الحسين نسبه ونسله

اسم الکتاب : الحسين نسبه ونسله

المؤلف : محمد صادق محمد الكرباسي
المطبعة : دائرة المعارف الحسينية

 

 

 

 

 

 

الايات

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى (2) آدم ونوحا وآل ابراهيم
وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم (3)،
انه لقول رسول كريم (4) إني لكم رسول أمين (5)، أبلغكم رسلات ربي و(6)
لاأسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى (7) وآت ذا القربى حقه (8) ذلك خير للذين
يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون (9)
صدق الله(10) العلي العظيم(11)

(1) سورة النمل، اية: 30.
(2) سورة النمل، آية: 59
(3) سورة آل عمران، آية: 33ـ34
(4) سورة الحافة، آية:40.
(5) سورة الشعراء، آية: 107.
(6) سورة الأعراف، آية: 62.
(7) سورة الشورئ، آية: 23.
(8) سورة الاسراء، آية: 26.
(9) سورة الروم، آية:38.
(10) سورة آل عمران، آية: 95.
(11) سورة البقرة، آية: 255.
(5)

الحديث


قال الرسول الأعظم عليه السلام:
«إن الحسين مصباح هدى
وسفينة نجاة
وإمام خير ويمن
وعز وفخر
وبحر علم وذخر»(1).
صدق رسوله الكريم
(1) عيون أخبار الرضا:1/ 62، وقريب منه في فرائد السمطين: 1/ 155ح: 447.
(6)


مقدمة الناشر


سيدي أبا عبدالله
أنبحث في نسبك، ونشهد في زيارتك: « أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة»؟
أنبحث في نسبك وأنت سبط سيد الأنبياء والرسل محمد المصطفى عليه السلام، ونجل ولي الله علي المرتضى عليه السلام، وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهرا عليها السلام؟
أنبحث في حسبك وأنت حفيد عبد المطلب وأبي طالب وخديجة الكبرى وفاطمة بنت أسد، وعماك جعفر الطيار وحمزة سيد الشهداء أحد؟
كفاك فخراً سيدي أنك من تلك الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة، وكفاك عزاً أنك ربيب بيت النبوة، وكفاك علواً انك وليد بيت الإمامة، ووارث الانيباء، آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وكفانا فخراً وعزاً بك أنك إمامنا وابن إمامنا، وابن سيدتنا ومولاتنا.
سيدي أبا عبدالله
وهل بعد ذلك من لزوم للبحث في نسبك وحسبك، وسلسلة آبائك وأجدادك؟
نعم ليس من باب الشك الموصل لليقين، وليس من باب الجهل لدرك المعرفة، إنما من باب تاكيد المؤكد، وتحصيل الحاصل، لأجل تذكير الناسي، وتنبيه الغافل، وإفحام المنكر والجاحد.
وهذا بالتحديد ما أراده مؤلف هذه الموسوعة الكبرى ( دائرة المعارف الحسينية) آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي دام ظله في هذا الجزء من الموسوعة، حيث بدأ سماحته فيه الحديث في النسب ليترك
(7)
البحث في النسل إلى أجزاء لاحقة، منطلقاً- في الفصل الأول- من ترجمتة عدد من أجداد الحسين عليه السلام المتقدمين، ابتداء من فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة، وزوجته ليلى بنت الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة، ليتوسع في القصول اللاحقة الى أسماء أجداد والجدات الحسين عليه السلام معتمداً على تقسيم سلسلة الأجداد والجدات الى طبقات وفروع مع ترجمة موجزة لكل اسم من تلك الأسماء وشرح معانيها من الناحية اللغوية.
وكما في كل باب جديد من أبواب هذه الموسوعة قدم سماحته لهذا الجزء بتمهيد قيم، عرف فيه علم الأنساب، مبيناً مكانة هذا العلم وشرافته، ليتولى بعد ذلك الحديث عن النسب والحسب والفرق بينهما، ثم معرفة النسب وشروط الممارس له، ليستعرض فيما بعد المصطلحات المستخدمة فيعلم الأنساب مع توضيح معنى مصطلحات العلوي والطالبي والهاشمي وتطبيقاتها، ولم يغفل سماحتة عن الحديث عن العمة (العمامة) وخلفيتها ولونها على مراحل التاريخ.
وقبل أن يختم التمهيد بالحديث عن السبطين الحسن والحسين عليه السلام وآلية العمل في هذا الجزء، تطرق الى موضوع هام هو الأدعياء على النسب العلوي.
ونشير قبل الختام الى ان هذا هو الجزء السابع والثمانون من أجزاء دائرة المعارف الحسينية الكبرى التي طبعت حتى اليوم، وانما بلغت هذا العداد من الأجزاء بفضل المولى العلي القدير أولاً وآخراً، وبتوفيق من الله عزوجل ، فهو الموفق لكل خير، والمؤيد لكل عمل فيه منفعة الأمة والبشرية، وبدعم مشكور من أصحاب الأيادي البيضاء وأهل البذل والعطاء في سبيل احياء فكر ومنهج أهل البيت المحمدي ص.
24/جمادى الثانية/1435هـ
25 / نسيان/ 2014م
(8)


