تكوين الأسرة في الإسلام_شبكة كربلاء المقدسة

تكوين الاسرة في الاسلام

175

المقاومة والصبر والتحمل اكثر من الرجل .

ومن الجانب العلمي فان سبب ذلك يعود الى ان جهازها التناسلي داخلي التكوين وبعيد عن المهيجات ، وهذا الامر يخلق فيها القدرة ويعطيها الرضا والهدوء ، وبهذا لا تحتاج الى المحافظة على نفسها ورعاية العلاقة الزوجية الى ارادة قوية غير عادية ، بينما هذا الامر معكوس في الرجل .

على هذا الاساس يمكن القول ان ايجاد العلاقة الزوجية مع المراة هو قي الحقيقة نوع من الاكراه ، لانه لا يخلق فيها الاحساس والشوق بسهولة وسرعة ، وهذا يفسر لنا فلسفة دفع المهر من قبل الرجل كما اوردنا سابقا .

وعن الامام علي (عليه السلام)

خلق الله عزوجل الشهوة عشرة اجزاء فجعل تسعة اجزاء في النساء وجزءا واحدا في الرجال ، ولولا ما جعل اله عز وجل فيهن من الحياء على قدر اجزاء الشهوة لكان لكل رجل تسع نسوة متعلقات به ⁽¹⁾ .

اقامة العلاقة الجنسية بين الرجل والمراة :

على اساس ما ذكر من ان المراة لها القدرة على تمالك نفسها اكثر من الرجل في هذا المجال ، وان قدرة الرجل اقل منها ، يوصي الاسلام عند اقامة العلاقة الجنسية بكسب اجازة الزوجة .

وبعبارة اخرى اذا لم تمسح المراة بذلك فلا يمكن للرجل ان

(1) وسائل الشيعة : 14 / 40 ح 7 .

تكوين الاسرة في الاسلام

يجبرها على المباضعة ، ولعل مرد هذا الأمر من جهة حفظ حقوق المراة واحترامها ورعاية الجانب العاطفي لها .

اقامة العلاقة الزوجية بعد البلوغ :

يوصي الاسلام الرجال بعدم المجامعة اذا لم تكن المراة بالغة جسميا وغير مهيأة لذلك ، وفي هذا المجال هناك الكثير من الروايات ، فعن الصادق (عليه السلام) : ـ

«من وطئ امراته قبل تسع سنين فاصابها عيب فهو ضامن»⁽¹⁾ .

وذكر هذه المسالة ضروري بخلاف ما يعتقده العامة من الناس ، ففي الاسلام لا يجوز الدخول بفتاة في عمر (10سنوات) بل ان الحد الادنى هو (10سنوات) على ان الزواج بفتاة عمرها (10سنوات) ليس امرا واجبا لها بل ان المعني بذلك هو ان الحد الاقل للتزويج هو (10سنوات) .

وهناك فرق بين العقد في سن (10سنوات) وبين اشتراط عشر سنوات لاقامة العلاقة الزوجية ، اي ان الاسلام لا يجوز اقامتها قبل عشر سنين .

وقت الجماع :

من المسائل المهمة في هذا المجال هو الوقت المناسب لاقامة هذه العلاقة ، فمن ناحية تعيين الايام والليالي وساعات الليل او النهار ، فليس هناك وقت ممنوع من الايام الا في ايام الصيام ، وليس هناك فرق بين

(1) وسائل الشيعة : 14 / 71 ح 5 .

تكوين الاسرة في الاسلام

نجاسة وسعادة الايام ، الا اذا كانت مرتبطة بامر عاطفي او نفسي ، مثلا ايام شهادة النبي والائمة (صلوات الله عليهم) ، وايام الحزن لوفاة والدي او ابناء الزوجين ، كما ان هذا المنع للكراهة لا تحريم فيه .

واما من جهة الليل او النهار فانه يوصى بها ليلا ؛ لانه اكثر هدوءا وسكونا من النهار ، واقامته فيه موجب للستر والسرية ، وفي تعليل فلسفة الجماع ليلا يقول الامام الرضا (عليه السلام) :

«من السنة التزوج بالليل لان الله جعل الليل سكنا ، والنساء انما هن سكن» ⁽¹⁾.

وهذا التعليل مقبول من الجانب العلمي كذلك .

