موسوعة بطل العلقمي

اسم الکتاب : موسوعة بطل العلقمي

المؤلف : تأليف سماحة آية الله المحقق الكبير الشيخ عبد الواحد المظفر قدس سره
المطبعة : مؤسسة الشيخ المظفر الثقافية العراق النجف الاشرف مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان

 

 

 

اعمام العباس الاكبر «عليه
السلام» الذين هم أعمام
أبيه

وهم ولد عبد
المطلب
أعمام العباس الأكبر «عليه السلام»
أختلف النسابون في عددهم وضبط أسمائهم على أقوال ثلاث:
(1) هم عشرة وهو المشهور
(2) اثنى عشر.
(3) ثلاثة عشر وهو الأقرب للصواب. وقيل: إيراد أقوال النسابين ما الذي يقتضيه النظر الصحيح في الكثرة والقلة فالترجيح عندي للقول بالأكثر وذلك لأن النسابين والمؤرخين وأهل الحديث والتراجم قد أتفقوا على نذر عبد المطلب إن رزقه الله عشر بنين يدفعون عنه فيذبح أحدهم قربانا للكعبة فلما تموا بعبد الله عشرة وفى بنذره، وهم يقولون أصغر إخوته لأمه لا أصغرهم على الاطلاق، فجاز أن يكون ولد عبد المطلب أولاد تم به العدد فكانوا اثني عشر غير عبد الله وخصوصا ما ذكره أهل العلم بأتفاق منهم أن عبد المطلب عاش بعد موته ابنه عبد الله ثمان سنين وهو كافل رسول الله (ص) هذه المدة ولم يبلغنا أن عبد المطلب في ظرفها قد اعتزل النساء أو عرض له عارض يمنعه من مقاربة النساء أو أن نساؤه الكثيرة عقمن جميعا فما ولدن بعد ذلك فإذا انتفت هذه الأشياء جاز أن يزلد له والنذر باستيفاء العدد المنذور لا يمنع الزيادة فلو نذر إنسان أن يذبح شاة إن رزقه الله عشرة دنانير أفلا يجوز أن يرزقه عشرين دينارا؟!
وإذا انضم إلى هذه قاعدة المثبت مقدم على النافي وشواهد آخر مثل اتفاقهم أن حمزة رضيع رسول الله (ص) ارضعتهما ثوبية بلبن ابنها مسروح وقالوا هذا في أوله وهذا في آخره، فيكون حمزة أسن من رسول الله (ص) بسنتين.
وقالوا أيضا: إن العباس بن عبد المطلب اسن من رسول الله (ص) بسنتين
(237)
ويعدون من فضائله وقد سئل أنت أكبر أم رسول الله (ص)؟ فقال: رسول الله أكبر وأنا ولدت قبله وعليه فالحمزة والعباس أسن أشقائهما فإخوتهما فيهم من هو أصغر سنا من النبي (ص).
ويحصل من جميع هذه الأمور القطع بأنهم أكثر من عشرة.

قول من قال إنهم ثلاثة عشر:


منهم نقيب نقباء مصر أبو علي محمد بن القاضي أسعد بن علي الحسيني الجواني النسابة في «الشجرة المحمدية» التي ألفها لخزانة السلطان الناصر صلاح الدين: أعمام النبي (ص):
(1) أبو لهب عم النبي ابن عبد المطلب (2) حجل عم النبي ابن عبد المطلب
(3) قثم عم النبي ابن عبد المطلب (4) عبد الكعبة عم النبي ابن عبد المطلب
(5) الغيداق عم النبي ابن عبد الطلب (6) ضرار عم النبي ابن عبد المطلب
(7) حمزة عم النبي ابن عبد المطلب (8) المقوم عم النبي ابن عبد المطلب
(9) أبو طالب عم النبي ابن عبد المطلب (10) الزبير عم النبي ابن عبد المطلب
(11) الحارث عم النبي ابن عبد المطلب (12) العباس عم النبي ابن عبد المطلب
هكذا ذكر النسابة ووالده (ص) ثالث عشرهم.
وقال المحب الطبري في ذخائر العقبى(1): كان له (يعني النبي (ص)) اثنى عشر عما بنو عبد المطلب، أبوه (ص) ثالث عشرهم، الحارث وأبو طالب واسمه عبد مناف، والزبير ويكنى أبا الحارث وحمزة وأبو لهب واسمه عبد العزى والغيداق والمقوم وضرار والعباس وقثم وعبد الكعبة وحجل ويسمى المغيرة، وقيل: كانوا أحد عشر فأسقط المقوم وقيل هو عبد الكعبة، وقيل: عشرة وأسقط الغيداق وحجل، وقيل: تسعة، ولم يذكر ابن قتيبة واين إسحاق وأبو سعيد غيره.
وأمهاتهم شتى فحمزة والمقوم وحجل لام وهي هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة، والعباس وضرار وقثم لام هي نثيلة بنت جناب بن كلب بن النمر بن قاسط والحارث من سفية بنت حنيذ من بني عامر بن صعصعة وأبو لهب من لبنى بنت هاجر من خزاعة وعبد الله أبو النبي (ص) وأبو طالب والزبير وعبد الكعبة لام وهي فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم ولم يعقب منهم إلا
(1) ذخائر العقبى: ص176.
(238)
الأربعة: الحارث والعباس وأبو طالب وأبو لهب(1)، إنتهى.
والمراد بالعقب الباقي إلى اليوم وإلا فقد عقب ولكنه انقرض كلازبير وعبد الله وحمزة. قال القلقشندي في نهاية الأرب(2): وكان له من الولد اثنى عشر على عمود النسب: عبد الله أبو النبي (ص)، وخارج على عمود النسب أبو طالب والزبير وعبد الكعبة وأمهم فاطمة بنت عمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم والعباس وضرار أمهما نثيلة بنت جناب من ولد النمر بن قاسط وحمزة والمقوم وحجل وأمهم هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة، وأبو لهب وقثم والغيداق والحراث، الخ.
وأما السويدي في سبائك الذهب فكتابه ترتيب نهاية الرب كما صرح بذلك في ديباجته فلا يعد قوله قولا مستقلا.
وذكر الصبان الشافعي في إسعاف الراغبين على هامش نور الأبصار(3) وسنذكر قوله فيهم في الأفراد وهم عنده اثني عشر ذكرا.
وفي السيرة الحلبية(4): أعمام النبي (ص) اثني عشر: الحارث وهو أكبر أولاد جده عبد المطلب وبه كان يكنى وشقيقه قثم وقد هلك صغيرا، وأبو طالب والزبير وعبد الكعبة وهؤلاء الثلاثة أشقاء لعبد الله والد النبي (ص) وثيل: الحارث لا شقيق له، وحمزة وشقيقه المقوم – بفتح الواو وكسرها مشددة وسنذكر باقي كلامه في المفردات، وحجل – بتقديم الجيم على الحاء واسمه المغيرة العباس وشقيقه ضرار، وأبو لهب واسمه عبد العزى والغيداق واسمه مصعب، وذكر بعضهم في أعمامه العوام، الخ، وعلى هذا القول فأولاد عبد المطلب أربعة عشر وأهل هذا لقول كثيرون.

