أدب الطف ـ الجزء الثاني 318


وأورد له صاحب المناقب قوله في أهل البيت عليهم السلام :
قـومٌ رسـول الله جـدّهـم وعليّ الأب فانتـهـى الشـرف
غـفـر الالـه لآدم بـهـم ونجـا بنـوح فـلكـه الـقذف
امناء قد شهدت بفضلهم التـ ـورات والانجـيل والصـحف
منهم رسـول الله اكـرم مَن وطئ الحصى وأجلّ مـن أصف
وعليّ البطـل الامام ومـَن وارى غرائـب فضلــه النجف
وغداً علـى الحسنين متّكلي في الحشر يـوم تنشـّر الصحف
وشفاعة الـسجـاد تشملنـي وبـهـا مـن الآثـام اكـتـنف
وبباقر العلـم الـذي علقـت كفـي بحـبل ولائـه الـزلـف
وبحب جعفـرٍ اقـتوى أملي ولشقـوتي فـي ظـلّه كـنـف
ووسيلتي موسـى وعـترته اكرم بهـم من معـشر سلَفــوا
منـهم عـليٌ وابـنه وعـ ـلي وابـنـه ومـحمد الخلـف
صلى الاله عليـهم وسـقى مثواهم الهـطـالـة الــوكـف


أدب الطف ـ الجزء الثاني 319


احمد بن عبد الله (بن زيدون)


ابن زيدون المولود 394 والمتوفي 463هـ
الدهـر يفجـع بعـد العـيـن بالاثـر فما البكـاء على الاشباح والصور
انهـاك انهـاك لاالـوك مـوعـظـة عن نومة بين ناب الليـث والظفـر
فالدهـر حـرب وان ابـدى مسالمـة والبيض والسود مثل البيض والسمر
ولا هـوادة بـيـن الـراس تـاخـذه يد الضـراب وبيـن الصارم الذكر
فـلا تغـرنـك من دنيـاك نومتهـا فما صناعة عينيهـا سـوى السهر
ومـا الليـالـي اقـال الله عثـرتنـا مـن الليالـي وخانتنـا يـد الغير
في كـل حيـن لنـا في كل جارحة منـا جراح وان زاغت عن البصر
تسر بالشـيء لكـن كـي تعـز بـه كالايـم ثار الى الجاني من الزهر
كـم دولـة مضـت والنصر يخدمها لم تبق منها وسل ذكراك من خبر
وروعــت كـل مامـون ومؤتمـن واسلمـت كـل منصور ومنتصر
ومـزقـت جعفـرا بالبيض واختلست من غيله حمزة الظـلام للجـزر
واجـزرت سيف اشقاهـا ابـا حسن وامكنت من حسين راحتـي شمر
وليتهـا اذ فـدت عمـروا بخارجـة فدت عليا بمن شاءت من البشـر
وفي ابن هندوفي ابن المصطفى حسن اتت بمعضلـة الالبـاب والفكـر
واردت ابـن زيـاد بالحسيـن فلـم يبوء بشسع له قد طاح او ظفـر
واحرقت شلـو زيـد بعدما احترقت عليه وجدا قلوب الآي والسـور
واسبلت دمعـة الـروح الامين على دم بفـخ لآل المصطفـى هـدر


أدب الطف ـ الجزء الثاني 320


ابن زيدون . احمد بن عبد الله بن احمد بن غالب بن زيدون المخزومي الاندلسي القرطبي الشاعر المشهور كان من خواص المعتضد عباد صاحب اشبيلية وكان معه في صورة وزير. له اشعار كثيرة ومن بديع قلائده هذه القصيدة:
اضحـى التنائي بديلا من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينـا
تكاد حيـن تنـاجيكـم ضمائرنا يقضي علينا الاسى لولا تاسينا
حالـت لبعدكـم ايامنـا فغـدت سودا وكانت بكم بيضا ليالينـا
من مبلـغ الملبسينـا بانتزاحهـم ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلينـا
ان الزمان الذي قد كان يضحكنا انسا بقربكم قـد عـاد يبكينـا
فانحـل ما كـان معقودا بانفسنا وانبت ما كان موصولا بايدينـا
بالامس كنـا وما يخشى تفرقنا واليوم نحن ولا يرجى تلاقينـا
لا تحسبوا نأيكـم عنـا يغيرنا اذ طالما غيـر النـأي المحبينا
والله ما طلبت ارواحنـا بـدلا عنكم ولا انصرفت فيكم امانينا

توفي باشبيلية سنة 463 وكان له ولد يقال له ابو بكر تولى وزارة المعتمد بن عباد قتل يوم اخذ يوسف بن تاشفين قرطبة من ابن عباد وذلك في 2 صفر سنة 484 .قال الشيخ ابن نما الحلي في كتابه مقتل الحسين المسمى بـ(مثير الاحزان):
وقد ختمت كتابي هذا بهذه الابيات وهي لابن زيدون المغربي تنفذ في كبد المحزون نفوذ السمهري.

