موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

اسم الکتاب : موسوعة بطل العلقمي الجزء الثالث

المؤلف : أليف سماحة آية الله المحقق الكبير الشيخ عبد الواحد المظفر قدس سره
المطبعة : مؤسسة الشيخ المظفر الثقافية العراق النجف الاشرف مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان

 

 

 

 

فقال: ألا تحب يارسول الله أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة؟ فأبستهد ذلك اليوم.
وكذلك كان يترك أهل الأعذار فقد خلف حنظلة الغسيل غسيل الملائكة لأنه يريد الدخول بزوجته ليلة الكائنة في أحد ثم لما سمع النداء بقتل النبي أعجله ذلك عن الأغتسال فشهد الوقعة وأستشهد فغسلته الملائكة وهذا عذر سقط في المدينة الحاضرة اعتباره وشتان بين الرقة والقسوة، والرحمة والغلظة، وفرق واضح بين منقذ الإنسانية وبين متلفها، ومحي البشرية ومهلكها.
وكذلك يخلف من لا يجد أبواه سواه وهذا عذر مقبول في المدنية الحاضرة لكنه بشروط قاسية منها لا بد من ضعف الأب وعجزه عن الكسب، ومنها أن لا يكن للأم قريب منها كأخ مثلاً ولو كان في غاية القسوة عليها ولا يرحمها ولو بكلمة فارغة، ولو استطاع لسد عليها منافذ الهواء ومجاري الماء، والنبوة ترى رحمة الوالدين وشفقتهما على وحيدهما هي وحدها كافية لأن تكون عذراً للولد فيترك كان الوالد قويا متمولا ام ضعيفا وفقيرا على السواء، وجدت الأم معيلا سواه أم لم تجد، هذا هو العدل في الإنسانية، هذا هو الفضل على البشرية لا الحضارة الجائزة ولا المدنية القاسية.
قال المطبعي(1): عن أبي عمر قال: عرضت على رسول الله (ص) في جيش وأنا أبن خمسة عشر سنة فقبلني، ثم ذكر حديث سمرة بن جندب وقد ذكرناها في كتابنا «الميزان الراجح» في ترجمة سمرة هذا وترجمة البراء بن عازب وترجمة رافع أبن خديج.
ومنها: جعله رؤساه أجناد وقواد جيش أو هم العرفاء.
قال المطبعي(2) وذكر حديثا مطولا عن البخاري في رده على هوزان سبيهم يقول في آخره: فقال الناس: قد طيبنا ذلك لرسول الله (ص) فقال: أنا لا أدري من أذن في ذلك ممن لم يأذن فأرجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله (ص) فأخبره أنهم قد طيبوا وأذنوا.
ومنها: الحشر والاستنفار، قد عرفت أنه لم تشكل في زمنه (ص) دوائر للتجنيد بقسميه الأجباري والأختياري وإنما تسجل أسماء الجنود الذين شهدوا الغزوة والبعث ولم يبذل لجندي راتباً وإنما هو التطوع، وقسمة الغنيمة، وقسمة الحقوق، وحيث لا إجبار ولا مرتب فإنما هي الدعوة إلى الجهاد ويسمى النفير
_______________
(1)حقيقة الإسلام وأصول الحكم: ص143.
(2)حقيقة الإسلام وأصول الحكم: ص145.

(141)

والاستنفار وهو المعروف عند العامة اليوم بالفزع والفزاعة فيبعث من قبله رجلاً إلى الأطراف كأهل العوالي وأهل السافلة وسكان البوادي مستنفراً يحثهم على الجهاد يسمى بالحاشر والحاشد والمستنفر كما تسميه عوام العصر المحشم والمفزع والنخاي.
وهذا الاستنفار مرة يكون عاما كاستنفاره إياهم لغزو مكة المشرفة عام الفتح وغزوة العسرة تبوك، والتخلف عن النفير العام حرام، ودلت عليه الآيات القرآنية الكثيرة كقوله تعالى: (انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا)(1)، وقوله تعالى: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً)(2)، وكقوله تعالى: (مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ)(3)، إلى غيرهن من الآيات، ومرة يكون الاستنفار خاصاً كأستنفاره إلى بدر وسائر البعوث ولا يكون التخلف عنه حراماً إلا أن ينص على شخص أو أشخاص بأعيانهم فيتعين وتحرم مخالفته.
قال المطبعي(4): أما المستنفر فهو من يطلب إنفار الناس للسفر وقد بعث رسول الله (ص) بشر بن سفيان الخزاعي من بديل بن أم أصرم إلى خزاعة يستنفرهم إلى قتال أهل مكة وبعث أيضا سفيان المذكور إلى مكة عيناً فأخبره خبر قريش وجموعهم في الطريق الخ.
ومنها: أنه (ص) يبعث المبشرين بالفتح كما صنع ذلك يوم بدر حين أرسل عبد الله بن رواحة إلى أهل السافلة، وزيد بن حارثة إلى أهل العالية يبشرانهم بما فتح الله على رسول الله (ص) حيث لم تكن البشائر ترسل برقياً ذلك الوقت ولا تلفونياً، وإنما هي الرسل والبرد.
ومنها: ترتيب الأمراء والقواد كان النبي (ص) يؤمر الأمراء ويقود القواد ويجعل لكل كتيبة وسرية قائداً أو أميراً يعني ضابطاً يدفع إليه اللواء وتمثل لك الحقيقة غزوة الفتح فأنتظر.
ومنها: تقسيم الجيش وتعبئه وترتيبه على النظام المألوف في تلك العصور فجعله خمسة أقسام كما ذكرنا، ويصفه صفوفا كما وقع ذلك يوم بدر اتباعا لإرشاد القرآن المجيد بقوله: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ
_______________________
(1)التوبة: 41. (2)التوبة: 36.
(3)التوبة: 120.
(4)حقيقة الإسلام وأصول الحكم: ص161.

(142)

