معجم أنصار الحسين عليه السلام  (الهاشميون) الجزء الاول

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (الهاشميون) الجزء الاول

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

عون بنت محمد بن جعفر(1)، وبالإضافة إلى ذلك فقد روى عنها سعيد بن المسيب(2)، وعبيد بن رفاعة(3)، وأبو بردة بن أبي موسى(4)، وفاطمة بنت علي «عليه السلام»، وعبد الله بن العباس(5)، وعبد الله بن شداد(6)، وأبو زيد المدني(7)، وعروة بن الزبير(8) وأبو موسى الأشعري(9) وعمر بن الخطاب، وكان ابن الخطاب يسألها عن تفسير المنام ونقل عنها أشياء من ذلك، وفرض لها ألف درهم(10).

___________
(1) أم عون: هي بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب الهاشمية، ويقال لها أم جعفر وهي زوجة محمد ابن الحنفية وهي أم ابنة عون، وقد روت عن جدتها أسماء، وروى عنها ابنها عون وأم عيسى الجزار- راجع تهذيب التهذيب: 6/631.

(2) سعيد بن المسيب: هو حفيد حزن بن أبي وهب المخزومي (13- 94هـ) أحد الفقهاء السبعة في المدينة، كان يعيش من التجارة، بالزيت، ولد وتوفي في المدينة.

(3) عبيد بن رفاعة: هو حفيد رافع بن مالك بن العجلان الأنصاري الزرقي، ولد في عهد النبي (ص) وكان في عهد عمر بن الخطاب ابن عشر سنين، روى عن الرسول (ص) مرسلاً، وقيل اسمه «عبيد الله».

(4) أبو بردة: هو عامر بن عبد الله بن قيس المتوفى عام 103هـ، ولي قضاء الكوفة بعد شريح، كان يبغض علياً «عليه السلام»، وكان ممن سعى في قتل حجر بن عدي الكندي، وشهد على ذلك، وابنه بلال كان قاضياً على البصرة.

(5) عبد الله بن العباس: هو حفيد عبد المطلب الهاشمي ( 3ق.هـ- 68هـ) الصحابي المعروف ابن عم الرسول (ص) عرف بتفسيره.

(6) عبد الله بن شداد: هو حفيد الهاد الليثي المتقدم ذكره، توفي بل اغتيل عام 82هـ، كان كثير الحديث من الموالي لأهل البيت «عليه السلام» شهد مع علي النهروان، ولد على عهد الرسول (ص)، أمه سلمى بنت عميس الخثعمية.

(7) أبو زيد المدني: هو خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري (29- 99هـ) أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، ولد وتوفي في المدينة.

(8) عروة بن الزبير: هو حفيد العوان الأسدي (22- 93هـ) أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، ولد في المدينة، سكن البصرة ثم مصر فتزوج فيها وأقام فيها سبع سنين ثم رجع إلى المدينة وتوفي فيها.

(9) أبو موسى الأشعري: هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار (21ق.هـ- 44هـ) ولد في زبيد (اليمن) قدم إلى مكة فأسلم ثم هاجر إلى الحبشة، ولاه الرسول (ص) على زبيد وعدن، كان أحد الحكمين في معركة صفين، سكن الكوفة فتوفي فيها.

(10) أعلام النساء لكحالة: 1/58.

(149)

 

وقيل عندما بلغها قتل ابنها محمد بن أبي بكر(1)- عام 38هـ- جلست في مسجدها وكظمت غيظها حتى شخبت ثدياها دماً(2).

       وروى الصدوق عن الإمام الباقر «عليه السلام» قال: رحم الله الاخوات من أهل الجنة، فسماهن: أسماء بنت عميس الخثعمية، وكانت تحت جعفر بن أبي طالب، وسلمى بنت عميس الخثعمية(3)، وكانت تحت حمزة(4)، وخمس من بني هلال: ميمونة بنت الحارث(5) كانت تحت النبي (ص)، وأم الفضل عند  العباس(6) اسمها هند(7)، والغميصاء أم خالد بن الوليد(8)- أم الفضل الكبرى ابنة الحارث، أخت أسماء- وعزة كانت في ثقيف عند الحجاج بن غلاظ(9)،

_____________

(1) محمد بن أبي بكر عبد الله بن عثمان التيمي: ولد عام 10هـ في ذي الحليفة يوم الاثنين الرابع من ذي الحجة في حجة الوداع، رباه علي بن أبي طال «عليه السلام»، شارك علياً «عليه السلام» في معركة الجمل وصفين، ولاه علي إمارة مصر فقتله أصحاب معاوية وأحرقوه ودفن خارج مدينة الفسطاط.

(2) تهذيب التهذيب: 6/581.

(3) سلمى بنت عميس الخثعمية: كانت من رباب العقل والكمال تزوجها عم الرسول (ص) حمزة في مكة وأسلمت بإسلامه، وكانت من الرواة.

(4) حمزة بن عبد المطلب عم الرسول (ص) (54ق.هـ- 3هـ) ولد في مكة وقتل في معركة أحد قرب المدينة.

(5) ميمونة بنت الحارث: هي حفيدة أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك المصطلقية، كانت من سبي يوم المريسيع فكاتبها رسول الله (ص) فلما حررت نفسها تزوجها عام 5هـ، كان اسمها برة فسماها  جويرية وميمونة، توفيت عام 56هـ.

(6) العباس بن عبد المطلب عم الرسول (ص) (51ق.هـ- 32هـ) ولد في مكة، وتوفي في المدينة، وهو جد العباسيين.

(7) هند: وقيل اسمها أبانة، والصحيح لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير الهلالية ماتت قبل زوجها في عهد عثمان.

(8) أم خالد: قيل اسمها لبابة الصغرى وتسمى عصماء ويقال: إن عصماء غير لبابة الصغري أم خالد، ومن أخواتها لبابة الكبرى وعصماء وعزة وهزيلة وميمونة أخوات لأب وأم، وعلى أي حال فإذا كانت هي الكبرى فزوجة العباس هي الصغرى، وإذا كانت هي الصغرى فزوجة العباس هي الكبرى.

(9) عزة: هي إحدى شقيقات أم الفضل بنت الحارث المصطلقية، وأما زوجها الحجاج بن غلاظ الثقفي فلم نجد له ذكراً.

(150)

 

وحميدة(1) ولم يكن لها عقب(2).

       وكان أبو بكر أوصى أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس(3).

