معجم أنصار الحسين عليه السلام  (الهاشميون) الجزء الاول

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (الهاشميون) الجزء الاول

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

       وأما بالنسبة الى أمه خولة بنت جعفر فإن في الروايات السابقة يلاحظ أمور ربما ترشدنا إلى تاريخ ولادتها ووفاتها بضميمة أمور أخرى، فما ورد في تلك الروايات: هو وصفها بالمراهقة، وكلمة المراهق تطلق على الغلام الذي قارب الحلم أي بلغ مبلغ الرجال، وهو من أتم الخامسة عشرة من عمره، ومن ناحية أخرى أنها كانت بهذا المقدار من النضج والذكاء والبلاغة والإصرار والحكمة والفضل يوحي إنها كانت في النصف الثاني من العقد الثاني على أقل التقادير، وجاء أيضاً أن أمها كانت حاملة بها في عام قحط مهول، ومن الطبيعي أنه كان قبل الهجرة، وبما أنها لم تتحدث أمها عن الإسلام فيظهر أن الإسلام لم يكن فاشياً بعد، وخولة عندما كان لها من العمر ثمان سنوات وكتبت رؤياها على لوحة النحاس ووصتها بوصاياها وتنبؤاتها كما وردت في الرواية، فمعنى ذلك أن حديث أمها إليها كان قبل الهجرة وعليه فيكون عمرها عندما وصلت المدينة تسعة عشر عاماً أو أكثر، وإذا ما أضيقت إلى ذلك، أن موقعها بين أهلها كان رفيعاً، وعادة لا يحصل هذا في الأعمار الصبوة، حيث ذكروا لعلي «عليه السلام» بموضعها منهم على ما جاء في رواية أخرى، مضافاً إلى أن الطبري ذكر أن مجاعة بن مرارة  كان قد طلبها من أبيها فامتنع من ذلك فاضمر لهم حقداً وعزم أن يأخذ بثأره منهم، وما أن اندلع القتال في أيام أبي بكر باسم حروب الردة استغل الفرصة وخرج فيمن خرج فأصابها عند بني عامر في اليمامة فاختلجها(1) منهم، ولكنهم في الليل عندما غلبهم النعاس استردوها منهم، وعندما وصل جيش خالد بن الوليد سباها مرة ثانية(2)، كل هذا يرشدنا إلى أنها لم تكن صغيرة بل كانت معروفة بين قبائل منطقتها.

       فمن هنا نحتمل أن ولادتها كانت في حدود السنة التاسعة قبل الهجرة.

       وأما عن وفاتها فلا شك أنها توفيت في حياة أمير المؤمنين «عليه السلام» لأن ابن شهرآشول ذكر بأنه «عليه السلام» توفي في أربع حرائر: أمامة بنت أبي العاص العبشمية، وفاطمة (أم البنين) الكلابية، وأسماء بنت عميس

_______________

(1) اختلج: انتزع.

(2) راجع تاريخ الطبري: 2/277ـ 278.

(126)

 

 الخثعمية، وليلى بنت مسعود النهشلية(1). ومن جهة أخرى فإن الزواج بأكثر من أربع حرائر بشكل دائم لا يجوز، فإذا كان علي عليه السلام قد تزوج في عام 11هـ اثنتين من الحرائر أمامة وأم البنين ثم خولة عام 12هـ، ثم أسماء عام 13هـ، ثم أم سعيد الثقفية أيضاً عام 20هـ ومن ثم تزوج عام 36هـ وفي رجب بالتحديد من ليلى النهشلية فمعنى ذلك لابد وان تكون خولة وأم سعيد ومحياة قد توفين قبل أن يتزوج من النهشلية، وبما أنه لامجال بين رحيله من المدينة إلى الكوفة وزواجه من النهشلية فيمكن القول: بأن وفاتها وقعت في المدينة عام 35عام هـ أو قبله، ولكنها أنجبت أبناً واحداً وأنجبت أم سعيد بنتين فلا بد من القول: بأن وفاتها لا تتجاوز عام 19هـ ليتمكن علي عليه السلام من زواج محياة الكلبية، ومما يؤيد ذلك أنها لم تنجب إلا أبناً واحداً، مضافاً الى وارد، إذ كانا لبانا، فعليه إن احتمال الوفاة هو الوارد، وعليه توفيت في المدينة ودفنت في البقيع جرياً للعادة، إذا ولدت في نجد حدود عام 9ق.هـ، وتوفيت في المدينة نحو عام 19هـ وتزوجت عام 12هـ.

       هذا وقد وصفتها أسماء بنت عميس بأنها كانت سوداء حسنة الشعر(2) وكانت فاضلة موالية لأهل البيت عليهم السلام وأديبة أريبة، ولم يذكر أنها أنجبت لعلي غير محمد، وكان محمد يلقب بأبي القاسم وأبي عبد الله(3)، وكان أكبر أولاد علي بعد أولاد فاطمة الزهراء عليها  السلام، ووصف الأكبر في قبال المحامدة الآخرين، ومن الشاذ القول بأن له شقيقاً أو أختاً(4) من أمه،

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع مناقب آل أبي طالب: 3/305، وجاء في المعارف لابن قتيبة:219سندية سوداء.

(2) عمدة الطالب: 353.

(3) حيث إن اسم نجله عبد الله، راجع أعيان الشعية: 9/435، وقد ذكره بالترديد: «أبو القاسم أو أبو عبدالله».

(4) سبق الحديث عن هذا حيث ذكروا بأن خولة كانت متزوجة قبل علي عليه السلام بمكمل الغفاري فأنجبت له أنثى سميت بعونة، وجاء في أنساب الاشراف: 2/203 وزعم بعضهم أن أخته لأمه لأعوانة بنت أبي مكمل من بني عفان.

(127)

 

وسنأتي على ترجمة محمد ابن الحنفية في باب آخر إن شاء الله تعالى.

       وأما ما قيل عن كونها كانت أمة لنبي حنيفة وكان أصلها من السند فكلام غريب وقد نص على ذلك ابن قتيبة قائلاً: «ومحمداً أمه: خولة بنت إياس بن جعفر جار الصفا، وهي الحنفية، ويقال: هي خولة بنت جعفر بن قيس، ويقال: بل كانت أمه من سبي اليمامة فاصرت إلى علي، وإنها كانت أمة لبني حنيفة سندية سوداء(1)، ولم تكن من أنفسهم(2) وإنما صالحهم خالد بن الوليد على الرقيق، ولم يصالحهم على أنفسهم»(3)، ويرد عليه أنه قد تفرد بذلك أولاً، وأنه مناف لكل الروايات السابقة من حيث نسبها ومن حيث حكايتها، ومن حيث الأهتمام بها، ونظن أن في ذلك تلميعاً لعمل خالد، وبعدما عرفت من أمات المصادر بأنه قتل منهم مقتلة عظيمة لا يصح القول بأنه صالحهم على العبيد فأية مصالحة هذه يقتل فيها منهم أكثرمن عشرين ألفاً ويسمى عمله هاذ مصالحة، بل أنها الغلبة.

