الاربعون حديثاً 75

وفي امالي الصدوق ، عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال : «من دخله العجب هلك» (1) وصورة هذا السرور ـ الحاصل من العجب ـ في البرزخ وما بعد الموت ، تكون موحشة ومرعبة للغاية ، ولا نظير لها في الهول .
واوضح ما يشير الى ذلك قول الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته لامير المؤمنين عليه السلام : «ولا وحدة اوحش من العجب» (2) .
سأل موسى بن عمران (على نبينا وآله وعليه السلام) الشيطان : «اخبرني بالذنب الذي اذا ارتكبه ابن آدم استحوذت عليه ، قال : اذ اعجبته نفسه ، واستكثر عمله ، وصغر في عينه ذبنه» (3) .
وقال : قال الله تعالى لداود عليه السلام : «يا داود بشر المذنبين وانذر الصدّيقين» . قال : يا رب كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين ؟ قال : «يا داود بشر المذنبين اني اقبل التوبة واعفو عن الذنب . وانذر الصديقين الا يعجبوا باعمالهم ، فانه ليس عبد انصبه للحساب الا هلك» (4) اعوذ بالله تعالى من المناقشة في الحساب التي تهلك الصديقين ومن هو اعظم منهم .
ينقل الشيخ الصدوق في (الخصال) مسندا الى الامام الصادق ان الشيطان يقول : «اذا ظفرت بابن آدم في ثلاث فلا يهمني عمله بعد ذلك لانه لن يُقبل منه : اذا استكثر عمله ، ونسي ذنبه ، وتسرب اليه العجب» ! (4) .
وفضلا عما سمعت من مفاسد العجب ، فانه شجرة خبيثة ، نتاجها الكثير من الكبائر والموبقات . فعندما يتاصل العجب في القلب ، يجر عمل الانسان الى الكفر والشرك والى ما هو اعظم من ذلك .
ومن مفاسده استصغار المعاصي . بل ان ذا العجب لا ينهض لاصلاح نفسه ، ويظن ان نفسه زكية طاهرة ، فلا يطرأ على تفكيره ابدا ان يطهرها من المعاصي ، فستار الاعجاب بالنفس وحجابه الغليظ يحول بينه وبين ان يرى معايب نفسه . وهذه مصيبة ، اذ انها تحجز الانسان عن جميع الكمالات ، وتبتليه بانواع النواقص ، وتؤدي بعمل الانسان الى الهلاك الابدي ، ويعجز اطباء النفوس عن علاجه ....
ومن مفاسده الاخرى انها تجعل الانسان يعتمد على نفسه في اعماله ، وهذا ما يصبح سببا في ان يحسب الانسان الجاهل المسكين نفسه في غنى عن الحق تعالى ، ولا يلاحظ فضل

(1) وسائل الشيعة ، المجلد الاول ، الباب 3 من ابواب مقدمة العبادات ح 18 .
(2) وسائل الشيعة ، المجلد الاول ، الباب 23 من ابواب مقدمة العبادات ح 14 .
(3) اصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الايمان والكفر ، باب العجب ، ح 8 .
(4) خصال الصدوق ، باب الثلاثة ، ح 86 .
الاربعون حديثاً 75

