تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء الثاني

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : دائرة المعارف الحسينية / المركز الحسيني للدراسات /لندن المملكة المتحدة

القرن السابع

(29/ 8/ 1204ــ 5/ 9/ 1301م)

 

        # في عام 617 هـ أمر الناصر لدين الله العباسي(1) بإصلاح النهر(2) الذي يمد الحائر بالماء، رعاية للزائرين والمجاورين، وفي ذلك يقول السماوي

وشقٌ نهراً بعد ذلك الناصر           فأشتبكت بصدره الأواصرُ

ثم أنبنت على رجاء بلدة              تمنى له في عدد وعده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الناصر لدين الله: هو أبو العباس أحمد الناصر ابن المستضيء، وهو الرابع والثلاثون ممن حكم من بني العباس، حكم ما بين(575ــ 622هـ). كان حاكماً قديراً محباً لأهل بيت الرسالة موالياً لهم بخلاف آبائه وأسلافه، وقد قدم خدمات جليلة لجميع العبتات المقدسة، فبنى في سامراء سرداب الغيبة وجعل فيه شباكاً من الآبنوس الفاخرأو الساج وحفرعليه هذه الآية: « بسم الله الرحمن الرحيم، قل لا أسألكم عليه أجراً الأ المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً إن الله غفور شكور»[ الشورى: 42] هذا ما أمر بعمله سيدنا ومولانا الامام المفترض طاعته على جميع الأنام أبو العباس أحمد الناصر لدين الله»، وجاء على الجهة الثانية: « بسم الله الرحمن الرحيم محمد رسول الله، أمير المؤمنين علي ولي الله، فاطمة، الحسن بن علي، الحسين بن علي،علي بن الحسين، محمد بن علي، جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمد بن علي، علي بن محمد، الحسن بن علي، القائم بالحق» تاريخچة كربلاء: 66.

ومن شعره الدال على ولاته لأهل البيت ع ما أجاب به صاحب دمشق علي بن يوسف حين حاصره بقصيدة جاء في اولها، وهي من الكامل:

وافى كتابك يابن يوسف معلناً                 بالود يخبر أن أصلك طاهرُ

غصباً عليه حقه إذا لم يكن                   بعد النبي له بيثرب ناصر

فاصبر فان غداً عليه حسابهم                 وانتشر فناصرك الامام الناصر

(1) تتمة المنتهى: 477.

(2) مجالي اللطف:2/49.

(30)

 

وكان ذا مبدأ سبع عشرهْ       منْ بعْد ستٍ منْ مئات الهجرهْ(1)

        # وفي عام 620هـ أمر الناصر لدين الله وزيره مؤيد الدين المقدادي(2) بتجديد بناء مرقد وقبة الامام الحسين ع بشكل يتناسب وعظمة الامام الراقد فيه، ويذكر أن الناصر كان من محبي أهل الببيت ع(3) وفي عهده أخذت الشيعة حريتها فجعلت تتوافد على مراقد أئمتها لزيارتها والتبرك بأصحابها(4) وكان مما عمله الوزير أن قام بشييد القبر المطهر، فشيد ذلك المقام الرفيع، وكسا جدران الروضة بأخشاب الساج(5) كما وضع صندوقاً على القبر من الخشب نفسه وزينة بالديباج والطنافس الحريرية(6) ووزع الخيرات الكثيرة على العلويين المجاورين للحائر(7).

        ويصف السماوي أمر العمارة والاكساء التي قام بها الناصر لدين الله بمباشرة وزيره فيقول:

ثم تولى الناصر العباسي              فتى اللباس وشديد الباس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجالي اللطف: 2/49.

(2) مؤيد الدين المقدادي: هو محمد بن عبدالكريم القمي الذي يعود نسبه الى المقداد ابن الأسود الكندي، كان عالماً فاضلاً عارفاً خبيراً بالامور الحسابية والفنون والآداب، بصيراً بأمور الملك وقد تولى الوزارة على عهد الناصر لدين الله وبقي في منصبه حتى ايام المتصر العباسي ثم عزل وأعيد اليها ثانية في أيام المعتصم العباسي آخر من حكم من بني العباس، توفي عام 629هـ.

(3) وقيل في حقه أنه جعل مشهد الامام موسى الكاظم ع أمنا لمن لاذ به فكان الناس يلتجئون اليه في حاجاتهم ومهامهم وخطاياهم فيقضي الناصر لهم حوائجهم ويسعفهم فيما أهمهم ويعفو عن جرائمهم « تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 183 عن مختصر تاريخ الخلفاء لعلي بن أنجب: 111» كما وأنه امر باصلاحات في الاعتاب المقدسة غير الروضة الحسينية وآثاره موجودة لحد الآن مما يدل على تشيعة « الكنى والألقاب: 3/196».

(4) تاريخچة كربلاء: 65.

(5) تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 184، مجالي اللطف: 2/41.

(6) الطنافس: جمع طنفسة وهو البساط أو الحصير وأصل الكلمة فارسية.وجاء في تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 184« وزينه بالحرير الموشى والديباج».

(7) مدنية الحسين: 1/30، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 82.

(31)

فقام في تشيد قبر الحائر                      على يدي خير وزير ناصرُ

محمد القمي من خير فئهْ                      في سنة العشرين والستمئه

فشاد ذلك المقام ساجا                         مكتتباً تخالهٌ ديباجا(1)

# وفي عام 634هـ قصد المستنصربالله العباسي(2) مشهد الامام موسى ابن جعفر ع وذلك في الثالث من رجب، فلما عاد أبرز ثلاثة آلاف دينار الى أبي عدالله الاقساسي(3) نقيب الطالبيين وأمره أن يفرقها على العلويين المقيمين في مشهد أمير المؤمنين ع والامام الحسين ع  والامام موسى بن جعفر ع(4).