قسم الأنساب


(9)

(10)
(11)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي أعطى الخلق من دون سبب
والصلاة على النبي القرشي ذي العلا والحسب
والسلام والتحية على آله الطهر أجواد النسب
لندن
محمد صادق
شتاء
1408هـ ـ 1987م
(11)
(12)


تمهيد


دأبنا على أن نمهد لكل موضوع من الموضوعات التي لها حالة الاستقلالية في هذه الدائرة ونقدمها على الموضوع نفسه، ونتخذها مركباً للتعريف بذلك العلم أو الفن، وبيان ما هو ضروري بحثه في هذا الاتجاه ، وهذا العلم أعني علم الانساب لا يشذ عن غيره، فقد تحدثنا في التمهيد عن الموضوعات التالية باختصار شديد كي لا يكون مملاً للقارئ والباحث
1ـ علم الانساب تعريفة وتاريخة
2ـ مكانة علم الأنساب وشرافته.
3ـ النسب والحسب والفرق بينهما.
4ـ معرفة النسب وشروط الممارس له.
5ـ الكتابة في النسب ومتطلباته.
6- المصطلحات المستخدمة في علم الأنساب.
7ـ العلوي... الطالبي... الهاشمي، وتطبيقاتها.
8ـ الشرافة واستخداماتها.
9- السيادة وموارد استخداماتها.
10ـ العمة وخلفيتها.
11ـ لون العمة في مراحل التاريخ.
12ـ الأدعياء على النسب العلوي.
13ـ السبطان الحسن والحسين.
14ـ عملنا في هذا الفصل من الموسوعة.
(13)
15ـ نسل الحسين وانتشاره في العالم.
16ـ النسب الحسيني عبر الأصلاب والأرحام.
17ـ نسب الحسين من سلسلة الآباء الى آدم.
(14)

 