أدب الطف ـ الجزء الثاني 321


بنـتم وبـنّا فـما ابـتلّـت جوانحنا شوقـاً الـيكم وما جـفّت مـأقيـنا
تكـاد حين تنـاجيـكـم ضـمائرنا يقضـي علينا الاسـى لولا تـأسينا
حالت لبـعدكـم أيـامـنا فـغـدت سوداً وانـت بـكم بـيضاً ليالـينا
ليبق عهدكـم عهـد الـسرور فـما كنتـم لارواحنــا إلا ريـاحـينا
مَن مبلغ الملبســينا بانـتزاحـهم ثوباً من الحـزن لا يبـلى ويـبلينا
إن الزمان الذي قـد كان يضـحكنا أنسـاً بـقربكـم قـد عـاد يبـكينا
غيظ العدى من تساقينا الهوى فدعوا بان نغـصّ فقال الـدهـر آميـنـا
فانحل ما كـان مـعقـوداً بانـفسنا وأنبتّ ما كـان موصـولاً بايديـنـا
بالامس كنا ومـا يخـضى تـفرّقنا واليوم نحـن ولا يـرجـى تـلاقينا
لا تحسـبوا نأيـكم عنـا يغـيرنا إذ طالما غـيّـر النأي المـحبـينـا
والله ما طـلبـت أرواحنـا بـدلاً عنكم ولا انـصرفـت فيـكم أمانينا
لم نعتقد بـعدكـم إلا الوفـاء لكم رأياً ولم نتـقلـّد غيـره ديــنـا
يا روضـة طال ما اجنت لواحظنا ورداً جـلاه الصبا غضّاً ونسريـنا
ويا نـسيـم الـصبا بـلّغ تحيّتنا مَن لو عـلى البعد حيـاً كان يحيينا
لسنا نسمّيك إجـلالاً وتـكرمـة وقدرك المـعتـلي فـي ذاك يكفينا
اذا انفردت وما شوركت في صفة فحسبنا الوصف ايـضاحا وتبييـنا
لم نجف أفـق كمـال أنت كوكبه سـالين عنه ولم نهجــره قاليـنا
عليـك مـنا سـلام الله ما بقيت صبـابة بـك تخفـيـها فتخـفينا


أدب الطف ـ الجزء الثاني 322


الأمير عبد الله بن محمد بن سنان الخفاجي

يا أمةً كفرت وفي أفواهها القرآن فيه ضلالها ورشـادُها
أعلى المنابر تُعلنون بسبّه وبسيفه نُصبت لكم أعـوادها
تلك الخلائق بينكم بـدرية قتل الحسين وما خبت أحقادها
ومنها في علي أمير المؤمنين عليه السلام :
مالي أراك على عُلاك تناكرت أحقادها وتسالمت أضدادها


أدب الطف ـ الجزء الثاني 323


قال السمعاني في الانساب ج 5 ص 170 :
الخفاجي ، بفتح الحاء المنقوطة والفاء وفي آخرها الجيم ، هذه النسبة إلى خفاجة ، وهي اسم امرأة ، هكذا ذكر لي أبو أزيَد الخفاجي في بريّة السماوة ، وولد لها أولاد وكثروا وهم يسكنون بنواحي الكوفة ، وكان أبو أزيد يقول : يَركب منا على الخيل أكثر من ثلاثين ألف فارس سوى الركبان والمشاة . ولقيت منهم جماعة كثيرة وصحبتهم ؛ والمشهور بالانتساب اليهم الشاعر المفلق أبو [محمد عبد الله بن محمد بن] سعيد بن [سنان] الخفاجي كان يسكن حلب وشعره مما يدخل الأذن بغير إذن .
توفي سنة 466 وله شعر في امير المؤمنين علي عليه السلام كذا قال الأمين في الجزء الأول من الأعيان ص 392 .
الأمير أبو محمد بن عبد الله بن محمد بن سنان الشاعر الشيعي المعروف بابن سنان صاحب سر الفصاحة في اللغة .
توفي سنة 466 حكي انه كان قد تحصن بقرية (اعزاز) من أعمال حلب ثم أطعموه خشكنانجه مسمة فمات الخفاجي في اعزاز وحمل الى حلب ودفن فيها كذا جاء في الكنى والألقاب .