القاتلون بالأقل:


ابن قتيبة في المعارف(5) فجعلهم عشرة وأسقط عبد الكعبة وجعل الغيداق وحجل واحدا.
وابن إسحاق كما في السيرة الهشامية وهذا لفظه(6): وولد عشرة أولاد أتفاقا وأثني عشر وثلاثة عشر على خلاف في ذلك وستة نسوة أتفاقا، قال ابن هشام:
(1) ذخائر العقبى: ص171 – 172. (2) نهاية الارب: ص278.
(3) إسعاف الراغبين بهامش نور الإبصار: ص81.
(4) السيرة الحلبية 3/ 351.
(5) المعارف: ص51. (6) سيرة ابن هشام 1/ 113.
(239)
فولد لعبد المطلب بن هاشم عشرة نفر وستة نسوة: العباس وحمزة وذكر أسماء الباقين، وأسقط الغيداق وعبد الكعبة وذكر أسماء البنات وهن: صفية شقيقة حمزة وعاتكة وأم حكيم البيضاء وأميمة وأروى وبرة شقيقات أبي طالب وذكر نسب امهاتهم وسيأتي.
ووافقه ابن واضح اليعقوبي وابن شهر آشوب المازندراني في مناقبه والدياربكري في تاريخه وآخرون غيرهم، والمتحصل اثنى عشر سوى أبي طالب «عليه السلام».

شرفهم على الإجمال:


قال ابن واضح في تاريخه(1) بعد ذكر أسمائهم: ولكل واحد من ولد عبد المطلب شرف وذكر وفضل وقدر ومجد: حج عامر بن مالك ملاعب الأسنة البيت فقال: رجال كأنهم جمال جون بهؤلاء تمنع مكة.
وحج أكثم بن صفي في ناس من بني تميم فآهم يخترقون البطحاء كأنهم أبرجة الفضة يلحقون بالأرض جرانهم فقال: يا بني تميم! إذا أحب الله أن ينشأ دولة انبت لها مثل هؤلاء، هؤلاء غرس الله لا غرس الرجال.
وقال الحافظ المارودي في أعلام النبوة: وصار عبد المطلب سيدا عظيم القدر مطاع الأمر نجيب النسل حتى مر به أعرابي وهو جالس في الحجر وحوله بنوه كالاسد فقال: إذا أحب الله انشاء دولة خلق لها أمثال هؤلاء فأنشأ الله لهم بالنبوة دولة خلد بها ذكرهم ورفع بها قدرهم حتى سادوا الأنام وصاروا الأعلام وصار كل من قرب من رسول الله (ص) من آبائه أعظم رياسة وتنوها وفضلا وتألها، الخ.
قال أبو حيان التوحيدي في الأمتاع والمؤانسة(2):انصرف العباس بن مرداس السلمي من مكة فقال: يا بني سليم! إني رأيت أمرا وسيكون خيرا، رأيت بني عبد المطلب كان قدودهم الرماح الردينة وكأن وجوههم بدور الدجنة وكأن عمائمهم فوق الرجال ألوية وكأن منطقهم مطر الوبل على المحل وإن الله إذا أراد ثمرا غرس له غرسا، وإن أولائك غرس الله فتوقعوا ثمرته وتوكفوا غيثه وتفيئوا ظلاله واستبشروا بنعمة الله عليكم به، الخ.
قال ابن عساكر في التأريخ(3): قال ابن الكلبي لم يكن في العرب بنو اب مثل بني عبد المطلب ولا أشرف منهم ولا أجسم، شم العرانين تشرف أنوفهم قبل شفاههم.
(1) تاريخ اليعقوبي 2/ 8. (2)الأمتاع والمؤانسة 1/ 76.
(3) تاريخ مدينة دمشق 1/ 291.
(240)
وعمومة العباس «عليه السلام» وهم عمومة أبيه ولد عبد المطلب قسمان: قسم حاز شهرة عظيمة ورياسة ضخمة وبقي ذكره حتى اليوم وقسم له شهرة في عصره وأما اليوم فقد تلاشت واضمحلت ولم يبق إلا ذكره في الكتب النادرة ولا يعرفه إلا علماء الأنساب والمؤرخون المطلعون، ونذكر هذا القسم أولا والمشاهير أخيرا.

(1) ضرار بن عبد المطلب:


قال ابن إسحاق: أم ضرار والعباس نثيلة بنت جناب بن كلب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم اللات بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
وفي تاريخ ابن عساكر(1): وضرار بن عبد المطلب وكان أفضل فتيان قريش جمالا وسخاءا ومات أيام أوحي إلى النبي (ص) ولا عقب له.
وقال ابن قتيبة في المعارف: وأما ضرار بن عبد المطلب فمات قبل الإسلام وكان يقول الشعر ولا عقب له.
وقال الصبان في إسعاف الراغبين: وأما ضرار فإنه مات أيام أوحي إلى النبي (ص) ولم يسلم وكان من فتيان قريش جمالا وسخاءا، إنتهى.
ومثله في جوهرة الكلام: ص(45) تأليف السيد محمود بن وهيب البغدادي الحنفي.
وقد بينا مرارا أن أهل هذا البيت على التوحيد كأنهم وهم على دين إبراهيم الخليل «عليه السلام» فمن لم نعلم كفره حكمنا بإسلامه والقاعدة تقتضي أن من كان على شيء ثبت عليه حتى يعلم يقينا مفارقته له، وهذا ما يسميه أهل علم أصول الفقه بالاستصحاب ويعضد هذا الأصل قاعدة اليقين لا يزول إلا بيقين مثله وفي بدء نزول الوحي على رسول الله (ص) أخفى أكثر المسلمين إسلامهم للضغط الشديد على مظهر الإسلام وعقوبة من تفوه به وبالأخص آل عبد المطلب لتكالب قريش عليهم لأن النبي (ص) منهم.

