تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : دائرة المعارف الحسينية / المركز الحسيني للدراسات /لندن المملكة المتحدة

 

 

 

 

أشرق الدنيا به مذ قدما                مع شمس أورثته الشرفا

كشفت كل دجى كان بها              وبمرآها الظلام أنكشفـــــا

قيل ماذا النُور؟ قُلُتُ أرخوا(1):        هاكُمُ شعرهُ وجه المصطفى

 

                قوله بالفارسية ـ من الهزج ـ:

                        بعهد پا دشاهْ عبد الحميد آن أخترْ

                                                درْ خشانْ شد بگيتي أفتابي تازه أزْ خاورْ

                        همايُون مُويه برنور حبيبُ الله شُد ظاهرْ

                                                زنورشْ بيه توي آمدْ شعاع نير أكبرْ

                        بيد شايسته منزلكه اين نور رباني

                                                مگراُنكس كه بپغمبرْ أز بداو ز پيغمبرْ

                        فرستاد آن شه غازي بسوي كربلاء أنمو

                                                بهمراه همايون والي بغداد نيكوفر

                        بتعظيمش خلائق جملة استقبال كردندي

                                                كه بد شايسته تعظيم خلق أز خالق أكبرْ

                        بشد برجشم بد خواه پيمبر مُويهْ چون پيكان

                                                بشد برْ قلب شكاك منافق مويه چون خنجر

                        كُجا شك ميتوان كردن دراين مطلب

                                                كه إثباتش هويدا گردد آن تاريخ سالش(2) موي پيغمبرْ

                        بسي شايسته باشد پادشاه را بعد ازْ إين أحسان

براي موي پيمغمبر نگيردّ زين بلد(3) عسكر(4)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قوله: «هاكم شعرة وجه المصطفى» يعادل:«66+ 970+ 14+ 260= 1310» باعتبار أن الألف المقصورة في مصطفى ياء في أصلها.

(2) قوله: « موي پيغمبر» يعادل: «56+ 1254= 1310».

(3) وترجمة الأبيات الفارسية على مايلي:

« في عهد الملك عبدالحميد ذلك النجم»، «شع على العالم شمس جديد من الشرق»، «ظهر نور شعر حبيب الله محمد»،« من نوره انضمر: شعاع النير=

 204

  • وفي نفس السنة أيضاً زار الحائر الحسيني السلطان محمد خان(1) اللكهنوي(2).
  • وعن حوالى هذه الفترة يصف المستشرق الفرنسي بارون(3) مرقد الحسين قائلاً: «إن الجامع الكبير الذي يحتوي على مرقد الحسين بن

علي من العتبات المقدسة بالنسبة للشيعة والسنة على حد سواء، غطيت راية الحسين حمراء في الأوقات الاعتيادية وسوداء أيام الحداد، أن خزائن النجف وكربلاء حافلة بالثراء الخارق(5).

  • وفي حدود عام 1311هـ أي قبل نهاية القرن(19م) رسم الفرنسي جون ليون(6) ضريح الامام الحسين ع على الشكل التالي، والظاهر أنه

ـــــــــــــــــــــــــ

= الأكبر ـ الشمس ـ»«لم يكن هناك مكان لائق لهذا النور»،«إلا عند الذي كان من النبي والنبي منه»،« أرسل السلطان الغازي الى كربلاء ذلك الشعر»،« مع والي بغداد العالي المقام والحسن السيرة»،« استقبله جميع الناس تعظيماً»،«فإن تعظيم الخلق وشكره من شكرالله الخالق»،«فلتكن شعرة الرسول سهماً في عين الحسود»،«فلتكن الشعرة خنجر يغرس في قلب الشكاك المنافق»،«كيف يمكن أن يشك في هذا المطلب ـ الموضوع ـ»،«فقد ظهرت صحته من تأريخ سنته»، حيث تطابقت الأعداد مع الحروف ـ« ويكفي السلطان فخراً بعد إحسانه هذا»،« لكرامة هذه الشعرة عفى عن تجيند أهالي هذه المدينة».

(4) بغية النبلاء: 50.

(1) السلطان محمد خان اللكهنوي.

(2) تراث كربلاء: 84.

(3) بارون كار دي فو (Baron Carra de Vaux).

(4) المناثر الست: إن منائر المرقد الحسيني أثنتان يضاف اليها منارة العبد فهذه ثلاثة ولعله أراد بالأخريين المنارتين الصغيرتين للصحن الصغير فهذه خمس ولعله أراد بالسادس القبة حيث جاء العدد بعد القبة والمنائر فالست وصف لمجموعها ولكن جميعها ليست مذهبة، ولعل العبارة جاءت من باب الغلبة.

(5) دراسات حول كربلاء ودورها الحضاري: 143 عن كتاب مفكرو الاسلام: 5/26. 26ـ 5 : Islam ‘Les Penseurs de I.

(6) جون ليون: (Jean Leon Gerome) ولد عام 1240هـ (1824م) وتوفي عام 1322هـ(1904م) فنان فرنسي تخرج من معاهد الرسم ببلاده، جاب بعض البلدان الاسلامية كتركيا ومصر وشمال أفريقيا، ويعتبر أشهر أعماله رسمه للمشاهد الشرقية:

(205)

 

 

انطباع عن مرقد رأسه الشريف بالقاهرة(1) حيث لم يذكر بأنه زار العراق

                ش189

        206        (27)

رسم عن ضريح الامام الحسين عليه السلام بريشة الرسام الفرنسي جون ليون(2)

  • وفي سنة 1312هـ أهدى السلطان ناصر الدين القاجاري ساعة كبيرة دقاقة الى الصحن الحسيني الشريف فوضعت على الباب القبلي كما جاء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نحتمل أن الرسم لضريح رأس الحسين ع في القاهرة لعدم شبهه بمرقده في كربلاء، أذ هو أقرب الى مشهد رأسه وصور الزائرين فيها جاءت على شكل المرتدين للأزياء المغربية ومع هذا فإن المصدر يصرج بأنه رسم عن مشهد الحسين بكربلاء، وقد اتصلنا بإجدى الصلات المهتمة برسوم هذا الفنان في نيويورك وسألناهم عن تاريخ اللوحة فجاء الرد بعدم امتلاكهم معلومات عن تاريخ رسمه لهذه اللوحة.