الحق تعالى ، ويرى ـ بحسب عقله الصغير ـ ان الحق تعالى ملزم بان يعطيه الاجر والثواب ، ويتوهم انه حتى لو عومل بالعدل ايضا لاستحق الثواب ، وسياتي فيما بعد ذكر هذا الامر ان شاء الله .
ومن مفاسد العجب الاخرى ، ان ينظر الانسان باحتقار الى عباد الله ، ويحسب اعمال الناس لا شيء وان كانت افضل من اعماله ، وهذه وسيلة لهلاك الانسان ايضا ، وشوكة في طريق خلاصه ونجاته .
ومن مفاسده الاخرى ، انه يدفع الانسان الى الرياء ، لان الانسان بصورة عامة اذا استصغر اعماله ـ وجدها لا شيء ـ ووجد اخلاقه فاسدة ، وايمانه لا يستحق الذكر ، عندما لا يكون معجبا بنفسه ولا بصفاته ولا باعماله ، بل يرى نفسه وجميع ما يصدر عنها سيئا وقبيحا ، فلا يعرضها ولا يتظاهر بها ، فان البضاعة الفاسدة سيئة لا تصلح للعرض . ولكنه اذا راى نفسه كاملا واعماله جيدة ، فانه يندفع الى التظاهر والرياء ، ويعرض نفسه على الناس .
يجب اعتبار مفاسد الرياء المذكورة في الحديث الثاني من مفاسد العجب ايضا .
وهناك مفسدة اخرى هي ان هذه الرذيلة تؤدي الى رذيلة الكبر المهلكة ، وتبعث على ابتلاء الانسان بمعصية التكبر ـ وسياتي ان شاء الله ذكر الحديث عنها فيما بعد ـ .
وتبرز من هذه الرذيلة مفاسد اخرى ايضا بصورة مباشرة وغير مباشرة لكن شرحها يوجب التفصيل . فليعلم المعجب ان هذه الرذيلة هي بذرة رذائل اخرى ، ومنشا لامور يشكل كل واحد منها سببا للهلاك الابدي والخلود في العذاب . فاذا عرف هذه المفاسد بصورة صحيحة ولاحظها بدقة ، ورجع الى الاخبار الآثار الواردة بشانها عن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم واهل بيت ذلك القائد صلوات الله عليهم اجميعن ، فمن المحتم ان يعتبر الانسان نفسه ملزما بالنهوض لاصلاح النفس ، وتطهيرها من هذه الرذيلة واستئصال جذورها من باطن النفس ، لئلا ينتقل لا سمح الله الى العالم الآخر وهو بهذه الصفة ، وانه حينما يغمض عينيه المادية الملكوتية ، ويشرق عليه سلطان البرزخ والقيامة ، يرى ان حال اهل كبائر المعاصي افضل من حاله حيث غمرهم الله برحمته الواسعة بسبب ندمهم او بسبب ما كان لديهم من رجاء بفضل الله تعالى . واما هذا المسكين الذي راى نفسه مستقلا ، وحسبها في باطن ذاته غنية عن فضل الله ، فيرى بان الله تعالى حاسبه لذلك حسابا عسيرا ، واخضعه لميزان العدل كما اراد ، وافهمه بانه لم يقم باية عبادة لله تعالى ، وان جميع عباداته ابعدته عن الساحة المقدسة ، وان كل اعماله وايمانه باطل وتافه . بل وان تلك الاعمال والعبادات نفسها هي سبب الهلاك وبذرة العذاب الاليم وراس مال الخلود في الجحيم . الويل لم يعامله الباري تعالى بعدله ، فاذا ما عومل

الاربعون حديثاً 77

الناس مثل هذا التعامل ما نجا احد من الاولين والآخرين . ان مناجاة صفوة الله ـ من الانبياء والائمة المعصومين صلوات الله عليهم ـ مشحونة بالاعتراف بالتقصير والعجز عن القيام بالعبودية . وعندما يعلن افضل الكائنات واقربها الى الله رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم قائلا : «ما عرفناك حق معرفتك وما عبدناك حق عبادتك» فماذا سيكون حال سائر الناس ؟ ... نعم انهم العارفون بعظمة الله تعالى ، العالمون بحقيقة نسبة «الممكن» الى «الواجب» انهم يعلمون ، انهم لو قضوا جميع اعمارهم في الدنيا بالعبادة والطاعة والتحميد والتسبيح ، لما ادّوا شكر نعم الله ، فكيف يمكن اداء حق الثناء على ذاته وصفاته المقدسة ؟ ، انهم يعلمون ان ليس لموجود شيء . فالحياة والقدرة والعلم والقوة وسائر الكمالات الاخرى هي ملك لكماله تعالى ، و «الممكن» فقير ، بل فقر محض يستظل بظله تعالى ، وليس بمستقل بذاته . اي كمال يملكه «الممكن» بنفسه لكي يتظاهر بالكمال ؟ ، واية قدرة يمتلكها لكي يتاجر بها ؟ اولئك العارفون بالله وبجماله وجلاله شاهدوا شهود عيان نقصهم وعجزهم وشاهدوا كمال «الواجب» تعالى ، وانما نحن المساكين الذين قد ران حجاب الجهل والغفلة والعجب والمعاصي على قلوبنا وقوالبنا وغشى ابصارنا و اسماعنا وعقولنا وكافة قوانا المدركة بحيث اخذنا نستعرض عضلاتنا في مقابل قدرة الله القاهرة ، ونعتقد ان لنا استقلالا وشيئية بذواتنا .
ايها «الممكن» المسكين الجاهل بنفسك وبعلاقتك بالله ! ، ايها «الممكن» السيئ الحظ الغافل عن واجباتك ازاء مالك الملوك ! ان هذا الجهل هو سبب جميع ما يلحقك من سوء التوفيق ، وهو الذي ابتلانا بجميع هذه الظلمات والمكدّرات . ان الضياع قد ينشا من الاساس ، وان تلوث الماء يكون من المعين ، ان عيون معارفنا عمياء ، وقلوبنا ميتة ، وهذا سبب جميع المصائب ، مع كل ذلك لسنا حتى بصدد اصلاح انفسنا ! .
اللهم تفضل علينا بتوفيق التوبة ، وعرفنا انت بواجباتنا ، وتفضل علينا بنصيب من انوار معارفك التي ملات بها قلوب العرفاء والاولياء ، اظهر لنا احاطة قدرتك وسلطتك ، وعرفنا بنواقصنا . فهّمنا نحن المساكين الغافلين الذين ننسب جميع المحامد الى الخلق ، فهّمنا معنى «الحمد لله رب العالمين» ، عرّف قلوبنا بان ليست هناك محمدة من مخلوق . اظهر لنا حقيقة «ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك ...» (1) ادخل كلمة التوحيد الى قلوبنا القاسية الكدرة ، نحن اهل الحجاب والظلمة ، واهل الشرك والنفاق ، نحن الانانيون ، عبّاد النفس ، المعجبون بها ، اخرج من قلوبنا حب النفس وحب الدنيا ، واجعلنا عشاقا لله وعبّادا لك «انك على كل شيء قدير» .