(2) المقوم بن عبد المطلب شقيق حمزة:


قال ابن إسحاق: وأم حمزة والمقوم وحجل وكان يلقب الغيداق لكثرة ماله وسعة خيره وصفية هالة بنت اهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، الخ.
(241)
وقوله الغيداق هو حجل يخالفه به أكثر النسابين.
قال ابن قتيبة في المعارف: وأما المقوم بن عبد المطلب فلم يدرك الإسلام ولا عقب له وكانت له بنت تسمى هند تحت عبد الله بن مسروج أخي بني سعد بن بكر ابن هوازن، إنتهى.
وفي الإصابة أنها أم عبد الله بن مسروح وهذا لفظه(1): عبد الله بن أبي مسروح بن عمرو بن سعد بن بكر وأمه بنت المقوم بن عبد المطلب، الخ.
قال الحلبي في سيرته: حمزة وشقيقه المقوم – بفتح الواو وكسرها مشددة – ومثله قال الصبان في إسعاف الراغبين، وذكره ابن حبيب في المحبر(2) أن له ثلاث بنات.
وفال السيد محمود بن وهيب الحنفي في جوهرة الكلام(3): إنه لم يدرك الإسلام وقد ولد له وانقطع عقبه.
وقال السيد عباس نور الدين المكي في نزهة الجليس(4): وحمزة والمقوم وقيل المقرام أمهم هالة بنت وهيب بنت عم أمه (ص).

(3) جحل بن عبد المطلب:


بالجيم قبل الحاء كما ضبطه قوم كذلك، وقيل: حجل بتقديم المهملة على المعجمة كما ذهب إليه آخرون.
قال الصبان في إسعاف الراغبين: جحل بتقديم الجيم المفتوحة الساكنة وقيل بتقديم الحاء على الجيم الساكنة ويسمى المغيرة.
وقال في موضع آخر: وأما جحل فولد له وانقطع عقبه وكذلك المقوم.
وقال الحلبي في سيرته(5): وجحل بتقديم الجيم على الحاء واسمه المغيرة، والجحل السقاء الضخم وقيل بتقديم الحاء المفتوحة على الجيم وهو في الأصل الخلخال، إنتهى.
وعلى التفسير الأول الجحل إناء من الطين كبير يعرف عند عوام أهل البصرة القرويين بالجحلة والحجل بكسر الحاء مصاغ من ذهب أو فضة تجعله المرأة في رجلها عوض الخلخال لأنه لا صوت له، والعوام يفرقون بين الحجل والخلخال بالتصويت وعدمه فالمصوت الخلخال.
(1) الإصابة 1/ 367. (2) المحبر: ص64.
(3) جوهرة الكلام: ص95. (4) نزهة الجليس 2/ 20.
(5) السيرة الحلبية 3/ 351.
(242)
قال السهيلي في الروض الانف(1): جحل بتقديم الجيم على الحاء هكذا في رواية الكتاب، وقال الدارقطني هو بتقديم الحاء، والحجل السقاء الضخم والحرباء، ثم ذكر الخلاف في إسمه وقال: جحل لقب والجحل ضرب من اليعاسيب، قاله في كتاب العين، إنتهى.
ولحجل ابن يقال له قرة كان شاعرا ذكر السيد عباس نور الدين المكي في نزهة الجليس(2): فائدة في عدة اعمام النبي (ص): نظم قرة بن حجل بن عبد المطلب أورده العلامة السيوطي في المحاضرات، فقال:
أعدد ضرارا إن أردت فتى ندا والليث حمزة واعدد العباسا
واعدد زبيرا والمقدم بعده والصخر جحلا والفتى الرآسا
وأبا عتيبة فأعدته ثمانا والقرم عبد مناف الحماسا
والقرم غيداقا وعد جحاجحا سادوا على رغم العدو الناسا
والحارث الفياض ولى ماجدا أيام نازعه الهمام الكاسا
ما في الأنام عمومة كعمومتي خيري ولا كأناسنا أناسا
قال الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق(3) بعد أن ذكر هذه الأبيات لقرة بن جحل، قال: وكان الحمزة والمقرم والزبير وجحل أولاد لأصلابهم فماتوا.

(4) عبد الكعبة بن عبد المطلب:


شقيق أبي طاللب والزبير وعبد الله، أمهم جميعا فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة ومات عبد الكعبة قبل البعثة النبوية.
وجعل ابن واضح عبد الكعبة هو المقوم وهو خطأ قطعا لأن المتفق عليه أن المقوم شقيق الحمزة وعبد الكعبة شقيق عبد الله والد النبي (ص) نص عليه الحلبي وغيره.
قال الصبان في إسعاف الراغبين: وأما عبد الكعبة فلم يدرك الإسلام ولم يعقب.
وذكره السيد عباس نور الدين في نزهة الجليس(4) وجعله شقيقا لأبي طالب وعبد الله والزبير.
(1) الروض الانف: ص78. (2) نزهة الجليس 2/ 203.
(3) تاريخ مدينة دمشق 1/ 291.
(4) نزهة الجليس 2/ 203.
(243)
وذكره في جوهرة الكلام بمثله(1).
وكذلك الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق(2).

