موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

اسم الکتاب : موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

المؤلف : أليف سماحة آية الله المحقق الكبير الشيخ عبد الواحد المظفر قدس سره
المطبعة : مؤسسة الشيخ المظفر الثقافية العراق النجف الاشرف مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان

 

 

 

قيل: قال لهم عند ذلك بعض الحاضرين: ويلكم إن لم تكونوا أتقياه في دينكم فكونوا أحرارا في دنياكم، والصحيح أن الرأس المكرم دفن بالبقيع إلى جنب أمه فاطمة وذلك أن يزيد بعث يه إلى عامله بالمدينة عمرو بن سعيد الاشدق فكفنه ودفنه.
وقال أبو الفدا الحنفي في تاريخه(1): واختلف في موضع رأس الحسين «عليه السلام» فقيل: جهز إلى المدينة ودفن عند أمه إلى آخر ما ذكرناه سابقا.
وذكرنا أيضا قول أبن فضل الله العمري جازماً به ونقله عنه القرماني الحنفي في تاريخه(2) ونقله علي جلال الحسيني عن أبي الفدا وابن الوردي في تاريخهما(3).
ونقله أيضا عن السخاوي والسمهودي ويقول(4): وممن روى أن الرأس دفن بالمدينة الإمام البخاري نقل أبن عروة الحنبلي في الكواكب الدراري في ترتيب مسند أحمد على أبواب البخاري ج41 في أثناء رسالة عن أبن تيمية روى البخاري في تاريخه أن رأس الحسين حمل إلى المدينة ودفن بها في البقيع عند قبر أمه «رضي الله عنهما» وروى هذه الرواية محمد بن سعد في كتاب الطبقات الكبير ج5 في ترجمة عمرو بن سعيد ص176 الخ.
وعلى هذا نقتصر من كلام أهل السنة وربما يعد لهم شاهدا قول من قال من المؤرخين أن حمل نساء الحسين «عليه السلام» كان من الشام إلى المدينة ولم ينصوا على رجوعهم من طريق العراق مثل أين الأثير والطبري وأبي حنيفة الدينوري والشيخ المفيد وغيرهم.
ونص المفيد في الإرشاد(5): وأنفذ معهم في جملة النعمان بن بشير رسولاً تقدم إليه أن يسيرهم في الليل ويكونوا أمامه حيث لا يفوتون طرفه فإذا نزلوا أنتحى عنهم وتفرق هو وأصحابه حولهم كهئية الحرس لهم وينزل منهم بحيث إن أراد أنسان من جماعتهم وضوء أو قضاء حاجة لم يحتشم فسار معهم في جملة النعمان ولم يزل ينازلهم في الطريق ويرفق بهم كما وصاه يزيد ويرعاهم حتى دخلوا المدينة، إنتهى.
_____________________
(1) تاريخ أبو الفدا 1/191.
(2) تاريخ القرماني: ص109. (3) كتاب الحسين عليه السلام: ص139.
(4) كتاب الحسين عليه السلام: ص143.
(5) الإرشاد: ص263.

(248)

لكن يعارض هذا ما صرح به هؤلاء جميعا أن يزيد لم يبعث برأس الحسين «عليه السلام» إلى عمرو بن سعيد وإنما بعث أبن زياد إليه بشيراً بذلك فأطلب ذلك في الأرشاد وفي تاريخ الطبري(1) وغيرهما، وجميع ما تقدم نقلناه عن أهل السنة.
أما الشيعة فذكر أبن نما الحلي (رحمه الله) في مثير الأحزان(2): وأما الرأس الشريف فأختلف الناس فيه فقال قوم إن عمرو بن سعيد دفنه في المدينة ثم ذكر منصور بن جمهور حديث دفنه بالشام على يد سليمان بن عبد الملك دفنه في باب الفراديس عند البرج الثالث مما يلي المشرق وحدثني جماعة من أهل مصر أن مشهد الرأس عندهم يسمونه المشهد الكريم عليه من الذهب شيء كثير يقصدونه في المواسم ويزورونه ويزعمون أنه مدفون هناك، ثم ذكر عليه الرحمة القول الذي عليه المعول وسنذكره في موضعه.
وذكر هذه الأقوال المجلسي في البحار وقال إنها أقوال المخالفين وسيجيء اختياره في موضعه(3) وكذلك قال غيره من العلماء فهم ينقلونها ولا يعتمدونها.

المشهد السادس لرأس الحسين «عليه السلام» القائم بظهر النجف
يعرف اليوم بالحنانة وسبب تسميته بالحنانة لأمرين ذكرا:
أحدهما: أن سبايا آل محمد لما أوقفوا هنا صارت لهم حنة.
وثانيهما: أن أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» لما مروا بجنازته في هذا الموضع حنوا وبكوا.
وعلى كل حال فقد وجد فيه موضع يزار ويذكر أنه (موضع رأس الحسين «عليه السلام») وفيه رواية ذكرها الإمامية في كتب الحديث.
روى ثقة الإسلام الكليني في الكافي(4) تحت عنونا «موضع رأس الحسين (ع)» بإسناده عن بريد بن عمر بن طلحة قال: قال لي أبو عبد الله «عليه السلام» -يعني الأمام الصادق- وهو بالحيرة: أما تريد ما وعدتك؟ قلت: بلى –يعني الذهاب إلى قبر أمير المؤمنين «صلوات الله عليه» -قال: فركب وركب إسماعيل وركبت معهما حتى إذا جاز الثوبة(5) وكان بين الحيرة والنجف عند ذكوات بيض
_______________________
(1) الإرشاد: ص263؛ تاريخ الطبري 6/268.
(2) مثير الأحزان: ص54.
(3) أُنظر: بحار الأنوار 10/228. (4) الكافي 2/321.
(5) الثوبة تعرف بكميل بن زياد، بها قبر كميل النخعي صاحب الإمام علي عليه السلام كانت سجنا للنعمان ثم صارت مقبرة لأهل الكوفة.

(249)