       وكانت أسماء تخرج في غزوات الرسول (ص)  وذلك عندما رجعت من الحبشة فكانت تخرز السقاء وتداوي الجرحى وتكحل العين(4).

       وهي التي مرضت الزهراء «عليه السلام» ووصت إليها بوصاياها، ومما قالته لها: ألا ترين إلى ما بلغت فلا تحمليني على سرير ظاهر.

       فقالت أسماء: لا لعمري ولكن أصنع نعشاً كما رأيت يصنع بالحبشة.

       قالت: فأرينيه.

       فأرسلت إلى جرائد رطبة فقطعت من الأسواق(5) ثم جعلت على السرسر نعشاً وهو أول ما كان النعش فتبسمت فاطمة(6).

       ووصتها أن لا يغسلها إذا ماتت إلا هي وعلي فأعانت علياً على غسلها(7).

       ولما توفيت فاطمة جاءت عائشة لتدخل فمنعتها أسماء، فشكتها إلى أبي بكر، فقالت لأبي بكر: إنها أمرتني أن لا يدخل عليها أحد(8).

________________

(1) حميدة: هي ابنة الحارث الهلالية، روت عن جابر وروى عنها عبد الله بن جبلة.

(2) الخصال: 363.

(3) الإصابة: 4/231.

(4) مستدركات علم الرجال: 8/547.

(5) الأسواق: لعل الصحيح من الأسواق، أي بمقدار الساق.

(6) بحار الأنوار: 43/189.

(7) راجع بحار الأنوار: 43/184.

(8) مستدركات علم الرجال: 8/548.

(151)

 152(152)

 

7

والدة عون الأكبر بن علي

ق1- ب40هـ

ق622- ب660م

 

       هي: أم عون الأكبر بن علي بن أبي طالب «عليه السلام»، كانت من أمهات الأولاد، وبما أن عون الأكبر- كما تذكر المصادر(1)- جرح في معركة النهروان(2) التي وقعت بين الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» والخوارج عام 38هـ على أرض النهروان، وأنه وأخوه معين ماتا على مقربة من بغداد- الحالية- حيث يتواجد هناك قبر لعون ومعين ابني أمير المؤمنين «عليه السلام» كما أشار إلى ذلك ابن جبير(3) واشار إلى هذا المشهد ياقوت الحموي في معجم الأدبار(4)، يتبين لنا أن عون كان له من العمر آنذاك ما يؤهله للمشاركة في القتال وإلا لما جرح، ومعنى ذلك: لا بد وأنه قد تجاوز السادسة عشرة من عمره، وعليه فتكون ولادته قبل عام 22هـ، ولكن باعتبار أنه وصف بالأكبر بينما وصف عون ابن أسماء بنت عميس بعون الأصغر لا بد وأن تكون ولادة الأكبر قبله ولما كانت ولادة الأصغر حدود عام 16هـ فإن الاكبر لا بد وأن تكون ولادته قبل عام 16هـ وعلى أقل التقديرات كانت الولادة عام 15هـ، وهذا يعني أنه أمه كانت في عام 15هـ، بالأحرى عام 14هـ لها من العمر ما يؤهلها للحمل، وهذا يتطلب أن تكون ولادتها قبل الهجرة،

_____________
(1) راجع بطل العلقمي: 3/529.

(2) تحفة العالم: 1/238.

(3) رحلة ابن جبير: 180.

(4) معجم الأدباء: 17/57.

(153)

 

ومن هنا فاحتمال أنها أسرت في إحدى غزوات المسلمين واشتراها الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» بعد وفاة فاطمة «عليه السلام» وارد، هذا أكثر ما يمكن احتماله، وللاحتمال حدود لا بد من الالتزام بها.

       كما يحتمل أن يكون وصفه بالأكبر وابن أسماء الأصغر- والذي هو من وصف المظفر على ما يظهر(1)- هومن الخلط بينهما فيكون ابن أسماء الأكبر، وابن الأمة الأصغر، ويؤيد هذا الأمر عدم بروز ذكره، ولعل هذا الاحتمال هو الأوجه، والله العالم.

       وهناك ثلاثة مراقد أخرى تنسب إلى عون بن علي وهي كالتالي:

       1- قبر في   ضواحي كربلاء العراق.

       2- قر في الزرفية(2)- العراق.

       30 قبر في جبل سرخاب- إيران.

       فالأول: يقع في شمال مدينة كربلاء على يمين الطريق المؤدي إلى بغداد، وهو عامر إلى يومنا هذا، وقد توصل المحققون إلى أن صاحبه ليس من شهداء كربلاء، بل هو عون بن عبد الله الحسني(3)، وهو من الهاشميين الحسنيين(4).

       والثاني: والذي عرف عند الناس في منطقته بمرقد عون بن علي، فالظاهر أنه أحد الهاشميين من أحفاد الإمام الحسن «عليه السلام»(5) والظاهر هو

____________

(1) بطل العلقمي: 3/529 وظاهر عبارته يدل انه نقل ذلك عن معالي السبطين: 1/429 عن روضة الأخبار، إلا أنه ليس كذلك بعد مراجعة المعالي.

(2) الزرفية: نهر يتفرع من الفرات عند شط الحلة السبل، وهي من ضمن أراضي الهاشمية والمرقد يقع في حدود هذا النهر.

(3) عون بن عبد الله الحسني: هو حفيد جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن إدريس بن دواد بن أحمد المسعود بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد المحض ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب «عليه السلام».

(4) راجع مراقد المعارف: 2/141، وفصل المزارات من مدينة الحسين من هذه الموسوعة.

(5) راجع مراقد المعارف: 2/143.

(154)

 

من الحسنيين الذين حبسهم المنصور العباسي في سجن الهاشمية(1) والتي تعد الزرفية من نواحيها، وقد مات في حبسه عدد من الهاشميين في حدود عام 145هـ(2).

       والثالث: يعرف ببقعة «عون بن علي وزين علي» وعرفه البعض بمرقد «عين علي وزين علي» وهو محرف عون علي وزيد علي كما ذكر المصدر، ومن كتب عن هذا المرقد ذكر بأنه عون ابن أسماء بنت عميس الخثعمية، وذكر بأنهما خرجا في غزوة من الغزوات فقتلا هناك ودفنا في هذا الموقع(3) وسنأتي على تفاصيل ذلك لدى ترجمة عون الأصغر ابن أسماء بنت عميس إن شاء الله تعالى، وفي الحديث عن زيد بن علي قريباً، كما سبقت الإشارة إلى كذلك أيضاً.