        # في عام 653هـ زار الملك الناصر الايوبي(5) المرقد الحسيني(6).

        # وفي عام 656هـ قضى الزعيم المغولي هولاكو(7) على الدولة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجالي اللطف: 2/41.

(2) المستنصر بالله: هو أبو جعفر منصور بن محمد الظاهر العباسي، حكم مابين عامي 623ــ 640هـ وهو السادس والثلاثون ممن حكم من بني العباس، وقد بنى في بغداد مدرسة علمية سميت بالمستنصرية.

(3) أبو عبدالله الأقساسي: هو قطب الدين أبو عبدالله الحسين بن الحسن بن علي بن حمزة بن محمد الأصغر الأقساسي بن يحيى ذو العبرة الحسيني، كان شاعراً عالماً تولى النقابة ببغداد وأصبح نقيب النقباء ــ عمدة الطالب: 264.

(4) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 100، عن الحوادث الجامعة لابن الفوطي: 95.

(5) الناصر الأيوبي: الظاهر هو داود بن عيسى بن محمد بن أيوب (603ــ 656هـ) صاحب الكرك ولد بدمشق وملكها بعد أبيه عام 626هـ وأخذها منه عمه الأشرف فتحول الى الكرك فملكها إحدى عشرة سنة ثم استخلف عليها ابنه عيسى منه عام 647هـ فانتزعها منه الصالح أيوب بن عيسى في السنة ذاتها فرحل الناصر وحبس ثم في عام 650هـ أقام في الحلة بالعراق وتوفي بظاهر دمشق بالطاعون، كان شاعراً جمع شعره في كتاب الفوائد الجليلة في الفرائد الناصرية- الأعلام: 2/334- وهناك يوسف بن محمد العزيز(627ــ 659هـ) آخر ملوك بني أيوب، ولكن نستبعد أن يكون هو الزائر.

(6) لمحات تاريخية عن كربلاء: 83، عن المختصر في أخبار البشر: 3/191.

(7) هولاكو: هو ابن طليوي (أروخان) بن جنكيز خان (614ــ 664هـ) فاتح مغولي ومؤسس دولة المغول الايلخانية في إيران عام 649هـ، قضى على العباسيين في بغداد عام 656هـ واحتل سورية، عاد الى ايران بعد موت أخيه منكو، فهاجم المماليك--=

(32)

العباسية(1) وأشاع الدمار والخراب في طول البلاد وعرضها، الا أنه لم يتعرض للحائر بسوء، ويعود الفضل في ذلك الى والد(2) العلامة الحلي(3) حيث أحبر هولاكو بما يروى عن الامام أمير المؤمنين ع بأن المغول تأخذ الملك من بني العباس(4)، ويقال أيضاً أن السيد ابن طاوس(5) ألف له كتاب البشارة(6) مما سلمت الحلة والنيل(7) والمشهدين الشريفين من القتل والنهب والدمار(8)، وقد عينه نقيباً للطابيين وأوكل اليه الأشراف على المشهدين(9) الغروي والحائري(10).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

= بقيادة قطزــ جيشه في عين جالوت فأبادوا جيشه عام 659هـ، خلفه ابنه آباقا.

(1) وفي أول هذه السنة قصد هولاكو ملك التتر بغداد وملكها في 20 من محرم وقتل المستعصم بالله العباسي آخر من حكم من بني العباس،وبذلك انقرضت الدولة العباسية.

(2) ولد العلامة الحلي: هو يوسف بن زين الدين علي بن المطهر الحي، الفقيه المتكلم الأصولي، كان رأس الشيعة في زمانه، توفي بعد عام665هـ.

(3) العلامة الحلي: هو الحسن بن يوسف المطهر، من أعلام الامامية، له مؤلفات كثيرة قيمة ربما تزيد على مائة مصنف منها: التحرير، التبصرة، الألفين، كشف اليقين، ولد في التاسع والعشرين من رمضان سنة 648هـ وتوفي في يوم السبت الحادي والعشرين من محرم سنة 726هـ.

(4) تراث كربلاء: 41، كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين للعلامة الحلي: 17، الحوادث الجامعة لابن الفوطي: 330، راجع خطبة الامام علي ع الموسوعة بخطبة الزوراء ــ الزام الناصب: 2/187.

(5) ابن طاوس: هو محمد بن الحسن بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس الحسني الحلي توفي عام 673هـ في بغداد، كان نقيباً للاشراف في البلاد الفراتية.

(6) راجع الذريعة الى تصانيف الشيعة: 3/114 رقم: 384.

(7) النيل: بلدة في سود الكوفة قرب الحلة يخترقها خليج كبيريتخلج من الفرات الكبير الذي يسمى الآن بشط الحلة حفره الحجاج بن يوسف الثقفي أبان العهد الأموي وسماه بالنيل.

(8) تراث كربلاء: 41 عن عمدة الطالب للسيد أحمد الداودي: 178 كتاب شهر حسين: 269.

(9) المشهدين الغروي والحائري: أراد بهما مشهد الامام علي ع في النجف الأشرف، ومشهد الامام الحسين ع في كربلاء المقدسة، حيث ان الغري من أسماء النجف، كما أن الحائر من أسماء كربلاء.

(10) مدينة الحسين: 4/30 (المحلق).

(33)

        # وفي عام 662هـ زار الحائر الحسيني جلال الدين بن الداواتدار(1) مرقد الامام الحسين ع(2).

        # وفي عام 673هـ تولى أمر المشهد الحسيني والنقابة به السيد محمد الموسوي(3) من قبل ولاة الحلة(4).

        # وما بين سنة 683ــ 690هـ(5) حكم السلطان أرغون المغولي(6) العراق فزار خلالها الحائر الحسيني فشاهد انقطاع الماء عن مدينة كربلاء عبر نهر العلقمي الذي انطمر نتيجة عدم العناية بكريه وتنظيفه ولشدة حبه لأهل البيت ع فإنه سعى لحفر نهر جديد يصل الفرات بالحائر، وهو النهر

ــــــــــــــــــــــــ

(1) جلال الدين ابن الدواتدار: هو جالل الدين بن مجاهد الدين أيبك الصغير، وكلمة الدواتدار فارسية تعني المنشىء (الكاتب) والمدير، وهي مركبة من « دوات + دار» أي صاحب الحبر و المحبرة، وقد تعرب فيقال: « الدويدار والدوادار».