فنزل ونزل إسماعيل ونزلت معهما فصلى وصلى إسماعيل وصليت، فقال لإسماعيل: قم وسلم على جدك الحسين «عليه السلام»، فقلت: جعلت فداك! إليس الحسين «عليه السلام» بكربلاء؟ قال: نعم ولكن لما حمل رأسه إلى الشام سرقه مولى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين «عليه السلام».
وبإسناد آخر عن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله «عليه السلام» -الصادق- فمر بظهر الكوفة فنزل فصلى ركعتين ثم تقدم قليلا فصلى ركعتين قم سار قليلا فنزل صلى ركعتين قم قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنين «عليه السلام»، فقالت: جعلت فداك! والموضعين اللذين صليت فيهما؟ قال: موضع رأس الحسين «عليه السلام» وموضع منزل القائم.
وروى شيخ الطائفة الطوسي في التهذيب(1) بإسناده إلى مبارك الخباز قال: قال لي أبو عبد الله «عليه السلام» -الإمام الصادق- : أسرجوا البغل والحمار في وقت ما قدم وهو في الحيرة، قال: فركب وركبت حتى دخل الجرف ثم نزل فصلى ركعتين ثم تقدم قليلً فصلى ركعتين أخر ثم تقدم قليلً فصلى ركعتين أخر ثم ركب ورجع، فقلت: جعلت فداك! ما الأولتين والثانيتين والثالثتين؟ فقال: الركعتان الأوليتان موضع قبر أمير المؤمنين «عليه السلام»، والركعتان الثانيتان موضع رأس الحسين «عليه السلام»، والثالثتان موضع منبر القائم «عليه السلام»، ثم ذكر الحديث الثاني مختصراً وفيه تصريح بالغري.
وذكر السيد أبن طاوس في فرحة الغري بعد حديث صفوان الذي يقول فيه تجوز القائم –يعني الحنانة- حديث أمره إسماعيل بالصلاة عند رأس جده الحسين «عليه السلام» كما رواه الكليني لكن قال: عن أبي الفرج السندي ثم ذكر حديث أبان أبن تغلب أيضا(2) وحديث مبارك الخباز، وذكر حديث بريد(3) ورواه أيضا عن عمر بن طلحة(4).
وهذه أحاديث معتمدة لا مجال لطعن فيها لأن الكافي والتهذيب من الكتب من المعتمدة عند الشيعة وحكمها حكم الصحاح الستة عند أهل السنة، والكليني إذا قال عدة من أصحابنا لا يناقش في إسناذ الرواية، وإن العدة هم جماعة من الثقاة المجمع على وثائقهم كما نص عليه العلماء، وأحتجاج السيد أبن طاوس بهذه الروايت يكفينا وإن أمكن تخريج بعضها شاهدا للقول الآتي أنه عند رأس ابيه
_______________
(1) التهذيب 2/12. (2) فرحة الغري: ص21.
(3) نفسه: ص24. (4) نفسه: ص25.

(250)

أمير المؤمنين «عليه السلام» وقد كان عند رأس أمير المؤمنين «عليه السلام» في المسجد المعروف بمسجد الكر قريبا من المحراب صخرة بالخط الكوفي قالوا إن هاهنا مدفن رأس الحسين «عليه السلام» ويحتج له من أثبته بعض هذه الروايات المتقدمة.
قال أبن شهر آشوب في المناقب(1): روى الكليني في ذلك روايتين أحدهما عن أبان بن تغلب عن الصادق «عليه السلام» أنه مدفون بجنب أمير المؤمنين «عليه السلام» والأخرى عن يزيد بن عمر بن طلحة عن الصادق «عليه السلام» أنه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين «عليه السلام».
ومثله قال ملا عبد الله في مقتل العوالم(2).
وقال العلامة المجلسي في البحار(3): وقد وردت أخبار كثيرة في أنه مدفون عند قبر أمير المؤمنين «عليه السلام» وسيأتي بعضها، والله أعلم، ثم ذكر الروايات المتقدمة(4) بإسناده عن يونس عن أبي عبد الله قال: إن الملعون عبيد الله بن زياد «لعنه الله» لما بعث برأس الحسين بن علي «عليهما السلام» إلى الشام رد إلى الكوفة فقال: أخرجوه عنها لا يفتتن به أهلها فصيره الله تعالى عند أمير المؤمنين؛ فالرأس مع الجسد والجسد مع الرأس.
قوله «فالرأس مع الجسد» أي بعد ما دفن هناك ظاهرا ألحق بالجسد بكربلاء أو صعد مع الجسد إلى السماء كما في بعض الأخبار، أو أن بدن أمير المؤمنين «عليه السلام» كالجسد لذلك الرأس وهما من نور واحد.
أقول: وقد روى غير ذلك من الأخبار في الكافي وفي التهذيب تدل على كون رأسه مدفون عند قبر والده، والله أعلم.
قال عبد الرحيم اليزدي في مصائب المعصومين(5): يظهر من أحاديث عديدة أنه دفن عند قبر أمير المؤمنين «عليه السلام» بالكوفة مثلما روي عن كامل الزيارة، وذكر حديث أسماعيل الذي يقول بين الحيرة والنجف يعني الحنانة، ثم ذكر الرواية المتقدمة عن البحار المصرحة بأنه رد من الشام إلى عبيد الله بن زياد، ورواية أبان أبن تغلب، وفي إعادتها تطويل.
وقد أدركت جماعة من مقدسي العلماء لا يمرون عند رأس أمير المؤمنين بل
__________________
(1) مناقب ابن شهر آشوب 4/82.
(2) مقتل العوالم: ص110. (3) بحار الأنوار 10/227.
(4) بحار الأنوار 10/237و 238. (5) مصائب المعصومين: ص323.

(251)

إذا فرغوا من الزيارة رجعوا إلى جهة الرجلين حتى يأتوا الرأس من الناحية الأخرى معللين أن المرور بين الرأسين خلاف الأدب.

المشهد السابع لرأس الحسين «عليه السلام» مع بدنه الشريف بكربلاء

هذا قول مشهور بني الإمامية وقال به كثير من علماء أهل السنة والجماعة، وقامت على أساس هذا الرأي معركة للأفكار هائلة، وثارت عجاجة شديدة، وأسباب هذا الصراع الجدلي والنزع الفكري أمور:
أحدها: تصريح أهل الضبط من المؤرخين أن السبايا والإمام زين العابدين «عليه السلام» ساروا من الشام إلى المدينة ودخلوها في العشرين من صفر، حتى أضطر بعض القائلين بهذا القول أن ادعى أنهم بعد دخلوهن المدينة بعثوا بالروؤس إلى كربلاء بعد بعد ذلك.
ثانيهما: دعوى المدعين أن زين العابدين «عليه السلام» مر بالعراق وأنزلها مع الجثث.
وعورض هذا الرأي بأن المدة أقصر من ذلك، والمسافة بين الشام والعراق بعيدة تستوعب أكثر من عشرين في الذهاب وعشرين في الإياب فأين مدة المكث بالكوفة والشام؟
وأظطر من دافع عن هذا أن يدعي المعجزة وقال: إن الإمام زين العابدين «عليه السلام» جاء بها ودفنها من باب المعجزة.
ثالثها: زعم أناس أن جابر الأنصاري كان بالحجاز وما بلغ الخبر إلى الحجاز إلا بعد مدة فمتى بلغة الخبر ومتى وصل كربلاء بعد أربعين يوما من شهادة الحسين «عليه السلام» والمسافة بينهما تستوعب أكثر من ثلاثين يوما، ولم أجد لهذا جوابا، والظاهر أن جابر كان في العراق في البصرة لا في مكة ولهذا يقول الحسين «عليه السلام» في خطبته التي وعظ بها أهل الكوفة: «سلوا جابر بن عبد الله وزيد بن أرقم وانس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من جدي رسول الله (ص) يقولها لي ولأخي الحسن «عليه السلام»، ولو لم يكن جابر بالعراق لما كان في إحالة السؤال عليه وجه ولا لقوله فيكم معنى.
رابعها: كيف يلتقي زين العابدين بجابر، وابن زياد ما بعث بالسبايا حتى كاتب يزيد فمتى جاء الجواب ومتى ساروا في الطريق ذهابا وإيابا في هذه المدة؟

(252)