       وأما ما ورد بأنها كانت من الحرائر الأربع اللاتي توفي عنهن علي ابن أبي طالب عليه السلام لتكون بدلاً عن ليلى النهشلية(4) كما جاء في الناسخ، فهو معارض بقول قدامى المؤرخين كالواقدي وجميع الرواة وسائر المؤرخين، ولانعلم من أين له ذلك، كما ذكر  بأنه عليه السلام كان قد تزوج بعقد النكاح تسع نساء وعد منهن الصهباء بنت ربيع التغلبية التي صرح الجميع بأنه تزوجها بملك اليمين، وذكر أيضاً أم حبية بنت ربيعة والتي قلنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جاء في السرائر: 1/657 قال ابن حبيب النسابة في كتابه المنمق، في أبناء السنديات من قريشن وقد ذكر م جملتهم محمد بن علي بن أبي طالب ابن الحنفية وأم علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال محمد بن إدريس: وهذا جهل من أبن حبيب وقلة تأمل.

(2) وربما جاء هذا التحليل بكونها أمة من عندهم عندما عرفوها بالسندية، إذ قد يكون الوصف بالسندية لأجل بيان لونها لا أصلها كما هو المتعارف في هذا اليوم كما وقبله نقول لمن هو أسود: هندي أو أفريقي ولمن هو أشقر غربي، ولعلها جاءت عرقا من السند فأخذت منه وفي الحديث العرق دساس.

(3) المعارف لابن قتيبة: 210.

(4) راجع دوائر المعارف: 19عن ناسخ التواريخ (حياة علي).

(128)

بأنها متحدة مع الصهباء، وعليه جل المؤرخين ومشهور الرواة، وما جاء في بعض المصادر من التردد بينهما فهو من الترديد في التسمية لا في الشخصية.

      129

(129)

 

5

الصهباء بنت ربيعة التغلبية

نحو 3ق.هـ ــ نحو 61ق.هــ

نحو 620 ـ 680م

 

       هي: الصهباء بنت (عباد)(1) ربيعة بن بجير بن العبد بن علقمة بن الحارث بن عتبة بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل، الجشمية التغلبية العدنانية.

       وفي كيفية وصولها الى بيت علي عليه السلام لابد أن نقول: عندما تولى الأمر ابو بكر بعد وفاة الرسول ص في 28صفر عام 11هـ بدأت اضطرابات داخلية فسعى إلى إخمادها بالقوة مما ارتفعت اعترضات كبار الصحابة منهم علي عليه السلام وعمر بن الخطاب، فقام أبو بكر بتوجيه الجيش  الإسلامي وفيهم جمع من الصحابة إلى نقل المعركة إلى خارج البلاد وأقدم على فتوحات جديدة، وكان من تلك أن أرسل خالد بن الوليد إلى جبهات في معركة اليمامة، ففي محرم عام 12هـ أمره بالتوجه إلى الحيرة بالعراق وهو لازال على أرض اليمامة، فولى خالد وجهته نحو الحيرة(2) ففتحها ثم سار بالجيش الى الأنبار(2) ففتحها واستخلف عليها الزبرقان بن بدر(4)،

ــــــــــــــــــــــ

(1)  عمدة الطالب: 361.

(2) الحيرة: مدينة ذات حضارة كانت تقع بين النجف (الكوفة) وكانت قاعدة الملوك اللخميين.

(3) الأنبار: مدينة كانت في منطفقة الرمادي الحالية وقد اتخذها السفاح عاصمة دولة العباسيين في بداية إنشائها

(4) الزبرقان بن بدر التميمي السعدي: صحابي من رؤساء قومه قيل اسمه الحصين=

(130)

 

وزحف بعد ذلك إلى عين التمر(1)، وكان واليها من قبل الدولة الساسانية(2) على الفرس مهران بن بهرام جوين(3) وعلى العرب عقه بن أبي عقة(4)، وكان العرب من قبائل النمر وتغلب وأياد ومن يضاهيمم، وكانوا يدينون بالنصرانية على المذهب النسطوري(5)، فلما سمعوا بقدوم خالد، تشاور عقة مع مهران وطرح عليه: أن العرب أعلم بقتال العرب فدعنا وخالداً فوافقه، وكان كلهم خدع صاحبه بذلك، ثم واجه عقة لوحده خالداً فعليه خالد وأسره فانهزم الفرس من غير قتال، وأكثر جيش خالد فيهم الأسر فسألوه الأمان فإبى فنزلوا على حكمه فأخذهم أسرى وقتل عقة ثم قتلهم أجمعين وسبى كل من في الحصن وغنم ما فيه، فأرسل بالغنائم والأسرى والسبي مع الوليد بن عقبة(6) إلى أبي بكر، وكان فيهم نصير والد أبي موسى بن نصير

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= ولقب بالزبرقان لحسن وجهه وذلك لأن الزبرقان من أسماء القمر، ولاه النبي ص على صدقات قومه وبقي إلى عهد عمر بن الخطاب، وكان فصيحاً شاعراً توفي في حدود عام 45هـ.

(1) عين التمر: بلدة في طرف البادية على غربي الفرات ومن قراها الشفاثة تقع غربي كربلاء.

(2) الدولة الساسانية: آخر سلالة فارسية حكمت قبل الإسلام(226ــ651م) أسسها أردشير الأول، وانقرضت على عهد يزدجر الثالث على يد المسلمين، وحكمها 37 ملكاً.

(3) مهران بن بهرام جوين: جاء في فرهنك فارسي قسم الأعلام: 1/303 ما يلي: «بهرام جوبين ـ بهرام السادس، كبير عائلته مهران، كان قائداً كبيراً في الدولة الساسانية عاش حتى عام 591م، ولعل من نبحث عنه هو ابن بهرام هذا حيث إن التاريخ يناسبه لأن الهجرة كانت عام 622م.

(4) عقة بن أبي عقة: لم نعثر على ترجمته في المعاجم التي بحوزتنا، ولم نجد من يسمى بهذا الاسم.

(5) المذهب النسطوري: ظهر في القرن الخامس للميلاد أي في القرن الثاني قبل الهجرة من قبل بطريرك القسطنطينية القديس نسطوريوس (250ـ 177ق.هـ) انتشر مذهبه في إيران والعراق والهند، وكان الملوك المناذرة على النسطورية.

