تاريخ مرقد الحسين و العباس (عليهما السلام )

اسم الکتاب : تاريخ مرقد الحسين و العباس (عليهما السلام )

المؤلف : د.سلمان هادي آل طعمة
المطبعة : مؤسسة الأعلى للمطبوعات

 

 

 

 

الصحن وأبوابه

 

       وهو بناء كبير وفناء واسع يحيط بالمرقد الشريف ، يطلق عليه بعضهم اسم الجامع لاجتماع الناس فيه لإقامة الصلوات الخمس وأداء مواسم الزيارات المعلومة المخصوصة ، فتحتشد جموع غفيرة تفد من أقصى البلاد إلى أدناه من داخل القطر ومن الخارج للتبرك وطلب المغفرة والرحمة من الله تعالى شأنه، وكذلك أطلق عليه اسم اليميشهد لشهود الناس أداء الصلاة والزيارة أيضا. وكانت كلمة المشهد معروفة لدى العراقيين منذ القدم، ويطلقونها على مراقد الأئمة . قال الشاعر:

توجهت نحو المشهد العلم الفرد        على اليمن والتوفيق والطائر السعد

وقال آخر:

یا صاح هذا المشهد الأقدس            قژت به الأعين والأنفس

       والمشهدان هما مشهد الإمام علي بن أبي طالب في النجف الأشرف ومشهد الإمام الحسين في كربلاء.

       ويقع مرقد الحسين وسط المدينة القديمة تحيط به الأسوار العالية تفصل عن الدور والأسواق والعمارات التي تحيط بالصحن الملاصقة للسور قبل فتح الشوارع، فقد كانت الأسواق تلاصق أبوابة الصحن، ولا يفصل بينهما شارع، كان ذلك قبل سنة 1948م. ففي هذه السنة فتح شارع واسع يحيط بالصحن، ولم يعدم أنه تلتصق بالسور الفنادق والحوانيت، ولكن تمت إزالتها وتعرية جدار السور المحيط بالصحن من الخارج عن كل بناء ، وجرى تزيين الجدار بالطابوق الأصفر والقاشاني وإقامة الكتائب على

(165)

الأبواب وعلى السور من الجهة العليا كتبت الآيات القرآنية بالخط الكوفي البديع وعلى الطابوق المعرق.

       والصحن من الداخل على شكل مستطيل، ولكنه سداسي يشبه الضريح المقدم، ولكن جرى توسيع الصحن سنة 1947م من الجهة الشرقية، وأزيل ركنان داخلان من الصحن من الجهة الجنوبية الشرقية والشمالية الشرقية، فصار الصحن على شكل رباعي الأضلاع من الداخل. أما من الخارج فيبدو على شكل بيضوي. يبلغ ارتفاع السور ۱۲م مؤزر بالرخام بمقدار مترين من داخل الصحن مغشي بالفسيفساء والنقوش ذات الألوان الزاهية والصور البديعة تعلوها الآيات القرآنية، فقد كتبت سور كاملة من القرآن الكريم .

       وكانت المدارس الدينية المحيطة بالصحن لها أبواب من الداخل تفضي إلى ساحة المدرسة أو المسجد الواقع بناؤها خارج الصحن، لكن بلدية کربلاء أقدمت على هدم هذه المدارس والجوامع وأقامت الشارع المحيط بالصحن، ومن تلك البنايات (مدرسة حسن خان) التي كانت أعظم مدرسة دينية في كربلاء. وقد تخرج فيها فحول العلماء والمفكرين منهم مصلح الشرقي السيد جمال الدين الأفغاني، وكان الجامع الذي بناه محسن خان يعد آية في الفن المعماري وعلى جانب عظيم من الهندسة فأزيل هذا الجامع مع قسم كبير من المدرسة الدينية، وموقع هذه المدرسة في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن. كما ذهبت من جهة الغرب (مدرسة صدر الأعظيم) و(المدرسية الزينبية) وكلاهما من المعاهد العلمية الدينية، والجامع الناصري العظيم، وذهبه من جهة الشمال جامع رأس الحسين التاريخي، وكان في وسط هذا الجامع مقام أثري تذكاري لرأس الإمام الحسين (عليه السلام) فقد وضع في هذا المكان قبل مسيرة السبايا إلى الكوفة ، وكان الناس يعلقون أهمية شعورية وعاطفية على هذا الجامع، ولكن هذا الجامع أزيل أثره نهائية، ويعزو الدكتور السيد عبد الجواد الكليدار إحداث وإنشاء القسم الشمالي من الصحن إلى أنه من مبرات الشاه طهماسب الصفوي، فقد أحدث هذا القسم كما أشار إليه المجلسي في البحار، وعين التحديد الذي حدث في عهد الدولة الصفوية وجرى توسیع صحن الحسين من الجهة الشمالية، إذ إن

(166)

صحن الحسين كان حسب الظاهر على شكل صحن الكاظمين، له ثلاث جهات من الشرق ومن الغرب والجنوب فقط، والشاه طهماسب هو الذي أحدث الجهة الشمالية فصار للصحن أربع جهات(1).

تبلغ مساحة الصحن (1500م)، ولعل أهم ما يميز الروضة الحسينية صحنها الواسع وكثرة أواوينه الجميلة حيث يحيط بالمشهد (65) إيوان في كل إيوان حجرة جدرانها مغشاة من الخارج والداخل بالفسيفساء، وقد أعدته هذه الحيجر ليتلقى بها طلاب العلم دروسهم، كما أن البعض الآخر منها إعت للملوك والأمراء والسلاطين وكبار العلماء ورجال الدين ووجوه وأشراف البلد.