مَّرْصُوصٌ)(1) ويجعله كتائب وسرايا كما وقع ذلك في غزوة الفتح.
قال المطبعي(2): كان (ص) يقسم جيشه خمسة أقسام: مقدمة ومجنبتان: مجنبة يمنى تسمى الميمنة ومجنبة يسرى تسمى الميسرة وقلب وساقة وبهذا يسمى الجيش خميساً لقسمته على خمسة أقسام، وجعل النبي (ص) صاحب المقدمة يوم الفتح أبا عبيدة بن الجراح، ويوم حنين خالد بن الوليد، وجعل رسول الله (ص) يوم الفتح خالد بن الوليد على الميمنة والزبير على الميسرة، وجعل أبا عبيدة على البيادقة وهم الجند والرماة ويسمون اليوم بيادة، وأما المقدم على الساقة فكان قيس بن أبي صعصعة الخ وفيه خبط ظاهر، ونظام النبي (ص) يوم بدر هكذا: قال أبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(3):
قال الواقدي: وصف رسول الله (ص) أصحابه قبل أن تنزل قريش فطلعت قريش ورسول الله (ص) يصف أصحابه وقد أترعوا حوضا من السمر وقذفت فيه الآنية ودفع رسول الله (ص) رايته إلى مصعب بن عمير فتقدم بها إلى الموضع الذي أمره أن يضعها فيه، ووقف رسول الله (ص) ينظر إلى الصفوف فأستقبل المغرب وجعل الشمس خلفه الخ.
يوم أحد: قال(4) دعا النبي بثلاثة أرماح فعقد ثلاثة ألوية: فدفع لواء الأوس إلى أسيد بن خضير، ولواء الخزرج إلى الحباب بن المنذر، وقيل إلى سعيد بن عبادة، ولواء المهاجرين إلى علي بن أبي طالب «عليه السلام»، ويقال: إلى مصعب بن عمير.
وقال(5): أستعمل على الحرس محمد بن مسلمة في خمسين رجلا.
وقال(6): وصف أصحابه وجعل الرماة خمسين رجلا على عينين (جبل قرب أحد) وعليهم عبد الله بن جبير ويقال سعد بن أبي وقاص، والثبت أنه عبد الله بن جبير، وجعل أحداً خلف ظهره وأستقبل المدينة.
أما غير أبن أبي الحديد من علماء السيرة فيذكر أنه جعل مجنبتين في إحدى المجنبتين بني حارثة من الأوس وفي الأخرى بني ساعدة من الخزرج وهذا هو الصحيح وهو مذكور في الوحي الصادق في قوله تعالى: (إذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ
_______________
(1)الصف: 4.
(2)حقيقة الإسلام وأصول الحكم: ص162.
(3)شرح نهج البلاغة 3/330. (4)شرح نهج البلاغة 3/363.
(5)شرح نهج البلاغة 3/364. (6)شرح نهج البلاغة 3/345.

(143)

مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا)(1) والطائفتان هما المجنبتان.
وكان له في هذه الغزاة مقدمة وساقة ومجنبتان وقلب، وكتيبة حرس للجيش، وكتيبة حرس خلف ظهر العسكر هي كتيبة الرماة، ولحقته كتيبة ضخمة لتحارب معه مؤلفة من اليهود والمنافقين يقودها أبن أبي الخزرجي رأس المنافقين ولها زجل فردها النبي (ص) وقال: لا نستعين بالكافرين على المشركين وهذا منه (ص) امتثال لأمر القرآن المجيد في قوله: (وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)(2) لئلا يقال أنه لو كان نبياً استعان بمن هو كافر عنده.
وأما فتح مكة فقد قسم جيشه فيها مدنياً ورتبه ترتيباً تقره الحضارة العصرية فجعله أفواجا ثم كتائبا فسرايا ففضائل، وجعل لكل كتيبة قائدا، ولكل فصيل ضابطاً، وجعل هذه المجموعة من الأفواج تسير منظمة على تقسيم القدماء: المقدمة فالجناحان فالساقة والقلب في الوسط من الجميع، وسرية الطلائع خيل الكشف تسير أمام المقدمة، وجعل للخيل وازعاً، ومعنى الوزاع هو الذي يوزع الخيل أي يقسمها على النقاط الحربية يوجه كل قطعة من الخيل إلى جبهة من جبهات القتال، فكان على الطلائع الزبير بن العوام في مائتين من الخيالة.
قال أبن أبي الحديد في شرح النهج(3): الواقدي: فلما خرج رسول الله (ص) بالألوية والرايات بعد العصر من يوم الأربعاء لعشر خلون من شهر رمضان لم يحل عقده إنتهى إلى الصلصال والمسلمون يقودون الخيل وقد أمتطوا الإبل، وقد أمامه الزبير بن العوام مائتين.
وقال في حديث أبي سفيان وقد حبسه العباس بن عبد المطلب بمضيق الوادي لتمر به كتائب النبوة فيرها وذلك بأمر من النبي (ص) فمرت به القبائل قادتها والكتائب على راياتها فكان أول من مر خالد بن الوليد في بني سليم وهم ألف ولهم لواء أن يحمل أحدهما العباس بن مرداس والآخر خفاف بن ندبة، وراية يحملها المقداد، فقال أبو سفيان: من هؤلاء؟ فقال العباس: بنو سلم عليهم خالد بن الوليد، ثم مر به على أثره الزبير بن العوام في خمسمائة فيهم جماعة من المهاجرين وقوم من أفناء الناس معة راية سوداء، فقال: من هذا؟ قال العباس: هذا الزبير، ثم مرت به بنو غفار في ثلثمائة يحمل روائهم أبو ذر ويقال: إيماء بن رحضة، ثم مرت به أسلم في أربعمائة يحمل لوائها بريدة بن الحصيب
_______________
(1)آل عمران: 122. (2)الكهف: 51.
(3)شرح نهج البلاغة 4/207.

(144)

ولواء آخر مع ناجية بن الأعجم ثم مرت به خزاعة في خمسمائة يحمل لوائها بشر بن سفيان، ثم مر به مزينة في ألف فيها ثلاثة ألوية مع النعمان بن مقرن وبلال بن الحارث وعبد الله بن عمرو، ثم مرت جهينة في ثمانمائة فيها أربعة ألوية مع معبد أبن خالد وسويد بن صخر ورافع بن مكيث وعبد الله بن بدر، ثم مرت بنو كنانة في مائتين يحمل لوائهم أبو واقد الليثي، ثم مرت أشجع وآخر من مر به قبل أن تأتي كتيبة رسول الله (ص) وهم ثلاثمائة يحمل لوائهم معقل بن سنان، ولواء آخر مع نعيم بن مسعود، فلما طلعت كتيبة رسول الله (ص) طلع سواد شديد وغبرة من سنابك الخيل وجعل الناس يمرون حتى مر رسول الله (ص) في كتيبة الخضراء فكان تلك الكتيبة وجوه المهاجرين والأنصار وفيها الرايات والألوية وكلهم منغمسون في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق، الخ.
أما الوازع فذكر قبل التحام الحرب بمكة(1) في حديث أبي قحافة وكان أعمى وأصعدته ابنة له على أبي قبيس تقوده، فلما أشرفت به قال: يابنية! ماذا ترين؟ قالت: أرى سوادا مجتمعا مقبلا كثيرا، قال: يابنية! تلك الخيل فأنظري ماذا ترين؟ قالت: أرى رجلا يسعى بين ذاك السواد مقبلا مدبرا، قال: ذلك الوازع، فأنظري ماذا ترين، قالت: قد تفرق السواد، قال: قد تفرق الجيش البيت البيت، الخ.
ومنها(2): الحرس للجيش وغيره وقد صدر منه كثيرا واستيفاؤه تطويل، منها ما سمعت في أحد، ومنها في يوم بدر كان أمير حرسه سعد بن معاذ الأشهلي.
واما الجاسوسية فذكرنا لها فصلا مستقلاً في كتابنا «السياسة العلوية» وهذا الجاسوس تسميه العرب العين فكانت لرسول الله (ص) عيون وجواسيس منهم عمه العباس بن عبد المطلب كان عيناً له بمكة على قريش، وبعث سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوق قبل غزوة بدر يتجسسان له أخبار قافلة قريش.
وكان يبعث عمر بن أمية الضمري بتجسس له بمكة وحديثه مع عناق مشهور تاريخياً، وغير هؤلاء مثل حذيفة بن اليمان الذي بعثه يوم الخندق يتجسس له على الأحزاب.
ومن أنظمته «عليه الصلاة والسلام»: توظيف الضباط لأصحاب المهن والصنائع وإن شئت سميها بإدارة الأشغال العسكرية وقد قلد هذه الوظيفة لجماعة منهم أبو رافع مولاه، وكركرة مولاه الآخر.
________________
(1)شرح نهج البلاغة 4/208. (2)شرح نهج البلاغة 4/310.