(6) الوليد بن عقبة: هو حفيد أبي معيط الأموي المتوفى عام 61هـ، وهو اخو عثمان بن عفان من أمه، ولاه عمر صدقات بني تغلب، وعثمان ولاه الكوفى فشهد عليه جماعة يشرب الخمر فعزله عثمان وحده وحبسه، ولما قتل عثمان تحول إلى بني أعمامه في الجزيرة، ومات في الرقة.

(131)

البشكري(1) فاتح الأندلسن وسيرين والد محمد بن سيرين(2) المعير للرؤيا، والصهباء بنت ربيعة التغلبية أم عمر الأطرف، وكان ذلك في أواخر جمادى الآخرة عام 12هـ، ولما فرغ خالد من عين التمر خلف فيها عويم بن الكاهل الأسلمي(3)، وخرج هو وجيشه إلى دومة الجندل(4) فكان بها في شهر رجب(5).

       ولما وصلت الصهباء إلى المدينة عرضت للبيع في سوق النخاسين(6) فاشترها الإما     م علي عليه السلام بأربعين ديناراً(7) فكان وصولها إلى بيت علي عليه السلام في شهر رجب، وكان زواجه منها بملك اليمين لا بالعقد، وأجمع المؤرخون بأنه رزق منها توأمين هما عمر الأطرف ورقية.

       وحت تتبين ولادتهما لابد من النظر في أحوالهما ووفاتهما، فقد روي أن عمر الأطرف توفي أيام الوليد(8) بن عبد الملك الأموي(9) الذي

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد اللخمي بالولاء (19ـ97هـ) فاتح الأندلس، كان من الموالين لأهل البيت عليهم السلام وكان هذا هو السبب في تكبته على يد سليمان بن الوليد الأموي عوضاً من تكريمه، مات في المدينة، وأما والده فهو نصير بن عبد الرحمان من الأسرى الذي من الله عليهم بالإسلام.

(2) محمد بن سيرين: يلقب بالبصري والأنصاري (33ـ110هـ) وبيدو من ولاده محمد ان والده كان شاباً عندماسبي من عين التمر، ويبدو أنه سكن البصرة حيث أن ابنه محمد ولد فيها.

(3) عويم بن الكاهل الأسلمي: لم نج له ذكر في المعاجم، وهناك شخصيتان بهاذ الاسم ألا أنهما لا ينطبقان مع من نبحث عنه.

(4) دومة الجندل: واحة وبلدة في السرحان وسرحان يقع بين نجد والأردن.

(5) راجع تاريخ الطبري: 3/324، وكتاب «أبو بكر الصديق» لمحمد رضا: 134.

(6) النخاسة: بيع الرقيق، والنحاس: بالتشديد بائع الرقيق.

(7) كذا ورد في وسلية الدارين: 259.

(8) الوليد بن عبد الملك الأموي: سادس ملوك الأمويين، وثلاث المراونيين، وحفيد مروان بن الحكم، ولد عام 48هـ، وهو الذي بنى المسجد الأقصى في القدس، وبنى الجامع الأموي في دمشق، توفي في غوطة دمشق ولي الحكم بعد أبيه ثم ولي بعده أخوه سليمان.

(9) تهذيب التهذيب: 4/305.

(132)

 

حكم ما بين 15/10/86هـ و15/5/96هـ، ومن جهة أخرى فإن الأطرف عمر حتى كان آخر من عاش من ولد علي عليه السلام(1)، وبما أن محمد ابن الحنفية توفي عام 81هـ فلا شك أنه توفي بعده، وذكروا في مدة عمر عمر الأطرف أقوالاً ثلاثة: 75أو 77أو 85عاماً،فالذي يخال لنا أن عمره لو كان 85سنة لايناسب فيما إذا عقدت نطفته في أول أوقات ارتباط الإمام علي عليه السلام بأمه الصهباء، وذلك في شهر شعبان عام 12هـ، إذ تكون ولادته على الغالب والعادة في ربيع الثاني من عام 13هـ ووفاته تكون على هذا التقدير سنة 98( = 13+ 85)، وهو لا يتوافق مع ظاهرالقول بأنه عاش إلى زمن الوليد لأنه توفي عام 96هـ.

       وربما كان القول بأنه عاش 75سنة أو 77سنة هو الأقرب إلى الصواب وتكون وفاته على قول (75)، والخلاف بين (75) و(77) ربما كان هنا يتضح أن القول بأن عمره كان (75) هو الأوفق مع جميع الاعتبارات وبالأخص قولهم: «عاش إلى زمن الوليد» إذ يفهم منها أوائل عهده، فتكون على هذا ولادته في ربيع الثاني عام13هـ، ووفاته بعد ربيع الثاني من عام 88هـ، وبذلك يصدق معه عدد من الأمور التي وردت في ترجمته، أنه عاش 75سنة، وعاش إلى زمن الوليد، وكان آخر أبناء علي وفاة، ومن ناحية أخرى أذا عدت سنة الولادة(13) وسنة الوافاة (88) مع سني عمره (75) لكان الحاصل (77) وبذلك يرتفع الخلاف أو يتبين.

       وما جاء في بعض النصوص أنه آخر ولد علي عليه السلام وفسر بأنه آخر من ولد لا يصح، إذ المراد آخرهم وفاة لأولاده، وبهذا صرح ابن حجر العسقلاني في التهذيب.

       وعمر الأطرف هو أول من سمي من أبناء علي عليه السلام بعمر، فهو إذاً عمر الأكبر في قبال غيره من أبنائه، وسنأتي على ترجمته إن شاء الله حيث هناك من قال: بأنه حضر معركة الطف إلا أنه لم يستهشد.

ــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تهذيب التهذيب: 4/305، المجدي: 15.

(133)

 

       وأما النسبة إلى رقية التوأم له فإن ولادتها من الواضح تكون في شهر ريبع الثاني عام 13هـ، وهي التي تعرف عند مترجميها برقية الكبرى، وسنأتي على ترجمتها حيث حضرت كربلاء.

       وأما النسبة إلى الصهباء نفسها فالحديث عنها يقع في أسمها ولقبها وكنيتها وعمرها، أما اسمها فلم نجد في المصادر التي بحوزتنا من ذكر لها إسماً، ولا نظن أن صهباء علم لها لأننا حاولنا أن نجد من سمي بذلك فلم نجد، ومن هنا نستبعد ذلك، ومن المرجح أن تكون الصهباء لقباً لها والذي شاع عنها وغلب على اسمها.

       وفي معنى هذه المفردة يحدثنا ابن منظور(1) فيقول: «هي الخمر سميت بذلك للونها، وقيل هي التي عصرت من عنب أبيض، وقيل هي التي تكون منه ومن غيره إذا ضربت الى البياض».