(2) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 155، تراث كربلاء: 41، تاريخ العراق بين احتلالين: 1/248 وقيل إنه شرع في بيع ما له من الغنم والبقر والجواميس وغر ذلك. واقترض من الأكابر التجارمالاً كثيراً، واستعار خيولاً وآلات السفر وأظهر أنه يريد الخروج الى الصيد وزيارة المشاهد، وقصد مشهد الحسين عليه السلام.

(3) محمد الموسوي: هو ابن محمد (أبو الفائز) بن علي بن محمد الحر بن علي المجدور بن أحمد الحائري بن إبراهيم المجاب، كانت وفاته بين عام 717، 726هـ.

(4) مدينة الحسين: 4/31 (الملحق)

(5) المنجد في ألاعلام: 35.

(6) أرغون المغوليي هو ابن أباقا خان بن هولاكو: رابع سلاطين الدولة الايلخانية المغولية التي حكمت العراق، وكان أول سلطان مغولي يعلن إسلامه، وجاء في كتاب رحلة عراقية للرحالة محمد هارون: 96 أن سلطان مملكة الرومية جاء في سياحة الى المنطقة وفي الليل رأى ضوءاً من بعيد فتعجب من ذلك وبعد التحقيق تبين أن هناك قبر الامام الحسين ع وعليه رجل يقال له دادشاه وكانيسرج في كل ليلة على قبر الامام الحسين ع، وحاول خدمته أن يخضروه للسلطان فقال ما لي حاجة الى الأمير، فأخبر السلطان بذلك فأتاه بنفسه وتوسم فيه أنه من الأولياء فطلب منه أن يدعو الله لشفاء ابنته فأعطاه من تراب قبرالحسين ع فشفيت من علتها وطلب منه إن كانت له حاجة فوافقه دادشاه الى ذلك، أن يحفر نهراً من المسيب الى أرض الحائر فوعده خيراً فلما قضى حاجته وفى بوعده فازدهر الحائر وسكنوها.

(34)

 

        الذي يعرف اليوم بنهر الحسينية(1).

        # وبعد سنة 693هـ أهدى مصحف الى الروضة الحسينية، خطه ياقوت المستعصي(2) وفي عام 693هـ(3).

        # وفي سنة 696هـ قدم من بلاد الجبل(4) السلطان محمود بن غازان(5) الى العراق فزار الحائر المقدس، وأمربتوزيع ثلاثة آلاف قرص من الخبز في اليوم للمجاورين للحرم(6) على مدى إقامته بها.

        # ولما كانت سنة 698هـ(7) زار أيضاً السلطان محمود بن غازان مرقد الامام الحسين ع ، وأقام بالمدينة ستة أيام وأمر للعلويين والمقيمين بمال كثير(8) وقدم هدايا كثيرة لضريح أبي عبدالله الحسين ع(9) وزين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

= ولقد احتملنا أن يكون ملك رومية هم المغول أنفسهم الذين برجع أصولهم من بقاع في روسيا(جمهورية منغوليا) أو البلاد النائية إننا لا نعد أن ملكاً من ملوك الروم جاء الى الديار وحفر النهر، فالذي حفره هو أرغون حفيد جنكيز خان، ويذكر أيضاً أن كربلاء في ذلك العهد كانت مسكونة ومنذ القرون الأولى للهجرة النبوية «راجع باب أضواء عل مدينة الحسين من هذه الموسوعة».

(1)  تراث كربلاء: 42 عن الفوز بالمراد في تاريخ بغداد للأب أنستاس ماري الكرملي: 13.

(2) ياقوت المستعصمي: هو ابن عبدالله المكنى بأبي الدر وأبي المجد والملقب بجمال الدين وأمين الدين من أشهرخطاطي العرب ببغداد كان مملوكاً للمستعصم العباسي، توفي عام 698هـ.

(3) بعض المخطوطات المحلية التي وصلتنا عن طريق السيد سلمان طعمة.

(4) بلاد الجبل: ولعله يقصد موطن المغول القريب من منطقة التبت عند الحدود الصينية الروسية المشهورة بجبالها الشاهقة والتي يطلق عليها بسقف العالم لارتفاعها.

(5) محمود بن غازان: ابن أرغون بن أباقا خان بن هولاكو حكم ما بين (694ــ 703هـ)  أسلم على يد الشيخ ابراهيم سعد الله محمد بن حمويه الجويني المتوفى عام 722هـ والذي كان من أعلام كربلاء.

(6) تراث كربلاء: 79 عن الحوادث الجامعة لابن الفوطي، مجالس المؤمنين للتستري: 2/355.

(7) شهر حسين: 275.

(8)  تراث كربلاء: 42عن الحوادث الجامعة لابن الفوطي: 497.

(9) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 262 عن دائرة المعارف الاسلامية، كتاب =

(35)

 

        الروضة بالتحف النفيسة(1) وأمر بتنظيف مجرى النهر العلقمي واعادة المياه اليه لراحة المجاور والزائر، وذلك عبر عدد من مساعديه(2) ووهب غلات(3) هذا النهر الى العلويين ولفقراء الذين ياتون الى زيارة المرقد الحسيني وكان عددهم كثيراً(4) وعن هذه الخدمات يقول السماوي:

ثم التوت مياهه بالجرف               ولم يكد ينفع أهل الطف

حتى أعاد العلقمي ثانياً                 محمود ثم سمي الغازانيا

قام به زويره الجويني                 على حين جاء للحسين

في سنة التسعين ولثماني              من بعد ستمئة فوان(5)

        # ويذكر عن فترة ماقبل القرن الثامن الهجري أن القبر الحسيني الشريف كان مغطى بقماش تاريز(6) وحوله شموع مضاءة(7).

ـــــــــــــــــــــــــــ

= مؤرخ المغول الكبير رشيد الدين فضلالله الهمداني تأليف الدكتور فؤاد عبد المعطي الصياد: 133.