جوانب الصحن:

       الضلع الشمالي: في الزاوية الشمالية الشرقية من المجن يقعر یاب الكرامة إلى جانبه الأيسر ثلاثة مقابر لآل طعمة ثم مقبرة عبد المجيد کمبوري فإيوان الوزير ثم مقبرة آل صالح كدا علي) ومقبرة آل الحكيم الشهرستاني ومقبرة آل زيني ودفن فيها بعض رجال هذه الأسرة منهم الخطيب السيد عبد الرزاق وأولاده كما دفن فيها السيد عباس آل تاجر وولده السيد محمد حسن. ثم مقبرة السيد إبراهيم الشهرستاني وولده الأديب السيد صالح، فباب السدرة ثم مقبرة السيد عبد الحسين السرخدمه آل طعمة وأخوه السيد مرتضى وابن أخيه الأديب السيد مصطفى السيد سعيد.

       الضلع الغربي: أهم مقابره: مقبرة العلامة الشيخ خلف بن عسكر الزوبعي المتوفي في طاعون سنة 1246 هـ ودفن معه الشاعر البصير الشيخ قاسم الهر المتوفي سنة 1276هـ. وكانت أمام هذه المقبرة دكة يجلس عليها الشعراء الكبار كأبي المحاسن وكاظم الهر والحاج عبد المهدي الحافظ والشيخ محسن أبو الحبه ويعفي وجوه البلد عصر كل يوم يتبادلون المنظوم والمنثور، وكانت هذه الدكة موجودة حتى توسيع الصحن سنة 1367هـ وظهرت خلفها مقبرة لأسرة أبي طحين تجاورها مقبرة العلامة الشيخ عبد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ كربلاء وحائر الحسمين - د. عبد الجواد الكليدار ص/242.

(167)

الحسين الطهراني المتوفي سنة ۱۲۸٦هـ ثم باب السلطانية ، ثم يلي ذلك مخزن الروضة ثم إيوان الناصري ثم مخزن آخر للروضة. يلي ذلك مقبرة للعلامة السيد مرتضى الكشمري المتوفي سنة 1342 هـ، دفن في حجرة الكابلية ثم مقبرة السيد صالح السيد سليمان مصطفي آلي طعمة المتوفى سنة ۱۳۱۹هـ وأولاده، وهي تقابل شباك المذبح. ثم باب الزينبية، وفي مدخل الباب مقبرة للمرحوم السيد محمود السيد علي الوهاب، ثم مقبرة يعقد فيها مجلس التجويد القرآن خلال شهر رمضان المبارك بإشراف السيد محمد حسن السيف، يجاورها سلم يؤدي إلى الطابق الثاني حيث دیوان سادن الروضة الحسينية الشتوي المطل على باب الزينبية.

       الضلع الجنوبي: يتوسط هذا الضلع باب القبلة المطل على إيوان كبير تعلوه ساعة دقاقة كبيرة. وعند مدخل الإيوان تقع مقبرة السيد محمد سيد العرافين، وفوقها دار مخطوطات ومكتبة الروضة الحسينية حاليا. ثم تليها مقبرة المرحوم الحاج مصطفی اسد خان يقابلها مقبرة آل ثابت. ولدى الدخول إلى الصحن بقع دیوان سادن الروضة الحسينية إلى الجانب الأيسر، وبجواره مقبرة الآل الأشيقر ، وبجوار الإيوان من الجانب الأيمن تقع تكية اليكتاشية دفن فيها السيد أحمد جد آل الدده وبعض أولاده وأحفاده، ويؤمها كبار رجال البلد، كما كان يقصدها المشراء والمتصوفة في العهود السابقة، وتجاورها مقبرة لأل النقيب، ثم يليها إيوان باب الرجاء، وفيه ثلاثة مقابر الأولى مقبرة المرحوم الحاج محمد الشهيبا، وفيها بعقد محفل لتجويد القرآن خلال شهر رمضان المبارك، يقابلها مقبرة العلامة السيد عبد الحسين آل طعمة سادن الروضة الحسينية ومقبرة العلامة الشيخ محمد بن داودالخطيب.

       الضلع الأيمن: في هذا الخلع تقع مقبرة الزعيم الديني الشيخ محمد تقي الشيرازي الحائري، تجاوره سقاية السلطان عبد الحميد العثماني ثم يليها إيران باب قاضي الحاجات وفيه مقبرتان الأولى للعالم الشيخ زین العابدين الحائري وأولاده، يقابلها مقبرة العالم المرزا محمد ثقة الإسلام. ومما يلي الإيوان مسجل كبير للعلامة السيد كاظم الرشتي المتوفي سنة 1259هـ. ثم إيوان باب الشهداء وفيه مقبرة للمرحوم السيد كاظم السيد عبود

(168)

آل نصر الله. ومما يلي الإيوان من الشرق مقبرة كبيرة لآل طعمة تقع بين بابي الشهداء والكرامة.

 إيوان الوزير:

       يقع من الجهة الشمالية في الوسط إيوان كبير كان له شباك حديدي يطل على الصحن يعرف بايوان الوزير نسبة لأحد وزراء الدولة القاجارية وخلف الإيوان قبره، وكان يعرف قبل ذلك بإيوان ليلو. وفي هذا الإيوان كان يلتقي الدراويش(1) حيث كانت تكيتهم تعقد خلال العشرة الأولى من محرم الحرام ، ويضعون السواد والأعلام ومجموعات متنوعة من الكشاكيل(جمع کشکول) التي يحملونها ويؤدون خلال هذه العشرة شعائر المحرم، فيقيمون مجلس العزاء ويقصدهم الوجهاء من أهل المدينة. وكان يتزعم الدراويش السيد مطهر، وهو شخصية محبوبة.

       ودفن في هذا الإيوان كثير من العلماء والأعيان، وكانت أسماؤهم مكتوبة على صخور جدرانها، وممن دفن منهم خطيب كربلاء السيد جواد الهندي وحجة الإسلام السيد مرزا هادي الحسيني.