       وإذا ما راجعنا جذر الكلمة نجد أن: «الصهبة: هي الشقرة في شعر الرأس، وقال الأزهري(2): لون حمرة في شعر الرأس واللحية إذا كان في الظاهر حمرة وفي الباطن إسوداد، وقيل: الأصهب من اشعر، الذي يخالط بياضه حمرة، والأصهب من الإبل الذي ليس بشديد البياض، او ما يخالط بياضه حمرةً وقال أبو حنيفة(3): الصهباء اسم للخمر، كالعلم»(4).

       وإذا ما أردنا تطبيق هذه المعاني على أرض الواقع فالظاهر: أنها إنما

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) ابن منظور: هو محمد بن مكرم بن علي الأنصاري الرويفعي الأفريقي (630ـ 711هـ) من أئمة اللغة، ولد في مصر على المشهور وتوفي فيها، وقيل إن ولادته كانت في طرابلس الغرب، شغل ديوان الإنشاء في مصر، ثم القضاء في طرابلس، من مؤلفاته: مختار الإغاني، نثار الأزهار، وسرور النفس.

(2) الأزهري: هو محمد بن أحمد بن الأزهر الهروي (282ـ370هـ) أحد أئمة اللغة والأدب، ولد وتوفي في خراسان، كان فقيهاً ثم تخصص بالأدب واللغة، له: غريب الألفاظ، تهذيب اللغة، وتفسير القرآن.

(3) أبو حنيفة: هو أحمد بن داود بن ونند الدينوري المتوفى عام 282هـ، كان من العلماء المشاركين في عدد من العلوم كالرياضيات والتاريخ والأدب، وكان لغوياً كبيراً، له كتاب النبات وكتاب الجبر والمقابلة، والأخبار الطوال.

(4) راجع لسان العرب: 7/426.

(134)

 

لقبت بالصهباء لأنها كانت تمتلك صفات معينة كابيضاض محياها المشوبة بالحمرة، واحمرار الشعر المشوب بالاسوداد لتكون شقراء اللون، وبما أن ذلك كان نادراً عند أهل الحجاز فلللذلك اشتهرت بذلك، ولعل لها أصولاً فارسية من حيث الأمهات حيث كان العرب والفرس في عين التمر خلطاء كما سبق وأشرنا إلى ذلك، والله العالم بحقائق الأمور.

       وتجدر الإشارة إلى أن صاحب الإصابة أوردها باسم: «الصبهاء» بتقديم الباء على الهاء وأوردها وكأنها علم لها، ولكن تفرده بذلك يجعلنا نقول بالتصحيف إذ لم نجد لا في معاجم الأسماء من سميت بذلك، ولا في قواميس اللغة لهذه المفدرة من معنى، ولعله إلى التصحيف أقرب من غيره.

       وعلى أي حال فلعل لشياع هذا اللقب عليها هو الذي جعله يوحي بأنه اسماً لها، بل اعتبرها من الأسماء الثواني التي تغلب على الاشخاص وتغلب على الأسماء التي وضعت عند الولادة، وهذا دارج وبالأخص عند الهجرة من قوم إلى آخر تختلف عندهم العادات والتقاليد بل وعند الزواج أيضاً، وما العلم إلا ليوصلنا إلى الشخص دون غيره، وهذا يصدق مع الغلبة على التغلبية وصفها بالصهباء.

       ولكن في نسبتها إلى الثعلبية بالثاء المثلثة ثم العين المعجمة غرابة، وإن كان بنو ثعلبة وبنو تغلب في أصل النسب متحدين لأن ثعلبة بن حبيب بطن من تغلب بن وائل، وهم ثعلبة بن حبيب بن عمر بن غنم بن تغلب بن وائل (من العدنانية)(1)، ويتم اتحادهما في نسب الهصباء، إذا كان ثعلبة لقباً لجدها التاسع بكر بن حبيب، ولكن من الواضح إن ثغلبة هو أحد ابناء بكر وقد شكلوا لأنفسهم بطناً من تغلب يعرفون ببني ثعلبة من بكر، وبكر هو ابن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل(2) فثعلبة: إذاً هو أخ لجشم، وجشم بن بكر أيضاً بطن من بطون بني تغلب بن وائل(3).

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) معجم قبائل العرب: 1/144.

(2) معجم قبائل العرب: 1/143.

(3) معجم قبائل العرب: 1/188.

(135)

 

وعليه فنسبتها إلى ثعلبة من التصحيف، ولعل نقطة الغين المعجمة انحرفت قليلاً نحو اليمين فدمجت مع نقطتي التاء المثناة فأصحبت مثلثة، وأصبح الغين عيناً مهملة، وملخص الكلام أن الصهباء جشمية تغلبية عدنانية.

      وأما عن كنيتها فأكثر الذين تحدثوا عنها كنوها بأم حبيب، وهناك من أوحى بأن الصهباء وأم حبيب مغايرتان، بل استخدم بعضهم حرف «أو» الدال على المغايرة والتردد بل صرح آخرون بعدم اتحادهما حيث عدوا إحداهما من سبي اليمامة والأخرى من سبي عين التمر لدى الجمع بين ذلك ووزعوا الأولاد بينهما ومع اتحاد أسماء الأولاد وصفوا أحدهما بالأكبر والأصغر أو الكبرى والصغرى، والحاصل فإن النصوص الرئيسية ستة كالآتي:

      1- الكنية وحدهما: «ولد له من أم حبيب من سبي خالد بن الوليد، عمر»(1).

      2- الوصف وحده: «وعمر.. ورقية أمهما الصهباء بنت ربيعة..»(2).

      3- النسبة وحدها: «عمر ورقية أمهما التغلبية..»(3).

      4- التردد بينهما: «عمر ورقية كانا توأمين أمهما الصهباء، ويقال: أم حبيب التغلبية»(4).
       5- التعدد: «وسبية يقال لها الصهباء أم عمر بن علي، وأم الحبيب بنت ربيعة»(5).

      6- الجمع: «عمر الأطرف ولد توأماً لأخته رقية وأمهما الصهباء التغلبية وهي أم حبيب»(6).

________________
(1) تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج: 16، ومثله تذكرة الخواص: 54.

(2) المجدي: 15.

(3) المعارف لابن قتيبة: 210.

(4) بحار الأنوار: 42/74 نقلاً عن الإرشاد إلا أن نسخة الإرشاد التي لدينا ليست كذلك.

(5) لباب الأنساب: 336.

(6) عمدة الطالب: 361، ومثله تاريخ الطبري: 3/162، كفاية الطالب: 412، الإرشاد: 1/354.

(136)

 

      إلا أننا بعد تمحيص النصوص ومراجعة المصادر نجد أن ما نقله المجلسي بشكل ترددي لا أساس له حيث استند إلى كتاب الإرشاد للمفيد، وليس في الإرشاد ما يدل على ذلك، وأما ما جاء في اللباب فإنه استدرك بعد ذلك فبين أنهما متحدان(1)، وأما بقية الأقوال فالجمع بينهما ممكن، بل متعين، حيث ذكرها بعضهم بالكنية وآخرون بالوصف وثالث بالنسبة، وجاء رابع فجمع الوصف والكنية والنسبة فكانت: أم حبيب الصهباء التغلبية.

