المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 224

زيد بن أرقم قولاً لو سمعه ابن زياد لقتله ! .
قال : فقلت : ما قال ؟ .
قالوا : مرّ بنا وهو يقول : « ملك عبدٌ عُبدا ، فاتخذهم تلدا ، أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة ، فهو يقتل خياركم ، ويستعبد شراركم ، فرضيتم بالذل ، فبُعداً لمن رضي بالذل » (20) .
وأدخلت السبايا عليه وكن في حالة يرثى لها من الأرهاق والعناء والألم ، وكانت في الطليعة زينب وهي تلبس أرذل الثياب ، وقد تنكرت وانحازت الى ناحية من المجلس تحف بها النساء المسبيات .
وابن زياد يعلم مكانة السيدة زينب في البيت العلوي ، لذلك اراد ان يصوب اليها بسهام الشماتة ، وأن يتلذذ باذلالها في مجلسه وأمام الملأ .
فالتفت نحوها قائلاً : من هذه الجالسة ؟ .
فلم تكلمه استهانة به ، واحتقاراً لشأنه .
وأعاد السؤال مرة ثانية وثالثة دون أن يظفر منها بجواب ، الا أن احدى السيدات المسبيات انبرت اليه مجيبة .
هذه زينب ابنة فاطمة بنت رسول الله .
وانفعل ابن زياد مع ترفع السيدة زينب عن اجابته واندفع يخاطبها غاضباً متشمتاً : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم ! ! .
ومع أن السيدة زينب كانت تحبذ التسامي والتعالي على حقارة ابن زياد ، وأن لا تدخل معه في حديث استهانة به . . الا أن الموقف كان يتطلب من السيدة زينب ممارسة دورها الرسالي في الدفاع عن ثورة أخيها الحسين ، وتأكيد موقعية أهل بيتها العظيمة في الأمة ، وتمزيق هالة السلطة والقوة التي أحاط بها ابن زياد

(20) ( تاريخ الأمم والملوك ) الطبري ج 6 ص 262 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 225

نفسه ، لذلك بادرت الى الرد عليه قائلة :
« الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد ، وطهرنا من الرجس تطهيراً إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، وهو غيرنا يا ابن مرجانة » .
وما كان ابن زياد يتوقع هذا الرد الشجاع القوي من امرأة تعيش أفظع مأساة ، وأسوأ حال ، فأراد أن يلفتها الى مأساتها ومصيبتها حتى تفقد جرأتها وتنهار معنوياتها ، فقال لها متشفياً :
فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك ؟ .
لكن العقيلة أفشلت محاولته وانطلقت تجيبه بكل بسالة وصمود :
« ما رأيت الا جميلاً ، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجهم وسيجمع الله بينك وبينهم ، فتحاج وتخاصم ، فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا ابن مرجانه ! ! » .
إنه لموقف ايماني بطولي عظيم يندر أن يحتفظ تاريخ البشرية بمثيل له : لقد تجاوزت السيدة زينب بارادتها وبصيرتها النافذة كل ما أحاط بها من الآم الماساة ، ومظاهر قوة العدو الظالم ، ولم تبال بجبروته وعساكره ، بل جابهته بالتحدي وجهاً لوجه أمام أعوانه وجمهوره ، معلنة أنها لا يساورها أي شعور بالهزيمة والهوان ، فما حدث لأسرتها شيء جميل بمنطق الرسالة التي يحملونها ، والمسألة لا تعدو أن تكون استجابة لأمر الله ( تعالى ) الذي فرض الجهاد ضد الظلم والعدوان ، وهي واثقة أن المعركة بدأت ولم تنته ، ونهايتها الحاسمة يوم القيامة بين يدي الله وهناك سيكون النصر الحقيقي حليفاً لها ولأسرتها الكريمة .
ثم تختم كلامها بالدعاء بالهلاك للطاغية المتجبر أمامها مخاطبة له « ثكلتك أمك يابن مرجانة » .
وكان ردها عليه قاسياً شديداً أسقط هيبته الزائفة في أعين الحاضرين جميعاً ، بل حطم كبرياءه وغروروه ، واستبد به الغضب متوعداً السيدة زينب بالعقوبة والتنكيل . . فتدارك الموقف عمرو بن حريث ليخفف من غلواء غضب ابن زياد

المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 226

قائلاً :
أصلح الله الأمير إنما هي أمرأة ! وهل تؤاخذ المرأة بشيء من منطقها ؟ إنها لا تؤاخذ بقول ولا تلام على خطل ! .
فتراجع ابن زياد عن تهديده بالعقوبة والتنكيل الجسدي مستبدلاً به العقاب النفسي حيث توجه الى السيدة زينب ليلذع قلبها بعبارات الشماتة والتشفي قائلاً :
« لقد شفى الله قلبي من طاغيتك والعصاة المردة من أهل بيتك ، فأثار بهذا الكلام شجون السيدة زينب ، وأشعل الحزن والألم في قلبها ، ولعها أرادت حينئذٍ استخدام سلاح العاطفة وإعلان المظلومية فأجابته بلوعة وأسى .
« لعمري لقد قتلت كهلي ، وأبدت أهلي ، وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي ، فإن يشفك هذا فقد أشتفيت » .
وشعر ابن زياد بالضعف والصغار أمام منطق العقيلة زينب فغير دفة الحديث قائلاً : هذه سجاعة ، لعمري لقد كان أبوها سجاعاً شاعراً .
فردته السيدة زينب بقولها : « إن لي عن السجاعة لشغلاً ما للمرأة ما للمرأة والسجاعة » (21) .
ونقل السيد المقرم عن ( الكامل في التاريخ ) للمبرد ( ج 3 ص 145 ) طبع سنة : 1347 ه قوله : لقد أفصحت زينب بنت علي وهي أسن من حمل الى ابن زياد ، وأبلغت ، وأخذت من الحجة حاجتها .
فقال ابن زياد لها : إن تكوني بلغت من الحجة حاجتك فقد كان أبوك خطيباً شاعراً .
فقالت : ما للنساء والشعر ! .

(21) ( تاريخ الأمم والملوك ) الطبري ج 6 ص 262 263 . و ( الكامل في التاريخ ) ابن الأثير ج 4 ص 81 و ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 343 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 227

وكان ابن زياد ألكناً يرتضخ الفارسية (22) .

تأثير زينب والسبايا في الكوفة

كان هدف السلطة الأموية من التشهير بسبايا أهل البيت ارعاب الناس حتى لا يفكر أحد في معارضة السلطة أولاً ، وتعبئة الجمهور ضد الإمام الحسين وثورته ثانياً ، باظهاره خارجياً متمرداً قد شق عصا المسلمين طمعاً في السلطة والحكم .
لكن وجود العارفين بفضل أهل البيت في الأمة ، والحالة المأساوية للسبايا والتي كانت تثير مشاعر التعاطف معهم ، والدور الرسالي الذي قامت به السيدة زينب في الإعلام الصادق للثورة الحسينية وكذلك الإمام زين العابدين وبعض نساء العائلة الحسينية كأم كلثوم وفاطمة بنت الحسين . . كل ذلك أفشل مخطط السلطة بل وجعل آثاره ونتائجه معكوسة ، حيث تأججت روح الثورة والرفض في أوساط الجماهير المسلمة ضد السلطة ، وتعاطف الناس مع أهل البيت ( عليهم السلام ) .
ففي الكوفة ينقل لنا التاريخ بعض الأحداث والمشاهد الرافضة لسياسات السلطة الأموية والمتعاطفة مع أهل البيت على إثر دخول السبايا .
وقد تحدث راوي خطاب السيدة زينب عن تأثير خطابها على الناس كما سبق .
وحينما خطبت السيدة فاطمة بنت الحسين على صغر سنها فقد أثار خطابها مشاعر الناس « فارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب وقالوا : « حسبك يا ابنة الطاهرين فقد حرقت قلوبنا وأنضجت نحورنا وأضرمت أجوافنا » (23) .
وعلى أثر خطاب السيدة أم كلثوم أيضاً : « ضج الناس بالبكاء ونشرن الشعور

