موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

اسم الکتاب : موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

المؤلف : أليف سماحة آية الله المحقق الكبير الشيخ عبد الواحد المظفر قدس سره
المطبعة : مؤسسة الشيخ المظفر الثقافية العراق النجف الاشرف مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان

 

 

 

رأيت في أصل نوادر علي بن أسباط وهو من أصحاب أبي عبد الله الصادق «عليه السلام» أن في أعلام الذي قتل فيه الحسين «عليه السلام» قصد قبره النساء العقم من أهل أطراف البلاد حتى جاء إلى قبره الشريف نحو مائة امرأة فتخطين قبره الشريف فحملن كلهن وولدن.
ثم ذكر بعض الأحاديث منها ما ذكره السيد أبن طاوس في الإقبال عن الحسين أبن أبي حمزة أنه قال: خرجت في آخر زمن بني أمية وانا أريد قبر الحسين «عليه السلام» فأتيت الغاضرية حتى إذا نام الناس أغتسلت ثم أقبلت أريد القبر حتى إذا كنت على باب الحائر، وذكر الحديث وهو نص في أن للحائر باب والباب لا يكون إلا بناء.
ثم قال(1): قال السيد الجليل محمد بن أبي طالب في كتاب تسلية المجالس: قد بني عليه مسجد ولم يزل كذلك بعد بني أمية، وفي زمن بني العباس إلا على زمن هارون الرشيد فإنه خربه وقطع السدرة التي كانت نابتة عنده.
ثم قال: وأخرج الشريف فخار بعد معد ومحمد بن المشهدي في المزار الكبير حديث صفوان الجمال قال: قال لي مولاي جعفر بن محمد «عليهما السلام»: إذا أردت زيارة قبر الحسين بن علي «عليهما السلام» -إلى أن قال:- فإذا أتيت الباب فقف خارج القبة وأرمي بطرفك نحو القبر وقل .. ثم ادخل رجلك اليمنى القبة وأخر اليسرى وقل .. ثم أدخل الحائر وقم بحذائه بخشوع، وذكر زيارة وارث المعروفة.
وفي البحار والمزار الكبير قال: ووجدت في نسخة قديمة من مؤلفات أصحابنا قال: إذا أتيت باب القبة فأستأذن وقل ... ثم أدخل فقف على القبر، إلى آخر ما ذكره.
ثم قال: زيارة أخرى عن أبي عبد الله «عليه السلام» قال: إذا وصلت إلى الفرات فأغتسل -إلى أن قال:- وقف بالباب وكبر أربعاً وثلاثين تكبيرة، إلى أخر ما ذكره.
وأخرج أبن قولوية بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله الصادق «عليه السلام» قال: إذا أردت زيارة قبر العباس بن علي «عليهما السلام» وهو علي شط الفرات بحذاء الحائر فقف على باب السقيفة وقل: سلام الله وسلام ملائكته -إلى أن قال:- ثم أدخل وأنكب على القبر وقل: السلام عليك أيها البعد الصالح، وذكر كثيراً كله عن السيد بن طاوس.
_______________________________
(1) معالي السبطين: ص179.

(211)

ثم قال(1): أقول: لم يزل مشهد الحسين «عليه السلام» معمورا إلى أيام هارون الرشيد.
ثم ذكر عن الشيخ الطوسي ما معناه أن الرشيد آمر بكرب قبر الحسين «عليه السلام» وقطع السدرة التي عنده وأن جرير بن عبد الحميد رفع يديه عند سماع الحديث وقال: الله أكبر جائنا فيه الحديث عن رسول الله (ص) أنه قال: لعن الله قاطع السدرة -ثلاثاً- فلم تقف على معناه حتى الآن لأن القصد بقطعها تغيير مصرع الحسين «عليه السلام» حتى لا يقف الناس على غيره.
وقال محمد بن أبي طالب في تسلية المجالس عند ذكره لمشهد أبي عبد الله «عليه السلام» ما هذا لفظه بحروفه: وقد كان بني عليه مسجد ولم يزل كذلك بعد بني أمية وفي زمن بني العباس إلى زمن هارون الرشيد فإنه خربه وقطع السدرة التي كانت نابتة عنده وكرب موضع القبر ثم أعيد زمن المأمون وغيره إلى أن حكم المتوكل من بني العباس فأمر بتخريب قبر الحسين «عليه السلام» وقبور أصحابه وكرب مواضعها وأجرى الماء عليها إلى أن قتل المتوكل وقام بالأمر بعده ابنه المنتصر فعطف على آل أبي طالب وأحسن إليهم وفرق فيهم الأموال وأعاد القبور في أيامه إلى أن خرج الداعيان الحسن ومحمد أبنا زيد بن الحسن فأمر محمد بعمارة المشهدين: مشهد مولانا أمير المؤمنين ومشهد الحسين وامر بالبناء عليهما وبعد ذلك بلغ عضد الدولة الغاية في تعظيمها وعمارتها والأوقاف عليهما فكان «رضي الله عنه» يزورهما كل سنة.
وقال في البحار: أن المنتصر لما قتل أباه وتخلف بعد أمر بعمارة الحائر وبنى ميلا على المرقد الشريف وأحسن إلى العلويين وأمنهم بعد خوفهم.
أقول: كان تملك المنتصر في شوال سنة 247 وقد سقطت عمارة المنتصر 273، أخرج الحديث السيد أبن طاوس في أمان الأخطار وذكر مختصر الحديث وأن السقيفة على زوار الحسين «عليه السلام» فلم تضر منهم أحدا وذلك في ذي الحجة سنة 273.
ثم ذكر كلام أبن الأثير في تخريب المتوكل للقبر الشريف وتخريب دور المجاورين وكلام الشيخ الطوسي وليس هذا موضع ذكره.
وقال(2): وفي أيام المعتضد وجه محمد بن زيد الداعي ملك طبرستان فبنى المشهد الحائري بناه مشيدا كما نص على ذلك السيد أبن طاوس في فرحة الغري
________________________
(1) معالي السبطين: ص180. (2) معالي السبطين: ص182.