(145)

قال المطبعي(1) في صاحب الثقل: -بفتح الثاء والقاف متاع المسافر- وكان يتولى ذلك في عهد رسول الله (ص) كركرة مولاه، وكان أيضا أبو رافع مولى النبي على ثقل النبي (ص)، إنتهى وحسبنا هذا.


النصوص في تنظيمات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» الحربية


ما مر في صدر البحث من كلمتنا التمهيدية فهو استنباط منا وأستخراج لتعاليمه «عليه السلام» من نصوص التاريخ، وهنا نورد النصوص التاريخية لتقوي حجتنا فلا تعده تكراراً وفضولاً ولا غلواً وإغراقاً، فإن أمير المؤمنين «عليه السلام» كانت مملكة الإسلام في زمنه واسعة جداً، مترامية الأطراف، بينما كانت في عهد النبوة محصورة في جزيرة العرب فهي في عهد خلافته قد مدت ظلها على أمرينيا والإفغان وافريقية والعراق وسوريا والجزيرة الفراتية وخراسان وغيرها من الأقطار فأستدعت الحروب إلى أنظمة أكثر مما سبق مضافا إلى ذلك أن جهة الحروب في عصره أنحرفت من مدارها وزالت عن محورها، بينما كان الجلاد في عصر النبوة مع الكفار إذا هو في عصره مع المنافقين.
وليست حروب أهل الشرك تشبه حروب أهل الإسلام ولذا وقعت الفتنة الخارجية وظهرت شبه المارقين من عدم قسمته للأموال وسبيه للنساء واستملاك الأسرى الحربيين وما هو موضع أستنكار من لا علم له بأحكام الشرع فهذه الناحية توسعت أنظمتها في عصره توسعاً خطيراً، وتغيرت تغيراً محسوساً، وأنظمته التي أستفادها من كتاب الله وسيرة رسوله ضن إليها تجاربه الطويلة التي أستفادها من حروبه الكثيرة، فمن هذا وذاك أصبح مثال البطولة الأعلى وسرها الأقدس ولذا كانت مناهجه الحربية قانون القيادة العالمية، وإليك أمثله من ذلك الناموس الحربي الذي كان مضمراً في قلب الكون فظهر بعد أختفائه زمناً غير قصير.
فمن مؤسساته الحربية التي أسس للمدنية والحضارة حتى عصورنا الحاضرة وأول مشروع حربي هو ألإخطار والإنذار للأعداء قبل إشهار الحرب عليهم وله «عليه السلام» إخطارات كثيرة في وقائع شتى وعلى هذا تسير دول الحضارة وحكومات المدنية في هذه العصور.
إن الملك المدني الديمقراطي إذا خالفه شعب أو عارضته دولة في مصالحه
_________________
(1)حقيقة الإسلام وأصول الحكم: ص174.

(146)

أو رفضت مقترحاته حكومة أخطرها وأنذرها بالحرب لأنها إذا رفضت مذكرته وردت مقترحاته فقد بدأته بالعداء وتحدته بالحرب فيراه تحرشاً وأحتكاكاً به فيضع منشوراً أو يلقى خطاباً بواسطة سفارته في تلك البلاد يعذر فيه إلى من خالفه ويتهدده ويتوعده فإن قبل وأناب تقرر الأمن وسكن الاضطراب بين الشعبين أو الحكومتين وإلا وجه قواته إلى حدود بلاده وهاجموه وتردد هذا كثيراً في الكتب والصحف الرسمية والمجلات، ولا تزال تسمع أن الدولة الفلانية أشهرت الحرب على الدولة الفلانية.
وقد كان رسول الله (ص) يفعل ذلك وقد أخطر بني قينقاع اليهود قبل أن يشهر عليهم الحرب وكذلك أخطر بني النضير وغيرهم، وأصل ذلك في القرآن المجيد كما عرفت.
أما إنذارات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» فقد كاتب أهل البصرة وحذرهم من الفتنة والشقاق وأرسل إليهم الرسل فأصروا على العناد وابوا إلا النفاق فأشهر عليهم الحرب وقاد إليهم الفيالق فأستباحهم.
أما أهل الشام فكم كاتب معاوية وخوفه عاقبة البغي والعدوان، وأرسل إليهم وجوه العرب وأعلام المسلمين كجرير بن عبد الله البجلي والأصبغ بن نباتة التميمي المجاشعي والطرماح بن عدي الطائي وصعصعة بن صوحان العبدي هذا وهو بالكوفة، ولما حل بصفين وقابل جيشه جيشهم في قاعها أرسل صعصعة بن صوحان وشبث بن ربعي التميمي وعدي بن حاتم الطائي وأبا عمرة بن محصن الأنصاري ويزيد بن قيس الهمداني الأرحبي وزياد بن خصفة الربعي التميمي وغير هؤلاء من الوجوه، وجميع هذه القصص مشهورة في التأريخ.
وأما الخوارج فقد تكررت إخطاراته إليهم وتنوعت أنواعاً منها مباشرة بنفسه ومنها مكاتبة ومنها مراسلة، يرسل مندوبين من قبله كسفراء وقتيين ومن هؤلاء السفراء من قتلوه كالحارث بن مرة العبدي كما قتل أهل البصرة رسوله إليهم مسلماً، ومنهم من أرادوا قتله وسلم من غائلتهم كعبد الله بن العباس وعدي بن حاتم وغيرهما فأبوا كل صلح وأصروا على المنابذة والعدوان، وأزدادوا في إفسادهم وتعديهم على المسلمين فأضطر إلى طحنهم بالنهروان فطحنهم طحن الرحى ولم يقتصر على هذا بل لا بد من الإنذار في ميدان الحرب قبل إيقاع القتال.

