تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : دائرة المعارف الحسينية / المركز الحسيني للدراسات /لندن المملكة المتحدة

 

 

 

 

القرن الحادي عشر

(8/10/ 1592ــ 14/10/ 1689م)

 

        # وفي سنة 1013هـ(1) وبالتحديد يوم الجمعة المصادف 29 ربيع الثاني(2)، زار(3) الرحالة البرتغالي بيدرو تكسيراً(4) مدينة كربلاء التي يسميها مشهد الحسين(5).

        # وفي عام 1025هـ تولى السدانة الحسينية الشيخ محيي الدين بن علي الحائري(6) خلفاً للشيخ جعفر الحائري(7).

        # وفي عام 1032هـ(8) توجه السلطان عباس الكبير(9) الى مدينة

ــــــــــــــــــ

(1) وما جاء في موسوعة العتبات المقدسة: 281 « ثم زار كربلاء عام 1601م» الموافق لعام 1010هـ ليس بصحيح، بل الصحيح ما أثبتناه.

(2) المواف لـ 24/ 9/ 1604م.

(3) ويصف تكسيراً كربلاء أنها بدلة تحتوي على أربعة آلاف بيت، وقد كانت أسواقها مبنية بناءُ محكماً بالطابوق وملأئ بالحاجات والسلع التجارية لتردد الكثيرين من الناس عليها، ثم يشير الى تيسر الأرزاق ورخصها وتوفر المأكولات والحبوب بكثرة ـ وللمزيد ارجع موسوعة العتبات المقدسة ــ قسم كربلاء : 281 عن رحلة تكسيراً

(4) تكسيرا (pedro teixera)  رحالة برتغالي.

(5) موسوعة العبتاب المقدسة ـ قسم كربلاء: 281.

(6) الشيخ محيي: كان من بني أسد، إلا أنه لم يكن من تلك الأسرة التي تولت السدانة قبله، والظاهر أنه كان من علماء كربلاء.

(7) تاريخ مرقد الحسين والعباس: 21.

(8) الموافق لسنة 1622هـ وفي كتاب شهر حسين: 314 عن فارسنامه ناصري لمير حسين خان طبيب: أن السلطان عباس سوفي أوائل محرم 1033هـ توجه الى النجف الأشرف مع نقيب نقباء العراق السيد محمد الدراج ثم لما انتهى من زيارته اللامام علي عليه السلام توجه الى كربالء المقدسة.

(9) عباس الكبير (ألاول) : هو ابن محمد خدابنده الصفوي سادس سلاطين الصفويين=

(83)

 

كربلاء ماشياً على قدميه ولما وصل الى باب الصحن الحسيني هرول الى الروضة الحسينية وطاف حول الضريح ثلاث مرات(1) وأمر بصنع ضريح من الفضة(2) لمرقده وكسى القبة المباركة بالقاشاني الأخضر(3) وزخرفها من الداخل بالفسيفساء(4) وعمر الروضة والصحن والأروقة أحسن تعمير وأهدى الى البقعة المقدسة أفخر السجاد وأثمنها وبذل  للعلماء والمجاورين وخدمة الروضتين(5) وقد ألبس الضريح بالحرير الفاخر وقد أغدق على أهالي كربلاء(6).

        والى ذلك يشير السماوي بقوله:

ثم أتى العباس في الأملاك             فصير الصندوق في شباك

وزين القبة بالكاشاني                  والبهو في شان يغيظ الشاني

وروق الرواق والصحن نظم                  واستجلب الفراش من صنع العجم

وأطلق الكف بفضل وافر                       لســـــــــــــادن الروضة والمجاور

ـــــــــــــــــــــــــ

= والذي حكم بعد أبيه عام 985 وحتى عام 1083هـ.

(1) شهر حسين: 314 عن فارسنامه ناصري.

(2) وفي مدينة الحسين: 1/37 « ‘ن الشباك كان من النحاس» وجاء في هاشمه: « إن هذا الضريح الفولاذي كان موجوداً على القبر حتى عام 1357هــ حيث رفع ونصب محله صندوق من الزجاج» وفي ظاهره ينافي ما في المتن من كونه من النحاس، وربما هناك خلط بين الشباك والضريح فالضريح أحيط بصندوق من الزجاج والذي كان من الفضة وأما الشباك فكان من النحاس ويؤيد ذلك ما جاء في شهر حسين: 315 أنه أمر بصنع مشبك من النحاس وضعه على الصندوق الخشبي الذي حول أخيراً الى الزجاج، وجاء  في صحيفة البديل الاسلامي العدد 62/ الصفحة: 8 عن يقعوب سركيس:بنى السلطان  عباس الصفوي شباكاً من النحاس على الصندوق وزين القبة بحجارة القاشاني.

(3) تاريخچة كربلاء: 76.

(4) جاء في مدينة الحسين: 1/38 « قام قبة لحرم الحسين ع بالقيشاني البديع وزخرفها من الداخل بالفسيفساء».

(5) تاريخچة كربلاء: 76.

(6) شهر حسين: 314ـ 315 عن فارسنامه ناصري.

(83)

 

للاثنتين والثالثين قفا           الف فأرخُوه(1): بالحسن صفا(2)

        # وفي عام 1032هـ تولى السدانة للروضة الحسينية السيد محمد الدراج(3) خلفاً للشيخ محيي الدين الاسدي(4).

        # وفي عام 1033هـ يذكر بأن السلطان عباس الصفوي استمرت زياراته للحرم الحسيني حتى زارها ثلاث مرات منها في شهر محرم الحرام من هذا العام والاخرى في فصل الربيع(5) منها وفيها أهدى صناديق قيمة، وطنافس حريرية مطرزة وشيئأً كثيراً من الديباج(6).

        # وفي عام 1035هـ زار السلطان عباس الكبير ثانية مرقد الامام الحسين عليه السلام واستمد منه العزيمة لينتصر على العثمانيين في اضطرابات بغداد فرجع اليها فاتحاً(7).

        # وفي عام 1042هـ(1) بذل السلطان صفي الدين الصفوي(9) الكثير من الأموال لتعمير الروضة الحسينية المشرفة حيث وسع المسجد الكبير الملحق بالحائر الحسيني(10).

ــــــــــــــــــــــ

(1) قوله: « بالحسن ضفا» يعادل « 151+ 881= 1032».

(2) مجالي اللطف: 2/42.