(2) أديان العالم: 90، The World s Religions90

(206)

 

تاريخها على قاعدتها(1)

  • وفي أوائل عام 1316هـ زار السيد فردريك روزن(2) كربلاء وقد وصف المدينة وصفاً جميلاً ثم وصف المرقد الحسيني بقوله: لم يسمح

لنا بدخول مرقدي الحسين والعباس، والأخير مرقده في جامع واسع من القاشاني الأزرق، أما الأول فمن طراز مماثل ولكنه أجمل منه وتعلوه قبة من النحاس الملطي بالذهب، ولما نظرنا اليه في اليوم التالي من سطح بناية مجاورة، اضطررنا أن نضع على أعييننا نظارات سوداء لحمايتها من بريق القبة المذهبة(3).

  • وفي سنة 1318هـ تولى السيد عبدالحسين طعمة(4) السدانة الحسينية من أبيه السيد علي طعمة(5).
  • وقبل عام 1319هـ توجه حوالى 1310هـ أشخاص من أهالي قفقاس(6) الى كربلاء المقدسة وسائر العتبات المقدسة بطريق غير

مشروع(7) وحكم الوالي العثماني ببغداد حكم الاعدام بحقهم فتدخل السيد صالح طعمة(8) أحد أعيان المدينة المقربين للسلطان عبدالحميد الثاني فعفى عنهم(9).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شهر حسين: 409نقلاً عن تاريخ جغرافيائي كربلاء: 152.

(2) فردريك روزن: القنصل الآلماني ببغداد.

(3) العراق في مذكرات الدبلوماسيين الأجانب: 72عن مذكرات فردريك روزن.

(4) عبدالحسين طعمة: هو ابن علي بن جواد الموسوي الحائري(1299ــ 1380هـ) ترك السدانة عام 1347هـ وأوكل أمرها لنجله السيد عبدالصالح، واشتغل بالعبادة والتأليف وكان عالماً فاضلاً، من مؤلفاته: بغية النبلاء.

(5) مدينة الحسين: 1/84، البيوتات العلوية في كربلاء: 39، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 213.

(6) قفقاس: أو قفقاسيا، منطقة في جنوب غرب روسيا، تشمل القفقاس وأذربايجان وجورجيا وأرمينا، وقفقاس بالذات منطقة تقع بين بحر القزوين وبحر الأسود.

(7) غير مشروع: أردا غير مرخص من قبل السلطات.

(8) صالح طعمة: هو ابن سليمان الموسوي الحائري، كانت تربطه بالسلطان العثماني روابط حسنة فقد زار الاستانة مرتين، فكان في  ضيافة السلطان وقد قلده ثلاثة أوسمة شرف وعينه والياً فخرياً على كربلاء توفي عام 1319هـ، وكان صاحب ديوان في كربلاء.

(9) الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء: ذ.

(207)

 

  • وفي عام 1320هـ زار كمال الملك(1) المرقد الحسيني ورسم بريشته ساحة كربلاء التي كانت في الجهة الجنوبية وقد ظهرت خلفها القبة والساعة القبلية والمئذنتان.

 

 

 

ش208190

(28)

 

ساحة كربلاء، بريشة كمال الملك عام 1320هـ واللوحة موجودة في متحف قصر گلستان في

طهران بقياس44x60,5 سم نقلاً عن كتاب أحوال وآثار محمد غفاري، الصفحة: 284

 

  • وفي عام 1321هـ زار ولتر الألماني(2) كربلاء ورسم المرقد الحسيني من الخارج(3) كالتلي:

 

 

ــــــــــــــــــــــ

(1) كمال الملك: هو محمد غفاري.

(2) ولتر اندرو الألماني: نحتمل أن يكون المؤلف هو الرسام لأن الرسم في زاويته السفلى من جهة اليسار يحمل توقيعاً فيه حرفين من اسمه ألا وهو «w» و«ِA» وذلك ان اسمه «Walter Andrae».

(3) راجع كتاب Lepenserinnerungen Eines Ausgrabers

لمؤلفه: Walter Andrae الصفحة ما قبل: 61.

(208)

 209                ش191

                (29)

 المرقد الحسيني بريشة ولتر الألماني عام 1903م (1321هـ)

 

  • وفي سنة 1322هـ أنشىء خزان لسقاية الماء عند مدخل باب القبلة(1).

والظاهر أن هذا لم يكن إنشاء لخزان كما ورد في المصادر وإنما هو ترميم للسقاية التي أنشاها أحمد شكري باشا عام 1261هـ حيث تصدعت السقاية بعدما أنشىء برج الساعة الدقاقة عام 1312هـ، فقام السلطان عبدالحميد العثماني بترميم ركائز البرج وجدار السقاية وقد أثبت تاريخ ذلك في أسفل النقوش التي أثبتت اسم السلطان العثماني وذلك في أعلى واجهة القوس الخارجي لمدخل باب القبلة في الواجهتين الشرقي والغربي، وقد نظم أحد

ــــــــــــــــــــ

(1) مدينة الحسين:1/43، تراث كربلاء: 55، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 173.

(209)

        الشعراء الأتراك(1) قصيدة بهذه المناسبة من ـ مربوع الرمل ـ(2) وهذه أولها:

                حبذا صحن مقدس كيم وجودي حاصيله(3)

                                        أولدي أنوار نحليه مانند دخيل(4)

                رضه وارا لمشدي بوچر ضده بناي موقعي

                                        ساپه شاهانه لرده أولدي لطيف وبي بديل

                سعي همتن(5) غلامي چقدي بر تاريخ نامْ

                                        واردات(6) وفقدن بودن پا بلدي(7) بر سبيل(8)

                وقد أزيلت كل هذه المعالم عام 1367هـ(9).

  • وفي السنة نفسها جدد السيد يحيى الصراف(10) الباب الشرقي

ــــــــــــــــــــــــ

(1) وهي بالتركية الاستامبولية القديمة.