(1) تراث كربلاء: 80 عن تاريخ أدبيات ايران للمستشرق برون: 3/53، گلشن خلفا: 157.

(2) مساعدوه: أولى أمر النهر الى الشمس الدين صواب الخادم السكورجي، وغرس الدولة.

(3) جاء في مدينة الحسين: 2/6 عن الفوز بالمراد في تاريخ بغداد لأنستاس ماري الكرملي: أن غازان محمود في السادس عشر من شهر جمادى الثاني زار كربلاء، ولكن الصحيح ما أثبتناه، وفيه أنه عين للمقيمين بجوار التربة_ أي طلاب العلوم الدينية ـ ثلاثة آلاف من (25كيلوا غراماً) من الخبر في اليوم الواحد من ريع الأراضي التي يسقيها النهر الأعلى الذي كراه والتي كانت غلتها تزيد في السنة على مائة ألف طغار (ظنان) من الحبوب، وكانت تفوق حبوب بغداد حسناً وجوهراً.

(4) ثورة الطف: 166 عن مجلة  الأقلام البغدادية العدد: 9/ السنة: 4/ التاريخ: 1388هـ ومقال للسيد عادل الكليدار نقلاً عن المستشرق الانكليزي برون.

(5) مجالي اللطف: 2/49.

(6) تاريز: الظاهر أن في الكلمة تصحيفاً، ولعل الصحيح تاديز أو تاديزة بالدال المهملة بلدة في بخارى معروفة بالنسيج كما هو الحال في كشمير حيث يقال لبعض الأنسجة المصنوعة بها كشمير.

(7) تراث كربلاء: 37 عن الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري لآدم متز: 112.

(36)

 

القرن الثامن

(6/ 9/ 1301ــ 12/ 9/ 1398م)

 

        # لما كانت سنة 703هـ توفي السلطان غازان محمود بن أرغون، وتولى أخوه أولجياتو محمد خدابنده(1) السلطة خلفاً له وكان هو الآخر يهتم بالمشاهد المقدسة والعلويين والأشراف، وقد استبصر على يد العلامة الحلي على أثر زيارته النجف الأشرف(2) وذلك عام 707هـ(3) ثم زار كربلاء المقدسة وأمر أن يدفع لسدنة الحائر وخدمته مرتب شهري كما أجرى مثله للعلويين المجاورين للمشهد العلوي والحسيني من ماله الخاص وأوقف كثيراً من الأراضي والبساتين لتصرف غلاتها على العلويين سنوياً(4).

        # وفي عام 709هـ زار السلطان محمد خدابنده أيضاً المرقد الحسيني وأمر بتعمير وتزيين العتبة الحسينية(5).

        # وفي عام 717هـ عين الشيخ محمد الأسدي(6) ناظراً على الروضة

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) أولجياتو محمد خدابنده: لقب بالسلطان غياث الدين محمد خدابندة ومعناه (عبدالله) كان مولده سنة 675هـ ووفاته سنة 716 ومدة حكمة 12عاماً.

(2) تراث كربلاء: 42، روضات الجنات للخوانساري: 2/279، وفي الروضات لم يذكر أن اجتماعه به كان بالنجف، بل يذكر بأن هناك رواية ثانية لقصة تشيعه، وكان ذلك في مركز حكومته.

(3) روضات الجنات: 2/281.

(4) كتاب شهر حسين: 280، ولايخفى أن السلطان محمد خدابنده المغولي كانت له زيارة ثالثة للعتبات المقدسة بالعراق وذلك سنة 709هـ. ولعله زار زيارته الثانية عام 708هـ.

(5) مدينة الحسين: 2/131ــ 132.

(6) محمد الأسدي: هو ابن أبي العز الحلي الخازن، تذكر المصادر أنه بعد مانشب الخلاف بين القبيلتين العلويتنين آل فايز وآل زحيك على الرئاسة في حدود عام=

(37)

 

الحسينية ولقب بالناظر لأول مرة(1).

        # وفي سنة 727هـ(2) وصل الرحالة المغربي المعروف بابن بطوطة(3) الى كربلاء، وقد وصف الروضة الحسينية بقوله: ثم سافرنا الى مدينة كربلاء مشهد الحسين بن علي ع وهي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخل ويسقيها ماء الفرات، والروضة المقدسة داخلها، وعليها مدرسة عظيمة(4) وزاوية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر(5) وعلى باب الروضة الحجاب والقومة ولا يدخل أحد عن إذنهم فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة وعلى الضريح قناديل الذهب والفضة وعلى الابواب أستار الحرير(6).

        # وفي هذه الفترة تقريباً زار كربلاء المقدسة المؤرخ حمدالله  المستوفي(7) وقال عنها: وغربي الكوفة  بثمانية فراسخ في صحراء(8) كربلاء مشهد الحسين ع المعروف بالمشهد الحائري، وقد ذكر في عهد المتوكل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

= 717هـ، بعث والي الحلة الشيخ الفقيه محمد بن أبي العز الحلي الأسدي الى كربلاء للنظارة، ومن بعده توارثها ابناؤه.

(1) مدينة الحسين: 4/31 (الملحق).

(2) وقيل سنة 726هـ كما في مدينة الحسين: 2/133.

