معجم أنصار الحسين عليه السلام  (الهاشميون) الجزء الاول

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (الهاشميون) الجزء الاول

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

(5)

علي بن أبي طالب

23ق.هـ ــ 40هـ = 599ـ 661م

 

       ولد علي بن أبي طالب في مكة عام 23ق .هـ في بيت الله الحرام(1)، واستشهد في مسجد الكوفة عام 40هـ. وأمه فاطمة بنت أسد الهاشمية، نشأ في بيت الرسول محمد ص حيث تولى أمره عندما ضاق الأمر على أبي طالب نحو عام 17ق.هـ، وآمن بالرسول ص عام 13ق.هـ وله من العمر عشرة أعوام بعد أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وهو أول من صلى مع الرسول ص من الذكور، وأول من استجاب إلى دعوة الرسول رمه عندما ضاق الأ/بر على أبي طالب نحو عام 17ق.هـ، وآمن بالرسول ص عام 13قق.هـ وله من العمر عشرة أعوام بعد أم المؤمنين خديجة بنت خوليلد،ص حين جمع عشيرته، وهو أفضل الأصحاب وأعلمهم وأشجعهم وأتقاهم وأزهدهم وأكثرهم جهاداً وحلماً وأقضاهم، وفضائله وسيرته أكثر من أن تستقضى وعد، ولشهرتها نترك أمرها الى الكتب المخصصة بها.

       اقترن علي عليه السلام بفاطمة بنت الرسول ص عام 2هـ في المدينة، والتحقت روحها بالرفيق الاعلى عام 11هـ، وأنجتب له الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم ومحسن بلا خلاف، ولم يتزوج في حياتها، وتزوج بعدها

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) وجاء في عمدة الطالب: 58أنه ولد يوم الجمعة 13/رجب/ 23ق.هـ وفيه: ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواء إكراماً له وتعظيماً من الله تعالى وإجلالاً لمحله في التعظيم، وجاء في هامش عمدة الطالب تعليقاً على النص: أتفق على ذلك أكثر المؤرخين المحققين من الفريقين منهم الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين: 3/483، وابن طلحة الشفعي في مطالب السؤل: 11، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: 140، والشاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي في إزالة الخفاء، وابن الجوزي في تذكرة الخواص: 8، الشافعي في نزهة المجالس:2/24، والشبلنجي في نور الأبصار: 73، وعبد الحميد الدهلوي في سير الخلفاء:8/2، والحافظ الكنجي الشافعي مفتي العراقين في كفاية الطالب: 260، والسيد محمود شكري الآلوسي في شرح عينية عبد الباقي أفندي العمير: 10، والمسعودي في مروج الذهب:2/4، والأربلي في كشف الغمة: 19، وغيرهم كثيرون ولم يخالف إلا الشاذ ويقول عبد الباقي العمري في قصيدته العينية من البسيط:

أنت العلي الذي فوق العلى رفعا        ببطن مكة وسط البيت إذ وضعا

(77)

 

بوصية منها أمامة بنت أختها زينب، أبنة أي العاص، ثم تزوج غيرها، سنأتي على ذكرهن وذكر أولادهن في طيات هذا البحث.

       وقد اختلفت الروايات في عدد أولاده بين مقل ومكثر، ونحن سنذكر كل ألاقوال التي وردت في هذا المجال، ثم نناقشها واحداً واحداً لدى الحديث عن الأمهات ثم أنفسهم.

منكوحات علي بن أبي طالب:

       لقد شرع الإسلام نكاح الرجال للنساء بشكل عام من خلال طريقين لا ثالث لهما.

       الأول: العقد وهو يتضمن الإيجاب والقبول، وله شروطه وخصائصه، ولا يمكن الجمع بين أكثر من أربعة زوجات في العقد الدائم، ويطلق على هذا النوع من النكاح الزواج، وعلى حليلته بالزوجة أو الزود، قال تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)(1)، ويلحق بهذا الزواج المؤقت والذي عرف بالمتعة، وله شروط تغافلها عامة الناس.

       الثاني: ملك اليمين، وهو يتم بتمليك الأمة، وله شورطه وخصوصياته، ولا يحد بعدد معين، ويطلق على هذا النوع من لنكاح بالتسري، وعلى المنكوحة بالسرية وقد قال تعالى: (ومن لم يستطيع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم)(2).

       ولا يخفى أن المنكوحة في العقد الأول حرة، وفي الثاني أمة، وهذا لا يعني أن الزواج بالعقد على الإماء لا يصح، بل يجوز نكاحها بالعقد من مولاها ويجوز أن يستملكها فيطأها، ولذلك أحكام مختلفة لا مجال لذكرها هنا، ومطانها الكتب الفقهية.

1ـ زوجات علي بن أبي طالب:

       إن علياً عليه السلام تزوج ولاول مرة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ولم يتزوج

ــــــــــــــــــــ

(1) سورة النساء، الآية:3.

(2) سورة النساء، الآية:25.

(78)

 

 

ولم يتسر وفاطمة على قيد الحياة أبداً، واكان قد تزوجها في حياة الرسول ص في السادس من شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة الشريفة، وتوفيت في الثالث من شهر جمادى الثانية من العام الحادي عشر من الهجرة بعد وفاة الرسول ص بأشهر، حسب أوثق الأٌوال، ثم تزوج بعدها بسبع حرائر، ليكون مجموعهن ثماني(1) زوجات، كما هو الصحيح المختار، وهن:

       1ـ فاطمة الزهراء الهاشمية (2ـ11هـ)(2).

       2ـ أمامة العبشمية (11ـ40هـ).

       3ـ فاطمة (أم البنين) الكلابية (11ـ40هـ).

       4ـ خولة الحنفية (12ـ 19هـ).

       5ـ أسماء الخثعمية (13ـ40هـ).

       6ـ محياة الكلبية (19ـ 20هـ).

       7ـ أم سعيد الثقفية (20ـ35هـ).

       8ـ ليلى النهشلية (36ـ40هـ).