       ومما نقلناه يظهر أن ما ذكر ليس هوعون الاكبر الذي نتحدث عنه، فلو صح لكان مرقد عون الأكبر هو المرقد المعروف في بغداد والذي يقع في الجانب الغربي من بغداد عند باب البصرة تلك البوابة القديمة التي كان الناس يتوجهون منها إلى البصرة عندما كان لبغداد سور يحيط بها، وبما أن حديثنا في النهاية لا بد وأن يصب في القضية الحسينية، فالمقصودد من كل ما أوردناه هو أن أم عون الأكبر على فرض وجوده هي أم ولد، وأن وفاته قد تمت في حياة أبيه إثر معركة النهروان على أثر جرج أصيب به في هذه المعركة عام 38هـ، وبمقتله خرجت أمه من كونها أم ولد فهي إذاً ليست من الثماني عشرة التي توفي عنهن علي «عليه السلام» بل من تلكالتي حررت من ثلث تركة الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» حسب الوصية التي أوصلى بها، فهي إذاً ولدت قبل عام 1هـ وتوفيت بعد عام 40هـ، وأما ابنها عون الأكبر فقد ولد نحو عام 15هـ وتوفي عام 37هـ.

___________

(1) الهاشمية: بلدة بناها أبو العباس السفاح، تقع على شاطىء الفرات الأيسر قرب الأنبار وهي الآن مركز قضاء، تابع لمحافظة بابل- في العراق.

(2) راجع مشاهد العترة الطاهرة: 285ـ 290.

(3) تاريخ تبريز تابايان قرن نهم هجري: 235.

(155)

 156

(156)

 8

والدة معين بن علي

نحو 1- ب40هـ

نحو 622- ب660م

 

       هي: أم معين بن علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وقد كانت أم ولد استشهد ابنها معين في حرب النهروان، والحديث عنه لا يختلف عن أخيه عون الأكبر حيث إن المصادر ذكرت بأنهما جرحا في معركة النهروان التي وقعت عام 38هـ في العراق وتوفيا على مقربة من بغداد الحالية ودفنا معاً وأقيم عليهما مرقد واحد ظل إلى أيام الرحالة ابن جبير(1) المتوفى عام 614هـ وياقوت الحموي(2) المتوفى عام 626هـ.

       ولكن الكلام هنا يدور حول اتحاد أمهما أو تغايرهما، فالظاهر من كلام مترجميهما أنهما متغايران لأن التعبير عن ابنيهما جاء بالأخ وليس بالشفيق، وباعتبار أنهما متغايران لأن التعبير عن ابنيهما جاء بالأخ وليس بالشقيق، وباعتبار أن الأصل في التعبير هو الالتزام بالدقة فهو يوحي إذاً إلى عدم اتحاد الوالدتين، ومن المعلوم أن أم معين كانت أم ولد كما كانت أم عون الأكبر وقد سبق وتحدثنا عن ذلك هناك.

       وأما بالنسبة إلى عمرها فالذي يمكن فهمه من مشاركة ابنها في القتال

___________
(1) ابن جبير: هو محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي المولود عام 540هـ، الرحالة المعروف، وكان بالإضافة إلى ذلك أديباً شاعراً، ولد في بلنسية، وتوفي في الاسكندرية، له نظم الجمان، ديوان شعر، ورحلته.

(2) ياقوت الحموي: هو ابن عبد الله الرومي المولود سنة 574هـ أصله من الروم، أسر من بلاده وصل إلى بغداد فابتاعه عسكر بن إبراهيم الحموي، فنشأ عليه خير نشأة، واستخدمه في التجارة، فكان معه إلى أن توفي مولاه فاستقل بعمله ورحل رحلة واسعة جال غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً حتى حل بحلب فتوفي فيها، له كتاب معجم البلدان، ومعجم الأدباء، وإرشاد الأريب.

(157)

 

معركة النهروان أنه لا بد وأن يكون في سن يمكنه المشاركة في القتال، وأقله ست عشرة سنة فعليه تكون ولادته على الأقل لا تتأخر عن سنة 22هـ، بمعنى أنه أمه لا بد وأنها كانت في حبالة علي «عليه السلام» عام 15هـ، وهذا يعني أن ولادتها لا بد وأن تتأخر عن السنة الأولى من الهجرة، هذا ما يمليه علينا الطبيعة البشرية في الأعم الأغلب، وإذا كانت ولادتها عام 1هـ فلا نجد مانعاً طبيعياً يحول دون بقائها على قيد الحياة إلى ما بعد وفاة سيدها علي بن أبي طالب «عليه السلام» المستشهد  عام 40هـ، وبما أن ليس لدينا أي معطيات فلا بد أن نستصحب حياتها إلى وقت وفاته «عليه السلام»، ولكنها باستشهاد  ابنها خرجت من كونها «أم ولد» لتصبح من الإماء اللائي شملتهن الحرية بالوصية من ثلث أمير المؤمنين «عليه السلام»، وأخيراً فإن معيناً إذا صحت نسبته فهو من موالدي عام 16هـ ومقتله عام 38هـ، وقد أورد ذكره وأخاه بحر العلوم الطباطبائي(1) في تحفة العالم(2)، ونقل عنه المظفر في كتابه بطل العلقمي(3).

       وأما القبر المعروف في قضاء الهاشمية التابع لمحافظة بابل في العراق- عند قبيلة الجوازرية، إحدى قبائل الجبور النازلة على نهر الجربوعية في أطراف الحلة في العراق والقريبة من مرقد أسماء بنت عميس الخثعمية فهو قبر يحيى بن علي وأسماء الخثعمية، وقد أقحم   اسم المعين إليه(4) وقد سبق الحديث عنه.

158__________
(1) بحر العلوم الطباطبائي: هو جعفر بن محمد باقر بن علي بن رضا الطباطبائي (1289- 1377هـ) ولد وتوفي في النجف، كان من العلماء الأعلام، له شرح نجاة العباد في الفقه.

(2) تحفة العالم: 1/238.

(3) بطل العلقمي: 3/530.

(4) راجع مرقد المعارف: 2/396.

(158)

 

9

محياة بنت امرئ القيس الكلبي

نحو 3ق.هـ- نحو 20هـ

 

       هي: محياة(1) بنت امرىء القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب ابن عليم بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عون بن عذرة بن زيد بن اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب الكلبية(2).

       وأمها: هند الهنود بنت الربيع بن مسعود بن حصاد(3) بن حصن بن كعب بن عليم بن جناب الكلبية(4).