(5) قثم بن عبد المطلب:


مات صغيرا وهو شقيق العباس وضرار على المشهور وشقيق الحارث عند بعض العلماء فعلى الرأي الأول أمه نثلة وعلى الرأي الثاني أمه صفية.
قال ابن واضح في تاريخه: أمه صفية ومات صغيرا.
وقال الصبان في إسعاف الراغبين بهامش نور الابصار(3): قثم – بقاف مضمومة فمثلثة مفتوحة -.
وقال(4): وأما قثم فمات صغيرا.
وقال الحلبي في سيرته: الحرث وشقيقه قثم هلك صغيرا.
وقال السيد عباس نور الدين المكي في نزهة الجليس(5): والحارث وهو أكبر ولد عبد المطلب وبه يكنى وشقيقه قثم مات صغيرا.
وفي جوهرة الكلام(6): وأما قثم فمات صغيرا.
وذكر الحلبي عن الامتناع: لما مات قثم بن عبد المطلب قبل مولد رسول الله (ص) وهو ابن تسع سنين وجد عليه وجدا شديدا، فلما ولد رسول الله (ص) وسماه قثم أخبرته أمه امنه أنها أمرت في منامها أن تسميه محمدا فسماه محمدا.

(6) الغيداق بن عب المطلب:


وهو لقب بالأتفاق وأختلف في إسمه فقيل: جحل وهو قول ابن إسحاق وابن واضح وهو شعيف وقد مضى قول ابن إسحاق ويأتي قول ابن واضح وقيل: نوفل وقيل: مصعب وهو الراجح.
قال ابن واضح في تاريخه: والغيداق هو حجل وإنما سمي الغي\اق لأن كان أجود قريش وأطعمهم للطعام، وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك بن نوفل الخزاعي، الخ.
وكذلك قال ابن قتيبة: الغيداق هو حجل.
(1) جوهرة الكلام: ص95. (2) تاريخ مدينة دمشق 1/ 292.
(3) إسعاف الراغبين بهامش نور الإبصار: ص81.
(4) إسعاف الراغبين بهامش نور الإبصار: ص84.
(5) نزهة الجليس 1/ 203. (6) جوهرة الكلام: ص55.
(244)
وقال الحلبي في سيرته: إسم الغيداق مصعب وقيل نوفل ولقب بالغيداق لكثرة جوده أي لأنه كان أجود قريش وأكثرها مالا.
وقال الصبان في إسعاف الراغبين(1): والغيداق بفتح الغين المعجمة وهو لقبه واسمه مصعب وقيل نوفل.
وقال(2): وأما الغيداق فكان من أجود قريش وأكثرها طعاما ومالا ولهذا لقب بالغيداق.
وقال السيد عباس بن علي نور الدين الموسوي المكي في نزهة الجليس(3): والغيداق واسمه مصعب وقيل نوفل وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك.
وفي جوهرة الكلام(4): وأما الغيداق فكان أجود قريش وأكثرهم طعاما ومالا ولهذا لقب بالغيداق.
و[قال ايضا](5): والغيداق بفتح الغين المعجمة وهو لقبه واسمه مصعب وقيل نوفل.
وقال ابن عساكر في تاريخه(6): والغيداق بن عبد المطلب واسمه مصعب وأمه بنت عمرو بن مالك بن سويلم بن سويد بن مجد بن جبير بن عدي بن سلول بن عمرو بن خزاعة وأخوة لأمه عوف بن عبد عون بن عبد بن الحارث بن زهرة.

القسم الثاني من مشاهير ولد عبد المطلب:


وهم الباقون وقد تقدم أبو طالب في آباء العباس بن علي «عليهما السلام» ونحن نذكر ما بقي منهم إلى تمام اثنى عشر:
(7) الحارث بن عبد المطلب:
وبه كان يكنى، وهو أكبر ولد عبد المطلب وشهد معه حفر زمزم والمنافرة مع قريش بسببها والمنافرة مع ثقيف وحرب بن أمية بسبب البئر التي حفرها عبد المطلب بالطائف.
وكانت أم الحارث سمراء بنت جندب بن حجير بن رئاب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، الخ، وغيره يقول: اسمها صفية ويمكن أن يكون اسمها صفية ولقبها سمراء.
(1) إسعاف الراغبين: ص81. (2) إسعاف الراغبين: ص84.
(3) نزههة الجليس 2/203. (4) جوهرة الكلام: ص95.
(5) جوهرة الكلام: ص88. (6) تاريخ مدينة دمشق 1/ 291.
(245)
قال ابن قتيبة في المعارف: الحارث بن المطلب أكبر ولده وبه كان يكنى فهو أكبر ولده وشهد معه حفر زمزم.
وقال الصبان في إسعاف الراغبين: وأما الحارث بن عبد المطلب وبه كان يكنى فلم يدرك الإسلام وأسلم أولاده، إنتهى.
ذكر أبو نعيم الأصبهاني الشافعي في دلائل النبوة في سلسلة حديث أصحاب الفيل وقال فيها(1): فلما أصبحوا من الغد أصبح عبد المطلب ومن معه على جبالهم فلم يروا أحدا غشيهم فبعث ابنه على فرس له سريع ينظر ما لقوا فإذا القوم مشدخون جميعا فرجع يرفع رأسه كاشفا عن فخذه فلما رأى ذلك أبوه قال: إن ابني أفرس العرب وما كشف عن فخذه إلا بشيرا أو نذيرا فلما دنى من ناديهم بحيث يسمعهم الصوت قالوا: ما ورائك؟ قال: هلكوا جميعا، فخرج عبدالمطلب وأصحابه فأخذوا أموالهم فكانت أول أموال بني عبد المطلب من ذلك المال وقال عبد المطلب:
أنت منعت الحبش والأفيالا وقد رعوا بمكة الأميال
وقد خشينا منهم القتالا وكل أمر لهم معضالا
شكرا وحمدا لك ذا الجلالا
ثم يقول بعد كلام: ذكر أن عبد المطلب بعث بأبنه عبد الله فهو وهم من بعض النقلة لأن الزهري ذكر أن عبد الله بن عبد المطلب كان موته عام الفيل، وأن الحارث بن عبد المطلب كان أكبر ولد عبد المطلب وكان هو الذي بعثه على فرسه لينظر ما لقي القوم، الخ.
وما ذكره أبو نعيم مقبول لأتفاق المؤرخين على ولادة النبي (ص) عام الفيل ووفاة أبيه وهو حمل.
أولاد الحارث بن عبد المطلب:
هم ستة خمسة ذكور وبنت واحدة بأتفاق النسابين وهم: أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، والمغيرة، ونوفل، وعبد شمس، وربعة، والبنت أروى وهي التي شتمت معاوية شتما بليغا لما بلغها عنه أن كان يسب عليا «عليه السلام» وبني هاشم وقصتها ذكرها الجاحظ في المحاسن والأضداد، والبيهقي في المحاسن والمساوئ.
(1) دلائل النبوة 1/ 44 طبع حيدر أباد.
(246)
قال ابن قتيبة والمجب الطبري والديار بكري وغيرهم: أما نوفل فشهد بدرا مع المشركين كرها وأسر فقداه عمه العباس ثم أسلم وهو أسن إخوته وأسن من أسلم من بني هاشم حتى العباس وحمزة، قاله المحب الطبري في ذخائر العقبى ومات في خلافة عمر بالمدينة سنة (15هـ) وله عقب.
وأما أبو سفيان بن الحارث فكان لدة النبي (ص) وهو ممن أرضعته ثوبية مولاة أبي لهب التي أرضعت النبي (ص) وحمزة «رضي الله عنه» ثم لما كبر كان أليفا له ثم عاداه لما بعث بالرسالة وهجاه وكان شاعرا ثم أسلم وعفى عنه وقبربه وشهد معه حنينا وثبت فيمن ثبت واسمه كنيته على المشهور، وقيل أرضعته حليمة مع النبي (ص) مات أيضا بالمدينة أيام عمر بن الخطاب سنة (20) هـ وليس له عقب، إنتهى.
ليس له عقب يعني مستطيل وإلا فقد ولد له ابنه اشهيد أوب الهياج عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب البطل الشجاع الفصيح المفوه وله مقام مشكور في مجلس معاوية بن أبي سفيان يشتم فيه عمرو بن العاص كما ذكره الحافظ الدمشقي في تاريخ الشام(1) وليس هذا موضع ذكرها وإن عزاها الجاحظ والبيهقي لابن عباس فما قاله ابن عساكر أقرب إلى الصحة واحرى بالصواب واستشهد أبو الهياج مع سيد الشهداء «عليه السلام» بكربلا.
قال ابن عساكر أيضا وهذا نصه(2): وقتل المترجم يعني عبد الله بكربلاء مع سيدنا الحسين «عليه السلام» في يوم عاشوراء سنة (61) هـ.
وأما ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب فتوفي في المدينة أيضا سنة (23) هـ في خلافة عمر بن الخطاب وهو أسن من العباس بن عبد المطلب، وشهد ابنه العباسبن ربيعة بن عبد المطلب الجمل وصفين مع أمير المؤمنين «عليه السلام» وهو صاحب القصة المشهورة بصفين في مبارزة غرار بن أدهم فارس أهل الشام، وابنه الفضل بن العباس بن ربيعة شاعر بني هاشم.
وأما عبد شمس بن الحارث فأسلم أيضا وهاجر كإخوته وينبغي أن نحرر في هذا الموضوع ما ورد في كتب السير والتأريخ من التباين والأضطراب في بادئ
(1) تاريخ مدينة دمشق 7/ 438. (2) تاريخ مدينة دمشق 7/ 439.
(247)
النظر وذلك أن بعضهم ذكر فيمن شهد صفين مع أمير المؤمنين «عليه السلام» المغيرة بن الحارث ومنهم نصر بن مزاحم وتبعه آخرون على هذا ومن شعره فيها قوله(1):
يا شرطة الموت صبرا لا يهولكم دين ابن حرب فإن الحق قد ظهرا
وقاتلوا كل من يبغي غوائلكم فإنما النصر في الضرا لمن صبرا
وسيفوا الجوارح حد السيف واحستبوا في ذلك الخير وأرجوا الله والظفرا
وأقنوا إن من أضحى يخالفكم أضحى شقيا وأضحت نفسه خسرا
فيكم وصي رسول الله قائدكم وأهله وكتاب رسول الله قد نشرا