وأضطر بعضهم أن يجيب بما لا يصح أن البريد يمكن أن يسير في ثلاث وأن جابر زار الأربعين وتأخر بالكوفة ثم عاود الزيارة وفي معاودته صادف مجيء زين العابدين «عليه السلام» وهذا جواب ركيك من ناحية أنه لا يمكن للبريد أن يصل الشام في ثلاثة أيام.
ولو قال كانت المراسلة على الطير لكان أولى به.
واما الجواب بأن جابر تأخر ولاقى الإمام زين العابدين «عليه السلام» كما أجاب به صاحب رياض الأحزان فمصادمة للنصوص المصرحة بأن الملاقات في الأربعين والذي يظهر لي أن الزيارة في الأربعين كانت لجابر خاصة كما رواها في بشارة المصطفى وقررها الأئمة «عليهم السلام» ومرور زين العابدين «عليه السلام» بعد ذلك لدفن الرؤوس وكما أجيب أنهم ساروا بهم سيرا حثيثا بحيث كانوا يطوون المراحل فيسيرون المرحلتين وينزلون في الثالثة لأجل أتعابهم والمسرع يطوي المراحل فيقصر الطريق كما فعل خالد بن الوليد حين سار من العراق إلى تدمر خمسة أيام وعلى كل حال فخذ نصوص أهل السنة أولا ثم نصوص الشيعة ثانيا.


نصوص أهل السنة

 

قال القزويني الشافعي في عجائب المخلوقات على هامش حياة الحيوان(1) في شهر صفر والعشرين منه ردت رأس الحسين «عليه السلام» إلى جثته، إنتهى.
وقال القرطبي المالكي كما في مختصرها للشعراني المالكي(2): وقال الإمامية: إن الرأس أعيد إلى الجثة بكربلاء بعد أربعين يوماً.
وقال سبط أبن الجوزي الحنفي في التذكرة(3): وأختلفوا في الرأس على أقوال أشهرها أنه رد إلى المدينة مع السبايا ثم رد إلى الجسد بكربلاء فدفن بها، قال هشام وغيره
وقال الشبراوي الشافعي في الإتحاف(4): وقيل: أعيد إلى الجثة بكربلاء بعد أربعين يوما من قتله.
وقال عثمان مدوخ الحنفي في العدل الشاهد(5): قال بعض المؤرخين أنهم
______________________
(1) عجائب المخلوقات على هامش حياة الحيوان 1/115.
(2) مختصر التذكرة: ص132. (3) تذكرة الخواص: ص150.
(4) الإتحاف بحب الأشراف: ص23. (5) العدل الشاهد: ص50.

(253)

دفنوه بكربلاء مع الجثة الكريمة.
وقال الشبلنجي الشافعي في نور الابصار(1): ذهبت الإمامية إلى أنه أعيد إلى الجثة فدفن بكربلاء بعد أربعين يوما من المقتل، قال المناوي في طبقاته: ذكر لي بعض أهل الكشف والشهود أنه حصل له أطلاع على أنه دفن مع الجثة بكربلاء ثم ظهر الرأس بعد ذلك بالمشهد القاهري لأن حكم الحال في البرزخ حكم الإنسان الذي تدلى في تيار جار فيطفو بعد ذلك في مكان آخر، فلما كان الرأس منفصلا طفى في هذا الحال بالمشهد الحسيني المصري، الخ.
ولولا أني أريد أن تعرف مقدار سخف أهل التصوف وجهلهم ما حررت هذه الخرافة وسل هذا البليد لم طفى الرأس ولم تطفوا الجثة؟ ولما اختار القاهرة دون غيرها؟ ولم اختار هذا الموضع منها دون المقطم الذي هو عندكم أشرف بقعة؟ ثم ما دليلك أنه بقي ولم يطفو في تيار البرزخ إلى موضع آخر في الغرب أو الشرق؟.
وبهذا اللفظ وهذه الخرافة ذكر الصبان الشافعي في إسعاف الراغبين بهامشه(2).
وقال علي جلال في كتاب الحسين «عليه السلام»(3): والإمامية وبعض أهل السنة على أنه مدفون مع الجسد بكربلاء، الخ.
وجعله عباس محمود قولا من أقوال ستة(4).
نصوص الإمامية

قال السيد جمال الدين بن طاوس في الملهوف على قتلى الطفوف(5): فأما رأس الحسين «عليه السلام» فروي أنه أعيد فدفن بكربلاء مع جسده الشريف كان عمل الطائفة على هذا المعنى المشار إليه، الخ.
وقال أمين الدين الطبرسي في إعلام الورى(6): ذكر الأجل المرتضى «رضي الله عنه» في بعض أن رأس الحسين بن علي «عليهما السلام» رُد إلى بدنه بكربلاء من الشام وضم إليه، والله أعلم.
__________________
(1) نور الأبصار: ص121.
(2) إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار: ص182.
(3) كتاب الحسين عليه السلام: ص139.
(4) انظر: أبا الشهداء: ص198.
(5) الملهوف على قتلى الطفوف: ص275.
(6) إعلام الورى: ص151.

(254)

وقال الشيخ أبن نما عليه الرحمة في مثير الأحزان(1): والذي عليه المعول من الأقوال أنه أعيد إلى جسده بعد أن طيف به البلاد ودفن معه، الخ.
وقال الشهيد الجليل أبو علي الفتال (رحمه الله) في المناقب(3): ذكر المرتضى في بعض مسائله أن رأس الحسين «عليه السلام» رُد إلى بدنه بكربلاء من الشام وضُم إليه، قال الطوسي: ومنه زيارة الأربعين.
ومثله في مقتل العوالم(4).
ونقل العلامة المجلسي في البحار أكثر هذه الأقوال وقال(5): والمشهور بين علمائنا الإمامية أنه دفن رأسه مع جسده، رده علي بن الحسين «عليهما السلام».
وفي حديث المفضل المطول الذي رواه(6): ثم تنفس أبو عبد الله وقال: يا مفضل! إن بقاع الأرض تفاخرت ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلاء فأوحى الله إليها أن أسكتي يا كعبة البيت الحرام ولا تفخري على كربلاء فأنها البقعة المباركة التي نودي موسى منها الشجرة وإنها الربوة التي آوت إليها مريم والمسيح، وانها الدالية التي غسل فيها رأس الحسين «عليه السلام» وفيها غسلت مريم عيسى «عليه السلام» وأغتسلت من ولادتها، وإنها خير بقعة عرج رسول الله (ص) منها وقت غيبته، ولتكونن لشيعتنا فيها إلى ظهور قائمنا، إلى آخر الحديث الشريف.
وقال عبد الرحيم اليزدي في مصائب المعصومين بعد كلام المرتضى(7): «وكان عمل الطائفة على هذا قال الطوسي ومنه زيارة الأربعين» ونسب هذا القوال في العوالم إلى مشهور علمائنا الخ.
وقال ملا محمد حسن القزويني في رياض الاحزان(8): إعلم أن المشهور أن السبب في فضل زيارة الحسين «عليه السلام» في هذا اليوم أن الإمام زين العابدين «عليه السلام» مع سائر أهل البيت في هذا اليوم بعد مراجعتهم من الشام ورد
__________________
(1) مثير الأحزان: ص53. (2) روضة الواعظين: ص265.
(3) المناقب لابن شهر آشوب: 4/82. (4) مقتل العوالم: ص110.
(5) بحار الأنوار: 10/228. (6) بحار الأنوار: 13/206.
(7) مصائب المعصومين: ص424. (8) رياض الأحزان: ص152.