(212)

ومحمد بن أبي طالب في كتاب المقتل وغيرهما، وكان أبتداء تمتلك المعتضد سنة 279 وانتهائه 289 فتكون عمارة محمد بن زيد في أثناء هذه المدة، ثم أستولى عضد الدولة البويهي على العراق ودخل بغداد في شوال سنة 363 وعمر المشهدين: مشهد أمير المؤمنين ومشهد الحسين «عليهما السلام» وبلغ الغاية في تعظيمها والأوقاف عليهما، وتوفي (رحمه الله) في شوال سنة 373 وكانت ولايته العراق 5 سنة وستة أشهر وكان عمره 75 سنة وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين «عليه السلام» فدفن به، فلما كان سنة 407 أحترق مشهد مولانا الحسين «عليه السلام» كما في كتاب تواريخ الشيخ المفيد، وكان عمران بن شاهين بنى الرواق المعروف برواق عمران في المشهد الحائري كذا ذكر السيد في فرحة الغزي، وجددت عمارة المشهد تجديدا حسنا قبل هذه العمارة الموجودة الآن وكانت للحائر خزانة معظمة أخذها المسترشد بن المستظهر المتخلف سنة 511.
وقال أبن شهر آشوب في كتاب الكبير: أخذ المسترشد مال الحائر وقال : إن القبر لا يحتاج إلى الخزانة وأنفق على العسكر فلما خرج قتل هو وابنه الراشد.
ثم قال بعد كلام(1): فتحصل من مجموع ما ذكرناه أن مشهد مولانا الحسين «عليه السلام» بني خمس مرات غير العمارة الموجودة أو ستة:
الأولى: أيام بني أمية كما قد عرفت بني عليه مسجد وله باب شرقي وباب غربي وأنه لم يزل كذلك إلى أيام الرشيد.
الثانية: عمارته بعد كرب الرشيد إلى أيام المتوكل.
الثالثة: عمارة المنتصر إلى سقوطه سنة 273.
الرابعة: عمارته بعد هذا السقوط وهي عمارة محمد بن زيد الداعي الحسني.
الخامسة: عمارة عضد الدولة بن ركن الدولة وكانت سلطنته بعد موت أبيه أيام الطائع بن المطيع.
السادسة: عمارته بعد الحريق الحادث سنة 407 وهي عمارة الحسن بن مفضل أبو محمد الرامهرمزي وزير سلطان الدولة الديلمي وهو الذي بنى سور الحائر الحسيني كما حكاه السيد المرعشي في كتاب مجالس المؤمنين في طبقات الشيعة عن تاريخ أبن كثير، وإن الوزير المذكور قتل سنة 413 وهي العمارة التي
____________________
(1) معالي السبطين: ص183.

(213)

وصفها أبن بطوطة، والسور هو السور الذي ذكره الشيخ أبن أدريس سنة 588 في كتاب المواريث من السرائر.
السابعة: العمارة الموجودة الأن وليست بويهية لأن تاريخها سنة 767 بعد أنقضاء دولة بني بويه بـ220 سنة لأن أنقضاء الدولة البويهية سنة 447 فما أشتهر بين الناس أن هذه العمارة الموجودة إلى الأن بويهية لا وجه له وقد ذكرنا موضع تاريخ العمارة وأنه فوق المحارب القبلي مما يلي الرأس وأنه سنة 767، وكذلك ظهر توهم من قال أنها عمارة بني العباس لأن دولتهم أنقضت قبل هذا التاريخ سنة 656 وقد ذكر لي إسم صاحبها السيد الجليل «سلمه الله» خازن الحرم الحائري السيد عبد الحسين بن السيد الخازن الاواه السيد علي بن السيد الخازن السيد جواد «طاب ثراه» فلم يبقى ببالي ولكن ببالي أنه مكتوب مع التاريخ فراجعه، إنتهى ما في نزهة الحرمين للسيد المرحوم (قدس سره).
وقال السيد الجليل السيد عبد الحسين الخازن: قد ذكرت للسيد متع الله المسلمين بطول بقائه أن البناء الموجود اليوم على قبره الشريف أمر السلطان أويس الإيلكاني.
وفيه أيضاً: قال إبراهيم المجاب بن محمد بن الإمام الكاظم «عليه السلام» وقبره في رواق حرم الحسين «عليه السلام» وهو أول من سكن الحائر من الموسوية كان ضريرا يسكن الكوفة أولاً ثم سكن كربلاء وكان أبوه محمد العابد لكثرة صومه وصلاته.
وقد وهم إبراهيم المجاب السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية فظنه إبراهيم أبن الإمام الكاظم «عليه السلام» وأنه إبراهيم صاحب أبي السرايا وهو وهم.
وقال (قدس سره): إن قبر السيد المرتضى وأخيه السيد الرضي في كربلاء وإن المكان المعروف في بلدة الكاظمية بقبرهما إنما هو موضع دفنهم أولا ثم نقلا إلى كربلاء، ولا بأس في زيارتهما بهذا الموضع وإنما أبقوا ذلك لعظم شأنهما.
ثم قال (قدس سره): وإبراهيم الأصغر بن الإمام الكاظم «عليه السلام» فقبره في كربلاء خلف قبر الحسين «عليه السلام» بستة أذرع ويلقب بالمرتضى وهو المعقب المكثر جد السيد المرتضى والسيد الرضي وجده جده أشراف الموسويين ومعه جماعة من أولاده كموسى بن أبي شحمة وأولاده وجدنا الحسين القطيعي وجماعة من أولاده في سردابين متصلين خلف الضريح المقدسة كانت قبورهم

(214)

ظاهرة، فلما عمر الحرم العامر الأخير محو آثارهم ومعهم قبر السيد المرتضى والسيد الرضي وأبوهما وجدهما موسى الأبرش وقيل: دفنا مع السيد إبراهيم المجاب في الصندوق وليس بمعلوم، إنتهى ما في كتاب نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين للسيد المرحوم حجة الإسلام السيد حسن الصدر «طاب ثراه» المتوفى سنة (1254هـ) المدفون ببلدة الكاظمية، إنتهى ما لخصناه عن معالي السبطين لمؤلفه الشيخ مهدي المازندراني نزيل كربلاء.
والمنقول عنه وهو السيد الصدر (رحمه الله) ثقة معتمد في النقل لكن بعض المواضع فيها مجال فسيح للبحث وميدان واسع للمناقشة طويناها حذر التطويل وقد أوردنا كلامه مختصرا ولم نحكه بطوله.
أما صاحب كتاب كربلاي معلى(1) فقد ذكر مثله إلى حين عمارة أويس الإيلخائي (الإيلكاني) ثم قال: وأتمه ولده السلطان حسين، وفي سنة 932 أهدى السلطان إسماعيل الصفوي صندوقاً إلى قبر الطاهرة الحسيني، وفي سنة 1048 شيد السلطان مراد الرابع العثماني القبة المنورة وجصصها، وفي سنة 1135 نهضت زوجة السلطان نادر شاه كريمة حسين الصفوي إلى تعمير المسجد المطهر (يعني الصحن الشريف) والقبة على الطراز الأخضر (يعني الكاشي)، وفي أوائل القرن الثالث عشر أهدى فتح علي شاه أحد ملوك إيران السبيكة من الفضة (يعني الشباك)، وفي سنة 1216 أمر محمد علي شاة يتزيين الحرم الشريف وتعميره وبذل بذلك مبالغا ويوجد اليوم في أعلا الأبواب المعظمة فوق الآيات القرآنية فيما يقابل الوجه الشريف وحوالي هذه المنارة أمرت زوجة فتح علي شاه بتذهيب المأذنتين (يعني المنارتين)، في سنة 1275 غشيت قبة الحرم بالذهب على نفقه ناصر الدين شاه كما هو مكتوب على حائط فوق الباب بسطر من ذهب.
وفي سنة 1358 أهدى إمام الإسماعيلية شباكا من الفضة عظيم جدا، إنتهى.
وفي بعض هذه العمارات يشارك مرقد العباس مرقد الحسين «عليهما السلام» وسيجيء آخر الفصل ما يختص به العباس «عليه السلام» من العمارة والهدايا والتحف اللائقة بشأنه فانتظره.