(3) السيد محمد الدراج: هو ابن سليمان بن سلطان كمال الدين الزحيكي الموسوي الحائري ويبدو أنه تمكن ــ بعد سنوات من إبعاد آل زحيك من السدانة ــ أن يعزل الشيخ محيي الدين الأسدي ويتولى هو الامر، ولكن تنافس آل زحيك مع آل فايز لم ينته بعد فلذلك لم تدم السدانة فيهم، وكان نقيب السادات أيضاً، قتله الوالي العثماني عام 1049هـ ، ولعل السلطان عباس هو الذي نصبه سادناً.

(4) موسوعة العتبات المقدسة في قسم كربلاء: 118، تاريخ العراق بين احتلالين: 4/ 240، تراث كربلاء 153، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 210.

(5) فصل الربيع في هذا العام يعادل شهر رجب وشعبان ورمضان.

(6) بغية النبلاء: 72 (الهامش) نقلاً عن كتاب عالم آراي عباسي.

(7) شهر حسين: 316، تاريخ العراق بين احتلالين: 4/19.

(8) الموافق لسنة 1632م.

(9) صفي الدين الصفوي (الأول): بن سام بن عباس الأول سابع سلاطين الصفويين حكم بعد جده وذلك في سنة 1038هـ وبقي في الحكم حتى سنة 1052هـ.

(84)

 

        # وفي عام 1048هـ(1) حاصر السلطان صفي الدين بغداد وفتحها ثم زار المرقد الحسيني والعباسي وأجزل العطاء على خدمة الروضتين وعلى الفقراء المجاورين كما امر بتوسعه الرواق الشمالي لمرقد الامام الحسين ع والذي عرف فيما بعد برواق الشاه(2)، ومن جهة أخرى أمر تبوسعة الصحن من الجهة ذاتها(3) حيث قام بشراء البيوت المجاورة والحقها بالصحن الشريف(4) ثم أمر وزيره القزاق خان بيگلربگي(5) أن يشرف على

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي تاريخ الكوفة للبراقي: 201 « أن السلطان صفي الدين زار المراقد العراق عام 1042هـ الا أن المدرس في شهر حسين: 317 يؤكد أن زيارته كانت عام 1048هـ وذلك على اثر مقتل الجنود الايرانيين (قزلباش) في الكاظمية والنجف على يد العثمانيين حيث غضب من ذلك فجند جنوده وحاصر بغداد واستولى عليها ثانية.

(2) وقد تقدم في القرن العاشر أن السلطان طهاسب قام بتوسيع مسجد عمران بن شاهين وأحداث رواق من الجهة الشمالية وتشييد صحن من تلك الجهة. وهو لا ينافي مع ما قام به السلطان صفي الدين في هذا القرن حيث قام هو الآخر ووسع الصحن الذي شيده السلطان طهماسب، واذا ما لوحظ في عبارة الكليدار التي وردت في كتاب مدينة الحسين: 3/62 عن هذا القرن وإنجازات السلطان صفي الدين نقلا عن (تاريخ شاهان در كربلاء)، نجد أنه استخدم كلمة التوسيع في المسجد والصحن حيث قال: « ووسع المسجد الكبير داخل الحرم ثم أمر تشييد الرواق الشمالي الذي يعرف اليوم رواق الشاه وهدم سور الصحن من الجهة الشمالية ووسع بذلك مساحة الصحن». مما يدلنا على أن المسجد والصحن كانا موجودين فوسعهما السلطان صفي الدين.

(3) ولعل هذه التوسعة هي التي اشار اليها المجلس في بحار الأنوار: 86/89 في مبحث تحديد الحائر حيث يقول: « الأظهر عندي ـ  أن الحائر ــ مجموع الصحن القديم لا ما تجدد منه في الدولة العلية الصفوية».

(4) وفي شهر حسين: 318 عن مدينة الحسين: 3/62 عن كتاب شاهان در كربلا: « أنه وسع المسجد الكبير داخل الحرم، ثم أمر بتشييد الرواق الشمالي الذي يعرف اليوم برواق الشاه وهدم سور الصحن من الجهة الشمالية ووسع بذلك مسافة الصحن» ولا يخفى أنه سبق وقلنا إن توسعة المسجد الكبير داخل الحرم كان عام 1042هـ.

(5) قزاق خان بيگلربگي: هو سابق شيروان، كان وزيراً في الدولة الصفوية، له خدمات جمة، ويبدو انه كان قائداً للجيش ثم تولى الوزارة، ونستبعد أن يكون من قزاقستان التي تلفظ اليوم بـ كازاخستان، حيث إن قزاق قوم من التتار المغول، ولكن هذا=

(85)

تشيد الوراق والصحن والمسجد وأن بيني الحجرات في الصحن الشريف من الجهة الشمالية واكساءها واليوان التي أمامها بالقاشاني الفاخر، كما أحدث أيواناً كبيراً في تلك الجهة وكساه بأفخر أنواع القاشاني وعرف بايوان صافي صفا(1)، ومما يجدر ذكره أن المسجد ـ مسجد شاهين ــ أصبحت مساحته 25x10 متراً(2).

        # وبعدما استولى السلطان  مراد الرابع(3) على بغداد(4) عام 1048هـ قام بزيارة المرقد الحسيني وأمر بتعمير القبة وتجصيصها(5) من الخارج(6)، وفي هذه الفترة كانت سدانة الروضة الحسينية بيد السيد محمد الدراج(7).

        # وفي حدود عام 1055هـ(8) أوقف الوزير الصفوي حيسن المرعشي(9) للمشاهد الشريفة اوقافاً وعين لها ميزانية خاصة ومكاتب

ـــــــــــــــــــــ

= المنصب اشتهر للجيش في أواخر العهد القاجاري في ايران مما يستبعد أ، يكون المراد بقزاق الرتبة العسكرية.

(1) شهر حسين: 319، مدينة الحسين: 3/62 عن شاهان در كربلاى معلى (مخطوط) وجدير ذكره أنه فتح فيما بعد في هذا الايوان باباً عرف بباب صاحب الزمان أو باب السلام فأصبح ممراً للزائرين.

(2) راجع حضارة العراق: 10/318.

(3) مراد الرابع: هو ابن احمد الاول العثماني، السابع عشر ممن حكم من العثمانيين، تولى الحكم بعد أخيه عثمان الثاني عام 1032ـ 1049هـ.

(4) وذلك في 18/ شعبان من سنة 1048هـ كما في تاريخ العراق بين احتلاليين: 5/224، وگلشن خلفاء: 233.