(255)

كربلاء والحق رؤوس الشهداء المقدسة بأبدانهم الشريفة.
وهذا كلام رواه عن الشيخ وذكر أنه استبعده وأطال في التوجيهات الواهية بعد أن ذكر أن جماعة ومنهم الرضي القزويني في تظلم الزهراء ناقلاً ذلك عن المصباح أن ورود سبايا أهل البيت إلى المدينة في اليوم العشرين من صفر.
وهذا الارتباك لا حاجة له إذ قول من قال إنهم مشوا على الطريق الحجاز من الشام معارض بقول من يقول إنهم عادوا إلى العراق ومنه مضوا إلى الحجاز، والترجيح لأهل هذا القول إذ يزيد أطلق لهم حرية أختيار الطريق فأختاروا المرور بكربلاء ليجددوا عهداً بالشهداء ويدفنوا الروؤس مع الأبدان.
وأما استبعاد المسافة وقصر الزمان فلا وجه له تشكيك غير صحيح مبني على أوهام أنهم أقاموا شهرا في الشام وعقدوا المآتم، كل هذا لم تقم عليه أدلة قاطعة وصورة الأمر أنهم وردوا الكوفة في اليوم الثاني عشر من المحرم وخرجوا من الكوفة في اليوم الخامس عشر وساروا سيرا حثيثا فكانوا يطوون المراحل حتى وصلوا الشام دون عشرة أيام وأقاموا بالشام ثمانية أيام وناحوا بها على الحسين «عليه السلام» وعقدوا المآتم وخرجوا في أول صفر أو في ثانيه فوردوا كربلاء في اليوم العشرين من صفر.
ونقل في رياض الأحزان(1) عن مؤلف حبيب السير الفارسي وقال: هو كتاب معتبر ومؤلفه خواند أمير أبن الأمير خان صاحب روضة الصفا شيعية المسلك أمامية المشرب خلاف أبيه فأنه يميل إلى التسنن، وكتب كتابه على وفق كتب العامة، وكتب ابنه كتابه على وفق كتب الخاصة «رضوان الله عليهم»، قال بالفارسية ما عربيته: فلما سمع يزيد أن الناس يلعنونه على قتل الحسين «عليه السلام» وسبي عترته غضب على شمر ومن صحبه من أمراء العراق وقال لهم: كنت أرضى من طاعتكم لي بدون قتل الحسين فلعن الله أبن مرجانة بقدومه على هذا الأمر الشنيع ثم إذن في أنصراف أهل البيت وهيأ أسباب سفرهم وجهزهم وسلام رؤوس الشهداء إليهم وأمر النعمان بن بشير الأنصاري بالمسير بهم إلى المدينة وضم إليه ثلاثين فارساً، فسار الإمام زين العابدين «عليه التسليم والتكريم» والحق الرؤوس بأبدان الشهداء في اليوم العشرين من صفر، ثم قال: أصح الروايات الذي هو مختار شيعة حيدر الكرار وعلماء الأخبار في باب مدفن رأس الحسين «عليه السلام» إنما هو هذا والملخص إدراك العترة لزيارة الحسين «عليه
_________________
(1) رياض الاحزان: ص155.

(256)

السلام» في كربلاء من منصرفهم من الشام إجمالا، الخ.
وأطال (رحمه الله) بالأوهام والخيالات الواهية ويورد كل رواية وكل قول بدون تحقيق لمصدره ويتخيل له ضربا من الأنتقاد ويولد له نوعا من الجواب الركيك وكل ذلك لا ينفع القارئ ولا يجدي السامع نفعاً، والتحقيق ما ذكرنا لك من سقوط الأعتراض بأستبعاد المسافة بين الكوفة ودمشق بما قلناه من أنهم ساروا من الكوفة إلى دمشق في الخامس عشر من محرم وساروا بهم سيرا حثيثا طووا فيه المنازل فكانت مدة سفرهم في الذهاب عشرة أيام لأن أبن زياد يحب تعجيل السرور ليزيد، وما يقال إنه كاتب يزيد في إرسالهم إليه فباطل لا يصغى إليه، أبن زياد عارف بهوى يزيد ومحبته لهتك ستر آل محمد (ص) وإنما أنكر على أبن زياد بعد هيجان الرأي أعلام عليه وثورة فكرة محيطه ناقداً لأفعاله الشنيعة، وأقام السبي عند يزيد دون الأسبوع وعجل تسريحهم خوفا من الأنقلاب لأن مجيئهم على هذه الصفة أحدث رجة عظيمة في العواصم الشامية وأضطربت عليه عاصمته اضطرابا شارف فيها حدوث ثورة وخشي من هذه الناحية فتقا لا يرتق فعجل تسريحهم لتهدأ البلدة ويسكن جيشان ذلك الهيجان فسرحهم في أول من صفر مخيراً لهم في اختيار السفر على أي طريق شاؤوا، فأختاروا طريق العراق لزيارة الشهداء فصادفوا جابر الأنصاري وقد أعلمناك أنه كان بالعراق حين قتل الحسين «عليه السلام» بالبصرة، وإذا تبين لك الحق لم تحوجنا إلى الإكثار من النقل.
ونلخص لك المطلب أن المزارات لرأس الحسين «عليه السلام» سبعة: ثلاثة بالعراق وأثنان بالشام وواحد بمصر وواحد بالمدينة؛ ففي العراق كربلاء والنجف والحنانة، وفي الشام الرقة ودمشق، أما عسقلان فقالوا نقل منها، وأما مصر بالقاهرة، وأما الحجاز فالبقيع من المدينة عند قبر الحسن السبط، فهذه هي المشاهد والمزارات للرأس الشريف رأس الحسين «عليه السلام».
أما الأقوال فمجموعها ستة عشر قولاً في دفن الرأس عرفتها مما ذكرنا وهذا تعدادها إجمالا:
الأول: بكربلاء مع الجسد الشريف.
الثاني: عند رأس أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» بالنجف.
الثالث: بالقائم وهو الحنانة بين الكوفة والنجف وهو إلى النجف أقرب.
الرابع: بالكوفة ولا يعين موضعه.