       وأم هند: ميسون بنت عمرو بن ثعلبة بن حصين بن ضمضم(5).

       وأم ميسون: هي الرباب بنت أوس بن حارثة بن ألأم الطائية(6).

       إذاً فإن أباها امرء القيس ينتمي إلى كلب بن مرة، وهم بطن من قضاعة من القحطانية كانوا بدومة الجندل وتبوك وأطراف الشام، وانتشروا في بادية الشام والسماوة في العراق أيضاً، وكانوا في الجاهلية قد اتخذوا بدومة

__________

(1) في أعيان الشيعة: 1/327 «مخبأة» ولعله من التصحيف.

(2) أعيان الشيعة: 6/449، تاريخ الطبري: 2/163.

(3) وجاء في الأعيان نقلاً عن الأغاني: مسعود بن مروان بن حصين بن كعب، وأما في الأغاني: 16/146 مسعود بن معاذ بن حصين بن كعب.

(4) مقاتل الطالبيين: 94.

(5) مقاتل الطالبيين: 94.

(6) أعيان الشيعة: 6/449.

(159)

 

الجندل صنماً يدعى وداً ثم دخلوا في دين النصرانية ثم دخلوا الإسلام(1).

       وكان امرؤ القيس ممن دخل الإسلام مع من دخلوا من بني قومه عام 10هـ وكان قد وفد من قبلهم جماعة إلى الرسول (ص) فأسلموا ورجعوا إليهم ونشروا الإسلام(2)، ولما كانت أحداث عام 11هـ عندما تولى أبو بكر الأمر ورفضت بعض القبائل مبايعته فأرسل الجيوش لمقاتلتهم. وسموها بحروب الردة، وفي هذه الأحداث انقسم بنو كلب إلى طائفتين طائفة عارضت وطائفة رضيت بالأمر الواقع، ويقول الطبري فارتد وديعة الكلبي فيمن آزره من كلب، وبقي امرؤ القيس على دينه.. فكتب أبو بكر إلى امرىء القيس ابن فلان، وهو جد سكينة ابنة فسار لوديعة وإلى.. وآخرون فخرجوا هراباً(3).

       ومضت الأيام والليالي فقصد امرؤ القيس المدينة وبصحبته ثلاثة من بناته المحياة وسلمى والرباب وذلك أيام عمر بن الخطاب (13- 23هـ) ودخل على عمر بن الخطاب فسأله عمر من أنت؟

       قال: أنا امرؤ القيس بن عدي الكلبي.

       فلم يعرفه عمر، فقال لعمر رجل من القوم، هذا صاحب بكر بن وائل الذي أغار عليهم(4) يوم فلج(5).

       وكان يريد البيعة لعمر بن الخطاب بعد تلك الأحداث، فبايعه وعرض عليه عقيدته(6)، فنصبه عمر أميراً على قضاعة.

____________

(1) راجع معجم قبائل العرب: 3/992 وهامشه.

(2) راجع الطبقات الكبرى لابن سعد: 1/334.

(3) راجع تاريخ الطبري: 3/254 باختزال.

(4) أي أغار امرؤ القيس على بني  بكر بن وائل.

(5) يوم فلج: كانت فيه حروب الردة راجع تاريخ الطبري: 2/264.

(5) وما جاء في الأغاني: 16/148 أنه أسلم على يد عمر حيث كان نصرانياً غير صحيح، أو يقال إنه ارتد فليس بصحيح لأنه حيا عمر بتحية الإسلام كما ذكر ابو الفرج الأصبهاني في الأغاني نفسه، وقال ابن الأثير في الكامل: 2/443 إن امرء القيس جد سكينة بنت الحسين «عليه السلام» كان عامل الرسول (ص) على قضاعة وكلب، ولم يرتد بعد فوت الرسول (ص).

(160)

       ثم إنه التقى بعلي بن أبي طالب «عليه السلام» فما أمسى ذلك اليوم إلا وخطبت بناته الثلاث لآل الرسول (ص) فخطبت المحياة لأمير المؤمنين «عليه السلام»، والثاني سلمى(1) للحسن الزكي بينما كانت الرباب من نصيب الحسين «عليه السلام»(2) فأصبح  بتلك المصاهرة قريباً من أهل البيت النبوي، ومن الموالين لهم(3)، ولذلك نجده في عام 39هـ(4) عندما عقد معاوية بن أبي سفيان للضحاك بن قيس الفهري لواء يضم أربعة آلاف مقاتل ليغيروا على أعمال علي «عليه السلام» قصداً للفساد  في الأرض فنهبوا الأموال وقتلوا من لقي من الأعراب وأغاروا على الحاج وقبضوا على جماعة  من أصحاب علي «عليه السلام»، عندها عقد علي «عليه السلام» لواء بإمرة حجر بن عدي الكندي على أربعة آلاف مقاتل فخرج حتى مر بالسماوة(5)- في العراق- وهي آنذاك أرض لبني كلب فلقي بها امرؤ القيس بن عدي الكلبي فكان امرؤ يدل حجر على الطريق وعلى المياه، فلم يزل حجر مغذا في أثر الضحاك  حتى لقيه بناحية تدمر فواقعه  فاقتتلوا ساعة فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلاً وقتل من أصحاب حجر رجلان، ولما حجر الليل بينهم مضى الضحاك هارباً، فلما أًصبح حجر وأصحابه لم يجدوا للضحاك وأصحابه أثراً(6).

       ومما قدمناه بتبين لنا أن امرء القيس كان على أيام الرسول (ص) صاحب جاه ومقام في قومه، والغالب أن يكون من مثله قد صلب عوده ولا

________
(1) جاء في أنساب الأشراف «زينب» وربما سماها الحسن بعد ذلك زينب، وفيه أنها لم تلد للحسن «عليه السلام».

(2) راجع الأغاني: 16/148- 149، وقد اختزلنا الموضوع وأسقطنا ما لا يطابق بقية النصوص. راجع أيضاً أعيان الشيعة: 6/499، والذي نقل عنه أيضاً باختزال، وراجع سكينة بنت الحسين للمقرم: 133، ولكنه يستبعد حدوث مثل هذا، ومعه الحق،  ولكن إذا أسقطنا الشوائب بقرائن أخرى صلح الحدث بشكل عام، وترتفع بعض الإشكالات، راجع أيضاً أنساب الأشراف: 2/194.

(3) وقد قال لعلي لدى الخطبة كما في أنساب الأشراف «نعمة عين وكرامة».

(4) راجع تاريخ الطبري: 3/150.