(5) جاء في صحيفة البديل الاسلامي: 62/8 عن يعقوب سركيس: أن السلطان مراد في عام 1048هـ أمر بتبيض خارج القبة بالجص، ولكن التجصيص ينافي ما تقدم بأنها أكسيت بالقاشاني الاخضر.

(6) تاريخ الروضة الحسينية المصور: 10.

(7) موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم كربلاء: 269، أربعة قرون من تاريخ العراق 54.

 (8) في هذا العام استوزره السلطان صفي الدين فبدأت اعماله الخيرية.

(9) حسين المرعشي: هو ابن محمد بن محمود الحسيني الآملي (1001ــ 1064هـ) كان من الفقهاء الأصوليين تولى الوزارة للسلطان عباس الاول الصفوي عام 1033هـ لمدة خمس سنوات ثم تولى الوزارة لصفي الدين الأول الصفوي عام 1038هـ لمدة =

(86)

 

 وموظفين لادارتها كما قام بتعمير القباب على كافة قبور أهل البيت ع(1) ولا شك أن منها الروضة الحسينية الشريفة.

        # وفي عام 1075هـ كان على سدة السدانة الحسينية الشيخ إبراهيم شمس الدين الحائري(2) ولعله تولاها منذ عام 1049هـ(3).

        # وفي عام 1078هـ زار قره مصطفى باشا(4) وأمراؤه المشهد الحسيني في كربلاء(5).

        # وفي عام 1082هـ قام الوزير حسين باشا(6) بزيارة المشهد الحسيني والعلوي ترويجاً للنفس ثم عاد الى بغداد(7).

ــــــــــــــــــــــــــــ

= سنتين ثم كلفه السلطان عباس الثاني الصفوي بالوزارة عام 1055هـ ولمدة ثمان سنوات، وله مؤلفات منها: الحاشية على المعالم والحاشية على اللمعة ولما توفي نقل جثمانه الى النجف، له مشاريع اجتماعية جليلة كبناء المدارس والمستشفيات.

(1) واجع أعيان الشيعة: 6/1ذ65.

(2) الشيخ إبراهيم: الظاهر أنه كان من بني أسد ومن العائلة التي تولت السدانة حيث الشيخ جعفر والشيخ شمس الدين غيرهما تولوا قبله السدانة، والمصادر لم تصرح بتاريخ توليه السدانة بل تكتفي بأنه كان سادناً في هذا التاريخ وحتى عام 1106هـ، وبما أن السيد محمد الدراج قتل عام1049هـ فيحتمل أن تكون السدانة قد انتقلت أليه، والله العالم.

(3) شهر حسين: 445، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 210.

(4) قره مصطفى باشا: ولي بغداد للمرة الثانية في  14 شوال 1077هـ وعهد اليه استخلاص البصرة من يد حسين باشا والي البصرة الذي تمرد على الدولة العثمانية وذلك عام 1078هـ، كان والياً على بغداد حتى سنة 1082هـ.

(5) تاريخ العراق بين احتلالين: 5/91وفيه: أنهم توجهوا بعد ذلك الى زيارة المشهد العلوي وهم في طريقهم الى استخلاص البصرة، شهر حسين: 320.

(6) حسين باشا: ويلقب بالسحلدار، ويقال له أيضاً «قز حسين باشا البنت» لجماله وحسنه، أصله من البوسنة، كان من الغلمان أيام السلطان مراد الرابع، ولي بعض المهام في الجيش، تلقب بالسلحدار، ولي بغداد والبصرة، توفي في بغداد عام 1098هـ.

(7) موسوعة العتبات المقدسة (قسم النجف: 1/162) عن تاريخ العراق بين احتلالين: 5/104.

(87)

        # وفي شعبان(1) 1088هـ توجه الوالي قبلان مصطفى باشا(2) الى زيراة الامام الحسين ع(2) وأنعم على خدمة الروضتين(4) واعتبر ذلك من تدينه(5).

        #وعن أواخر هذا القرن يذكر بأن السلطان سليمان الصفوي(6) قام بتعمير القسم الشمالي للصحن الحسيني الشريف والذي منها أيوان صافي صفا(7) الذي فتح منه باب السلام فيما بعد.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ثورة الطف: 168، گلشن خلفاء: 282، تاريخ العراق بين احتلالين: 113، موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم كربلاء: 119.

(2) قبلان مصطفى باشا: والي بغداد من 27صفر سنة 1087هـ الى 3 رمضان سنة 1088هـ، كان له ميل عظيم الى زيارة الأولياء، حيث قضى بضعة أيام في زيارة المشهدين العلوي والحسيني، وبعد عودته الى بغداد عزل عن ولايتها.

(3) في شهر حسين: 320 أنه خيم خارج مدينة كربلاء وأقام بها اياماً وزار خلالها المرقد الحسيني، ثم رحل الى النجف لزيارة المرقد العلوي.

(4) تراث كربلاء: 82، گلشن خلفاء: 282، تاريخ العراق بين احتلالين:5/113.

(5) أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث: 118.

(6) سليمان الصفوي: هو ابن عباس الثاني ابن صفي الدين الأول وتاسع السلاطين الصفويين تولى الحكم بعد وفاة أبيه عام 1077هـ وتوفي عام 1105هـ فتولى بعده نجله السلطان حسين.

(7)  بغية النبلاء: 73 الا أنه يشكك في ذلك، والظاهر أن تشكيكه في محلة لأن السلطان صفي الدين كان قد شيده، كما عمر هذا الجانب من الصحن عام 1048 هـ، الا اللهم إذا قيل بأن صفا قام ببعض الاضافات والتزيينات.

(88)

 

القرن الثاني عشر

(15/10/ 1689ــ 3/11/1786م)

        # في عام 1106هـ تبرع محمد جعفر(1) بمصحف ثمين، جميع أوراقه محلاة مزينة، وخطة جلي واضح يشبه طراز خط ابن مقلة(2)، وأودع في الروضة الشريفة(3).

        # وفي هذا العام أيضاً تولى سدانة الحرم الحسيني السيد محمد منصور الزعفراني(4) خلفاً للشيخ إبراهيم شمس الدين(5).

        # وفي سنة 1110هـ قام الجيش الذي كان تحت إمرة الوزير(6) إسماعيل باشا(7) بزيارة مرقد الامام الحسين ع  ومن ثم تمرد على قادته وعند عودتهم الى بغداد صدرت الأوامر بعزل القادة بعد ما فر قسم منهم الى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محمد جعفر: وهو غير الشخصية التي سنأتي على ذكرها في عام 1225هـ.