(1) سورة النساء ، الآية : 79 .
الاربعون حديثاً 78

فصل
في بيان ان حب النفس اساس العجب

اعلم ان رذيلة العجب تنشأ من حب النفس ، لان الانسان مفطور على حب الذات ، فيكون اساس جميع الاخطاء والمعماصي الانسانية والرذائل الاخلاقية ، حب النفس . ولهذا فان الانسان يرى اعماله الصغيرة كبيرة ، وبذلك يرى نفسه من الصالحين ومن خاصة الله ويرى نفسه مستحقا للثناء ، ومستوجبا للمدح على تلك الاعمال الحقيرة التافهة ، بل ويحدث احيانا ان تلوح لنظره قبائح اعماله حسنة واذا ما راى من غيره اعمالا افضل واعظم من اعماله فلا يعيرها اهمية ، ويصف اعمال الناس الصالحة بالقبح ، واعماله السيئة القبيحة بالحسنة ، يسيء الظن بخلق الله ولكن يحسن الظن بنفسه ، وبسبب حبه لنفسه يرى بعمله الصغير الممزوج بآلاف القذارات المبعدة عن الله ، ان الله مدين له وانه يستوجب منه الرحمة .
فلنفكر الآن قليلا في اعمالنا الصالحة ولنحكّم العقل قليلا في الافعال العبادية الصادرة عنا ، ولننظر اليها بعين الانصاف ، لنرى هل اننا نستحق بها المدح والثناء والثواب والرحمة ، او اننا جديرون باللوم والعتاب والغضب والنقمة ؟ واذا ما احرقنا الله بسبب هذه الاعمال ، التي نراها حسنة ، بنار القهر والغضب ألا يكون ذلك عدلا ؟ ...
اني احكّمكم في هذا السؤال الذي اطرحه ، واريد منكم الجواب عليه بانصاف ـ بعد إعمال الفكر والتامل ـ . والسؤال هو انه اذا اخبركم الرسول الاكرم صلوات الله عليه وآله ، وهو الصادق المصدق ، انكم اذا عبدتم الله طوال عمركم واطعتم اوامره وتركتم شهوات النفس ورغباتها ، او تركتم عبادته وعملتم على خلاف توجيهاته سبحانه وتعالى وعلى اساس رغبات النفس وشهواتها طيلة حياتكم واذا اخبركم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بانكم سيّان ـ في كلتا الحالتين ـ لن تختلف درجاتكم في الآخرة . انكم على كل حال الناجون وستذهبون الى الجنة وتامنون من العذاب ، فلا فرق : حسب الفرض ـ بين ان تصلّوا او تزنوا ، ولكن مع ذلك يكون رضا الله تعالى في عبادته والثناء عليه وحمده ، والابتعاد عن الشهوات والرغبات النفسانية في هذا العالم ، مع عدم الاثابة على الطاعة . فهل كنتم تصبحون من اهل المعصية او من اهل العبادة ؟ هل كنتم تتركون الشهوات وتحرمون على انفسكم اللـذات النفسانية مـن اجل رضا الله تعالى والرغبة فيه ، او لا ؟ هل كنتم باقين من المتوسلين اليه تعالى بالمستحبات والجمعة والجماعات ؟ او كنتم تغرقون في الشهوات وتلازمون اللهو واللعب والملاهي وغير ذلك ؟ اجيبوا بانصاف ودون تظاهر ورياء . انني اعلن عن نفسي وعمن هو على شاكلتي بانّا نصبح من اهل المعصية ونترك الطاعات ونعمل بالشهوات النفسانية .

