موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

اسم الکتاب : موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

المؤلف : أليف سماحة آية الله المحقق الكبير الشيخ عبد الواحد المظفر قدس سره
المطبعة : مؤسسة الشيخ المظفر الثقافية العراق النجف الاشرف مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان

 

 

 

تكملة الخاتمة2

النقص التي هو منزه عنها دومة، ولا يسلك جادة المذلة ولا يسير على طريق الهوان کلا وهو أبي الضيم، حليف العز، أليف الفخار.

نعم، بکی على أخيه العباس «عليه السلام» بكاء الرقة ونشج نشيج المحزون وإنما هذه الصرخة التي ملأت البوادي وتألمت لها الصخور ليست بصرخة البكاء وإنما هي صرخة الغضب على أهل الكوفة وصيحة الغيط على قتله أخيه وعضده وناصره وعمید عسکره وحامل رايته ومن لا يسام بالدنيا كلها ثمن ولا تبلغ أن تكون قيمة أنملة من أنامله كما روي في بعض المقاتل أنه صاح فيهم صيحة عظيمة: أين تفرون وقد قتلتم أخي؟ أين تذهبون وقد قتلتم أبن والدي؟ فجعلت الخيل والرجال يسحق بعضها بعضا لشدة صيحته وعظيم نكايته فيهم.

أأخي يهنيك النعيم ولــــــــم أخل           ترضى بأن أرزی وأنت مـــــنعم

أأخي من يحمي بنات محـــــــمد           إن صرن يسترحمن من لا يرحم

ما خلت بعدك أن تشل سواعدي            وتکف باصرتي وظهري يقـصم

هذا خیال تخیله هذا الشاعر وتمثيل وهمي مثله شعوره وإحساسه في أن الحسين «عليه السلام» هكذا ينبغي أن ينطق وهكذا ينبغي أن يقول لأن الواقع يقتضي هذا لا أنه صادر من الحسين «عليه السلام» بهذه الألفاظ وهذه المعاني غير أنه قال  الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي وشمت بي عدوي، فتراءى لهذا الشاعر أن الفاجعة التي تقصم الظهر تكف الباصرة وتشل السواعد ونعم ما تخيله هذا السيد وأصاب في تمثيله إذ الشعور يقوم مقام الظهور فتقديم العباس «عليه السلام» نفسه أمام الحسين «عليه السلام» کعین تبصر ما يتقي من المحاذير وذبه بسيفه عنه قد ما يؤدي ما تؤديه سواعده وبعد فقده شل الساعد وكفت الباصرة وأنقصم الظهر.

لسواك يلطم بالأكف وهذه                   بيض الضبا لك في جبيني تلطم

ما أجاد هذا السيد التعبير عن المعنى المقصود له وما أحسن تأديته وإن قارب بين مصرع الحسين ومصرع العباس في البيت الذي يأتي وإنه لم يبق مجال اللطم لسرعة اللحاق به فناب لطم السيوف لجبينه عن لطم الكف لجبهته كما هي عادة فاقدي الأعزاء وهذا وإن كان مألوفة عند كثير من الناس أن الفاقد إذا علم أنه قریب اللحوق بالمفقود تسلی عنه وتعزى بما سيصير إليه من الالتحاق به سریعا لكن هذا المعنى حقير لا قيمة له وتافه لا يرفع الإشراف لمثله رأسا ولا ينظرون إليه ولكن المقصود معنی أعظم وأجل وأنبل وهو أن الفقيد العظيم لا يطفئ حرقة أفتقاده ويشفي لذعة الأسي ضرب الجبين بالكف ولا لطم الجبهة بالراحة إنما حقه

 

(442)

أن تلطم جباه الأعداء بالسيوف وتلطم هاماتهم بالأعمدة لكن أنفراد الحسين «عليه السلام» بين هذه الجماهير التي سدت الفضاء عليه عكست الأمر فصكت جبهته بأسيافها ولطمت جبينه بحداد مواضيها فكان هذا الطمأ للعباس «عليه السلام» بدل لطم الأكف وهذه الطريقة وهي لطم وجوه الأعداء بالسيوف انتقاما منهم لقاتلي الأعزاء يتحراه كثير من شجعان العرب، فقد قال بعض الأبطال في قتل أخيه:

سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا             فإن بهـــا ما يدرك الطالب الوترا

ولست كمن يبكي أخاه بعبــرة              بعصرها من غرب فعلنه عصرا

ولكنني أشفي فؤادی بغـــــارة              الهـــــب في قطری کتائبها جمرا

ونحن أناس لا تسيل دموعنـا               على هــالك منا وإن قصم الظهر

وهذا ما أراده الحسين أن ينتقم به من قتلة العباس «عليه السلام» في شن غارة عليهم ولكن الظروف الحرجة قد سدت طريق هذا المقصد وحالت بينه وبين تنفيذه إذ فقد الحماة وعز عليه النصير فما أستطاع إلا أن يبذل مهجته ويرد مورد أخيه العباس «عليه السلام» .

وقال فارس هوازن وبطل القيسية دريد بن الصمة القشيري وقتلت غطفان أخاه عبدالله:

تقول ألا تبكي أخاك وقــد أرى             مكان البكا لكن بنيت على الصــــــــبر

فمقتل عبدالله والهالـــــك الـذي             على الشرف الأقصى قتيل أبي بكر(1)

وعبد يغوث أو نديمي مـــالــك             وعز مصابا خبر قبر على قبـــــــــــر

أبي القتل إلا آل صمة إنـــهـــم             أبو غيره والقدر يجري على الــــــقدر

فإما ترينا لا تزال دماؤنـــــــــا              لدي معشر يسعى لها آخر الدهـــــــــر

فإنا بلحم السيف غير نــــــكيرة             ونلحمه طورة وليس بذي نکـــــــــــر

يغار علينا واترين فيشــــــــتفي            بنا إن أصبنا أو نغير على وتــــــــــر

بذاك قسمنا الدهر شطرين بيننا            فما ينقضي إلا ونحن على شطـــــــر

هذا كثير في كلامهم وفي مراثي الحسين «عليه السلام» ومنه ما قال السيد حيدر الحلي (رحمه الله)، من قصيدة:

ودعي صكة الجباه لؤي           لبس بجديك صكها والدموع

____________

(1) أبو بكر بن کلاب لا أبو بكر بن أبي قحافة فإنهم قتلوا أباه الصمة.

 

(443)

أفلطما بالراحتين فهلا              بالسيوف لا تنفيها الدروع

هذا هو المعنى الصحيح لا ما قصر عنه بيان الناظم وبقية القصيدة:

ما بين مصرعك الفظيع ومصرعي                 ألا كما أدعوك قبل فتنـــعم

هذا حسامك من يفل به العـــــــــــدا                  ولواك هذا من به يتــــــقدم

هونت يا أبن أبي مصاع فــــــتيتي                 والجرح يسكنه الذي هو ألم

يا مالكا صدر الشریعة إنــــــــــني                  لقليل عمري في بكاك متمم

ومالك الذي قتل في خلافة أبي بكر هو أبن نويرة فارس بني يربوع وبطل تميم وبكاه أخوه متمم حتى مات وتقدم ذكرهما، وأفردنا لمالك كتابا سميناه بأسم فارس ذي الخمار لم يطبع، هذا ما أخترناه من مراثي العباس الكثيرة.