(5) السماوة: في هذه الإيام مدينة كبيرة مركز قضاء تابعة  لمحافظة المثنى في جنوب العراق.

(6) راجع أعيان الشيعة: 3/474، وتاريخ الطبري: 3/150.

(161)

 

يكون إلا قد تجاوز العقد الثاني من عمره وقارب الثلاثين، ولا أقل أن يكون قد ولد قبل الهجرة بعشرين عاماً، ومن المعلوم أنه كان حياً في حدود الأربعين من الهجرة.

       كما يفترض أن تكون بناته حسب ما اختار لكل واحدة منهن بعلا من أهل البيت «عليه السلام»- بعد استشارتهن بالطبع- الأكبر للكبرى، والأوسط للوسطى، والأصغر للصغرى، فيما أن المحياة أصبحت من نصيب علي «عليه السلام» وسلمى من نصيب الحسن «عليه السلام» والرباب من نصيب الحسين «عليه السلام» فلا بد أن تكون المحياة هي الكبرى بينما تكون الرباب(1) هي الصغرى وعليه لا بد أن تكون الميحاة آنذاك في سن من تحيض وهي الرابعة عشرة في الأغلب الأعم، بينما تكون سلمى في الثانية عشرة، والرباب في العاشرة، وفيما لو أخذنا بهذا الاحتمال فسنواجه العديد من المحاذير:

       1- إن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» كان قد تزوج أمامة العبشمة بتاريخ 12/6/11هـ، بينما تزوج أم البنين فاطمة الكلابية بعدها وقبل عام 12هـ، ثم تزوج من خولة الحنفية في محرم عام 12هـ، وأسماء الخثعمية بعيد 13/11/13هـ فهذه أربع حرائر التي جمع علي «عليه السلام» بينهن في هذا التاريخ، وهذا يعني أنه في عهد عمر بن الخطاب لم يكن قادراً على الزواج من الخامسة.

       وربما أمكن حل هذا المجذور بالتالي: وهو أن خولة الحنفية ربما تكون قد توفيت عام 19هـ كما احتملناه، وتزوج بعدها بأم سعيد في عام 20هـ فيكون وصول امرىء القيس الكلبي أيام وفاة خولة الحنفية أي في عام 10هـ، ولكنها بعدما أنجبت له جارية سميت بأم يعلى هلكت كما هلكت ابنتها خلال سنة واحدة ليتسنى الزواج من أم سعيد في عام 20هـ.

       ويرد عليه أنه تخمين صرف لا يحف بالقرائن المؤيدة له ليلقى قبولاً.

       وربما أمكن الإجابة على ذلك بأن فيما ذكر سابقاً من وقوع الحدث في عهد ابن الخطاب وعدم إمكانه  لزواج من أكثر من أربع حرائر هو الذي

____________

(1) الرباب توفيت عام 62هـ كما في أعيان الشيعة: 6/449.

(162)

 

حصرنا بهذا الوقت، وهذا هو من الجمع الصناعي الذي يقدم على طرح الأقوال، وال مال إليه السيد المقرم(1) مستدلاً بأمرو أهمها أمران:

       الأول: إن النص الذي نقله  أبو الفرج الأصفهاني مشين في حق الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» حيث ذكر بأنه «عليه السلام» تبع الإمام امرىء القيس ومعه ابنا الحسن والحسين وخطب بناته.

       والثاني: استبعاد كثرة الفاصلة الزمنية بين زواج الحسين من الرباب وبين إنجابها سكينة والذي يصل على أقل التقادير إلى 24 عاماً، إذا ما تم الزواج قبيل وفاة عمر بن الخطاب عام 23هـ، وتمت ولادة سكينة عام 47هـ، لتبقى حائلاً كل هذه الفترة(2).

       ولكن بالنسبة إلى الأول فإننا نوافقه بأن التعبير الوارد في الأغاني لا يستساغ، ولكن الجوهر هو اللقاء الذي حصل بينه وبين علي «عليه السلام»، وبعدما هذبنا النص وشذبناه حتى أًصبح قابلاً للتعامل معه وذلك حسب معطيات تسلسل الأحداث عندها يمكن اعتماده.

       وأما بالنسبة إلى الثاني: فإن استبعاد هذا الفصل الزمني بين الزواج والإنجاب محل نظر:

       أولاً: لأن هناك من النساء من هي كذلك.

       ثانياً: إن سكينة لم تلد في عام 47هـ بل عام 42هـ وربما قيل قبل ذلك بمقتضى أنها كانت من أتراب فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» حيث جاء الحسن المثنى إلى عمه الحسين «عليه السلام» ليخطب إحداهما وإذا قلنا بأن فاطمة ولدت عام 20هـ فمن المستبعد القول بأن سكينة ولدت عام 47هـ.

       ثالثاً: إن قريباً من هذا الفصل حدث بين وليدها الأول سكينة ووليدها الثاني عبد الله شقيقها إذ ولد عبد الله(3) عام 60هـ(4)، وكذلك حدث مع أم

___________
(1) المقرم: هو عبد الرزاق بن محمد بن عباس الموسوي (1316- 1391هـ) ولد وتوفي في النجف الأشرف، كان من الخطباء الفضلاء، من آثاره: الإمام زين العابدين، سر الإيمان، وعاشوراء في الإسلام.

(2) راجع السيدة سكينة: 135.

(3) عبد الله ويقال إنه علي الأصغر، وللتفضيل راجع ترجمتها من هذا المعجم.

(4) راجع السيدة سكينة: 138، مقاتل الطالبيين: 94.

(163)

 

البنين فاطمة الكلابية ونجلها البكر العباس بن علي «عليه السلام» حيث تزوجت من علي «عليه السلام» بين الشهر السابع إلى الثاني عشر من عام 11هـ وأنجبت له العباس في عام 26هـ.

       2- هو المحذور الذي طرحه المقرم أيضاً حول الفصل الزمني الكثير بين الزواج والإنجاب  وقد أجبنا عنه بما يكفي.

       وأخيراً بما أننا لا يمكننا القول بانها وصلت إلى حبالة علي «عليه السلام» بملك اليمين بعد هذه النصوص فلا بد من القول بأن اقترانها بعلي «عليه السلام» كان بعقد الزواج، ولولا هذا النص لقلنا إنها سبيت في الفتح الإسلامي الذي أقدم عليه عمر بن الخطاب آنذاك ومنها في تلك الديار، وحيث لا سبيل إلى ذلك فلا بد من الأخذ بالاحتمالات إلى أن تظهر لنا بعض وجهات النظر والأدلة على زمان زواجها وكيفيته.