(3) ابن بطوطة: هو محمد بن عبدالله بن محمد بن إبراهيم اللوائي الطنجي (704ــ 779هـ) المعروف بأبي عبدالله شرف الدين ابن بطوطة القاضي، ولد في طنجة المغربية، رحالة طاف أنحاء العالم، واستغرقت رحلاته الثلاث زهاء 29سنة زار خلالها إفريقية وبلاد العرب وآسيا والشرق الأقصى استقر في فاس، من آثاره: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، المعروف برحلة ابن بطوطة.

(4) ولعل المراد بالمدرسة العظيمة هي المدرسة العضدية التي كانت ملاصقة للصحن الحسيني والأخرى القريبة منها.

(5) المرد بها دار الضيافة التي سبق الحديث عنها.

(6) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 26 عن رحلة ابن بطوطة، وفي العراق قديماً وحديثاً: 129 ان البناية التي شاهدها ابن بطوطة هي ما بناه الوزير الديملي الحسن بن الفضل.

(7) حمدلله المستوفي: هو احمد بن أبي بكر القزويني المتوفى عام 750هـ، كان مؤرخاً قديراً، من آثاره: جامع التواريخ، كتاب آخر في الجغرافيا.

(8) صحراء كربلاء: التعبيير غير دقيق وأتصور أنه جاء من الترجمة والصحيح كما يخال لي وادي كربلاء حيث إن ترجمة«دشت» هو الوادي، وليس الصحراء.

(38)

 

أنه أجرى الماء عليه بقصد تخريبه حتى حار الماء عند قبره الشريف. وظلت البقعة الطاهرة عند قبره جافة وقد شيد عمارته عضد الدولة فناخسرو الديلمي، وحول هذا الموضع قرية مساحتها(1) ألفان وأربعمائة خطوة(2).

        # وفي أوسط هذا القرن(3) تولى الشيخ حسن الخازن(4) السدانة في الحرم الحسيني(5).

        # ولما كانت سنة 754هـ(6) انتقل الحكم الى السلطان أويس الجلائري(7) بعد موت أبيه، ونصب مرجان(8) لولاية بغداد فتمرد عليه عام 767هـ، فدخل السلطان بغداد في شهر شعبان من العام نفسه، وفر واليه المتمرد مرجان من بغداد ولاذ بقبر أبي عبدالله الحسين ع مصطحباً معه

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مساحتها: التعبير غيرد قيق والظاهر أراد قطرها، أو شعاعها، راجع فصل عمران كربلاء من باب أضواء على مدينة الحسين، من هذه الموسوعة.

(2) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 200، وفيه يقول هناك كذلك قبر الحر بن يزيد الذي كان أول من استشهد مقاتلاً في سبيل الحسين ع بكربلاء.

(3) أواسط هذا القرن، سيأتي في الجزء الثالث من هذا الباب بأننا احتملنا أنه كان في حدود عام 748هـ وبقي على سدة الخزانة حتى عام 756هـ.

(4) حسن الخازن: هو حسن (عز الدين) بن محمد بن أبي العز الحلي الاسدي المتوفى ظاهراً عام 756هـ، وقد تولى بعده ابنه الشيخ علي الخازن الأسدي سدانة الروضة الحسينية.

(5) راجع مدينة الحسين: 4/33 (الملحق)، ولا يخفى بأن بعض المصادر سموه تصحيفاً «الحسين» بدلاً من « الحسين»راجع أيضاً روضات الجنات: 7/8. وفيه : «وقد ورد اسمه قبل عام 786هـ».

(6) وقيل كان ذلك عام 757هـ.

(7) أويس الجلائري: هو السلطان الثاني من سلاطين الدولة الدلائرية الإيلخانية كانت عاصمته تبريز وتولى الحكم عام 750هـ حتى عام 776هـ وجعل ولاية بغداد بيد عبده أمير جان «مرجان» فأراد أن يستقل بالامر فأرسل اليه أويس جيشاً عظيماً فلما علم ذلك لجأ الى كربلاء وذلك عام 767هـ.

(8) مرجان: هو أمين الدين بن عبدالله بن عبدالرحمن أولجياتو، ويعني اللقب بالعربية السعيد، تولى ولاية بغداد من قبل سلاطين الدولة الجلائرية، توفي عام774هـ ودفن في المدرسة المرجانية والتي هي من أنجازاته في بغداد.

(39)

 

أمولاً كثيرة قد فبدأ تشييد مسجد(1) في شرقي الصحن الحسيني وبنى على جهته الغربية(2) مئذنة سميت بمنارة العبد(3) وزينها بالقاشاني المعرق، وإنما سميت بمنارة العبد لأنه كان عبداً لأويس، كما سمي المسجد بمسجد مرجان واوقف كل ما كان يملكه من العقار والعرصات في بغداد وشفاثة(4) وكربلاء والرحالية(5) وغيرها(6) على مرقد الامام الحسين ع ، ولتصرف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  مسجد مرجان: كان يقع في الجهة الشرقية بين باب قاضي الحاجات وباب الشهداء الحالية والذي كان ينتهي اليه باب الصحن الصغير ومساحته السطحية كانت 48م2 وكان آية في الفن المعماري وكانت أرضية السمجد تعلو عن أرضية الصحن قبل هدمه بمقدار مترين ويظهر أن باب المسجد كان يطل على الصحن الشريف.

(2) جهته الغربية: الضمير يعود الى المسجد تعلو عن أرضية الصحن قبل هدمه بمقدار مترين ويظهر أن باب المسجد كان يقع بين باب الشهداء وباب قاضي الحاجات ومئذنته كانت تقع على زاويته الشمالية الغربية كمايظهر من الصور التي لدينا، أذاً فالمسجد قسم منه وقع في الصحن الحسيني وأخر في الغرف التي بين البابين عند توسعة الصحن في القرن الرابع عشر كما سيأتي.