(257)

الخامس: في بلدة الرقة على الفرات من توابع حكومة سوريا اليوم.
السادس: في باب الفراديس من دمشق وهو الباب الشرقي.
السابع: في قصر الإمارة الأموية بدمشق
الثامن: في مسجد بني أمية وموضعه معروف.
التاسع: خارج باب الفراديس لا يعين موضعه فيما حكي عن دول الإسلام للذهبي.
العاشر: في عسقلان من فلسطين على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
الحادي عشر: في مصر في القاهرة.
الثاني عشر: نبشه بنو العباس من دمشق وأخذوه لا يعلم أين دفن كما قاله بعض من سمعت.
الثالث عشر: نبشه التيمورية تيمور لنك وأصحابه ولا يعلم أين دفن.
الرابع عشر: نبشه عمر بن عبد العزيز المرواني ولا يدري أين دفنه ويظن أنه أرجعه إلى بدنه.
الخامس عشر: إنه بالبقيع مع أخيه الحسن.
السادس عشر: أنه عند جده النبي لا يدري أين موضعه.
قال عبد الرحيم اليزدي في مصائب المعصومين(1) بعد حديث الأربعين الموكلين بالرأس الشريف وأن النبي (ص) قتلهم جميعا، قال: قال: فأفتقد الرأس من تلك الليلة فما عرف له خبر.
أقول: أختلف علماؤنا في أن رأسه «عليه السلام» في أي مكان لاختلاف الأخبار الدالة عليه والذي يقتضيه هذا الخبر أن رأسه الشريف المبارك يكون عند رسول الله (ص) ولم يعلم أنه هل ألحقه ببدنه الطاهر أم لا، الخ.
وقال عثمان مدوخ الحنفي في العدل الشاهد(2): وقال بعض المؤرخين: إنهم سافروا به إلى المدينة فدفنوه بالبقيع ولم يعينوا موضع دفنه بالبقيع، وقال بعضهم: إنهم أخذوا الرأس الكريم ودفنوه في موضع مجهول خوفا عليه من حوادث الأعداء، وهذه الأقوال كلها مجردة من الأدلة والأمارات فعلى هذه الأقوال لا يكون لرأس الإمام الحسين «عليه السلام» مشهد مخصوص معلوم، الخ.
__________________
(1) مصائب المعصومين: ص433. (2) العدل الشاهد: ص50.

(258)

فهذه مجموعة من الأقوال التي أقتصر السيد علي جلال على تسعة منها والعقاد على ستة.
الرأي القاطع في هذه النقول:
رأي علي جلال رأي متزلزل الفكرة والعقيدة معاً لذا يقول ما نصه في كتاب الحسين «عليه السلام»(1): أقول: تقصيت من قبل قديماً وحديثاً في مكان الرأس الشريف ولم أر اختيار أحد هذه الأقوال لأن أدلتها جميعاً ليست قاطعة.
ثم يقول(2): ويظهر أن قول من ذهبوا إلى وجود الرأس الشريف بمشهد القاهرة أقرب إلى الصواب لما يؤيده من الأدلة وما فيه من التفصيل لو لا أنه ينقصه الثبوت القطعي كغيره فإن دفن الرأس الحسين بدمشق ونقله منها إلى عسقلان ومن عسقلان إلى القاهرة لم تثبت ثبوتا تاماً، إنتهى.
ومن الجلي لدى المتبحر ارتباك هذا الكتاب ولم يسبب عليه الارتباك إلا الجهل بالحقائق اللامعة ولا عدم العلم بالمظاهر الناصعة وإنما يمنعه من قبول الحق موافقة الشيعة وإلا فالعقل يحكم أن النقل لا يكون إلا لغرض سياسي أو لغرض ديني؛ فإن كان نقل الرأس الحسين «عليه السلام» لغرض ديني فيجب أن ينقل إلى المدينة لجواره جده رسول الله (ص) إذ تربته أشرف الترب وبقعته خير البقاع، وإن كان النقل إلى فلسطين يجب أن يكون النقل للقدس لا لعسقلان فإن القدس أشرف منه بالإجماع، وإن كان للسياسة وإن بني أمية خافوا من ناحيته اضطراباً فلا يجوز ان ينقلوه إلى عسقلان لقربها من العاصمة فلا بد أن ينقل إلى أقصى البلاد ليبعد عن العواصم التي توجد فيها الشيعة ويجب أن يخفى بحسب السياسة؛ فتصويب الحسيني لهذا الرأي من الغلط في الوجهتين السياسية والدينية.
رأي العقاد:
رأي جميل ومسلكه قريب من الصواب وانا أستحسنه تقديرا لإحسان المحسن وهذا نصه بعد تعداد المشاهد الستة في كتابه الذي سمي أبو الشهداء(3): فالأماكن التي ذكرت بهذا الصدد ستة في ست مدن هي المدينة وكربلاء والرقة ودمشق وعسقلان والقاهرة وهي تدخل في بلاد الحجاز والعراق والشام وبيت
_________________
(1)كتاب الحسين عليه السلام: ص149. (2) نفسه: ص150.
(2) أبو الشهداء: ص197.

(259)

المقدس والديار المصرية وتكاد تشتمل على مداخل العالم الإٍسلامي كله من ورائ تلك الأقطار فإن لم تكن هي الأماكن التي دفن بها رأس الحسين فهي الأماكن التي تحيى بها ذكراه لا مراء.
وللتاريخ اختلافات نسميها بالاختلافات اللفظية أو العرضية لأن نتيجتها الجوهرية سواء بين جميع الأقوال ومنها الاختلاف على مدفن رأس الحسين «عليه السلام» فأيا كان الموضع الذي دفن ذلك الرأس الشريف فهو في كل موضع أهل للتعظيم والتشريف وإنما أصبح الحسين بكرامة الشهداء وكرامة البطولة وكرامة الأسرة النبوية معنى يحضره الرجل في صدره وهو قريب أو بعيد من قبره، وإن هذا المعنى لفي القاهرة وفي عسقلان وفي دمشق وفي الرقة وفي كربلاء وفي المدينة وفي تلك الأماكن سواء ويقل الاختلاف أو يسهل التجاوز عنه إلى آخره، هذا كلام جميل وتوجيه بديع.
رأي المؤلف في الرأس الشريف

لا أراني أقف مع أهل هذه الأقوال موقف المجادل المخاصم سوى القائلين بتعمية الدفن ولا أخاصم من قال في النجف أو الحنانة أو المدينة أو غيرها وإن ترجح عندي القول بإعادة الرأس المقدس إلى البدن الزاكي ترجيحا يشرف بي على الجزم لكني لا أنازع الطوائف التي ترجح لها القول بضد ما ترجح لدي إذا الأمر يبتني على عقيدة ونتيجة.
أما العقيدة فحياة الشهداء البرزخية لقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(1) والحي يزور أي موضع شاء، فقولي أن رأس الحسين «عليه السلام» أتصل بجثمانه الكريم لا يمنع أن يزور المشاهد المنسوبة إليه في النجف والبقيع وغيرها، وحديث مر جعفر– يعني الطيار- في رعيل من الملائكة فسلم علي متفق عليه؛ فالحسين «عليه السلام» أولى من جعفر الطيار وأحل.
الأحاديث الكثيرة المتفق على صحتها من أن أهل القبور يتزاورون في قبروهم والحسين «عليه السلام» سيدهم فلا يمنع أن يزور هذه الأمكنة والكرامات التي تذكر لهذه المشاهد لا أمنع صحتها لهذه العلة فالحي مختار في قصد أي الأمكنة شاء.
___________________
(1) آل عمران: 169.