       3- إن المعروف أن أمير المؤمنين «عليه السلام» تزوج  سبع نساء بعقد النكاح كما ذكر ذلك الأربلي بعد عد سبع من أزواجه وهن: البتول فاطمة، وخولة الحنفية، وليلى بنت مسعود، وأم البنين، وأسماء بنت عميس، وأمامة بنت أبي العاص، وأم سعيد بنت عروة، فقال ما نصه: «فهؤلاء من المعقود عليهن نكاحاً وبقية الأولاد من أمهات شتى أمهات أولاده»(1).

       ولكن في قبال ذلك نقل ابن شهراشوب(2) نقلاً عن قوة القلوب: «إنه تزوج بعشر نسوة»(3)، وأما الكاظمي(4) فقد نقل عن الإمامي(5) ما نصه: «إن

____________
(1) كشف الغمة: 2/68.

(2) ابن شهرآشوب: هو محمد بن علي بن شهرآشوب بن أبي نصر بن أبي جيش المازندراني (488- 588هـ) ، ولد في مازندران وتوفي في حلب وقبره بالقرب من مشهد الحسين، من العلماء والأعلام، له: معالم   العلماء الأفاضل الأدباء الشعراء، له مؤلفات كثيرة منها: صرف العناية في الأصول، أحسن الوديعة، وبغية اللبيب.

(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: 3/305.

(4) الكاظمي: هو محمد مهدي بن محمد بن محمد صادق الأصفهاني (1319ـ1391هـ) ولد وتوفي في الكاظمية، ودرس في كربلاء والنجف، وكان من العلماء الأفاضل الأدباء الشعراء، له مؤلفات كثيرة منها: صرف العناية في الأصول، أحسن الوديعة، وبغية اللبيب.

(5) الإمامي: هو محمد رضا بن محمد مؤمن الإمامي المدرس بأصبهان، بدأ بتأليف كتابه جنات الخلود عام 1125هـ وانتهى منه عام 1128هـ.

(164)

 

زوجاته انتثا عشرة امرأة عدا الجواري وذكر سبعاً منهن ولم يذكر البقية معتذراً بأن أحوالهن غيرم معلومة»، كما نقل في عن سپهر(1) «بأن زوجاته تسع»(2)، أقول(3): هن فاطمة بنت محمد ص وهي أولى زوجاته ولم يتمتع بحرة ولا أمة في حياتها، وخولة بنت جعفر الحنفية، وأم البنين بنت حرام الكلابية، وأسماء بنت عميس الخثعمية، وليلى بنت مسعود الدارمية، وأم سعيد بنت عروة الخعمية، وسبية المسماة بصبهاء بنت عباد بن ربيعة التغلبية، وأمامة بنت العاص، وأم حبيب بن ربيعة، وتوفي علي- كما في الناسخ- عن أسماء بنت عميس، وأم البنين وخولة.

       وعن الواقدي: قتل علي وترك أربع حرائر: أمامة وليلى وأم البنين وأسماء وثماني عشرة أم ولد.

       إذا فالقول بأن الحرائر التي تزوجها علي عليه السلام لا ينحصر بسبعة كما ورد في كشف الغمة، ولعله لم يرد الحصر أو أنه أخذ بأحد الأقوال.

       ولكن يرد على ما نقله الكاظمي بأنه:

       إذا فالقول بأن الحرائر التي تزوجها علي عليه السلام لا ينحصر بسبعة كما ورد في كشف الغمة، ولعله لم يرد الحصر أو أنه أخذ بأحد الأقوال.

       ولكن يرد على ما نقله الكاظمي بأنه:

       أولاً: عند منها تسعاً وذكر من بينها المسبية «الصهباء» ومن المعلوم أنها دخلت في حبالة علي بملك اليمين.

       ثانياً: ذكرها مرتين حيث قال «أم حبيب بن ربيعة» وقد سبق وقلنان إن الصهباء هي أم حبيب، وتارة يذكرها باسم أبيها«عباد» وتارة باسم جدها «ربيعة» فأصحبن سبعاً.

       وربما يرحمه الاعتذار السابق أو أكتفى بنقل الاعتذار من غيره، وأما احتمال أن الاعتذار صدر عن الإمامي مدفوع بقطعة بقوله: «وفي ناسخ التواريخ»، وعندها يكون القول لصاحب الناسخ حيث إن العدد تطابق مع من عدهن، ولكن الظاهر أن القول له حيث يأتي ويقول «كما في الناسخ» مما يدل على أن مقول القول له دون غيره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سپهر: هو محمد تقي بن محمد علي الكاشاني الملقب بلسان الملك والمتخلص بسپهر (1216ــ 1297هــ) ولد وتوفي في كاشان، كان أديباً شاعراً، له كتاب: براهين العجم، وناسخ التواريخ.

(2) والقول حسب الظاهر للكاظمي.

(3) دوائر المعارف: 19 عن جنات الخلود للإمامي، وناسخ التواريخ لسپهر.

(165)

 

       وعلى أي حال فإن التناقض بعد ما بيناه يرتفع في كلام الكاظمي ما خلا الأخطاء، إذاً فلا حصر بالسبع، وما سيأتي في سائر زوجاته يتبين أنه تزوج أكثر من سبع من الحرائر وتوفي عن أربع حرائر ولم يجمع بين أكثر من أربع.

       وأما بالنسبة إلى الجارية التي أنجبتها فقال ابن شهر آشوب ما نصه: «من محياة بنت مرىء القيس الكلبية جارية هلكت وهي صغيرة»(1).

       قال البلاذري: فولدت المحياة لعلي أم يعلى وأمها كلبية وهي جارية لم تبرز(2)، وكانت تخرج إلى المسجد في إزار فيقال لها: من أخوالك؟ فتقول أوأو(3).

       ومن ظاهر هذا النص بالانضمام إلى المعلومات السابقة يمكن أن نقول بأنها توحي إلى أن أم يعلى توفيت في نهاية عام العشرين بعدما بلغت من العمر نحو سنة بحيث كان بإمكانها المشي والحديث إلا أنها لم تتمكن من التلفظ بكل الحروف الهجائية بشكل واضح حيث كانت تقول عن أخوالها «أوأو»، ولا نعلم أن هذا المقولة جاءت لبيان واقع الحال أو أراد الطعن بها حيث إن اخوالها كانوا من قبيلة كلب فإدراد التشنيع بهم لتأتي كلمة«أو أو»  كاسم صوت لنباح الكلب على لغة الأطفال غير القادرين على تلفظ حرف الحاء الثقيلة على ألسنتهم فيقلونها  ألفاً لخفتها، والله العالم بحقائق الأمور.

