورة للمرقد الحسيني فوصفت له أحداث غزو الوهابيين بتفاصيلها، فأورد في رحلته ما حل بالروضتين عند الغزو(1).

        كما ذكر لدى وصفه للصحن الحسيني الشريف قائلاً: « وفي وسط الصحن مقام إبراهيم المجاب» مما يدل على أن مرقد إبراهيم لم يكن ضمن الرواق الحسيني حتى ذلك الحين(2).

        # وفي حدود سنة 1217هـ(3) أي بعد الغزو الوهابي مباشرة زار السلطان عين الدولة(4) كربلاء فأشفق على حالها وبنى فيها أسواقاً حسنة وبيوتاً قوراء(5) أسكنها بعض من نكبوا وبنى البلدة سوراً(6) حصيناً لصد هجمات الأعداء وأقام حوله الأبراج والمعاقل ونصب له آلات الدفاع على الطراز القديم وصارت على من يهجمها أمنع من عقاب الجو فآمنت على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= دائرة المعارف الاسلامية) ولد في لكهنو عام 1166هـ قام برحلته عام 1214هـ الى أوروبا وآسيا وبقي في رحلته حتى عام 1217هـ ووصف رحلته بعد عودته الى كلكته عام 1218هـ، وقد توفي عام 1221هـ، وأما مصطفى جواد فقد ترجم رحلته من الفرنسية الى العربية وسماها برحلة أبي طالب خان.

(1) تراث كربلاء: 372 نقلا عن رحلة أبي طالب خان الى العراق وأوربا، ترجمة مصطفى جواد: 382.

(2) شهر حسين: 353 مدينة الحسين: 3/174، بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 179.

(3) وجاء في المصدر « أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، وهو يبدأ عام 1215هـ.

(4) عين الدولة : هو السلطان علي خان سادس ملوك الأودة في الهند تولى الحكم ما بين العامين (1213ــ 1229هـ).

(5) قوراه: أراد مستديرة وعالية ومحكمة.

(6) وجاء في موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 124:« أن علي باشا في أعقاب الغزو الوهابي تجهز للانتقام منهم الا انه لم يفلح للحاق بهم ولبث في الهندية شهرين ونصف الشهر وأمر ببناء سور منيع لكربلاء» وفي شهر حسين: 396 «أن قائد الجيش محمد حسن خان طلب السيدعلي الطباطبائي ــ صاحب الرياض ــ أن يبني للمدينة سوراً محكماً على نفقته فطلب من المهندسين البلوش (البلوچ) ذلك فأقام سور كربلاءن ولعل الجهود تضافرت لأعمار المدينة والمرقدين بعد الغزو الوهابي ــ راجع تفاصيل ذلك في باب اضواء على مدينة الحسينـ فصل العمران، وفصل الحركة السياسية من هذه الموسوعة.

(121)