اسماء كربلاء الاخرى

كربلاء في اللغة والتاريخ

Post on 02 September 2015


تعتبر كربلاء من المدن العراقية القديمة التي يعود تاريخها الى العهد البابلي . ويذكر ان اسمها يعني (قرب الآلهة) وذهب بعضهم الى إن اسمها مشتق من كلمة (كور بابل) التي هي عبارة عن مجموعة من قرى بابلية قديمة منها نينوى والغاضرية وكربله بتفخيم اللام ثم كربلاء وعقر بابل والنوايس والحائر ، وذهب آخرون ان اسمها مشتق من الكرب والبلاء .
وتشتهر كربلاء بقدسيتها ، فقد أريق على تربتها دم سبط الرسول الكريم الامام الشهيد الحسين بن علي (ع) وأهل بيتـه في واقعـة الطف المشهـورة سنة 61 هـ (680م) .
وكربلاء بالمد ، ذكر ياقوت الحموي في المعجم انها لفظ مشتق (كربله) وتعني الرخاوة في القدمين ، عللها لرخاوة أرضها وتربتها . ويرجع بعض المؤرخين ان العرب خففوا من لفظة كربلاء من (كور بابل) . ويقول الأب انستاس ماري الكرملي ان كربلاء منحوتة من (كورب) و(الـ) وهو أمر وارد لأن هذه البقاع سكنها الساميون قديما. واذا فسرنا (كرب) بالعربية أيضا دلت معنى (القرب) فقد قال العرب كرب يكرب مكروباً ، أي دنا وهو يعطي المعنى نفسه لدى الساميين . أما (الـ) فقد كان يعني (الال) في اللغة السامية . وعلى حسبان كربلاء من الأسماء السامية تكون القرية من القرى القديمة التابعة لبابل . وهي كما قال ياقوت الحموي ناحية من نواحي نينوى الجنوبية . ومما يدل على قدم كربلاء وجودها قبل الفتح الاسلامي ما ذكره الخطيب البغدادي بسنده الى ابي سعيد التميمي : (اقبلنا مع علي (ع) من صفين فنزلنا كربلاء ، فلما انتصف النهار عطش القوم) والمهم في هذا الحديث دلالته التوثيقية حيث يعتبر كربلاء موجودة قبل سنة 40 هـ وهو التاريخ الذي مرّ به الامام علي فيها .
وذكر ياقوت الحموي لفظة (كربلاء) واوعزها الى ثلاثة أوجه ، فقال ما نصه : «كربلاء بالمد وهو الموضع الذي قتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام) في طرف البرية عند الكوفة . فأما اشتقاقه فالكربلة رخاوة في القدمين ، يقال جاء يمشي مكربلاً فيجوز على هذا ان تكون أرض هذا الموضع رخوة فسميت بذلك ويقال كربلتُ الحنطة اذا اهززتها ونقيتها وينشد في صفة الحنطة :

يحملن حمراء رسوباً للثقل   قد غربلت وكربلت من الصقل


فيجوز على هذا ان تكون هذه الارض منقاة من الحصى والدغل فسميت بذلك ، والكربل اسم نبت الحماض . وقال أبو وجره يصف عهون الهودج :

وتامر كربل وعميم دفلى   عليها والندى سبط يمورُ


فيجوز ان يكون هذا الصنف من النبت يكثر نبته هناك فسمي به ، وقد روي ان الحسين لما انتهى الى هذه الارض قال لبعض اصحابه ما تسمى هذه القرية وأشار الى العقر فقال اسمها العقر فقال الحسين نعوذ بالله من العقر ثم قال فما اسم هذه الارض التي نحن فيها قالوا كربلاء فقال أرض كرب وبلاء وأراد الخروج منها فمنع كما هو مذكور في مقتله حتى كان منه ما كان . ورثته زوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل فقالت :

وا حسيناً فلا نسيت حسيناً   اقصـدته أسنـّة الأعـداء
غادروه بكـربلاء صريعاً   لا سقى الغيث بعده كربلاء


ونزل خالد عند فتحة الحيرة كربلاء فشكى اليه عبد الله بن وثيمة البصري الذبّان فقال رجل من أشجع في ذلك :

لقد حبسـت في كربلاء مطيتي   وفي العين حتى عاد غثاً سمينها
اذا رحلت عن منزل رجعت له   لعمري وايهـا اننـي لأهينهـا
ويمنعهـا مـن ماء كل شريعة   رفاق من الذبان زرق عيونهـا


وبعد هذا ليس بمقدور كل متتبع استيفاء البحث عن قدمها لندرة المراجع التي يمكن للباحث أن يعوّل عليها .
وتحدثنا المراجع التاريخية ان كربلاء هي أم لقرى عديدة تقع بين بادية الشام وشاطئ الفرات وانها كانت من امهات مدن بين النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس ـ الفرات القديم ـ وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة كما يستدل من الاسماء التي عرفت بها قديماً . وقد كثرت حولها المقابر كما عثر على جثث الموتى داخل اواني خزفية يعود تاريخها الى قبل العهد المسيحي . أما الاقوام التي سكنتها فكانت تعوّل على الزراعة لخصوبة تربتها وغزارة مائها.
من كل ما تقدم تتجسد لنا المكانة الرفيعة التي منيت بها هذه البقعة المقدسة والمنزلة السامية التي حظيت بها بين بلدان العالم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب: كربلاء في الذاكرة لسلمان هادي آل طعمة ص (9 - 12 ) وقد قمنا بازالة الهوامش لتبسيط الموضوع