(147)

قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين(1): فلما أنسلخ المحرم وأقبل صفر وذلك سنة (37) بعث علي «عليه السلام» نفراً من أصحابه حتى إذا كانوا من عسكر معاوية حيث يسمعونهم الصوت قام مرثد بن الحارث الجشمي فنادى عند غروب الشمس: يا أهل الشام! إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» وأصحاب رسول الله (ص) يقولون لكم: والله ما كففنا عنكم شكاً في أمركم ولا بغياً عليكم وإنما كففنا عنكم لدخول المحرم وقد أنسلخ، وإنا قد نبذنا إليكم على سواء إن الله لا يحب كيد الخائنين، فتحاجز الناس وثاروا إلى أمرائهم.
وقال في حديث آخر: لما أنسلخ المحرم آمر علي «عليه السلام» مرثد بن الحارث الجشمي فنادى عند غروب الشمس: يا أهل الشام! ألا إن أمير المؤمنين «عليه السلام» يقول لكم قد أستبذلتكم واستأنأتكم لتراجعوا الحق وتنيبوا إليه وأحتججت عليكم بكتاب الله ودعوتكم إليه فلم تتناهوا عن طغيان ولم تجيبوا إلى حق وقد نبذت إليكم على سواء فإن الله لا يحب الخائنين، فثار الناس إلى أمرائهم ورؤسائهم.
تعبئة الجيش عند أمير المؤمنين علي «عليه السلام» وترتيبه:
يقسمه على عادة القدماء إلى خمسة أقسام، ففي الاستعداد لحرب أهل الشام في المدينة المنورة قبل فتق البصرة وحركة الناكثين يقول الطبري المؤرخ: دعا علي «عليه السلام» محمد بن الحنفية فدفع إليه اللواء وولي عبد الله بن عباس ميمنته وعمر أبن أبي سلمة أو عمرو بن سفيان بن عبد الأسد ولاه مسيرته ودعا أبا ليلى عمر بن الجراح بن أخي أبي عبيدة فجعله على مقدمته.
وقال(2) في مسيرة «عليه السلام» إلى طلحة والزبير: وخرج علي «عليه السلام» يبادرهم في تعبئته التي تعبى بها إلى الشام وذكر أموراً تقدمت في مبحث اللواء، فراجعه.
تقسيم الجيش إلى سرايا وكتائب:
ذكر الطبري وغيره أنه «عليه السلام» بعث المقدمة إلى صفين تحت قيادة قائدين عظيمين من أصحابه ومجموع جندهما إثني عشر ألف زياد بن النضر الحارثي وهو القائد الأول والأمير العام في ثمانية آلاف إذا انفرد عنه القائد الثاني وإذا اجتمعا فهو قائد الكل، القائد الثاني شريح بن هاني الحارثي في أربعة آلاف
________________
(1) وقعة صفين: ص105 طبع إيران. (2)وقعة صفين: ص106.

(148)

وهو قائد جيشه إذا أنفرد وينوب عن القائد الأول إذا اجتمعا، ثم أرسل «عليه السلام» فيلق الطليعة ثلاثة آلاف فارس تحت قيادة معقل بن قيس التميمي اليربوعي الرياحي وامره أن يأخذ على الموصل حتى يوافيه.
أما تكتيب الكتائب والفصائل وتوظيف القواد والضباط ففي تاريخ الطبري(1) في ترتيب عسكره بصفين ما لفظه: إن علياً «عليه السلام» بعث على خيل أهل الكوفة الأشتر، وعلى خيل أهل البصرة سهل بن حنيف، وعلى رجالة أهل الكوفة عمار بن ياسر، وعلى رجالة أهل البصرة قيس بن سعد وهاشم بن عتبة مع رايته، ومسعر بن فدكي على قراء أهل البصرة، وصار قراء أهل الكوفة إلى عبد الله بن بديل وعمار بن ياسر(2).
وعلى قوله كتائب القراء الثلاثة: كتببتان لأهل الكوفة يقود أحدهما أبو اليقظان ويقود الأخرى ذو السيفين، وكتيبة واحدة لأهل البصرة يقودها أبن فدكي الذي تحول خارجياً فيما بعد.
وعلى قول غيره ولعله الأصح لكثرة القراء: إنها ستة كتائب: ثلاثة من أهل الكوفة اثنان بقيادة من عرفت، والثالثة بقيادة المرقال، وثلاثة كتائب لأهل البصرة يقود أحدها من عرفت، ويقود الثانية عروة بن أدية التميمي أخو مرداس أبن أدية وأدية أمهما وأبوهما مرداس وكلاهما صار من الخوارج فيما بعد، والكتيبة الثالثة من أهل البصرة أختلف في قائدها والأقرب إنه حرقوص بن زهير التميمي وهو ذو الثدية قتله علي «عليه السلام» مع الخوارج بالنهروان.
تعبئة الجيش في ساحة القتال:
فذكر أبو حنيفة الدينوري في الأخبار الطوال ونصر بن مزاحم في كتاب صفين والتفاوت بينهما يسير ولفظ نصر(3): إن علياً «عليه السلام» ومعاوية أمرا الأمراء وكتبا الكتائب.
وأستعمل علي «عليه السلام» على الخيل عمار بن ياسر، وعلى الرجالة عبد الله بن بديل أبن ورقاء الخزاعي، ودفع اللواء إلى هاشم بن عتبة المرقال، وجعل على الميمنة الأشعث بن قيس، وعلى الميسرة عبد الله بن عباس، وجعل على رجالة الميمنة سليمان بن صرد الخزاعي، وعلى رجالة الميسرة الحارث بن مرة العبدي، وجعل القلب مضر الكوفة والبصرة، وجعل الميمنة اليمن، وجعل الميسرة ربيعة.
______________
(1)تاريخ الطبري 5/265.
(2)تاريخ الطبري 6/6. (3)وقعة صفين ص 107.

(149)