       أما اليوم فقد طرأ على هذا الإيوان تغییر، حيث أصبح بابا من أبواب الصحن يمر منه الزوار، عرف بباب السلام .

إيوان الناصري:

       ويقع في الجهة الغربية من الصحن، ثم عرف بإيوان الحميدي نسبة إلى السلطان عبد الحميد العثماني وهو الذي شيده . جبهته العليا مقوسة، ويبلغ ارتفاع الإيوان حوالي 15م وطول قاعدته السفلى 8م، وعرضها هم، وكانت ساعة دقاقة كبيرة فوق هذه الإيوان. تم بناء هذا الإيوان سنة 1275هـ كما يظهر من أبيات الشاعر الشيخ جابر الكاظمي بالفارسية وهو مؤرخ سنة 1275 هـ، وله تاريخ بالعربية :

الله إيوان سما رفعة       فطاول العرش به الفرش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)كربلاء في الذاكرة للمؤلف . فصل الدراويش ص / 394.

(169)

قال لسان الغیب تاريخه         (أنت لأملاك السماعرش)

                                                                                                                     1275ھ

       توجد كتيبة محاطة بهذا الإيوان نقشت عليها أشعار تنسب للشاعر الكربلائي الشيخ كاظم الهر وهي:

إيوان مجد شاده کهف الوری          سلطان غازي عالم الإنسان

عبد الحميد المتقي والمرتقي            مــــن كل مكرمة علی کیوان

من الي عثمان الذين بسيفهم            حفظوا الشغور بسطوة الإيمان

حل الحسين برحبهم فسموا به          وبنوا البيوت الذكر للرحمان

الله شرفهم وعظم قدرهم              فبنـاؤهم من أشرف البنيان

حتى إذا ورث الخلافة منهم            سلطاننا المقصود بالعنوان

شاد البناء بحضرة قد عطرت          بشذا سليل المصطفى العدنان

هي حضرة كحظيرة القدس التي       فيهـــــا تجلئ الوارد السبحاني

فيها ثوی سبط النبي بطعنة             شلته لها كف الشقي سنان

فغدا شهيد الطف تندبه حوله            مضر کما تبكي بنو شيبان

إنا لنذكره ونسكب أدمعا           تجري على الوجنات كالمرجان

فالصبر يحمل في المواطن كلها          إلا عليــــــــــــــه فإنه كالقاني            

يا حبذا الإيوان في أوضاعه            جاءت مبانيه على الإتقان

قد قابل القبر الشريف بوجهه           فتواه بين يديه في إذعان

ينحط فيه عن الورى أوزاره           فیکال للقالين بالصيعان

وسما إلى الفلك الأثير مسلماً           بيمين يمن العالم الروحاني

من أجل ذا أرخته (یا حسنه            قد شاده عبد الحميد الثاني)

                                                                                                                                  ۱۳۰۹هـ

       أما اليوم فقد فتح من هذا الإيوان باب لدخول وخروج الزوار.

       ويقابل هذا الإيوان، إيوان رأس الحسين الملحق بر واقي السيد إبراهيم المجاب من جهة الصحن، حيث تظهر على سقفه زخارف القاشاني البديع وصناعة الفسيفساء الدقيقة . وتوجد في الواجهة الأمامية منه عبارة (عمل أستاذ أحمد جواد شيرازي عام 1296هـ) وفي أسفلها كئيبة نقشت عليها أبيات هي :

(170)

الله أكبر ماذا الحادث الــــــــــــجلل           لقد تزلزل سهل الأرض والجبــل

ما هذه الزفرات الصــــاعدات أسئ           كأنها شعل ترمي بها شعــــــــــل

قامت قيامة أهل البيــــت وانكسرت           سفن النجاة وفيها العلم والعمـــــل

جل الإله فليس الـــــــــــحزن بالغه           لكن قلبا خواه حزنه جلــــــــــــل

أتلك زينب مسلوب مقلــــــــــــــدها           الله أكبر هذا الفادح الجلـــــــــــل

كأنها لم تكن تنمن لفـــــــــــــــاطمة          وأنها غير دين الله تنتحــــــــــــل

لئن بدت وحجاب الصون منهـــــتك          عنها فإن حجاب الله منســــــــدل

من كان خادمها جبریل کیف تـرى           أضحى يحكم فيها الفاجر الــرذل

لو قام يصرخ بالبطحاء صارخـــها           رأيت كيف اعوجاج المجد يعتدل

مهلا أمية إن الله مدرك مــــــــــــــا           أدركتموه فلا يغرركم السهـــــــل

هناك بعلم من لم یدر حاصلــــــــها           أي الفريقين منصور ومنـــــخذل

       أما الجهة الجنوبية وفيها ممر باب القبلة، فتعلوه مقرنصات وكتائب، وفي أسفل القوس الهلالي لهذا الممر کتبت آيات قرآنية بخط محمد علي المكاري سنة 1257هـ عمل أحمد الكواز إضافة إلى كتائب مزخرفة تشكل آية من آيات الروعة الفنية.

       تكية البكتاشية: من الأماكن المهمة المشهورة في الصحن الشريف تقع إلى يمين الداخل من باب القبلة، شيدها عبد المؤمن دده، وهي ذاته بناء فخم معقود بالأحجار الكبيرة أشبه بالصحن الشريف. يجتمع فيها المتصوفة من الأتراك أيام الحكومة التركية، ومن أبرز المتصوفة الذين يتصدرون هذا المجلس الشاعر فضولي البغدادي المتوفي سنة 963م وابنه فضلي وروحي البغدادي وغيرهم من الشعراء القادمين من اسطنبول.