المزارات الأربعة لأبي الفضل العباس «عليه السلام»
تشاد لأبي الفضل العباس الأكبر باب الحسين بن أمير المؤمنين علي باب
_________________
(1) كربلاي معلى: ص15.

(215)

رسول الله (ص) أربعة مزارات تزار وتعظم وهذه إحدى الخصائص العباسية التي أختص بها دون سائر الشهداء فإنا لم نعرف لسائر الشهداء بعد الحسين بن علي «عليهما السلام» منذ عصر النبوة إلى يومنا هذا من شيدت له أربعة مزارات مواضع وكل واحد منها يقصد بالزيارة ويطاف به ويتبرك فيه كما يتبرك بركن البيت الأعظم ويلثم كما يلثم الحجر الأسعد ويلتزم ويستلم كما يمسك الملتزم ويستلك ركن الحطيم.
ليس هذا بعد الحسين ريحانة الرسول (ص) الذي شيدت له عدة مزارات إلا لحامل لوائه أبي الفضل العباس الأكبر فكانت هذه المزارات الأربعة في التبرك بها من أزمنة قديمة، فمزار الرأس الشريف في العاصمة الأموية دمشق الشام ومزاراته الباقية تشرفت بها كربلاء حيث أحتوت عليها وضمتها جميعا وإن تفرقت في أرجائها، فمزار الجثمان الأقدس حيث القبة المشيدة والمرقد السامي والضريح المبارك المشهور ومزار الكفين خارج الصحن كما سنحقق موضعهما.
احتفظت بهذه الأثار شيعة الحسين «عليه السلام» وعظمت هذه المزارات لهذه الأعضاء العباسية الكريمة منذ عصر الشهادة في أول النصف الأخير من القرن الأول الهجري إلى النصف الأخير من القرن الرابع عشر الهجري، فالخلف يقتفي السلف لأنها قد شهدت لها الأسفار التاريخية بوقوع الكفين القطيعين كل واحدة من ناحية وسقوط الجسد في موضع الضريح الحالي والعضو الرئيس المبارك صلب أو دفن حيث المزار المشاد في دمشق العاصمة السورية اليوم.
لم تغفل شيعة الحسين «عليه السلام» على التنقيب والبحث عن الأثار المقدسة لأهل البيت النبوي لتقوم بما ندبها الله تعالى إليه من واجب التعظيم لأوليائه وحثها عليه من احترام السلالة النبوية المحترمة بقوله تعالى: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)(1).
إن الله تعالى ليدل الناس على جلالة أوليائه عنده ويرشدهم إلى عظيم منزلتهم لديه ويعرفهم أقدارهم ومحلم الخطير السامي وعلو مكانتهم الرفيعة ولكن الناس ليصدفون عن الحقيقة اللامعة وينفرون عن البرهان الساطع ويتعاملون عن الحق الواضح والحق تطفح غمرته ولا يقاوم تياره ولا يرد سيله الهائل ولا يحول دون جريانه حائل.
________________
(1) الحج: 32.

(216)

للمؤلف:

دعوا يا خصمـــــــاء آل أحمد لــــــجـــــاجكـــم وجانبوا لؤم الجدل
فقد تـــنــكـــبتم طريق رشدكم غيا وزيغا ثم بؤتم بالــــــفــــشــــــل
فقد أشــــــاد الله بالـــرغم لكم مشاهد الغر بني خير العــــــمــــــل
فــــــلا يضر أحمد أو رهطه جـــــحــــود من زاغ عــنادا وأضل
إن تنصروا الله إذن ينصركم قد قالــه رب الـــــورى عز وجــــل
ومـــــــن أطاع الله عز إسمه أطاعه الخلق وما شــــــــاء فـــعـــل
ويرفع الله الــــذيـــــن آمــنوا برحمة منــــــــه إلى أسمى محــــــل
فــــهـــــذه قــــبــاب آل أحمد شيدت على التقوى وإخلاص العمل
فهي قذى عيون جاحد يهمـو وهي الأعضاء ذوي بغضا شـــــلل
وكل من لام على أتيانها فــــــــــــــذاك عندي ذو جنون وخبل
مـــــراقد سمت فخارا وعلت على الضراح وأرتقت أســـمى محل
ترمــــــي على أعتابها تيجانا كــــل الـــمــــــلوك ومشاهير الدول
لأنهم ســــلالـــــة طـــيــــبــة علــــيـــــهــــم الوحــــي من الله نزل

لم يجد المعادي لآل محمد (ص) سبيلا إلى القدح في فضائلهم التي هي غرر في جباه الليالي والأيام ولم يرى وسيلة للغص وألح به داء العداء المزمن أخذ يتجه إلى القدح أعمال شيعتهم ظنا منه أنه قد فتح رتاج مقفل يدخل منه إلى محو آثارهم فشنع عليهم بأن زيارة القبور بدعة وأن الطواف بها حرام.
للمؤلف:

حرم الله روح من قال هذا روح جناته وأصلاه نــــــــــــارا
إنما أسس الزيارة طاهـــــا إذ لقتلى الأصحاب في أحد زارا
ولقد صـــحت الرواية عنه إنــــــه زار من توفوا مــــــرارا

أستغرى المنحرف فئة من السخفاء واستجاش عادمي البصيرة والتفكير فنوه بذلك الإنكار الطائشون إعلانا ناقدين لهذه الفضيلة واسمين لها بالهمجية وهي في الحقيقة نقد لشارع الإسلام وتشنيع على من تلقى الوحي عن الله تعالى الذي أرسله لأمة بشيرا ونذيرا وليس هذا بنقض على شيعة الحسين «عليه السلام» إنما هو نقض على جد الحسين «عليه السلام» القائل: زوروا القبور فإنها

(217)