وعقد ألوية القبائل فأعطاها قوما بأعيانهم جعلهم رؤسائهم وأمرائهم: جعل على قريش وأسد وكنانة عبد الله بن العباس، وعلى كندة حجر بن عدي، وعلى بكر البصرة حضين بن المنذر، وعلى تميم البصرة الأحنف بن قيس، وعلى خزاعة عمرو بن الحمق، وعلى بكر الكوفة نعيم بن هبيرة، وعلى سعد ورباب البصرة جارية بن قدامة السعدي، وعلى بجيلة رفاعة بن شداد، وعلى ذهل الكوفة عبد الله بن جحل العجلي، وعلى تميم الكوفة عمير بن عطارد، وعلى الأزد واليمن جندب بن زهير، وعلى ذهل البصرة خالد بن المعمر السدوسي، وعلى عمرو حنظلة الكوفة شبث بن ربعي، وعلى همدان سعيد بن قيس، وعلى لهازم البصرة حريث بن جابر الحنفي، وعلى سعد ورباب الكوفة الطفيل أبا صريمة، وعلى مذحج الاشتر مالك بن الحارث، وعلى عبد القيس الكوفة صعصعة بن صوحان، وعلى قيس الكوفة عبد الله بن الطفيل البكائي، وعلى قيس البصرة قبيصة بن شداد الهلالي، وعلى اللفيف من القواصي القاسم بن حنظلة الجهني، الخ.
هذا ما ذكره نصر في هذا المقام ولكم أستقصاء الكتاب يعرفك بعامة قواده وضباط جيشه فإنه في هذه التعبئة أهمل كثيرا وذكرهم في مواضع من كتابه مثل كنانة أمر عليهم ابا واثلة عامر بن الطفيل، وذكره في قصة الأيام، وبني أسد ولى عليهم قبيصة بن جابر الأسدي وذكره في الأيام عند غضب مضر على ربيعة.
وخثعم أمر عليهم أبا كعب الخثعمي، وبجيلة ولى عليهم أبا شداد قيس بن المكشوح الأحسمي، ولعل رفاعة كان الأمير الأول، والأزد أمر عليهم مخنف بن سليم وجندب بن زهير على كتيبة منهم، وعلى طي عدي بن حاتم وله قصة ذكرها حين نازعه الحرمزي، وعلى قضاعة مسروق بن الهيثم النهدي وهؤلاء قواد الأفواج، ومن فواد الأفواج صبرة بن شيمان الحداني على أزد البصرة، وعلى مذحج البصرة شريك بن الأعور الحارثي، وعلى الأنصار سهل ب حنيف، وغيره هؤلاء تركنا ذكرهم.
وهذه الافواج مترتبة على كتائب ولكل كتيبة قائدا مثال ذلك بنو تميم ثلاث كتائب كبرى يعني أفواجا من أهل الكوفة فوج لبني حنظلة وحلفائها، وفوج لبني سعد وحلفائها، وفوج لبني عمرو وحلفائها، ويقابلها مثلها من أهل البصرة لأن المبرد ذكر أن تميم البصرة إذا ركبت مع حلفائها ومواليها ركبت في سبعين ألفا فقس عليها تميم الكوفة وتدخل في تميم ضبة وقبائل الرباب وسنشير إلى بعض القواد منهم.

(150)

واما ربيعة فهي الميسرة وحدها وكتائبها الكبرى وأفواجها والفوج هنا غير ما أصطلح عليه الدول أخيرا فإنه يكون ألوفا وهذه الكتائب الكبيرة هي أربعة:
عبد القيس واللهازم وهما عجل وحنيفة وبكر وتغلب، ويدخل معهم عنزة والنمر أبن قاسط فتبلغ ثمان، فقد كان من عنزة وحدها مع علي «عليه السلام» في صفين أربعة آلاف مجفف، وتوصف عبد القيس إذا جاءت بأنها غمامة سوداء، وعلى هذا لتفهم أن ما ذكره في التعبئة ناقص فإنه لم يذكر من قواد تغلب أحدا مثل كردوس أبن هاني وأمثاله ولا ريب أن هؤلاء القواد دونهم عرفنا بهم التاريخ فإن مذحج من أضخم القبائل، قالوا: إنها ركبت مع حلفائها ومواليا ركبت في ثلاثين ألف.
وهذه الأفواج تقسم إلى كتائب، والكتائب إلى سرايا، والسرايا إلى فصائل، ولكل كتيبة قائد، ولكل سرية أمير، ولكل فصيل ضابط، وخذ ما أستخرجناه من التاريخ ملخصا في مذحج: قائد قواتهم هو الأشتر، وفي النخع قواد وضباط منهم كميل بن زياد والحرث بن صبهان والحر بن الصياح وعلقمة بن قيس، ومن قواد جعفي بن سعد العشيرة من مذحج رحر بن قيس والحارث بن جمهان وعبد العزيز، وفي مراد من مذحج قواد منهم هاني بن عروة وأبوه وعروة وغيرهما.
وفي بني الحارث بن كعب من مذحج منهم زياد بن النضر وشريح بن هاني وشريك بن الأعور وغير هؤلاء ممن لو عددناهم لأسهبنا كثيرا وفاتنا الغرض.
أما همدان فقائد قواتهم سعيد بن قيس السبيعي، وفي البطون قواد ورؤساء مثل يزيد بن قيس ومالك بن كعب وعمر بن سلمة في أرحب، وفي بني وداعة أبو حميضة الوادعي، وفي خيوان عبد خير الخيواني وسعيد بن نمران، وفي شبام أبو القلوص الشبامي، وأستشهد منهم في يوم واحد إحدى عشر رئيسا.
وفي كل بطن من بطون شاكر والثوريين والشعبانيين والأوزاع وغيرهم أمراء ضبط أسمائهم التاريخ وندعهم خوف الإطالة ونورد أسماء أكثر مشاهير القواد لا كلهم مقتصرين عليه:
الدرجة الأولى من القواد:
أبو اليقظان عمار بن ياسر العنسي من مذحج حليف لبني مخزوم صحابي من السابقين، ومن المهاجرين الأولين المرقال هشام بن عتبة بي أبي وقاص الزهري أبن أخي سعد بن أبي وقاص صحابي قرشي، أبو إبراهيم مالك الأشتر النخعي من عظماء المتابعين، أبو النضر زياد بن النضر الحارثي المذحجي من أعيان التابعين،

(151)

أبو القاسم محمد بن علي بن الحنفية الهاشمي العلوي من عظماء التابعين، أبو العباس عبد الله بن العباس الهاشمي حبر الأمة صحابي عظيم هو قائد المجنبة اليسرى، الأشعث بن قيس عرف النار الكندي صحابي منافق يحذوا في إمامة علي «عليه السلام» حذو ابن أبي في نبوة النبي (ص) وهو قائد المجنبة اليمنى، حجر الخير بن عدي الكندي المعروف بابن الأدبر صحابي عظيم، أبو طريف عدي بن حاتم الطائي صحابي عظيم سيد الطلس.
قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي الساعدي سياف النبي (ص) من عظماء الصحابة ذو السيفين، عبد الله بن بديل الخزاعي صحابي عظيم، سليمان بن صرد الخزاعي صحابي عظيم رأس التوابين، مخنف بن سليم الأزدي أبو عبد الرحمن صحابي محترم، عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي الدارمي تابعي من الأشراف، معقل بن قيس التميمي أحد بني رياح بن يربوع من أبطال التابعين مؤذن سجاح المتنبية، شبث بن ربعي التميمي السعدي أحد بني منقر الحليم المشهور من أعيان التابعين.
جارية بن قدامة التميمي السعدي المنقري صحابي جليل القدر، سعيد بن قيس الهمداني السبيعي سيد كهلان وعظيم همدان تابعي محترم، عبد الله بن الطفيل العامري البكائي صحابي أو تابعي على القولين من أبطال المسلمين، أبو الطفيل عامر من واثلة الكناني صحابي مقدر، قبيصة بن جابر الأسدي صحابي محترم، حسان بن محدوج الربعي الذهلي صحابي فاضل، خالد بن المعمر البكري الربعي تابعي بطل، صعصعة بن صوحان العبدي الربعي تابعي جليل ويقال صحابي، شقيق بن ثور البكري السدوسي تابعي معظم، كردوس بن هاني التغلبي تابعي مقدر، جندب بن زهير الأزدي تابعي وقيل صحابي، نبيل أبو عمرة بشير بن محصن الخزرجي صحابي من أعيان، ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت الخطمي الأوسي من أعلام الصحابة، ذو السيفين مالك بن التيهان أبو الهيثم حليف بني عبد الأشهل من نقباء رسول الله (ص) من أعلام الصحابة، سهل بن حنيف الأنصاري من السابقين من أعلام الصحابة، أبو أيوب خالد بن يزيد النجاري الخزرجي صاحب منزل النبي (ص) من أعلام الصحابة، الحارب بن مرة العبدي الربعي تابعي من أعيانهم وغير هؤلاء من القواد في الدرجة الأولى.