       وقد عين السيد أحمد الدده جد أسرة آل الدده متوليا على هذه التكية. ومما هو جدير بالمقام أن السلطان عبد الحميد العثماني أعلن الحرب على مروجي هذه الطريقة، مما عمل المرحوم السيد أحمد المذكور بتبديل اسم تكية اليكتاشية إلى تكية النقشبندية، كما يظهر من الكتابات المثبتة على الكتائب الداخلية للتكية وقد اتخذت مدفنة له ولذريته، ويطل من التكية شباكان كبيران على الصحن. ومن المؤسف أن معالمها قد أزيلت اليوم بسبب التعميرات الأخيرة وتطوير المشهد من قبل الجهات المختصة.

(171)

 

       أما الجهة الشرقية من الصحن فيحتوي على إيوان كبير يضم مقبرة الزعيم الروحي الشيخ محمد تقي الشيرازي الحائري قائد ثورة العشرين وقبور بعض السادة الأشراف والعلماء، وعند توسيع الصحن أزيلت الزاوية الجنوبية الشرقية، فصار قبر الشيخ الحائري داخل المحن بعيدة عن السياج، فوضعت عليه علامة (شباك) وهذا الشباك أزيل عن القبر أيضا.

السقايات العمومية (سقاخانه).

       وكان في هذا الجناح من الصحن سبیل (خزان لشرب الماء) أنشأه أحمد شكري من سلالة محمد نجيب باشا العثماني وكان إتمامه يوم العاشر من المحرم سنة 1261هـ. وضع فيه الماء وطرح كميات كبيرة من السكر في هذا السبيل تشرب منه الزوار وهم ألوف مؤلفة، وكتبت على واجهة السبيل بالكاشي أبيات بالخط الحسن للشاعر الموصلي عبد الباقي العمري:

أحمد من أنشأ هذا السبيل               وروق المنهل لابن السبيل

ما هو إلا ذو العلى أحمد               شكري له يستقصي جيلا نجيل

ويوم عاشورا غداً زائراً               سلیل ساقي الحوض نعم السليل

من أمه بضعة طه التي                 في العالمين ما لها من مثيل

وجده روح الوجود الذي                تشرف السروح به جبرئیل

فشاهد الزوار تاوي إلى                مشهده الأعلى قبيلاً قبيل

فأترع الحوض لهم سكراً               مزاجه الكافور والزنجبيل

حوض هو الكوثر في عينه             علی حسین مثل دمعي يسيل

عذب فرانته ذاك لكن ذا                ملح أجاج ماؤه مستحيل

صنده حمزني ووجدي وقد             صوبه مني البكا والعويل

كأنه عبن الحياة التي                   لاحظت الخضر بعمر طویل

مسلسلاً يروي حديث الشفا             عنه وقد صح شفاء العليل

کم صادر عنه وکم وارد               منه لقد بد فيه الغليل

كالشهد في الصحن حلا ذوقه           فراته بل الصدى منه نیل

في كل ثغر ساغ سلساله                فشاع في الري وفي أردبیل

أجرى له وقفة وفي ماجرى            قد نال أجر وثواب جزیل

(172)

 

ورق لما راق تاريخه                  (للأحمد الحوض مع السلسبيل)

۱۲۹۱هـ

 

       وأمرت والدة السلطان عبد المجيد العثماني في عام ۱۲۸۲هـ بتشييد خزان لإرواء الماء في الجهة الجنوبية الشرقية من الصحن الشريف، وأرخ بناءه الشاعر الشيخ عباس القصاب فقال:

سلسبيل قد أتى تاريخه                 (اشرب الماء ولا تنس الحسین)

۱۲۸۲هـ

كما أنشأ المرحوم الحاج حبیب الحافظ (جد أسرة آل الحافظ) خزانة آخر يقع مقابل ذلك الخزان المار ذكره.

       وهنالك خزان آخر لسقاية الماء عند مدخل باب القبلة أنشىء عام ۱۳۲۲هـ، وقد أصبحت هذه الخزانات أثرا بعد عين، حيث هدمت في سنة ۱۳۹۳هـ أثر التوسع الحاصل للمشهد الحسيني.

       وفي الجهة الشرقية المسجد الكبير الذي كان يجلس فيه مفتي الدولة العثمانية، وقد أنفق العالم السيد كاظم ابن السيد قاسم الحسيني الرشتي من فضل ماله على تجديد هذا المسجد. ولهذا المسجد بابان أحدهما يطل على ممر يؤدي إلى الصحن الصغير، والآخر داخل الصحن الكبير.

القبة:

       تعلو المشهد الحسيني المقدس قبة شاهقة، شاخصة الأبصار، شادها مهرة المهندسين، وهي مغشاة من أسفلها إلى أعلاها بالذهب الأبريز، ويحيطها من جهة سطح الروضة عشرة شبابيك يبلغ عرض كل منها مترا واحدة وثلاثين سنتمتراً وبين كل شباك وآخر مسافة متر واحد وخمسة وخمسين سنتمتراً. ويبلغ ارتفاع القبة من قاعدتها إلى قمتها حوالي ۳۷ متراً، ونرى من الخارج بشكل كروي. وتعلو قمتها سارية من الذهب الخالص طولها ۲م يضيئها مصباح كهربائي مضيء الإرشاد الزائرين، وعلى الجهة اليمنى من القبه كتيبة كتب عليها النص التالي(1): (تذهيبة القبة

_____________

(1) تشرفت في سنة ۱۳۹۳هـ مع السيد عادل نجل السيد عبد الصالح آل طعمه سادن الروضة الحسينية بالصعود إلى سطح الروضة لقراءة الكتابات المحررة على القبة.