أدب الطف ـ الجزء الثاني 324


وقال السيد الأمين في الأعيان :
الأمير ابو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن يحيى بن الحسين بن محمود بن الربيع المعروف بابن سنان الخفاجي الحلبي .
له ديوان شعر مطبوع ، وكان والياً على قلعة اعزاز ، ولاه عليها محمود ابن صالح فاستبد بها ، وكانت ولايته بواسطة ابي نصر محمد بن محمد ابن النحاس .
وذكره السيد الامين ايضاً في الجزء السادس من الأعيان ص 479 فقال : اسمه عبد الله بن سعيد بن محمد بن سنان .

أدب الطف ـ الجزء الثاني 325


أحمد بن أبي منصور القطان

يا أيها الــمنـزل المحـيل غاثك مستحفـز هـطول
أزرى عليـك الزمـان لـما شجاك مـن أهـل الرحيل
لا تغترر بـالـزمـان واعلم أنّ يد الدهر تـسـتطـيل
فـإن آجـالــنا قـصـارٌ فـيـه وآمـالـنا تـطول
تفـنى الـليالـي وليس يفنى شوقـي ولا حسرتي تزول
لا صاحبٌ مـنـصفٌ فاسلو به ولا حـافـظٌ وصـول
وكيف أبقـى بـلا صـديق باطنـه باطـنٌ جـميـل
يكون فـي البـعد والتـداني يقول مـثل الـذي أقـول
هيهات قـلّ الـوفـاء فيهم فـلا حميـمٌ ولا وصـول
يا قوم مـا بالـنا جـفيـنا فـلا كـتاب ولا رسـول
لو وجـدوا بعض ما وجدنا لكـاتبـونا ولم يـحولـوا
حالوا وخـانوا ولم يجودوا لنا بوصـل ولم يـُذيـلوا
قلبي قـريـحٌ بـه كلـومٌ أفتـنَه طـرفـك البـخيل
أنحَلَ جـسـمي هواك حتى كأنه خـصـرك النحيـل
يا قاتلـي بـالصـدود رفقاً بمهـجة شفّـهـا غـلـيل
غصنٌ من البان حيث مالت ريـح الـخزامـى به يميل


أدب الطف ـ الجزء الثاني 326


يسطو عليـنا بـغنـج لـحظ كأنه مرهــف صقـيـل
كما سطـت بالحسيـن قـومٌ أراذل مـا لهـم أُصـول
يا أهل كـوفـان لم غدرتـم به وأنـتـم لـه نـكـول
أنتم كـتـبـتـم اليه كتبـاً وفي طـويّـاتهـا دخـول
قتـلـتـمـوه بـها فـريداً يا بأبي الـمفـرد القتـيل
ما عذركم فـي غـد إذا مـا قامت لدى جـدّه الذحـول
أين الـذي حيـن أرضـعوه ناغاه في المـهد جبرئـيل
أيـن الـذي حـين غمـدوه قبّـله أحـمد الـرسـول
أيـن الـذي جـدّه الـنبـي وأمـه فاطــم البـتـول
أنا ابن منصـور لـي لسان على ذوي النصب يستطيل
ما الرفض ديني ولا اعتقادي ولـست عن مذهبي أحول(1)


أدب الطف ـ الجزء الثاني 327

أبو أحمد بن أبي منصور بن علي القطيفي المعروف بالقطان :



