مستلات

وفاة النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم

Post on 14 تشرين1/أكتوير 2020

 



 في اوائل السنة الحادية عشرة للهجرة او في اواخر السنة العاشرة بعد رجوعه من الحج وقعت المصيبة الكبرى والداهية العظمى في وفاة خاتم الانبياء محمد المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وذلك في يوم الاثنين الثامن والعشرين من شهر صفر ، وكان عمره الشريف : ثلاث وستين سنة .
 عاش في مكة ثلاث وخمسين سنة ، ونزل عليه الوحي وعمره اربعين سنة ثم هاجر الى المدينة المنورة فاقام فيها عشر سنين ، وبعدها فاضت روحه الطاهرة وراسه في حجر علي بن ابي طالب عليه السلام .
 وقد روى كلا الطرفين ـ الشيعة والسنة ـ انه لما قربت من النبي صلى الله عليه واله وسلم الوفاة كان يوصي الناس بوصاياه ويحثهم على وحدة الكلمة وعدم الاختلاف بعده ، وطلب منهم التمسك بكتاب الله والعترة الطاهرة والسنة النبوية وطلب منهم عدم الابتعاد والتفرق عن الكتاب والعترة وقال لهم لا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم .
 وقال لهم :
 ايها الناس لا الفينكم بعدي ترجعون كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فتلقوني في كتيبة كبحر السيل الجرار ، الا وان علي بن ابي طالب اخي ووصيي يقاتل بعدي على تاويل القران كما قاتلت على تنزيله . وكان يكرر هذا الكلام في اكثر من مجلس ، وكان يوصي علي عليه السلام ويسره في وصاياه .
 وعندما اشتد برسول الله صلى الله عليه واله وسلم المرض وفي اخر ايامه وبينما كان الناس مجتمعين حوله اخذ يؤكد على تجهيز جيش اسامة ، والتفت الى عمر وابابكر وبعض المسلمين وقال لهم : الم امركم ان تنفذوا جيش اسامة ؟ فقالوا : بلى يا

     


رسول الله ، قال : فلم تاخرتم عن امري ؟! ثم قال صلى الله عليه واله وسلم : نفذوا جيش اسامة وكررها ثلاث مرات ، وقال : لعن الله من تخلف عن جيش اسامة ثلاث مرات . ثم اغمي عليه من التعب والاسف ، فبكى المسلمون الذين كانوا حوله ، وبعد ذلك افاق فنظر اليهم وقال :
 (ائتوني بدواة وكتف لاكتب اليكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا) .
 فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفا فقال له عمر : ارجع : فانه يهجر !! فرجع ، وحدث فيما بينهم شجار واخذوا يتلاوموا بينهم وقالوا : انا لله وانا اليه راجعون لقد اشفقنا من خلاف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
 فلما افاق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال بعضهم : الا ناتيك بدواة وكتف يا رسول الله ؟ فقال : ابعد الذي قلتم ، لا ، ولكني اوصيكم باهل بيتي خيرا ، واعرض بوجهه عن القوم ، فنهضوا وخرجوا وبقي عنده العباس ، والفضل بن العباس ، وعلي بن ابي طالب عليه السلام ، واهل بيته خاصة ، فقال له العباس : يا رسول الله ، ان يكن هذا الامر فينا مستقرا من بعدك فبشرنا ، وان كنت تعلم انا نغلب عليه فاقض بنا ، فقال صلى الله عليه واله وسلم : انتم المستضعفون من بعدي وصمت ، فنهض القوم وهم يبكون قد يئسوا من النبي صلى الله عليه واله وسلم .
 ولما هموا بالخروج دعا عمه العباس فقال له يا عم رسول الله تقبل وصيتي وتنجز عدتي وتقضي ديني فلم يوافق العباس لانه شيخ كبير فدعا عليا فجاء ، فقال له : ادن مني ، فدنا فضمه اليه ثم نزع خاتمه من يده ، فقال له : خذ هذا فضعه في يدك ودعا بسيفه ودرعه وجميع لامته فدفع ذلك اليه ، والتمس عصابة كان يشدها على بطنه اذا لبس سلاح وضرب للحرب ، فجيء بها فدفعها الى علي عليه السلام وقال له امضي على اسم الله تعالى الى منزلك .

     


 وفي اليوم الثاني حجب الناس عنه وثقل في موضعه وكان امير المؤمنين عليه السلام لا يفارقه ، تقول ام سلمة : وفي اخر لحظة دعا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا فجاء فلما دنا منه اوما اليه فاكبب عليه فناجاه طويلا ثم قام فجلس ناحية حتى اغفى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، فقال من حضر لعلي عليه السلام ما الذي اوعز اليك يا ابا الحسن ؟ فقال : علمني من العلم الف باب فتح لي كل باب الف باب ، واوصاني بما انا قائم به ان شاء الله تعالى .
 فلما قربت خروج روحه صلى الله عليه واله وسلم قال لعلي عليه السلام ضع راسي في حجرك فقد جاء امر الله تعالى ، فاذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك ، ثم وجهني الى القبلة وتول امري وصل علي اول الناس ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي واستعن بالله تعالى .
 فاخذ علي عليه السلام راسه فوضعه في حجره وفاضت روحه الشريفة في حجر علي بن ابي طالب عليه السلام فاكبت فاطمة عليه تبكي وتندبه ، انا لله وانا اليه راجعون ... «وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ...» (1) .
 وكان ذلك في يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة احدى عشرة من هجرته صلى الله عليه واله وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة ، ولم يحضر دفن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اكثر الناس : لما جرى بين المهاجرين والانصار من التشاجر في امر الخلافة وفي سقيفة بني ساعدة ، ولم يصلي عليه اكثرهم ... !!! (2)

 

1ـ ال عمران : 144.
2ـ لتفصيل اكثر راجع منتهى الامال : ج1 ص199.

http://www.holykarbala.net/books/akhlaq/hekam1/q-r.gifhttp://www.holykarbala.net/books/akhlaq/hekam1/03.html#24

حكم ومواعظ من حياة الانبياء - الجزء الاول