وللمؤلف من جملة قصيدة:

أشكو قساوته علي وجــــــــــــوره                  من دون صحبي في للـــــــــعباس

شبل الوصي وناصر الدين الـــذي                   تغني مهابته عن الحــــــــــــــراس

قمر العشيرة ليثها مقدامهـــــــــــــا                  قناص آساد الشرى ذو البــــــــاس

صعب المراس إذا تظافرت القنــا                   ما أن سواه بحصن صعب مراس

هو صاحب السيف الصقيل يسلـه                   لا ينقي في الحرب بالأتــــــــراس

رواه من هام الكماة ورمحـــــــــه                    ينقض مختطفا سراة النـــــــــــاس

حامي ظعينة كربلاء بصـــــــارم                    صادي الحديد رواه قحف الـرأس

سل عنه يوم الطف لما أقبلــــــت                   ملا القفار کتائب الأرجــــــــــاس

يوما عبوسا قمطريرة شـــــــــره                    متطاير بتهافت الأنفـــــــــــــــاس

جلاه والمغوار فيه عابـــــــــــس                     سيف تشعشع في يد العبـــــــــاس

ماقطبت فرسانها إلا سطــــــــــا                     متبسمة بطلاقة استئنــــــــــــــاس

يسطو عليهم في بسالة حيـــــــدر                    في عزم حمزة فارس المــهـراس

متمایلا بين القنا کتمایـــــــــل الـ                    نشوان بین شقيـــــــــقـهــا والآس

متسربة في الروع درعة ضافياً                      من عزمه وحفاظه وإلـبـــــــــاس

برتاح للبيض الحداد وومضــها                      مثل ارتباح أخي الطــلا لـــلكأس

سل الحسام فلا ترى مذ سلـــــه                      إلا هوي يد وقحفــــــــتــــة راس

 

(444)

ثلت عروش الكفر شفرة حـده              والدين أصبح ثابت الأساس

بأبي أبن خير الناس بعد محمد             من لا نظير له بكـــل الناس

نعم المواسي للحسين بنفــــسه              وبسيفه للدين نعم الآســـــي

وللمؤلف أيضا:

لا أنسی موقف عباس بن حيــــدرة                 يوم الطفوف ولا آثاره أبــــــــــــــدا

واسى أخاه بنفس لا عدیل لهــــــــا                  ودونه قدم الإخوان والولــــــــــــــدا

کي يفتدي سبط خير الأنبياء بــهـــم                 أبا الائمة حقا سيد الشهــــــــــــــداء

لما تفانی سراة الناصرين لـــــــــــه                 وكل شهم کریم ماجد فقــــــــــــــــدا

ولم يرى في خيام السبط من رجــل                 غير العليل ولم يسمع مجيب نــــــدا

أتى الحسين ودمع العين منحـــــــدر                مثل الجمان على الأبريز قد نضــدا

ناداه أيبن رسول الله أوحشـــــــــني                 أن لا أرى في خيامي باقية أحـــــدا

وإنني لم أطق صبرة ولا جــــــــلدا                  فقد ألاحبة مني أذهب الجلــــــــــــدا

نفسي تحب لقاء الله عن عجـــــــل                  کیما ترافق في جناته السعــــــــــــدا

دعني أموت فموت العز أشوق لـي                  ولا أراك لدى الأعداء منفــــــــــردا

لا استطعت دفاع الموت عنك لـــما                  بالبيت في دفعه بالنفس مجتهــــــــدا

الكنما الموت أمر لامـــــرد لــــــــه                 وما بدفع القضا من حبلة أبـــــــــــدا

ولست أملك إلا النفس اجعلهـــــــــا                   لك الفدا ووقاء لم أقل فنــــــــــــــــدا

أتيت أطلب منك الإذن قد ســئمــت                 نفسي الحياة وعيشي قد غدا نکـــــدا

إني أرى كل حر من ذوي رحــمي                  ورد المنية قبلي ظامـــــــــــــئ وردا

من مات تحت ظلال السمر ميتتهم                  فذاك حي يلاقي عيشة رغــــــــــــدا

وعد المهيمن حتى لا خلاف لـــــه                  والنفس راغبة فيما به وعـــــــــــــدا

قال الحسين له أما عزمت عـــــلـى                 قتال الذي بغيا علي عـــــــــــــــــــدا

خذا السقاء لتستقي لصبــــــــــــيتنا                 ماء فجمر الظما في قلبها أتقـــــــــدا