(2) مربوع الرمل: هو ما أضيف على تفاعيل الشطر الواحد من الرمل تفعيلة واحدة مشابهة «فاعلاتن» ليصبح الشطر ذات أربع تفعيلات، ولايخفى أن البيت هنا من مربوع الرمل المحذوف العروض والضرب«فاعلن»، وهناك من يسمي محذوف العروض والضرب في الرمل بالمتوافر لذلك يجوز على رأية أن يقال لما نحن فيه مربوع المتوافر أيضاً.

(3) لايخفى أن الياء من «كيم» و«حاصليه» لا تلفظ بل تأتي للدلالة على الكسرة فلذلك لايؤخذ بها في الوزن.

(4) دخيل: في الأصل «دخمل» وهو تصحيف.

(5) في الاصل: «همتسضدن» وهو تصحيف.

(6) في الأصل: «واراذت» وهو تصحيف.

(7) في الأصل: «پا پلدي» الباء الثانية جاءت أيضاً فارسية أي مثلثة وهو تصحيف أيضاً.

(8) ترجمة الأبيات كالتالي: «حبذا هذا الصحن الحاصل بالوجود»، « أنواره شعت على كل مكان»،« هذا الاشعاع جلب قلوب الناس وقبولهم لهذا الموقع»،«وقد أصبح المكان لطيفا لا مثيل له»، «هذا الصحن أصبح معلماً تاريخياً»، « ما تورده هذه السقاية من الشراب فهو سبيل على الناس ووقف عليهم».

(9) راجع مدينة الحسين: 4/328.

(10) يحيى الصراف: هو من أعيان كربلاء، ومن الجدير ذكره أن جماعة من آل بدكت عملوا في الصرافة فلقبوا بالصراف، كما وغيرهم، وفي كربلاء مقهى منسوب الى عبدالصراف، فهناك أكثر من اسرة تلقب بالصراف.

(210)

للصحن الصغير المؤدي الى السوق، وكان يعد من الأبواب القديمة التي ربما يعود تاريخها الى زمن آل بويه (320ــ 447هـ) ويبلغ ارتفاعه خمسة أمتار وعرضه ثلاثة أمتار ونصف المتر، وكان تاريخ التجديد منقوشاً على دائرة ذهبية عند مدخل الباب الخارجي(1).

  • وعن عام 1322هـ(2) كتب القنصل الانكليزي(3) في كرمشاه(4) الايرانية:

« يمنح القنصل التركي ثلاثة وعشرون ألف جواز سفر كل عام لزوار المسافرين  على الخيول أو البغال أو الحمير، أما المشاة من النساء والأطفال فليسوا بحاجة لجواز السفر يقدرعدد الذين يسلكون طريق كرمنشاه بين خمسين الى مائة ألف زائر. تتقاضى القنصلية التركية عن كل جواز سفر مبلغ 20بيزة(5).. وتقدر مدخولاتها السنوية (بالمتوسط) بخمسة آلاف ليرة (115 الف فرنك فرنسي). بلغت العوائد الاجمالية هذا العام 8200 ليرة تركية (190ألف فرنك فرنسي).

        يدفع عن الجنائز التي تصل من الخارج رسوم قدرها 50 بيزة، أما الجنائز العثمانية فلا يدفع عنها الى المكتب الصحي سوى 20بيزة. كما أن السلطات المحلية في كربلاء والنجف والكاظمية تتقاضى من ناحيتها حق الدفن الذي تتراوح قيمته حسب درجة قدسية المكان الذي يتم اختياره: خمسة الآف بيزة للجثة التي تدفن في الحرم المقدس في كربلاء والنجف والفي بيزة للدرجة الأولى في الكاظمية، ثم 750بيزة، 500، 200، 100 بيزة في المساجد أو المصليات الجانبية أو الجوانب النائية. أما الدرجة الأخيرة فقيمتها 31بيزة في الهضبة المقدسة خارج المدينة.

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) مدينة الحسين: 1/48.

(2) الموافق العام 1904م.

(3) لم يحدد الكاتب شخصية القنصل الانكليزي، ولا يخفى أنه كانت آنذاك للدولة البريطانية قنصلية في كرمنشاه.

(4) كرمنشاه: مدينة ومركز لواء في إيران تقع على مقربة من الحدود العراقية الايرانية.

(5) بيزة: تعريب پيسة عملة هندية مائة منها تشكل الوربية وكانت تستخدم في الدول التي استعمرها البريطانيون كالكويت والبحرين كما استخدموا (آنة) في العراق.

(211)

        ويحتفظ العاملون في الجوامع(1) بحق مضاعفة التعريفة بالنسبة للأغنياء من الناس. إن عمليات الدفن التي تجري للأغنياء من الفرس تكلف مبالغ كبيرة: وعلى سبيل المثال فقد كلف إرسال جثمان حاكم كرمنشاه عام 1889م (1307هـ) حوالى خمسة آلاف ليرة تركية.

        ويضيف القنصل الانكيزي بأن الجثث تفحص من قبل طبيب تركي في كرمنشاه لمعرفة ما إذا كانت تتحمل السفر أولا، وفي خانقين تفتح الجنازة من جديد لاستحصال الضريبة وهي نصف ليرة تركية، وقد تدفن هناك الجثث التي لاتتحمل السفر.  وتنقل الجثث على ظهر بغل حيث توضع جثتان كل واحدة في صندوق تتدليان على جانبيه.

        يتقاضى صاحب البغل(2) قيمة 30 توماناً(3) عندما تصل الجثة الى كربلاء، ويحدث مراراً أن ترمى الجثث في نهرديالى عند خانقين(4) لكي لا تتواصل الرحلة.

        أما جثث الاغنياء فهي محاطة بعدد من الملالي(5) الذي يقرأون طيلة الطريق على روح الميت.. وعند وصول الى العتبات المقدسة تنزل الجثث على الأرض لكي تبدأ عمليات الغسل والتطهير(6)... إن عمليات الغسل الدقيقة لأعداد الكبيرة من الجثث القادمة من اماكن بعيدة تحدث في وسط

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجوامع: أراد المراقد.

