الروضة الحسينية

ثورة العشرين 1338 هـ

Post on 21 حزيران/يونيو 2016

ثورة العشرين ( 1338هـ ـ 1920م )

كان لكربلاء دور بارز في ثورة العراق والمطالبة بحريته وأستقلاله ، سنة 1338هـ (1920م) وذلك لأن المرجع الديني الأكبر الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي آثر الإقامة في كربلاء لقيادة الحركة المناهضة لسلطة الأحتلال.

وفي غمرة الأحداث التي تطورت نتيجة أستياء الشعب من سلطة الأحتلال البريطاني رأت الحكومة البريطانية أن تمتص غضب المعارضين فأصدرت لهذا الغرض أوامرها لوكيل الحاكم الملكي العام في بغداد ليقوم بالتعرف على آراء العراقيين في شكل الحكم الذي يريدونه ، وذلك بإجراء استفتاء عام. وحاولت سلطة الأحتلال أن تُجري الاستفتاء طبقاً لرغبتها. ولكنها فشلت في المدن المقدسة ولا سيما كربلاء ، نتيجة الفتوى الشهيرة التي أصدرها المرجع الشيخ محمد تقي الشيرازي وتأييد العلماء المجتهدين في كربلاء والنجف والكاظمية لها والتي نصت على أنه « ليس لأحد من المسلمين أن ينتخب ويختار غير المسلم للإمام والسلطنة على المسلمين ».

وبالرغم من أن كربلاء كانت منطلقاً لثورة العشرين سنة 1338هـ (1920م) بقيادة المرجع الديني الشيرازي إلا أنها سلمت مع المراقد المقدسة فيها من التعرض لأي سوء.

وكانت كربلاء قد استمرت في مقاومة رجال الاحتلال البريطاني ، وقد اكتشفت هذه السلطات في خريف 1919 مؤامرة لقتل الضباط البريطانيين والموظفين في كربلاء فقامت بتوقيف بعض الاشخاص ، كما صدرت الفتاوى بتحريم توظيف المسلمين في الادارة البريطانية فبدأت الاستقالات من خدمة حكومة الاحتلال تزداد يوماً بعد آخر . وعندما نودي بالامير عبد الله ملكاً على العراق من قبل المؤتمر العراقي في 8 آذار 1920 نشطت في كربلاء حركة واسعة تحث جميع شيوخ القبائل الفراتية توقيع وثيقة ترسل الى الامير عبد الله تدعوه للتوجه لتسلم مملكته ، كما ارتفعت الدعوة من المدينة للقيام بحركة متناسقة من أجل تشكيل حكومة مسلمة ، وكان لهذه الدعوة أثرها في اثارة القبائل للدفاع عن بيضة الاسلام ضد الكفار . ويقول ايرلند ان خطط الثورة كانت قد وضعت بصورة أكيدة في كربلاء في متنصف حزيران 1920 عندما كانت جماعات من الوجهاء وشيوخ العشائر تؤدي واجب الزيارة ، وتؤكد المس بيل هذه الحقيقة حين تقول ان خطة معينة قد وضعت للثورة حين زار كربلاء في العيد الذي صادف وقوعه في منتصف حزيران عدد كبير من الشيوخ والوجهاء .

وازاء تصاعد روح المقاومة في كربلاء قامت السلطة البريطانية في 22 حزيران باعتقال عدد من شخصيات المدينة هم : السيد حسين الدده والسيد عبد الوهاب آل طعمة وعبد الكريم العواد ، وأحمد القنبر ، وعمر الحاج علوان ، وعثمان الحاج علوان ، ومحمد علي الطباطبائي ، وأحمد البير ، وكاظم أبو ذان ، وعبد المهدي القنبر وغيرهم . ولكن هذه الاجراءات لم تؤد الا الى ازدياد روح الثورة واتساع نطاقها .

كان أول ما اندلع لسان الثـورة من كربلاء وذلـك لأمرين : (1) وجود آية الله الشيرازي قطب الوطنية في كربلاء (2) زيارة نصف شهر شعبان ، وهي الزيارة الوحيدة التي يجتمع فيها سائر المسلمين والقبائل . وكان قد عين أيام الثورة السيد محسن أبو طبيخ متصرفا في شؤون اللواء وما يتبعه .

وأخذ جمع كبير من علماء الدين وزعماء العشائر يأمون هذه المدينة لتلقي التعليمات والأوامر من القيادة الدينية وتدارس الوضع في العراق ، وكانت الأجتماعات تعقد لهذا الغرض. وعقد أحد الأجتماعات السرية في دار المرجع الديني الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي لتداول أمر الثورة مما كان له أثره البعيد في أتساع نطاقها وأستمرارها في أكثر المدن العراقية.

ولم يستطع المرزا محمد خان بهادر ، معاون الحاكم السياسي في كربلاء ، ان يحد من الروح الثورية او يقف بوجه الثوار فأنسحب من كربلاء ، وأصبحت المدينة تحت سيطرة الثوار الذين رفعوا علم الثورة العربية الكبرى على مبنى البلدية وعينوا السيد محسن أبو طبيخ متصرفاً للواء كربلاء .

أما بريطانيا فقامت بمحاصرة المدينة وذلك بقطع مياه نهر الحسينية عنها ، لكن هذه الخطوة لم يكن لها أي تأثير على تطور الاحداث وسيرها .

وقد اتهم ارنولد ويلسن ، وكيل الحاكم الملكي العام ، جهات أجنبية بأثارة المدينة ، ويقول «أن سبعة آلاف ليرة تركية ذهب قد وصلت الى ايدي المتطرفين في كربلاء خلال شهري مايس وحزيران» ومهما يكن من أمر فان المدينة بقيت في ثورتها الى ان استطاع البريطانيون العودة اليها .

ولكن بعد بضعة أشهر ، بدأت الثورة تخمد رويداً رويداً لأسباب عديدة من أهمها وفاة المرجع الديني الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي في 14آب 1920م وقيام سلطة الأحتلال بمناشدة الثوار التفاوض معها مما أدى إلى أختلاف في وجهات النظر. وحدث في هذا الوقت بالذات أمر خطير أخر وهو أن الذخيرة بدأت تنفد مما كان له اثره البعيد في إضعاف الثورة ثم توقف القتال.

المزيد من احداث القرن الرابع عشر الهجري ( كتاب بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ـ عبد الحسين آل طعمة و كتاب كربلاء في الذاكرة ـ سلمان هادي آل طعمة وكتاب عمارة كربلاء للدكتور الانصاري ) بتصرف