(152)

الدرجة الثانية من القواد:
أيضا كثيرون: عمر بن الحمق الخزاعي من أعيان الصحابة، أبو جعفر عبد الله الجواد بن جعفر الطيار أبن أخي علي «عليه السلام» صحابي مقدر، أعين بن ضبيعة المجاشعي التميمي تابعي شهير ويقال صحابي، عبد الله بن الكواء اليشكري بن ربيعة تابعي فصيح تحول خارجيا آخر الأمر، حريث بن جابر الحنفي الربعي تابعي أحد مشاهير الأجواد، كميل بن زياد النخعي تابعي عظيم من أعيان العلماء حضين بن المنذر الرقاشي البكري تابعي بطل، يزيد بن قيس الأرحبي الهمداني تابعي محترم.
شريح بن هاني المذحجي تابعي مقدر ويقال صحابي وهذا غير شريح القاضي من كندة وهذا من مذحج، الحارث بن جمهان الجعفي من مذحج تابعي شهير، المرتفع بن الوضاح الزبيدي زبيد مذحج تابعي شجاع، عياش بن شريك العبسي وفائد بن بكر العبسي كلاهما من عبس من غظفان تابعيان من شجعان الكوفة يقال لهما صحبة، زحر بن قيس الجعفي تابعي من عظماء المنافقين شهد مقتل الحسين «عليه السلام» أخيراً، هاني بن عروة الغطيفي المرادي تابعي والأصح صحابي عظيم من الوجوه، سعيد بن نمران الهمداني تابعي مقدر، عبد خير الخيواني الهمداني صحابي مبجل، مالك بن كعب الأرحبي تابعي من الأبطال، أبو كعب الخثعمي تابعي مشهور.
قيس بن المكشوح الأحمسي من بجيلة حليف، مراد أبو شداد صحابي من الأعلام وهو قاتل الأسود العنسي الكذاب مدعي النبوة في عصر النبي (ص)، حازم بن أبي حازم أخو قيس بن أبي حازم البجلي الفقيه تابعي شهير، علقمة بن قيس النخعي الفقيه تابعي من أعيان الزهاد، عتبة بن جويرية التيمي تيم الرباب تابعي بطل، مالك بن حري النهشلي التميمي تابعي وهو غير حارثة بن بدر الغداني صاحب زياد بن سمية المشهور بشرب الخمر وقد حقق ذلك بعض العلماء وذكرناه في بعض كتبنا، زيد بن أربقم الخزرجي من أعيان الصحابة، أبو قتادة بن ربعي الخزرجي من أعلام الصحابة، ثابت بن قيس بن الخطيم الأوسي من أعلان الصحابة وغير هؤلاء تركنا ذكرهم لأن الكتاب لا يحتمل ذكرهم.
الدرجة الثالثة من القواد:
أبو العمرطة قيس بن يزيد الكندي من شجعان التابعين، قيس بن فهدان الكندي ثم الطمحي تابعي شجاع، الحارث بن صهبان النخعي تابعي، مالك بن

(153)

يسار الحضرمي تابعي، عبد العزيزة بن الحارث الجعفي تابعي من فرسان مذحج، شمر بن ذي الجوشن الضبابي المارق من عظماء الجبارين شهد مقتل الحسين «عليه السلام» أخيراً، عبد الله بن خليفة الطائي البولاني تابعي شاعر طي ولسانهم، زيد بن الحصين الطائي من زهاد الخوارج قتل بالنهروان مع المارقة، مرثد بن الحارث الجشمي من هوازن تابعي شجاع.
عبد الله بن قلع الأحمسي من بجيلة تابعي شجاع، مسروق بن الهيثم بن سلمة النهدي من قضاعة تابعي بطل، أبو مسبح بن عمرو الجهني من قضاعة تابعي شجاع، سلمة بن عدي بن جرثومة النهدي من قضاعة تابعي شجاع، يزيد بن المغفل الأزدي صحابي شجاع، جندب بن عبد الله الأزدي تابعي وقيل صحابي وهو قاتل الساحر مالك بن اللجلاج وهو أبن العقدية تابعي بطل، غنثر بن خالد المحاربي تحول خارجيا فيما بعد وخرج مع فروة الجشعي، فروة بن نوفل الاشجعي صاحبي تحول خارجي وهو رأس الخوارج الذين قتلهم أمير المؤمنين علي «عليه السلام» بالنخيلة بعد وقعة النهروان ولنترك الباقين فقد أسهبنا كثيرا.
أما وقعة النهروان فقد تبدلت فيها أنظمة هذه القيادة لأن هؤلاء القواد أستشهد بعضهم بصفين ومات بعضهم بعدها وتحول بعضهم خارجيا وجماعة شكوا فتحيزوا فلم يكونو معه ولم يكونوا مع الخوارج فأقتضى ذلك تبديلا في الأنظمة فكان على ما ذكر الطبري على ميمنة علي «عليه السلام» في النهروان حجر بن عدي، وعلى ميسرة شبث بن ربعي أو معقل بن قيس وهو الصحيح لأن شبث من الخوارج وإن لم يشهد معهم النهروان فكان فيمن أعتزل من الشكاك، وعلى الخيل أبو أيوب الأنصاري، وعلى الرجالة أبو قتادة الأنصاري، وعلى أهل المدينة وهم سبعمائة أو ثمانمائة قيس بن سعد بن عبادة، هذا نص الطبري ويخالفه غيره من المؤرخين وليس في ذلك كبير فائدة.
وهذا الترتيب الذي رتبه «عليه السلام» في جعل الأمراء طبقات وتقسيم الجيش إلى أفواج وكتائب وسرايا وفصائل هو المنهج الدولي اليوم.
ومن أنظمته «عليه السلام» ديوان الجند أو تسجيل النفوس المجندة واللائقة للجندية، وهذه المسألة قد قيل إن عمر بن الخطاب قد سبق إليها وهذا كما يقال لكن سبق عمر إليها كان عن مشورة الصحابة ومقدم أهل المشورة هو علي بن أبي طالب «عليه السلام» فهو المؤسس حقيقة وإن كانت الدولة لغيره والمشرع القانوني لا يخرج عن كونه مشرعا إذا وضع مواده في سلطان غيره؛ فأمير المؤمنين علي

(154)