تذكركم الآخرة، ولم يكتفي بالقول المجرد بل باشر فعلا فزار قبر أنه بالأبواء، وزار شهداء أحد والبقيع وأمر بزيارتهم والإكثار منها، وجعل لبعض صلحاء أصحابه أمثال أبن مظعون يهتدي بها الزائر لقبورهم.
وهكذا أشادت الصحابة الكرام آثار نبيها (ص) المباركة وتبركوا بجميع ما حل فيه ظهرت فيه بركته من مجالسه حتى شادوا المزارات لمجالسه وآثاره المباركة في البوادي كمسجد الشجرة في الحديبية ومسجد مجلسه أمام العوسجة عند خيمة أم معبد حتى تخيل من أعوزه الفقه في الدين وأثرى من عدم التفكير أنها ستعبد بتطاول الزمان كما عبد الأشجار أهل الجاهلية فأمر بطمس تلك الآثار المباركة ومحوها فأزيلت، الشيعة العلماء رفضوا هذه الحماقة وتركوا هذه الغباوة الفاضحة وأحيوا سنة النبي الهادي (ص) وأقتفوا أثر الرسول المصلح وتبعوا سنة أصحابه الفقهاء الأخيار والأفاضل العلماء فشيدوا قباب آل محمد (ص) وتتبعوا آثارهم فجعلوا لها أعلاما كما جعلت الصحابة لآثار النبي (ص) أعلاما تقصد وابنية يلوذ بها المتوسلون إلى الله ويطوف بها ذوو الحاجات عنده.
ومن تلك الآثار التي أهتم الشيعة بتشييدها المزارات الأربعة لأبي الفضل العباس الأكبر أن أمير المؤمنين «عليهما السلام» وفي مزارات الحسين «عليه السلام» قد اشترك السنيون مع الشيعيين في تشييد بعضها والإنكار مكابرة كما ستسمع.
للمؤلف:

باب الحسين أبو الفضل بن حـــيدرة الله شاد له أســـــمـــى مزارات
ثلاثة بــربــــوع الــطـــف عــمـرها بالزائرين وفردا عند شامــــات
فأصـــبــحت مثل بيت الله طاف بها مـــن كل فج أناس أهل حاجات
مــــزار كـــفــيـه معروف ومشهده مـــلاذ زواره في كل أوقـــــات
ترى الملوك على أبواب حضرتـــه ترمي بتيجان تمليك ثمينـــــــات
كم لاذ في مرقد العباس من مـــلــك وذل في بابه من آمر عاتــــــــي
ومشهد الرأس في الشامات تقصـده أهل الحوائج في كل العشيـــــات
صلى الإله على العباس كم ظهرت في قبره من كرامات وآيـــــــات
عــنـــايــة الله طول الدهر تحرســه إلى النشور وحتى حشر أمــوات
وكــــل من عرف الرحـــــمـن نيته بمحض إخلاص تقريب طاعات

(218)

أعطاه ما لا رأيت عين ولا سمعت أذن فواضل نعماء وخــــيرات
فخلد الله الدنيا لذكــــــــــــرهموا وفي المعاد حباهم خيـر جنات

قد أوقفنا التاريخ على خبر محزن ونبأ مقلق وهو أن الحسين والعباس «عليهما السلام» وزعا أوصالا بالسيوف وقطعا آرابا بحدود الأسلحة، وصرح لنا التاريخ بأن الحسين «عليه السلام» أبين من جسده الشريف أربعة أعضاء: إصبعه الذي قطعه بجدل بن سليم الكعبي لأجل الخاتم، وكفاه اللذان قطعهما الجمال على التكة، ورأسه الذي قطعه الشمر أو سنان أو خولي أو أخوه شبل على الخلاف.
والعباس «عليه السلام» قد قطع كفه اليمنى حكيم بن الطفيل الطائي السنبسي، وقطع كفه اليسرى زيد بن رقاد المذحجي الجنبي، وقطع رأسه الشريف أيضا، فنحن علمنا هذا من التاريخ فنريد أن نعرف أين دفنت هذه الأعضاء الكريمة المبانة؟.
وقبل أن أحرر ما ذكر الlؤرخ أبدي رأيي وإني لا أشك أن الأعضاء الشريفة المفصولة من الاجساد الطاهرة عدى الرؤوس دفنت مع الأجساد: أما إصبع الحسين «عليه السلام» وكفاه فلأنهما لم ترمى بعيدا عن الجثة بل رميت إلى جنبها فدفنها مع الجثة واضح لا خفاء فيه، وأما كفا أبي الفضل فهما وإن وقعا ناحية الجثة وعدم وجود من يضمها إليها بعد القتل لكن الذي يقوى في الظن أنهما عند الدفن التقطا ودفنا مع الجثة، والمزاران المشهوران لهما إنما شيدا على موضع قطعهما، وقد ورد في بعض المقاتل أن الإمام زين العابدين «عليه السلام» التقط كفي عمه العباس ودفنهما مع جسده المبارك في الضريح.


أعضاء الحسين «عليه السلام» المبانة من بدنه المقدس


كيفية فصل أعضاء الحسين «عليه السلام» من جسده:
نحن نقتصر هنا على النقل عن واحد، قال في مصائب المعصومين(1): أخذ بجدل بن سليم الكلبي خاتمه، ثم أعلموا أنه لشدة ما وقع على يده الشريفة حدثت ورمة(2) في أصابعه فلم يقدر اللعين بن اللعين على أخذ الخاتم فأخذ سيفه وقطع
___________________________
(1) مصائب المعصومين: ص309.
(2) الورمة لا يعني بها الأنتفاخ الحادث من الألم والتضخم العضوي وإنما يعني الغلظ لتكاثف الدماء وتراكمها على اليد الحسينية الشريفة ولكن الفارسي يضطره عدم القدرة على الإفصاح لمثل هذا.

(219)

إصبعه مع الخاتم ولكن الحمد الله أن المختار أخذ ذلك اللعين فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط بدمه حتى هلك.
ومن المصاب الوارد على يده التي كانت معدن الجود والسخاء هو ما صدر من الجمال الملعون الوارد وبيانه على سبيل الإجمال كما ذكر في بعض كتب المرائي هو أنه قال اللعين: كنت جمالا لأبي عبد الله لما خرج من المدينة إلى العراق وكنت أراه إذا أراد الوضوء للصلاة يضع سراويله عندي فأرى تكة تغشي الأبصار بحسن إشراقها وكنت أتمناها تكون لي أن صرنا بكربلاء فقتل مع أصحابه وألقي أبدانهم المطهرة في الأرض فأمرتني نفسي بأن أختفي في مكان فإذا جاء الليل أخذت تكة سرواله فلما جن الليل خرجت من مكاني فرأيت في تلك المعركة نورا لا ظلمة، ونهارا لا ليلا، وقتلى مطروحين على وجه الأرض وتلألأ أبدانهم المطهرة كالكوكب الدري فذكرت لخيبتي وشقائي التكة فقلت: والله لأطلبن الحسين وأرجو أن تكون التكة في سراويله فآخذها.
فلم أزل أنظر في وجوه القتلى حتى أتيت إلى الحسين فوجدته مكبوبا على وجهه وهو جثة بلا رأس ونوره مشرق مزمل بدمائه والرياح سافية عليه، فقلت: هذا والله الحسين، فنظرت إلى سراويله كما كنت أراها فدنوت منه وضربت بيدي إلى التكة لآخذها فإذا هو قد عقدها عقدا كثيرة فلم أزل أحلها حتى حللت عقدة منها، فمد يده اليمنى فقبض على التكة فلم أقدر على أخذ يده منها فدعتني نفسي الملعونة إلى أن أطلب شيئا أقطع به يديه فوجدت قطعة سيف مطروح فأخذتها وأنكبيت على يده فلم أزل أحزها حتى فصلتها ومددت يدي إلى التكة لآخذها فمد يده اليسرى على التكة فلم أقدر على أخذها فحززتها حتى فصلتها ومددت يدي إلى التكة لآخذها فإذا الأرض ترجف والسماء تهتز وإذا بجلبة عظيمة وبكاء ونداء يقول: وا ابناه! وا مقتولاه! وا ذبيحاء! وا حسيناه! وا غريباه! يا بني قتلوك وما عرفوك ومن شرب الماء منعوك، فلما رأيت ذلك أمتنعت وقمت ورميت نفسي بين القتلى، إنتهى. وأعاد القصة مفصلة ص333.
وفيها(1): إن النبي (ص) دعا على هذا الشقي بأسوداد الوجه فسود الله وجهه، وهذه القصة تمثل الجلفية البدوية وشقاوة الأعراب ونذالتهم وسقوط أنفسهم الدنيئة، وانا أحسب أن هذا الجمال التعيس من الذين صحبوه من مكارية القافلة المرسلية ليزيد بن معاوية من عامله يحيى بن ريسان الحميري على اليمن فأخذها
__________________
(1) مصائب المعصومين: ص338.