قال السيد الأمين في الأعيان جزء 6 ص 119
في البحار عن بعض كتب المناقب القديمة أخبرني أبو منصور الديلمي عن احمد بن علي بن عامر الفقيه أنشدني ابو احمد بن أبي منصور بن علي القطيفي المعروف بالقطان ببغداد لنفسه (يا أيها المنزل المحيل) .
وجاء ذكره في الجزء الثالث من الكنى والألقاب ص 55 وروى له بعض هذه الأبيات .
أقول وكرر السيد الترجمة في الجزء 10 ص 226 وذكر القصيدة بزيادة بيتين ، وزاد في الترجمة بأن ذكر سنة وفاته فقال : توفي حدود سنة 480 ببغداد ودفن بمقابر قريش ، ولكن أسماه هنا : أحمد بن منصور بن علي القطيفي القطان البغدادي ولعله أصوب .
وجاء في شعراء القطيف للعلامة المعاصر الشيخ علي منصور المرهون قال :
احمد بن منصور المتوفي سنة 480 هو أحمد بن منصور بن علي القطان القطيفي البغدادي الأديب الشاعر ، ترحّل من بلاده القطيف الى بغداد وسكن بها ومدح أمراءها كما مدح ورثى أهل البيت عليهم السلام وما زال في بغداد مقيما حتى مات بها ودفن في مقابر قريش .

أدب الطف ـ الجزء الثاني 328


ابن جبر المصري

يا دار غادرنـي جديـد بــلاك رثّ الجـديـد فـهل رثيت لذاك ؟!
أم أنت عمـا اشتكـيه مـن الهوى عجماء منـذ عَـجَم الـبِلى مغناك ؟!
ضفناك نسـتقري الـرسوم فلم نجد إلا تبــاريح الـهـمـوم قـِراك
ورسيس شـوقٍ تمـتري زفـراته عبراتـنا حـتـى تـَبـُلّ ثـراك
ما بال ربعـكِ لا يبـلّ ؟ كأنما يشكـو الـذي انا من نحولـي شاك
طلّت طـلولك دمع عيـني مثـلما سفكت دمي يـوم الرحيـل دمـاك
وارى قتيلـك لا يـَديـه قـاتـلٌ وفتـور ألحـاظ الـظـباء ظـُباك
هيّجتِ لي إذ عجتُ ساكـن لـوعةٍ بالسـاكنـيك تـَشُبـّهـا ذكـراك
لمّا وقـفت مــسلمـاً وكـأنمـا ريّا الأحبّة سـقـتُ مـن ريــّاك
وكفت عـليكِ سماء عيـني صيّباً لو كفّ صــوب المزن عنك كفاك
سقياً لعـهـدي والهوى مقـضيّة أو طاره قـبل احــتكـام نـواك
والعيش غضّ والـشبـاب مطيّة لـلهـو غـير بـطيـئـة الادراك
أيام لا واشٍ يطـاع ولا هـوى يُـعصـى فنـقصى عنك إذ زرناك
وشفيعنا شرخ الشـبيـبة كـلما رُمنا القصص من اقـتصاص مهاك
ولئن أصارتك الخطوب الى بلىً ولحاك ريـبُ صـروفـها فمحـاك
فلطالما قضـّيت فيك مـآربـي وأبـحتُ ريـعان الشبـاب حـماك


أدب الطف ـ الجزء الثاني 329


ما بـين حـورٍ كـالنـجوم تزينت منها القلائد ، للبـدور حـواكـي
هيف الخصور من القصور بدت لنا منها الأهلــة لا مـن الأفـلاك
يجمعن من مرح الشبيبة خفّـة الـ ـمتغـزّلـين وعـفّة الـنسـاك
ويصدن صادية الـقلوب بـأعيـنٍ نُجلٍ كصيـد الطـير بالإشـراك
من كل مخطفة الحشا تحكي الرشا جيداً وغصن الـبان لـين حراك
هيفاء ناطقة النطـاق تـشـكيـاً من ظلم صامتة الـبُريـن ضناك(1)
وكأنّما من ثغـرهـا مـن نحرها در تـبـاكــره بـعـود أراك
عذبُ الرُضاب كأنّ حشـو لئاتها مـسكـاً يعـلّ به ذرى المسواك
تلك الـتي مـلكت علـيّ بدلّهـا قلـبي فـكانـت أعـنف الملاك
إن الصـبى يا نـفس عزّ طلابه ونهتك عنه واعـظـات نُهـاك
والشيب ضيف لا محالـة مؤذنٌ برداك فاتـبعي سـبيل هـداك
وتزوّدي مـن حـبّ آل مـحمّد زاداً متى أخلـصتـه نـجـّاك
فـلنـعم زاداً للـمعـاد وعـدّةٌ للحشر إن علقت يـداك بـذاك
وإلى الوصـيّ مهمُ أمرك فوّضي تَصِلي بذاك إلـى قصـيّ مناك
وبه ادرئي في نحر كل مـلـمة وإليه فـيها فاجعـلي شـكواك
وبحبّه فتـمسكي أن تـسلـكي بالزيغ عـنه مسـالـك الهلاك
لا تجهلي وهـواه دأبك فاجعلي أبداً وهجـر عداه هجر قـلاك
فسواء انحرف امرؤ عـن حبّه أو بات منـطوياً على الإشراك
وخذي البرائة من لظى ببراءة من شانئيه وأمـحـضيه هواك
وتجنّبي إن شئت أن لا تعطبي رأي ابن سلمى فيه وابن صهاكِ
واذا تشابهت الأمور فعـوّلـي في كشف مـشكلها على مولاك
خير الرجال وخير بعل نساءها والأصل والفـرع التقي الزاكي
وتعـوّذي بالـزهر من أولاده من شرّ كـل مـضـلّل أفـّاك