(22) ( مقتل الحسين ) المقرم ص 325 .
(23) المصدر السابق ص 315 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 228

وخمشن الوجوه ، ولطمن الخدود ، ودعون بالويل والثبور ، ولم ير أكثر باك ولا باكية من ذلك اليوم » (24) .
ولما سمع الناس خطاب الإمام علي بن الحسين قالوا بأجمعهم : « نحن يا ابن رسول الله سامعون مطيعون ، حافظون لذمامك ، غير زاهدين فيك ، ولا راغبين عنك ، فمرنا بأمرك يرحمك الله ، فإنا حرب لحربك ، وسلم لسلمك ، نبرأ ممن ظلمك وظلمنا » (25) .
وزيد بن أرقم وهو صحابي معروف أعلن احتجاجه واعتراضه على ابن زياد لما رأى عبثه برأس الحسين ( عليه السلام ) كما سبق .
وكان في مجلس ابن زياد رجل من بكر بن وائل يقال له جابر ، آلمه ما حصل لأهل البيت وأذهلته التصرفات الطائشة لابن زياد ، فانتفض معلناً معلناً معارضته ، وهو يقول مخاطباً ابن زياد : « لله عليّ أن لا أصيب عشرة من المسلمين خرجوا عليك الا خرجت معهم » (26) .
من أهم مواقف الرفض والمعارضة التي برزت في الكوفة ذلك اليوم ، انتفاضة عبدالله بن عفيف الأزدي الغامدي ، وكان ضريراً ذهبت احدى عينيه يوم الجمل ، والأخرى بصفين مع الإمام أمير المؤمنين وكان لا يفارق المسجد يتعبد فيه .
وعند دخول السبايا الى الكوفة اعتلى عبيدالله بن زياد منبر مسجد الكوفة ليعلن فرحته وانتصاره بمقتل الحسين قائلاً :
« الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ، ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه ، وقتل الكذاب ابن الكذاب » الحسين بن علي وشيعته ! .

(24) المصدر السابق ص 316 .
(25) المصدر السابق ص 317 .
(26) ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 343 ، نقلاً عن ( مرآة الزمان في تواريخ الأعيان ) ص 98 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 230

وحينما طرقت هذه الكلمات الفاجرة مسامع عبدالله بن عفيف ، انفتل من عبادته وصاح بابن زياد من وسط المسجد غاضباً :
ياابن مرجانة الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك ، والذي ولاك وابوه ، ياابن مرجانة ، أتقتلون أولاد النبيين ، وتتكلمون بكلام الصديقين ؟ ! .
وطاش لب الطاغية ، فقد كانت هذه الكلمات كالصاعقة على رأسه فصاح بأعلى صوته : من هذا المتكلم ؟ .
فأجابه ابن عفيف بكل شجاعة وبسالة : أنا المتكلم يا عدو الله أتقتلون الذرية الطاهرة التي أذهب الله عنهم الرجس ، وتزعم أنك على دين الإسلام ؟ واغوثاه أين أولاد المهاجرين والأنصار ؟ لينتقموا من طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين .
فصاح ابن زياد وقد امتلأ غضباً : عليّ به .
فبادرت الجلاوزة لإلقاء القبض عليه ، فنادى بشعار أسرته « يا مبرور » وكان في المجلس سبعمائة رجل من الأزد ، وثبوا اليه وأنقذوه من أيدي الجلاوزة ، ثم حصلت مناوشات بين جنود ابن زياد وأسرة عبدالله بن عفيف انتهت بإلقاء القبض عليه ، وأمر ابن زياد بقتله وصلبه (27) .
وأشار الطبري الى مواقف مشابهة لموقف ابن عفيف ، قال : وثب اليه عبدالله بن عفيف الأزدي ، ثم الغامدي ، ثم أحد بني والبة (28) .
وحتى عائلة ابن زياد واسرته ظهرت في اوساطهم أصوات ومواقف رافضة لقتل أهل البيت ، حيث ينقل عن أم عبيدالله بن زياد وهي مرجانة أنها سخطت عليه ووبخته قائلة :

(27) ( تاريخ الأمم والملوك ) الطبري ج 6 ص 263 . ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 348 .
(28) ( تاريخ الأمم والملوك ) الطبري ج 6 ص 263 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 230

يا خبيث قتلت ابن رسول الله لا رايت وجه الله أبداً (29) .
وأخوه عثمان بن زياد أيضاً أعلن رفضه وانكاره لما حصل وخاطب أخاه عبيدالله بن زياد معنفاً .
والله لوددت أنه ليس من بني زياد الا وفي أنفه خزامة الى يوم القيامة وان الحسين لم يقتل (30) .