(2) البغل: الحيوان المتولد من الفرس والحمار، وله خصائصه المميزة.

(3) التومان: علمة إيرانية تعادل 10ريال، وكانت قيمتها الشرائية آنذاك عالية جداً، فاذا كان شخص يملك مائة تومان فكان يعتبر غنياً، وتسمى السكة التي يسك فيها باسم مائة تومان.

(4) خانقين: مدينة عراقية تقع على الحود مع إيران، فيها مركز دخول عراقي.

(5) الملالي: تعبير غير لائق فالصحيح قراء القرآن، وأما الملالي الذين عرفوا بذلك فهم رجال العلم وهم بعيدون عن ذلك، وإن اشتركوا في الزي، والكلمة جمع الملا وهي فارسية الاستخدام أصلها المولى وتطلق على رجال العلم والعلماء.

(6) هذا لايصح لأن الجثث لا تتحمل ذلك وإنما تغسل في البلد المحمول منه، اللهم إلا التي تحمل أيام الشتاء، أو التي تحمل من المدن القريبة فيغسل ثانية للتبرك بماء الفرات.

(212)

 

ازدحام الحقائب والخيل والبغال والعجائز والأطفال المكتظين بالمكان:

        يأتي الزوار بعشور جماعاتهم، وثلث ثروات المتوفين تمنح للعتبات المقدسة: إن ثروات« المزورين» والسادة كبيرة جدأ، فكليدار مسجد الحسين  يملك ـ كما يقال ـ ما يعادل 11مليون فرنك فرنسي وتقدر الثروات المتجمعة في المراقد في كربلاء والنجف دون احتساب الزخارف الداخلية والخارجية بـ 30مليون ليرة تركية أي 690مليون فرنك فرنسي.

        إن الخليفة(1) ف اسطنبول وهو أمير المؤمنين(2) للسنة يتجرأ في بعض الأحيان على التصرف بثروة الطائفة الشيعية.

        وعلاوة على ذلك هناك ثروات أخرى مثل النذور التي تقدم بأعداد كبيرة: المعاضد وقلائد العنق وأقراط(3) الآذان وتقذف هذه القطع الصغيرة في السرداب(4) حيث يرقد قبر الامام. وفي عام 1873م (1290هـ) فتحت خزائن الأئمة كما فتحت السراديب بأمر من السلطان عبدالعزيز(5)، وأخرج منها 77 طناً من المجوهرات والنفائس التي حولت الى نقود، أما القطع التي تحمل قيمة كبرى فقد نقلت الى اسطنبول، ونلاحظ منها على سبيل المثال مصباحاً من الزمرد وسجادة كبيرة مرصعة بالمجوهرات الصغيرة والثريات من الذهب الخالص المرصع بالمجوهرات وعدداً كبيراً من الاسلحة من كل الأشكال مدججة بالماس وهي عطايا السلاطين الترك والهنود أو ملوك فارس.

        وبالأضافة الى ذلك فقد كانت هذه المعابد(6) الشيعية في الماضي تمتلك أراض واسعة يتصرف فيها علماء وفقهاء الطائفة كما يشاؤون(7).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الخليفة: تصح ببعض الاعتبارات المجازية ولكن الصحيح السلطان.

(2) أمير المؤمنين: يصح بالمعنى اللغوي.

(3) الاقراط: الأشناف.

(4) السرداب: تعبير غير صحيح والصحيح في الضريح أو الشباك.

(5) عبدالعزيز: هو ابن محمود الثاني ابن عبدالحميد الاول، وهو سلطان الثاني والثلاثون من سلاطين العثمانيين، حكم بعد أخيه عبدالمجيد الأول عام 1277هـ وتوفي عام 1293هـ وحكم بعده ابن اخيه مراد الخامس ابن عبدالمجيد الأول.

(6) المعابد: المراد المراقد.

(7) العبارة غير دقيقة، والصحيح كما هو مثبت في الوقفية.

(213)

 وضع الخليفة(1) هذه الأملاك تحت تصرف الادارة الامبراطورية (الأوقاف). ومن السهولة فهم ما الذي تعنيه الادارة في تركيا، ولكي لا تتكرر مثل هذه العملية طالبت انكلترا وفارس( أغلب الواهبين وهم من الهنود والفرس) بأن يكون لقنصلياتهم حق المراقبة على توزيع ودخول الهبات الجديدة، لقد أظهرت انكلترا هي أيضاً استعدادها لحماية الشيعة(2)، وقد رجع الفرس لقناصل البريطانيين (مثلما حدث عام 1906) عندما حدثت الإزعاجات والسرقات التركية وتجاوزت حدودها: ومن المعروف أن القنصليات البريطانية قامت بتوزيع مبلغ قدر بـ 60 الف فرنك فرنسي على فقراء(3) المدن المقدسة الأربعة: كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء(4).

  • وفي عام 1325هـ(5) كتب المؤرخ الفرنسي بيرار(6) قائلاً:

إن رؤساء بلاد فارس الشيعة قاموا بتغليف قبب ومنائر هذه الجوامع(7) بأوراق من الذهب، وكل سنة يحمل الأغنياء الفرس عطاياهم وأمواتهم من أقاربهم. سالكين طريق خراسان الذي يعتزم الألمان ربطه

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخليفة: أراد السلطان العثماني.

(2) أرادات بذلك تمزيق الصف الاسلامي ولكن الشيعة كشعب وعلماء انتبهوا الى ذلك ولم ينصاعوا لمؤامراتهم.

(3) التوزيع أنما تم من الاوقاف التي كانت ملوك أوده الشيعة في الهند والتي اودعت في المصارف الانكليزية، وبعد الاستيلاء على الهند وإسقاط دولة أوده بقيت الاموال بيد الادارة البريطانية وبعد استقلال الهند رجعت توزع بإدارة الحكومة الهندية وهي اموال شيعية، وقد سبق الحديث عنها.

(4) دارسات حول كربلاء: 145 عن كتاب السلطان.. الاسلام والقوى لفيكتور بيرار(le Sultan,Victor Berard).