      من جهة أخرى فإن هناك من ذكرها أم حبيب، وآخر أم حبيبة، ونظن أن ذكرها بكنية الأنثى هو من التصحيف لأنه منفرد في ذلك، والنسخة المطبوعة فيها الكثير من الأخطاء المطبعة، ويدل على ذلك أن المجلسي عندما نقل عن الكشف أوردها مذكراً.

      وحتى نتعرف على تاريخ ولادتها ووفاتها فلا بد من ملاحظة الأوصاف التي وصفت بها حيث جاء في التذكرة «وعمر الأكبر ورقية أمهما الصهباء صبية تزوجها بعد أسماء بنت عميس، والصهباء يقال لها أم حبيب»(2) توحي كلمة «صبية» أنها عندما جاءت المدينة كانت صغيرة في العمر، ولعل المراد به أنها كانت في مقتبل عمرها كما هو متعارف في إطلاق الكلمة على الفتاة، ذلك إذا ما أريد الجمه بين عمر ابنها وعمر الأطرف الذي سبق وبينا ولادته، ولعل هذا هو الذي أوهم سبط ابن الجوزي فأضاف «تزوجها بعد أسماء» أي دخل  عليها لتكون في سن يؤهلنا للزواج وعليه يكون ذلك بعد عام 13هـ، ولكن بعدما ناقشنا عمر ابنها عمر وتوصلنا إلى أنه ولد عام 13هـ، ولا بد من أن تكون في ربيعها الرابع عشر، والذي يبان الجمال فيها مما لقبت بالصهباء:- أن لمك نقل أنها علم لها-.

      ومن جهة أخرى فإن اشتهارها بالكنية ربما كان لأن لأحد أمرين: إما أن تكون كنيتها اسمها، وهذا الاسم «حبيب» كان متعارفاً عند العرب حيث

________________
(1) الأنساب: 337.

(2) تذكرة الخواص: 54.

(137)

 

         هناك من سمي بذلك في الجاهلية فهذا جدها العاشر كان اسمه «حبيب»، فلا يخفى أن ضبطه «حبيب» مصغراً أي بضم أوله وفتح ثانية وتشديد ثالثه مكسوراً(1) أو أن الكنية جاءت كما هو المعروف «حبيب» مكبراً على زنة جميل أي بفتح أوله وكسر ثانية، والذي وردت التسمية به في الجاهلية أيضاً، ومن ذلك حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي من العدنانية جد جاهلي(2)، وحبيب بن عمرو بن عوف الأوسي من القحطانية جد جاهلي(3).

      ويحتمل أيضاً أن الكنية إنما عليها لأنها كانت قد أنجبت «حبيباً»، ولا يتنافى مع وصفها بصبية لأنها من حيث السن صغيرة، ولعل لصغرها ذكرها في الإصابة بقوله: «لها إدراك»(4) أي أنها أدركت حياة الرسول ص، واعتماداً على ما قدمناه فاحتمال أن تكون ولادتها في العام الثالث قبل الهجرة في عين التمر وارد.

      وأما عن وفاتها فليس لدينا شيء يثبت وفاتها إلا ورود ذكرها في الوسيلة في عداد من حضرن معركة الطف الحزينة، حيث يقول: «رقية الكبرى.. وأم رقية: الصهباء التغلبية تكنى أم حبيب من سبي عين التمر التي اشتراها أمير المؤمنين عليه السلام ــ من سبي ـ خالد بن الوليد بأربعين ديناراً فولدت منه رقية الكبرى وعمر الأطرف توأمين» ثم أضاف: «وخرجت مع الحسين من زوجات علي بن أبي طالب الصهباء التغلبية مع بنتها رقية الكبرى زوجة ابن عمها مسلم بن عقيل بن أبي طالب، ومعها ابنتها عاتكة وابناهما عبد الله ومحمد أولاد مسلم اللذان قتلا يوم الطف»(5).

      وعليه فإذا كانت عام 61للهجرة على قيد الحياة فلعلها ماتت بعد ذلك في المدينة، ويكون على ما قدرنا عمرها في مأساة الطف 63سنة،

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع معجم قبائل العرب: 1/143.

(2)راجع الأعلام للزركلي: 2/165. وفيه من بنيه عبد الرحمان بن سمرة الصمالي.

(3) راجع الأعلام للزركلي: 2/166 وفيه: من بنيه سويد بن الصامت.

(4) الإصابة: 4/352.

(5) وسيلة الدارين: 422و 423.

(138)

 

 وبما أن خبرها انقطع بعد مأساة كربلاء فالاحتمال وارد بها توفيت عام 61هـ كمداً على شهداء كربلاء والكوفة من أهلها وذويها.

      وأخيراً لا بأس بالإشارة إلى أن هناك من ذكر بأن أباها هو عباد بن ربيعة، وإنما ربيعة جدها الأول(1)، وهذا أمر لا نستبعده إذ كثيراً ما ينسب المرء الى الأعرف الأجلى، فلربما كان نسبها «أم حبيب بنت عبادة بن ربيعة ابن بحير التغلبية»، هذا وقد ذكر صاحب العمدة في تسلسل نسبها «يحيى» بدلاً من «بحير» ولعل ذلك من التصحيف حيث رسم خط الكلمتين متقاربتين.

      كما أن أبي الثلج البغدادي(2) ذكر أن في ولد أم حبيب مسبية خالد بن الوليد «العباس» حيث قال: «وولد له من أم حبيب من سبي خالد ابن الوليد عمر والعباس ورقية»(2)، وبما أن ابن أبي الثلج لم يذكر العباس من ولد ام البنين فنحتمل أن في ذلك تقديماً وتأخيراً، حيث جاء قبله ذكر ابناء أم البنين فنحتمل أن في ذلك تقديماً وتأخيراً، حيث جاء قبله ذكر أبناء أم البنين، ولكن ابن أبي الثلج أورد في فصل الأصاغر من ابناء علي: «عباس» موصوفاً بالأصغر(4)، وبما أن الاحتمال الذي قدمناه وارد بقوة، حيث لا يمكن إغفال مثل أبي الفضل العباس أي العباس الأكبر، ولايمكن أن وصف الأصغر مرتبطاً به لعدم صحة ذلك من جهة،وأنه أورد في آخر كتابه أبناء علي قي قبال الأصاغر وفي ذلك اسم العباس الأكبر مما يؤكد أن موقع ذكره للعباس في ضم أولاد الصهباء جاء تصحيفاً، وبالأخص فإن هناك من ذكر بأن عباس الأصغر أمه لبابة بنت عبيد الله بن العباس(5) مما يؤيد ذلك، والله العالم، وسنأتي على التفاصيل في ترجمتهم إن شاءالله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) عمدة الطالب: 361.