«عليه السلام» واضع هذا النظام في دولة غيره والعامل به في دولته.
تعاليم علي «عليه السلام» في الحرب
قال الطبري في التاريخ(1): كتب علي «عليه السلام» إلى عبد الله بن عباس مع عتبة بن الأخنس بن قيس بن سعد بن بكر: أما بعد؛ فإنا خرجنا إلى معسكرنا بالنخيلة وقد أجمعنا على المسير إلى عدونا من أهل المغرب فأشخص الناس حين يأتيك رسولي وأقم حتى يأتيك أمري، والسلام.
فلما أتاه قرأه على الناس وأمرهم بالشخوص مع الأحنف بن قيس فشخص معه ألف وخمسمائة فأستقلهم عبد الله بن عباس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: يا أهل البصرة فإنه قد جائني أمر أمير المؤمنين «عليه السلام» يأمرني بإشخاصكم وأنتم ستون ألف سوى أبنائكم وعبدانكم ومواليكم، ألا أنفروا مع جارية بن قدامة السعدي ولا يجعل رجل منكم على نفسه سبيلا فإني موقع بكل وجدته متخلفا عن مكتبه عاصيا لإمامه، وقد أمرت بالأسود الدؤلي بحشركم، الخ.
ثم قال(2): فجمع إليه - يعني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»- رؤوس الأسباع ورؤوس القبائل ووجوه الناس، فحمد الله واثنى عليه ثم قال: يا أهل الكوفة! أنتم إخواني وأنصراي وأعواني على الحق، وصحباتي على جهاد عدوي –إلى أن قال-: وإني أسألكم أن يكتب رئيس كل قوم ما في عشيرته من المقاتلة وأبناء المقاتلة الذين أدركوا القتال وعبدان عشيرته ومواليه ثم يرفع ذلك إلينا.
فقام سعيد بن فيس الهمداني فقال: ياأمير المؤمنين! سمعا وطاعة وودا ونصيحة، أنا أول جاء بما سألت وطلبت، وقام معقل بن قيس الرياحي فقال مثل ذلك، وقام عدي بن حاتم وزياد بن خصفة وحجر بن عدي وأشرف الناس والقبائل فقالو مثل ذلك، ثم إن الرؤوس كتبوا من فيهم ثم رفعوهم إليه وأمروا أبنائهم وعبيدهم ومواليهم أن يخرجوا معه وأن لا يتخلف منهم عنهم أحد فرفعوا إليه أربعين ألف مقاتل وسبعة عشر ألفا من الابناء ممن أدرك وثمانية آلاف من مواليهم وعبيدهم قالوا: يا أمير المؤمنين! أما ما عندنا من المقاتلة وأبناء المقاتلة فمن قد بلغ الحلم وأطاق القتال فقد رفعنا إليك منهم ذوي القوة والجلد وأمرناهم
_________________
(1) تاريخ الطبري 6/44. (2) تاريخ الطبري 6/45.

(155)

بالشخوص، ومنهم ضعفاء وهم في ضياعنا وأشياء مما وأشياء مما يصلحنا وكانت العرب سبعة وخمسين ألفا من أهل الكوفة ومن مواليهم ومماليكهم ثمانية آلاف، وكان جمع أهل الكوفة خمسة وستين ألفا وثلاثة آلاف ومائتي رجل من أهل البصرة، فكان جميع ما معه ثمانية وستين ألفا ومائتي رجل، الخ.
هذا الذي ذكره لما أراد الرجوع إلى صفين بعد قتال الخوارج بالنهروان وذكرنا في كتابنا «السياسة العلوية» زيادات في هذا المقام تركناها هنا للاختصار.
وهذا منهج تسري عليه دول اليوم وإن كانت توسعت في المقام بتوظيف موظفين مختصين بهذا في دائرة تعرف بدائرة التجنيد، ومرجع هذه الدائرة دائرة النفوس التي تضبط أنفس الرعايا في سجلات كما كان يفعله علي «عليه السلام» والخلفاء قبله وإن اختلفت المقاصد وتباينت المناحي حيث يكون قصد علي «عليه السلام» والخلفاء في ضبط النفوس في السجلات هو توزيع الوارد عليهم على حسب منهج الخليفة من المفاضلة في العطاء أو المساوات العادلة ومقاصد الدول في ضبطها لدى دائرة النفوس لأجل معرفة اللائق لخدمة العلم فإن دائرة النفوس تقدم سجلاتها إلى ضباط التجنيد لأجل القرعة وشمل من أنتخب لخدمة العلم بعد الفحص عن أعذاره وصحته وأغراض أخر، ومن هنا أختلاف المقصدان.
وإذا كان التسجيل في عصر الخلافة لأجل توزيع دخل الخلافة على المسلمين فوجب أن يطلب من رئيس العشيرة تقديم القابل للحرب إلى الخليفة حتى ينهض بهم إلى الجهة التي يقصد محاربتها، وقد علمت أن الرؤساء هم المتعهدون بفحص قابلية الجندي وفحص أعذاره فأغنى ذلك عن دائرة فحص كبيرة مؤلفة من أطباء ولجنة يرأسها الحاكم الإداري ورواتب هؤلاء توفر على خزينة الدولة إذا قام الرؤساء بهذه الوظيفة ثم بها تنقطع جراثيم الفساد من نحو التعرض والتحامل والأرتشاء مما يضر بالشعب والحكومة معاً.
الاستنفار والانذار:
أشرنا فيما سبق إلى إنذار الأعداء قبل غزوهم وهذا إنذار الشعب بالحرب ليأخذ أهبة الحرب ويستعد وذكرنا أن النبي (ص) كان يستنفر رعيته للحرب وأشار إليها القرآن المجيد في آيات كثيرة.
أما أمير المؤمنين «عليه السلام» فكان إذا أراد حرباً أنذر الشعب الذي تحت رعايته وأخبر الأمة التي يسوسها بعزمه، وهذه قاعدة أصبحت منهاجاً للحكومات المتمدنة كما علمنا من إنذار ملك اليابان لشعبه لما عزم على حرب روسيا وكذا

(156)