(5) الموافق لعام 1907م.

(6) بيرار: هو فيكتور (Victor Berard) المولود عام 1280هـ (1864م) المتوفى عام 1350هـ (1931م) مؤرخ فرنسي وضع العديد من المؤلفات في تاريخ الغرب، من آثاره: ترجمة الألياذة والأوديسة الى الفرنسية، قام برحلة من القسطنطينة (اسطنبول) وبغداد ومكة والعراق وغيرها، وقد طبع كتابه الذي نقلنا عنه عام 1325هـ.

(7) الجوامع: أراد مراقد آل الرسول ص.

(214)

 

 بخانقين، ان بغداد ترى في كل محرم قدوم مائة الى مائة وخمسين ألف زائر وخمسة أو عشرة آلاف جنازة دون حساب الجنائز التي تدخل بصورة غير رسيمة لكي لا تخرق القوانين المفروضة من مصلحة الجمارك التركية(1).

  • وفي سنة 1325هـ قام شجاع السلطان حسين خان(2) وبالتحديد في الرابع عشر من شهر محرم بتعمير غرفة القبر الشريف كما تدلنا الرخامة التي نقشت عليها العبارة التالية: « قد عمر هذا المكان بهمة آغا حسين خان شجاع السلطان عل 14 محرم سنة 1325هجرية»(3).
  • وفي هذه السنة أيضاً بيدو أن بعض الانجازات والتعميرات أجريت للأيوان(4) من قبيل إكسائه بالكاشاني كما يظهر من الكتابة التي توجد على أطراف الايوان من الخارج والتي خطت من قبل الخطاط محمد علي الموسوي(5) وأرخت في تاريخ 1325هـ(6)
  • وفي سنة 1326هـ زار المرقد الحسيني الطاهر الأمير فيض محمد خان تالبر(7) امير مقاطعة خيرپور السندية مع عدد من وزرائه وعساكره(8).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) دراسات حول كربلاء: 145 عن كتاب السلطان، الإسلام والقوى،,Le Sultan

.Islam et les PUissances‘I

(2) شجاع السلطان حسين خان.

(3) رأيته في إحدى المخطوطات المحلية التي أرسلها إلينا السيد سلمان طعمة.

(4) لعل المراد بالايوان الايوان القبلي.

(5) محمد علي الموسوي: من خطاطي كربلاء في القرن الرابع عشرالهجري ذكره سلمان طعمة في كتابه كربلاء في الذاكرة: 400.

(6) شهر حسين: 423، وذكرها في سنة 1335هـ وبيدو انه تصحيف لسنة 1325هـ، وذلك استناداً الى السياق الذي اعتمده المؤلف في تدرج ذكره للسنوات.

(7) الامير فيض محمد خان تالبر: كان حياً عام 1337هـ، وقد تولى أمر تثقيفه بالثقافة الدينية السيد نذر محمد بن صفي الحسنيين (1310ــ 1388هـ) كما في تذكرة علماء أمامية باكستان: 377.

(8) تراث كربلاء: 84.

(215)

 

  • كما توقفت تعميرات الروضة الحسينية الشريفة إثراعلان الدستور العثماني(1) في 24 جمادى الثانية من عام 1326هـ(2) وذلك لفترة محدودة(3).
  • وعن هذه الفترة الزمنية تحدثنا إحدى المجلات الفرنسية(4) نقلاً عن احد الفرنسيين الذي تمكن من الوصول الى حرم الامام الحسين ع في كربلاء حيث يقول(5): وإذا أردت أن تعرف تقى الشيعة على مدى القرون، اذهب وانظر ذينك الصحنين(6) وسائر مساجد كربلاء تراها مزدانة بأفخر ما يجود به الحب والدين، فإن حيطانها مثلاً مغشاة بالآجر الملطي بالقاشاني بالألوان الزاهية العجيب الصنع حتى انك لتقول إنه لايمكن للانسان أن يحلم ببناء أفخر مما يرى هناك، ففي جوانب الأبواب سهوات(7) محكمة البناء بديعة الشكل على هيئة التحاريب مرصعة بقطع من المرايا تأخذ بمجامع القلوب وترى الأبواب مقوسة أقواساً فائقة الحسن، تكاد تنطبق على نفسها انطباقاً، وكلها مخرمة، وتخاريمها من الطاباق(8) الغريب القطع النحت والحفر، هذا ولا يمكننا أن نغفل عن ذكر العمد الرشيقة القد المتخذة من الخشب الفاخر وهي تدعم البناء الذي يطوف بالحرم طواف، وهل من مذخر أحسن من

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) في 3/7/1980م (3/6/ 1326هـ) قامت الحركة تركيا الفتاة بقيادة جمعية الاتحاد والترقي فنجحت الحركة في طرحها، وفي 24/7/ 1980م أعيد الدستور العثماني وذلك في عهد السلطان عبدالحميد الثاني ابن عبدالمجيد الأول.

(2) الموافق لـ 24/7/ 1908م.

(3) تراث كربلاء: 47.

(4) مجلة الالسترسيوان الصادرة في باريس باللغة الفرنسية، والمقالة تحت عنوان « الكعبة الثانية، وفي المقالة رسوم عن داخل الحرم والصحن الشريف عسانا نعثر على أصل المقال».

(5) وقد سبق هذا الكلام أنه وصف المآذن والقبب بقوله« ترى عن بعد من رؤوس النخل والغرب (شجرة حجازية ضخمة شائكة) والصفصاف وسائر الأشجار قبب صحنيهما القاشانية الآجر المتلألئة في الشمس ومآذنها المغشاة من الذهب الابريز».

(6) الصحنان: هما الحسيني والعباسي.

(7) السهوة: مؤنث السهو وهو القوس المؤاتية.

(8) الطاباق: الزجاج أو الآجر الكبير.