الاربعون حديثاً 79

وبعد ما تقدم نستنتج ان جميع اعمالنا هي من اجل اللذات النفسانية ومن اجل الاهتمام بالبطن والفرج . اننا عبّاد للبطن وعبّاد للشهوة ، ونترك لذة صغيرة ، للذة اعظم وان وجهة انظارنا وقبلة آمالنا هي فتح بساط الشهوة . ان الصلاة التي هي معراج القرب الى الله نؤديها قربة لنساء الجنة ولا علاقة لها بالقرب الى الله ، ولا علاقة لها بطاعة الامر ، وهي بعيدة آلاف الفراسخ عن رضا الله .
ايها المسكين الغافل عن المعارف الالهية ، يا من لا تفهم سوى ارادة شهوتك وغضبك ، انت المتوسل بالاذكار والاوراد والمستحبات والواجبات ، والتارك للمكروهات والمحرمات والمتخلق بالاخلاق الحسنة ، والمتجنب لسيئات الاخلاق ، ضع اعمالك امام عين الانصاف ، اتقوم بها لاجل الوصول الى الشهوات النفسانية والجلوس على سرر مطعّمة بالزبرجد ، ومعانقة الضحوكات والدعوبات في الجنة ، وارتداء الحرير والاستبرق ، والسكنى في القصور الفارهة الجميلات ، والوصول الى الاماني النفسية ؟ افينبغي ان تمن بهذه الاعمال وهي جميعا لاجل النفس ومن اجل عبادتها ، على الله وتعدّها عبادة الله ؟ هل يختلف حالكم عن ذلك الاجير الذي ينجّز عملا من اجل الاجر ، ثم يقول : انني انجزت ذلك العمل لاجل صاحب العمل فحسب ؟ افلا تكذبوه ؟
الستم كاذبين حينما تقولون : اننا نصلي تقربا الى الله تعالى ؟ الاجل التقرب الى الله هذه الصلاة او لاجل التقرب لنساء الجنة واشباع الشهوة ؟ اقولها صراحة ، ان جميع عباداتنا هذه لهي من كبائر الذنوب عند العرفاء بالله واولياء الله .
ايها المسكين ! انت في حضرة الله جل جلاله ، وفي محضر الملائكة المقربين ، تعمل خلاف رضا الله تعالى ، والعبادة التي هي معراج القرب من الله ، تؤديها لاجل النفس الامارة بالسوء ولاجل الشيطان ، وعندها لا تستحي ان تكذب في العبادة عدة اكاذيب في حضرة الرب والملائكة المقربين وتفتري عدة افتراءات ، وتمن وتعجب وتتدلل ايضا ، ولا تخجل بعد كل ذلك ! بماذا تختلف عبادتي هذه وعبادتك عن معصية اهل العصيان ، واشدها الرياء ؟ فالرياء شرك وقبحه ناشئ من انك لم تؤد العبادة لاجل الله . جميع عباداتنا شرك محض ولا اثر فيها للخلوص والاخلاص ، بل حتى ان رضا الله لا يشترك في الدافع الى انجاز هذه العبادة ، فهي لاجل الشهوات واعمار البطن والفرج فحسب .
ايها العزيز ، ان الصلاة التي تكون لاجل المرأة ، سواء اكانت في الدنيا ام في الجنة ، لا تكون لله ، الصلاة التي تكون من اجل الحصول على آمال الدنيا او آمال الآخرة ، لا علاقة لها بالله فلماذا اذا تتدلل الى هذا الحد ، وتنظر الى عباد الله بعين الاحتقار ، وتحسب نفسك من خواص الله تعالى ؟ ايها المسكين ! انت بهذه الصلاة مستحق للعذاب ومستوجب لسلسلة طولها