       إذا تزوج أولا فاطمة الزهراء وبعد وفاتها بأيام تزوج أمامة ثم أم البنين، ثم في عام 12هـ تزوج خولة، وعام 13هـ تزوج أسماء فجمع بين عام 11هـ ـ بعد وفاة الزهراء عليها السلام- حتى عام 19هـ أربعاً من الحرائر بالعقد الدائم، ولما توفيت خولة عام 19 هـ تزوج من محياة إلا أنها توفيت عام 20 فتزوج أم سعيد، وهذه توفيت عام 35هـ فتزوج ليلى، فالحاصل أنه في غالب حياته بعد وفاة الزهراء عليها السلام جمع بين أربع حرائر، وفي النهاية توفي عن أربع حرائر(3)، وهن:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هناك من ذكر أنه تزوج تسعاً أو عشراً، راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهر أشوب: 3/305 عن قوة القلوب، حيث قال: «إنه تزوج بعشر نسوة» ولكنه لم يثبت، وقد جاء في دوائر المعارف أكثر من ذلك، وقد فندنا ذلك طي ترجمة كل واحدة منهن، وفي الواقع أنهم لم يزيدوا على عدد من نكحهن بل عدوا بعض الإماء من المنكوحات بالعقد وهذا ملا يتوافق مع واقع الحال ولا يؤيده الدليل.

(2) هذه التواريخ فترة كونهن في حبالته عليه السلام، بمعنى أن الحياة الزوجية بدأت بعقد الزواج وانتهت بفوته أو فوتها، ولم يسجل أي حالة طلاق.

(3) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: 3/305.

(79)

 

       1ـ أمامة العبشمية.

       2ـ فاطمة (أم البنين) الكلابية.

       3ـ أسماء الخثعمية.

       4ـ ليلى النهشلية.

       كما وماتت في حياته عليه السلام أربع من حرائره، هن:

       1ـ فاطمة الزهراء عليها السلام، عام 11هـ.

       2ـ خولة الحنفية، عام 19هـ.

       3ـ محياة الكلبية، عام 20هـ.

       4ـ أم سعيد الثقفية، عام 35هـ.

       2ـ سراري علي بن أبي طالب:

       وتخصص الحديث بأمهات الأولاد دون غيرهن(1)، لأن الكلام ليس عنه عليه السلام شخصاً بمقدار ما هو عن أولاده.

       أم الولد: تعني صاحبة الولد وهي الأمة التي لا زالت رقة ولم تعتق، ولكنها أنجبت لمالكها ولداً ذكراً كان أو أنثى، مما سيحقق لها الحرية وذلك بموت ماكلها، كما لا يحق له بيعها لأنها في حكم الحرة حيث ستعود ملكيتها بمجرد وفاة مالكها إلى ولدها وعندها تنعتق من نصيبه فوراً، إذا كانت بقدر نصيبه، وإلا فتحرر بمقدار نصيبه، ولا يحق بيعها بل تقوم على ولدها، وأما إذا توفي ولدها في حياة مالكها رجعت رقاً(2)، إذاً فإذا تحرر جزءمنها فسوف تسري الحرية الى كلها، وقد قال علي عليه السلام حينما أرأد مفارقة الحياة: «جميع أمهات أولادي الآن محسوبات على أولادهن بما ابتعتهن به من أثمانهن»، ثم قال: «ومن كان من إمائي غير

ــــــــــــــــ

(1) على سبيل المثال جاء في تهذيب التهذيب: 6/653 عليه السلام تسرى بأم موسى والتي قيل اسمها فاختة وقيل حبيبة، وقد روت عنه عليه السلام وعن أم سلمة، وروى عنها مغيرة بن مقسم الضبي المتوفى سنة 132هـ، وهي كوفية تابعية ثقة.

(2) راجع شرائع الإسلام:3/684.

(80)

 

ذوات أولاد فهن حرائر من ثلثي»(1).

       وقد توفي أمير المؤمنين عليه السلام عن ثماني عشرة، أم ولد كما عليه جميع المؤرخين(2)، ولم يذكر عدد إمائه اللاتي لم تكن أمهات أولاد.

       ولمعرفة أمهات الأولاد الثمان عشرة اللاتي توفي عنهن أمير المؤمنين عليه السلام، لا بد من الإشارة إلى أن هناك بعض أمهات ألأولاد خرجن من كونهن أمهات أولاد، وذلك بموت أولاده في حياة أمير المؤمنين عليه السلام، فالأولاد الذين توفوا في حياته هم كالتالي:

       1ـ نقية: توفيت قبل عام 35هـ.

       2ـ عون الأكبر: توفي عام 38هـ.

       3ـ معين: توفي عام 38هـ.

       4ـ رملة الصغرى: توفيت قبل عام 40هـ.

       5ـ أمامة: توفيت قبل عام 40هـ.

       6ـ جمانة: توفيت قبل عام 40هـ.

       7ـ أم سملة: توفيت قبل عام 40هـ وربما قبل عام 35هـ.

       8ـ أمة الله: توفيت قب عام 40 وربما قبل عام 35هـ(3).

       فبوفاتهم أصبحت أمهاتهم قينات وخرجن من كونهم أم ولد، ولقد ذكرناهن بالكنى على أسماء أولادهن حيث لم تتمكن ممن معرفة أسمائهن، وهن: أم تقية، أم عون، أم معين، أم رملة الصغرى، أم أمامة، أم جمانة، والدة أم سلمة، أم أمة الله، وقد بقين على قيد الحياة حتى بعد وفاة علي عليه السلام في العام الأربعين للهجرة، وحررن من ثلثه عليه السلام(4).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب:3/305.

(2) مناقب آل أبي طالب: 3/305.

(3) ولا يخفى أنه ورد في كتاب أولاد الإمام علي عليه السلام أن ستة من أبناء علي عليه السلام توفوا في حياته، وهم جعفر الأصغر، ويحيى، ومعين، وعون الأكبر، وعمران.

(4) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: 3/305.