علم النسب


النسب: بفتحتين هو وجهة الاتصال بالاخر ليكون قربياً منه بالتناسل ويجمع على أنساب، وفي الاصطلاح هو العلم الذي من خلاله تعرف علاقة الفرد باقرباه الذي يجمعهم رحم واحد، فتعرف علاقة هذا الشخص بالاخر بالأبوة أو البنوة أو الأخوة أو العمومة أو الخؤولة وهكذا.
أن تاريخ الانساب يتوغل في اعماق التاريخ، وهناك أمم غير عربية كانت هي الأخرى تهتم بالأنساب وعلى أثرها أنشئت الدواوين والنقابات، وقد ورد قوله تعالى في ذلك: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)(1). وربما كان من مصاديق التعارف معرفة نسب الآخر كي ينسب الى قومه، ولا تختلط بسبب عدم معرفة لمسائل النكاح والارث والوقف والعتق وغيرها، حيث لا يجوز أن يملك الابن والده، وقد قال الرسول ص: (تعلموا من انسابكم ما تصلون به ارحامكم، فانه صلت الرحم محبة في الاهل، مثراة في المال، منسأة في الاثر)(2)، فصلة الرحم مستحبة بلسلام ومقاطعتها محرمة، وقد ورد فيهما الكثير من الروايات التي تحث على صلة الرحم واثارها وجرها، وفي النهي عن مقاطعة الارحام وبيان اثارها السلبية وما لها من عقاب، وقد أفرد والدي(3) المقدس فصل خاص في ذلك كمقدمة لكتابه (آل الكرباسي).
(1) سورة الحجرات، الآية: 13.
(2) مسند أحمد بن حنبل: 2/ 374.
(3) والدي: هو الشيخ محمد بن أبي تراب (علي) بن محمد جعفر الكرباسي (1279ـ 1398هـ) من أعلام الامامية، ولد في النجف وسكن كربلاء، وتوفي في قم، أنشأ وتولى ادارة عدد من المؤسسات العلمية والدينية، من آثاره: السعة والرزق، تعليقات الأصول، وسلاطين شيعة.
(15)
وكانت الأحياء تقام في المدن على هذه الانتسابات القبلية والعشائرية، وهكذا تمصرت المدن الكبرى التي تأسست في العهود الاسلامية الأولى، بل أن المناطق الشاسعة كانت تسمى بأسماء القبائل العربية المنتشرة في الجزيرة العربية ثم امتدت الى أرض الشام الكبرى والى العراق وما جاورهما.
وما زاد من شرافة هذا العلم هو الحديث عن النسب النبوي وآله الأطهار ومن تنسل عنهم، وهذا ما دعاني الى وضع هذا الجزء باعتباره يتحدث عن نسب الامام ونسله.
وكان قد تخصص بهذا العلم رجال أشداء لهم باع طويل في ذلك، فنجد أن في كل عصر اشتهرت شخصية مرموقة بعلم الأنساب وبالاخص بما يتعلق بالأشراف من آل الرسول ص، وقد تجد تسلسل هؤلاء الأعلام وطبقاتهم في كتب بعض علماء النسب المعاصرين(1) حيث وضع مقدمة ضافية بهذا الشان لكتاب ( لباب الأنساب)، وتجد فيهم الكثير ممن ينتسبون الى البيت الهاشمي العريق، وكان من أول المختصين بعلم النسب هو عقيل بن ابي طالب(2).
(1) المعاصر: هوشهاب الدين المرعشي محمد حسين بن محمود بن علي النجفي القمي (1318ـ1411هـ)، ولد في النجف وتوفي في قم، تولى المرجعية بشكل واسع سنة 1380هـ بعد وفاة السيد البروجردي، له عدد من المنشآت منها: مدرسة المرعشي في قم ومكتبته العامة، له عدد من المؤلفات منها: الغاية القصوى، كشف الارتياب، واجوبة المسائل الرازية.
(2) عقيل بن أبي طالب: حفيد عبد المطلب الهاشمي (43ق. هـ ـ60هـ) كان شقيق الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام وهو الابن الثاني لابي طالب (عبد مناف) حيث الأول طالب والثالث جعفروالرابع علي عليه السلام، ولد في مكة، وتوفي في المدينة ودفن في البقيع، كان عالماً بالانساب.
(16)

 