(260)

وأما النتيجة فلأن الغرض من إشادة هذه المزارات وإظهار هذه المشاهد لهذا العضو الكريم إهداء التحية وإرسال السلام إلى روح الحسين الطاهرة والتوجه به إلى الله تعالى والتوسل إليه فيه وطلب شفاعته عن الله وهذا أينما كان يبلغه، وحديث أن الله ملائكة سياحين يبلغوني سلام أمتي عَلَيّ أينما كانوا يكفينا.
فكيف وقد دلت الأحاديث الكثيرة من طرقنا على هذا في الحسين «عليه السلام» خاصة ومنها حديث: زُر الحسين «عليه السلام» من قريب أدنى ومن بعيد أقصى، وليس هذا موضع إيراد الأحاديث فأطلبها من كتب المزارات كالبحار والوسائل والكافي والتهذيب ومزار ابن قولويه وغيرها فالواقف مشهد الرأس في النجف متى قال: السلام عليك يا أبا عبد الله فقد أبلغت ملائكة الله تعالى روح الحسين «عليه السلام» تلك التحية.
وقضية: أشهد أنك تسمع كلامي وترد جوابي لا تختص بموضع قبره المقدس فإذن الحسين «عليه السلام» في قلوب شيعته وفي أبصارهم وفي أسماعهم وسواء في ذلك كربلاء والنجف والمدينة وغيرها.
قال الشاعر في محبوبته:

أسائل عنها والركب وهي مع الركب وأطلبها من ناظري وهي في قلبي

وقال المجنون:

لا تــــــقــــل دارهـــا بـــشــرقي نجد كل نـــجـــد لـــلــعــــامــــريــة دار
فــــلـــها منزل علـــــى كـــــل أرض وعــــــــلــــى كــــــل دمنة آثـــــار

فالحسين في قلبي والحسين في بصري والحسين في سمعي كنت بالنجف أو كربلاء أو أي أرض، وكل مشهد شيد بأسمه ومزار ذكر له فهو مشهد الذكر والتعظيم ومزار التكرمة والتبجيل ومحل الإجلال لتلك الروح الطيبة والنفس المقدسة المطمئنة الراضية المرضية.
للمؤلف:

أي مثوى ترى لــــرأس الحسيــــــن غير قلـــــبــي وغــــير ناظر عيني
فـــاطلبنه من نـــــاظــــري وقلـــبــي فهي مثوى أبي الــــــهــــداة حسين

وللمؤلف:
زر ما تشاء من المشاهد كلها للرأس رأس أبن النبي الأكـــــــــرم
في كربلاء أو الغري وطيبـة أو حيث شئت على أبن فاطم سلــــم

(261)

وأيــــــــــقـــن بأن تـــحـــيــة تهدى له لا شـــــــــك تبلغه بأقصى موسم
مــــــــن كان في شرق البلاد وغربها بــــمــــثــابة الداني لمرقده السمي
فالـــــســـبط حي والــــكــــتاب دليلنــا ونصوص سيدنا الرسول الأعظم
مثواك يا أبن المصطفى لا في الثرى بل في صميم القلب قـــلب المسلم
إني أعظم ذا الــشــــعــائر كلـــهــــــا إذ أنها لك يا أبن أحمد تــنــتمـــي
وأجـــدد الـــتــذكـــار فيها مــعلـــنـــاً وأشيد ذكراها بـــقــلـــبي والفـــــم

(262)

مزارات العباس الأربعة
ومشهد رأسه الكريم

أعلمت أن الخلاف السابق لم يجر في غير رأس الحسين «عليه السلام» ورؤوس بقية الشهداء، ومنهم أبو الفضل العباس لا يجري فيهم هذا الخلاف وإنما يحصر الخلاف في مدافن رؤوسهم الشريفة في ثلاث مواضع: أحدها الشام، وثانيها المدينة حيث بعث يزيد بالرؤوس مع السبايا أو وحدها كما سمعت فدفنت بالبقيع، وثالثها هو المشهور عند الإمامية أعادها زين العابدين «عليه السلام» فدفنها مع الأجساد الطاهرة في كربلاء، فكربلاء لهذه الهياكل القدسية ضمير أنفصال واتصال، ومحور أفتراق واجتماع، تفرقت فيها أعضاؤها بالسيوف واجتمعت فيها تلك الاوصال، واتصلت الرؤوس بالأبدان بعد الانفصال.
ما جرى على رأس أبي الفضل العباس «عليه السلام»

ذكر سبط أبن الجوزي في التذكرة(1): حكى هشام بن محمد، عن القاسم بن الاصبغ المجاشعي قال: لما أتي بالرؤوس إلى الكوفة إذا بفارس أحسن الناس وجهاً وقد علق في لبب فرسه رأس غلام أمرد كأنه القمر ليلة تمامه والفرس تمرح فإذا طأطا رأسه لحق الرأس بالأرض، فقلت له: رأس من هذا، فقال: رأس العباس أبن علي، قلت: ومن أنت؟ قال: حرملة بن الكاهل الأسدي، قال: ولبثت أياماً وإذا بحرملة وجهه أشد سواداً من القار، فقلت له، لقد رأيتك يوم حملت الرأس وما في العرب أنضر وجها منك وما أرى اليوم أقبح ولا أسود وجهاً منك! فبكا وقال: والله منذ حملة الرأس الى اليوم ماتمر علية ليلة الا وأثنان يأخذان بضبعي ثم ينتهيان بي إلى النار تأجج فيدفعاني فيها وأنا أنكص فتسفعني كما ترى، ثم مات على أٌقبح حال، إنتهى.
وقد ذكرناها عن زرعة بن شريك ولا مانع من حصول ذلك لكل واحد منها.
وإن حرملة بعد هذا التعذيب السماوي عذبه المختار لما قتله.
___________________
(1) تذكرة الخواص: ص159.

(263)

للمؤلف:

تــعلق رأس عــبــاس أمــــي بــــجـــيـــد الخيل من حنق عليه
فتدخله إلى كوفـــــان عـمــدا ويـــضــربـــه الـجواد بركــبتيـه
وذاك لأنهـــا بالـــطف كانت بـــهـــا حـــل الــــفنا من راحتيه
فلم تشفي برضخ الرأس منه ولا فـــي قـــطــعـها كلتا يديـــــه
وكم باءت أمـــية بالمــخازي وأخزى الخزي ما اجترمت إليه

بعد أن فعل الشقي برأس العباس «عليه السلام» ما سمعت أمر أبن زياد أن يرفع على قناة كسائر الرؤوس ويطاف به معها في السكك والشوارع، ثم ساروا بتلك الرؤوس جميعاً مرفوعة على الرماح حتى دخلوا الشام.
ذكر ملا حسن القزويني في رياض الأحزان عن المنتخب حديث سهل بن سعد ومن جملته(1): باباً عظيمة وقد دخلت فيها الأعلام والطبول فقالوا: الرأٍس يدخل من هذا الباب، فوقفت هناك وكلما تقدموا بالرأس كان أشد لفرحهم وأرتفعت أصواتهم وإذا برأس الحسين «عليه السلام» والنور يسطع منه كنور رسول الله (ص)،
وفي الكامل في السقيفة قال سهل: أول رأس رأيته من الرؤوس رأس العباس أبن علي فخلت أنه يضحك، ورأيت رأس الحسين «عليه السلام» في هيبة عظيمة مع نور يسطع منه سطوعاً عالياً بالحية مدورة قد خالطها الشيب وقد خضبت بالوسمة، أدعج العينين، أزج الحاجبين، واضح الجبين، أقنى الأنف، متبسماً إلى السماء، شاخصاً ببصره إلى نحو الأفق، والريح تلعب بلحيته يميناً وشمالاً كأنه أبوه أمير المؤمنين «عليه السلام»، وكان على رمح عمر بن منذر الهمداني، وساق الحديث بطوله.
ويذكر(2) عن التبر المذاب عن الزهري أنه قال: لما جاءت الرؤوس كان يزيد «لعنه الله» على منظرة جيرون فأنشد:

لما بــــــدت تلك الرؤوس وأشـــرفت تلك الشموس على ربا جيرون
صاح الغراب فقلت صح أو لا تصح فقد أقتصيت من النبي ديـــونـي

ويذكر(3) عن نسخ المقتل المنسوب لأبي مخنف أن الرؤوس أدخلوها من
_____________________
(1) رياض الأحزان: ص104.
(2) رياض الأحزان: ص105. (3) نفسه: ص107.

(264)

باب الخيزران وأن رأس الحسين «عليه السلام» مع الشمر، قال: ثم أقبل من بعده رأس الحر أبن يزيد الرياحي وأقبل من بعده رأس العباس «عليه السلام» يحمله قشعم الجعفي «لعنه الله»، وأقبل من بعده رأس علي بن الحسين «عليهما السلام» يحمله سنان بن أنس النخعي «لعنه الله»، وأقبلت من بعده السبايا يقدمهم علي بن الحسين «عليهما السلام»، الخ.
مزار رأس أبي الفضل العباس «عليه السلام» بالشام

قلنا: أن الخلاف في رؤوس شهداء كربلاء غير الحسين ينحصر في ثلاثة مواضع: بالمدينة وكربلاء وقد مضى ذكرهما في مشاهد رأس الحسين «عليه السلام» وبدمشق الشام.
ذكر السيد محسن الأمين العاملي الفاضل المعاصر في كتاب أعيان الشيعة تحت عنوان «مشهد رؤوس العباس وعلي الأكبر وحبيب بن مظاهر بدمشق» ونصه(1): رأيت بعد سنة 1321 في المقبرة المعروفة بمقبرة باب الصغير بدمشق مشهداً وضع فوق باب صخرة كتب عليها ما صورته: هذا مدفن رأس العباس بن علي ورأس علي بن الحسين الأكبر ورأس حبيب بن مظاهر ثم إنه هدم بعد ذلك بسنتين هذا المشهد وأٌعيد بناؤه وأزيلت هذه الصخرة وبني ضريح داخل المشهد ونقش عليه أسماء كثير لشهداء كربلاء ولكن الحقيقة أنه منسوب إلى الرؤوس الشريفة الثلاثة المقدم ذكرها بحسب ما كان موضوعاً على بابه كما مر.
وهذا المشهد الظن يقوى بصحة نسبته لأن الرؤوس الشريفة بعد حملها إلى دمشق والطواف بها وانتهاء غرض يزيد من إظهار الغلبة والتنكيل بأهلها والتشفي لا بد أن تدفن في إحدى المقابر فدفنت هذه الرؤوس الثلاثة في مقبرة باب الصغير وحفظ محل دفنها، والله أعلم، إنتهى.
ويناقش هذا السيد في أمرين:
أحدهما: قوة ظنه تصادم النصوص المصرحة بأن الرؤوس نقلت إلى المدينة ودفنت بالبقيع والنصوص المصرحة بأن الرؤوس الشريفة أعيدت إلى الجثث بكربلاء ولا قيمة للظن في قبال النص فإذن هذا المشهد بني على أساس صلبها بهذا الموضع أو أنها دفنت إلى حين رجوع السبايا فنبشت وأعيدت إلى الجثث أو دفنت بالبقيع.
________________________
(1) أعيان الشيعة 4/209 قسم أ.

(265)

ثانيهما: حصر النسبة لهذه الرؤوس الثلاثة المقدسة لا مبرر له من نقل ولا من عقل، والذي كتب على الصخرة لا يدل على الحصر في هذه الثلاثة وإنما كتبت أسماء هؤلاء الثلاثة لجلالتهم وأنهم رؤساء الشهداء وأعيانهم فنسب المشهد إليهم ورؤوس الباقين معهم كما اشتهر المرقد الشريف الذي يلي رجلي الحسين «عليه السلام» باسم علي الأكبر وباقي شهداء بني هاشم معه بالاتفاق.
فإذن الحق مع ما نقش على ضريح هذا المشهد إذ لا معنى لدفن رؤوس هؤلاء الثلاثة في هذا الموضع وتبعيد غيرهم عنهم فإما أن تحكم بدفنهم هنا فأحكم بدفن الجميع، وإن قلت بالنقل فقل بنقل الجميع.
للمؤلف:

أقدارهم عظمت وجلت فـانـتـــمـــت كل البلاد لفخرها ترجـو الســـنــــا
حتى أدعت مثوى الرؤوس بأرضها مصر وأرض الشام كي تلق المنى
لكنما مثوى الــــرؤوس بـــكــربــــلا حقاً وتزعمه البــــلاد تـــيـــمــنــــا
لا بأس فالتذكار فــــخـــر خــــالـــــد فالتعمر الأقطـــار فيه مـــوطــنـــا
مـــــن كــــان حــيــاً أينما حـيــيــتـــه رد الـــتـــحــيـة هـــاهـنا أو ها هنا

مزار الكفين لأبي الفضل العباس «عليه السلام»

قد أُسس في كربلاء مشهدان أو مزاران حوالي صحن العباس بن أمير المؤمنين رقم على أحدهما مشهد الكف اليمنى وعلى الثاني مشهد الكف اليسرى، وهذا شيء توارثه الخلف على السلف وتراث مجد خلفه الماضي للباقي وليست هذه الآثار من المحدثة ولا من الأشياء التي لم تبتنى على أُس قديم بل هي سائرة مع بقية آثارهم وتتعاهدها يد العمران أن طرقها طول الزمان بالتضعضع أو أشرف بها على الأنهيار فإذن هي صحيحة الإٍسناد الفعلي لا القولي إذ كل جيل يتبع الجيل السابق في احترامها وتعاهدها بالعمارة والتنميق حتى تتصل بأول الأجيال التي أشيدت بها مشاهدهم وقبابهم وهذا ما يسميه الناس بالسيرة العملية ويحتج بها الفقهاء على إثبات الأحكام الشرعية.
فأنا من هذه الناحية على ثقة ويقين ولكني أقف حيران من عند الناحية الأُخرى لا أدري ماذا أقول دفن الكفان في هذين الموضعين وأنا أستبعد ذلك ولعلي لا أرى مجالاً للظن بأن دفن جثه العباس «عليه السلام» لم يلحق بها الكفين مع قريب محلهما ولا حجاب يحجب حتى يقال إنهما لم يريا، ولا حاجة للأعداء

(266)