(2) ابن مقلة: هو محمد بن مقلة المكنى أيضاً بأبي علي المتوفى عام 328هـ، هو الكاتب والوزير، كان ماهراً في كتابة قلم الرقاع والتوقيعات، واصبح خطه نمطاً يستخدمه الخطاطون، وكان وزيراً للمقتدرون بالله العباسي وغيره.

(3)  مجلة المجمع العلمي العراقي البغدادية: 6/20.

(4) محمد منصور الزعفراني: هو ابن حسين بن محمد قاسم بن إبرهيم الرضوي الحائري كان من أعيان كربلاء، عين خازناً للمرقد الحسيني عام 1106هـ وحتى عام 1125هـ حيث وافاه الأجل به.

(5) تراث كربلاء: 188، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 210.

(6) الوزير: كلمة وزير هنا وما بعدها أطلقت على مساعدي السلطان فيطلق على الوالي، أو الوالي ذو الصلاحيات العالية.

(7) اسماعيل باشا: قائد عثماني ولي بغداد عام 1110هـ من قبل الاستانة ثم عزل عنها بحجة عدم مقدرته على أدارة الأمور وذلك عام 1111هـ حيث تولى بعده ولاية بغداد مصطفى باشا، وقد عين والياً على منطقة فان ــ تركيا ــ الا أنه احتمل أن السلطان العثماني يريد القضاء عليه فقرالى ايران وبقي بها الى أن توفي.

(89)

ايران خوف العقاب(1).

        # وفي سنة 1115هـ زار الوزير حسن باشا(2) المرقد الحسيني وأمر بتنظيف النهر الحسيني وترميم خان حماد(3) الواقع بين طريق كربلاء والنجف(4) لراحة الزائرين.

        # وفي سنة 1116هـ(5) في شهر شوال منها(6) زار حسن باشا المرقد الحسيني ثانية والمرقد العباسي وأجزل العطاء للمجاورين وخدمة الروضتين(7).

        وفي سنة 1125هـ تولى السدانة للمرقد الحسيني السيد حسين الزعفراني(8) خلفا للسيد محمد منصور الزعفراني(9).

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع گلشن: خلفاء: 303، وعنه تراث كربلاء: 366.

(2) حسن باشا: ويلقب بالجديد والأيوبي، كان من المقربين الى البلاط العثماني، ولي بغداد عام 1116هـ وحتى عام 1136هـ، مرض وهو في كرمنشاه ونقل الى بغداد فتوفي بها، وخلفه على ولاية بغداد ابنه أحمد باشا.

(3) خان حماد: يقع على بعد حوالي عشرين كيلومتراً تقريباً عن مركز كربلاء وهو الخان الثالث من الخانات التي شيدت في طريق كربلاء النجف لأجل راحة الزوار.

(4) شهر حسين: 321.

(5) وجاء في شهر حسين: 321 أن زيارته الثانية كانت في سنة 1117هـ.

(6) العراق بين احتلالين: 5/164.

(7) شهر حسين: 321، موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 117، وجاء في تراث كربلاء: 82 عن تاريخ بغداد لاين السويدي: 25 « أنه زار مرقد الامام الحسين ع فأجزل على خدامها وأجمل على فقرائها ودعا يحصول المراد وزوال الأنكاد، ودعا له بما يروم وأنجح في سعيه بالقدوم وبقي يوماً واحداً لضيق القصبة بأحزابه وأصحابه».

راجع أيضاً موسوعة العتبات المقدسة قسم النجف: 1/163.

(8) حسين الزعفراني: هو ابن محمد قاسم بن إبراهيم الحائري الموسوي، ذكر المدرس في شهر حسين: أنه كان سادناً عام 1123هـ حيث مدحه السيد نصر الله الفائزي لدى عودته من الهند بقصيدة رائية، وذكر أيضاً أنه بقي سادناً حتى عام 1131هـ، الا أن المصادر الأخرى تؤكد انه ظل حتى عام 1139هـ ولعله من التصحيف، والظاهر أن ابنه تولى السدانة قبله فإما عزل او توفي فتولاها هو او أن السدانة كانت له وكان قد أولى امرها لنجله والله العالم.

(90)

        #  ولما كانت سنة 1126هـ زار المرقد الحسيني أيضاً الوالي حسن باشا وخيم خارج البلدة يومين(1).

        # وفي عام 1127هـ أمر الوزير حسن باشا بتشيد مبنى(2) يأوي الزائرين في جوار المرقد الحسيني  المطهر وذلك في الجهة الجنوبية الشريقية منه والذي عرب بـ (خان باشا)(3) كما بنى خانات بين كربلاء وبغداد وعمر المندثر منها لذات الغرض(4) وأمر ايضاً بتعمير ايوان الذهب من الروضة الحسينية وقد مدحه الشاعر يوسف مولوي(5) بقصيدة باللغة التركية لعمله الخيري هذا(6).

        # وفي عام 1128هـ تساقط عدد من القناديل التي كانت معلقة في الروضة الحسينية، وكان لوقعها صدى مدوي بحيث فزع الزائرون من صوته وهربوا الى خارج الروضة المباركة، وقد تناول الشاعر محمد بن امير الحاج(7) في شعره وصف وتأريخ ذلك بقوله ــ من السريع ـ:.

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع شهر حسين: 445، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 210.

(2) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 121، تاريخ العراق بين احتلالين: 5/189.

(3) وهذا المبنى أعيد بناؤه عام 1370هـ من قبل تجار طهران وسمي بالحسينية الحيدرية. ولمزيد التفصيل راجع معجم المشاريع الحسينية من هذه الموسوعة.

(4) تاريخچة كربلاء: 80، موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 121، تاريخ العراق بين احتلالين: 5/210.  

(5) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 121، تاريخ العراق بين احتلالين:5/210، عن دوحة الوزراء: 8 حديقة الزوراء: 68، تاريخ كوچك چلبي زاده: 115.

(6) يوسف مولوي: يلقب بعزيز وهو شيخ المولوي ببغداد المتوفى عام 1153هـ، كان شاعراً خطاطاً مؤرحاً ينظم باللغة التريكة، يتقن اللغتين العربية والتركية ومن مؤلفاته: قويم الفرج بعد الشدة، المنظومة البهارية بالتركية.