(81)

 

       وما قدمناه بيين أن هؤلاء لسن من أمهات الأولاد عند رحيل الإمام علي عليه السلام عن هذه الدنيا، وقد تعرفنا على أمهات الأولاد وشخصناهن بما تيسر من ذكر المؤرخين لخصوصيات كل واحدة من زوجاته إنهم ذكروا بأن بقية أولاده من أمهات أولاد شتى، فتبين أن أمهاتهم أمهات أولاد، وفيما يلي نستعرض كلا من زوجاته أي اللاتي عقد عليهن، ثم بيان حال بعض إمانة من خلال أ,لادهن، ثم إنهم ذكروا بأن بقية أولاده من أمهات أولاد شتى، فتبين أن أمهاتهم أمهات أولاد، وفيما يلي نستعرض كلا من زوجاته وسراريه اللاتي أنجبن له في جدول توضيحي رتبناه حسب تاريخ نكاحهن، مع بيان بعض الخصوصيات ومن الجدير ذكره أن الرموز المستخدمة تدل على مايلي:

       ب= بعد.

       ح= حدود.

       ق= قبل.

       ق.هـ= قبل الهجرة.

       ن= نحو.

       هـ= الهجرة.

(82)

 83

(83)

84 

(84)

85 

(85)

 

       لايخفى أن هناك ثلاثاً من النساء ينسبن إلى علي عليه السلام ولكن لا مجال لاحتمال صحة النسبة لأن النص المعتد عليه فيه تناقض لا يطابق الواقع، وهن: لبانة بنت عبد الله بن العباس، وأم زيد، وأم سكينة، وسنناقش كلو احدة منهن بشكل مستقل وموضوعي إن شاء الله تعالى.

       وأما الإماء الثمان عشرة(1) اللاتي بقين حتى وفاة علي عليه السلام أمهات أولاد، واعتقن من نصيب أولادهن هن:

       1- الصهباء المخزومية.

       2ـ أم شعيب المخزومية.

       3ـ أم ميمونة.

       4ـ أم فاطمة.

       5ـ أم جعفر الأصغر.

       6ـ أم فاخته.

       7ـ والدة أم أبيها.

       8ـ والدة أم الكرام.

       9ـ الورقاء أم محمد الأصغر.

       10ـ أم عمر المصطلقية.

       11ـ أم عثمان الأصغر.

       12ـ أم القاسم.

       13ـ أم الفضل.

       14ـ أم خديجة.

       15ـ أم إبراهيم.

       16ـ أم أسماء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب:3/305.

(86)

 

 

       17ـ أم تميمة.

       18ـ أم عتيق.

       ولا خلاف بأن المعقب من أولاده: الحسن المجتبى، والحسين الشهيد، والعباس الأكبر، ومحمد ابن الحنيفة، وعمر الأطرف، وزينب الكبرى، وقيل غير ذلك(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ومما يقال: إن المعقبين بالإضافة إلى من تقدم هم: محمد الأصغر، وأربع من البنات غير السيدة زينب عليها السلام، راجع تذكرة الخواص: 31، وكتاب أولاد الإمام علي: 23، وقيلإنه عليه السلام توفي عن اثني عشر ذكراً كما في إثبات الوصية للمسعودي: 116 حيث أورد بأن علياً عليه السلام لما حضرته الافاة جمع بنيه حوله وقال لهم فيما قال عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى أحب أن يجعل في سنة يعقوب إذ جمع بنيه وهم أثنا عشر ذكراً، فقال«إني أصي إلى يوسف فاسمعوا له وأطيعوا وإني أوصي إلى الحسن والحسين فاسمعوا لهما وأطيعوا امرهما» وقيل أكثر من ذلك فمنهم من ذكرهم14، ومنهم أوردهم 15ذكراً، وقالا بأنهم كانوا 16شخصاً وقيل 18وقيل 19، وقيل 21ذكراً، والله العالم.

(87)

(88)

1

فاطمة الزهراء بنت محمد ص

20/6/8ق.هـ 3/6/11هـ

25/3/615ـ 26/8/632م

 

       هي فاطمة الزهراء بنت محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن عبد مناف بن هاشم القرشية الهاشمية.

       وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية.

       وأم خديجة فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن هرم بن رواحة بن حجر ابن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.

       وأم محمد هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف القرشية المتوفاة عام 45ق.هـ.

       فاطمة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين كناها أبوها بأم أبيها، فضائلها أجلى من الشمس وأكثر من أن تحصى، وهي من أهل بيت العصمة التي أذهب الله عنهم الرجس كأبيها وبعلها ونجليها.

       ولدت في مكة في العشرين من جمادى الثانية عام 8.ق.هـ على الأشهر عند الإمامية(1)، وتزوجت من علي بن أبي طالب عليه السلام في المدينة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وقيل إنها ولدت عام 12ق.هـ، وقييل 15ق.هـ- راجع ذخائر العقبى: 64ـ65، وربما كان القول الأول لا يخلو من وجه بل هو الأقوى، إذ يرتفع به التكلف في مسألة حملها بابنها الحسن وهي في الربيع العاشر من عمرها، بل ويتطابق مع ما ورد بأن المعراج كان بعد البعثة، وأن انعقاد نطفة فاطمة كان بعد المعراج مباشرة، والله العالم- راجع الجزء الأول من السيرة الحسينية.

(89)

 

في 6/12/2هـ(1)، ولولا علي عليه السلام لما كان لها كفواً أبداً، وأنجبت له الحسن ثم الحسين ثم زينب (الكبرى) ثم أم كلثوم (الكبرى) ثم محسن.

       وهناك من يقول بأن فاطمة الزهراء عليها السلام أنجبت لعلي عليه السلام ستة أولاد نصفهم ذكور ونصفهم الأخر أناثُ، وهم الحسن والحسين والمحسن، وزينب وأم كلثوم ورقية: أما محسن فقد أسقط وبه كان وفاتها. وأما رقية فقد ماتت وفي صغيرة.

       روى الليث بن سعد، قال: تزوج علي فاطمة فولدت له حسناً وحسيناً  ومحسناً وزينب وأم كلثوم ورقية، فماتت رقية ولم تبلغ(2) ويعلق محب الدين الطبري فيقول: ومحسناً فهلك صغيراً، ونقول أجمع الإمامية وأيدهم جمع من غيرهم بأنه أسقط(3).