ولا تخافوا ضلالا لا أبا لكم سيحفظ الدين والتقوى لمن صبرا
أورد منها ابن أبي الحديد في شرح النهج(2) ثلاثة أبيات وقال: إنها للمغيرة بن الحارث.
وعند آخرين إن الذي شهد صفين مع علي «عليه السلام» هو المغيرة بن نوفل بن الحارث وأهل هذا القول كثيرون منهم ابن قتيبة والمحب الطبري والمؤرخان الكبيران وبن عبد البر وابن حجر العسقلاني وهو عندهم الذي رمى القطيفة على ابن ملجم «لعنه الله» وقبض عليه وهو المتولي لعقد الصلح والمهادنة بين الحسن «عليه السلام» ومعاوية.
والأمر مطرب عند حملة الأثر ولم أجد من تنبه لهذا فأزال مشكل هذه القصة المشوشة وربما يضطر الناظر إلى طرح أحد القولين اعتمادا على قاعدة التعراض في الأقوال المتباينة والتحقيق عندي الجع بأن يكون العم وابن الأخ كل واحد منهما شهد صفين مع أمير المؤمنين «عليه السلام» والشعر الذي رواه نصر لعم لا أشك في ذلك والمتولى لعقد الهنة والقابض على ابن ملجم «لعنه الله» وهو ابن الأخ وهو الذي خرج مع الحسين «عليه السلام» إلى العراق ليشهد معه كربلاء فأصابه مرض فأقيم عليه الحسين «عليه السلام» بالرجوع إلى المدينة فرجع من الطريق.
قال المرزباني في معجم الشعراء: المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب كان مع الحسين «عليه السلام» فاصابه مرض في الطريق فعزم «عليه السلام» أن يرجع فرجع، فلما بلغه قتله قال يرثيه:
(1) وقعة صفين: ص304. (2) شرح نهج البلاغة 1/ 50.
(248)
أحزنني الدهر وأبكاني والدهر ذو صرف وألوان
أفردني من تسعة قتلوا بالطف أضحوا رهن أكفان
وستة ليس لهم مشبه بني عقيل خير فرسان
والمرء عون وأخيه مضى كلاهما هيج أحزاني
من كان مسرورا بما نالنا وشامتا يوما فمل الآن
ترجمنا للمغيرة بن نوفل في كتابنا «الميزان الراجح» ترجمة أوعبنا فيها وفاتنا هذا البيان هناك فأستدركناه هنا والله ولي التوفيق.
أبو لهب عبد العزى:
ابن عبد المطلب الأحول المشؤوم حطب النار سارق غزالي الكعبة المشرفة عدو الله وعدو رسوله كان شر خلق الله زنديقا ملحدا من مشاهير زنادقة العرب بحذو في زندقته وإلحاده حذو أبي جهل المخزومي وعتبة بن ربيعة الأموي وينحو منحاهما في شدة الوطأة على المسلمين والأذى لرسول الله (ص) وكان من المتهزئين بالنبي (ص) وكان متجاهرا بالفجور أحد العهار المشاهير والسكيرين والمقامرين، وكان متمولا مثريا، وهو مع ذلك فقد كان جميلا صبيحا جوادا سمحا شجاعا مقداما رئيسا مسودا وممدوحا، تمدحه الشعراء وتقرضه الأدباء، وزوجته حمالة الحطب وهي أم جميل العوراء بنت حرب بن أمية عمة معاوية بن ابي سفيان شر انثى على وجه الأرض.
في السيرة الهشامية(1) قال ابن إسحاق: أبو لهب إسمه عبد العزى وأمه لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي.
وقال الديار بكري في تاريخ الخميس(2): أبو لهب إسمه عبد العزى قيل كناه به أبوه لحسنه وإشراق وجهه، وكانت وجنتاه كأنهما تلتهبان نارا، كذا في العمدة.
وقال ابن قتيبة في المعارف(3): وأما أبو لهب فأسمه عبد العزى ويكنى أبا عتبة، وكان أحول، وقيل له أبو لهب لجماله، أصابته العدسة فمات بمكة وهو سارق غزالة الكعبة وكان من ذهب.
وقال الحلبي في سيرته(4): ثم إن الغزالة «يعني غزالة الكعبة» سرقت وبيعت
(1) سيرة ابن هشام 1/ 103. (2) تاريخ الخميس 1/ 191.
(3) المعارف: ص55. (4) السيرة الحلبية 1/ 38.
(249)
من قوم تجار قدموا بخمر وغيرها وقد ذكرأن أبا لهب مع جماعة نفذت خمرهم في بعض الأيام وأقبلت قافلة من الشام معها خمر فسرقوا غزالة الكعبة واشتروا بها خمرا وطلبتها قريش فعلموا بهم فقطعوا بعضهم وهرب بعضهم وكان فيمن هرب أبو لهب هرب إلى أخواله من خزاعة فمنعوا عنه قريشا ومن ثم كان يقال لأبي لهب سارق غزالة الكعبة، إنتهى.
له قصة مطولة مدحه بسببها ابن غانم العدوي ومدح أباه عبد الطب وإخوته بني عبد المطلب ذكرها ابن أبي الحديد(1) في ترجمة عبد المطلب، تركناها.
قمال الحلبي في سيرته(2):كان أبو لهب يطرح القذر على باب رسو الله (ص) ومر يوما من الأيام فرآه أخوه حمزة وقد فعل ذلك فأخذه وطرحه على رأسه فجعل أبو لهب ينفض برأسه ويقول: صابئي أحمق.
وقال رسول الله (ص) كنت بين شر جارين: أبي لهب وعقبة بن أبي معيط إن كانا ليأتين بالفروث فيطرحانها على بابي.
مهلك أبي لهب:
بعد غزوة بدر ولم يشهدها فإنه بعث عنه بديلا.
في السيرة الهشامية(3) قال ابن إسحاق: كان أبو لهب قد تخلف عن بدر فبث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة وكذلك كانوا يصنعون لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا.
قال «يعني أبو رافع»: وكنت رجلا ضعيفا وكنت أعمل الأقداح أنحتها في حجرة زمزم فوالله إني لجالس فيها أنحت أقداحي وعندي أم الفضل جالسة وقد سرنا ما جاءنا من الخبر إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه بشر حتى جلس على طنب الحجرة فكان ظهره إلى ظهري فبينما هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم، قال: فقال له أبو لهب: هلم إلي فعندك لعمري الخبر، قال فجلس والناس قيام عليه، فقال: يا ابن أخي! أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال: والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحاهم اكتافنا يقتلوننا كيف شاؤوا ويأسروننا كيف شاؤوا وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس لقينا رجالا بيض على خيل يلق بين السماء والأرض والله ما تليق شيئا ولا يقوم لها شيء.