(7) تاريخچة كربلاء: 80، موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 121، تاريخ العراق بين احتلالين: 5/193، گلشن خلفاء: 331 وجاء فيه: «وكذلك رمم الأواوين في صحنيي قرة العين حضرة الامام الحسين والامام موسى الكاظم رضي الله عنهما وأعاد تجديد الخانات الكائنة شرقي بغداد وغربيها وذلك لاراحة الزوار والمسافرين، كما شيد أيضاً خاناً ما بين النجف وكربلاء وعين له بعض الحراس لمحافظته، وجدد صدر نهر الحسينية ووسعه».

 

(91)

 

إن القناديل على غفلة         تساقطت والصوت منها ارتفع

في حضرة السبط الحسين الذي               لكل وصف حسن قد جمع

كأنها خرت لها سجداً                   لما رأت نور هداهُ سطعً

أو أنها اشتاقت للثم البرى(1)            ففيه كل وجهه قد وضع

أو انها من عسر جيرانه               تواقعت حتى بها ينتقع(2)

أو أنه قد هد منها القوى               رُزءُ الذي منه الوتين(3) انقطع

فأنهزم الزوار من وقعة               منها الصدى أوقعهم بالفزع

فطارقلب الناس بالطف من           تاريخها(4) الخير فيما وقع(5)

        ولعل السبب كما يفهم من هذه الابيات كان من تضايق القناديل بعضها مع البعض الآخر منها، وهذا إن ثبت فيدل على كثرة القناديل المهداة الى الحرم الحسيني في هذه الفترة الزمنية.

        # وفي عام 1131هـ زار الرحالة عباس المكي(6) المشهد الحسيني ووصفه بقوله: « وأما ضريح سيدي الحسين ع فيه جملة قناديل من

ـــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن أمير الحاج: هو محمد بن حسين بن محمد  بن محسن بن عبدالجبار الأعرجي الحائري (    ــ 1180هــ) كان من الشعراء الأدباء، تتلمذ على السيد نصرالله الحائري، له عدد من المؤلفات منها: ديوان نور الباري، مجالس المناقب، ومجالس المصائب.

(2) اللثم: التقبيل.

البرى: التراب.

(3) تواقعت: تحاربت، ولعلها بمعنى تساقطت من باب التفاعل. ينتقع: ينذبح أوينتحر، كذا في المصدر، ولعلها تصحيف «ينتفع» أي لأجل أن ينتفع بها الناس.

(4) الوتين: عرق رئيسي في القلب  تتفرع منه العروق الأخرى مما يؤدي قطعه الى الموت والهلاك، ومنه الآية الكريمة: (ثم لقطعنا منه الوتين) [ الحاقة : 46].

(5) قوله « الخير فيما وقع» مثل معروف ضمنه هنا وجعله تأريخ الحدث وهو يعادل: « 841+ 131+ 156= 1128».

(6) ديوان محمد بن امير الحاج الحائري: 32 (مخطوط).

(7) عباس المكي: هو عباس بن علي بن علي بن علي بن حسين العاملي الموسوي (1110ــ 1180هـ) ولد بمكة وتوفي بها، عالم فاضل وأديب شاعر ورحالة قدير له مؤلفات منها : نزهة الجليس وأزهار الناظرين.

(92)

 

 الورق(1) المرصع والعين(2) والتحف ما يبهت العين من أنواع الجواهر الثمينة مايساوي خراج مدينة وأغلب ذلك من ملوك العجم وعلى رأسه اشريف قنديل من الذهب الأحمر يبلغ وزنه منين(3) بل أكثر وقد عقدت عليه قبة رفيعة السماك متصلة بالافالك وبناؤها عجيب، صنعة حكيم لبيب»(4).

        #  وفي هذه السنة أيضاً زار الامير حسين اوغلي(5) المشهد الحسيني(6).

        # وفي سنة 1133هـ(7) گوهر بيگم(8) كريمة السلطان حسين الصفوي(9) الصندوق المصنوع من الخاتم لمرقد الامام الحسين ع، الذي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الورق: الفضة.

(2) العين: الذهب

(3) المن: أراد به المن العراقي وهو يعادل حوالى 25كيلو غراماً.

(4) نزهة الجليس ونية الأديب الأنيس: 1/ 134، موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم كربلاء: 144، تراث كربلاء: 49.

(5) حسين أوغلي: هو من أمراء اصفهان ومن المقربيين للسلطان حسين الصفوي المتوفى عام 1135هـ، ولي في البلاط الصفوي أمر قصر الحريم بأصفهان وجاء في توصيفة: الأمير حسين أوغلي بيك ايشك أغاسي باشي حرم.

(6) نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس: 1/135.

(7) استظهر عبد الجواد الكليدار في كتابه تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 255« أن هذا التاريخ يصادف عصر السلطان طهماسب الثاني الصفوي»، وأما محمد حسن الكليدار فقد ذكر في كتابه مدينة الحسين: 1/38 « أن زوجة السلطان نادر الأفشاري والتي هي كريمة السلطان حسين الصفوي أمرت في عام 1138هـ بصنع صندوق من الخاتم لمرقد الامام الحسين ع وقد بقي هذا الصندوق الى أن وقعت حادثة الوهابيين....»، وذكر في هامشه: « أن هذا التاريخ منقوش على الصندوق مع بعض الآيات القرآنية مثبتة في جوانبه وهو موجود الآن داخل الضريح»، وأما عبدالحسين الكليدار فقد ذكر في كتابيه تاريخ كربلاء المعلى: 15 وبغية النبلاء في تاريخ كربلاء: 76 « أن زوجة السلطان نادر الافشاري وكريمة السلطان حسين الصفوي نهضت عام 1135هـ الى تعمير المسجد المطهره، وذكر أيضاً في بغية النبلاء: 167 « أن هذا الصندوق هدية من كريمة السلطان حسين الصفوي زوجة السلطان نادر الافشاري سنة 1133هـ كما تشير إليه الكتابة....»، وأما المدرس فقد استظهر في كتابه شهر حسين: 326« أن كريمة السلطان حسين الصفوي قامت بصنع الصندوق عام 1153هـ وذلك لأن السلطان نادر الأفشاري تزوجها =

(93)

 مازال موجوداً على قبره الشريف وقد كتب تاريخه بالعاج الأبيض على الزاوية الشرقية  منه والذي يقع أمام باب الضريح(1) وهو بخط عبدالرحمن(2) الكاتب، ومن صنع فناني شيراز المختصين بصناعة الخاتم، هذا ويبلغ طوله 4،5متراً