مكانة علم الأنساب


إن الحضارات على مدى التاريخ كان لها دور في تقديم ما يطور المجتمعات من العلوم والمعارف، وعرفت كل حضارة بإحدى هذه المعارف، فعلى سبيل المثال لا الحصر، عرف الروم بعلم الطب، واليونانيون بالحكمة والمنطق، وعرف الهنود بالتنجيم والحساب، والفرس بآداب النفس والأخلاق، والصينيون بالصنائع، والعرب بالامثال وعلم الأنساب حتى جرى ذلك في الخيول، حيث إن الخيل العربي الاصلية لها شجرة نسب واضحة، وإن بعض الاقوام كالعرب اهتموا بأسماء أجدادهم وكل شخص كان يعرف آباءه وأمهاته والعرق الذي يميل اليه، وما إن دخلت الاماء في مجتمعاتهم خصصوا الأنساب بالآباء دون والامهات، ومن هنا فانهم أذا ماكانوا النجبا من الانساء اختارو بنات الاشراف المعلومي النسب من قبل الاباء والامهات معاً، فلذلك كانوا يحتفظون بأنسابهم، كما كان بتعرف البعض على الآخر عبر الأجداد والجدات، ولما جاء الاسلام وأقر في شريعته أحكاماً تخص الارث، أصبح لعام النسب دورفي المسائل التي تتعلق بالارث، ولما صدرت احكام الديات فانه تحدث عن العاقلة وتحملها دية الخطأ، وهذه هي الاخرى تتعلق بمسالة الانساب، بل عندما شرع طهارة المولد كشرط في بعض المناصب العليا فان هذه الأخرى أيضا ترتبط بالانساب، وعندما تحدث عن اللعان فان ذلك له علاقة بالانساب.
وكان العرب في الجاهلية إذا فرغوا من مناسك الحج حضروا سوق عكاظ لعرض كل ما يريدون عرضه من صفقات تجارية أو من النظم والبلاغة، ثم تعرض كل قبيلة نسبها على الحاضرين. فهناك من فسر قول
(17)
الله تعالى:( فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً)(1) بالذي أوردناه من عرض الآباء لكي يتعرف الآخرون على أنسابهم.
ويذكر أن العرب من خلال علم الأنساب أخذوا يطورون أنفسهم ويلبون حاجاتهم، فانفتحوا على سائر العلوم وتعلموها، وقد جاء في لباب الانساب: علوم العرب الأمثال والأنساب، واحتياج كل واحد من العرب الى أن يعلم سمت كل لقب ومصالحة وأوقاته وأزمنته ومنافعه في رطبه ويابسه وما يصلح منهه للبعير والشاة، ثم علموا أن شربهم ماء السماء، فوضعوا لذلك الأنواء وعرفوا تغير الزمان، وجعلوا نجوم السماء أدلة على أطراف الأرض وأقطارها، ليس لهم كلام الا وهم خاضعون فيه على المكارم، يفتحون معناه، مرغبون في اصتناع المعروف وحفظ الجار وبذل المال وأثبتوا المعاني نصب كل واحد لك بعقله ويستخرجه بفكره ويعبر من طريق المثل بلفظ وجيز عن معاني كثيرة فيها علم مستأنف من التجارب(2)، ومن خلال الأنساب يمكن تهذيب بعض الادعاءات التي قام بها حكام العهد الأول والثاني الذين كانوا يروجون بعض الأقوال في نسبة الشخص الى الرسول( ص) أو الى السيدة خديجة رضوان الله عليها، حيث حاول البعض القول إن الرسول(ص) كان له بنات أخريات غير فاطمة عليه السلام من زوجته السيدة خديجة، واحداث معادلة لمصاهرة الرسول (ص) في قبال مصاهرة علي عليه السلام الى أمور أخرى. وقد روي عن الرسول (ص): «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فانه لا قرب للرحم اذا قطعت وإن كانت قريبة، ولا بعد بها أذا وصلت وإن كانت بعيدة»(3)، وفي حديث آخر قال(ص) « تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فان صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر»(4).
(1) سورة البقرة الآية: 200.
(2) لباب الأنساب: 1/195.
(3) مسند أحمد ابن حنبل: 2/374.
(4) مختصر صحيح مسلم: 1/19.
(18)