(1) ابن أبي الحديد 3/ 459. (2) السيرة الحلبية 1/ 244.
(3) سيرة ابن هشام 1/ 135.
(250)
قال أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت: تللك والله الملائكة.
قال: فرفع أبو لهب يده فضرب بها وجهي ضربة شديدة، قال: وثاورته فأحتملني وضرب بي الأرض ثم برك علي يضربني وكنت رجلا ضعيفا، فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فأخذته وضربته به ضربة قلعت في رأسه شجة منكرة وقالت: استضعفته إن غاب عنه سيده «تعني العباس»، فقام موليا ذليلا فوالله ما عاش إلا سبع ليالي حتى رماه الله بالعدسة فقتله.
زاد الحلبي(1): العدسة هي بثرة تشبه العدسة من جنس الطاعون فقتلته فلم يحفروا له حفيرة ولكن أسندوه إلى الحائط وقذفوا عليه الحجارة خلف الحائط حتى واروه لأن العدسة قرحة كانت العرب تنشأم بها ويرون أنها تعدي أشد العدوى، فلما أصابت أبا لهب تباعد عنه بنوه بقي بعد موته ثلاثة أيام لا تقرب جنازته ولا يحاول دفنه حتى أنتن، فلما خافوا البسة في تركه فعلوا به ما ذكر.
وفي رواية: حفروا له ثم دفعوه بعود في حفيرته وقفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه.
قال في النور: هذا القبر الذي يرجم خارج باب شبيكة إلى الآن ليس بقبر أبي لهب وإنما هو قبر رجلين لطخا الكعبة بالعذرة وذلك في دولة بني العباس فإن الناس لما أصبحوا وجدوا الكعبة ملطخة بالعذرة فرصدوا الفاعل فمسكوهما بعد أيام فصلبا في ذلك الموضع فصارا يرجمان إلى الآن، إنتهى.
والعدسة هي التي تسميها العوام حب الحرم، يتشأمون به ويعتزلون المصاب به خوفا من العدوى.
أولاد أبي لهب:
اتفق النسابون أنهم ثلاثة ذكور، وأختلوا في الإناث فقيل: اثنان: درة وسبيعة، وقيل: واحدة، وأحدهما إسم والآخر لقب.
قال: في تاريخ الخميس: وجملة أولاده أربعة: عتبة وعتيبة ومعتب ودرة ثم ذكر حديث أبي هريرة في سبيعة وقال: إن كان درة وسبيعة واحدة فالأولاد أربعة وإن كانت غيرها فهم خمسة ثلاثة ذكور وبنتان، الخ، وجزم في ذخائر العقبى بالأربعة وفيهم درة (2).
(1) السيرة الحلبية 2/ 200.
(2) ذخائر العقبى: ص248.
(251)
أما ابن قتيبة في المعارف(1) فلفضه: وولد عتبة وعتيبة ومعتب وبنات وأمهم أم جميل بنت حرب بن أمية حمالة الحطب وهي أخت أبي سفيان بن حرب وعمة معاوية ثم ذكر أن عتبة افترسه الأسد بدعوة رسول الله (ص) وسنذكرها عن غيره، ثم ذكر ان عتيبة ومعتب أسلما يوم الفتح وشهدا حنينا مع النبي (ص) وهذا معلوم عند العلماء.
وشهد عتيبة ومعتب صفين مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» نص عليه ابن عبد البر وغيره.
أما الذي افترسه الأسد بدعوة رسول الله (ص) فأختلف فيه: فقيل هو عتيبة وعليه قوم من المؤرخين وقيل هو عتبة – مكبرا – وهو المشهور وذاك هو الراجح.
قال الحلبي في سيرته(2): ولما نزلت هذه الصورة التي هي: (تبت يدا أبي لهب وتب)(3)، قال أبو لهب لابنه عتبة – أي بالتكبير – فإنه أسلم يوم الفتح: رأسي من رأسك حرام إن لم تفارق ابنه محمد – يعني رقية – فإنه كان تزوجها ولم يدخل بها ففارقها وكان أخوه عتيبة – بالتصغير – متزوجا أم كلثوم ولم يدخل بها فقال: واراد الذهاب إلى الشام: لآتين محمدا فلأوذينه في ربه، فأتاه فقال: يا محمد هو كافر بالنجم وفي لفظ برب النجم إذا هوى وبالذي دنى فتدلى ثم بصق في وجه النبي (ص) ورد عليه ابنته وطلقها، فقال النبي (ص): اللهم سلط عليه كلبا من كلابك – وكان أبو طالب حاضرا – فوجم لها.
فقال: ما أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة؟
فرجع عتبة إلى أبيه أبي لهب فأخبره بذلك ثم خرج هو وأبوه إلى الشام في جماعة فنزلوا منزلا فأشرف عليهم راهب من دير فقال لهم: إن هذه الأرض مسبعة، فقال أبو لهب لأصحابه: إنكم قد عرفتم نسبي وحقي، فقالوا: اجل، فقال: أعينونا يا معشر قريش هذه الليلة فإني أخاف على ابني دعوة محمد، فاجمعوا أمتعتكم إلى ذه الصومعة ثم أفرشوا لابني عليه ثم أفرشوا حوله ففعلوا ثم جمعوا جمالهم فأناخوها حولهم وأحدقوا بعتيبة، فجاء الأسد يتشمم وجوههم حتى ضرب عتيبة فقتله.
وفي رواية: فضغمه ضغمة فكانت إياها فقال أبوه: قد عرفت والله ما كان يفلت من دعوة محمد.
(1) المعارف: ص255. (2) السيرة الحلبية 2/ 201.
(3) سورة المسد: 1.
(252)
ووقع مثل ذلك لجعفر الصادق «عليه السلام» قيل له: هذا فلان ينشد الناس هجائكم – يعني أهل البيت – بالكوفة، فقال لذلك القائل: هل علقت من قوله شيء؟ قال: نعم، فأنشد:
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة ولم أر مهديا على الجذع يصلب
وقستم بعثمان عليا سفاهة وعثمان خير من علي وأطيب
(9) الزبير بن عبد المطلب بن هاشم:
رجل بني هاشم في العصر الجاهلي وسيدهم بعد أبي طالب وفي الحقيقة أولاد عبد المطلب كلهم عظماء سادات أشراف قريش وزعماؤهم لكنهم يتفاضلون بحسب عظم الأقداء وأجلهم عند العرب في الجاهلية قدرا وأعظم في أنفسهم أبو طالب ثم الزبير ثم عبد الله والد النبي ثم حمزة ثم أبو لهب ثم العباس هكذا كان ترتبهم في السؤدد والمجد في الدور الجاهلي ولك واحد من الباقين شرف كما سمعت.