ــــــــــــــــــــــــــــ

= بعد التتويج الذي وقع بين عام 1148ـ 1150هـ وعزى ذلك الى الخلط أو التصحيف الذي وقع بين رقم (53)و (35)  فبدلاً من أن يكتب عام 1153هـ كتب عام 1135هـ، ولكن الصحيح هو ما أثبتناه لأن تاريخ المثبت على الصندوق هو عام 1133هـ والكل متفق على ثبوته على الصندوق، والقول بأن طهماسب الثاني هو الذي أمر بصنع الصندوق غير صحيح لأنه حكم بعد أبيه السلطان حسين الصفوي عام 1135هـ وهو لايناسب التاريخ المثبت على الصندوق، وأما ما ورد بأن كريمة السلطان حسين العبارة ذكر عن الصندوق فمن المحتمل جدأ أنها قامت بأخرى في عام 1135هـ فليس بصحيح إذ لا يوجد في العبارة ذكر عن الصندوق فمن المحتمل جداً أنها قامت ببعض الانجازات في عام 1133هـ والتي منها صناعة وقامت بأخرى في عام 1135هـ ومنها تعمير المسجد المطهر ثم بعدما أصبحت زوجة للسلطان نادر الأفشاري قامت بأنجازات أخرى، ومن هنا يظهر أيضاً أنه لم يوفق في تحليله بقلب الرقم من باب التصحيف أو الخلط كما تبيين أيضاً تسرعه في نسبة الغلط التناقض بين نصي عبدالحسين الكليدار في ذكره إنجازاتها في عام1135هـ وفي أنجازاتعام 1133هـ كما أخطا في يوحي الى كون إنشاء الصندوق كان بعد زواجها منه وذلك عام 1153هـ لأن التاريخ يؤرخ بعد فترة زمينة ويذكر الأشخاص بكل الصفات التي حملوها والتي ميزتهم خلال فترة حياتهم دون تحديدها بفترة زمنية معينة فاذا كانت كريمة حسين الصفوي وزجة لنادر الأفشاري فليس من الخطاً عندما نريد أن نؤرخ ـ بعد الزواج ـ حياتها وإنجازاتها التي وقعت قبل زواجها بأنها زوجة السلطان نادر الأفشاري.

(2) گوهر بيگم: هي رضية بنت حسين بن سليمان الصفوي كانت امرأة لبيبة هاشمية شديدة الولاء لأهل البيت النبوي ع تزوجها نادر الأفشاري بعد أن استولى على دولة الصفويين تماماً عام 1149هـ وتتوج عام 1150هـ.

(3) حسين الصفوي: هو ابن سليمان (صفي الدين الثاني) بن عباس الثاني حكم بعد أبيه عام 1105هـ وفي أيامه استولى الأفغان على عاصمة ملكه أصفهان فخلعوه وانتهى حكمه عام 1135هـ حيث ولي بعده ابنه السلطان طهماسب الثاني، ومنذ عهده اصبح السلاطين الصفويون صورييين حيث كان الحكم لنادر الافشاري.

(3) بغية النبلاء: 167.

(4) عبدالرحمن: عرف بالكاتب الشيرازي حيث كانت مهنته الخط والكتابة وكان من أهل شيراز، عاش في القرن الثاني عشر الهجري.

(94)

 

        وعرضه ثلاثة أمتار وارتفاعه 1،30متراً(1).

        # كما أنها بدأت في عام 1135هـ(2) بتعمير المسجد المطهر بشكل خاص والروضة المقدسة بشكل عام وزخرفتها بالفسيفساء والقاشاني، وأرسلت بالستائر الثمينة لأبواب الروضة الشريفة والطنافس الحريرية والسجاد الفاخر والقناديل الذهبية التي علقت فوق الضريح(3) وانفقت على ذلك أموالاً لا تحصى فانتهت من التعمير عام 1138هـ.

        # وفي سنة 1139هـ تولى منصب السدانة للروضة الحسينية السيد علي الزعفراني(4) خلفاً للسيد حسين الزعفراني(5).

        # وفي سنة 1145هـ عين الوالي أحمد باشا(6) الشيخ عبدالله السويدي(7) إماماً راتباً(8) في مسجد شاهين(9) في المرقد الحسيني كما أناط.

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) شهر حسين: 399.

(2) لقد ذكر عبدالحسين الكليدار في تاريخ كربلاء المعلى: 15 ما نصه: « وفي سنة 1135هـ نهضت زوجة السلطان نادر وكريمة السلطان حسين الصفوي الى تعمير المسجد المطهر وأنفقت على ذلك أمولاً لا تحصى»، وقال محمد حسن الكليدار في مدينة الحسين: 1/38 «وفي عام 1138هـ أمرت زوجة السلطان نادر وهي كريمة السلطان حسين الصفوي بترميم الروضة المقدسة وزخرفتها بالفسيفساء وأنفقت على ذلك مبالغ لا تحصى وجاءت للروضة بستائر حريرية وطنافس وثريا ذهبية...» فالجمع بين النصين يقتضي القول بأن البداية كانت عام 1135هـ والنهاية وقعت في عام 1138هـ ويؤيده أن البناء والزخرفة لا يمكن أن يتمان خلال سنة واحدة في ظل تلك الظروف.

(3) راجع شهر حسين: 325.

(4) علي الزعفراني: هو ابن محمد منصور بن حسين بن محمد قاسم بن أبراهيم الموسوي الحائري_ حفيد المتقدم عليه، وفي مدينة الحسين: 1/77 إن الذي تولى هو السيد مهدي ين محمد منصورالزعفراني، وسنأتي على أنه تولى بعده.

(5) تراث كربلاء: 188، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 210.

(6) أحمد باشا: هو ابن حسن باشا، تولى ولاية بغداد بعد وفاة أبيه عام 1136هـ، وكان قد تولى قبلها ولاية قونية ثم حلب عام 1129هـ ثم البصرة عام 1131هـ ثم بغداد، ثم حلب عام 1147هـ ثم أعيدالى بغداد عام 1149هـ وتولى عدداً من المناصب الى أن توفي عام 1160هـ في دلي عباس (ناحية المنصورية) التابعة لمدينة ديالى.

(95)

 

 أليه أمر الافتاء والقضاء بالمشهدين العلوي والحسيني(1).