النسب والحسب


إن المفردتين كثيراً ما تذكران معاً فيقال: صاحب الحسب والنسب أو شريف في حسبه ونسبه، وقد وجدنا من المناسب أن نذكرهما ولو بايجاز ونحن نتحدث عن أشرف الأنساب والأحساب، حيث ورد عن النبي (ص): « كل حسب ونسب منقطع إلا حسبي ونسبي»(1).
فالنسب مأخوذ من النسبة الى الشيء والذي يقصد به في علم الأنساب نسبة الشخص الى أبيه وأمه، ومن هنا فقد برزت مفردة أخرى وهي السبب، فيقال قريب منه في النسب أو السبب، والثاني هو الذي يتم بالمصاهرة والأول هو الذي يتم عبر رحم الأم، حيث يشترك اثنان في رحم أم واحدة، قريبة كانت أو بعيدة، وقد يجتمع النسب والسبب معاً كما حصل في علي وفاطمة عليهما السلام، فانهما من حيث النسب جتمعا عند عبد المطلب به هاشم بن عبد مناف العدناني في رحم زوجته فاطمة بنت عمرو بن عائذ العدناني، وأنجبت له كلا من: عبد الله والد الرسول (ص) وأبي طالب والد علي عليه السلام فاجتمعت فيهما القرابة والنسبية والسببية، ولا يخفى أن أساس النسب هو السبب لان الزواج إذا لم يحصل فلا إنجاب ولا تتحقق الأبوة والبنوة، ومن هنا سمي بالسبب.
واما الحسب فهو ما يفتخر به من كرامة النسب والمال والجاه والمنزلة، فمن كان ذا نسب شريف من حيث الكرامة الدينية أو الدنيوية قيل له صاحب حسب، فمن الطبيعي أن تكون هذه المكانة وهذا الغنى حاصلين لهما بطرق نزيهة، وإلا فالسارق لأموال الآخر يصبح ثرياً على حساب المسروق منه، ويصبح غنياً من لا يودي ما عليه من حقوق شرعية على حساب الفقراء، وقد يصبح شخص حاكماً بالقتل والقوة والدمار فلا شرافة
(1) شواهد التنزيل: 1/407.
(19)
لمال ذلك ولا لمكانة هذا، وما جمع في آل الرسول(ص) هو المكانة الشريفة والكريمة التي أنت من قبل الله سبحانة وتعالى، حيث اختار الله محمداً (ص) رسولاً له وجعله أشرف خلقه، وكان أجداده من عبد المطلب الى ابراهيم عليه السلام ثم الى آدم عليه السلام أنبياء أو زعماء يقومون على خدمة الناس ويطبقون نهج السماء في الارض وكانوا من الطيبين والطبيات، فهذا هو الحسب الرفيع وهذا هو النسب الشريف.
(20)

 