(۱۷۳)

 

الحسينية على عهد السلطان ناصر الدين شاه القاجاري كتبه محمد حسین الشهير بالمشهدي ۱۲۷۳ هـ) وهذه العمارة (جدد بناءها وقسم من تذهيبها في سنة ۱۲۷۳هـ) وفي الجهة الثانية كتبت العبارة التالية (لقد تشرف بتعمير هذه القبة المباركة الشريفة المنورة بعون الله تعالى السلطان الأعظم والخاقان الأعدل السلطان ابن السلطان ناصر الدين شاه القاجاري خلد الله ملکه). وتشير سجلات مديرية أوقاف كربلاء؛ إلى أن عدد طابوق الذهب يبلغ 7526 طابوقة. أما مساحة القبة فتبلغ 301م2 ذهب.

(174)

 175

الروضة الحسينية

وتبدو في الجهة الشرقية منها مأذنة العبد الشهيرة

(175)

176

صورة من الجو لمدينة كربلاء

 (176)

 177

احدى المنائر في مرقد الإمام الحسين (عليه السلام)

في مدينة كربلاء المقدسة

 (177)

 

178(178)

 

 

المأذن

منارة العبد:

       بجانب سبيل الحافظ مقبرة تعود لأسرة آل أسد خان، وعلى ركن هذا الجانب كانت ترتفع منارة تعرف بمنارة العبد، شيدها الوالي على بغداد مرجان أمين الدين بن عبد الله في العهد الأيلخاني سنة 767هـ. كان مرجان والياً على العراق من قبل السلطان أويس الجلائري وأراد مرجان أن يستقل في حكم العراق فرفع راية العصيان وشق عصا الطاعة على السلطان الجلائري، ولكن السلطان قدم بجيش كبير إلى بغداد استطاع أن يحاصرها، ولما شعر مرجان بانخذاله هرب إلى كربلاء واستجار بحرم الحسين (عليه السلام) وتولى حينذاك بناء تلك المئذنة وعندما علم أويس بما جرى للعبد أحضره فأكرمه وعفي عنه، وأعاده واليا على العراق لما قام به من خدمات جليلة اللحائر الشريف فشيد مئذنة كبيرة عرفت بمنارة العبد مع جامع كبير وأجرى عليهما من ريع أملاكه في بغداد وكربلاء وعين التمر والرحالية وغيرها أموالاً طائلة تصرف وارداتها، على الجامع والمئذنة.

       تقع هذه المئذنة على بعد عشرين متراً عن الزاوية الشرقية على يسار الذاهب إلى مشهد: العباس (عليه السلام) وهي أضخم مئذنة في العتبات المقدسة  يبلغ قطر قاعدتها عشرين متراً وارتفاعها أربعين متراً، تكسوها الفسيفساء والكاشي الأثري البديع الصنع. وقد أرخ الشاعر العالم المرحوم الشيخ محمد السماوي تشييد هذه المئذنة بقوله:

ثم بنى القبة بعدد الدائر          أويس ابن الحسن الجلائري

إذ جاء من مقره بجنده           يرید بغداد لقتل عبده

أعني به مرجان إذ تمردا        حتى إذا جند أويس وردا

(179)

 

فارقة من منعوه الطاعة                فلاذ بالحســــــــــــين للشفاعة

ثم بنى المسجد والمنارة                فانتسبــــــت للعبد ذي الإمارة

وكان ذا في السبع والستينا             من بعــــــــد سبع قدخلت مئينا

فأصدر الصفح أويس وعفا             عن عبده إذ لاذ بابن المصطفى

       وفي سنة ۹۸۲هـ في العهد الصفوي تم تعمير هذه المئذنة على يد الشاه طهماسب، فقد اجتاحت هذه المئذنة بعض التصليحات والتحسينات البنائها، لا سيما في قمتها، فمد لها كف البذل والعطاء فأصلحها، وأعاد تعميرها ضمن ما قام به من تعميرات وتوسع في المشهد الحائري خاصة في الجهة الشمالية، إذ فتح فيه ممر، فصار الصحن محاطاً في الفضاء من أربع جهات، بعد أن كانت الجهة الشمالية مغلقة كما هي الحال في الصحن الكاظمي. وقد جاء ذكر هذا التعمير في كتاب البحار للعلامة المجلسي بقوله : والأظهر عندي أنه - أي الحائر - مجموع العين القديم لا ما تجدد منه في الدولة العلية الصفوية، والذي ظهر لي من القرائن وسمعت من مشایخ تلك البلاد أنه لم يتغير الصحن من جهة القبلة ولا من اليمين ولا من الشمال، بل إنما زيد من خلاف جهة القبلة(1). وجاء وصف هذا التعمير في قول العلامة الشيخ محمد السماوي:

ثم تداعی ظاهر المناره         للعبد واستدعى له عماره

فمد كفه لها طهماسب            وعمرت بمالها يسناسب

وأرخت ما بين عجم وعرب           (وانگشت یار) تعني (خنصر الأحب)(2)

۹۸۲هـ

       فكلمة (انکشت يار) تعني بالعربية (خنصر الأحب) وكلاهما في حساب حروف الأبجد والجمل تورخان سنة ۹۸۲هـ

       وفي العهد العثماني أوعز البلاط بتصليح منارة العبد على أثر تصدع في رأسها وذلك عام ۱۳۰۸هـ، ولكن مما يبعث على الأسف والأسى أنه

______________

(1) البحار - محمد تقي المجلسي ج ۱۸ ص 757.

(۲) مجالي اللطف ارض الطف - الشيخ محمد السماري ص /42.