(3) في موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 366، أنه نذر ان يبني مئذنة خاصة في الصحن الحسيني إن هو خرج ناجياً من الغمة، ويقول الدكتور عبد الجواد الكليدار في تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 241 « وتقع المئذنة في الجانب الشرقي من الصحن وملتصقة بجدار السور على بعد عشرين متراً تقريباً من الزاوية الشمالية الشرقية، فكانت على يسار الذاهب الى حرم العباس ع وفيها يقول السماوي:

بأن تبقى محكم الأساس               شمال من يمضي الى العباس

وكانت مئذنه جبارة، أعظم وأفخم من كل المآذن الموجودة في العبتات المقدسة في كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء، ومن حيث الفخامة في الأبنية التاريخية، كانت هي الثانية في العراق من بعد ملوية المتوكل وجامعه سامراء، وكان يبلغ قطر قاعدتها عشرين متراً تقريباً أربعين متراً مكسوة بالفسيفساء والكاشاني الآثاري البديع الصنع ممايندر وجودها في هذا اليوم في بقية الآثار التاريخية القديمة أن كان في العراق أو في إيران.

(4) شفاثة: بلدة وعين تقعان على عبد 86 كيلومتراً جنواب غربي كربلاء وفي جميلة ببساتينها وعيونها عرفت عيونها بعين التمر وكلتاهما قريبتان من بعضها البعض، وقد يطلق اسم احداهما على الأخرى.

(5) الرحالية: تقع غربي بحيرة الرزازة، والبحيرة تبعد عن كربلاء نحو 14 كيلو متراً غرباً، ومساحتها تقدر 30 x 60 كيلو متراً، وهذا يعني أن الرحالية تبعد عن كربلاء حوالى 44 كيلومتراً.

(6) موسوعة العبتات المقدسة قسم كربلاء: 266، مدينة الحسين 1:34.

(40)

 

        عائداتها على المسجد الذي بناه(1).

تخطيط الروضة الحسينية وتحديد موقع مسجد مرجان ومنارة العبد بالاضافة الى الصحن الصغير

 458

        وتقدر محيط القاعدة المضلعة لمنارة العبد تعشرين متراً وارتقاعها أربعين متراً وبقيت المنارة قائمة حتى عام1354(2) هـ حيث هدمت عن جهل وضلال(3) في عهد متصرف كربلاء صالح جبر بحجة أنها آيلة الى السقوط فألغي بذلك من الوجود أثر فني خالد ونفيس أذ كان لايضاهيها أي منارة أخرى في العتبات المقدسة في العراق وأيران من حيث سعة القطر وعظمة الارتفاع وشكل القاشاني الجميل والملون الذي كان يكسوها والمزين

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخچة كربلاء: 69 عن تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 244.

(2) الموافق لعام 1935م وسيأتي تفصيل الكلام عنه في أحداث سنة 1354هـ من هذا الباب.

(3) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 267.

(41)

 

        بالفسيفساء(1) النادر(2).

        وقد قيل أن مرجان لما شيدها حصنها وطلسمها، فلعن من يمسها بسوء أو يهدمها(3).

        ولما علم السلطان أويس بأن واليه المتمرد أقدم على بناء المسجد وأوقف كل ممتلكاته على مرقد أبي عبدالله الحسين عفى عنه اكراماُ منه لعمله الجبار هذا، وأمر بإخضاره واكرامه وأرجعه الى ولاية بغداد(4) وقد أغتبط السلطان أويس من عمل واليه وخدمته هذه.

        # وفي عام 756هـ وتولى الخزانة الحسينية الشيخ علي بن الحسن

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفسيفساء: يبدو أن في أول ظهورها قد استخدمت في العتبات المقدسة: كما يظهر مما جاء في مجلة التوحيد القمية العدد: 68 الصفحة: 126« أن الفسيفساء المعروفة باسم خاتم كاري تعتبر من الفنون اليدوية في شيراز ويعود تاريخها الى القرن الثمن الهجري تقريباً وقد بلغت حد الكمال في العصر التيموري ويعتبر صندوق ضريح الامام العسكري ع بسامراء أقدم أثرموجود في الوقت الحاضر لهذه الصناعة فعلى الرغم من أن ضريحي الامام علي ع والامام الحسين ع صنعا قبله ولكنهما تعرضا للترميم وأعمال الصيانة مما أفقدهما الصغير الذي تتيح القطع الصغيرة منه مرونة في تشكيل نقوش جميلة، كنا يطلق على الأخشاب المطعمة بأخشاب أغلى أو بالعاج أو ما شابه ذلك، وقد جاء تعريفها في المنجد: 581 هكذا: « الفسيفساء قطع صغيرة ملونة من الرخام وغيره يؤلف بعضها الى بعض على أشكال مختلفة وصور متنوعة، وربما كان اسم الفسيفساء مأخوذاً من الفسفسة أو معرباً» والفسفسة أو الفصفصة: نبات تعلفه الدواب له حب كالكرسنة صغير فيه طول وطعمه يقارب حب الآس، ولا يخفى أن القاشاني يسمى في تونس بالجليز.

(2) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 267.

(3) تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 249.

(4) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 366 عن دائرة المعارف الاسلامية تاريخچة كربلاء: 69.

(42)

 

        الأسدي(1) بعد والده(2).

        # فقام السلطان أويس في سنة 767هـ بزيارة المرقد الحسيني ولما شاهد خدمات وزيره عزم على تحديد بناء المرقد المطهر فبدأ العمل في هذا العام(3) « كما وجد منقوشاً على حائط المحراب المعروف بنخلة مريم عند الرأس الشريف(4)ــ وكانت هذه الكتابة موجودة حتى عام 1366هـ حيث عمد متصرف لواء كربلاء طاهر القيسي(5) الى هدمها ورفعها وازالة آثارها(6) ــ فأقام أويس على الضريج المطهر قية(7) نصف دائرية تحيط بها الأروقة  

ـــــــــــــــــــــــ

(1) علي بن الحسن الأسدي: ورث  السدانة عن أبيه عن جده الشيخ محمد، لقب الشيخ علي بـ «زين الدين» وكني بـ «أبي الحسن»، واشتهر بابن الخازن وقد اجازه الشهيد الأول المتوفى عام 786هـ،  كما استجازه ابن فهد الحلي المتوفى عام 841هـ ، توفي عام 795هـ قبل أن يستولي على العراق الأمير اقساس تيمورلنك عام 796هـ

(2) مدنية الحسين: 4/31 (الملحق)، راجع أمل الآمل: 2/186، الحقائق الراهنة: 137،ريحانة الأدب: 7/492، أعيان الشيعة: 2/277، رياض العلماء: 3/413.