       ويقول العمري: والذي عليه القول إنه فيما قرأته سماعاً من الشريف أبي علي النسابة العمري الموضح الكوفي: حسناً وحسيناً وزينب ورقية وأمهم فاطمة بنت الرسول الله ص(4)، ويأتي ليؤكد هذا المعنى بقوله: ويجب أن يكون له رقية الكبرى وزينب الكبرى ابنتا فاطمة(5).

       وكلام المجدي يؤكد بأن ليس هناك ثلاث بنات، وإنما رقية هي أم كلثوم، فتلك أسمها، وأم كلثوم كنيتها، ولعل الالتباس حصل من الفصل بين الكنية والاسم فأصبحن ثلاثاً، ويؤيد ذلك مشهور المؤرخين على أن فاطمة الزهراء عليها السلام أنجبت لعلي ابنتين.

       ونستبعد أن يكون لعلي وفاطمة عليهما السلام آنذاك ابنة ثالثة ولم يذكرها

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) وكانت خطبتها في شهر صفر عام 2هـ وبنى بها في ذي الحجة عام 2هـ- راجع ذخائر العقبى:65.

(2) ذخائر العقبى: 105، وجاء في كتاب الجوهرة لابن وهيب الحنفي: 104«ولدت منه أي من علي- ثلاثة ذكور إناث، فالذكور هم: الحسن والحسين والمحسن..، والإناث: زينب وأم كلثوم ورقية، وجاء في كتاب أولاد الإمام علي: 47نقلاً عن بطل العلقمي وتذكرة الخواص، أن رقية توفيت ولم تبلغ الحلم. »

(3) جاء في كتاب العباس للمقرم: 97إن فاطمة أسقطته لستة أشهر.

(4) المجدي:11.

(5) المجدي: 12.

(90)

 

الرواة المؤرخون وإن كانت قد درجت وهي صغيرة، ولولا رواية الليث بأنها ماتت صغيرة لقلنا بأن هناك خلطاً من نوع آخر مؤاده أن رقية كانت مولاة لفاطمة عليها السلام فاختلط الأمر ونسب إليها كابنة، ويؤيد هذا ما أورده العسقلاني في الإصابة: «رقية مولاة فاطمة بنت رسول الله ص عمرت حتى جعلها الحسين بن علي عليه السلام مقيمة عند قبر سيدها فاطمة، لأنه لم يكن بقي من يعرف القبر غيرها»(1).

       ويروي ابن شبة: كانت خيمة لامرأة سوداء يقال لها رقية، كان جعلها هناك حسين بن علي تبصر قبر فاطمة، وكان لا يعرف قبر فاطمة رضي الله عنها غيرها(2).

       وعلى فرض صحة نسبة رقية لبنوة علي وفاطمة عليهما السلام فإن ولادتها جاءت بعد أم كلثوم وقبل محسن حسب ما يفهم من تسلسل ذكر البنات في المصدر، إلا أن ذلك من الواقع بعيد ولد التطيبق صعب، حيث إن ولادة أم كلثوم كانت في 16/8/9هـ، وانعقاد نطفة محسن كان في 1/9/9هـ على ما توصلنا إليه، والفترة بينهما تكون سنة وخمسة عشر يوماً، وهي فترة قصيرة لانعقاد نطفة أخرى وللحمل والولادة، ثم انعقاد نطفة محسن، ولا نقول لا يمكن إلا أنه خلاف المعتاد، ويمكن هذا على القول بأن فاطمة عليها السلام كانت لا ترى الدم، وقلنا بأنها بعد شهر ونصف من ولادة أم كلثوم انعقد عندها نطفة رقية، وولدت بشكل اعتيادي بعد تسعة أشهر وبعدها، أي بعد شهر ونصف تقريباً انعقدت نطفة محسن، وهذا وإن كان تؤيده، لانه لو كان لبان وبالأخص لأنه كان في حياة الرسول ص، حيث كان يفرح أو يحزن بذلك كما في غيره من الأمور المتعلقة بابنته فاطمة عليها السلام.

       ومن جهة أخرى فاحتمال أن تكون النسبة جاءت خطاً، وإنما هي ابنة علي من غير فاطمة الزهراء عليها السلام كما سنأتي على ذلك لدى ترجمة زوجات علي عليها السلام وأمهات أولاده.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإصابة:4/305.

(2) تاريخ المدينة المنورة:1/106.

(91)

          ومثل هذا الخلط والنسبة وقعت لسكينة حيث نقل البعض بأن لعلي من فاطمة ابنة باسم سكينة، ورائد هذا التوجه هو أبو إسحاق الإسفراييني عبد الله بن محمد(1) المتوفى عام 316هـ حيث أورد قصة مفصلة في كتابه نور العين في مشهد الحسين، يتكلم فيها عن مسيرة سكينة مع أخيها الحسين عليه السلام وفصولها تبدأ من المدينة الى الشام، ثم الى المدينة وكربلاء(2)، وفي الواقع إنها تنطق عن مواقع أم كلثوم الكبرى أو شقيقتها زينب الكبرى على أقل تقدير، وكل هاذ لا يهم لإمكانية حمل ذلك على أنه يرى بأن أم كلثوم الكبرى هي كنية لسكينة، ولكن هناك روايات وردت في كتب الأصحاب وقد وقعت سكينة في طريق سندها أو أنها كانت محورها، وهذا أيضاً يمكن القول بأنها قابلة للحمل بأنها إحدى بنات علي من غير فاطمة، ولكن ما يصعب فيها الحمل هي الرواية التي تحمل مؤشراً على أنها ابنة فاطمة الزهراء عليها السلام  وهو قول علي عليه السلام بعد أن جهز فاطمة عليها السلام وهم أن يعقد الرداء نادى: يا أم كلثوم يا زينب ياسكينة يا فضة يا حسن يا حسين هلما وزودوا من أمكم فهذا الفراق واللقاء في الجنة(3)، وهذا أيضاً يمكن حمله على أنها كانت تخدم في بيت فاطمة حالها حال فضة النوبية، وإطلاق كلمة الأم جاء من باب الغلبة أو التكريم، وسنأتي على تفاصيل ذلك لدى ترجمتها في باب الأنصار قسم النساء من هذا المعجم، وسنذكر هناك بأن ف السنوات الأخيرة ظهر قبر لها في داريا من ضواحي الشام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن عبدالله الاسفراييني: هو حفيد مسلم، يكنى بابي بكر ولد عام 238هـ، كان محدثاً حافظاً، كاتباً مصنفاً، قيل إنه توفي عام 318هـ.