الاربعون حديثاً 80

سبعون ذراعا . فلماذا اذا تحسب نفسك دائنا لله ، وتهيأ لنفسك بهذا التدلل والعجب عذاباً آخر ؟ اعمل الاعمال التي امرت بها ، واعلم انها ليست لاجل الله ، واعلم ان الله يدخلك الجنة بتفضله وترحمه ، وان الله تعالى خفف عن عباده لضعفهم بالتجاوز عن نوع من الشرك واسدل عليه بغفرانه ورحمته حجاب ستره ، فحاذر ان يتمزق هذا الحجاب وليبق حجاب غفران الله على هذه السيئات التي اسميناها عبادة ، فاذا حدث لا سمح الله ان انطوت صفحتك هذه ورحلت من هذه الدنيا وجاءت صفحة العدل فان عفونة عبادتنا عندئذ لن تقل عن عفونة المعاصي والموبقات التي يرتكبها اهل المعصية . وقد اشرنا فيما مضى الى حديث ينقله ثقة الاسلام الكليني في كتاب (الكافي) بسنده الى الامام الصادق عليه السلام ، وهنا ننقل قسما من هذا الحديث بنصه تبركا وتيمنا : «عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الله عز وجل لداود عليه السلام : «يا داود بشر المذنبين وانذر الصدّيقين . قال : كيف ابشر المذنبين وانذر الصدّيقين ؟ قال : يا داود بشر المذنبين انّي اقبل التوبة واعفو عن الذنب وانذر الصدّيقين ان لا يعجبوا باعمالهم فانه ليس عبد انصبه للحساب الا هلك» (1) . لانه مستحق للعذاب ، وفق العدالة فان ثواب عبادات العبد لا تعادل شكر واحدة من نعمائه .
فاذا علمت ان الصدّيقين ، على الرغم من انهم مطهرون من الذنب والمعصية ، جميعا هالكون في الحساب ، فماذا نقول انا وانتم ؟ ... هذا كله عندما تكون اعمالي واعمالكم خالصة من الرياء الدنيوي ومن الموبقات والمحرمات وقلما يحصل لنا خلوص عمل من الرياء والنفاق .
وعليه اذا استدعى العمل العجب والتدلل والتغنج ، فافعل . واذا استدعى الخجل والتذلل والاعتراف بالتقصير فيجب عليك بعد كل عبادة ان تتوب من تلك الاكاذيب التي قلتها في حضرة الله تعالى ، ومما نسبته الى نفسك دون دليل . الا ترى ان عليك ان تتوب من قولك وانت تقف امام الله قبل الدخول في الصلاة : «اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما انا من المشركين (2)انّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين» (3) فهل وجوهكم متوجهة الى فاطر السماوات والارض ؟ هل انتم مسلمون وخالصون من الشرك ؟ هل صلاتكم وعبادتكم وحياتكم ومماتكم لله ؟ الا يبعث على الخجل ـ بعد هذا ـ ان تقولوا في الصلاة «الحمد لله رب العالمين» ؟ فهل حقا تقرّون بان المحامد كلها لله ؟ ، في حين انكم تقرّون بالحمد لعباده ، بل ولاعدائه ؟ ، اليس قولكم «رب العالمين» يكون كذبا لانكم تقرون في الوقت نفسه بالربوبية لغيره تعالى في هذا العالم ، افلا يحتاج ذلك الى التوبة والخجل ؟

(1) الكافي ، المجلد الثاني ، باب العجب ، ح 1 ص 314 .
(2) و (3) سورة الانعام ، الآية : 79 ، الآية : 162 .
الاربعون حديثاً 81

وحينما تقول «اياك نعبد واياك نستعين» فهل تراك تعبد الله ام تعبد بطنك وفرجك ؟ هل انت مطالب لله او للحور العين ؟ هل تطلب العون من الله فقط ؟ ان الشيء الذي لا ياخذ بعين الاعتبار في الاعمال هو الله ، وانت اذا ذهبت الى زيارة بيت الله ، فهل ان مقصدك ومقصودك هو الله ، وان مطلبك ومطلوبك هو صاحب البيت ؟ وهل قلبك مترنم بقول الشاعر :
وما حب الديار شغفنَ قلبي ولكن حب من سكنَ الديارا<

اباحث انت عن الله ؟ اتطلب آثار جمال الله وجلاله ؟ ألاجل سيد المظلومين تقيم العزاء ؟ ألاجله عليه السلام تلطم على راسك وصدرك ام لاجل الوصول الى آمالك وامانيك ؟ أهي بطنك التي تدفعك لاقامة مجالس العزاء ، وشهوة الظهور هي التي تدفعك للذهاب الى صلاة الجماعة ، وهوى النفس هو الذي يجرك للمناسك والعبادة ؟
فيا ايها الاخ ، كن حذرا تجاه مكائد النفس والشيطان ، واعلم انه لن يدعك ايها المسكين بان تؤدي عملا واحدا باخلاص ، وحتى هذه الاعمال غير الخالصة التي تقبلها الله تعالى منك بفضله ، لا يدعك ـ الشيطان ـ ان تصل بها الى الهدف ، فيعمل عملا تحبط به اعمالك كلها ، وتخسر حتى هذا النفع بسبب هذا العجب والتدلل في غير موقعه . وبغض النظر عن بُعد الوصول الى الله ورضاه ، فانك لن تصل الى الجنة ولا الى الحور العين ، بل تخلد في العذاب وتعذب بنار الغضب كذلك .
انت تظن انك بهذه الاعمال المتفسخة المتعفنة الهزيلة الممزوجة بالرياء وطلب السمعة والف مصيبة اخرى التي تحول دون قبول العبادات كلها ، تظن انك بها تستحق الاجر من الحق تعالى او انك اصبحت بها من المحبين المحبوبين . ايها المسكين الجاهل باحوال المحبين ! يا سيئ الحظ الذي لم يطلع على قلوب المحبين ، وعلى لهب شوقها تجاه الحق سبحانه ، ايها المسكين الغافل عن حرقة المخلصين ونور اعمالهم ! او تظن ان اعمالهم ايضا مثل اعمالي واعمالك ؟ او تتوهم ان ميزة صلاة امير المؤمنين عليه السلام عن صلاتنا انه عليه السلام كان يمد «الضالين» اكثر او ان قراءته اصح او ان سجوده اطول واذكاره واوراده اكثر ؟ او ان ميزة ذلك الرجل العظيم في انه كان يصلي عدة مئات من الركعات ليليا ؟ او تظن ان مناجاة سيد الساجدين علي بن الحسين هي مثل مناجاتي ومناجاتك ؟ وانه كان يتحرق ويتضرع ويتلظى بتلك الصورة من اجل الحور العين والكمثرى والرمان من نعم الجنة ؟
اقسم به صلوات الله وسلامه عليه (وانه لقسم عظيم) لو ان المحبين بعضهم كان ظهيرا لبعضهم الآخر ، وارادوا ان يتفوهوا كلمة (لا اله الا الله) مرة واحدة بمثل ما كان يقولها امير المؤمنين عليه السلام لما استطاعوا . فكم اكون تعيسا وشقيا ان لا اكون على خطى علي عليه السلام وانا من العارفين لمقام ولاية علي عليه السلام ؟ .