 

 

(180)

 

في العهد الملكي أمر رئيس الوزراء ياسين الهاشمي بهدم هذه المنارة وإزالتها من الوجود وذلك في سنة 1354هـ/ 1935م، وقد عمد الهاشمي إلى هذا الإجراء الاستيلاء الأوقاف على واردات الموقوفات التي تركها مرجان أمين الدين من بدلات الإيجار للعقارات والمسقفات العائدة له. وفي أثناء هدمها عثر على نقود نحاسية قديمة ترجع إلى العهد الجلاتري والصفوي، وقد أودعت تلك النقود في دار الآثار القديمة ببغداد. وقوبل قرار هدم المئذنة بمعارضة شديدة من قبل العلماء والأهالي، وظهرت أقاويل و إشاعات في أسباب إزالتها، فإذا صح أنها كانت ماثلة فإصلاحها يكون من موضع الهدم لا من الأساس والجذور. ولا يزال بعض المعمرين يذكرون ہمرارة تلك المئذنة ويحنون إليها، لأنها كانت من آثار الحائر الفنية التاريخية، حتى إن الشعراء رثوها رثاء حارة. وجاء وصف هدمها في كتاب (تاریخ کربلاء) وهذا نصه: ترکت مئذنة العبد فراغاً هائلاً في الحائر المقدسة وحسرة دائمة في قلوب محبي الفن والتاريخ، كما وكان هدمها نظير ما جرى للحائر في الأدوار الماضية على يد الغزاة والوهابيين فبكتها القلوب ورئتها الشعراء، ومن ذلك ما جاء في (مجالي اللطف بأرض الطف) عن أدوار تشييدها وتعميرها وهدمها ثم إزالتها عن موضعها، وهنا تتفجر حسرات الشاعر من أعماق قلبه كما يظهر من قوله:

وهدمت منارة العبد فلم                 يبق لها من أثر ولا علم

بقولهم بأن عظمها وهن         في الأربع والخمسين من هذا الزمن

بلن تبقي محكم الأساس                 شمال من يمضي إلى العباس

متصلاً مع الجدار الغربي       في باب صحن السبط أو في القرب

       وللخطيب السيد علي بن الحسين الهاشمي أبيات في تاريخ هدمها، قال:

(آل الجلائر) عبدهم      (مرجان) مذولي الإماره

قد     شاد   في    بغداد مسجده       لدى   سوق التجاره

وبنى لدى   صحن       الحسين      لحبه أعلى مناره

       وقال في مادة التاريخ

تالله إن بهدمها            للدين والتقوى خساره

(181)

 

والعبد أرخ (ناحبة               الحر تكفيه الإشارة)

1354هـ

       أما الخطيب الشيخ عبد الكريم النايف فله في بناء وهدم هذه المئذنة بيتان هما:

منارة العبد بصحن الحسین            بناؤه أرخ (انکشت يارا)

وهدمها أعلن تاريخه            (ماجاء إلا لجا الاضطرار)

1354هـ

       لا يخفى أن ياسين الهاشمي قد أمر بمنع إقامة شعائر محرم الحرام ومنع إقامة المجالس الحسينية، وبذلك اقتفى أثر المتوكل الذي هدم قبر الحسين وحرم الناس من إقامة الشعائر.

       وعلى بعد 10 أمتار من جنوب القبة المنورة توجد مئذنتان كبيرتان شاهقتان مطليتان بالذهب، يبلغ ارتفاع كل منهما ابتداء من سطح الروضة حوالي 25 متراً وسمكهما 4 أمتار، وعلى قمة كل منهما سارية، يرتكز عليها سياج كهربائي يسترشد به الزوار. وقد أنشئت هاتان المئذنتان عام 786هـ في عهد السلطان أوس الجلائري، وابنه أحمد الجلائري الذي زخرفهما بالقاشاني ذي اللون الأصفر الذهبي، وفي سنة 1356هـ مالت المئذنة الغربية، فتبرع السلطان طاهر سيف الدين فأمر بهدمها وتشييد مئذنة أخرى محلها، ولدى محض أسس هذه المئذنة وجد أن أساسها متين، فلم تكن بحاجة إلى تهدیم. وقد تم تذهيبها سنة ۱۳۷۳هـ عمل محمود هادي.

       أما المئذنة الشرقية فقد بقيت على وضعها الذي نراه اليوم.

       ومما تجدر الإشارة إليه أن عدد طابوق الذهب للمئذنتين يبلغ8024 طابوقة.

الصحن الصغير

       يقع في الجهة الشرقية من الصحن الكبير، صحن آخر يفصل بينهما

(182)

 

ممر مسقف مزين بأقواس ومقرنصات بالقاشاني البديع . يطلق على هذا الصحن بالمصحن الصغير تمييزا عن الصحن الكبير المحيط بالروضة المشرفة. وتبلغ مساحة هذا الصحن 48 متراً مربعاً، تحيطه جدران عالية تعتبر من الآثار الفنية النادرة يعود تاريخ بنائه إلى عهد السلطان عضد الدولة البويهي الذي ملك بغداد بعد أبيه في زمن الطائع بن المطيع العباسي، بني الصحن بالطابوق القاشاني، وتزین سقوفه الداخلية المقرنصات البديعة التي تشبه الأسطوانات الهندسية تتداخل فيها الأضلاع والزوايا بصناعة دقيقة التركيب والبناء، ويغطيه نوع نادر من الفسيفساء تمتاز بنقوشها الزهرية التي لم يكن لها مثيل في فن البناء وفي الألوان والأشكال المرسومة عليها. وخلال سنة 369هـ إلى سنة ۳۷۱هـ شيد هذا الصين واتخذ البويهيون مقابر لهم فيه لوقوعه على الطريق المؤدية إلى مشهد العباس (عليه السلام) حيث يمر منه الزائرين. وقد شق عضد الدولة تثاة لإرواء مدينة كربلاء تصل إلى داخل الصحن الصغير، ولكن هذه القناة اندثرت بسبب التعميرات والحفريات وإقامة البنايات والتوسع الذي حصل في المدينة.