(2) راجع نور العين:7وما بعدها طبعة مصر، والطبعة الحجرية: 4ما بعدها، وطبعة النجف: 8 وما بعدها.

(3) بحار الأنوار: 43/179.

(92)

 

فاطمة الزهراء عليها السلام، وأما التي ورد اسمها بعد ذكل سواء في الروايات أم في واقعة كربلاء، فالاحتمال الأول وارد، بالإضافة إلى احتمالين آخرين، الأول: أن تكون اسماً لإحدى بنات علي عليه السلام التي ولدتها أمهات الأولاد وعرفت بكنيتها، وإما أن تكون مغايرة معهن وتكون أمها أم ولد، وعندها يضاف إلى بنات علي عليه السلام شخصية أخرى، وتمام الحديث في ترجمتها إن شاء الله تعالى.

       وفي نهاية الحديث عن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام فإنه ورد في النفحة العنبرية: أنه عندما ذكر ولد علي عليه السلام قال:«إن محسناً وأخاه ولدا من فاطمة ميتين»(1) وظاهر الكلام إن السقط لم يكن واحداً بل توأمان، وهذا مما تفرد به مصنف الكتاب، ولم نجد ما يؤيد مدعاه.

       علي بن أبي طالب الهاشمي + فاطم الزهراء بنت محمد الهاشمية

              13/7/23ق.هـ                                       20/6/8ق.هـ

93

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الذريعة الى تصانيف الشيعة: 24/254 عن النفحة العنبرية.

(2) انعقاد نطفته.

(3) يوم سقطه.

(93)

2

أمامة بنت أبي العاص (القاسم) العبشمية

نحو 6ق. هـ ـ نحو 49هـ

نحو 616ـ669م

 

       هي أمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن هاشم القرشية.

       وأمها زينب بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن عبد مناف بن هاشم على قول(1). وهو الذي شاع، وقبل إنها ابنة رجل من تميم(2).

       وأم زينب: هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية على قول(3) وهو الذي شاع، وقيل: إن أمها زوجة أبو

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإصابة: 4/312.

(2) وتفصيل الكلام يكون كالتالي: إن هالة بنت خويلد من رجل مخزومي (ابو هالة) فأنجبت له بنتاً سماها باسم أمها، ثم خلف على هالة بنت خويلد رجل تميمي (أبو هند) فأنجبت له ابناً سماه هند، وكان لابي هند التميمي امرأة أخرى قد أنجبت له زينباً ورقية، ولكنها ماتت فالتحقت زينب ورقية ببيت هالة بنت خويلد، ثم إن أبا هند التميمي مات، فالتحق ابنه هند بقبيلته وبقيت زينب ورقية في عيلولة هالة بنت خويلد، ولما كانت خديجة بنت خويلد ذات مال تكفلت أختها هالة وبناتها، وكانت على هذه الحال حتى  بعد زواج الرسول ص منها ـ راجع بنات النبي أم ربائبة: 85  عن الاستخاثة: 1/98، ويبدو أن ربيعاً تزوج هالة بنت خويلد فأولدها أبا العاص، ولما شبت زينب وأبو العصا زوجتهما خديجة وهالة- والله العالم، وعليه فإن أباها أبو هند التميمي.

(3) الإصابة: 4/312، وأم خديجة، فاطمة بنت زائدة قرشية من بني عامر بن لؤي.

(94)

 

هند التميمي(1) وهناك أقوال أخرى(2).

       وأما أم ابي العاص فهي هالة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي واختلف في اسم أبي العاص الى ستة أقوال(3) ولعل أقواها هو القاسم(4)، ومما لا خلاف فيه أن زينب تزوجت من أبي العاص.

       ومما تجدر الإشارة أليه أن زينب ولدت بكمة عام 23ق.هـ، وتوفيت في المدينة في شهر محرم عام 8هـ، وأما أبو العاص فولد في مكة نحو عام 30ق.هـ، وتوفي بالمدينة في شهر ذي الحجة عام 12هـ على ألاكثر، وكان زواجه منها في مكة عام13ق.هـ قبل البعثة النبوية أي قبل شهر رجب، وكان لها من العمر عشر سنوات(5).

       وهاجرت إلى المدينة بعد معركة بدر وفدائها لزوجها أبي العاص، حيثكان فراقها منه شرطاً من شروط الفداء(6).

       ولنرجع بالكلام إلى أمامة نفسها، ونقول: بأن بعض المصادر ذكرت

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لقد سبق بيانه في التعليق على أبي زينب.

(2) هناك من يقول: إن زينب هي ابنة هالة وهذا طبعاً لا يصح فيما إذا صح أن أم أبي العاص هي هالة بنت خويلد، وقيل أيضاً إن زينب بنت خديجة من زوجها الأول وهو النباش بن زرارة وقالوا: بأنها شقيقة هند والحرث- راجع سيرة مغلطاي: 12ونهاية الأرب:18/171- ولكن ثبت بأن خديجة رضي الله عنها لم تتخذ لنفسها زوجاً غير الرسول ص، ولقد أورد أبن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب:1/159 أن أحمد البلاذري وأبا القاسم الكوفي والمرتضى وأبا جعفر رووا في كتبهم الأنساب والاستغاثة والشافي والتلخيص: «إن النبي ص تزوج بها وكانت عذراء»، وهناك أقوال أخرى متضاربة مما لا يمكن التأكد بأن زينب هي ابنة رسول الله وابنة خديجة، ومن أراد التافصيل فليراجع كتاب بنات النبي أم ربائبة لجعفر مرتضى العاملي.

(3) الصابة: 4/121، ومن لك لقيط، وباسم، ومهشم.