الاربعون حديثاً 82

اقسم بمقام علي بن ابي طالب عليه السلام ، لو ان الملائكة المقربين والانبياء المرسلين ـ عدا الرسول الخاتم الذي يكون مولى علي وغيره ـ ارادوا ان يكبروا مرة واحدة ، تكبيرا على غرار ما كان يكبر علي عليه السلام ، لما استطاعوا . واما الوقوف على قلوبهم فلا يعرف احد شيئا الا حملة تلك القلوب واصحابها ! .
فيا ايها العزيز ! لا تتباهى تقربك من الله ولا تبالغ في حبك له ، ايها العارف ، ايها الصوفي ، ايها الحكيم ، ايها المجاهد ، ايها المرتاض ، ايها الفقيه ، ايها المؤمن ، ايها المقدس ، ايها المساكين المبتلون يا سيئي الحظ المغلوبين بمكائد النفس وهواها ، ايها المساكين المبتلون بالآمال والاماني وحب النفس ، كلكم مساكين ، كلكم بعيدون فراسخ عن الاخلاص وعبادة الله ، لا تحسنوا الظن بانفسكم الى هذا الحد ، لا تتغنجوا ولا تتدللوا . اسالوا قلوبكم : هل تبحث عن الله ، ام تريد ذاتها ؟ هل هي موحدة وتطلب الواحد ام مشركة وتعبد اثنين ؟ فماذا يعني اذا كل هذا العجب ؟ ماذا يعني اذا التعالي بالعمل الى هذا الحد ؟ وهو اذا صحت جميع اجزائه وشروطه وخلا من الرياء والشرك والعجب وباقي المفسدات ، فهدفه الوصول الى اشباع شهوات البطن والفرج ، فما قيمته كي تنقله الملائكة ؟ هذه الاعمال من القبائح والفجائع ، وينبغي للانسان ان يخجل منها ويسترها ...
الهي ... بك نعوذ نحن المساكين من شر الشيطان والنفس الامارة بالسوء ، اللهم فاحفظنا من مكائدهما بحق محمد وآله .

الاربعون حديثاً 83

الحديث الرابع

الكِبَر


الاربعون حديثاً 84

بالسند المتصل الى محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبان ، عن حكيم ، قال : «سالت ابا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن ادنى الإلحاد ، فقال : الكبر ادناه» (1) .

(1) «اصول الكافي» المجلد الثاني ـ كتاب الايمان والكفر ـ باب الكبر ـ ح 1 .
الاربعون حديثاً 85

الشرح :


الكبر عبارة عن حالة نفسية تجعل الانسان يترفع ويتعالى على الآخرين . ومن اماراته تلك الاعمال التي تصدر عن الانسان ، والآثار التي تبدو منه بحيث يقال عنه انه متكبر . وهذه الصفة هي غير العجب ، بل هي ، كما سبق قوله ، صفة رذيلة وخبيثة ، وتنجم عن العجب ، لان العجب هو الاعجاب بالذات ، والكبر هو التعالي والتعاظم على الناس . فعندما يتوهم الانسان ان فيه صفة من صفات الكمال ، تنتابه حالة ، هي مزيج من السرور والتدلل والتغنج وغيرها . هذه هي صفة «العجب» ولكونه يرى الآخرين لا يملكون تلك الصفة التي يتوهمها في نفسه ، ينتابه شعور آخر هو تصور التفوق والتقدم ، وهذا يؤدي به الى التعاظم والترفع ، وهذه هي صفة «الكبر» .
ان كل هذه الحالات تكون في القلب وفي الباطن ، وتظهر آثارها على الظاهر ، في الملامح وفي الافعال وفي الاقوال . وبهذا يصبح الانسان مغرورا واذا ازداد غروره اصبح معجبا بنفسه ، وعندما يطفح اعجابه بنفسه يتعاظم ويترفع ويتكبر .
اعلم ان الصفات النفسانية ، سواء اكانت من صفات النقص والرذيلة ام من صفات الكمال والفضيلة ، فانها دقيقة ومبهمة جدا . ولهذا فان التمييز بينها والتعرف عليها يكون في غاية الصعوبة ، ولربما يقع الكثير من الاختلاف بين العلماء الاعلام عند تحديدها ، او انه يصعب وضع تعريف لهذه الصفة الوجدانية من دون ان تصيبها منقصة . لذلك فمن الخير ترك هذه الامور للوجدان نفسه ، وتحرير النفس من اصطناع المفاهيم حتى لا تتخلف عن الهدف المقصود باصطناع المفاهيم والمقاصد .
فلا بد ان ان نعرف ان للكبر درجات كالتي ذكرناها للعجب ، وتضاف اليها درجات اخرى كانت في العجب ايضا ، ولكنها لم تكن هناك مهمة فلم نذكرها ويكون ذكرها هنا مهما فنقول :