(29) ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 358 نقلاً عن عدة مصادر .
(30) ( تاريخ الأمم والملوك ) الطبري ج 6 ص 268 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 231

في مجلس يزيد

وكان موقف السيدة زينب في مجلس يزيد بن معاوية من اروع مواقف الدفاع عن الحق ، وتحدي جبروت الطغيان والظلم .
فيزيد بن معاوية كان أمامها متربعاً على كرسي ملكه ، وفي أوج قوته ، وزهو انتصاره ، تحف به قيادات جيشه ، ورجالات حكمه ، وزعماء الشام ، وتشير الروايات التاريخية الى حضور بعض الدبلوماسيين الأجانب كرسول قيصر ملك الروم ، وبالتالي فقد كان يزيد حريصاً على التمتع بكامل هيبته ، والظهور بأعلى درجات القوة والسيطرة .
وتعرف السيدة زينب فظاظة يزيد وغلظته ، وتهوره في القمع والأرهاب ، وإن أي استفزاز له يمكن أن يدفعه الى أسوأ الأجراءات فليس له رداع من دين أو عقل .
كما أن أجواء المجلس كانت مهيأة ومعدة ليكون الإجتماع مهرجاناً للأحتفال بانتصار الحاكم على ثورة أهل البيت .
من ناحية أخرى فقد كانت السيدة زينب في ظروف بالغة القسوة والشدة ، جسدياً ونفسياً ، فهي لا تزال تعيش تحت وطأة الفاجعة وتأثيرها الهائل على

المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 232

أحاسيسها ومشاعرها ، ولأجواء الشماتة والأذلال التي استقبلتها في الشام وقع كبير على نفسها ، ومجرد حضورها سبية أسيرة في مجلس عدو ظالم حاقد قد ارتضع وتوارث عداء أسرتها منذ عهود وعقود ، وهي من هي في خدرها وصونها وعزها ، إن ذلك وحده كفيل بتحطيم المعنويات وهزيمة الروح .
وجسدياً فإن السفر كان مرهقاً وشاقاً ، حيث كان السير حثيثاً تنفيذاً لرغبة السلطة في الوصول بأسرع وقت الى الشام ، ومراكب السفر وهي الجمال لم تتوفر لها أدنى وسائل الراحة التي اعتادها المسافرون في ذلك الزمن .
والمرافقون العسكريون لقافلة السبايا كانوا جفاة صلفين في تعاملهم مع النساء والأطفال كزجر بن قيس وشمر بن ذي الجوشن ، حيث يقذفون السبايا بالشتم والسب ويضربونهم بالسياط لأدنى مناسبة .
وعامل الجوع والعطش كان له دور في انهاك السيدة زينب وارهاقها حيث كان الجنود يقترون على السبايا في الطعام والشراب ، مما يدفع السيدة زينب للتنازل عن حصتها لسد جوع وعطش الأطفال ، متحملة مضاضة الجوع والعطش .
ويصف الأستاذ عبد الباسط الفاخوري حالة قافلة السبايا الى الشام بقوله : « ثم إن عبيدالله جهز الرأس الشريف وعلي بن الحسين ومن معه من حرمه بحالة تقشعر منها ومن ذكرها الأبدان ، وترتعد منها مفاصل الأنسان بل فرائص الحيوان » (31) .
اضافة الى كل ذلك فقد أحيط دخول السبايا الى الشام وحضورهم في مجلس يزيد باجراءات بالغة الصعوبة قصد منها ايقاع أكبر قدر من الأذلال والهوان بنفوس السبايا .
وقبل ادخالهم على يزيد أوقفوهم فترة على درج باب المسجد حيث مكان ايقاف سبي الكفار ، ثم أتوا اليهم بحبل أوثقوهم به كتافاً وقد كانت بداية الحبل في عنق

(31) ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 367 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 233

علي بن الحسين ونهايته في عنق السيدة زينب ، كما تربق الأغنام ، وساقوهم باذلال ، وكلما قصروا عن المشي ضربوهم بالسياط ، والسبايا يكبرون ويهللون ، حتى أوقفوهم بين يدي يزيد في مجلسه وهو متربع على سريره ، فالتفت اليه علي بن الحسين قائلاً : « ما ظنك بجدنا رسول الله لو يرانا على مثل هذه الحالة » ؟ .
فتأثر يزيد ولم يبق أحد في مجلسه الا وبكى ، وأمر يزيد بالحبال فقطعت (32) .
ودعا يزيد برأس الحسين ووضعه أمامه في طست من ذهب (33) ومع يزيد قضيب فهوى ينكت به في ثغره ثم قال : إن هذا وإيانا كما قال الحصين بن الحمام المرى :
يفلقن هاماً من رجال أحبّة الينا وهم كانوا أعق وأظلما

فقام رجل من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقال له « أبو برزة الأسلمي » فقال : أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين ؟ أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً لربما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يرشفه ! أما انك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك ، ويجيء هذا يوم القيامة ومحمد ( صلى الله عليه وسلم ) شفيعه .
ثم قام فولى (34) .
وتمادى يزيد في اظهار شماتته وفرحه وصرح بما في مكنون نفسه من انه ينتقم من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومن أهل بيته حيث صار يتمثل بابيات شعر لعبدالله بن الزبعرى جاء فيها :
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل


(32) ( مقتل الحسين ) المقرم ص 350 . ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 376 .
(33) ( مقتل الحسن ) المقرم ص 354 .
(34) ( تاريخ الأمم والملوك ) الطبري ج 6 ص 267 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 234

لأهلوا واستهلوا فرحاً ثم قالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم وعدلناه ببدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف ان لم أنتقم من بني أحد ما كان فعل

وسمعت العقلية زينب ترنم يزيد بهذ الأبيات ، التي يعلن فيها كفره بالرسالة والوحي ، وإن دافعه الى قتل أهل البيت هو الأنتقام وأخذ ثأر قتلى المشركين في بدر ، ورأته كذلك يعبث برأس أخيها الحسين . . هنا قررت السيدة زينب أن تتحمل مسؤليتها في مواجهة هذا الكفر الصريح ، وأن تمارس دورها الرسالي في اعلان الحق ، فتفجر بركان ارادتها الأيمانية ، ووقفت خطيبة قائلة :
« الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على رسوله وآله أجمعين ، صدق الله ( سبحانه ) حيث يقول : «ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ اَّلَّّذِينَ أَسَائُوا السُّوأَى َأن كَذَّبُوا بِئآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِءُونَ »(36) .
أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء ، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى . أن بنا على الله هواناً ، وبك عليه كرامة ؟ .
وأن ذلك لعظم خطرك عنده ؟ فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك ، جذلان مسرورا ، حين رأيت الدنيا لك مستوسقه ، والأمور متسقة ، وحين صفالك ملكنا وسلطاننا فمهلاً مهلاً ، لا تطش جهلاً ، أنسيت قول الله ( تعالى ) «وَلاَ يََحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَاَدُوا إِثْمَاًً وَلَهًمْ عَذَابُ مُّهِينٌ »(37) .