ان انتقال النطفة في حالة هدوء وسكينة يؤثر في ايجاد النسل سالم اكثر مما لو حدث ذلك في حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار .

اما من ناحية ساعات الليل والنهار فكلها مباحة ، ولكن هناك توصيات بعدم اجزائها في ساعات معينة ، مثلا في ساعات اول الليل حينما تكون المعدة خالية تماما او ممتلئة ، وكذلك بين الطلوعين (طلوع الفجر الى طلوع الشمس) والافضل ان يكون في ساعات متاخرة من الليل وقبل اذان الفجر .

وصايا عند الشروع بالجماع :

ان مسالة العلاقة الجنسية في حقيقتها نوع من انتقال الحياة وتوليد النسل الذي يكون صانعا للمستقبل ، قائدا للتحولات ، عضوا فعالا في المجتمع ، وبهذا فهي مع كونها علاقة طبيعية وحيوانية ، الا ان لها اهمية

(1) وسائل الشيعة : 14 / 62 ح 3 .

تكوين الاسرة في الاسلام

كبيرة ، وهناك وصايا كثيرة عن النبي والائمة (صلوات الله عليهم) نذكر بعضا منها : ـ

1 ـ الوضوء والصلاة:

قبل الجماع توصي الروايات ان يكون الطرفان على وضوء ، ويذكران الله كثيراً بلسانهما ، وقبل ذلك يصليان ركعتين ، وجعل فكرهما بالله وذلك لإخراج هذه العلاقة من حالة الحيوانية الخالصة واعطائها لوناً وصفاءً معنوياً وإلهياً .

2 ـ الدعاء:

كما يوصي الاسلام بعد الصلاة والحمد والثناء على الله ، الصلاة على محمد واله وتمجيد اهل البيت ، وان يدعو الزوج بهذا الدعاء :

«اللهم ارزقني الفها وودها ورضاها ، وارضني بها ، واجمع بيننا باحسن اجتماع وائتلاف فانك تحب الحلال وتكره الحرام» .

3 ـ ذكر الله:

يوصى حين الجماع ان يذكر الله بهذا الدعاء :

«بسم الله وبالله ، اللهم جنبني الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتني» .

تكوين الاسرة في الاسلام

4 ـ طلب الولد:

ويوصى الزوجين كذلك عند الجماع بطلب ورجاء الولد السالم التام الخلقة ، وليس فقط صبيا بل صبيا او بنتا ، صالحا علاقة ، ومن جملة الادعية لذلك :

«اللهم ارزقني ولدا ، واجعله تقيا ذكيا ، ليس في خلقه زيادة او نقصان ، واجعل عاقبته خيرا» .

5 ـ وصايا اخرى:

من الوصايا الاخرى حين الجماع ، عدم الكلام والتحدث ، وابعاد كل فكرة عن الذهن سوى التفكير بالله وذكره ، كما يوصى كذلك بعدم الافراط في الجماع ، ومراعاة الاعتدال ، فالاكثار منه يسبب قصر العمر .

اختيار المكان المناسب :

هناك عدة وصايا في اختيار المكان المناسب للجماع ؛ فلا يجوز ذلك في المسجد ، ولا في غرفة يحتمل دخول شخص اخر بشكل مفاجئ ، ولا عند وجود طفل حتى وان كان نائما ، وفي هذه الحالة اي عند وجود طفل ولو صغير السن يقظ يسمع حديث الزوجين ويراهما ، فان تعليل ذلك هو خشية ان يتسبب في افساد الطفل ، ففي الحديث عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله) :

«والذي نفسي بيده لو ان رجلا غشى امراته وفي البيت صبي مستيقظ يراهما

تكوين الاسرة في الاسلام

ويسمع كلامهما ونفسهما ما افلح ابدا ، ان كان غلاما كان زانيا او جارية كانت زانية»⁽¹⁾ .

ويوصى كذلك بعدم الجماع فوق سطح الدار والاماكن المكشوفة التي يحتمل وجود ناظر ولو طفل غير مميز ، وتحت الاشجار ، وتحت ضوء الشمس ، وفي السفينة او وسائط النقل الاخرى التي تكون في حالة حركة .

موارد تحريم الجماع :

1ـ عند الحيض : فلا يجوز ذلك الا بعدما تطهر المراة وكما جاء في القران (ولا تقربوهن حتى يطهرن) ⁽²⁾ .