(4) الأعلام للزركلي: 5/176حيث قال المرزباني: اسمه القاسم وهو الثبت.

(5) راجع بشأن كل هذا في سيدات بيت النبوة لبنت الشاطىء، بنات النبي أم ربائبة، وليس في جميع ما نقلنا اتفاق بل هناك خلاف ولكن أخذنا بالمشهور تارة وبالأقرب إلى الحقيقة حسب التحقيق تارة أخرى.

(6) راجع سيدات بيت النبوة:510.

(95)

 

بأن كنيتها أم كلثوم(1). وأما عن ولادتها فلا شك أنها كانت في مكة، وكانت أكبر من شقيقها علي حيث جاءذكرها قبله(2)، كما لا خلاف في أن أمها زينب لم تنجب لأبي العاص غيرهما، وربما قيل أنها كانت حاملاً حين الهجرة إلى المدينة، فأسقطت جنينها، وبقيت من حينها سقيمة إلى أن توفاها الله بذلك في المدينة(3).

       وللوصول إلى تحديد ولادتها لا بد من تحديد بعض الملابسات الأخرى، وبما أننا قد تحدثنا عن ولادة أمه وزوجها من أبيها ووفاتها، ثم وفاة أبيها علياً أن نحدد ولادة شقيقها ووفاته لنصل إلى المطلوب.

       لقد ذكر المؤرخون بأن علياً توفي في حياة والده وقد توفي أبوه في نهاية السنة الثانية عشرة للهجرة وعليه، فلابد من القول بأن وفاة علي كان قبل عام 12هـ، وبما أن أمه زينب توفيت بداية العام الثمن الهجري، فلا بد أن تكون وفاة علي محصورة ما بين بداية عام 8هـ وإلى قبل نهاية عام 12هـ، حيث يقول أبن حجر العسقلاني في ترجمة أمه زينب:«وكانت زينب ولدت من أبي العاص علياً مات وقد ناهز الاحتلام ومات في حياته، وأمامة عاشت حتى تزوجها علي بعد فاطمة»(4)، وبما أنه قيد وفاة علي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مستدركات علم الرجال:8/578.

(2) الإصابة: 4/236، وإذا ما ذكرت بعد علي فذلك لأنه مات صغيراً فانتهت حياته وعادة مايقدم الأٌقل بحثاً على الذي يطول الكلام عنه، ولكن بنت الشاطىء تذكر بأنها رزقت بعلي أولاً ثم بأمامة ولكنها لم تسند كلامها بشيء- راجع سيدات بيت النبوة.501.

(3) جاء في أعيان النساء: 190بينما هي تجهز بمكة اللحوق بأبيها لقيتها هند بنت عتبة إلى أن يقول: ولما فرغت من حهازها قدم لها آخو زوجها كنانة بن الربيع بعيراً فركبته وأخذ قوسه وكنانته ثم خرج بها نهاراً ويقود بها في هودج لها، وتحدث بذلك رجال قريش فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى فكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب الفهري ونافع بن عبد القيس الفهري فروعها وهبار بالرمح وهي في هودجها وكانت زينب حاملاً فلما رجعت طرحت ذا بطنها وبرك حموها (أخو زوجها) ونثر كنانته ثم قال: «والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهماً فتكركر الناس عنه...» وهناك من ذكر بأنها توفيت سنة 57هـ.

(4) الإصابة: 4/313.

         

(96)

 

بحياة أبيه فقط دون أمه يتبين أنه توفي بعد وفاة أمه، وبما أن الأخبار في العصر النبوي خالية عن وفاته ولو كان لبان كما هو الحال في زينب ويرها فتحتمل أن وفاة علي كانت في الفترة ما بين وفاة الرسول ص: (28/2/11) ووفاة أبيه أبي العاص (ذو الحجة/12هـ)، وإذا ما أخذنا التصريح بأنه:«قد ناهز الإحتلام» فهذا يعني أنه كان في حدود الخامسة عشرة من عمره، وعليه فتكون ولادته في الخامسة أو الرابعة قبل الهجرة، ووفاته في أواخر الحادية عشرة أو أوائل الثانية عشرة من الهجرة.

       وبما أن أمامة كانت أكبر منه من جهة، أن الرسول ص كان يحملها في صلاته في المدينة، وقد ثبت بأنه ص إنتهى من بناء مسجده في رمضان عام 1هـ وانتهى بعد ذلك من بيوته، فيأتي ما يرويه أبو قتادة ليوضح معالم حياتها بقوله: «إن النبي ص كان يحمل أمامة بنت زينب على عاتقه فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها» ثم فصل قائلاً: «بينما نحن على باب رسول الله ص إذ خرج يحمل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع وأمها زينب بنت رسول الله ص وهي صبية فصلى وهي على عاتقه إذا قام، حتى قضى صلاته، يفعل ذلك بها»(1).

       وبملاحظة أن الراوي هو أبو قتادة السلمي(2) الذي كان قد اشترك لاول مرة في احد مما يدل على أنه أسلم بعد بدر (17/9/2هـ) وربما قبل معركة أحد (7/10/3هـ) وللجمع بين صغر سن أمامة حيث قال«صبية» والتي تطلق على الصغيرة، ولا صغر كما لايتم بعد البلوغ، وبين عدم طرح الرواية التي نقلت حمل الرسول ص لها، لا بد من القول بأن عمرها لم يكن قد تجاوز السنة التاسعة لمكان سن التكليف، وبضميمة أنها كانت أكبر من شقيقها علي فيحتمل أن تكون ولادتها في السنة الخامسة أو السادسة قبل الهجرة، بل وإن هجرة زينب مع ولديها كانت بعد معركة بدر.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإصابة: 4/236.

(2) أبو قتادة السلمي: هو الحارث بن نعمان الانصاري، واختلفوا في اسمه (16ق.هـ ــ 54هـ) مات في الكوفة، كان ممن روى عن الرسول ص، وكان فارس الرسول ص ـ راجع تهذيب التهذيب: 6/436.