(2) ابن أبي الثلج: هو محمد بن محمود بن الحسن بن النجار البغدادي المتوفى عام 325هـ، كان من العلماء في بغداد محدثاً بالمدرسة المستنصرية يلقب بمحب الدين ويكنى بأبي عبد الله، واشتهر بابن أبي الثلج.

(3) مواليد الأئمة: 16.

(4) مواليد الأئمة:35.

(5) راجع حياة الأمام الحسين للقرشي: 3/270.

(139)

(140)140

 6

أسماء بنت عميس الخثعمية

29ق.هـ ـ 40هـ

593م ــ 660م

 

      هي أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك ابن قحافة بن عامر الخثعمية.

      أمها: هند بنت عوف بن الحارث (حماطة) بن ربيعة بن ذي جليل بن جرش (منبه) الجرشية سبق الحديث عنها لدى الحديث عن جعفر بن أبي طالب، وباختصار.

      ولدت في مكة نحو عام 29ق.هــ.

      وتزوجت من جعفر نحو عام 15ق.هـ

      وأسلمت عام البعثة عام 13ق.هـ مع زوجها.

      وأنجبت له حميداً بعد عام 12ق. هـ في مكة على الظاهر، إلا أنه درج لم يعقب(1).

      ثم أنجبت له حمزة عام 10ق.هـ في مكة على الظاهر، ولكنه هو الآخر درج(2).

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) عمدة الطالب: 36، واحتمال العام العاشر جاء ما ورد في ترجمة عبد الله أنه ولد بعد البعثة بثلاث سنين ـ راجع هامش عمدة الطالب: 37ـ وبما أننا رجحنا أن ولادة عبد الله كانت في الحبشة في العام الأول من الهجرة فلعل هذه الولادة كانت لشقيقة الذي درج، واختلط بولادته.

(2) لباب الأنساب: 361وقد تفرد به ولعله متحد مع حميد إذ لم يذكره.

 

(141)

      هاجرت الى الحبشة عام 8ق.هـ مع زوجها في شهر رجب(1) ولعلها كانت في أوائله.

      وأنجبت له عبدالله (الاكبر) عام 1هـ في الحبشة أيضاً، ويلقب بالجواد، توفي في المدينة عام 90هـ.

      ثم أنجبت له محمد (الاكبر) عام 2هـ في الحبشة وقتل في صفين مع علي عام 37هـ وله 35عاماً(2).

      ثم أنجبت له عوناً عام 3هـ في الحبشة، وقتل في الطف عام 61هـ،، وله من العمر 57سنة(3)

      ثم أنجبت له محمداً (الأصغر) عام 4هـ في الحبشة، وقتل في الطف عام 61هـ من العمر 57سنة(4).

      ثم أنجبت عبد الله (الأوسط) عام 5هـ في الحبشة، إلا أنه لم يعقب(5).

      ثم أنجبت له عبد الله (ألاصغر) عام 6هـ في الحبشة، إلا أنه هو الآخر درج(6).

      ووصلت إلى المدينة عام 7هـ مع زوجها والنبي ص بخيبر، وتزامن النصر والوصول ففرح الرسول ص في 24/ محرم(7).

      وأنجبت له الحسين عام 8هـ في المدينة إلا أنه درج ولم يعقب(8).

      وأرملت من جعفر عام 8هـ حيث قتل في معركة مؤتة يوم 18من شهر جمادى الأولى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جعفر بن أبي طالب للغبان: 75.

(2) وقد ورد في وسيلة الدارين: 260أن عبد الله ولد ثم ولد محمد.

(3) تنقيح المقال: 2/355.

(4) عمدة الطالب: 36.

(5) عمدة الطالب: 36.

(6) عمدة الطالب: 36.

(7) راجع السيرة الحسينية: 1/ أحداث عام 7هـ.

(8) عمدة الطالب:36.

(142)

       وتولى شؤونها وأولادها الرسول ص ثم علي أمير المؤمنين عليه السلام.

       وتولت تمريض فاطمة الزهراء عليها السلام من 1/3/11هـ ـ 3/6/11هـ.

       وتزوجت من أبي بكر مابين 9/10/8هـ ـ 30/3/10هـ(1).

       وأنجبت له محمداً عام 10هـ وبالتحديد في 4/12/10هـ(2).

       وأرملت من أبي بكر في 13/6/13هـ.

       ولما انقضت عدتها في 3/11/13هـ خطبها علي عليه السلام، فكانت عارفة فضله وفضل أولاده، وكان الرسول ص قد أخبرها بانها ستتزوج من علي عليه السلام، ونظن أن ذلك كان في مكة حيث جاء في الرواية: «يا أسماء أما أنك ستزوجين بهذا الغلام ـ أي علي- وتلدين له غلاماً»(3)، وبالفعل فقد أنجبت له على أكثر التقادير أربعة أولاد:

       1- يحيى: لا خلاف فيه إلا أنه مات في حياة أبيه ولا عقب له(4).

       2ـ عون: هو المشهور، وقد ذكره معظم المؤرخين، وقتل في كربلاء(5).

       3ـ عبد الله: تفرد به علماء الأنساب(6).

       4ـ زيد: قيل باتحاده مع يحيى(7).

       5ـ مسلمة: وقد تفرد بذلك ابن فندق(8).

       في البداية من المناسب الإشارة إلى أنها لم تتزوج قبل جعفر وهذا

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) حيث انتهت من عدتها 8/10/8هـ ، وعلقت نطفة محمد عادة في 1/4/10هـ.

(2) راجع السيرة الحسينية: 2/أحداث عام 10هـ.

(3) بحار الأنوار: 43/141.

(4) لباب الأنساب: 333.

(5) المجدي: 11 وسيلة الدارين: 260، الاستيعاب: /، تذكرة الخواص: 54.

(6) راجع مستدركات علم الرجال: 8/547 حين نسب ذلك إلى بعض علماء الأنساب.

(7) تاريخ تبريز تابايان قرن هجري لمشكور: 235.

(8) لباب الأنساب:338.

(143)

 

هو المعروف والمشهور: وما قيل بأنها تزوجت أولاً من حمزة بن عبد المطلب فأنجبت له بنتاً، ثم تزوجها شداد بن الهاد(1) ثم جعفراً(2) فليس بصحيح، لأنها لم تكن في سن يسمح لها بذلك، حيث سبق وعرفت تاريخ ولادتها وزواجها من جعفر، ثم هجرتها فلا مجال للقول بأنها تزوجت قبل عام 15ق.هـ . ولها من العمر ثلاثة عشر فأنجبت، ثم في الرابعة عشرة تزوجت بشداد ثم بجعفر عام 15هـ، وإذا لم يكن هذا من المسلمات، فمن المسلمات أن جعفراً لم يتزوج غيرها(3).

       وأما بالنسبة الى يحيى فنحتمل أن ولادته كانت في العام 14هـ حيث هو البكر أولاً، وانها كانت ولدة لا يمنعها عن الحمل أمر ثانِ، وربما كانت ولادته في شهر رجب، ولكنه لم يبق طويلاً حتى مات، ولكن جاء في مراقد المعارف(4) لدى الحديث عن القبرالمنسوب إلى أسماء بنت عميس: «ويقابل قبرها قبر آخر ينسب أيضاً لولدها يحيى بن علي بن أمير المؤمنين عليه السلام، ويعرف عندهم يحيى المعين بن أسماء» ويفهم من هذا أمران ، الأول: أنه عاش حتى صاحب أبويه إلى الكوفة من المفترض إن صحت نسبة القبر إليه انه توفي ما بين عام 36و 40هـ، وذلك لأنهم ذكروا أنه مات في حياة أبيه، والثاني: إن معين هو لقب يحيى وليس شخصية أخرى، وسنأتي على بيان ذلك في ترجمة أم معين.

       وأما بالنسبة إلى عون فنرجح أن تكون ولادته في عام 16هـ، وذلك لأن أخوه يحيى إذا ولد في أواخر عام 14هـ فإن عون يحتمل أن تكون ولادته في عام 16هـ حيث من الصعب القول بولادته قبل ذلك، وبما أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شداد بن الهاد: قيل أسمه أسامة، ولقبه شداد، واسم أبيه عمرو ولقبه الهاد، وقيل إن اسم الهاد خليفة، وعلى كل فهو أسامة بن عمرو بن عبد الله بن جابر الليثي المدين كان من الصحابة الذين رووا عن الرسول ص، قيل كان سلفاً للرسول ص ولأبي بكر حيث كانت زوجته سلمى بنت عميس وهي أخت ميمونة بنت الحارث لأمها، سكن المدينة ثم الكوفة، وقيل شهد معركة الخندق.

(2) تنقيح المقال: 3/69.

(3) جعفر بن أبي طالب للغبان: 167وغيره.

(4) مراقد المعارف: 1/142.

(144)

هناك من يوري بأن أمير المؤمنين «عليه السلام» أيام خلافته في الكوفة كلفه بتولي الحد على شارب الخمر، فلا بد أن يكون في عمر يسمح له بذلك، ولا بد أن لا يقل عن 20عاماً، وعليه فتكون ولادته في عام 16هـ ليكون الحد في عام 36هـ، وبما أنه استقر في 12 رجب عام 36هـ واحتملنا إن إجراء الحد يفترض أن يكون في أوائل خلافته على التسيب الذي كان معهوداً قبله، ولا شك أن المراد به هو عون الأصغر في قبال عون الأكبر الذي أمه أم ولد (1)، وربما كان المكلف به في إجراء الحد هو عون الأكبر، ولكن أرباب المقاتل نسبوه إلى الأصغر لأن المجرى عليه الحد وهو صالح بن سيار(2) حاول أن يأخذ بثأره منه إلا أنه عوناً قتله(3)، وأما عون الأكبر فقد جرح هو وأخوه معين في معركة النهروان ودفنا في بغداد(4)، وسنأتي على تفاصيل ذلك في ترجمة عون الأصغر إن شاء الله تعالى.

       وأما عبد الله فالمشهور بل المسلم بين أرباب الأنساب أن ليس لعلي ثلاثة عبدالة، وإنما هما اثنان عبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر، أما الأول فأمه أم البنين، وأما الثاني فالدلالات تشير إلى أن أمه ليلى النهشلية، واحتمال أنه أراد بعبد الله عبيد الله أيضاً مرفوض لأنه لم يؤيد بالدليل، وسبق وقلنا إن أم عبيد الله هي ليلى النهشلية، وربما من قال بذلك كان من باب الاحتمال، حيث أراد أن يفسر من قال إن لعلي «عليه السلام» ثالثاً منها فاختار عبد الله.

       وأما زيد: فقد أقحم إسمه مع عون وليس له مصدر إلا وجود مرقد له ولأخيه عون- على فرض صحة النسبة والإخوة- على قمة جبل سرخاب(5).

________________
(1) راجع بطل العلقمي: 3/526.

(2) صالح بن سيار: كوفي سكن هو وأخوه بدر الكوفة، وشاركا مع الجيش الأموي، بمعركة الطف، وقتلا يوم عاشوراء، سنأتي على ترجمتهما في معجم من قاتل الحسين من هذه الموسوعة.

(3) فرسان الهيجاء: 2/22.

(4) بطل العلقمي: 3/528.

(5) سرخاب: بلدة على سفح جبل سرخاب تابعة إدراياً لمحافظة تبريز، وإنما قيل له سرخاب لأن الجبل يميل لونه إلى الحمرة.

(145)

 

في نواحي مدينة تبريز(1) ويعرف مرقدهما عند العامة بـ«بقعة عين علي وزين علي» وقد اتخذ منه الصوفية مركزاً لطقوسهم، وقد يروون قصة شهادتهما على الشكل التالي: إن أسامة(2) غزا آذربايجان في عهد عمر بن الخطاب(3) مع جمع من الأصحاب والتابعين، وكان فيهم عون بن علي وأسماء فاستشهد مع من استشهد من الأصحاب والتابعين فدفن هناك، وفي المرة الثانية خرج زيد ابن علي وأسماء إلى عزو آذربايجان وكان فيهم محمد ابن الحنفية(4) وعبد الله بن عمر(5) فاستشهد في قلعة خرم آباد(6) فدفنه أخوه محمد ابن الحنفية عند أخيه عون على قمة جبل سرخاب.

_______________
(1) تبريز: مدينة في شمال إيران، قاعدة لإقليم آذربايجان الإيرانية، لغة أهاليها التركية الأذرية وهي من كبريات مدن إيران، قيل إنما سميت بتبريز لأن زوجة أحد ملوك العباسيين كانت محمومة فلما وصلت إلى هذه المنطقة وخيمت بها زال الحمى عنها فسميت بـ«تب+ ريز» والتب فارسية بمعنى الحمى، وريز تعني السقوط أي زالت الحمى.

(2) أسامة: هو ابن زيد بن الحارثة المتقدم ترجمته.

(3) عمر بن الخطاب: هو حفيد نفيل العدوي (40ق.هـ- 23هـ) ثاني من حكم من الدولة الراشدة من المدينة، وترجمته معروفة.