فالزبير بن عبد المطلب في غاية النباهة والصيت وعظم القدر والجلالة وأجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره من قريش والعرب من الأوصاف الجميلة والمآثر الكريمة والأخلاق الفاضلة والسجايا المحمودة فقد كان رئيسا وقائدا، قاد قريشا في حرب الفجار فغن القائد المطلق لهم فيها أبو طالب وينوب عنه أخوه الزبير إذا غاب.
وكان شاعرا مجيدا وخطيبا مفلقا وجوادا متلافا وشجاعا مقداما ووفيا يحمي الجوار ويمنع المستجير وينفي الظلم وينتصف للمظلوم وما ترك بمكة مظلمة إلا رجها، وهو صاحب حلف الفضول، وهو الذي أجار التميمي على حرب بني أمية.
وبالجملة فقد قام الزبير بأعمال كلها مفاخر.
قال في تاريخ الخميس: يكنى أبا الحارث وكان من أشراف قريش، وفي تاريخ ابن واضح: هو أبو الطاهر.
قال ابن قتيبة في المعارف(1): وأما الزبير بن عبد المطلب فكان من رجالات قريش في الجاهلية وكان يقول الشعر وهو القائل شعرا:
ولولا الحس لم يلبس رجال ثياب أعزة حتى يموتوا
الحمس كنانة وقريش.
(1) المعارف: ص55.
(253)
وكان يكنى أبا الطاهر.
وقال الآمدي في المختلف والمؤتلف(1): الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف سيد كريم وشاعر محسن، وهو القائل شعرا:
وقد علمت قريش أن بيتي بحيث يكون فضل من نظام
وإنا نحن أكرمها جدودا وأصبرها على العجم العظام
وإنا نحن أولى من تسنى بمكتنا البيوت مع الحمام
وله أشعار حسان في كتاب بني هاشم.
وقال ابن ابي الحديد: قال الزبير بن بكار: وأما الزبير بن عبد المطلب فكان من أشراف قريش ووجوهها وهو الذي استثناه بنو قصير على بني سهم حين هجا عبد الله بن الزبعري بني قصي فأرسلت بنو قصي عتبة بن ربيعة فقال لهم: إن فومكم كرهوا أن يعجلوا عليكم فأرسلوني اليكم في هذا السفيه الذي هجاهم في غير ذنب اجترموا إليه فإن كان ما صنع عن رأيكم فبئس الرأي رأيكم وإن كان عن غير رأيكم فأدفعوه اليه.
فقال القوم: نبرأ إلى الله أن يكون عن رأينا.
قال: فأسلموه إليهم.
فقال بعض بني سهم: إن شئتم فعلنا على أن من هجانا منكم دفعتموه إلينا.
فقال عتبة: ما يمنعني أن أقول ما تقول إلا أن الزبير بن عبد المطلب غائب بالطائف وقد عرفت أنه سيفرغ لهذا الأمر ولم أكن أجعل الزبير خطرا لابن الزبعري.
فقال قائل منهم: أياها القوم! ادفعوه إليهم فلعمري إن لكم مثل الذي عليكم.
فكثر في ذلك الكلام واللغط.
فلما رأى العاص بن وائل ذلك دعا برمة فأوثق بها عبد الله بن الزبعري ودفعه إلى عتبة بن ربيعة، فأقبل به مربوطا حتى أتى له قومه، فأطلقه حمزة بن عبد المطلب وكساه ثم ذكر شعره في مدح بني قصي وسنذكره.
وقال: وقدم الزبير بن عبد المطلب من الطائف فقال قصيدته التي يقول فيها
«ولولا الحمس» وقال الزبير ابن عبد المطلب:
قومي بنو عبد مناف إذا أظلم من حولي بالجندل
(1) المختلف والمؤتلف: ص130.
(254)
لا أسد لن يسلموني ولا تيم ولا زهرة للنيطل
ولا بنو الحارث إن مر بي يوم من الأيام لا ينجلي
يا أيها الشاتم قومي ولا حق له عندهم أقبل
غني لهم جائر لئن أنت لم تقصر عن الباطل أو تعدل
قيادة الزبير بن عبد المطلب لقريش وكنانة في حرب الفجار
والفجارات أربعة كلها بين قريش وكنانة وبين فيس عيلان، أشهرها وأفضعها الفجار الأخير الذي هاجه قتل البراض الكناني لعروة الرجال العامري وتعددت أيام هذه الفجار ووقائعه وتلفت فيها نفوس كثيرة من الفريقين.
قال ابن أبي الحديد(1) فيما حكاه عن الجاحظ: قال أبو عثمان: إن رؤساء قبائل قريش خرجوا إلى حرب بني عامر متساندين، فكان حرب بن أمية على بني عبد شمس وكان الزبير بن عبد المطلب على بني هاشم وكان عبد الله بن جدعان على بني تميم وكان الزبير بن المغيرة على بني مخزوم وكان على كل قبيلة رئيس منها فكانوا متكافئين في التساند ولم يحقق واحد منهم الرياسة على الجمع ثم اب هاشم بما لم تنله يد متناول ولا يطمع فيه طامع.
إن النبي (ص) قال: شهدت الفجار وأنا غلام فكنت أنبل فيه على عمومتي.
فنفى مقامه «عليه السلام» أن تكون قريش هي التي فجرت، وثبت أن الفجور كان ممن حاربهم وصاروا بيمنه وبركته (ص) لما يريده الله تعالى من إعزاز أمره وإعظامه الغالبين العالين، ولم يكن الله ليشهد فجره ولا غدره فصار مشهده نصرا وموضعه فيها حجة ودليلا.
وقال ابن واضح في تاريخه(2): وكان على كل قبيلة رئيس وعلى بني هاشم الزبير بن عبد المطلب وقد روى أن أبا طالب منع أن يكون فيها أحد من بني هاشم وقال : هذا ظلم وعدوان وقطيعة وأستحلال للشهر الحرام ولا أحضره ولا أحد من أهلي، فأخرج الزبير بن عبد المطلب مستكرها.
وقال عبد الله بن جدعان وحرب بن أمية: لا نحضر أمرا تغيب عنه بنو هاشم فخرج الزبير.
وقيل: إن أبا طالب كان يحضر في بعض الأيام ومعه رسول الله (ص) فإذا
(1) شرح نهج البلاغة 3/ 456. (2) تاريخ اليعقوبي 2/11.
(255)
حضر هزمت كنانة قيسا فعرفوا البركة بحضوره، فقالوا: يا بن مطعم الطير وساقي الحجيج! لا تغب عنا فأنا نرى مع حضورك الظفر والغلبة.
قال: فأجتنبوا الظلم والعدوان والقطيعة والبهتان فإني لا أغيب عنكم.
قالوا: ذلك لك، فلم يزل حتى فتحر الله عليهم.
وروي عن رسول الله (ص) أنه قال: شهدت الفجار مع عمي أبي طالب وأنا غلام.
وروى بعضهم أنه شهد الفجار وهو ابن ثلاثين سنة، وطعن أبا براء ملاعب الأسنة فأرداه عن فرسه وجاء الفتح من قبله.