(97)

 

       ومن جهة أخرى فقد ورد بأنها مرضت قبل وفاتها وعاودها الحسنان حيث روي عن الإمام الصادق عليه السلام: «إنها ـ أمامة ـ مرضت فاعقل لسانها فدخل عليها الحسن والحسين فجعلا يقولان لها ـ والمغيرة(1) كاره لذلك-: أعتقت فلاناً وفلانة فتومي برأسها أن نعم، ويقولان لها: تصدقت بكذا وكذا، فتومي برأسها أن نعم، وماتت على ذلك»(2).

       ومن عيادة الحسنين لها معاً يفهم أن الحدث كان قبل عام 50هـ حيث وفاة الإمام الحسن عليه السلام في (7/2/50هـ)، وبما أننا نستبعد أن يكون الحدث في الكوفة لأن الحسنين وصلا المدينة من الكوفة في شهر رجب عام 41هـ، ولا مجال بين زواج أمامة من المغيرة بن نوفل والقول بأنها أنجتب له يحيى وبين مرضها إلا القول بأنه كان بعد تمام 41هـ، وذلك لأن علياً استشهد في 21/19/40هـ، وعدتها تنتهي في أوائل صفر عام 41هـ فلو تزوجت في صفر وأنجب خلال تسعة أهشر على فرض سرعة الحمل لكانت ولادة يحيى في أوائل ذي القعدة من عام 41هـ، ومما لا يخفى أن المغيرة بقي في الكوفة كخليفة للإمام الحسن عليه السلام بعد أن هاجر منها إلى المدينة(3).

       ومن كل ما قدمناه لا بد وأن تكون وفاتها بعد عام 41هـ وقبل عام 50هـ، أي خلال ثماني سنوات، وأقصاها عام 49هـ إذ لم يعرف عنها علة قبل ذلك، وما ورد في الوسيلة(4) أنها حضرت معركة الطف فليس بمعتمد حيث لم يسند قوله إلى دليل، وهو يناقض ما تسالم عليه رواة الإمامية على عيادة الحسنين لها ووفاتها.

       وأما مسألة زواجها بعلي فيذكر المؤرخون أن فاطمة الزهراء عليها السلام عندما اشتد بها المرض وشارفت على الموت أوصت علياً فيما أوصته قائلة:

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) المغيرة: هو ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي من أصحاب الأئمة: علي والحسن والحسين عليهما السلام وقد رافق الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء إلا أنه أصابه مرض في الطريق فعزم عليه الحسين عليه السلام بالرجوع فرجع، ولما أبلغه قتله رثاه- مستدركات علم الرجال:7/472.

(2) مستدرك وسائل الشيعة: 14/126 و15/474.

(3) مستدركات علم الرجال: 7/372.

(4) وسيلة الدارين: 423.

(98)

 

«جزاك الله عني خير الجزاء، يا بن عم أوصيك أولاً أن تتزوج بعدي بابنة أختي أمامة، فإنها لولدي(1) مثلي، فإن الرجال لا بد لهم من النساء»(2)، ويذكر ابن شهر آشوب بأنه تزوجها بعد تسعة أيام م وفاة فاطمة عليها السلام(3) أي في (12/6/11هـ) على المختار، حيث كانت حاجة رعاية الأيتام ملحة، ولم يشا علي عليه السلام أن يخالف وصيتها، وقد قال عليه السلام: «أربعة ليس إلى فراقهن سبيل» وعد منهم أمامة: وقال:  «أوصت بها فاطمة»(4).

       وهناك من يذكر بأن أباها أبا العاص عندما أشرف على الموت أوصى أمرها إلى الزبير بن العوام، وقد خطبها علي عليه السلام منه فززجها أياه(5)، وهو مستبعد من جهات: إن علياً أولى بأن يقوم بأمرها من ابن العوام(6)،وأن آباها توفي في ذي الحجة من عام12هـ على ماجاء في الإصابة، ومقتضى ذلك أن يكون زواج علي عليه السلام منها في عام 13هـ وهذا يناقض الغرض من الزواج منها على ما وصت به فاطمة عليها السلام برعاية أولادها، كما ينافي النص الصريح الذي أورده ابن شهرآشوب بأن زواجه عليه السلام كان أمامة بعد تسعة أيام من وفاة فاطمة عليها السلام ألا أذا قيل : إن أباها توفي في شهر ذي الحجة عام 8هـ كما عليه بعض المؤرخين، ويؤيده قولهم: وإن أبا العاص توفي بعدها بفترة وجيزة(7)، ولكن المرجح أن علياً طلبها من أبيها أبي العاص، ولعل الزهراء عليها السلام كانت قد تحدثت إليها قبل أن تطرح الأمر على علي عليه السلام .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ولدي: يقرأ بالجمع ليشمل الحسنين والزينبيين.

(2) منتهى الآمال:1/270.

(3) مناقب آل أبي طالب: 3/305، وجاء في منتهى الآمال: 1/362 أنه تزوجها بعد وفاة فاطمة عليها السلام بثلاثة أيام ويذكر السامرائي في كتابه الإمام الغالب: 36أن علياً عليه السلام تزوج أمامة بعد الزهراء.

(4) أعيان الشعية: 3/473.

(5) الإصابة: 4/237.

(6) كان الزبير بن العوام ابن خال لأبي العاص، وهو حفيد خويلد الأسدي القرشي (28ق.هـ ـ 36هـ) وهو ابن عمة النبي ص، كون ثراء طائلاً، بحيث بيعت أملاكه بنحو أربعين مليون درهم، قتله ابن جرموز يوم الجمل.

(7) جاء في الإصابة: 4/313«وكانت وفاته بعدها بقليل».

(99)

 

       وعلى أي حال فإنها أنجبت لعلي عليه السلام على أكثر التقادير ابنين: محمد الأوسط(1)، وعبد الرحمان(2)، والمشهور أن محمداً الأوسط ولد من أمامة بل كاد أن يكون متفقاً عله لولا ما ورد منسوباً إلى القيل: إنها لم تلد لعلي ولا لمغيرة(3)، ولكن تصريح مجموعة كبيرة من المؤرخين يدحض ذلك، وربما أريد بذلك العقب أي انها لم تعقب لالعلي ولا للمغيرة حيث قال الزبير: ليس لزينب عقب(4) وهذا بصدق لأن محمداً الأوسط لم يكن من المعقبين من  ولد علي عليه السلام ولا عبد الرحمان، ولا يحيى بن المغيرة.