بحملهما حتى نظن أنهم حملوهما ثم أُعيدا للبدن كما حفظت على ذلك آثار كثيرة على الطراز.
وإن هذا التذكار لحري به أبو الفضل وجدير أن يشاد لكفيه مشهدان وقد تتبعنا التاريخ فلم نجد من قطعت كفاه على اللواء غير أربعة رجال: ثلاثة مؤمنين وواحد مشرك.
والمؤمنين أثنان من آل أبي طالب وواحد من بني عبد الدار. فالمشرك صواب عبد لآل عبد الدار، والمؤمنين مصعب بن عمير صاحب رسول الله (ص) من آل عبد الدار، كان معه لواء النبي (ص) وجعفر بن أبي طالب المعروف بالطيار وأبو الفضل العباس حامل لواء الحسين «عليه السلام» وخذ قصصهم على الأختصار:
حديث صواب بعد قتل مواليه على لوائهم:
قال أبن هشام في سيرته(1): قال أبن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم أن اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته لقريش فلا ذؤابة وكان اللواء مع صواب غلام لأبي طلحة حبشي وكان آخر من أخذه منهم فقاتل به حتى قطعت يداه ثم برك عليه وأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه وهو يقول: اللهم هل أعدزرت، يقول: عذرت، فقال حسان بن ثابت في ذلك:

فخرتم باللواء وشـــر فـــخـــر لواء حين رُدّ إلى صـــــواب
جعلتم فخركم فــــيه بـــعــــيـد والأم من يطأ عفر التـــــراب
ظننتم والــــســـفـيه له ظــنون وما أن ذاك من أمر الصواب
بأن جـــلادكـــم يـــوم التــقينـا بــمـكة بــيــعــكم حمر العياب
أٌقر العين إن عصـــبت يـــداه وما أن تعــصـبان على خفاف

ثم شعراً لحسان يذكر فيه الحارثية وحملها لواء قريش وهذه القصة يوم أحد وقتله أمير المؤمنين «عليه السلام» وليس موضع تفصيل القصة.
وأما مصعب بن عمير «رضوان الله عليه»:
فذكر الحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى(2) قال: أخرج أبن سعد عن محمد بن شرحبيل العبدري قال: حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد فقطعت
___________________
(1) سيرة ابن هشام 2/303. (2) الخصائص الكبرى 1/215.

(267)

يده اليمنى فأخذ اللواء بيده اليسرى وهو يقول: (وَمَا مُحَمَّدٌ إلَّا رِسُولُ قِد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ)(1) الآية، ثم قطعت يده اليسرى فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول: (وَمَا مُحَمَّدٌ إلَّا رِسُولُ قِد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ) الآية، ثم قتل فسقط اللواء، الخ.
وأما جعفر الطيار:
ففي سيرة أبن هشام(2) في حديث غزوة مؤتة قال أبن هشام: وحدثني من أثق به من أهل الشام أن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذ اللواء بشماله فقطعت، فأحتضنه بعضدية، قتل «رضي الله عنه» وهو أبن ثلاثة وثلاثون سنة فأثابه الله جناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء، ويقال: إن رجلاً من الروم ضربه يومئذٍ ضربة قطعه بنصفين، الخ.
أما أبو الفضل العباس بن أمير المؤمنين «عليهما السلام»، فقد روي كثير من العلماء ذكر هذه القصة المحزنة والحادث المؤلم ومنهم أبن شهراشوب ونصه من المناقب(3): كان العباس السقا قمر بني هاشم صاحب لواء الحسين «عليه السلام» وهو أكبر الإخوان مضى يطلب الماء فحملوا عليه وحمل عليهم وجعل يقول:

لا أرهب الموت إذا الموت رقا حتى أوارى في المصاليت لقا
نـــفــسي لنفس السيد الطهر وقا إني أنا الــــعـباس أغدو بالسقا
ولا أخاف الشر يوم الملتقى
ففرقهم فكمن له زيد بن رقاد الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي فضربه على يمينه فأخذ السيف بشماله وحمل عليهم وهو يرتجز:

والله إن قطعتموا يميني إني أحامـي أبدا عن ديني
وعن إمام صادق يقيني نجل النبي الطاهر الأمين

فقاتل حتى أضعفه فكمن له حكيم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة فضربه على شماله فقال:

يا نفس لا تخشي من الكفار وأبشري برحمة الجبار
مع النبي السيد المـــختــــار قد قطعوا ببغيهم يساري
فأصلهم يا رب حر النار

____________________
(1) آل عمران: 144.
(2) سيرة أبن هشام: ص215. (3) مناقب ابن شهرآشوب 4/972.

(268)

فقتله المعلون بعمود من حديد فلما رآه الحسين «عليه السلام» مصروعا على شط الفرات بكى، الخ.
قد فصلنا القصة في شهادته «عليه السلام» وذكرنا حديث الصدوق عن الإمام زين العابدين «عليه السلام» أن الله تعالى جعل لعمه العباس كما جعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة.
وعلى ما صرح به أرباب المقاتل من سقوط كل كف له «عليه السلام» تحت نخلة في ناحية من نواحي المسناة فإذا المزاران المعروفان لها حوالي صحنه الشريف شيدا على أساس هذه الحديث في شهادته «عليه السلام» حيث أن يده اليمنى قطعت وهو صادر من المشرعة طالبا للخيم كي يوصل الماء لعيال الحسين «عليه السلام» فعارضوه فقطع يده اليمنى زيد بن رقاد المذحجي ثم الجنبي، ولما قطعت تقدم إلى أخيه فعارضه أيضا حكيم بن الطفيل الطائي السنبسي فقطع اليسرى ومذ أمنوا بقطع يديه صدوه بجماهيرهم المتكاثفة عن الوصول إلى الخيمة وأرجعوه قليلاً إلى الوراء وهنا ضربوه بالعمود الحديد فسقط حيث مشهده الآن قرب مشهدي الكفين الشريفين كما حدثنا التاريخ ورسمه لنا الأثر الباقي إلى اليوم، وصفة المزارين كما يلي:
مزار الكف اليمنى:
في جنوب الصحن العباسي «عليه السلام» قريب من باب الصحن الشرقي وهو مشهد
مصلق بالجدار عند مفترق أربعة طرق حوله بعض حوانيت وعليه شباك نحاس صغير مقفل بقفل ونقش عليه بيتان بالفارسية نصها:

أفتاد سدت راست خدايا زبيكرم
بر دامن حسين برسان دست ديكرم
دست جيم بجاست اكر نيست دست راست
اما هزار حيف كه يك دست بي صداست
ولا تاريخ للشعر ولا لبناء المشهد، وعلى لوحه رسم كفين متقابلتين نقشتا بالقاشاني والطريق إليه أن تخرج من صحن العباس «عليه السلام» الواقع في ركن الصحن ويعرف بباب الرحبة فإذ خرجت منه أنعطفت إلى شارع على يمينك ملاصق لباب الصحن فيه مجتازاً بشارع آخر ينفصل منه أيضاً على يمينك فتدعه وتمر في نفس الشارع الكبير الذي أنت فيه حتى تمر بشارع ثاني إلى يمينك

(269)



































































<