(220)

الحسين «عليه السلام» وخير الجمالة بين أحد كراءهم والرجوع أو إضعاف أجرتهم والمسير معه إلى العراق، فرجع بعضهم وصحبه بعضهم كما نص عليه المحققون من المؤرخون كالمفيد والطبري وابن الأثير وغيرهم فغير بعيد أن يكون هذا الشقي من الذين صحبوه إلى العراق.

اختلاف الناس في موضع دفن رأس الحسين «عليه السلام»
هنا معركة هائلة وملحمة نكراء بين حملة الحديث وأهل التاريخ ورجال الدين من الفقهاء والمتصوفة الذين يدعون الكشف والشهود ويزعمون مشاهدة الأعيان المحجوبة بستار الغيوب وأشيدت على رأس هذا الجدل والخصام لرأس سيد الشهداء الحسين «عليه السلام» مشاهد وبنيت له مزارات:
فمنها ما أشتهر حتى ساوى في الشهرة سائر الآثار.
ومنها ما خفي إلا على الأفذاذ.
ومنها المتوسط.
ومنها ما عاش في بعض الأجيال ثم دثر.
ومنها ما بقي صيته ذائعاً إلى اليوم.
ونحن نورد الكلام في هذه الجهة المقصودة بالبحث ونبدي رأينا في ذلك بعد الاتفاق على حمل رؤوس الشهداء من العراق إلى سوريا إظهارا للغلبة وإشهارا لقاعدة الظفر، ومن الأمور التي يجب أن تعرف أولاً ثلاثة أمور:
(1) صفة حملها أعلى الرماح كانت أم على أخشاب عادية؟
(2) كيف صنعوا بها قبل أن يحملوها إلى العاصمة؟
(3) عددها أهي سبعين رأسا أم أقل أم أكثر؟ وهل قدموها على محامل النساء المأسورات أم أخروها أم وسطوها الظعن بقصد المبالغة بفضيلة العقائل إذا أنصرف أبصار النظار إلهين؟
أما الجهة الأولى: فالمؤرخين كلما تختلف تتفق على شيء وهو إشهار الرؤوس الكريمة برفعها ليراها الداني والقاصي بعينه، وسواء كانت على قنا أو على أخشاب، وإن رأس العباس بن علي «عليهما السلام» أختص بتعليقه في عنق الفرس عند دخول الكوفة كما سيأتي ذكره منفردا وحيث أن مقامنا لا يحتمل التطويل نورد أقوال المؤرخين.

(221)

قال سبط أبن الجوزي في تذكرة خواص الأمة(1) بإسناده إلى أبي محمد عبد الملك بن هشام البصري قال: لما أنفذ أبن زياد رأس الحسين «عليه السلام» إلى يزيد بن معاوية مع الأسارى موثقين بالحبال منهم نساء وصبيان وصبيات من بنات رسول الله ص على أقتاب الجمال موثقين مكشفات الوجوه والرؤوس، وكلما نزلوا منزلاً أخرجوا الرأس من صندوق أعدوه له فوضعوه على رمح وحرسوه طول الليل إلى وقت الرحيل ثم يعيدوه إلى الصندوق ويرحلوا.
فنزلوا بعض المنازل وفي ذلك المنزل دير فيه راهب فأخرجوا الرأس على عادتهم ووضعوه على الرمح وحرسه الحرس على عادتهم وسندو الرمح الى الدير، فلما كان نصف الليل راى الراهب نوراً من مكان الرأس إلى عنان السماء فأشرف على القوم وقال: من أنتم؟ قالوا: نحن أصحاب أبن زياد، فقال: وهذا رأس من؟ قالوا: رأس الحسين بن علي بن أبي طالب أبن فاطمة بنت رسول الله، قال: نبيكم؟ قالوا: نعم، قال: بئس القوم أنتم، لو كان للمسيح ولد لأسكناه أحداقنا، ثم قال: وهل لكم في شيء؟ قالوا: وما هو؟ قال: عندي عشرة آلاف دينار تأخذوها وتعطوني الرأس يكون عندي تمام الليلة وإذا رحلتم تأخذوه؟ قالوا: وما يضرنا فناولوه الرأس وناولهم الدنانير.
فأخذه الراهب فغسله وطيبه وتركه على فخذه وجعل يبكي الليل كله، فلما أسفر الصبح قال: يا رأس! لا أملك إلا نفسي وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمدا رسول الله، وأشهد الله أنني مولاك وعبدك، ثم خرج من الدير وما فيه وصار يخدم أهل البيت.
قال أبن هشام في السيرة: ثم إنهم أخذوا الرأس وساروا فلما قربوا من دمشق قال بعضهم لبعض: تعالوا حتى نقتسم الدنانير لا يراها يزيد فيأخذها منا، فأخذوا الأكياس وفتحوها فإذا الدنانير قد تحولت خزفا وعلى أحد جانبي الدينار مكتوب: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)(2)، وعلى الجانب الآخر: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(3) وفرموها في بردى(4)، إنتهى.
قال العلامة المجلسي في البحار(5): قال السيد -يعني أبن طاوس-: وسار القوم برأس الحسين «عليه السلام» ونسائه والأسرى من رجاله فلما قربوا من
_______________
(1) تذكرة الخواص: ص149. (2) سورة إبراهيم: 42.
(3) الشعراء: 337. (4) بردى نهر بالشام.
(5) بحار الأنوار 10/223.

