كربلاء منذ القدم الى يومنا هذا

القرن الحادي عشر الهجري

كربلاء في القرن الحادي عشر الهجري

(1592 ـ 1686 ميلادي )

في سنة 1010 هـ كادت عساكر الوزير اسماعيل باشا تتمرد على قادتها حتى أنهم عند وصولهم إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين رضي الله عنه لم يتمكنوا من ضبطهم إذ راحوا يفعلون ما يشاؤون بغير نظام واعتدوا على الكثير من الأهلين وعند عودتهم إلى بغداد صدرت الأوامر بعزل رؤسائهم وفر قسم منهم نحو إيران خوفاً من العقاب .

في عام (1012 هـ ) و بالتحديد في 25 أيلول 1604م وصل إلى كربلاء الرحالة البرتغالي المعروف بيدرو تكسيرا ( Pedro Teixra ). وتكمن أهمية هذه الرحلة في أنها مبكرة جداً وتتحدث عن أحوال كربلاء في القرن السابع عشر الميلادي بمختلف جوانبها الاقتصادية والأجتماعية والعمرانية.

ويصف تكسيرا سكان هذه المدينة بأنهم من العرب والإيرانيين وقليل من الأتراك. وبعضهم كان من بقايا الذين جاءوا لزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) وأستوطنوا المدينة ، وقسم آخر خلفتهم الحروب التي أندلعت بين الصفويين والعثمانيين. ممن لاذ بأمان المرقد وسلام المدينة المقدسة.

وقال عن الروضة الحسينية : إن المسلمين يتوافدون لزيارتها من جميع الأنحاء.

وقال عن كربلاء : «كانت بلدة تحتوي على أربعة آلاف بيت معظمها من البيوت الحقيرة .. وقد كانت أسواقها مبنية بناء محكماً بالطابوق وملأى بالحاجات والسلع التجارية لتردد الكثيرين من الناس عليها ..» ثم اشار الى تيسر الارزاق ورخصها وتوفر المأكولات والحبوب بكثرة مثل الحنطة والرز والشعير والفواكه والخضروات واللحوم ، والى لطف الهواء فيها ، وكون جوها أحسن منه في جميع الامكنة التي زارها .

وفي سنة 1013 هـ (1604 م) ونتيجة لضعف السلطة العثمانية أصبحت كربلاء تحت سيطرة الامير ناصر بن مهنا الذي كان يطلق على نفسه لقب (ملك) والجدير بالذكر أن هذا الأمير هو شيخ قبيلة آل مهنا ، وهي من عشائر جشعم العربية. وكان يسيطر على المنطقة الممتدة من الفلوجة حتى جنوب العراق .

وقام المهنا في سنة 1013هـ (1604م) بغزو مدينة كربلاء وتمكن من الفتك بالحامية العثمانية فيها والتي أصبحت مركزاً لمديريه وبسط زعامته عليها وقد أنتهت هذه الزعامة إثر السيطرة على العراق من قبل الشاه عباس الكبير الصفوي سنة 1032هـ (1623م). وتحدث تكسيرا عن الفوضى التي كانت تضرب أطنابها في كربلاء والنجف تحت حكم المهنا المذكور اعلاه.

وروى البحاثة يعقوب سركيس في مجلة ( لغة العرب ) ما يلي : ان قبيلة آل مهنا غزت كربلاء بزعامة أميرها المدعو (ناصر بن مهنا ) شيخ مشايخ البوريش من عشائر جشعم العربية في حدود سنة 1013 هـ وبسطت زعامتها عليها زهاء أربعين عاماً انتهت زعامتها على أثر غزو العراق من قبل الشاه عباس الكبير الصفوي سنة 1042 هـ . ونظراً لاهتمام السلطان مراد خان (1035 هـ ) في انقاذ بغداد أرسل مقداراً من حرسه الخاص وقواته إلى الحلة وكربلاء حيث استولت عليهما واسكتت مدافعه نيران المقاومة وتغلب على القوات المدافعة وأبادها .

وكان الشاه عباس الكبير قد توجه ، بعد سيطرته على بغداد سنة 1032هـ (1623م) ، لزيارة كربلاء وزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) . ثم توجه عن طريق الحلة إلى النجف الأشرف لزيارة مشهد الإمام علي بن ابي طالب (ع).

وبعد وفاه الشاه عباس سنة 1038هـ (1629م) خلفه الشاه صفي الدين الأول حفيد الشاه طهماسب. وأستطاع السلطان العثماني مراد الرابع بعد حصاره بغداد في نفس السنة أن يستولي عليها وعلى العراق. وكان هذا السلطان سفاكاً للدماء وقام بمجزرة قتل خلالها زهاء ثلاثين ألف شيعي ، مما حمل الشاه صفي الدين الأول على أن يسترجع العراق من العثمانيين سنة 1042 (1633م ) . وقد قام في هذه السنة بزيارة كربلاء وبذل الكثير من الأموال من أجل ذلك. لكن العثمانيين عادوا من جديد إلى العراق فسيطروا عليه وقتلوا خلال ذلك في معركة واحدة ألفي جندي إيراني ممن يسمون بـ(قزلباش) وكان ذلك في سنة 1048هـ (1638م ) .وعندما بلغ الشاه صفي الدين هذا الخبر الذي أثاره كثيراً ، جهز جيشاً وحاصر بغداد وأستولى على العراق من جديد وقام بزيارة كربلاء والمراقد المقدسة فيها وأنعم على فقراء المدينة بالأموال والهبات الكثيرة.

وعاد العثمانيون إلى العراق مرة أخرى. وتم تعيين الوزير قبلان مصطفى باشا والياً على بغداد ، ولكن لم يذكر عن هذا الوالي سوى أنه في مطلع سنة 1088هـ (1677م) زار كربلاء وأنعم على القائمين على خدمة مرقد الإمام الحسين (ع)

تابع ايضا : تاريخ الروضة الحسينيةوكذلكتاريخ الروضة العباسيةفي هذا القرن