2ـ عن الاعتكاف في المساجد ، كما جاء عن الله جل وعلا : (ولا تباشروهن وانتم عاكفون) ⁽³⁾ .

3ـ عند الظهار واللعان والايلاء قبل دفع الكفارة .

4ـ عند النفاس وحكمة كالحيض .

5ـ عند الاحرام .

6ـ في حالة السكر .

7ـ عند الابتلاءات (الامراض) السارية ، وغير ذلك .

موارد كراهية الجماع :

هناك موارد يكره فيها الجماع نذكرها هنا بصورة مختصرة وهي :

(1) وسائل الشيعة : 14 / 94 ح2 .
(2) البقرة : 222 .
(3) البقرة : 187 .

تكوين الاسرة في الاسلام

عند خسوف القمر ، كشوف الشمس ، وقوع الزلزلة والفيضان الشديد الرياح الحمراء والسوداء ، الانفجارات المروعة ، والاصوات المرعبة .

كما يكره ذلك عند السفر وعدم وجود الماء الكافي للغسل ، وعند امتلاء المعدة بالطعام ، وعند الشك في طهارة المراة من الحيض والنفاس ، ويكره في ذلك استقبال واستدبار القبلة ، وفي ليلة السفر ، وفي اول ووسط واخر الشهر القمري ما عدا اول لية من شهر رمضان ، وبعد الظهر وعند صلاة العصر ، وليلة الفطر ، وليلة الاضحى ، وبين الاذان والاقامة وفي ليلة النصف من شعبان وعند الجنابة ، وفي حالة العري التام ، وبعد الجنابة وقبل الغسل ، وفي اول ساعات الليل ، وعند الاضطراب و القلق ، وفي الروايات موارد كثيرة منها ما ذكرناه اعلاه قد اثبتها العلم الحديث اليوم ، وهناك موارد اخرى لم يكشف العلم النقاب عنها تترك للمستقبل وللتقدم العلمي خاصة في المجال المتعلق بعلم الحياة وعلم النفس .

استحباب الجماع :

طبق الروايات التي وصلتنا فان العلاقة الزوجية وبتلك النية والقصد ـ نية وقصد القربة لله ـ كما سبق وبيناه تعد عملا مستحبا وموجبا لرضا الله تعالى .

هذه العلاقة لسيت فقط لتحقيق اللذة بل تمحي الخطايا وتتساقط الذنوب عنهما كما تتساقط اوراق الاشجار في الخريف ، ويطهر من ذنوبه بعد ان يغتسل ـ هذه الذنوب فيما يتعلق بحق الله من جهة الغفلة والجهل ـ

تكوين الاسرة في الاسلام

كما ان هناك ثوابا اخرويا .

يروى عن النبي (صلى الله عليه واله) ان ابا ذر ساله عن هذا فقال :

«ائت اهلك تؤجر» .

فقال : يارسول الله ، اتيهم واوجر .

فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : «كما انك اذا اتيت الحرام ازرت ، وكذلك اذا اتيت الحلال اجرت»⁽¹⁾ .

الاقامة عند العروس :

في سنة الاسلام اذا ماتزوج الرجل باكرا فيجب ان يقيم عندها سبعة ايام وليال ، وان يترك عمله اليومي وان لايسافر ولا يبتعد عنها ، اما الثيب فيقيم عندها ثلاث ليال .

وهذه السنة اخذت من سيرة الائمة المعصومين (عليهم السلام) .

السهر مع العروس :

ان الروايات تتناول كل جوانب حياة العروسين حتى مسالة السهر مع العروس ، ورد عن الرسول (صلى الله عليه اله) :

لا سهر الا في ثلاث ، متهجد بالقران ، او في طلب العلم ، او في عروس تهدى اليه ⁽²⁾ .

ولعل سبب استحباب السهر مع الزوجة من باب ايجاد روابط

(1) وسائل الشيعة : 14 / 76 ح1 .
(2) وسائل الشيعة : 14 / 63 ح 4 .