(216)

 

 هذا المذخر وهل لايكون إلا دون ما يجدر برفات الامام الذي أصبح لجماعة الشيعة مخلصاً وفادياً؟، وفي أقصى الحرم مصطبة(1) نفيسة تحتها رمم الامام والمصطبة بديعة النقش والحفر عجيبة الصبغ والتلوين، ترى من ورى مشبك من الشبه(2) المصمت(3) يضللها غشاء أو ستارهو بساط فريد الصنع، بل تحفة من تحف العالم حاكته طائفة من مهرة صناع الفرس، ولا يمكن أن يقدر له ثمن لبديع إحكامه وغرابة اتقانه فهذا القبر هو غاية مايرمي اليه الزوار الامامية فإذا وصلوا كربلاء ودخلوا الحرم يدنون من هذا المشبك الملزز(4) ويتمسكون بعبادة وتقى، ثم يبسطون أيديهم ويصلون(5) صلاة حارة ثم يرجعون من حيث أتوا والوجه باش(6) منور من كثرة فرحهم.

        إن صحن الحسين وقبره يبقيان في كل زمن قربيب المنال خلافاً لكعبة مكة، وزوار كربلاء يكثرون في الشهر المحرم وهو الشهر الذي قتل فيه الامام وأصحابه ولذا تراهم يتجمعون في تلك المدينة ويتحلبون(7) أليها من كل صوب فتأتي القوافل مئات مئات وعليه يكون شهر المحرم شهر الصلوات والأدعية والتوبة.

        فاذا جئت انت في ذلك الأوان ترى أفنية الصحون ولاسيما فناء صحن الحسين ع غاصاً بالمؤمنين لأن من أول فرائض(8) الزوار في كربلاء كما في مكة ان يذهبوا الى الحرم بعد الوضوء وبعد أن يصلوا صلاة أولى في فناء الصحن يكونون أهلاً لأن يدخلوه فيزدحمون فيه ازدحامهم على السعادة

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المصطبة: مكان ممهد مرتفع قليلاً عن الارض يجلس عليه.

(2) الشبه: النحاس الاصفر سمي بذلك لأنه يشبه الذهب، ولكن ضريح الامام من الفضة.

(3) المصمت: أي مشوب بغيره من الألوان.

(4) الملزز: لزز الشيء جعله مجتمعاً شديداً، الملتصق بعضه ببعض.

(5) الصلاة: الدعاء.

(6) باش: من بش بمعنى فرح.

(7) تحلب: اجتمع.

(8) الفرائض: أراد به أن أهم ما يحبذه الزائر من الأعمال هو الوصول الى الحرم الحسيني.

(217)

 

 القصوى بهلاهل(1) وأصوات الفرح العظيمة(2).

  • وفي سنة 1327هـ(3) زارت الرحالة المستشرقة البريطانية السيدة غيرتورد بيل(4) مدينة كربلاء وقالت:« كنت أقف فوق سطح دار من الدور المجاورة لأتفرج على الساحة المزينة بالقاشاني الجميل الفخم التي يقوم في وسطها الضريح المقدس ولايسمح فيها الا للمسلمين»(5) وأضافت قائلة: «وبالنسبة الى نصف الذين يقرون بالعقيد المحمدية، فإن هذا الضريح مقصد ليس أقل قداسة من مكة، لكن لم تكن قبة ضريح الحسين الذهبية التي سببت الهجوم الأقوى على الخيال، بالرغم م أن القبة تغطي الكنز الأثمن من القرابين التي يملكها أي ضريح الا أن كنز ضريح علي في النجف فقميته أعلى»(6).
  • وفي نفس السنة(7) وبالتحديد في يوم السبت 23 ربيع الآخر توجه والي بغداد العثماني نجم الدين منلا(8) الى كربلاء لزيارة الامام

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كثيراً ما يرفع أصواتهم على محمد وآله كما أن نساء البادية تهلهل في هذه الأوقات.

(2) مجلة لغة العرب البغدادية العدد:6/ السنة/: 2/الصفحة: 237/ التاريخ، محرم 1331هـ الموافق لكانون الاول 1912م نقلاً عم مجلة الالسترسيوان الباريسية.

(3) الموافق لسنة 1909م.

(4) السيدة بيل:«Gertrude Lowthian Bell» كيرتورد بنت لويشن بل؛ تخرجت من جامعة أكسفورد البريطانية، وتعلمت العربية أيضاً، لها كتاب مراد الى مراد، وقد عملت كمساعدة للمندوب السامي في بغداد السيد برسي كوكس حتى وفاتها(12/7/1926م) 1/ محرم/1345هـ وذلك في بغداد ودفنت بها في مقبرة للمسيحيين بساحة الطيران، ولها مذكرة عرفت بمذكرات المس بيل، وقد عدت من جواسيس الدولة البريطانية في العراق.

(5) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 311 نقلاً عن كتابتها مراد الى مراد: 159.

(6) 160 Amurath to Amurath:. (مرات الى مرات).

(7) وهو يوافق يوم انتهاء ولايته لبغداد وعندها قام بزيارة العتبة الحسينية المقدسة.

(8) نجم الدين منلا: هو ابن علي طيفور بك ولد عام 1278هـ وهو من أشراف يكيشهر التركية، ولي بغداد ما بين (1325ــ 1327هـ) في عهده فتحت المدارس الابتدائية للذكور والإناث ومدرسة الحقوق، تولى وزارة العدلية بعد الولاية، توجه الى بغداد عام 1360هـ بصفته نائباً، واغتيل في حادث 31آذار في ساحة آيا صوفيا=

(218)

 

        الحسين وعاد يوم الاثنين 25منه(1).

  • وفي عام 1328هـ زار الرحالة الهندي محمد هارون(2) المرقد الحسيني يذكر: أن زائري قبر الامام الحسين ع لايقتصر على أهالي هذه المدينة بل يقول: إنهم من الاعراب والاعجام(3) والأتراك والأكراد وأهل الهند والسند وأهل الصين والتتار، وأهل روسية ورومة وأهل إفريقيا وأمريكا وأهل يورپ(4) وسيآ(5) فإنهم يدخلون الى مقامه حزباً حزباً وقوما قوماً وافوجاً أفواجاً.

        ويضيف قائلاً: فلا يميز بين صنف وصنف وقوم وقوم وملك وملك يتساوى فيه الرعية والسلطان والموالي والغلمان والعالم والجاهل والخادم والمخدوم.      