(3) تاريخچة كربلاء: 71، العراق قديماً وحديثاً: 129، بغية النبلاء: 70. وفيه ان تاريخ هذا البناء كان موجوداً فوق المحراب الذي موضعه اليوم الرخام المنعوت بنخل مريم فيما يلي الرأس الشريف.

(4)  جاء بغية النبلاء: 71، عن كشكول محمد بن سليمان زوير السليماني أن هذه الكتابة أزيلت عام 1216هـ ووضع مكانها الرخامة المعروفة بنخلة مريم،

(5) طاهر القيسس: متصرف لواء كربلاء المقدسة مابين عامي 1364ــ 1367هـ خلف بعد جعفر حمندي وخلفه عبد المجيد علاوي.

(6) تاريخچة كربلاء: 71، نزهة أهل الحرمين: 35، ويعلق الدكتور عبدالجواد الكليدار في كتابة تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 187 بأن طاهر القيسي لتدخله الزائد في أمور الروضة المقدسة وآثارها وبناءها قفد أصر على رفع هذا المحل التاريخي المعروف بنخلة مريم وفي الحقيقة لا يعرف سبب تدخل المتصرفين الاخرين ــ الخالصي والقيسي ــ في أمور تتعلق بحرم الحسين ع.

(7) نقلت صحيفة البديل الاسلامي العدد: 62، الصفحة: 8، نقلاً عن يعقوب سركيس أن اويس بن الحسن الجلائري بنئ القبة وأحاط المشهد بصحن مسور، وفي تاريخ مرقد الحسين والعباس: 89 «بنى القبة الداخلية».

(43)

وترتكز على أربع دعائم كبيرة عند زوايا الروضة الأربع، تبلغ مساحة كل واحد، منها 3،5x 2،5= 8،75 متراً مربعاً(1)، وقد فصلت الأروقة من الجهات الأربع عن الحرم ليقام على جدرانها بناء القبة الشاهقة(2) ولكن حالت منيته دون الاكمال حيث توفي عام 776هـ(3) فبدأ ابنه السلطان حسين(4) من حيث انتهى الأب وبدأ بتشيد البهو الامامي الذي يعرف بإيوان الذهب الا أنه قتل في تبريز على يد أخيه السلطان أحمد(5) وذلك في عام 784هـ(6).

        # ويظهر أنه في سنة 786هـ(7) انتهى السلطان أحمد من بناء ما بدأه الأب والأخ فأكمل بناء البهو الامامي بدأ في العام نفسه بتشيد المئذنتين وكساهما بالطابوق والقاشاني الاصفر وأطلى قسماً منهما الذهب(8) ولعله كان القسم العلوي منهما.

        # وفي سنة 793هـ تم بناء المئذنتين فأرخت بعبارة (دوستون(9)

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) حضارة العراق: 10/318.

(2) تاريخ مرقد الحسين والعباس: 83، مدينة الحسين: 2/31.

(3) وقيل في عام 774هـ كما في مدينة الحسين:2/32 وقيل في عام 777هـ كما في لغت تامه دهخدا: 7/509.

(4) السلطان حسين: هو ابن أويس بن حسن الجلائري حكم بعد أبيه عام 776هـ، قتله اخوه أحمد عام 784هـ واعتلى العرش بعده، وكان السلطان حسين ثالث سلاطين الجلائرية.

(5) السلطان أحمد: توفي سنة 813هـ هرب من تيمورلنك ولجاً الى المماليك في مصر، استعاد بغداد بعد وفاة تيمورلنك ولكنه اغتيل.

(6) لغت نامة دهخدا: 19/636 وماء جاء في تاريخچة كربلاء: 70 عن حبيب السير أنه قتل في سنة 778هـ ليس صحيحاً.

(7) العراق قديماً وحديثاً: 129، تاريخ مرقد الحسين والعباس: 83، مدينة الحسين: 2/32.

(8) راجع تاريخ مرقد الحسين والعباس: 85.

(9) دوستون زرين: ثلاثة كلمات فارسية، دو = اثنان، ستون= عمود، زرين= ذهب أي عمودان ذهبيان، ولعل المراد بذلك أن لونهما كان لون الذهب.

(44)

رزين(1)) وبذلك أصبح الشكل العام لبناية الروضة شكلاً هندسياً بديعاً يعطي فكرة حسنة عن التقدم الفني الزخرفي والبناء المعماري في حسنة عند المسلمين(2)، وحول البناء والعمارة يقول السماوي في أرجوزته:

ثم بنى القبة بعد الدائر         أويس بن الحسن الجلائري

إذ جــاء من مقره بـجنده              يريد بغـداد لقتـــــل عبـــده

إعني به مرجان إذ تمردا              حتى اذا جند أويــــس وردا

فارقه من منعوه الطاعة               فلاذ بالحسيـــن للشفـــــاعة

ثم بنى المسجد والمناره               فانتسبت للعبد ذي الامـــاره

وكان في السبع والستينا               من بعد سبع قد خلت ميــــئينا

فأصدر الصفح أويس وعفا           عن عبده إذ لاذ بابن المصطفى

ورده بعــــــد قليل واليا                فنال في بغداد حكمــــاً ثانـــــيا(3)