تكوين الاسرة في الاسلام

محكمة وقوية بين الزوجين ، وهذه المرحلة من الحياة اكثر المراحل تحتاج الى معرفة وترابط وتقارب بينهما ، في ظل السهر معا والمحادثة والملاطفة تنكشف شخصية كل منهما للآخر هذا اولاً ، وثانياً لعل سر ذلك هو ايجاد روابط عاطفية اكثر بينهما ، لان العاطفة تاتي من خلال التلامس البدني والتقارب معا ، ولاشك ان العاطفة ضرورة في حياتهما ، فهي التي تمنح الكيان الاسري لونا ورونقا .

تكوين الاسرة في الاسلام

تكوين الاسرة في الاسلام

الفصل الرابع عشر

«مسالة انجاب الابناء»

مقدمة :

في هذا البحث الواسع الابعاد سنراعي قدر الامكان الاختصار حتى يحقق التناسب بينه وبين بقية فصول الكتاب ، ولكن في الوقت نفسه سنسعى الى بحث نواحي وابعاد القضية الى الحد المتعلق ببحثنا .

اهمية الابناء في الاسرة

ان انجاب الابناء في الاسرة لبقاء النسل من جانب ، ومن جانب اخر فهو سبب في منح الجو الاسري طراوة ، وسببا في تقوية روابطهما .

فالاسرة التي ليس فيها ابناء ليس فيها نشاط وحيوية اللذان هما لازمان للحياة ، ولذلك ويسعى الاشخاص الذين ليس لهم ابناء لتبني الاطفال .

فالطفل في الاسرة يعطي شكلا ولونا لعلاقة الوالدين ببعضهما ، فوجوده يبعث الى ان ينظر احدهما الى الاخر نظرة اخرى ، وقد يزداد حبهما لبعضهما ، وياخذ طابع الجدية بشكل اكبر .

وعلى هذا فحينما يصبح الزوجان ابا واما لكلنهما يتخليان عن مسؤوليتهما فهذا في الحقيقة يؤدي الى فقدان الحيوية في حياتهما

تكوين الاسرة في الاسلام

وتفكك الروابط الاسرية فيما بينهما ، وسيكون سببا للحسرة في المستقبل .

مسالة تنظيم الاسرة :

تطرح اليوم في العالم مسالة تنظيم الاسرة والتحكم بالانجاب ، وبتاثير وسائل الاعلام نرى ان كثيرا من الاسرة تفضل عدم الانجاب اصلا .

ومن جانب اخر نرى ان المسلمين وحسب تعلميات ووصايا الرسول (صلى الله عليه واله) في تكثير النسل يشكلون القطب المخالف للمجموعة الاولى .

نحن في هذا الفصل نريد ان نبحث المسالة من وجهة نظر الاسلام والغرب مع مراعاة الاختصار .

أ ـ الانجاب في نظر الغرب:

في البداية يجب ان نذكر ان مسالة تنظيم الاسرة في الغرب ذات اصول اقتصادية واجتماعية ، وفي بعض البلدان ذات اصول سياسية واقتصادية واجتماعية .

فطلب الرفاه والتقدم التكنولوجي في العمل والمعامل ، وبالنتيجة زادت حالات البطالة ، وفي بعضها ارتفعت الحالة المعاشية للفقراء فاصبحوا يطلبون المزيد ويحبون العافية وطلب الراحة .

ومن الاسباب المهمة ايضا هو حماية الحكومات لمسالة تنظيم

تكوين الاسرة في الاسلام

الاسرة في الغرب ولكنهم اخذوا المسالة من ناحية قلة المواد الغذائية ، ونظموا الاسرة وفق المسائل والمشكلات التي تترتب على نقصها .

نظرية مالتوس :

ان اساس افكر الغربي في تحديد الانجاب وتنظيم الاسرة ماخوذ من نظرية الاقتصادية الانجليزي (مالتوس) الذي يصور الزيادة السريعة في عدد السكان وقلة المواد الغذائية بشكل مرعب .

فهو يعتقد ان سكان الكرة الارضية يتزايدون بشكل متوالية هندسية ، ومعدل انتاج المواد الغذائية يسير بشكل متوالية عددية ، وبالنتيجة فبعد مدة قصيرة سنواجه مسالة قلة المواد الغذائية في مقابل عدد كبير من السكان ، عندها سترتفع قيمة المواد الغذائية ، ويحدث الضغط الاقتصادي والتضخم وغيرها .

شرح نظرية مالتوس :

يعتقد مالتوس ان زيادة عدد السكان يعطل برامج التنمية ، وستواجه الدول اضطرابات اجتماعية واقتصادية وسياسية .