(222)

دمشق دنت أم كلثوم من شمر «لعنه الله» وكان في جملتهم فقالت: لي إليك حاجة، فقال: ما حاجتك؟ فقالت: إذا دخلت بنا البلد فأحملنا في درب قليل النظارة وتقدم إليهم أن يخرجوا الرؤوس بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ونحن في هذه الحال، فأمر في جواب سؤالها بأن تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغياً منه وكفراً، وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى أتى بهم باب دمشق فوقفوا على باب درج للمسجد حيث يقام السبي، ثم ذكر حديث سهل وأنه حامل الرأس الشريف حتى أخره عن المحامل ولا يتسع النقل لهذه القصص المشهورة.
وإقامة سبي آل الرسول على درج المسجد لم تنفرد بنقلة الشيعة كما يقول الناصبي الملحد أبن كثير الدمشقي الشافعي بل صرح به أعيان أهل السنة الحفاظ القرطبي المالكي كما ستسمع كلامه، وغيره من الحفاظ فلا تنخدع بإلحاد مؤرخي الحشوية الأموية الضالة المضلة.
وقال الشيراوي الشافعي في الإتحاف بحب الأشراف(1): وأخذ عمر بن سعد بنات السيد الحسين «عليه السلام» وأخوته ومن كان معه من الأطفال وعلي بن الحسين مريض فأدخلهم على أبن زياد وطيف برأس السيد الحسين «عليه السلام» في الكوفة على خشبة ثم أرسل بها إلى يزيد بن معاوية وأرسل معه الصبيان والنساء مشدودين على أقتاب الجمال موثوقين بالحبال والنساء مكشفات الوجوه والرؤوس.
ويقال: إن الذي حضر بالرأس إلى الشام عمر بن سعد بن أبي وقاص وفي عنق علي بن الحسين «عليهما السلام» ويديه الغل فدخل بعض بني أمية على يزيد فقال: أبشر يا أمير المؤمنين فقد أمكنك الله من عدوك قتل الحسين ووجه برأسه إليك فلم يلبث إلا أياماً قلائل حتى جيء برأس الحسين فوضع بين يدي يزيد، إلى أخر القصة.
أما الجهة الثانية: التي أظهروا بها الدناءة الأموية الرذلة والخساسة العيشمية النذلة ومثلوا بها نفسية أبناء المومسات العواهر الساقطة ونذالتهم أولاد العبيد الأدعياء هو ما حدثنا به الحافظ القرطبي قدوة المالكية وحكاه لنا إمام الزهاد من الصوفية الشعراني المالكي في مختصر تذكرة القرطبي بما نصبه(2): قال أهل
________________________
(1) الأتحاف بحب الأشراف: ص18.
(2) مختصر تذكرة القرطبي: ص121.

(223)

السير: ثم أمر عبيد الله بن زياد من فوره بالرأس حتى ينصب في الرمح(1) فتحاماه أكثر فقام رجل يقال له طارق بن مبارك بل هو المشؤوم المعلون المذموم فقوره ونصبه بباب ولد عبيد الله بن زياد ونادى في الناس ثم جمعهم في المسجد الجامع وخطب خطبة لا يحل لمسلم ذكرها، ثم دعا بزياد بن حر الجعفي فسلم إليه رأس الحسين «عليه السلام» ورؤوس إخوته وبنيه وأهل بيته وأصحابه ودعا بعلي بن الحسين «عليهما السلام» فحمله وحمل معه عماته وأخواته إلى يزيد بغير وطاء، والناس يخرجون إلى لقائهم في كل بلد ومنزل حتى قدموا دمشق فأقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي، الخ.
قال قدوة المتصوفة وإمام المتقشفين اليافعي الشافعي في مرآة الجنان(2): روي أنه لما قتل السادة الأخيار، مال الفجرة الأشرار إلى خيام الحريم المصونة وهتكوا الأستار، فقال بعض من حضر: ويلكم إن لم تكونوا أتقياء في دينكم فكونوا احراراً في دنياكم، وذكروا مع ذلك ما يعظم من الزندقة والفجور وهو أن عبيد الله أبن زياد أمر أن يقور الرأس المشرف المكرم حتى ينصب في الرمح فتحامى الناس عن ذلك فقام من بين الناس رجل يقال له طارق بن المبارك بل هو أبن المشؤوم المذموم فقوره ونصبه بباب المسجد الجامع وخطب خطبة لا يحل ذكرها، ثم دعا أبن زياد بزياد بن حر بن قيس الجعفي فسلم إليه رأس الحسين «عليه السلام» ورؤوس إخوته وبنيه وأصحابه، ودعا بعلي بن الحسين «عليهما السلام» فحمله وحمل عماته وأخواته إلى يزيد علي محامل بغير وطاء والناس يخرجون إلى لقائهم في كل بلد ومنزل حتى قدموا دمشق ودخلوا من باب توما وأقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي، إنتهى.
وقول هذين المؤرخين دعا بزياد بن الحر يريدان به زحر بن قيس فتصحف عليهما ولا منافاة بين القولين لأن الرمح إذا نزع عنه الزج والنصل بقيت القناة وهي خشبة فمن قال رمحا نظر إليه بأعتباره قبل نزع النصل عنه، ومن قال خشبة نظر إلى جهة نزع الزج منه، أما الشعراء الذين رثوا الحسين «عليه السلام» من حين شهادته إلى اليوم لم يذكروا في أشعارهم حمل الرأس الشريف إلا على رمح أو قناة ومن نعرف أن القناة هي الخشبة التي عناها بعض المؤرخين.
أما الجهة الثالثة: وهي كمية الرؤوس، فالمشهور اثنان وسبعون، ويقال:
__________________
(1) أحسبه الرمح فصحف إليه الريح.
(2) مرآو الجنان 1/135.

(224)

سبعون، ورأس مسلم أبن عقيل وهاني بن عروة؛ فعلى اللأول مجموع ما قطع من رؤوس الشهداء أربعة وسبعون رأسا.
قال أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري في الأخبار الطوال(1) وحملت الرؤوس على أطراف الرماح وكانت أثنين وسبعون رأسا: جاءت هوزان بأثنين وعشرين رأسا، وجاءت تميم بسبعة عشر رأسا مع الحصين بن نمير، وجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا مع قيس بن الأشعث، وجاءت بنو أسد بستة رؤوس مع هلال الأعور، وجاءت الأزد بخمسة رؤوس مع عيهمة بن زهير، وجاءت ثقيف بأثني عشر رأساً مع الوليد بن عمرو، الخ، وهذه غير رأس الحسين «عليه السلام».
وقد قال الطبري(2) بعد أن ذكر إرسال رأس الحسين «عليه السلام» مع خولي الأصبحي قال: وقطف رؤوس الباقين فسرح بأثنين وسبعين رأسا مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج وعزرة بن قيس فأقبلوا حتى قدموا بها على أبن زياد، إنتهى.
ولكنه يقول(3): قال هشام: قال أبو مخنف: ولما قتل الحسين بن علي «عليهما السلام» جيء برؤوس من قتل معه من أهل بيته وشيعته وأنصاره إلى عبيد الله بن زياد فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا وصاحبهم قيس بن الأشعث، وجاءت هوازن بعشرين رأساً وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن، وجاءت تميم بسبعة عشر رأسا، وجاءت بنو أسد بستة أرؤس، وجاءت مذحج بسبعة أرؤس، وجاء سائر الجيش بسبعة أرؤس فذاك سبعون رأساً، إنتهى.
وبهذا جزم أبن الأثير في تاريخ الكامل.
أما الشيخ المفيد فذكر مثلما ذكر الطبري في قوله الأول جازماً به(4) ولنكتفي بهذا.
رأس الحسين «عليه السلام» ورؤوس الشهداء معه
صلب رأس الحسين «عليه السلام» وروؤس الشهداء:
أمران أتفق عليها المؤرخون: التطواف برأس الحسين «عليه السلام» وصلبه في عاصمة الأمويين دمشق.
قال الشعراني المالكي في مختصر تذكرة القرطبي(5) واليافعي الشافعي في
_________________
(1) الأخبار الطوال: ص256. (2) تاريخ الطبري 6/262
(3) نفسه 6/269.
(4) الأرشاد: ص258. (5) مختصر تذكرة القرطبي: ص31.