        ويصف حالهم حول مرقد السبط العظيم قائلاً: فهم بين باك ومناج وداع وراج، ومصل وراكع، لايرفع أحد طرفه ولايطوي عطفه ولاينظر أحداً يميناً ولا شمالاً بل مقبل الى الأمام ع أقبالاً، وهاب الى عظمته أجلالاً، كأنه شاهد حاضر والى ما يؤتى به ناظر(6).

        ويصف ليلة من ليالي الجمعة التي شاهدها بقوله: وأما ليلة الجمعة فلا بيقى في الحرم والرواق والايوان والطاق شبر الا وفيه زائر، ولا فتر(7) إلا

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

= في العام نفسه أعني (1941م).

(1) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 136.

(2) محمد هارون: الملقب بالزنكي پوري من علماء شعراء بلدة حسين آباد التابعة لمنطقة مونكير في إقليم بيهار الهندية، توفي بعد عام 1335هـ، انتهى من كتابة رحلته هذه عام 1329هـ.

(3) أراد بهم الفرس وبالأعراب العرب.

(4) يروپ(Europe)  أورپا  كما يلفظها الأوروپيون.

(5) في الاصل آشيا مأخوذ من اللغة الأجنبية.

(6) رحلة عراقية: 83ـ 84 نقلنا عنه بإيجاز وتقديم وتأخير.

(7) الفتر: أصغر من الشبر وهو المسافة مابين السبابة والبهام في حال مدهما، في قبال الشبر الذي هو المسافة بين الابهام والخنصر.

(219)

 

 وعليه مؤمن حاضر، فيمتلىء المحل إذ ذاك رجلاً ونساء وشيوخاً وشباناً، وكهولاً وصبياناً، وموالي وغلماناً، بين رافع يديه الى السماء، ومخافت بالنجوى والدعاء، ومعلن بالنحيب والبكاء، ومسر بالشكوى والالتجاء، وقائم في الصلاة، ومشتغل في المناجاة، وراكع وساجد وقائم وقاعد، لا يرى أحد منهم إلا نفسه ولايسمع الا همسة، مستغرق في شأنه لازم بمكانه، ساه عن أهله وأخوانه، غافل عن اصدقائه وخلانه(1).

        ويصف الرحالة الهندي مشاهداته لمراسم الحضرة الحسينية فيقول: منذ أمد بعيد كانت أبواب الحضرة الحسينية وكذا العباسية مفتوحة طوال ليالي شهر رمضان المبارك وليالي شهر محرم الحرام، وليالي الجمعة والأعياد الثلاثة الأضحى والفطر والغدير بالأضافة الى ليالي المناسبات الدينية كأول رجب ونصفه، ونصف شهر شعبان وعرفة وغيرها من المناسبات التي لها زيارات مخصوصة(2)، وأما سائر الليالي فتغلق الأبواب بعد مضي ثلث الليل فإذا حان الوقت قام كبير خدمة الروضة بنداء يا الله يا الله إشعاراً منه بأن وقت اغلاق أبواب الروضة قد حان، ويقوم سادن الروضة أو مساعده بغلق أبواب الروضة والصحن الشريف مع تلاوة بعض الأذكار والأبيات التي وردت في مدح الامام ع وما أن بقي من الليل ثلثه يقوم السادن أيضاً مع ثلة من الخدم والمساعدين باستئذان صاحب الروضة المباركة لفتح أبوابها ثانية الناس حينئذ خلف الأبواب ينتظرون ساعة دخولهم الى الروضة الشريفة ليمارسوا الدعاء والصلاة والزيارة والمناجاة.

        فيتقدم السادن أو مساعده ومعه ما لايقل عن عشرين من الخدم ويقفون قبال ضريح الامام عليه السلام حاملين شموعاً طويلة موقدة ويصطفون صفين ويستأذنون الامام عليه السلام بكلمات رقيقة  بإيقاد الشموع ثم يتقدم كبيرهم على سكون ووقار ويتبعه الآخرون فيضع الشمعة التي بيده في المشمعة ويتبعه الآخرون بوضع الشموع في بقية الشمعدانات ، ثم يأخذ الخدم بإسراج القناديل المعلقة والمصابيح الملونة كل ذلك وهم ينشدون

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رحلة عراقية: 85.

(2) راجع باب الزيارات من هذه الموسوعة.

(220)

 

أهازيج دينية بأنغام جميلة، بينما يقوم المؤذن من على المئذنة بقطع سكون الليل بمناجاة ربه بصوت مليء بالايمان ومفعم بالتقى لينشد أبياتاً من مناجاة سيد العارفين أمير المؤمنين ع وغيرها من تلك ـ من الطويل ـ مطلعها:

لك الحمد يا ذا الجود والمجد والعلى           تباركت تعطي من تشاء وتمنع(1)

        ويسمتر على هذا الحال الى أن يسفر الصباح فيقطع المناجاة بالأذان ليعلن للناس بدخول وقت صلاة الفجر.

        ثم ينتشر الخدم بعد فتح الأبواب وإسراج الضياء في أرجاء الروضة فمنهم من يقوم بكنس الروضة ومنهم من يقف على أبواب الروضة يرحبون بالزائرين ويشيرون على الوافدين الالتزام بالمراسيم المأثورة ويتلون الزيارة على الجاهلين منهم ويخدمون الزائرين.

        وقسم آخر منهم في العادة يقف على أبواب الصحن الشريف ليستقبل الزائرين إذا وفدوا ويشيعونهم إذا رحلوا ويعدون لهم ما يحتاجونه من المسكن والطعام ويرافقونهم لشراء حاجياتهم.