هذا الامر يحدث خاصة في الدول التي هي في الحالة نمو وتطور اقتصادي حقيقي ، وسيسبب فيما بعد تبعيتها اقتصاديا اكثر فاكثر ، وهذا خلاف الهدف الذي تسعى اليه .

من وجهة نظر مالتوس : ان المجتمع الذي يتزايد عدد سكانه سيواجه :

تكوين الاسرة في الاسلام

1ـ صعوبات ومشاكل غذائية .

2ـ مشاكل تتعلق بتهيئة وسائل الحياة والرفاهية المعنية .

اما في مجال الغذاء : فان الاراضي القابلة للزراعة على سطح الكرة الارضية محدودة ، فمعظمها اراضي بور لا تصلح للزراعة ، وان الاراضي التي تزرع كل عام مع التي تضاف اليها لا تعد شيئا يذكر ، او لا يمكنها ان تسد الحاجة في مقابل تزايد السكان .

وبالنتيجة ساتي يوم لا يمكننا فيه تهيئة الغذاء الكافي للانسان ، وفي هذه الحالة سيتعرض العالم للاخطار . اما في مجال تهيئة وسائل الحياة والرفاهية ، فهذه ايضا ستكون مشكلة كبيرة للبشر ؛ ففي كل سنة تضاف اعداد هائلة لعدد السكان ، وهؤلاء يحتاجون الى مدارس ومستشفيات وماء وكهرباء وادوات ووسائل اخرى لازمة الحياة ، والانتاج لا يمكنه ان يوفر ذلك ويسد الحاجة بسهولة وبساطة .

وبهذا ـ من وجهة نظر مالتوس ـ ستكون طرق الحل لمنع حدوث المشاكل الناشئة عن زيادة السكان مثل الامراض الفتاكة والقحط والحروب والسقوط الاخلاقي ، هو تحديد نسبة المواليد واتخاذ تدابير لمنع الحمل تحت عنوان تنظيم الاسرة .

مناقشة نظرية مالتوس :

الان وبعد مضي قرن واحد على نظيرة مالتوس نرى ان اكثر ارائه ونظراته غير صحيحة مهزوزة ، ونحن نناقشها معا من ناحيتين :

تكوين الاسرة في الاسلام

1 ـ من الناحية الغذاء:

في هذه الناحية يجب ان نذكر :

اولا : ان سرعة ازدياد السكان في العالم ليست بالشكل الذي يصوره مالتوس ؛ لانه كمن يقول ان وضع تزايد السكان في الطبيعة بشكل غير منظم ومتوازن .

ثانيا : لاجل رفع النقص في المواد الغذائية هناك طرق جديدة اكتشفت ، واساليب حديثة مثل استعمال الاسمدة الكيمياوية التي ساعدت على رفع الانتاج الزراعي بشكل مذهل .

ثالثا : هناك عوامل طبيعية تساعد على تعديل الزيادة السكانية كالحرب والزلازل والفياضانات ، التي تسبب الموت لاعداد كبيرة من السكان .

رابعا : استطاع البشر خلال هذا القرن من اكتشاف طرق كثيرة للاستفادة من الغذاء المصنع ، كايجاد معامل التعليب ، ولمنع الاسراف والاتلاف .

خامسا : ـ ان التقدم العلمي السريع للبشر يساعده على ايجاد مصادر جديدة للغذاء كانت مجهولة لابناء القرن الماضي .

سادسا : ان التقدم التكنولوجي في فنون الزراعة يساعد البشر الى حد ما في الاستفادة من اماكن اخرى وزراعتها كسطوح البحار والمحيطات ، وتفتيت قمم الجبال ، والمرتفعات وزراعتها .

2 ـ من الناحية الوسائل الراحة:

من هذه الناحية ليس هناك مجال للقلق ؛ لان النهضة الصناعية وتقدم

تكوين الاسرة في الاسلام

الاساليب الفنية في العمل ، واتساع نطاق التكنولوجيا في المعامل دعت الى تقليل عدد العمال الى حد ما .

فالحركة العظيمة للمعامل اساطاعت ان تنتج في كل دقيقة سيارة تحل المسالة ، واليوم وفي جميع انحاء العالم اتسع نطاق الانتاج ، وتكدست البضائع في المخازن بحيث لا يوجد لها مجال للاستهلاك الا في اقامة الحروب .