        وفي هذا الصحن مئذنتان صغيرتان أثریتان نقشت عليهما الآيات القرآنية، بخط کوفي، تشرفان على مقبرة آل بویه، أنشئتا بأمر من نجيب باشا الوالي العثماني سنة 1262هـ. أما مقبرة آل بویه فقد اكتشفت عام ۱۲۹۲هـ عندما أراد أحد أفراد السادة آل الصافي بناء مقبرة لعائلته، حيث ابتاع دارة من الدور المجاورة للصحن وألحقها به، وعرف الباب الرئيسي التي يؤدي إلى مشهد العباس بباب الصافي، ولدى حفر الأسس وجد نفق يؤدي إلى عدة قبور ظهرت من الكتابات المثبتة عليها أنها تعود إلى آل بویه، ويطل على الصحن بابان أحدهما ينفذ إلى شارع علي الأكبر وهو الذي عرف بباب الصافي، وباب ينفذ إلى سوق الحسين الكبير قبل إنشاء شارع الحائر حول الصحن، ويطلق عليه باب الصحن الصغير، وعلى جانبي ممر هذا الباب مقبرتان عائدتان للأسرتين العلميتين الجليلتين وهما مقبرة السيد إبراهيم القزويني صاحب الضوابط ومقبرة السيد محمد مهدي ابن السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض، ثم مقبرة ركن الدولة التي دفن فيها العالم الشيخ إسماعيل اليزدي الحائري المتوفي في طاعون سنة 1347هـ،

(183)

 

ودفن فيها الأمير علي شاه نجل السلطان فتح علي القاجاري.

       بقي هذا الصحن ظاهراً للعيان حتى سنة 1948م، حيث أقدمته بلدية کربلاء على هدمة وإدخاله ضمن الشارع المحيط بالصحن الكبير، وبذلك زال هذا الأثر التاريخي الرائع الذي يعد مفخرة للتراشه الفني والمعماري ، فقد تناولته أيدي الهدم يوم ۱۹ محرم سنة 1368هـ. الموافق ۱۱/ ۱۸ /1948م، في حين أضرب رجال الدين عن الصلاة في الصحن احتجاجا على هدم تلك الأماكن.

أبواب الصحن

       للصحن الشريف عدة أبواب يؤدي كل منها إلى حي من أحياء المدينة، وهي رفيعة المعماد يدور عليها سور الصحن الحسيني، وقد كتبت حول السور آیات کریمة من القرآن الكريم على القاشاني بالخط الكوفي .

       كانت في السابق سبعة أبواب هي: باب القبلة وباب الزينبية وياب السلطانية وباب السدرة وباب الصحن الصغير وباب الصافي وباب قاضي الحاجات. وبسببه توسيع الصحن دمج بابا الصحن الصغير والصافي بباب واحد عرف بباب الشهداء، واستحدثت أبواب أربعة أخرى هي: الرجاء والكرامة والسلامه والرأس الشريفة، فأصبح عددها حالية عشرة أبواب. أما السبب الذي دعا لفتح هذه الأبواب الجديدة فهو تخفيف حدة الازدحام الذي تضيق به الأبواب القديمة على رحابها لاسيما في مواسم الزيارات الخاصة حيث تزحف الوفود على المدينة من مختلف المدن العراقية وأنحاء العالم الإسلامي. وهذه الأبواب كلها مصنوعة من الأخشاب الممتازة مصنعة بديعة ذا منظر جذاب، ومسقفة بالقاشاني على شكل عقادة هلالية (مقرنصة) تتضمن حواشيها الآيات القرآنية الكريمة المكتوبة بخط جلي بديع، وإن هذه الأبواب لها تسميات محلية للدلالة عليها.

       وفي الخمسينات من هذا القرن سجل السيد محمد هادي الصدر قاضي كربلاء أبياتا من شعره كتبت على واجهات الأبواب الحديثة بالكاشي.

(184)

 

       وإلى القارئ نص الأبيات الخاصة بكل باب(1):

       (باب الشهداء)

أبا الشهداء حسبي فيك منجى           يقيني شر عاديـــة الزمان

إذا ما الخطب عبس مـكفهراً           وجدت ببابك العالي أماني

وها أنا قد قصدتك مستجـيراً           لأبلغ فيك غايــات الأماني

فلا تردد يدي وأنت بحــــــر           يفيض نداه بالمنن الـحسان

       (باب رأس الحسين)

أحظـــــــيرة القدس التي         فيها أمان الخافقيــن

حسب المفاخر أن تكوني        مهبط الروح الأمين

لك باب حطة وهو باب الله للحق المبين

عنت الحياه له بنسبته الى رأس الحسين

       (باب الرجاء)

ببابك يا أبا الشهداء حفـــــــــت        مهللة ملائـــــــــــكة السماء

وفيه جثت ملوك الأرض طوعا        وغاية قصدها باب الرجـاء

       (باب الكرامة)

صرح تألقق مشرفاً        بسنا النبوة والإمامية

وحمى يلوذ المسلمون            به إلى يوم القيامة

باق مدى الأيام            يزخر بالبطولة والشهامة

تتزاحم الأملاك فيه              وحسبها باب الكرامة

      

       ولدى التطوير الأخير، أجريت إصلاحات مهمة على مشهد من جميع الجوانب، وأزيلت معالم تلك الأبواب وحلت محلها أبواب حديثة. نحن هنا بصدد البحث عن الأبواب القديمة والحديثة وتاريخ إشادتها ومنشأ تسميتها، وهي:

______________

(1) مجلة [رسالة الشرق] الكربلائية (العدد 2 السنة الأولى/ رجب 1373هـ) ص/44.

(185)

 

  • باب القبلة: وهو من أقدم الأبواب، ويعد المدخل الرئيسي إلى الروضة الحسينية. يقع في منتصف الجهة الجنوبية للصحن الشريف. عرف بهذه التسمية لوقوعه إلى جهة القبلة وفيه عدة تواريخ تشير إلى بناء الكاشي القديم منها ما هو موجود داخل الصحن الشريف على يسار الخارج منه كتابة مؤرخية سنة 1257هـ، وفي الضلع الغربي منه عبارة (قد تشرف ههنا). يبلغ ارتفاع قوس البرج من مدخل الصحن حوالي 15م وعرض قاعدته ۸م، وفي أعلاه الآية القرآنية التالية (بسم الله الرحمن الرحيم من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً).