(225)

مرآة الجنان(1) -واللفظ للقرطبي لأن فيه زيادة الشعر لبعض التابعين- قال: ثم وضع الرأس المكرك بين يدي يزيد فأمر يجعل في طست من ذهب وجعل ينظر إليه وهو يقول:

صبرنا وكان الصبر منا عزيمة وأسيافنا يقطعن كفا ومـــعــــصما
نفلق هامــــا من رجــــال أعزة علينا وهم كانوا أعق وأظلـــــــما

ثم تكلم بكلام قبيح، إلى هنا من كلام القرطبي ونحرر ما حضرنا من أبيات جوابا لهذا الطاغي المتمثل بشعر الجاهلي المتمرد وهو الحصين بن الحمام المري:

صبرت على ماذا أبن ميسون بعدما قتلت أبن بنت المصطفى سيد الرسل
وأدركت أوتار الطغات كـــعتـــبـــة وشبية والوغد الزنيم أبــــــي جـــهـل
فأخزاك رب الناس تقرع بالعصـــا ثنايا حسيناً خــــير حــاف وذي نعـل
وكان رسول الله يــــرشــــف دائما ثناياه طفلاً جل قدراً عن الطــــــــفل
وانت أبن ميسون البغي قرعتـــــها من الغيظ عمدا بالقضيب بلا مــــهل
ولكن بيحيى أُسوة لابن فاطـــــــــم فقد كان أهدي الرأس منه إلى نغـــل

ثم قال القرطبي: وأمر بالرأس أن يصلب الشام، ولما رأى خالد بن عبيد الله ذلك قال:

جاؤوا برأسك يا أبن بنت محمـد متزملاً بدمائه تزمــــــيــــلا
وكأنما بك يا ابن بنت مـــحمــد قتلوا جهاراً عامدين رسولا
قتلوك عطشانا ولم يترقــــبـــوا في قتلك التنزيل والتأويـــلا
ويكبرون بأن قـــتـــلـــت وإنما قتلوا بم التكبير والتـــهـــليلا

وكان خالد هذا من أجل علماء التابعين وقد أختفى شهراً وهم يطلبون ليقتلوه فلم يظفروا به، إنتهى.
هذا التابعي هو خالد بن معدان الكلاعي من حمير، تابعي جليل من الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام من كبارهم، يقرن بأبي مسلم الخولاني، وذكر أبن عساكر قصة هذه الأبيات وأختفائه شهراً عن أصحابه، وسماه خالد بن غفران(2).
__________________
(1) مرآة الجنان 1/135
(2) تاريخ مدينة دمشق 5/85.

(226)

وقال الأصطخري المعروف بالكرخي إبراهيم بن محمد الفارسي في كتاب المسالك إلى الممالك(1): وعلى باب جيرون حيث نصب رأس يحيى بن زكريا نصب رأس الحسين ان علي «عليهما السلام»، الخ.
وقال محمد بن حبيب النسابة البصري في كتاب المحبر(2): نصب يزيد بن معاوية رأس الحسين («رضي الله عنه») وقتل معه العباس وجعفر وعثمان وعبد الله ومحمد المكنى أبا بكر بني علي بن أبي طالب «رضي الله عنهم»، وأبو بكر بن الحسن والقاسم وعبد الله أبناء حسن، وعلي وعبد الله أبناء الحسين، وعبد الله وجعفر وعبد الرحمن بنو عقيل بن أبي طالب ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل ومسلم بن عقيل، ومحمد وعون أبناء عبد الله بن جعفر «رضي الله عنهم»، فحملت رؤوسهم إلى يزيد بن معاوية «لعنة الله عليه» فنصبها بالشام وبعث الرأس الحسين («رضي الله عنه») فنصب بالمدينة، إنتهى.

رأس الحسين «عليه السلام» عند يزيد وابن زياد
ما مر برأس الحسين بن علي «عليهما السلام» من أبناء الأدعياء:
خفت علينا المحكمة الإلهية وأسرار الإرادة الربانية ولم نجد لنا فسحة ومجالاً لأستخراج السر المكتوم والرمز المختفى بأستار العلم المحجوب عن إدراك أفكارنا وهجس خواطرنا حتى نقول لماذا ولأي شيء لم تحل العقوبة العاجلة ويحل البوار السريع ويفجأ الدمار من قرع ثنايا الحسين «عليه السلام» وثغره بقضيبه وشرب الخمر عليه.
لا نستطيع أن ندرك من أسرار تأخير العذاب عن هذه الطائفة الطائشة والفئة الزائغة إلا بمثل ما حصل من إمداد الطواغيت وأنسا معاقبة الجبابرة الذين فتكوا بالأنبياء أستدراجاً منه تعالى ذو أناة لا يعجل، إنما يعجل من يخاف الفوت، ولئن أمهل الله الظالم فلن يفوت أخذه، ولأجل أن يمتحن عباده فيرى الممتثل الواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير الممتثل ولو دمر الله الطواغيت وأباد خضراء الجبابرة وفي أتباعهم والملتفين حولهم ممن يبطن النفاق فريق وممن يكتم الإيمان خوفاً فريق آخر فإذا لم تمتد الأوقات ولم تطل الأزمنة ولم يفسح المجال لإظهار المنافق نفاقه ولم يعمل المؤمن بإيمانه في حالة المحنة والشدة ليعرف كيف
____________________
(1) المسالك إلى الممالك: ص60 طبع ليدن.
(2) المحبر: ص490 طبع حيدر آباد.