فالمنافسة بين الدول والحروب فيما بينها منشؤها اقتصادي ومن اجل توفير المواد الاولية ، وبيع السلع المصنعة للدول الاخرى ، وفي هذا يفسح المجال للمحتالين والمرتشين .

نظرية مالتوس في العمل :

نرى اليوم ان عدد السكان في العالم ضعف ما كان عليه في زمان مالتوس ان لم يكن اكثر ، وبلاشك ان البشرية اليوم تواجه مشكلة نقص الغذاء ووسائل الرفاهية ، الا ان هذه المسائل ليست قليلة ـ اي قلة ونقص الغذاء ووسائل الرفاهية ـ انما توزيعها غير صحيح ، او يعتمد على الكماليات ووسائل التجمل .

ونحن نعقد انه اذا كانت في المجتمع البشري عدالة اجتماعية ، وحياة المجتمع قائمة على اساس عدم الاسراف والافراط ، فانها تقلل الى حد ما في رفع المشكلات والنقص .

واليوم وطبق الحسابات فان الغذاء الذي يلقى في العالم الغربي من جراء الافراط والاسراف في كل يوم وليلة يكفى لاشباع مليون شخص

تكوين الاسرة في الاسلام

جائع في انحاء العالم ، ونرى اليوم دولا عديدة في انحاء العالم ان موادها الغذائية تتلف في مخازنها ، او تلقيها في البحر او تحرقها ، في حين ان هناك ملايين الجياع والمحرومين ، تفعل ذلك لاجل تركيعهم والتضيق عليهم .

وبذلك فانه ليس هناك نقص في الغذاء بل نقص في العدالة الاجتماعية ، لذلك يجب ان لانرعب كثيرا من مسالة نقص الغذاء ووسائل الراحة .

ونقول : ان مجتمعنا يمكنه ان يساهم في التنمية الاقتصادية ، لان الابناء اليوم فقط اطفال ذوي افواه مفتوحة وبطون خالية تريد ان تشبع ليسوا كثيرين جدا وبذلك فلا داعي لقلق الوالدين او المالتوسيين الدوليين ، كما انهم وبعد عدة سنوات سيشاركون في العمل الاجتماعي ، ويكونون قوى منتجة ، وسيحدث التحرك الاجتماعي والتنوع الاقتصادي وزيادة الانتاج على يد هذا الجيل ، وهذا الامر جدير بالاهتمام .

ب ـ الانجاب في نظر الاسلام:

ان الاسلام لا يحبذ اراء مالتوس وامثاله ، بل على العكس من ذلك ، فهو يدعو ويشجع على الانجاب واكثار النسل ، ونورد ههنا عدة نقاط دليلا على صدق دعوانا .

1 ـ ذم منع الحمل:

هناك الكثير من الروايات تذم منع الحمل ، فالاسلام يريد من

تكوين الاسرة في الاسلام

الانسان ان يكون صاحب خلف وابناء ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : «من مات بلا خلف فكانه لم يكن في الناس ، ومن مات وله خلف فكانه لم يمت»⁽¹⁾.

وقال امير المؤمنين (عليه السلام) :

اذا اراد الله بعبد خيرا جعل له خلقا قبل موته .

2 ـ الحث على اختيار الشريك الولود:

نظرا لرغبة الاسلام في تكثير النسل وزيادة الابناء فهو يوصي باختيار امراة ولودا لا عقيما ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : ـ

«تزوجوا بكرا ولودا ، ولا تزوجوا حسناء جملية عاقرا ؛ فاني اباهي بكم الامم يوم القيامة» ⁽²⁾ .

كما ان احد الموارد التي يجوز فيها للمراة طلب الطلاق من الزوج اذا ما كان هو عقيما .

3 ـ طلب الاولاد من الله:

كما راينا في فصل سابق في الدعاء قبل الجماع انه يتضمن طلب الاولاد من الله ، حتى عند الفقر والحاجة يوصي بانجاب الابناء ، لان الله وعد بايصال رزق يومه اليه ويرزق والديه ببركته .

وهناك اشخاص عاشوا في عصور الائمة (عليهم السلام) لم يكن

(1) مكارم الاخلاق : 219 .
(2) وسائل الشيعة : 14 / 33 ح 1.