الاربعون حديثاً 86

اما الدرجات التي ورد شبيهها في العجب فهي ايضا ست :
1 ـ الكبر بسبب الايمان والعقائد الحقة . ويقابله الكبر بسبب الكفر والعقائد الباطلة .
2 ـ الكبر بسبب الملكات الفاضلة والصفات الحميدة . ويقابله الكبر بسبب الاخلاق الرذيلة والملكات القبيحة .
3 ـ الكبر بسبب العبادات والصالحات من الاعمال . ويقابله الكبر بسبب المعاصي والسيئات من الاعمال .
كل درجة من هذه يمكن ان تكون وليدة مثيلتها من درجات العجب ، وقد تكون وليدة سبب آخر سوف تاتي الاشارة اليه فيما بعد . اما الذي نحن بصدده هنا على وجه الخصوص فهو الكبر بسبب امور خارجية ، مثل الحسب والنسب والمال والجاه والرئاسة وغيرها . ولسوف نشير ان شاء الله خلال الفصول اللاحقة الى بعض مفاسد هذه الرذيلة وعلاجها قدر الامكان ، سائلين الله تعالى التوفيق لحصول تاثير ذلك فينا وفي الآخرين .


فصل
في بيان درجات الكِبَر

اعلم ان للكبر ، من منظور آخر ، درجات :
الاولى : التكبر على الله تعالى .
الثانية : التكبر على الانبياء والرسل والاولياء صلوات الله عليهم .
الثالثة : التكبر على اوامر الله تعالى ، وهذا يرجع الى التكبر على الله .
الرابعة : التكبر على عباد الله تعالى ، وهذا ايضا يراه اهل المعرفة راجعا الى التكبر على الله .
اما التكبر على الله فهو اقبحها واشدها هلكة وياتي على راس درجات الكبر ، وتراه في اهل الكفر والجحود ومدّعي الالوهية ، وقد تراه احيانا في بعض اهل الدين مما ليس من المناسب ذكره . وهذا هو منتهى الجهل وعدم معرفة «الممكن» حدود نفسه ، وعدم معرفة مقام «واجب الوجود» .
واما التكبر على الانبياء والاولياء ، فكثيرا ما كان يحصل في زمان الانبياء . قال تعالى على لسانهم :
«... انؤمن لبشرَين مثلنا ...» (1) .