(4) محمد بن الحنفية: هو ابن علي بن أبي طالب «عليه السلام» الذي امه خولة الحنفية المتقدم ذكرها.

(5) عبد الله بن عمر: هو حفيد الخطاب العدوي (10ق.هـ- 73هـ) ولد في مكة ونشأ مسلماً وهاجر مع أبيه إلى المدينة. شهد فتح مكة، كف بصره في آخر حياته، وتوفي في مكة، له صحبة ورواية عن الرسول (ص) وشارك في عدد من الغزوات أيام عثمان.

(6) خرم آباد: يوجد في إيران ثلاثة عشر موقعاً تسمى بخرم آباد مع مواقعها بإيجاز، 1- قرب تنكابن (على مقربة بحر خزر)، 2- قرب خمين، 3- قرب مشهد، 4- قرب قزوين (جنوباً)، 5- قرب كاميران (على مقربة من الحدود العراقية)، 6- قرب زرند (شمالاً)، 7- قرب حاجي آباد (شمال بندر عباس)، 8- قرب جهرم، 9- قرب تربت جام، 10- قرب كرمان (شرقاً)، 11- قرب جنازان (الحدود التركمانية)، 12- قرب قائن، 13- قرب بروجود، أشهرها الأخير، وأقربها إلى تبريز الأول، والظاهر أن المراد بما في المصدر هو الأخير حيث إن الكاتب معاصر، والمعروف من هذا المواقع هو الموقع الاخير والذي هو قاعدة إقليم خرم آباد.

(146)

 

       وهناك روايات أخرى، وتحليلات منها أنه متحد مع عون سنذكرها في ترجمة عون الأصغر إن شاء الله تعالى، ولكن جميعها لا تمت إلى الحقيقة بشيء لأن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» إنما تزوج أسماء بنت عميس بعد أن مات أبو بكر عام 13هـ، وعمر بن الخطاب إنما غزا إيران في المرة الأولى عام 20هـ وفي المرة الثانية عام 23هـ(1) ومعنى ذلك أن علياً إذا كان قد تزوج أسماء بعد عدتها من أبي بكر فوراً  كان في 13/11/13هـ، وإذا علقت نطفة عون من علي في الليلة الأولى وكان أقل الحمل ستة أشهر فإن الولادة لا بد وأن تكن في 13/5/14هـ، ومعنى ذلك أن عمرها كان في الغزوة الأولى خمس سنوات وفي الثانية ثماني سنوات، وللعلم فإن عمر ابن الخطاب توفي في 16/12/23هـ، وهذا باطل لا يركن إليه بأي شكل من الأشكال، بالإضافة إلى أن عوناً الأصغر قتل في كربلاء وعوناً الأكبر جرح في النهروان ودفن في بغداد، إلى غيرها من أمور تدل على عدم صحة المقولة، مثل أن ولادة محمد ابن الحنفية كانت عام 16هـ.

       وأما مسلمة: فقد تفرد بها ابن فندق وذكرها تارة في أولادة أم البنين فاطمة بنت حرام الكلابية(2) وتارة في أولاد أسماء بنت عميس الخثعمية(3). ويظهر الإرباك في كلامه في الموقع الأول حيث أورد: جعفر الأكبر، وعباس الأكبر، وعباس الأصغر، وجعفر (الأصغر)، وعثمان، وعبد الله (الأكبر)، ومسلمة في قائمة أولاد أم البنين، ما لا يمكم الركون إلى هذا الجدول بعدما وردت أسماؤهم في موارد أخرى، والظاهر: أنه عنى بما قاله في الموقع الثاني لتكون مسلمة ابنة أسماء بنت عميس، وهذا وإن تفرد به على الظاهر إلا أنه لا دليل على عدم صحته، وربما أهمل خبرها لأنها درجت ولم يكن لها عقب، واحتمال التصحيف مع أم سلمة وارد وعندها تكون أمها أم ولد، وعلى القول بأنها ابنة أسماء فإنها شقيقة يحيى وعون وربما كانت ولادتها بعدهما.

______________

(1) راجع معجم البلدان: 1/129.

(2) لباب الأنساب: 1/337.

(3) لباب الأنساب: 1/338.

(147)

 

       وأخيراً فإنها كانت مع علي «عليه السلام» حتى شهادته وتوفيت بعده، ويذكر الزركلي أنها توفيت نحو عام 40هـ(1)، ودفنت في الكوفة، وهناك مرقد يسنب إليها، إلا أنه بعيد عن الكوفة مما يشك إن لم يجزم بعدم صحة النسبة إلى مكان دفنها(2).

       ومن أخبارها أن شقيقتها هي سلمى بنت عميس زوجة حمزة بن عبد المطلب، وشقيقتها الأخرى سلامة بنت عميس(3)، ومن أخواتها من أمها: ميمونة بنت الحارث الهلالية زوجة الرسول محمد (ص)، وكذلك أم الفضل الكبرى (لبابة) بنت الحارث الهلالية زوجة الوليد بن المغيرة المخزومي، وأيضاً أم الفضل الصغرى بنت الحارث الهلالية زوجة العباس بن عبد المطلب، ولذلك قيل في أمها هند الجرشية أنها أكرم الناس أحماء(4).

       وتفاخر عليها قوم فجاء إلى الرسول (ص): وقالت: يا رسول الله إن رجالاً يتفاخرون علينا ويزعمون أنا لسنا من المهاجرين الأولين.

       فقال الرسول (ص): بل لكم هجرتان، هاجرتم إلى أرض الحبشة ونحن مرهنون بمكة، ثم هاجرتم بعد ذلك- أي إلى المدينة- فكانت قد هاجرت الهجرتين وصلت إلى القبلتين(5).

       وقد روت عن النبي (ص) ستين حديثاً، وروى عنها إبناها عبد الله وعون إبنا جعفر وحفيدها: القاسم بن محمد بن أبي بكر(6)، وحفيدتها: أم

______________
(1) الأعلام للزركلي: 1/306، وفي سير أعلام النبلاء للذهبي: 2/207 أنها عاشت بعد علي «عليه السلام».

(2) راجع مراقد المعارف: 1/141 وفيه أنها تقع بضواحي الهاشمية على نهر الجربوعية بعد نهري السفاح والقاسم في أراضي قبيلة الجوازرية.

(3) الاستيعاب: 4/235 وقيل إن شقيقاتها ست، وأخواتها عشر.

(4) مقاتل الطالبيين: 36.

(5) الأعلام للزركلي: 306.

(6) القاسم بن محمد بن أبي بكر عبد الله بن عثمان التيمي (37- 107هـ) أحد الفقهاء السبعة في المدينة، ولد فيها وتوفي بقديد في طريق المدينة ومكة، مات مكفوف البصر وهو في طريقه إلى الحج أو العمرة.

(148)