معرفة الأنساب


منذ الجاهلية كان هناك أناس تخصصوا بالتحري عن أنساب الأشخاص، وبما أن التحرير لم يكن رائجا بل معدوماً فان صدور هؤلاء كان كسجل الدوائر الرسمية المختصة بسجل النفوس وقيد الاخراج، وبعد ظهور الاسلام وتطور العلم ودخول التحرير الى المجتمعات العربية بشكل عام أخذ النسابة بتحرير ذلك، لأن ما يقيد الكتابة لا يتعرض للنسيان وان تعرض للتلف في بعض الاحيان.
وبما أن هذا العلم أو الفن قد يقلب الموازين الاجتماعية بنفي الولد أو اثباته والذي يترتب عليه أمور اجتماعية وشرفية بل وأحكام شرعية من الارث ومسألة مستحقي الزكاة أو الخمس الى غيرها من أمور، فان النسابة لا بد وأن يكون متصفاً ببعض الشروط نذكرها في النقاط التالية:
1- أن يكون ثبتاً صدوقاً، ولو قلنا بالعدالة لما بالغنا.
2- أن يكون حافظاً لا ينسى، ولو قلنا في أيام التحرير يجب عليه أن يحرر، فما خالفنا الحقيقة.
3- أن ياًخذ معرفته بالانساب من الثقات أو أن يكون عن عيان وثبات.
4- أن يكون شجاعاً لا يخضع للتهديد والابتزاز.
ولولا هذه الشروط ألصق أبناء الزنى بمن لهم حسب ونسب، لان التاريخ يرشدنا الى وجود مثل هؤلاء الذين كانوا يرتشون، ونرى هناك حكاماً وصلوا الى الحكم بالقوة والغلبة وهم من الأدعياء ودفعوا أموالا طائلة ليسجلوا فيمن لهم حسب ونسب، وهذا ما حصل في عصرنا هذا، حيث وجدنا بعض الطغاة قد دفعوا المال واستخدموا سلاح الترهيب والترغيب لتصنع شجرة لهم ويذكروا فيها أنهم من أبناء الامام
(21)
الحسين عليه السلام(1)، وتحسباً من هذا فكان الذين لهم شجرة النسب يقومون بتصديقها لدى العلماء الذين لهم اختصاص بالانساب(2)، ومن هنا فقد حددوا طرقاً لاثبات النسب والتي ينبغي للنسابة أن يأخذ بها وهي كالتالي:
أ- أن يعترف الاب بابنه أمام النسابة دون أن ينازعه أحد
ب- الشياع المفيد للعلم.
ت- مواكبة الابن منذ الولادة ولدى النشاة.
ث- البينة على ذلك، بمعنى شهادة عدلين على نسبة الأبناء الى الآباء.
ج- بيان المحقق الثقة عن ذلك.
ح- الاعتماد علة كتاب أو خط النسابة الثقة وعرضه على من يعرف نسبة الخط أو الكتابة اليه. هذا في الماضي، وأما اليوم فلا يختلق عن الماضي إلا في أمرين: الاول سجل الولادات والتي عادة تتم عبر الجهات الرسمية في المستشفيات، الثاني عبر المشاهدة والاعتماد على الثقات من بني قومه.
وهنا لابأس من الاشارة الى أن النسب في الجاهلية أو عند بعض الأقوام الذين سلكوا منهج الجاهلية يتم بالشكل التالي:
1- أن يولد المولود من الأب والأم وهذا أمرطبيعي.
2- أن يتبنى الزوجان طفلاً له أب وأم لم يعرف له والد ولا والدة، وهما لايكونان أبوين حقيقيين، وقد رفض الاسلام نسبته الى المتبني، وقد قال تعالى: (ادعوهم لآبائهم)(3)
3- أن يلصق الولد بالاب كما حصل لبعض الأمويين في الجاهلية.
4- أن يلحق الولد بالاب كما حصل لبعض الأمويين بعد الاسلام.
(1) من ذلكم صدام حسين التكريتي الذي أحكم العراق بالقوة ما بين 1399-1424هـ
(2) جاء في مقدمة بحر العلوم على كتاب عمدة الطالب للداودي: 16، أن أبي الحرب ابن المنقذي النسابة كان يرتشي على النسب.
(3) سورة الأحزاب، الآية:5.
(22)
5- أن تجزم الأم أنه لاحد الذين مارسوا معها الزنى فيلحق بها كما حصل لبعض الامويين في الجاهلية.
6- أن يستلحق اولد بالاب(1).
وهناك حالة أخرى لا ينسب فيها الرجل الى الوالدين ولكن يلحق بالقوم سواء بالولاء أو التفاهم وهذا ما حصل كثيراً في القبائل والعشائر، وهناك من التحق بعشيرة لأجل اللجوء خوفاً من الظالم، كما أن هناك حالات ظهرت في الفترات الاخيرة بعدما استحدثت سجلات للأحوال الشخيصة، وكذلك الحال بعدما اصدرت جوازات السفر، ما استدعى التثبت من المعلومات التي تتناسب مع الحالة السياسية، فعلى سيبل المثال يتهم الحاكم الظالم أحد مواطنيه الذي لا يرغب بوجوده في وطنه أنه لا ينتمي الى هذا القطر أو ذاك، فانه يضطر الى أن يلحق نفسه بعشيرة أخرى أو يتقمص اسم قبيلة مرضي عنها ليصبح منها حسب السجلات الرسمية، وإن كان في الواقع لا يمكن أن ينتسب اليها.
(1) راجع معالم أنساب الطالبيين:30.
(23)

الكتابة في النسب


إن الذين كتبوا في هذا العلم الشريف اتخذوا طريقتين لبيان الأنساب التي أرادوا بيانها، إذ ان بعضهم باختص بنسب قبيلة أو جماعة أوشريحة محددة، وبعضهم عمموا عملهم ولكنهم لم يختلفوا على الطريقة التي يتخذونها لبيان النسب، ولاشك أن إحدى الطريقتين متقدمة على الأخرى، فاحداهما هي ما يسمونها المبسوط ، والاخرى يسمونها المشجرة(1) ومؤدى كلتيهما واحد، فالاولى جاءت من البسط بمعنى ان يحرر أب القبيلة ثم يذكر أولاده واحداً بعد الآخر ويذكر كل واحد منهم بأولاده الى عصره ، وهذا ما عرف بالمبسوط، وقد يوجز أو يفصل فهذا شأنه وقراره، والثانية جاءت من الشجرة التي لها أغصان وجذع، وبالاحرى فانه يختصر الطريق حيث يرسم الجداول ويضع الجد الأعلى كجذع الشجرة ثم يمد منه أغصاناً كباراً وتتفرغ من كل غصن اغصان صغار وتتعلق بغصانها أوراقاً يضع فيها اسماء الاولاد من دون أن يذكر هذا ابن فلان أو اية تفاصيل اخرى، لان الخطوط هية التي تحدد الاباء والابناء وهذه الشجرة أخذت اشكالاً هندسية مختلفة، كما أن القسم الاخر له اساليب متنوعة لطرح الموضوع.
وقد اتخذ بعض النسابة الطريقة الأولى لبيان الأنساب بينما اختار اخرون الطريقة الثانية المشجرة وقليل منهم ساروا على المنهجين، ونحن هنا حاولنا أن نجمع ما أمكن بين الطريقتين مع مزيد من التطوير سواء في المبسوط أو المشجر، وذلك في زيادة التوضيح، اذ قد لا يمكن لدى
(1) كان القدامى يميزون بين المبسوط والمشجر، وقد جاء في المقدمة على كتاب عمدة الطالب: 16« الفرق بين المشجر والمبسوط أن المشجر بيتدئ فيه بالبطن الأسفل ثم يرتقي أباً فأباً الى البطن الأعلى، والمبسوط يبتدئ فيه بالبطن ثم ينحط ابنا فابناً الى البطن الاسفل».
(24)
رسم الشجرة بيان بعض الخصوصيات فلذلك تداركناها في الطريقة الأخرى.
ومما تجدر الاشارة اليه أن غالبية النسابة أغفلوا ذكر الأمهات والبنات، وذلك لان نسب الانسان فيما تعارفت عليه المجتمعات بشكل علم يرتكز على الآباء فقط دون الأمهات والبنات، واذا ماتطرق البعض كان مستثنى، نعم أن اليهود يهتمون بذكر الأمهات بل قد ينسبون الشخص الى الام ولكنهم اغفلوا البنات، ونحن في هذا المقام حاولنا جهد الامكان أن نذكر الأمهات والبنات ولكننا وجدنا في ذلك صعوبة بالغة وبالأخص بالنسبة الى اللائي أمهاتهن جوار وإماء، فانهم يغفلون عن ذكر أسمائهن فكيف بنسبهن، بل يكتفون – إن ذكروهن- باسم أم ولد، وربما ذكروا الجهة التي سبيت فيها، بمعنى أنها من أية منطقة جغرافية أو انها من أية قومية فقط.
(25)

 

المصلطحات


اصطلح علماء النسب على وضع بعض المفرادات لأجل الاختصار لدى حديثهم عن الشخصيات بما يتعلق بالانساب، واليك بعض ما حصلنا عليه:
درج:بمعنى مات ولا ولد له، وغالبا ما يتسخدم لمن مات صغيراً ولم يتزوج.
العقب: بمعنى أن نسل الرجل من ابنه هذا دون غيره.
عقبة من: لايختلف عن قولهم (العقب من).
أعقب مِن: بمعنى ان عقبه لاينحصر فيه بل فيه وفي غيره.
أقعد: أقرب الاحفاد قربا للجد الأعلى.
أولد: بمعنى أعقب.
ولد: بمعنى أولد وأعقب.
انقرض: بمعنى كان له عقب ولكن انقرض عقبه.
قُعْدُدْ: بمعنى أنه أصغر الاولاد، وربما أرادوا بذلك أنه أقرب الرجال الى الجد الأعلى.
قعيد النسب: بمعنى قُعْدُدْ.
عريق النسب: بمعنى أن أمه من الهاشمين وأمها كذلك.
أعرق النسب: من كان أكثر مما سبق من حيث الأمهات الهاشميات.
لغير رشدِه: بمعنى ولد من نكاح فاسد.
دعِي: بمعنى أنه ليس ابن أبيه ولكنن نسب اليه، أي أنه تبناه، وبالتالي فهو ليس من ذريته، وقد بعبر عنه بأنه من الادعياء.
(26)
لا بقية له: بمعنى له بقية الا أنها قليلة.
مُكثر: بمعنى طال ذيلهم أي نسلهم.
فيه حديث: بمعنى مطعون في نسبه، أي فيه كلام أن يكون ابن من نسب اليه.
له حديث: لايختلف عما قبله.
اُسقط: بمعنى أنه أخرج من نسب العلويين لعدم اتصاله بهم أو لأنه لا يناسبهم في العمل، أي أنه سيئ العمل ولاينفى عنه النسب.
أم ولد: بمعنى أن اُمًه أمَة (عبدة).
فتاة: يراد بها أمه (عبدة).
سبيًة: لايختلف عما سبق.
مولاة: لايختلف عما سبق.
ذات يمين: لا يختلف عما سبق.
ميناث: بمعنى انه ليس له ذكور.
الحفيد: هو ابن الابن، والحفيدة هي بنت الابن.
السبط: هو ابن البنت، والسَبطة هي بنت البنت.
التبني: بمعنى أنه ليس بابنه من النسب بل لغيره، ولكن ارتضاه ابناً له.
بالولاء: بمعنى أنه ليس من هذه القبيلة ولكنه عبد أدخل في قبيلة المولى.
ورغم استخدام أهل النسب هذه المصطلحات الا اننا لم نستخدمها الا بمعناها اللغوي ليسهل على القارئ أولاً، ولاننا الزمنا أنفسنا بأن لا نتجاوز أكثرمن عشرر طبقات صعوداً وعشر نزولا ثانيا، حيث جعلنا الامام الحسين عليه السلام محوراً، وفي الجداول استخدمنا حرف العين(ع) لمن له عقب حتى من رجل، وحرف القاف (ق) لمن لم يكن له ولد.
وهناك اصطلاحات أخرى تستخدم في مراتب الصحة والقبول وهي كالتالي:
(27)
أ- صحيح النسب: وهو الذي ثبت نسبه دون خلاف بصحة نسبه.
ب- مقبول النسب: وهو الذي لم يثبت عدم صحة نسبه أو أن البعض انكره.
ت- مشهور النسب: وهو الذي اشتهر بين الناس وشاع بذلك النسب.
ث- مردود النسب: وهو الذي دُعي الى هذه القبيلة، أي ليس منهم ويدعي أنه منهم.
ج- مقطوع النسب: وهو الذي اتصل نسبه الى مقدار معين ثم انقطع، وربما اتصل ثانية.
ح- مطعون النسب: وهو الذي لم يُرد نسبه، ولكن هناك من طعن بصحة نسبه.
(28)