قد كنت حد حسامي أن أجـــــــرده                  على الأعادي ولي في الشدة العضدا

هذا رضيعي منذ اليوم قد ذبلـــــت                  منه الشفاه وما درت عليه ثــــــــــدا

فقال سمعا لأمر ابن الرسول ومن                   علي طاعته مفروضة أبــــــــــــــدا

 

(445)

فودع السبط والهندي في يــــــــــتــــــده                     مع السقا وعلى جمع العدو عــــــدا

لما رأته جنود الكفر عن کــــــــــــــــثب                     قال أبو الفضل هذا أم علي بـــــدا؟

أم إنه قابض الأرواح لاح لنــــــــــــــــا                     أم نافخ الصور وافي لابسة جسدا؟

كأنما آذن الباري بقدرتــــــــــــــــــــــــه                     محو البرية حنی لن يدع أحــــــــدا

ما راعهم غير صوت أبن الوصي أنـــا                      نجل الوصي ألا فلتخسأ البعــــــــدا

صيد الكماة لوت أعناقها هــــــــــــربـــا                     مثل العفرني رأى دون الشرى نقدا

والضأن تذهب في البيداء مجـــــــفلــــة                     عن الرعاة إذا ماعاينت أســــــــــدا

والثابتون حياء في مراكزهـــــــــــــــــم                     لدى القراع فما لاقوا بها رشـــــــدا

إن المنية من ست الجهات بهــــــــــــــم                     محبطة وأقام المشرفي رصــــــــدا

فلم يزل يحصد إلهامات مرهفـــــــــــــه                     حصد الزروع ولم يضبط لهم عددا

فأورد الناكثي الميثاق صارمـــــــــــــــه                     نارا تلظى وبئس الــــــورد إذ وردا

نزاعة للشوی نارة مســــجــــــــــــــــرة                    من عصبة الله لا تطفى إذن أبـــــدا

إن الزبانية الأفظاظ تضربــــــــهــــــــم                     مقامع مذبهم حادي الفناء حـــــــــدا

لولا القضاء وأمر كان عن لــــــــــــــه                      إذ رام أن يلحق الأبرار والسعــــــدا

لم يبق من جيش أهل الغدر مرهــفـــــه                      من نافخ ضرمة أو مخبر أبـــــــــدا

لكن أتی القدر الجاري بمــــــــبـــــرمـه                      فأورد البطل المرهوب بحـــر ردی

حتى هوى في ضفاف النهر مـــــنجدلا                       ومخ بافوخه في عينه جمـــــــــــــدا

ونبلة العين قد أودت بناظـــــرهـــــــــا                      ونبلة القلب منه شكت الكبــــــــــــدا

هذا وأسياف أهل البغي ما تـــــركـــت                       عضوة صحيحة ولا كفا ولا عضدا

لما رأى القوم قد طافوا بـــــه زمــــراً                        والكل منهم يراه حانقة حـــــــــردا

نادى أغثني أبا السجاد یا ابـــــن أبـــي                       لكن لنزف الدما لم يفصحن بنـــــدا

فأقبل السبط مثل الصقر حيــــن هوى                        على البغاث فخلى جميعهم بــــــددا

ثم أنحني يلثم العباس منتـــــحبـــــــــــاً                      وقد تنفس من حر الأسا صــــــعدا

يدعو کسرت أخي ظهري وقد شمتـت                        بي العداة وهم والله شر عــــــــــدا

وإن أعظم ما لاقى أخو کـــــــــــــــرم                       شمائة من عدو خالطت حســــــدا

ماذا أقول لأطفال ومرعبــــــــــــــــــة                       من النساء إذا ما عدت منـــــفردا

 

(446)

إن قلن لي أين حامينا وحارسنا                      إذا العدو لنا بالسوء قد قصدا

فما الجواب وما قولي لظــامئة                        تقول أبعد عمي اليوم لا بعدا

وللمؤلف أيضا:

یا حامل العلم بل یا حامل العـــلـــــــرم                        والقائل الفصل فـــــــي الأحكام والـحكـم

ونائة كل مطلوب بهــــــــــــــمتــــــــــه                     ما لم تنله كبار العـــــــزم بالــــــــــــهمـم

فإن يومك يوم الطف سدت بــــــــــــــه                       بابن الوصي ســـــــراة العرب والعــجـم

با جامعا لخصال المجد أجمعهــــــــــــا                       وحائزة لمزايا الحـــــــمد والشيـــــــــــــم

إن يذكر العلم منكم كان منبــــــــــــــعه                       أو يوصف الـــــــجود کنتم منتهى الكـرم

سر يا أبا الفضل للعليا على مــــــــــهل                      مداك ما رامه مـــــــاش على قـــــــــــدم

لم يخلق الله بعد الأنبياء فتـــــــــــــــــى                      والأوصياء بصلب طاب أو رحـــــــــــم

يحكي علاك فلا والله ما نـــــــــــظرت                       عین العلا شبه العباس في شهــــــــــــــم

والدين يشكر أعمالا نهضت بــــــــــهـا                        والمجد يحسبها من أفضل النعــــــــــــــم

وكيف تنسى العلا يوما لقيت بــــــــــه                       داعي المنون بثغر منك مبتســــــــــــــــم

حفظت حق حسین حــــــــــین ضيعــه                      أهل الشقاء بنوعبادة الصنــــــــــــــــــــم

وفيت إذ نقضوا مـا أكـــــــــدوه لـــــــه                        أهل الضلال من الايمان والقســـــــــــــم

لما دعا السبط أين الحــــــــــافظون بنا                       محمد خيرة الباري من النســــــــــــــــــم

أجبت لبيك داعــــــــــي الله حفظكــموا                      فرض من الله محتوم على الأمــــــــــــم

فقد أجابك قلـــــــــــبي يا ابن فاطمــــة                       كما أجابت يدي داعي الهدی وفمـــــــي

فكنت في ذاك أولى العالمین بـــــــــــه                       وكنت أوفاهموا بالعهد والذمــــــــــــــــم

قام الحسين بوعظ القوم مـــــــــــمتطياً                       لناقة المصطفى العضباء من قــــــــــدم

عليه بردیمان كــــــــــــان يلبســــــــــه                      خير البرية في الأعياد ذي عــــــــــلم(1)

وقد تعمم محتجا بعمــــــــــــتـــــــــــــه                       وهي السحاب وطرف الناس عنه عمي

في كفه سوطه الممشوق يحــــــــــــمله                       وسيفه الصارم المعروف بالخــــــــــدم

نادى أنصتوا فأسمعوا قولي وموعظتي                       وراجعوا عقلكم يا أســـــــفه الأمـــــــم

فهل يحل لكم قتلي وسفك دمــــــــــــي                       لفاجر جاهر في فسقه أثـــــــــــــــــــم

_____________

 (1) معلم: عليه علامة.

 

(447)

رماه شمر بسهم من جهالتــــــــــــــــــه                      والشمر شر امریء يمشي على قدم

وقال هذا جواب الوعظ فابتــــــــــدرت                      سهامهم نحوه کالقطر من دیــــــــــم

ثم انكفاقابضة بالكف شيبتــــــــــــــــــه                      يشكو ظلامته الله ذي الحكــــــــــــم

نادي الحسين كمات الحرب أســـــــرته                      وصحبه سروات العرب والعجـــــم

قوموا إلى الموت ذي رسل العدو لكـــم                       تواثبوا كأسود الغاب والأجـــــــــــم

وقد دعا بأخيه وابن والــــــــــــــــــــده                      عباس حلو السجايا طاهر الشيــــــم

وقال يا بطل الهيجا وفارسهـــــــــــــــا                       أنت العميد فقف في القلب بالعلـــــم

وفي اليمين زهير الليث قائدهـــــــــــــا                      وفي اليسار حبیب الخير ذو الشمــم

فلم يزل ثابتا في خط مركـــــــــــــــزه                       حتى قضى كل قرم باسل وحمــــي

ولم يرى في خيام السبط من أحـــــــــد                       سوى الأرامل والأيتام والخـــــــــدم

أتى الحسين ودمع العين منحــــــــــــدر                      وقلبه من حماس الجد ذا ضـــــــرم

ناداه يا ابن رسول الله قد فــــــــــــنيت                       أهل الحفاظ جميعا من ذوي رحمي

لم يبق غيـري ومن عزمي اللحاق بهم                        ولا أراك خضيب في نجيــــــــع دم

فــــــــــــــودع السبـط توديع الفراق له                      ولم يرد عودة حبة إلى الخيـــــــــــم

ثم أمتطي الأدهــــــــم الـميمون فارسه                       وسار يمسح وجه الأرض بالقـــــدم

وصاح فيهم أنا العباس فــــــــأنقسمت                        أبطالها بين مصروع ومنــــــــــهزم

وهكذا صولة الضاري وصيحــــــــته                        فيها تشتت قطعان من الغنـــــــــــــم

ولم يزل يحصد الهامات مبتــــــــدراً                         شط الفرات بقلب عاد ذا ضــــــــرم

حتى إذا ملك الأوفي شريعتهـــــــــــا                         وزم من مائها كفالبل فــــــــــــــــــم

تذكر السبط والأطفال ثم رمــــــــــى                         بالماء من كفه فعل التقي الشـــــــهم

قال المواسات للأطهار من خلقـــــي                          وإن إيثار آل الله من شيـــــــــــــمـي

وعاد للحرب والفساق قد قطـــــــعوا                         طريقه فأنتحی ضربة على القمــــم

وجلل الأرض بالقتلى وصيرهـــــــا                          بحرة عظيمة ولكن زاخرة بــــــــدم

حتى إذا اجتاز في خط الكمين بـــرا                         كفيه رجسان من عبادة الصـــــــنـم

وشك مقلته سهم وهـــــــامـــــتــــــه                          مفضوخة بعمود الملحد الآثــــــــــم

فخر حول ضفاف النهر ســــــانحة                           دماؤه فاحصة للترب بالقـــــــــــدم

 

(448)

يدعوا الحسين أغثني يا أخي وقضى                         ظامي الحشا واللوا حول العميد رمي

أرسل إلي الشاب المهذب عز الدين الجزائري هذه القصيدة وذكر أنها أهديت إليه من صديق ونسبت الأسم لأنه لم يكتب عليه بعنوان کامل غير أن في القصيدة إسم الشاعر وهي هذه:

ألفت قراع الشوس من حين مولـدي                 وحـــــــــــــالف هامات الكماة مهندي

وشاهدت الحرب العوان مواقفـــــي                 وما أنكرت في حومة الموت مشهدي

إذا ما أسكر النقع أمطر صارمــــي                 بهام الأعـــــــــــادي مبرقا أثر مرعد

أعرض وجهي للأسنة والظبـــــــــا                 وفي لجج الهيجــــــــا أروح وأغتـدي

كان صليل المرهفات لمسمعـــــــي                 لدى الروع أحلى من تــــغاريد مــعبد

وقانی الطلى أشهى إلي من الطلــى                 أرى بأحنساها أي صهباء صــــرخد

وقد شاب فودي والفؤاد لوقعـــــــة                  أسي تركتني أصفق اليد بالــــيــــــــد

اليوم أبي الفضل الشيهد لواعــــــج                 لها في فؤادي غلة لم تـــــــبـــــــــرد

أبو الفضل يوم الفضل يبسم للندى                  وعند أشتباك الخيل أول مـــــــنـــجد

إذا زمجرت أبطالها وكـــــــــماتها                   يلف المواظي بالوشيج الــــــــــمسدد

ويردي القروم الصيد في حمـلاته          ويصدرها قهرا بحد الــــمـــــــــــهند

ينیر محباه بغاسقة الـــــــــــــوغى                  ويجلو دجاها من سناه بــــــــــــفرقد