(227)

قوة إيمانه ورسوخ عقيدته والمجازات على قدر البلاء، والعقوبة على مقدار المعصية فلذلك أخر الله عقوبة يزيد وابن زياد.
وإليك بعض ما أورد المؤرخون وخذ عن شيخ المؤرخين الطبري ما نصبه(1): عن حميد بن مسلم قال: دعاني عمر بن سعد فسرحني إلى أهله لأبشرهم بفتح الله عليه وبعافيته، فأقبلت حتى أتيت أهله فأعلمتهم ذلك ثم أقبلت حتى أدخل فأجد أبن زياد قد جلس للناس وأجد الوفد قد قدموا عليه فادخلهم وأذن للناس فدخلت فيمن دخل فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه وإذا هو ينكب بقضيب بين ثنيتيه ساعة، فلما رآه زيد بن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب وقال: أعل بهذا القضيب عن هاتين الشفتين، فوالله الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله على هاتين الشفتين يقبلها ثم أنفضخ يبكي، فقال له أبن زياد: أبكي الله عينك فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك.
قال: فنهض فخرج فلما خرج سمعت الناس يقولون: والله لقد قال زيد بن أرقم قولا لو سمعه أبن زياد لقتله، قال: قلت: فما قال؟ قالوا: مر بنا وهو يقول: ملك عبداً فأتخذهم تلداً، أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم، قتلتم أبن فاطمة وأمرتم أبن مرجانة فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم فرضيتم بالذل فبعدا لمن رضي بالذل.
وذكر قصة عبد الله بن عفيف وذكرناها حيث ترجمناها في كتابنا أعلام النهضة الحسينية.
وقال(2): عن القاسم بن عبد الرحمن مولى يزيد بن معاوية قال: لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد رأس الحسين وأهل بيته وأصحابه، قال يزيد:

نفلق هاما من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق وأظلما

فعن أبي عمارة العبسي قال: فقال يحيى بن الحكم أخو مروان بن الحكم:

لهام بجنب الطف أدنى قرابــــة من أبن زياد العبد ذي الحسب الوغل
سمية أمسى نسلها عدد الحصى وليس لآل المصطفـــى اليوم من نسل

و(3)عن القاسم بن بخيت قال: لما أقبل وفد أهل الكوفة برأس الحسين «عليه السلام» دخلوا مسجد دمشق فقال لهم مروان بن الحكم: كيف صنعتم؟

__________________
(1) تاريخ الطبري 6/262.
(2) تاريخ الطبري 6/265. (3) تاريخ الطبري 6/267.

(228)

فقالوا: ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا فآتينا والله على آخرهم وهذه الرؤوس والسبايا، فوثب مروان فأنصرف وأتاهم أخوه يحيى بن الحكم فقال: ما صنعتم؟ فأعادوا عليه الكلام، فقال حجبتم عن محمد يوم القيامة لن أجامعكم على أمرٍ أبداً، ثم قام وأنصرف.
ودخلوا على يزيد فوضعوا الرأس بين يديه وحدثوه الحديث، قال: فسمعت دور الحديث هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز وكانت تحت يزيد بن معاوية فتقنعت بثوبها وخرجت وقالت: ياأمير المؤمنين! هذا رأس الحسين بن فاطمة بنت رسول الله؟ قال: نعم فأعولي عليه وحدي على آبن بنت رسول الله وصريخة قريش عجل عليه بن زياد فقتله قتلة الله، ثم أذن للناس فدخلوا والرأس بين يديه ومع يزيد فضيب فهو ينكث به في ثغره، ثم قال: إن هذا وإيانا كما قال الحصين آبن الحمام المري:
نفلق هاماً من رجال أحبة إلينا وهم كانوا أعق وأظلما

قال: فقال رجل من أصحاب رسول الله (ص) يقال له أبو برزة الأسلمي: أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين؟! أما لقد أخذ قضيبك من ثغرة ما أخذ لربما رأيت رسول الله يرشفه، أما إنك يا يزيد يتجيء يوم القيامة وإن آبن زياد شفيعك، ويجيء هذا يوم القيامة ومحمد (ص) شفيعه، ثم قام فولى، إنتهى.
وذكر مثل هذا وغيره آبن الأثير وآخرون من المؤرخين ونحن نورد كلام آبن كثير الدمشقي الشافعي فإنه أموي العقيدة، شديد في النصب والعداوة لآل محمد حتى تحرى إنكارالقطعيات ونسبها الى وضع الشيعة بزعمه فلذلك أحكي عنه.
فذكر في البداية والنهاية(1) وحديث زيد بن أرقم عن الطبري وقال: رواه أيضاً أبو داود والطبراني.
وذكر ايضاً(2) حديث وضع الرأس بين يدي يزيد وتمثله بقول الحصين المري وشعر يحيى بن الحكم.
وذكر حديث أبي برزة الأسلمي وحديث مروان وأخيه يحيى مع الكوفيين(4).
وروى حديث أبي برزة بصفة أخرى(5) ولا نطيل بإعادة الكلام وتكثير النقل ملل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البداية والنهاية 8/190. (2) نفسه: ص191.
(3) نفسه: ص192. (4) نفسه: ص196.
(5) نفسه: ص197.

(229)

المزارات للرأس الحسيني «عليه السلام»:
هذه أعظم معركة للآراء وأفظع ملحمة جدلية طال فيها الجدل والخصام وكثر اللجاج بين نقلة الآثار وأنا أحررها مفصلة وإن طالت ثم أبدي رأيي في المسألة آخر البحث.
رأس الحسين «عليه السلام» في دمشق مدفون
ذهب إلى هذا جماعة من المؤرخين وأختلفوا في موضعه فقال قوم في باب الفراديس، وآخرون في رحبة المسجد، وآخرون بسور البلد، وخذ نصوص هؤلاء:
قال ياقوت الحموي في معجم البلدان(1): وفي باب الفراديس مشهد الحسين آبن علي «رضي الله عنهم»، إنتهى.
قال الحافظ ابن كثير الدمشقي(2): وما رأس الحسين «رضي الله عنه» فالمشهور عند أهل التاريخ وأهل السير أنه بعث به آبن زياد إلى يزيد بن معاوية، ومن الناس من أنكر ذلك وعندي أن الأول أشهر والله أعلم، وذكر كلام آبن سعد وسيأتي.
وقال: وذكر آبن أبي الدنيا من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن محمد بن عمر آبن صالح ـ وهما ضعيفان ـ أن الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتى توفي فأخذ من خزانته فكفن ودفن داخل باب الفراديس من مدينة دمشق.
قلت: ويعرف مكانه بمسجد الرأس اليوم داخل باب الفراديس.
(الثاني) وذكر آبن عساكر في تاريخه في ترجمة ريا حاضنة يزيد بن معاوية أن يزيد حين وضع رأس الحسين بين يديه تمثل بشعر آبن الزبعرى:
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل

قال: ثم نصبه بدمشق ثلاثة أيام ثم وضع في خزائن السلاح حتى أن زمن سليمان بن عبدالملك جيء به إليه وقد بقي عظماً أبيض فكفنه وطيبه وصلى عليه ودفنه في مقبرة المسلمين، فلما جاءت المسودة ـ يعني بني العباس ـ نبشوه وأخذوه معهم.
وذكر آبن عساكر أن هذه المرأة بقيت بعد دولة بني آمية وقد جاوزت المائة سنة والله أعلم، الخ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معجم البلدان 4/80.
(2) البداية والنهاية 8/204.

(230)