(1) البرين : بالضم جمع بره : الخلخال .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 330


لا تـعدلـي عنـهـم ولا تـستبدلي بهم فتـحظي بالـخسـار هناك
فهم مصابيح الـدُجى لـذوي الحجى والعروة الوثقـى لذي استمسـاك
وهُم الأدلـة كـالأهــلّة نورهـا يجلو عمى المـتحيّر الـشكـّاك
وهم الـصراط المسـتقيم فـأرغمي بهواهـم أنـف الـذي يلـحاك
وهم الأئمة لا إمـام ســواهــم فدعي لتيـم وغـيرها دعـواك
يا أمّة ضلّت سـبيل رشــادهـا إن الذي اسـترشـدتـه أغواك
لئن أئتمنت علـى البريّـة خـائناً للنفس ضيـّعـها غداة رعـاك
أعطاك إذ وطّاك عـشـوة رأيـه خدعاً بحـبل غـرورهـا دلاك
فتبعته وسخـيف ديـنـك بعـته مغترّة بـالنـزر مـن دنـياك
لقد اشتريت به الضلالـة بالهدى لمّا دعــاك بـمكـره فدهاك
وأطعته وعصيت قــول محمـّد فيما بأمـر وصـيـّه وصـّاك
خلّفتِ واستخلفتِ مـن لم يرضه للدين تـابعـة هـوى هـوّاك
خلتِ اجتهادك للــصواب مؤدّياً هيـهـات ما أدّاك بـل أرداك
ولقد شققت عصـا الـنبي محمد وعققـتِ مـن بعد النـبي أباك
وغدرتِ بالعهد الـمـؤكـد عقده يوم «الغدير» لـه فـما عذراك
فلتعلمنّ وقد رجعـت به على الا عقاب ناكصةً عـلـى عـقباكِ
اعن الوصيّ عـدلـتِ عادلةً به من لا يساوي منه شـسع شراك ؟!
ولتـسألـنّ عن الـولاء لحيـدر وهو النعيم شقـاك عنـه ثنـاكٍ
قستِ المـحيط بكـل علمٍ مشكلٍ وعرٍ مسالـكه علـى الـسـلاك
بالمعتريه ـ كما حكى ـ شيطانه وكفاه عنـه بنفسـه من حاكـي
والضارب الهامات في يوم الوغى ضـربـاً يقدّ بـه إلـى الأوراك
إذ صاح جبــريل به متـعجـّباً مـن بـأسـه وحـسامـه البتّاك
لا سيـف إلا ذو الفقار ولا فـتىً إلا عـلـيّ فـاتـك الـفـتـّاك
بالهـارب الـفـرّار مـن أقرانه والحرب يذكيـها قـناً ومـذاكي
والقاطع اللـيل البـهيم تـهجـّداً بـفؤاد ذي روع وطرفٍ باكـي