يكافح أبطالا ويردي قســــــــاوراً                   وضيق في أشلائها كل فــــــــــــدفد

بجدل مقدام السرية إن سطـــــــــا                   ويخرق ما ذي الحديد المـــــــــسرد

بصول عليهم صولة حيدريـــــــة                   لهيبتها قلب السميدع يرعـــــــــــد(1)

إذا خفقت بالطعن راية بأســــــــه                             تخفق رعباً من قلوب وأكبــــــــــــد

لقد حشدت عند الشریعة خيلهــــم                    وما ربع منه القلب منهم بمحــــــشد

نحي جمعهم حتى تولت رجالهــم                    وأوردهم من حتفهم شر مــــــــورد

تملك منهم للشريعة عــــــــنـــــوة                             بضرب وطعن في ذلیق وأمــــــــلد

فهم بشرب الماء لكن وفــــــــاؤه                    أبی أن يذوق القلب طعم الــــــمبرد

__________

(۱) رفع يرعد لحن يسمى قواعد عند العرب عيب عندهم وإن استعملوه، إما في عصورنا فلا يجوز ارتكابه ولا عذر لقائله.

(449)

 

أيـشـرب ماء والــحــســيــن بــن فــاطــم                    حــــــــــــشاشته من جمرها بتوقد

أحــــــاط بـــه جــنـــد أبن حرب وحزبه                    على كل مـــوار الرحالة أجـــــرد

فـــــأورد آذي الدمـــــــــاء حــــســـامــه                     وما بل قلبا من نزا لهموا صــدي

ولــمــا دنــت مــنــه الــمــنــيــة قــطعوا                    يديه ومنه الرأس تتبع بأعمــــــــد

فبادر بأدركني الإمــام ابــــــن والـــــدي                     فغيرك مالي من حمى ومــــــسعد

ومن ساقت الريح الخــــطــــاب أجـــابه                     بصوت حزين بادي الحزن مكمد

وفــــرق عــنــه عـــــصبه الغي وأنحنى                   عـــــــلــيــــــه بقلب بالأسی متوقد

أبا الفضل یا مردي الجحافل في الوغى                      إذا الخيل جاشت بالحسام المجرد

أبا الفضل هاذي الــخيل نحوي تطالعت                      كتائبها في أشــــأم أثـــــر أنــكـــد

أبا الفضـــــــــــــل أين الـوعد إن سكينة                     تؤمل ورد الماء منك بـــمـوعـــد

بــــــــــقيت فريـــدة لا أرى مـن مساعد                     وبعدك حقا بان عني تـــجـــلــدي

عليك عزيـز أن تــــســـيــر بــــــــذلــــة                    بنات علي والــــبتول وأحــــمــــد

ویسری بزیـن الع،ابــدیــن مـــــقــــيـــداً                    علية ألا نـــفـــســـي فـــداء المقيد

بني حرب فــي حـرب الـحسين لبستموا                     به ثوب خزي للقيـــــــــامة أسود

لئن نازعتكم فـــي الــمعالي نفســـــــــكم                     فأين المعالي من إماء وأعــــبــــد

مرقتم عن الديـــن الحــنيف ببغيكــــــــم                     وحالفتم الشبطان في كل مــــورد

بني الوحي قد أهــدى عـــلي إليكـــــــــم                     خريدة فكر بالهموم مــــبـــلـــــــد

ألا فأقبلوها فهي غــايـة جــهـــــــــــــده                      وجـــــــــودكموا قدم عليه تعودي

بها أرتجي الفوز العـــظيم بفــضلكـــــم                      وعيش رغــــــيد في الجنان مخلد

انتهت ممن سمى نفسه علية وهي بألفاظه، والظاهر إن نسختها بخطه والله أعلم.

وبهذا نختم وحسبنا الله ونعم الوكيل ونسأله العفو عنا وغفران ذنوبنا بحقه عليه وبحرمة محمد وآله عنده آمین.

تم الكتاب

 

(450)