      166

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهر أشوب: 3/305.

(2) لم تبرز: كتابة عن هلاكها صغيرة.

(3) أنساب الاشراف: 2/194و 195، والنص جاء في مكانين ربطنا بعضه بالبعض الآخر.

(166)

 

 

10

أم شعيب بنت .... المخزومية

نحو 3ق. هــ - ب 40هـ

نحو 621ــ ب 660م

 

       في البداية لابد من التفكير بأننا لم نعثر على تاريخ حياتها مما ثلج الصدر، بل لم نجد سميت أو كنيت بهذا العنوان «أم شعيب» غيرها، والتي كانت من حليلات علي عليه السلام وأما لبناته عليه السلام، كما لم نعثر على من سمي بشعيب المخوزمي في معاجم الرواة ولا في معاجم الأعلام، وبعد ألياس من الفحص في الأسماء الشخصيات توجهنا نحو قبيلتها، فلم نر غير أربع قبائل يطلق على أبنائها بالمخزومي كلهم ينتمون إلى الأب مخزوم وهم كالتالي:

       1ـ بطن كان بصعيد(1) مصر فيه بأس ونجده.

       2ـ بطن ينتمي إلى مخزوم بن عمرو.

       3ـ بطن من بني عبس من قيس عيلان من العدنانية، وهم بنو عبس ابن بغيض بن ريث بن غفطان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضربن نزار ابن معد بن عدنان، وكانت منازلهم بنجد(2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صعيد: منطقة في مصر تقع بين جنوني القاهرة وشلالات أسوان طولها 900كم، وتنقسم إلى ثماني محافظات: الجيزة، بني سويف، الفيوم، المنيا، أسيوط، سوهاج، قنا، أسوان، أهلها من الموالين لأهل البيت عليهم السلام وفيهم الكثير من أتباع مدرسة أهل البيت.

(2) نجد: إقليم في وسط المملكة العربية السعودية، قاعدته الرياض، ونجد أيضاً هضبة صحراوية في قلب المملكة العربية السعودية وهي منطقة زراعية، غنية بالثروة الحيوانية، وهي المقصود بها هنا، والتي جاء الإقليم الحديث المنشأ باسمها.

(167)

 

       4ـ بطن ينتمي إلى مخزوم يقظة وهم قريش، ويقظة هو ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غلاب بن فهر بن مالك بن النضر (العدنانية)(1).

       وجميعهم من القبائل العربية، ولانجد في الأولى ما يرتبط بها، وكذلك الثانية، وتبقى القبيلتان الثالثة والرابعة وكلتاهما من العدنانية، أولهما في نجد، وثانيهما في مكة وأطرافها حيث كانوا من بطون قريش(2)، وليس في التاريخ ما يشير ألى أن أم شعيب كانت من أسراء قريش حتى يقال: بأن علياً عليه السلام تزوجها بملك اليمين، ولكن معطيات واقع الحال الذي كان يعيشه الإمام عليه السلام يفرض علينا القول بأنها كانت أم ولد الجهات:

       1- تصريح عدد من المؤرخين والرواة بأنه تزوج بالعقد ثماني حرائر، وهن فاطمة الزهراء عليها السلام، وأمامة العبشمية، وخولة الحنفية، وفاطمة (أم البنين)، وأسماء بنت عميس، وأم سعيد الثقفية، وليلى النهشلية، ومحياة الكلبية.

       وأما ما نقل بأنه تزوج بالعقد تسعاً(3) أو عشراً(4) أو اثنتا عشرة(5)، وجمع فقط بين أربع فلا يمت إلى الواقع والحقيقة بصلة بعدما بينا أنه جمع بين الأربع طوال الوقت ـ تقريباًـ ما بعد وفاة فاطمة الزهراء عليها السلام والى تاريخ وفاته، هذا أولاً، وثانياً: إن الذين عدوا المعقودات عليهن تسعاً أو عشراً أو اثنتي عشرة جعلوا منهن الصهباء، ومن المعلوم أنه تزوجها بملك اليمين مما يدل على ضعف مستندهم، والظاهر أنهم أرادوا بذلك من أمكن تشخيصهم- حيث صرح بعضهم: «بأن أحوالهن غير معلومة»(6)ـ فخانهم التعبير.

       2ـ إنه بالاجماع لم يتزوج في عهد فاطمة الزهراء عليها السلام غيرها، وأما

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) معجم قبائل العرب: 3/1057و 2/738.

(2) راجع أطلس تاريخ الاسلام:85.

(3) ناسخ التواريخ(حياة علي): 3/كما نقل عنه دوائر المعارف:19.

(4) قوة القلوب، كما نقل عنه مناقب آل أبي طالب لابن شهر أشوب:3/305.

(5) جنات الخلود، كما نقل عنه دوائر المعارف: 19.

(6) دوائر المعارف: 19.

 

(168)

 

 

بعده فالفترة لا تساعده على ذلك إن جميع وفته تقريباً كان متزوجاً بأربع زوجات فقد كانت معه طيلة هذه الفترة: أمامة العبشمية، وأم البنين الكلابية، وأسماء الخثعمية، وشاركت خولة الحنفية وأم سعيد الثقفية ومحياة الكلبية الفترة ما بين وافاة فاطمة الزهراء عليها السلام إلى وقت رحيله إلى العراق فكانت الحنيفة أولاً وبعد وفاتها كانت الكلبية وبعدها الثقفية ثم ماتت، وانفردت من بين هذه الثلاث ليلى النهشلية فترة الكوفة لتشارك أمامة وأم البنين وأسماء.

       3ـ تصريح أرباب النسب بأن أم عبد الله بن محمد بن عقيل كانت زينب بنت علي عليهما السلام وأمها أم ولد(1) فإذا كانت أم شعيب أنجبت زينب الصغرى فقد ثبت بأنها أم ولد.

       4ـ لم يعهد أن قامت حرب بين المسلمين والمشركني بعد عهد الرسول ص لتكون أم شعيب من سبايا تلك المعركة، وإذا كانت قبيلتها من  قريش في مكة فقد فتحها الله على المسلمين في نهاية العام الثامن للهجرة، وإن كان من مشركي نجد فهي الأخرى كانت من سبايا ما عرف بحروب الردة أيام أبي بكر فلم يثبت أن هناك من قاتل بني مخزوم أولاً، وإذا حصل فلم يكن علي عليه السلام ليستحيل فرجاً بالسبي في مثل هذه المعارك ثانياً، كما سبق وأنه لم يتزوج خولة الحنفية إلا بالعقد، اللهم إلا أن يقال بأنها كانت من بنات العبيد والإماء الذين كانوا من تركة ما قبل الأسلام، أو أيام الأسلام، واصبحت مملوكة بلولادة أو كانت صغيرة حينة الأسر في الأسلام وأينعت بعد وفاة الرسول ص فصلحت للزواج منه، وهذا يناسب مع الفترة التي نحتمل أنها توزجت فيها من علي عليه السلام فأنجبت له. ويذكر علماء النسب أنها أنجبت لعلي عليه السلام بالتسلسل التالي:

       1ـ نفيسة: قيل إن كنيتها أم كلثوم.

       2ـ زينب، واشتهرت بالصغر في قبال زينب الكبرى ابنة فاطمة الزهراء عليها السلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع عمدة الطالب: 32.

(169)

 

          3ـ رقية، واشتهرت بالصغرى أيضاً في قبال رقية الكبرى ابنة الصهباء، أو في قبال أم كلثوم الكبرى شقيقة زينب الكبرى ابنة فاطمة الزهراء الذي قيل بأن أم كلثوم كنيتها واسمها رقية(1) فتكون تلك الكبرى وابنة الصهباء الوسطى وهذه الصغرى، ولكن المشهور أن أم كلثوم ابنة فاطمة الزهراء عليها السلام اسمها زينب وقد سبق الحديث عن هذا وسيأتي.

       أما بالنسبة إلى نفيسة فاحتمال أنها ولدت في الفترة التي أنجبت أم سعيد الثقفية أم الحسن ورملة وارد جداً، بل يظهر أن ولادتها لبناتها الثلاث مع ولادة أم سعيد لبنتيها كانت متقاربة، ومن هنا فقد اختلط الأمر على المؤرخين فنسبوا بنات تلك الى هذه وبنات هذه إلى تلك.

       ولعل هذه هي الإشارة الوحيدة التي يمكن منها أن تتوصل الى تاريخ اقتران علي عليه السلام بأم شعيب وهو الفترة التي تزوج من أم سعيد عام 20هـ، وهذا لا يتناقض مع كل المعطيات التي لدينا فإن ابنتها رقية وصفت بالصغرى في قبال الكبرى ـ أو الوسطى على الاعتبار الآخرـ ابنة الصهباء لأن الصهباء دخلت حياة علي عليه السلام عام 12هـ.

       وأما عن زواج بناتها فقد قيل التالي:

       1ـ نفيسة تزوجت من عبد الله الأوسط بن عقيل، وأنجبت له أم عقيل، وسنأتي على ترجمتها حيث حضرت كربلاء مع زوجها واستشهد(2).

       2ـ زينب الصغرى تزوجت من محمد بن عقيل في حياة أبيها(3)، وقيل: إن محمد بن عقيل تزوجها بعد أن ماتت اختها أم كلثوم الصغرى عنده(4)، ولكن سبق وقلنا إن أم كلثوم تزوجها كثير بن العباس، ويذكر أنها

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع المجدي: 11و 12و 17.

(2) لباب الأنساب: 1/333، وسيأتي بأنها مغايرة مع أم كلثوم الصغرى التي تزوجها كثير بن العباس فأولدها النفيسة.

(3) وذكر ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب: 3/305«إن فاطمة تزوجت من محمد بن عقيل، ولكن سبق وقلنا: أنها تزوجت من أبي سعيد بن عقيل».

(4) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب:3/305، وأنساب الأشراف: 2/193، وفيه أن محمد بن عقيل تزوج أم كلثوم الصغرى فلما ماتت تزوج اختها زينب الصغرى.

(170)

 

انجبت لمحمد بن عقيل(1) عبد الله(2)، كما يقال: أنها توفيت ايضاً في حياة أبيها(3) بل قيل بأنها أنجبت له جعفراً وغيره أيضاً، وسنأتي على المزيد من التفاصيل في ترجمة زوجها محمد بن عقيل.

       3ـ رقية الصغرى، ويذكر أنها تزوجت من الصلت بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، ولا عقب له(4)، ويذكر أنها حضرت كربلاء.

       ومن الجدير ذكره أن الشيخ الطوسي(5): عد عبد الله (الأوسط) من أصحاب الإمام السجاد عليه السلام(6)، وهذا يعني بقاؤه حياً بعد معركة الطف عام 61هـ، الا أنه لم يصفه بالأوسط، وإنما الوصف جاء من تعدد العبادلة من أبناء عقيل، حيث ذكرهم السيد الخوئي(7) ثلاثة(8)، ولكنه أحتمل أن يكون أحدهما متحداً مع الآخر ليصل عددهم الى اثنين، ولكن المعطيات التي لدينا تجعلنا أن نعدهم ثلاثة: حيث وصف الشيخ الطوسي احدهما بأنه مدني تابعي سمع جابراً وكن من أصحاب الإمام السجاد عليه السلام، وذكر المفيد بأن عبد الله بن عقيل استشهد في كربلاء(9)، وبما أن هناك عبد الله آخر من أبناء عقيل قتل في كربلاء فلذلك لابد وأن يكونوا ثلاثة، ومن هنا قال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشجرة الزكية في الأنساب: 348.

(2) لباب الأنساب: 1/333

(3) مناقب آل أبي طالب: 3/305، وجاء في بحار الأنوار: 42/93: «إنها تزوجت من عبد الرحمان بن عقيل، وانجبت له سعداً (سعيداً) وعقيلاُ.

(4) وسيلة الدارين: 423.

(5) الشيخ الطوسي: هو محمد بن الحسن بن علي بن الحسن(385ــ460هـ) ولد في طوس(خراسان) وسكن بغداد وانتقل الى كربلاء ثم استقر في النجف، وأنشأ بها جامعتها العلمية وذلك عام 449هـ، له كتاب التهذيب، والتبيان، والأمالي.

(6) راجع رجال الطوسي: 95.

(7) السيد الخوئي: هو أبو القاسم بن علي أكبر بن هاشم الموسوي (1317ـ1413هـ) ولد في خوي ودرس فيها وفي كربلاء والنجف، وتوفي في النجف، كان من أعلام ومراجعة الإمامية، له: البيان، معجم رجال الحديث، والمسائل المنتخبة.

(8) راجع معجم رجال الحديث: 1/259.

(9) الإرشاد: 125.

(171)