       أما الباب الجديد فهو مصنوع من خشب الساج الفاخر مطعم بخشب النارنج، وإن ارتفاعه يبلغ حوالي 6م وعرضه 4م وعلى جانبي رأسه كتبت بالكاشي الآية الكريمة: (بسم الله الرحمن الرحيم إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) كتبه جواد عبد نصيف. وعلى واجهته اليسرى اسم المتبرع (خالق زادكان) ثم عبارة (صنع هذا الباب في عهد السيد عبد الصالح السادن يوم الخميس 8 شعبان 1385هـ (2/1۲ / 1965م). ونصبت ساعة كبيرة على هذا الباب كتب تحتها: السلام عليك يا أبا عبد الله.

  • باب الرجاء: يتوسط باب القبلة وباب قاضي الحاجات من خارج الصحن كتيبة بالكاشي كتبت عليها الآية الكريمة: (بسم الله الرحمن الرحیم الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان صدق الله العلي العظيم). أما الباب فيعلوه الكاشي البديع وتزین سقف القوس الآيات القرآنية بخط بدیع، کتب فوق الباب مباشرة نص الكتيبة التالية:( بسم الله الرحمن الرحيم الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة) صدق الله العلي العظيم 1396هـ وتحتها كتيبة اخري نقشت عليها()بسم الله الرحمن الرحيم والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة

(186)

أولئك لهم عقبى الداره(( صدق الله العلي العظيم. يبلغ ارتفاع الباب.حوالي 5 أمتار وعرضه 3,5 متر.

۳- باب قاضي الحاجات: يقع هذا الباب مقابل سوق العرب. وقد عرف بهذا الاسم نسبة إلى الإمام الحجة المهدي (عليه السلام)، ويبلغ ارتفاع الباب حوالى 5 أمتار وعرضه 3 أمتار ونصف المتر. أما تاريخ تشييده فهو في سنة 1286 هـ كما يلاحظ من التاريخ المثبت على دائرة ذهبية في مدخله الخارجي. وقد كتبت في أعلى الباب من خارج الصحن الآية الكريمة: ((بسم الله الرحمن الرحيم إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرة صدق الله العلي العظيم)) بخط داعي الحق. أما فوق الباب نفسية فقد كتبت الآية الكريمة و ((بسم الله الرحمن الرحيم فمن حاجك من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا تلع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساء كم وأنفسنا وأنفسكم فنجعل لعنة الله على الكاذبين صدق الله العلي العظيم)) بخط داعي الحق. يبلغ ارتفاعالبانی 4 أمتار وعرضه 3 أمتار.

4- باب الشهداء : يقع هذا الباب في منتصف جهة الشرق، حيث يتجه الزائر إلى مشهد العباس (عليه السلام)، وعرف بهذا الاسم تيمنا بشهداء معركة الطف، في أعلى الباب من خارج الصحن نقشت الآية الكريمة((بسم الله الرحمن الرحيم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم یرزقون صدق الله العلي العظيم)) وهي بخط داعي الحق. وفي وسط العقاده الهلالية (المقرنصة) أبيات شعر هي:

قوم إذا نودوا لدفع ملمة          والقوم بین مدعس ومکردس

لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا             يتهافتون على ذهاب الأنفس

نصروا الحسين فيالهم من فتية         باعوا الحياة والبسوا من سندس

       أما في أعلى الباب فقد نقشت الآية الكريمة ((بسم الله الرحمن الرحيم من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا صدق الله العلي العظيم)).

(187)

يبلغ ارتفاع الباب 4 م وعرضه ۳م. وهي بخط داعي الحق .

5 ۔ باب الكرامة : يقع هذا الباب في أقصى الشمال الشرقي من الصحن . وهو مجاور لباب الشهداء. عرف بهذا الاسم كرامة للإمام الحسين (عليه السلام) , كتب في أعلى الباب من خارج الصحن نص الآية الكريمة((بسم الله الرحمن الرحيم إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون صدق الله العلي العظيم)) بخط جواد عبد نصيف.

       أما فوق الباب نفسه فقد نقشت هذه الآية الكريمة ((بسم الله الرحمن الرحيم والذين جاهدوا فيها لنهدینهم سبلنا والله مع المحسنین صدق الله العلي العظيم)) . بخط جواد عبد نصيف يبلغ ارتفاع الباب 4 م وعرضه ۳م.

6 - باب السلام : يقع هذا الباب في منتصف جهة الشمال، عرف بهذاالاسم، لأن الناس كانوا يسلمون على الإمام باتجاه هذا الباب . ويقابله عگد السلام. كتبت في أعلى الباب من خارج الصحن الآية الكريمة ((بسم الله الرحمن الرحيم ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب أإذا متنا وکنا ترابة ذلك رجع بعيد قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفیظ صدق الله العلي العظيم)) .

       وفوق الباب نفسه كتبت كتيبة بالخط الكوفي عليها نقشت الآية الكريمة ((بسم الله الرحمن الرحيم في بيوت أذن الله لها أن ترفع ويذكر فيها اسمه تسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأنصار صدق الله العلي العظيم))۱۳۹۲هـ/۱۹۷۳م (جليل النقاش). وقد أنشأ أبياتا لهذا الباب مؤرخاً إياه :

يا زائراً مثوى إمام الهدی              لذ بحماه فهو ليث العرين

فهذه باب تقی أنشئت            تجتازها قوافل الزائرين

فمن أتاها طالباً حاجةً           يفوز من صاحبها باليقين

مافتىء السبط بأهدافه            يقود للمجد حمى الصالحين

(188)