حليتا من ذهب بتلوبن                 فأرخــــوه « دوستون زرين»(4)

يعنون تاريخاً طلاهما ذهب(5)                  وذلك للعجم وهــــذا للــــــعرب

وشيد البهو مع المنائر         ووسع الصحن بهــــدم الدائرْ(6)

                ولا زال هذا البناء قائماً الى يومنا هذا(7) وهو مابناه أويس

ـــــــــــــــــــــــــ              

(1) قوله: « دوستون زرين» يعادل: « 10+ 516+ 267= 793» وما جاء في الصادر أنها تعادل «786» فغلط، راجع كتاب تاريخ العراق قديماً وحديثاً: 129، وتاريخ مرقد الحسين والعباس: 832، ومدينة الحسين: 2/32، حيث إن كلهم ذكروا بأن الاصلاحات جرت عام 786هـ، وربما كان المقصود أن بداية العمل كان عام 786هـ والنهاية كانت عام 793هـ.

(2) تاريخ مرقد الحسين والعباس: 83.

(3) في مجالي اللطف: «تالياً» بدل «ثانياً».

(4) لقد ضمن السماوي«دوستون زرين» الموافق لعام 793هـ وهو تاريخ بناء المئذنتين.

(5) قوله: « طلاهما ذهب» يعادل: «86+ 707= 793» ومن الخطاً ما جاء في هامش مجالي اللطف أنها تعادل «786».

(6) تاريخچة كربلاء: 70، تاريخ كربلاء وحائر الحسين: 89، ومجالي اللطف: 2/41.

(7) الموافق لعام 1417هـ.

(45)

وابناه ولايخفى أن مظاهر هذا البناء لم يبق على ماكانت عليه في عهد الجلائريين إذ سعى الملوك والرؤساء العراقيون والايرانيون والعثمانيون والهنود الى توسيع المقام وترميمه وتطويره(1)، الا أن معالمه الاساسية بقيت على حالها حيث إنهما أنشئتا على خط مستقيم على بعد عشرة أمتار من قاعدة القبة، وقطر كل واحدة منهما أربعة أمتار ومحيطها نحو 12،5 متراً هذا عند القاعدة، وأما مجمود ارتفاع كل واحدة منهما عن الأرض وحتى القمة فهو 35متراً حيث أن عشرة أمتار منها يملي الحيز ما بين الأرض وظاهر سطح الروضة ومن هناك الى القمة 25 متراً. وفي بداية الثلث الأخير يتسع قطرهما رويداً رويداً بواسطة أربعة طبقات من المقرنصات الجميلة ليصل الى خمسة أمتار لتشكل مقصورة خصصت للأذان والذي يبلغ طول محيطها نحو 71/15متراً وكانت المقصورة آنذاك مكشوفة غير محجرة، ويحتوي عامود المئذنة داخلياً على سلم حلزوني يوصل المؤذن الى المقصورة.

        # وفي سنة 795هـ(2) دخل تيمرلنك(3) بغداد فهرب السلطان أحمد ابن أويس الجلائري الى الحلة، فاضطر قوات تيمورلنك الى ملاحقته فاصطدموا به في سهل كربلاء في يوم قائظ شديد الحرارة فهرب السلطان أحمد الى مصر لاجئاً(4). ولما انتهت المعركة بهزيمة السلطان أحمد وجنوده غلب على جنود تيمورلنك العطش فنزلوا ودخلوا كربلاء وتوجهوا نحو مرقد الامام الحسين ع(5) وقبلوا العتبة المباركة وأدوا مراسيم

ــــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخچه كربلاء: 71.

(2) الموافق لتاريخ 13/8/1393م.

(3) تيمورلنك أو تيمور الأعرج(737ـ 808هـ) ملك مغولي حفيد جنگيز خان، أخضع إيران والعراق وأجزاء واسعة من آسيا لسلطته، خرب بغداد عام 792هـ، وفي عام 804هـ اتخذ سمرقند عاصمة له.

(4) جاء في تراث كربلاء: 80 أنه استجار بسلطان مصر الملك الظاهر برقوق « نقلاً عن مختصر تاريخ بغداد القديم والحديث لعلي طريف الأعظمي: 156».

(5) لعل نزولهم الى كربلاء كان عام 796هـ، راجع موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 264.

(46)

        الزيارة المعتادة وانصرفوا(1) وكان يترأسهم ميران(2)، ابن الامير تيمورلنك(3) وقد أجزلوا بالنعم والهدايا على العلويين المجاورين للمرقد(4).

        # وفي عام 796هـ تولى أمر السدانة الحرم الحسيني السيد محمد(5) الموسوي(6).

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) بتصرف عن موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 264 عن عقيدة الشيعة لدونالسن عن كتاب تاريخ المغول لهوارث 3: (hewarth) history of Mongols.

(2) ميران: هو الابن الثالث لتيمورلنك ويقال له ميرانشاه، ولد عام 769هـ، وتولى في عهد أبيه ولاية العراق وأذربايجان وديار بكر الشام، ورغم أنه أصيب بخلل في دماغه الا أنه حكم ثلاث سنوات بعد أبيه وتوفي عام 810هـ في حربه مع جيوش القره قويونلو قرب أذربايجان على يد قرا يوسف التركماني.

(3) موسوعة العتبات المقدسة قسم كربلاء: 106، تاريخ العراق بين احتلالين: 2/ 218.

(4) مدينة الحسين: 2/145.

(5) محمد الموسوي: هو شمس الدين بن احمد شرف الدين بن محمد (أبي الفائز) بن محمد (أبي جعفر) بن علي، عينه عثمان بهاد خان بن تيمورانك، ولقبه بالأمير شمس الدين، ووالده هو السيد أحمد المدفون في شفاثة وهو الجد الأعلى للسادة آل فايز.

(6) مدينة الحسين: 4/31 (الملحق).

(47)