أدب الطف ـ الجزء الثاني 331


بالتـارك الـصلوات كـفـراناً بها لولا الـرياء لطـال مـا رابـاك
ابعــد بهـذا مـن قياس فـاسـدٍ لم تـأت فـيـه امـّة مـأتــاكِ
أوَ مـا شهـدتِ لـه مواقف أذهبت عنك اعتـراك الشـك حين عراك ؟!
من معجزات لا يـقـوم بـمثـلها إلا نـبــي أو وصـي زاكــي
كالشـمس إذ ردّت عـلـيه ببابل لـقضاء فـرض فـائـت الإدراك
والريح إذ مرّت فقال لها : احملي طــوعـاً ولـيّ الله فـوق قواك
فجرت رخساءً بالبـساط مطـيعة أمر الإله حثـيـــثة الايـشـاك
حتى إذا وافـى الرقيـم بصـحبه ليزيـل عـنـه مـريـة الشـكاكِ
قال : السلام علـيكـم فتـبادروا بالرد بعد الـصمـت والإمـسـاك
عن غيره فبدت ضغاين صدر ذي حــنـقٍ لسـتـر نـفاقـه هتّاك
والميت حين دعا به من صرصر فأجـابـه وأبـيـت حيـن دعـاك
لا تدّعى ما ليـس فيـك فـتندمي عند امـتحـان الصـدق من دعواك
والخـفّ والثـعـبان فـيه آيـة فتيـقظـي يـاويـك من عـمـياك
والسطل والمنديـل حين أتـى به جبريـل حسـبك خـدمـة الأملاك
ودفاع أعظـم مـا عـراك بسيفه في يـوم كـلّ كريـهـة وعـراك
ومقامه ـ ثبت الجنان ـ بخـيبر والخوف إذ وليـت حشـو حشـاك
والباب حين دحى به عن حصنهم سبعين باعـاً فـي فـضا دكــداك
والطائر المشـويّ نصـرٌ ظاهـرٌ لولا جـحـودك ما رأت عـينـاك
والصخرة الصمـا وقد شفّ الظما منها الـنـفوس دحى بها فـسقـاك
والماء حين طغــى الفرات فأقبلوا ما بين بـاكـيةٍ إلـيـه وبــاكي
قالوا : أغثـنا يابن عـمّ مـحمد فالماء يـؤذننـا بـوشــك هلاك
فأتى الفرات فقال : يا أرض ابلعي طوعاً بأمـر الله طـاغــي ماك
فأغاصه حتى بـدت حـصبـاؤه من فوق راسـخة مـن الأسـماك
ثمّ استـعادوه فـعـاد بـأمـره يجري على قــدر فـفيـم مراك !؟
مولاك راضيةً وغضبى فاعلمي سيّان سـخطـك عنده ورضـاك


أدب الطف ـ الجزء الثاني 332


يا تيم تـيّمـك الـهـوى فأطعـته وعن البصـيرة يـا عـديّ عـداك
ومنعت إرث المـصطـفى وتراثه وولـيـتـه ظـلمـاً فـمـن ولاكٍ ؟!
وبسطت أيدي عبد شمـس فاغتدت بالظلـم جـاديـةً عــلى مغـناك
لا تحسـبيـكِ بريـئة مـما جرى والله مـا قتــل الحسـيـن سواكِ
يا آل أحـمـد كـم يـكابد فيكـم كبدي خطوباً للـقـلـوب نـواكـي
كبدي بكـم مقـروحة ومـدامعـي مسـفوحـة وجــوى فـؤادى ذاكي
وإذا ذكرت مصابكم قـال الأسـى لجفـونـي : اجـتنـبي لـذيذ كراكِ
وابكي قـتيلاً بـالطـفوف لأجـله بكت السـماء دمـاً فحـقّ بـكــاك
إن تبكهم فـي الـيوم تلـقاهم غداً عيني بـوجـهٍ مـسفـرٍ ضـحـّاك
يا ربّ فاجـعل حبـهم لـي جنةً من مـوبقـات الـظـلم والاشـراك
واجبر بها الجـبرى ربّ وبـَرّهِ مــن ظـالـمٍ لـدمائهـم ســفاك
وبهم ـ إذا أعـداء آل محــمد غلقت رهـونـهـم ـ فجـدُ بفـكاكِ(1)


(1) شعراء الغدير ج 4 ص 313 .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 333


ابن جبر

ابن جبر المصري أحد شعراء مصر على عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله ، المولود سنة 420 والمتوفى سنة 487 كذا ذكر الشيخ الأميني في (الغدير) .
وقال السيد الأمين في الاعيان ج 15 ص 262 :
جبر الجبري شاعر آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، شاعر مجيد له قصيدة في مدح أهل البيت من جيد الشعر يستشهد ابن شهر اشوب في المناقب بأبيات منها .



السابق السابق الفهرس