(36) سورة الروم آية 10 .
(37) سورة آل عمران أية 178 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 235

أمن العدل يابن الطلقاء ! .
تخديرك حرائرك واماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا ، قد هتكت ستورهن ، وأبديت وجوههن ، تحدوبهن من بلد الى بلد ، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل ، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد ، والدني والشريف ، ليس معهن من حماتهن حمي ، ولا من رجالهن ولي ؟ .
وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ، ونبت لحمه من دماء الشهداء ؟ .
وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنآن ، والإحن والأظفان ؟ .
ثم تقول غير مستأثم ولا مستعظم :
لأهلوا وأستهلوا فرحاً ثم قالوا يا يزيد لا تُشل

منحنياً على ثنايا أبي عبدالله سيد شباب أهل الجنة ، تنكتها بمخصرتك ، وكيف لا تقول ذلك ؟ وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذرية محمد ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب .
وتهتف بأشياخك ، زعمت أنك تناديهم ، فلتردن وشيكاً موردهم ، ولتودّنّ أنك شللت وبكمت ، ولم تكن قلت ما قلت وفعلت .
اللهم خذ لنا بحقنا ، وانتقم ممن ظلمنا ، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا .
فهوالله ما فريت الا جلدك ، ولا حززت الا لحمك ، ولتردن على رسول الله بما تحملت من سفك دماء ذريته ، وانتهكت من حرمته في ذريته ولحمته ، حيث يجمع الله شملهم ، ويلم شعثهم ، ويأخذ بحقهم : « وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الَّلهِ أَمْوَاتَاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِهِم يُرزَقُونَ »(38) .

(28) سورة آل عمران آية 169 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 236

وحسبك بالله حاكماً ، وبمحمد خصيماً وبجبرئيل ظهيراً .
وسيعلم من سوّل لك ، ومكنك من رقاب المسلمين «بِئْسَ لِلّظَالِمِينَ بَدَلاً »(39) أيّكم «شَرٌ مَكَانَاً وَأَضْعَفُ جُنْدَاً »(40) ؟ .
ولئن جرت عليّ الدواهي مخاطبتك ، إني لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك ، لكن العيون عبرى ، والصدور حرى ! ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء ! ! فهذه الأيدي تنطف من دمائنا ، والأفواه تتحلب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي ، تنتابها العواسل ، وتعفرها أمهات الفراعل ! ! ولئن اتخذتنا مغنماً ، لتجدنا وشيكاً مغرماً ، حين لا تجد الا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد ، والى الله المشتكى وعليه المعول .
فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا يرحض عنك عارها .
وهل رأيك الا فند ؟ وأيامك الا عدد ؟ وجمعك الا بدد ؟ .
يوم ينادي المنادي : ألا لعنة الله على الظالمين .
والحمد لله رب العالمين ، الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة ، والرحمة ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلافة ، إنه رحيم ودود ، وحسبنا الله ونعمة الوكيل » (40) .

(39) سورة الكهف آية 50 .
(40) سورة مريم آية 75 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 237

تأملات في الخطاب

إن خطاب السيدة زينب ( عليها السلام ) في مجلس يزيد يعتبر وثيقة فكرية سياسية تسلط الأضواء على خلفيات المعركة بين أهل البيت والأمويين كما تناقش بعض التفاصيل والقضايا الهامة في تلك المعركة ، وتقدم استشرافاً وتصوراً مستقبلياً لآثار المعركة ونتائجها .
ونشير فيما يلي الى أبرز وأهم آفاق هذا الخطاب الرائع العظيم :

أولاً : المعركة في منظار القيم والمبادئ

فالأمويون وان كانوا يتظاهرون بالأسلام ، ويحكمون باسمه ، الا أنهم يتعاملون مع الحياة ، وينظرون للأمور حسب المعادلات المادية ، وضمن دائرة المصالح الدنيوية العاجلة بعيداً عن القيم والمبادئ .
ويريدون لجمهور الأمة أن ينظر الى واقعة كربلاء من منظارهم المادي الجاهلي ، حيث يصرح يزيد بأنه قد قام بأخذ ثارات بدر ومعارك الإسلام الأولى ضد أسلافه المشركين ، والمسألة في نظر الأمويين لا تعدو أن تكون دفاعاً عن عرش السلطة وكرسي الحكم ، وهو أمر مشروع بالعقلية المصلحية .
ويرى الأمويون أن القوة التي بأيديهم ، والأنتصارات التي أحرزوها ، تكفي

المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 238

دليلاً على أحقيتهم وشرعيتهم كواقع يفرض نفسه .
وفي مواجهة هذا المنطق الأموي المادي الأنتهازي كانت السيدة زينب في خطابها تؤكد على الرجوع الى القيم والمبادئ الدينية والأحتكام اليها في تقويم الواقع وتفسير أحداثه ، فلابد من محاكمة ما يجري على ضوء كتاب الله ، والنظر الى المعركة من خلال الرؤية الدينية التي يريد الأمويون تغييبها والغاءها في واقع حياة المسلمين .
لذلك تذكر يزيد بن معاوية بأن لا ينظر الى نفسه من خلال ما يملك من قوة وسلطة : « أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء » . فليس في ذلك دلالة على الأحقية والمشروعية والرضا الآلهي ، فقد يفسح الله المجال واسعاً أمام الكافرين لتتضاعف قوتهم وامكانياتهم دون أن يعني ذلك أحقيتهم أو رضا الله عنهم ، بل يكون ذلك سبباً لزيادة انحطاطهم وعذابهم عند الله .
والحسين وأهل بيته ليسوا مهزومين مغلوبين قد خسروا الحياة وابتلعهم الموت بل هم وفق مقياس المبادئ الآلهية شهداء خالدون وأحياء عند ربهم ، لأنهم قتلوا في سبيل الله .
واذا كانت المآسي قد حلت بأهل البيت فانهم يحتسبونها عند الله ، حيث لم تحدث لهم في سياق صراع دنيوي مصلحي وإنما لأنهم يحملون رسالة الله ويدافعون عن دينه ، وحسب المبادئ والقيم فهناك عدالة آلهية ، وهناك دار أخرى تكون فيها النتائج الحاسمة : « وحسبك بالله حاكماً وبمحمد خصيماً ، وبجبرئيل ظهيراً ولتردن على رسول الله » .
والصراع بين أهل البيت والأمويين في نظر السيدة زينب ليس صراعاً قبلياً على الزعامة ، بل هو مظهر وامتداد للصراع الأبدي الدائم بين الخير والشر ، بين حزب الله وحزب الشيطان .

المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 239

ثانياً : ادانة الجرائم الأموية

ففي مجلس يزيد وأمامه وبحضور أتباعه ومؤيديه ، أعلنت السيدة زينب الأدانة والأستنكار لما ارتكبه من جرائم بحق أهل البيت ، وأوضحت مظلومية أهل البيت وعمق مأساتهم بقتل رجالات أهل البيت ، وسوق نسائهم سبايا بتلك الحالة المفجعة ، وترك جثث أهل البيت دون مواراة . كما توبخه بشدة على أقواله التي تنضح كفراً وتشكيكاً في الدين ، وتعنفه على ما فعله برأس أخيها الحسين .
ومن يعرف مدى غرور يزيد وتجبره يدرك وقع هذا التوبيخ والأدانة على نفسه .
يقول المرحوم الأستاذ توفيق الفكيكي : وكان الوثوب على أنياب الأفاعي ، وركوب أطراف الرماح ، أهون على يزيد من سماع هذا الأحتجاج الصارخ(41) .

ثالثاً : الجذور العائلية الفاسدة

فسياسات يزيد المنحرفة ، ومواقفة الفاسدة ، لم تنطلق من فراغ ، وإنما هي امتداد واستمرار لسلوكيات أسلافه المشركين والمنافقين ، لذلك تذكره السيدة زينب بجدته « هند » أم معاوية وزوج أبي سفيان ، والتي قادت حملة التأليب والتحريض على قتال رسول الله والمسلمين ، وأغرت « وحشي » بقتل الحمزة بن عبد المطلب عم رسول الله ، ثم مثلت بجسمه وانتزعت كبده وحاولت مضغها بأسنانها ، اظهاراً لحقدها البشع ، وبغضها المتوحش لرسول الله وذويه ، ويزيد في اعتداءاته الأليمة على أهل البيت لم يأت بشيء غريب ، وإنما هو شر خلف لشر سلف ، تقول ( عليها السلام ) « وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء » .
وتتوعده السيدة زينب بأن مصيره هو مصير أسلافه عتبة وشيبة والوليد وانه

(41) ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 378 380 . ( مقتل الحسين ) المقرم ص 357 359 .
المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 240

لاحق بهم في نار جهنم : « وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم فلتردن وشيكاً موردهم » .