        # وفي سنة 1146هـ توجه السلطان نادر الأفشاري(2) الى العراق واحتل معظم المناطق التي في طريقه حتى وصل الى بغداد فأمر قواته باحتلال الحلة والنجف وكربلاء بعدما تم احتلال سامراء وفي أثناء ذلك وصل وقد مخول من قبل العثمانين وعقد صلحاً مع السلطان نادر الأفشاري وقد تنازلوا عن الأراضي التي كانوا قد احتلوها من ايران وأعادوا الأسرى الإيرانيين وكان ذلك في شتاء عام 1146هـ وقدموا له الهدايا وبعد ذلك قام السلطان نادر بزيارة العتبات المقدسة في الكاظيمة وكربلاء والنجف ثم عاد الى إيران(3).

        # وفي حدود عام 1152هـ زار المرقد الحسيني أحد الأثرياء المقربين للسلطان نادر الأفشاري والذي يدعى عبدالكريم خان(4) فاهتم بازدهار كربلاء ورفاهية سكانها الكثيرين، فازداد الرخاء بها بشكل عظيم(5) وكثر

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) السويدي: هو عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله الحسين البغدادي الشافعي من مشايخ العامة ويصل نسبه الى عبيد الله بن العباس، ولد عام 1104هـ وتوفي ببغداد عام 1174هـ. ومن مؤلفات ولده حديقة الزوراء.

(2) وقد جرت هذه السنة حتى 1213هـ كما في شهر حسين: 325.

(3) مسجد شاهين: هو المسجد الذي بناه شاهين بن عمران عام 367هـ مما يلي رأس الحسين ع من جهة الشمال وقد ألحق فيما بعد بالروضة الحسينية المطهرة عام 1213هـ.

(4) راجع موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 78 وشهر حسين: 325.

(5) نادر الأفشاري: هو ابن إمام قلي ولد عام 1110هـ، وكان قائداً أميراً في عهد طهماسب الثاني الصفوي إلا أنه عندما وجد البلاد عرضة للغزو الأفغاني تولى الأمر لانقاذ البلاد وحافظ على السلطنة فكانت الأمور بيده والسلطان إسماعيل الثالث وعباس الثالث على راس الحكم رمزياً ولذا يمكن أعتبار أن حكمه بدأ عام 1137هـ إلا أنه خلعة عباس الثالث عام 1149هـ وأنشا دولته وحكم حتى عام 1160هـ ثم خلفه ابنه علي قلي العادل.

(6) ممستدرك أعيان الشيعة: 4/203.

(7) عبدالكريم خان: لم نعثر على ترجمته الا أنه كان من أعيان وتجار أصفهان، كان مقرباً من السلطان نادر الأفشاري فكان يوكل ببعض المهام التجارية اليه، ولعله كان مستشاره في هذا الحقل، وعن طريقه ينفذ الكثير من أعماله ذي الطابع الاقتصادي.

(96)

الوافدين اليها.

        # وفي عام 1153هـ أرسل السلطان نادر الافشاري مع الأمير حاج بك خان(1) هدايا نقدية وأفرة الى العتبات المقدسة بالعراق والتي منها مرقد الامام الحسين ع ولما وردت بغداد سجلها الوالي العثماني وسلمها للسفير الايراني ليوصلها الى محلها(2) وكان قد غزا الهند وحصل على خزائنها ونفائس مستودعاتها(3).

        # وفي العام نفسه قامت السيدة گوهر بيگم أيضاً بتوسيع الصحن الحسيني الشريف فأدخلت قسماً من مسجد مرجان في الصحن وبذلك أصبح الصحن الشريف ذا زوايا ست(4) ويذكر أنها صرفت مبلغ عشرين الف نادري(5) لترميم العتبة الحسينية(6).

        # وفي حدود عام 1154هـ أمر الوالي العثماني ببغداد أحمد باشا(7) بتخريب عدد من القرى وإهلاك أهلها بغرض السيطرة عليها واستثنى من ذلك كربلاء والحلة والغري(8).

        # وفي حدود عام 1155هـ علق فانوس شمع في الرواق الحسيني

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم كربلاء: 201 نقلاً عن الموسوعة الاسلامية الموجزة و 268 نقلاً عما جاء في دائرة المعارف الاسلامية.

(2) حاج بك خان: لم نعثر على ترجمته الا كونه أميراً من أمراء الدولة الافشارية، اعتمد عليه السلطان نادر الأفشاري أيام حكومته (1137ــ 1160هـ).

(3) راجع موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم كربلاء: 76 نقلاً عن مخطوطة حديقة الزوراء، تاريخ العراق بين احتلالين: 5/262.

(4) لغت نامه دهخدا: 8/84.

(5) تاريخچة كربلاء: 77.

(6) نادري: نسبة الى نادر الأفشاري، وهي عملة نقدية ضربت في عهده باسمه وكانت رائجة آنذاك.

(7) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 268 عن دائرة المعارف الاسلامية.

(8) احمد باشا: هو ابن حسن باشا سبقت ترجمته تولى ولاية بغداد ثانية عام 1149هـ.

(9) راجع موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم كربلاء: 121ـ 177، عن حديقة الزوراء 320.

(97)

 كتب عليه بيتان من الشعر للسيد نصرالله الحائري(1) وهما ـ من الطويل ـ :

ألا أنما فانوس شمعك سيدي          أرانا من الأحزان في القلب نيرانا

وما طاف حول الشمع الا ليفتدي             لشمعك يا خير البرية قربانا(2)

                كما كتب بيتان له ـ من مجزوء الخفيف ـ على باب الأوسط(3) للروضة الحسينية وهما:

زائري سبط أحمد              منْبع الرشْد والهدى

إسبلوا دمعكم دماً              وأدخلوا الباب سجدا(4)

         بينما كتب بيتان آخران له ـ من مجزرة الرمل ـ على الباب الآخر(5) وهما:

أيها الزوار نلتم        ههنا أقصى المرام

        هذه جنـــات عد                فاد خــلوها بسلام(6)

        # وفي عام 1155هـ أمر السلطان نادر الافشاري بتعمير الحائر الحسيني والصرف على العتبات المقدسة من غنائم الهند التي استحصلها(7) واستغرق البناء والتعمير عاماً واحداً(8) وفي ذلك يقول السماوي:

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) نصرالله الحائري: هو ابن حسين بن علي الفائزي الموسوي المستشهد عام 1168هـ، عرف بمدرس الحائر من اعلام الامامية وأدبائها وشعرائها، حاول التقريب بين الأديان، له مواقف وطنية واسلامية وعلى أثرها قتل في استامبول، له ديوان عرف باسمه.