       وأما بالنسبة إلى عبد الرحمان فإن ابن فندق(5) تفرد بالقول  بأنه ابن أمامة بنت أبي العاص، بينما نسب محمد الأوسط إلى خولة بنت يربوع(6)، وأما المظفر(7) فذكر: أن أم عبد الرحمن أم ولد ونسب ذلك إلى العمري في كتابه المجدي، ولكن الذي فيه أنه عدد مجموعة من أولاد أمير المؤمنين عليه السلام ولكن لم يذكر أمهاتهم، وهذا لا يدل على أن أمهاتهم أم ولد، ويدل على ذلك أن فيهم محسناً، ومن المجمع عليه أن محسناً ابن فاطمة الزهراء عليها السلام.

       إذا فالقول بأن محمداً الأوسط ابن أمامة هو المتعين، وأما عبد

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) أعيان الشيعة: 3/374 عن الكافي (الكتاب النكاح).

(2) لباب الأنساب:337.

(3) الإصابة: 4/237.

(4) الإصابة:4/237.

(5) ابن فندق: هو علي بن أبي القاسم بن زيد البيهقي (493ـ565هـ) من أعلام النسب، وسنأتي على ترجمته.

(6) راجع لباب الأنساب: 336و 337.

(7) المظفر: هو عبدالواحد بن أحمد بن حسن بن جواد النجفي (1310ــ 1395هـ) ولد في النجف وتوفي في الدير ونقل جثمانه إلى النجف، وكان من العلماء الفضلاء، له: قائد القوات العلوية مالك الأشتر: سلمان المحمدي، السياسة العلوية في شرح عهد مالك الأشتر.

(100)

 

 الرحمان فيما أن أحدهم ذكر أن أمة أمامة  فلا يمكن رفضه دون دليل، ويبقى منسوباً إليها إلى أن يثبت خلافه، وهو غير مستبعد، فالحاصل أن أبناء أمامة اثنان: محمد الأوسط وعبد الرحمان وسنأتي على ترجمتها في هذا الباب إن شاء الله تعالى.

       وأما بالنسبة إلى يحيى والذي يقال بأنها أنجبته للمغيرة فلا دليل على رفضه، وما قيل بأنها تصريح المؤرخين والرواة من الفريقين  بأن علياً عليه السلام لما جرح وحضرته الوافة قال لأمامة بنت أبي العاص: «إني لا آمن أن يخطبك هذا الطاغية بعد موتي  يعني معاوية  فإن كان لك في الرجال حاجة فقد رضيت لك المغيرة بن نوفل عشيراً، فلما انفضت عدتها كتب معاوية إلى مروان يأمره أن يخطبها عليه، وبذل لها مائة ألف دينار فأرسلت إلى المغيرة ابن نوفل أن هذا أرسل يخطبني فإن كان لك بنا حاجة فأقبل. فقال لها: أتتزوجين ابن آكلة الأكباد فلو جعلت ذلك إلي.

       قالت: نعم.

       فأقبل وخطبها من الحسن بن علي عليه السلام فتزوجها فولدت له يحيى، وبه كان يكنى، وهلكت عند المغيرة»(1).

       وما يقال بأنها كانت قبل أمير المؤمنين عليه السلام متزوجة بغيره(2)، أو أنها تزوجت بعد علي عليه السلام بأبي الهياج بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب(3) فلا يلتفت أليه بعدما ذهب المشهور ألى أنها أول زواجها كان من علي عليه السلام، وتزوجت من المغيرة بوصية منه عليه السلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أعيان الشعية: 3/473، الإصابة:4/237.

(2) أعيان الشيعة:3/474.

(3) الإصابة: 4/237.

(101)

 

       وهناك من يرى بأنها لم تتزوج بعد علي عليه السلام حيث خطبها المغيرة ابن نوفل ثم خطبها أبو الهياج بن أبي سفيان فامتنعت وروت حديثاً عن علي عليه السلام: إن أزواج النبي والوصي لايتزوجن بعده(1) إلا أن هذا لم يثبت في حق غير الرسول ص أولاً، ولو ثبت فقد أجاز علي عليه السلام لها ذلك ثانياً، وذلك لما في ذلك من مصلحة سياسية اجتماعية وفي ذلك حكمة، كما في ثقب الخضر عليه السلام السفينة(2)، وزواج الحسين عليه السلام من أرينب.

       ومن أخبارها: إن رسول الله ص أهديت له هدية فيها قلادة من جزع فقال: لأعطينها أرحمكن، فدعا ابنة أبي العاص من زينب فعقدها بيده وكان على عينيها غمص(3) فمسحه بيده(4).

       وكان النجاشي ملك الحبشة قد أهدى الى الرسول ص حلية فيها خاتم من ذهب فصه حبشي فأعطاه أمامة(5)

       وعندما قتل علي عليه السلام قالت فيها أم الهيثم النخعية من الوافر:

أشاب ذوائبي وأذل راكني              أمامة حين فارقت القرينا

تطيف به لحاجتها إليه           فلما استيأست رفعت رنينا(6)

       لها رواية عن فاطمة أبنة أمير المؤمنين عليه السلام(7).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العباس للمقرم:133، من مناقب آل أبي طالب: 3/305.

(2) إشارة إلى قوله تعالى: (فانطلقا إذا ركبا في السفينة خرقها... أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً) [الكهف: 71و 79].

(3) الغمص: ما سال من الرمص، وهو وسخ أبيض يكون في مجرى الدمع من العين.

(4) أعيان الشيعة: 3/473، الإصابة: 3/236، الاستيعاب: 3/245.

(5) أعيان الشيعة: 3/474 عن الطبقات الكبرى لابن سعد:8/31.

(6) أعيان الشيعة: 3/474 عن الطبقات الكبرى لابن سعد: 8/31.

(7) مستدركات علم الرجال:8/549.

(102)

103     

(103)