رابعاً : الأشادة بأهل البيت :


في مجتمع تربى على بغض أهل البيت ، وفي أجواء معباة ضد الأسرة العلوية ، ووسط مجلس انعقد للشماتة بمقتل الحسين ، تقف السيدة زينب صادحة بالحق ، مشيدة بفضائل أسرتها الكريمة .
فهي تخاطب يزيد معلنة للأمة أن هذه الدولة والكيان الاسلامي إنما أشادته سيوف بني هاشم ، وتضحيات آل الرسول بالدرجة الأولى « وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا » فأهل البيت هم القادة الحقيقيون لهذه الأمة وهم الأولى بالسلطة والحكم .
ولأهل البيت فضل عظيم على يزيد بالذات فأبوه وجده وأسرته هم طلقاء عفو رسول الله عند فتح مكة لذلك تخاطبه العقيلة : « أمن العدل يا ابن الطلقاء » .
أما شهداء كربلاء فتصفهم السيدة زينب بأنهم : « ذرية محمد ونجوم الأرض من آل عبد المطلب » وتذكر أخاه الحسين باعتباره : « سيد شباب أهل الجنة » .
وتعتز السيدة زينب بفضل اسرتها وأمجادها العظيمة قائلة : « والحمد لله رب العالمين الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة » .

خامساً : المستقبل لمن ؟

يتبختر يزيد بانتصاره على أهل البيت ، ويظن أنه كسب المعركة لصالحه ، ووسائل أعلامه تكرر وتجتر هذا الوهم على مسامع الناس ، لكن العقيلة زينب تسنف أوهامه ، وتسفه أحلامه ، وتقرر أمام مجلسه الحاشد أنه قد تلطخ بأوحال الهزيمة ، وسقط في حضيض الهوان ، وإن تظاهر بالنصر وتراءى له الظفر .
أنها تتحدى يزيد في أن يتمكن من تحقيق هدفه بطمس خط أهل البيت ، مهما جند من قواه واستخدم من قدراته : فكد كيدك واسع سعيك ، وناصب

المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي (ع) 241

جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا » فخط أهل البيت يمثل الحق والعدل ن ويجسد الوحي الآلهي ، وسوف تبقى البشرية متطلعة للحق والعدل وسوف يظهر الله دينه على الدين كله .
كما تظهر العقيلة سخريتها واحتقارها لمظاهر القوة التي أحاط بها يزيد نفسه :
« وهل رأيك الا فند ، وأيامك الا عدد ، وجمعك الا بدد » .
ورهان السيدة زينب على النصر وثقتها بالظفر ليس محجماً بحدود الدنيا الفانية ، بل تتطلع للآخرة هناك حيث عدالة الله ، وحيث تكون العاقبة للمتقين ، والنار والخزي للظالمين .

سادساً : العزة الأيمانية

تلك المرأة السبية الأسيرة التي سيقت الى مجلس يزيد مكتفة بالحبال ، تقف أمام الحاكم المتغطرس المتجبر صارخة به : « يا ابن الطلقاء » ومنذرة له : « ولتودّن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت » وداعية عليه : « اللهم خذلنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا ، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا » .
وتتحداه قائلة : « فوالله ما فريت الا جلدك ولا حززت الا لحمك » وتكرر تحديها له هاتفة : « فكد كيدك واسع سعيك » .
وبصراحة أوضح تبدي احتقارها له وأنها أكبر وأسمى من أن تكلمه أو تخاطبه لولا ما فرضته عليها الظروف فتقول : « ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك إني لاستصغر قدرك ، واستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك » .
فمن يداني ابنة علي في شجاعتها وعزتها وبطولتها ؟ .
إنها ابنة أبيها وهي تفرغ عن لسانه وروحه .
لذلك تحطمت كبرياء يزيد أمامها وانهار غروره ، وأصابته الحيرة والأرتباك ، فلم يزد أن تمثل بعد خطابها بقول الشاعر :

السابق السابق الفهرس التالي التالي