        ويفد منذ اللحظات الأولى من الفجر الى الروضة المباركة عشرات المؤمنين فيشتغلوا بالعبادة والمناجاة وقراءة الأدعية والصلوات فيكون لهم دوي كدوي النحل الى أن يرفع المؤذن صوته بالاذان فيهرع الزائرون الى إقامة صلاة الصبح خلف علمائها الأفاضل وفقهائها الكرام، وما انتهت الصلوات والدعوات وإذا بالخطباء والوعاظ يقومون بالمهمة الملقاة على عاتقهم من وعظ الناس ورشادهم وتذكيرهم بالسمائل الشرعية بالاضافة الى بيان تاريخ الاسلام الناصع وقادته الأبرار وبيان سيرة الأئمة الأطهار، فما من زاويا الا وخطيب وقائم يحدث الناس بلغتهم ويحاورونه أمور دينهم ودنياهم، فللنساء خطباء وللرجال خطباء وهناك مستويات مخلتفة واختصاصات متنوعة كل مجموعة تحوم حول خطيب يناسبه لغة وموضوعاً(2)، وينقضي النهار

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع مفاتيح الجنان: 268، وقد وردت المناجاة هناك كاملة.

(2) لقد أوردنا تفاصيل ذلك في باب مدينة الحسين والخطباء ومن هذه الموسوعة فليراجع.

(221)

 

بهذا الشكل فالصلوات تقام في أوقاتها والخطباء يقومون بواجبهم، والخدمة حريصون على خدمة الوافدين(1).

  • وفي سنة 1329هـ ذهب الوالي جمال بك(2) الى كربلاء(3) لزيارة مرقد الامام الحسين ع والاستطلاع على أحوال المدينة.
  • وفي نفس السنة وبالتحديد في شهر ربيع الثاني(4) زار كربلاء عمانوئيل فتح الله(5) وقال في وصفه للمرقد الحسيني الشريف: «والذي يجلب المسلمين الى كربلاء هو زيارة قبر الحسين ابن بنت رسول المسلمين وقبور جماعة من شهداء أهل(6) البيت، والحسين مدفون في جامع فاخر حسن البناء وفيه ثلاث مآذن وقبتان(7) كلها مبنية بالآجر القاشاني، ومغشاة بصفيحة من الذهب الابريز وهناك ايضاً ساعتان كبيرتان(8) دقاقتان كل ساعة مبينة على برج شاهق(9).

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذه صورة للمرقد الحسيني قدمها الرحالة الهندي محمد هارون عن عام 1328هـ حين زار المرقد الحسيني الشريف «راجع رحلة عراقية: 84ــ 104» وقد نقلنا ذلك عنه بإيحاز.

(2) جمالك بك: أو جمال باشا(1289ــ 1381هـ) والي بغداد من (1329هـ) الى (1330هـ) عرف بين العرب بالسفاح بسبب قتله الكثيرين في الشام، نال العديد من المناصب منها وزير البحرية وقائد الجيش العثماني في سورية، ظفر به الارمن في تفليس واغتالوه مع ولديه أثناء عودته الى بلاد الأفغان.

(3) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 137، شعراء كربلاء الجزء الخامس (مخطوط) في ترجمة فضولي البغدادي.

(4) الموافق لنيسان عام 1911م.

(5) عمانوئيل فتح الله: هو حفيد عمانوئيل، أديب من رجال الاعمال بالعراق.

(6) في المصدر «آل البيت» وهو خطا شائع والصحيح ما أثبتناه.

(7) لايخفى أن المصادر لم تذكر بأن على مرقد الامام الحسين ع قبتين، هذا وقد ذكر ايضاً عند حديثه عن الروضة العباسية بأن على مرقد العباس ع أيضاً قبتين وهو أمر غريب لم نتمكن من تفسيره، وأما تفسيره بأن كل قبة في الحقيقة تحتوي على قبتين خارجية وداخلية بعيد، رغم صحة أن للقبة قشرتين الا أنه لايطلق عليهما قبتان، ولعل المقصود بالقبة الثانية هي قبة مسجد شاهين الوسطى والتي كانت مرتفعة أكثر مما هي الآن وسنأتي على ذكرها في عام 1344هـ إن شاء الله تعالى.

(8) سيأتي الحديث عن الساعتين في عام 1341هـ وعام 1341هـ وعام 1337هـ أن شاء الله تعالى.

(9) مجلة لغة العرب البغدادية العدد: 4/ الصفحة: 158/ التاريخ: رمضان 1329هـ.

(222)

 

  • وفيها زار المرقد الحسيني في إحدى مواسم(1) الزيارة 200 الف زائر(2).
  • ويذكر ان في هذا العام أيضاً جرى اصلاح القاشاني والذهب

ش 223192

(30)

صورة الايوان القبلي وتظهر الأعمدة والسقف والكتابات المحيطة بالسقف والمشيد عام 1276هـ

 

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر أن ذلك الموسم كان في النصف من شعبان لمكان نشر الخبر في شهر رمضان، ولايخفى أن هذا الموسم من أهم مواسم الزيارة في كربلاء.

(2) مجلة لغة العرب البغدادية: 7/319، السنة: 20/ التاريخ: صفر 1331هـ.

(223)

 

 للمدخل الرئيسي في الإيوان القبلي من الروضة الحسينية(1).

  • وفي هذه السنة حفرت على حجر الآية الكريمة: (وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً)(2) ووضعت على جهة الرأس الشريف فيمكان النخلة التي يعتقد(3) أن السيدة مريم العذراء التجأت إليها لولادة السيد المسيح ع وقد أرخ عليها تاريخ كتابتها(4).
  • وقبل عام 1330هـ على مايبدو التقطت الصورة التالية، ويظهر

ش 224193

(31)

صورة الشهيد الحسيني لعام 1330هـ

 

ـــــــــــــــــــــــ

(1) شهر حسين: 423 ولعل المراد بالقاشاني هو المستخدم في المدخل من جهة الرواق الداخل والمراد بالذهب هو المستخدم في المدخل من الخارج، أو المراد بالذهب هو الذي حول باب الأوسط بالقاشاني ما يوجد بقية أجزاء الايوان.

(2) سورة مريم، الآية: 25.

(3) لقد وردت روايات كثيرة من أهل البيت ع في تفسير الآية الكريمة (فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً) [مريم: 22] أن السيدة مريم ع التجأت الى النخلة التي كانت في كربلاء، وللتفصيل راجع فصل معالم كربلاء من باب أضوء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة.

(4) شهر حسين: 423.

(224)