(2) ديوان نصرالله الحائري: 18.

(3) المراد بالباب الأوسط: هو الباب القبلي الكبير الذي يدخل من الرواق القبلي الى الروضة الحسينية.

(4) ديوان نصر الله الحائري: 17.

(5) الظاهر المراد بالباب الآخر هو باب حبيب بن مظاهر الذي يقع شمال ضريحه ويدخل منه الى الروضة الحسينية من الرواق.

(6) ديوان نصرالله الحائري: 18.

(7) جاء في تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 261 عن العروة الوثقى لجمال الدين الأفغاني: أن الانكليز لا زالوا يذكرونها بشيء كثير من التأسف لأن سبقهم إليها نادر الأفشاري بسنين قبل استيلائهم على الهند.

(98)

 

ثم أتى(1) النادرُ واستضافا            طرئفاً من غنمه لطافاً

وزان هاتيك المباني المنشئهْ           في الخمس والخمسين من بعد المئة

ثم أتى من بعد سبع عشرة             وزيراً الشهم فشاد الحضرهُ

وجدد الصندوق والرواقا              وعلق الاستار والاعلاقا

فيها ثريا ذات ثنتي عشره             عينا لأنوار بها منتشره(2)

تعقد تاجها أفاع صفر                   وفوقهن للسكون صقر(3)

        # وفي عام 1156هـ وبالتحديد في 26 شوال(4) زار(5) السلطان نادر الأفشاري مدينة كربلاء المقدسة مع وزرائه وعساكره وأرباب دولته ومعه نديمه(6) مرزا زكي(7) بعد أن أنهى زيارته للمرقد العلوي(8) فاصطحب معه السيد نصرالله الحائري فخيم في الجهة الجنوبية الغربية للحرم الحسيني في المكان المعروف اليوم بالمخيم الحسيني(9) وجمع العلماء والأمراء فتوجه

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تاريخ مرقد الحسين والعباس: 90، مجالي اللطف: 2/42، صحيفة البديل الاسلامي العدد: 62 الصفحة: 8 عن يعقوب سركيس.

(2) في أغلب المصادر أنه زار المرقد الحسيني عام 1156هـ، نعم امر بتعمير المرقد عام 1155هـ وانتهى من ذلك عام 1156هـ، ولعله حضر مراسيم الاحتفال بانتهاء العمل.

(3) ويبدو أنه أرسل مع وزيره قنديلاً من أثنتي عشرة عيناً تاجها كالأفاعي فوقها صورة صقر.

(4) مجالي اللطف: 2/42، تراث كربلاء: 63.

(5) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 268 عن دائرة المعارف الاسلامية، وجاء في مدينة الحسين: 2/25 أن زيارة نادر الافشاري كانت عام 1154هـ.

(6) لقد زار نادر الأفشاري العتبة الحسينية مرتين أولاهما عام 1146هـ والثانية عام 1156هـ كما في مستدرك أعيان الشيعة:4/206.

(7) ماضي النجف وحاضرها: 1/222.

(8) مرزا زكي: ويقال له محمد زكي هو ابن إبراهيم الكرمنشاهي القرميسيني، كان من العلماء الخطباء والوعاظ الأدباء، تعرف عليه السلطان نادر الأفشاري فاستصحبه وجعله قاضياً لعسكره، توفي مقتولاً عام 1159هـ.

(9) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 268 وجاء في ماضي النجف وحاضرها: 1/223 « انه توجه نحوالعراق على طريق خانقين الى بغداد سنة 1156هـ ومنها الى الحلة ثم منها الى النجف دخلها يوم الأحد في الحادي والعشرين من شوال وارتحل عنها يوم الجمعة ودخل كربلاء يوم السبت».

(99)

معهم لزيارة أبي الشهداء الحسين بن علي ع واخيه ابي الفضل العباس ع(1)، وساهم في تحسين وضع العتبات المقدسة(2) فأمر بتزيين الأبنية وأهدى الهدايا(3) النفيسة الى خزانة الحضرة(4) وتبرعت زوجته السيدة وضية بمبلغ كبير لتعمير العتبات وترميمها(5).

        # وف عام 1162هـ أهدى أحد ملوك العجم(6) مسرجه(7) لرواق المرقد الحسيني، مصنوعة حسب الظاهر من الذهب يتدلى منها اثنا عشر قنديلاً توضع فيها الشموع، وقد زينت أغصانها المتدلية بصفائح ذهبية على

ـــــــــــــــــــــ

(1) شهر حسين: 327.

(2) شهر حسين: 327.

(3) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 268 عن دائرة المعارف الاسلامية.

(4) شهرحسين: 327 عن دوحة الوزراء للشيخ رسول الكركوكلي، ومن الغريب جداً أن نرى بعض المستشرقين ذكروا بأن نادر الأفشاري صادر الأوقاف المخصصة لأئمة كربلاء والهيات الخيرية العائدة للمامين ــ على حد تعبيره ــ الشهيدين في كربلاء. راجع موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 210 عن الموسوعة الاسلامية الموجزة: 268 عن الموسوعة الاسلامية وقوله هذا لايمت الى الحقيقة بصلة، فمن يصرف هذه المبالغ الطائلة على المرقد الحسيني والعلوي وباقي المراقد المقدسة على ما جاء في كافة المصادر التاريخية فلا يمكن الركون الى مثل قول هذا المستشرق الذي تفرد بان نادر الأفشاري صادر اوقاف الامام الحسين ع وأخيه أبي الفضل العباس ع واستولى على خزائنها الميئة بالتحف والأحجار الكريمة، نعم لربما خلط بين ماصادره السلطان في غزوه للهند هي من الاوقاف المخصصة للمرقد الحسيني والعباسي ومدينة كربلاء المقدسة فصادرها من باب الاستفاذ وصرفها في وجوهها والله العالم.

(5) صحيفة البديل الاسلامي البيروتية: 62/8 عن يعقوب سركيس.

(6) مستدرك أعيان الشيعة: 4/206.

(7) في هذه السنة كان على سدة الحكم بايران شاهرخ بن رضا قلي بن نادر قلي الأفشاري حيث حكم بعد ابن عم ابيه إبراهيم خان من خراسان وذلك منذ عام 1162هـ الى أن قتل عام 1210هـ، وقد عزل وحكم بدلاً عنه سليمان، ثم أنه سيطر ثانية وحكم الى أن قتل.

(8) المسرجة: بالكسر السراج.

(100)