غيره من الملوك المدنيين في هذا العصور، وهذا المادة الحربية وضعها أمير المؤمنين علي «عليه السلام» لفوائد مهمة:
منها: أن يأخذ الشعب أهمية للحرب ويستعد لتنظيم أموره النفسية والعائلية.
ومنها: أن يحتاط لنفسه فيأخذ الحذر من تلك الجهة التي يريد ملكه غزوها فيقطع معها علاقاته التجارية والودية ويسحب أمواله التي تكون في مستودعاتها.
ومنها: أن يستعد لذخائر الحرب استعداداً كافيا بحيث لا يحتاج إلى إمداد السلطان.
ومنها: أن يراقب الجهة التي يراد غزوها فلا يقترب من حدودها خوفاً أن يقع في أسرها انتشالاً واغتيالاً.
ومنها: أن يتعرف تجارها ومن دخلها مستخفياً ليرفع أمره إلى السلطان مخافة أن يكون جاسوساً أو أتى بقصد سياسي يبذر فيه بذرة الاختلاف في هذه المملكة ألتي أعلنت الحرب.
ومنها: أن يترصد الشعب لمسعادات التي تقدمها أرباب الأطماع وبغاة الأفساد لتلك المملكة المغزوة لتقوي بها على سلطان هذه المملكة التي أعلنت الحرب.
ومنها: أن يستيقظ الشعب لمصالحه ويتفطن لمهماته ومخلفاته التي لا بد من مباشرتها إما بنفسه أو بوكيله ووصيه فيما لا يفعل إلا بعد موته لأنه قد لا يرجع من سفره هذا بأن يقتل أو يموت أو يؤسر، وفوائد كثيرة من هذا النوع أقتضت في حكمة أمير المؤمنين «عليه السلام» وعلمه تقديم إنذار للشعب وإخطار لرعيته لئلا يفاجئهم الأمر على غير تروي فيخل بمصالحهم الشخصية والمعنوية.
قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين(1): كتب علي «عليه السلام» إلى عماله حينئذ ستنفرهم فكتب إلى مخنف بن سليم: سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإن جهاد من صدف عن الحق رغبة عنه وهب في نعاس العمى والضلال اختياراً له فريضة على العارفين، إن الله يرضى عمن أرضاه ويسخط على من عصاه، وإنا قد هممنا على المسير إلى هؤلاء القوم الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله واستأثروا بالفيء وعطلوا الحدود وأماتوا الحق وأظهروا في الأرض الفساد وأتخذوا الفاسقين وليجة من دون المؤمنين فإذا ولي الله
___________________
(1) وقعة صفين: ص56.

(157)

أعظم أحداثهم أبغضوا واقصوه وحرموه، وإذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبوا وأذنوه وبروه فقد أصروا على الظلم وأجمعوا على الخلاف وقديما ما صدروا عن الحق وتعانوا على الإثم وكانوا ظالمين.
فإذا أتيت بكتابي هذا فأستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك واقبل إلينا تلقى معنا هذا العدو والمحل بالمعروف وتنهى عن المنكر وتجامع الحق وتباين المبطل فإنه لا غنى بنا وبك عن الجهاد وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنتهى.
إنذارات أمير المؤمنين «عليه السلام» لشعبه بالحرب

وكتب إلى آخرين من عماله الأطراف ينذرهم بحرب أهل الشام وإن شئت الزيادة فراجع نهج البلاغة تجده حافلاً بهذا وكذلك نصر وغيره.
نسخة إنذار أهل الكوفة بحرب أهل البصرة:
ذكر الطبري في التاريخ(1) قال: لما قدم علي «عليه السلام» الربذة سرح منها إلى الكوفة محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر وكتب إليهم: إني قد أخترتكم على الأمصار وفزعت إليكم لما حدث فكونوا لدين الله أعوانا وأنصارا وأيدونا وانهضوا إلينا فلإصلاح ما نريد لتعود الأمة إخوانا، ومن أحب ذلك وآثره فقد أحب الحق وآثره، ومن ابغض ذلك فقد أبغض الحق وغمضه الخ.
نسخة إنذار أهل البصرة بحرب أهل الشام:
عن نصر بن مزاحم(2): كتب علي «عليه السلام» إلى أبن عباس وإلى أهل البصرة: أما بعد؛ فأشخص إلي من قبلك من المؤمنين والمسلمين وذكرهم بلائي عندهم وغفوي عنهم وأستبقائي لهم ورغبتهم في الجهاد وأعلمهم الذي لهم في ذلك من الفضل، إنتهى.
هذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» بطل العالم الأعظم وقائد الأجيال جميعا لا جيله خاصة بأنظمته وتعاليمه فإن مثلها العليا تجتاز العصور عصراً عصراً وتمر عابرة بالأجيال جيلا بعد جيل حتى تناولها أيدي المدنية وتقبض علها بأصابع من حديد، إن هذه المبتكرة النادرة في فن الحرب والفذلكة البديعة في تحريات القيادة تسير مع الأزمنة والعصور مسيرة الأرواح المنعشة وتمر الأجيال مرور النسائم الارجة فتنشقها آناف الملوك المتمدنين
__________________
(1) تاريخ الطبري 5/185. (2) وقعة صفين: ص85 طبعة بيروت.

(158)

وهذا ملك اليابان يصدح بإنذاره لشعبه هاتفاً بهم للدفاع عن وطنيتهم وقوميتهم وحرية بلادهم لما أضطره الجور الروسي إلى إشهار الحرب أصدر منشوراً رسميا(1).
أنظمة أمير المؤمنين «عليه السلام» في الحرب
أمر أمير المؤمنين علي «عليه السلام» جيشه بترتيب بديع: كبث الطلائع التي هي جزء من الجيش واستعمال المراقبة والأستطلاع بتوظيف مراقبين وحياطة الجيش وحراسته وكيفية السير والنزول وكيفية المقاتلة مع العدو وهذه وإن كان بعضها داخل في التدريب وبعضها في التنظيم والترتيب لكن ندرجه في الترتيب لأرتباطه به ولا نعيده هناك.
فائدة بث الطلائع لأمور شتى:
أولا: تكون الطليعة أو الكتيبة الكشف والأستطلاع مكتشفة بالدقة لما يقوم به العدو من حركات عسكرية ومستطلعة لمراكزه ومواضعه واستحكاماته ومختبرة لما يسهل منه الهجوم عليه فهي في هذا دليل الجيش على ما يحصل له به التفوق والظفر ومرشده للذي يحصل له فيه الفوز عند الاصطدام.
ثانيا: ولا بد فيها من فصيل لأجل أخذ خريطة الأرض التي بين الجيشين وهي سابقا وإن لم تضم مهندسين فنيين تخرجوا من الكليات العالمية لكنهم مهرة خبراء تجربيون فهم في خبرة تامة بسطح الأرض وعلماء بطقسها وجوها وعرفاء بتضاريس سطحها وانبساط أديمها ويقفون على ما فيها من مكاكن للعدو أو ملاجئ لجيشهم عند الحاجة ويتحرون النقاط التي يمكن الهجوم فيها على العدو بسهولة، ويختبرون مجاري الأنهار وسدود المياه خوفا من أن يثقبها العدو على الجيش فيهلك فيقدمون هذه الأوصاف شفهيا للقائد العام فتقوم مقام الخريطة ليكون القائد على ثقة ويقين.
ثالثا: ولا بد فيها من فصيل أستخبار أي أناس يتطلعون أخبار الجيش المقابل لينهوها إلى القائد حيث لم تكن ذلك الوقت أسلاك للمخابرة يعرف بواسطتها منازل العدو ومواضعه وحركاته وما يفعل من أشياء يضر إغفالها بالقوة ثم إن هؤلاء يخبرون القائد بحركته إذا تحرك وبمواضع خطوطه إذا أستحكم وبمقدار قوته كل ذلك مشافهة.
__________
(1) أنظره في: منجم العمران 2/217.

(159)