(1) سورة المؤمنون ، آية : 47 .
الاربعون حديثاً 87

وقال تعالى على لسان آخرين منهم : ـ
«... لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم» (1) .
وفي صدر الاسلام وقع الكثير من التكبر على اولياء الله . وفي هذا الزمان ايضا نجد نماذج منه في بعض المحسوبين على الاسلام .
واما التكبر على اوامر الله فيظهر في بعض العاصين ، كان يمتنع احدهم عن الحج بحجة انه لا يستسيغ مناسكه من احرام وغيره ، او يترك الصلاة لان السجود لا يليق بمقامه ، بل قد يظهر ذلك احيانا عند اهل النسك والعبادة واهل العلم والتدين ، كأن يترك الآذان تكبرا ، او لا يتقبل مقولة الحق اذا جاءت ممن هو قريب له او دونه منزلة .
فقد يسمع الانسان قولا من زميل له فيرده بشدة ويطعن في قائله ، ولكنه اذا سمع ذلك القول نفسه ، من كبير في الدين او الدنيا ، قبله (2) . بل قد يكون جادا في رد الاول وجادا ايضا في قبول الثاني . ان شخصا هذا شانه لا يكون من طلاب الحق ، بل يكون تكبره قد اخفى عنه الحق ، واعماه تملقه لذاك الكبير واصمه . ومثل هذا التكبر يتصف به ايضا من يترك تدريس علم او كتاب باعتباره لا يليق به ، او يرفض تدريس اشخاص لا مركزية لهم ، او لان عددهم قليل ، او يترك صلاة الجماعة في مسجد صغير ولا يقتنع بعدد معدود من المامومين حتى وان علم ان في مثل تلك الجماعة رضا الحق تعالى . وقد تصبح هذه الحال من الدقة بحيث ان صاحبها لا يدرك ان عمله هذا يرجع الى الكبر ، الا اذا تدراك الامر باصلاح لانفسه وتخلص من مكائد هذه الحال .
اما التكبر على عباد الله تعالى فاقبحه التكّبر على العلماء بالله ، ومفاسده اكثر من كل شيء واهم . ومن هذا التكبر رفض مجالسة الفقراء ، والتقدم في المجالس والمحافل ، وفي المشي ، وفي السلوك . وهذا النوع من التكبر رائج وشائع بين مختلف الطبقات ، ابتداءا من الاشراف والاعيان والعلماء والمحدثين والاغنياء حتى الفقراء والمعوزين ، الا من حفظه الله من ذلك .
ان التمييز بين التواضع والتملق ، والتكبر والاباء يصبح احيانا على درجة كبيرة من الصعوبة ، فلا بد للانسان ان يتعوذ بالله ليهديه الى طريق الهداية ، واذا تصدى الانسان لاصلاح نفسه وتحرك نحو المقصود ، فان الله تعالى سوف يشمله برحمته الواسعة وييسر له سبيل الهداية .

(1) سورة الزخرف ، آية : 31 .
(2) لا يخفى ان لترك القبول ناحيتان : احديهما تكبر على اوامر الله . وثانيهما تكبر على عباد الله تعالى (منه عفي عنه) .
الاربعون حديثاً 88

فصل
في الاسباب الاساسية للتكبر

للكبر اسباب عديدة ترجع كلها الى توهم الانسان الكمال في نفسه ، مما يبعث على العجب الممزوج بحب الذات ، فيحجب كمال الآخرين ويراهم ادنى منه ، ويترفع عليهم قلبيا او ظاهريا . فمثلا ، قد يحصل بين علماء العرفان ان يتصور احدهم نفسه من اهل العرفان والشهود ومن اصحاب القلوب والسوابق الحسنى ، فيترفع على الآخرين ويتعاظم عليهم ، ويرى ان الحكماء والفلاسفة سطحيون ، وان الفقهاء والمحدثين لا يتجاوزون الظاهر في نظراتهم ، وان سائر الناس كالبهائم . وينظر الى عباد الله بعين التحقير والازدراء ، ويذهب هذا المسكين ينمق الحديث عن الفناء في الله والبقاء بالله ، ويدق طبول التحقق ، مع ان المعارف الالهية تقضي بحسن الظن بالكائنات ، فلو انه كان قد تذوق حلاوة المعرفة بالله لما تكبر على مظاهر جمال الله وجلاله بحيث انه في مقام العلم والبيان يصرح خلاف حاله ، ولكن الحقيقة هي ان هذه المعارف لم تدخل قلبه ، بل ان هذا المسكين لم يبلغ حتى مقام الايمان ولكنه يتشدق بالعرفان ، ومن دون ان يكون له حظ من العرفان يتحدث عن مقام التحقق .
ان من بين الحكماء ايضا اناسا ، يرون انهم بما يملكون من براهين ومن علم بالحقائق ، وبكونهم من اهل اليقين بالله وملائكته وكتبه ورسله ، ينظرون الى سائر الناس بعين التحقير ، ولا يعتبرون علوم الآخرين ، علوما ، ويرون عباد الله جميعا ناقصي علم وايمان ، فيتكبرون عليهم في الباطن ، ويعاملونهم في الظاهر بكبرياء وغرور ، مع ان العلم بمقام الربوبية ، وفقر الممكن (المخلوق) ، يقضيان بخلاف ذلك . والحكيم من تحلى بملكة التواضع بوساطة العلم بالمبدا والمعاد .
لقد وهب الله لقمان الحكمة بنص القرآن الكريم : فمن جملة وصايا ذلك العظيم لابنه ، كما ورد في القرآن الكريم :
«ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الارض مرحا ، ان الله لا يجب كل مختال فخور» (1) .
ونجد في الذين يدّعون الارشاد والتصوف وتهذيب الباطن ، اشخاصا يعاملون الناس بالتكبر ويسيؤون الظن بالعلماء والفقهاء واتباعهم ، ويطعنون بالعلماء والحكماء ، ويرون الناس ، عدا انفسهم ومن يلوذ بهم ، من اهل الهلاك . وبما انهم صفر اليدين من العلوم ، يصفون العلوم بانها اشواك الطريق ، ويرون اصحابها شياطين طريق السالك ، مع ان كل ما

(1) سورة لقمان ، آية : 18 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي