تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السادس

اسم الکتاب : تاريخ المراقد الحسين وأهل بيته وأنصاره الجزء السادس

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

مستدرك مرقد أولاد مسلم


لقد سبق وتحدثنا عن مرقدي محمد الأصغر وإبراهيم ابني مسلم بن عقيل في مدينة المسيب في العراق(1) ولكن وصلتنا بعض المعلومات التي يجب استدراكها وهي حسب الاسلوب التسلسلي جاءت كالتالي:
* في 19/11/1375هـ قامت ادارة المرقد بانشاء غرفة خاصة لمولد الكهرباء لتزويد المرقد بالطاقة الكهربائية.
* في سنة 1377هـ قامت الحكومة العراقية ببناء الجانب الغربي للصحن ليكون في طابقين وقد خصصت مبلغ 2500 دينار عراقي.
* في سنة 1390هـ تم بناء باب القبلة والكساء، البناء بالقاشاني الاصفهاني.
* في سنة 1394هـ جدد بناء المرقد وتم تعمير الطارمة الأمامية والسرداب وتبليط ارضية الصحن.
* في سنة 1396هـ تم إكمال الاقفاص الجديدة المصنوعة في العراق، بينما تبرع تجار إيرانيون بالصندوق المطعم بالعاج والنقوش الإسلامية.
* منذ عام 1408هـ وحتى عام 1428هـ تمت الاصطلاحات التالية:
1- توسيع مساحة الروضة من 70م2 إلى 400م2.
2- تم توسيع مساحة الصحن من 1400م2 إلى 4400م2.
3- تم بناء الطارمة الغربية بشكل كامل مع ما يلزم من الريازة الاسلامية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 1/172 – 183.
(31)
4- أضيف إلى الصحن السابق صحن خلفي وآخر إلى جهة الغرب وكذلك إلى جهة الشرق بالاضافة إلى توسيع الصحن القديم.
5- بناء مرافق صحية وميضاة بمساحة 450م2.
6- إكساء واجهة المرقد بالريازة الاسلامية بالطابوق المالطي(1) والقاشاني الكربلائي، والآيات القرآنية.
7- بناء مضيف للمرقد بالإضافة إلى قاعات لخدمات الزائرين بعد هدم المحلات القديمة.
8- بناء سبيل ماء للمرقد بالاضافة إلى خزانات للمياه وغرف للزائرين.
9- توسيع المرقد بشكل عام وترميم القديم منه واستخدام المرايا في داخلها.
10- بناء قاعة للمناسبات بمساحة 200م2.
* ومن التفاصيل التي وردتنا عن بعض المقاسات حول الضريح هي كالتالي:
1- يرتفع المرمر عن سطح الأرض 20سم.
2- ترتفع الأضرحة بمقدار 220سم.
3- جاء عرض الضريح 202سم.
4- جاء مقياس طول الضريح 296سم.
5-قياس عرض الكتيبة التي في أعلى الضريح هو 20سم.
6- طول الكتيبة يقدر بـ 308سم.
7- عرض الكتيبة قدر بـ 220سم.
8- ارتفاع الكتيبة يقدر بـ 15,05سم.
9- عرض الباب يقدر بـ 84سم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الطابوق المالطي: نسبة إلى مالطا الجزيرة اليونانية المشهورة وهو طابوق أصفر اللون، صافي الملمس، صلب مقاوم، متحد الحجم.
(32)
10- طول الباب يقدر بـ155سم.
هذا ويقع باب ضريح محمد بن مسلم بن عقيل إلى جهة القبلة، وأما باب ضريح إبراهيم بن مسلم بن عقيل فيقع إلى الجهة الغربية.
ويوجد على الضريح عدد من المزهريات المذهبة على أركان الضريح وقد تبرع بالمشبكين للضريحين الجديدين جمع من تجار طهران وذلك باشراف السيد محمد باقر الشيرازي(1).
وقد سبق وأوردنا ما حصلنا عليه من أسماء سدنة هذا المرقد ونعيد ونصحح ونضيف ليكون على الشكل التالي:
1- علي بن الحسين الهلال .. – 1352هـ
2- علي بن الحسين البكري 1352 – 1380هـ(2).
3- عبد الرسول بن علي البكري 1380 – 1428هـ.
4- طلال بن عبد الرسول البكري المتوفى سنة 1428هـ(3).
ولا زالت السدانة بيده إلى يومنا هذا(4).
* في 26/9/1429هـ وضع شباك جديد للمرقد واحتفل بذلك، وشارك الشعراء والخطباء في إنشاد القصائد والكلمات ونسأتي على بيانه في الجزء السابع إن شاء الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد باقر الشيرازي: هو ابن عبد الله الموسوي ولد سنة 1350هـ في شيراز وصحب والده إلى النجف، وفي سنة 1399هـ غادر النجف ليسكن مع والده في مشهد في إيران ولا زال فيها، له: شرح رسائل الأنصاري، وشرح قضاء الشيخ ضياء الدين العراقي، ورسالته العملية.
(2) تولى علي البكري السدانة من قبل السيد محسن الحكيم والذي كان آنذاك من أبرز المراجع في العراق.
(3) تولى طلال البكري السدانة بعدما تخلى أبيه عنها في 15/5/1428هـ (1/6/2007م) وهو من مواليد سنة 1386هـ، وآل البكري: هم من الهاشميين الذين ينتمون إلى الإمام الباقر «عليه السلام»، وقد تخرج من الجامعة الحرة في بابل سنة 1428هـ (2007م).
(4) أخذت جميع المعلومات التي وردت هنا من سادن الروضة السيد عبد الرسول البكري.
(33)
مرقد أم كلثوم بنت الحسين «عليه السلام»
أم كلثوم بنت الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمية سبق وتحدثنا عنها، وادعاء أن أمها شاه زنان بنت يزدجرد الثالث الساسانية وقيل إن أم كلثوم كنية فاطمة الصغرى بنت الحسين «عليه السلام» والتي أمها أم اسحاق بنت طلحة التيمية وزوجها الحسن المثنى ابن الحسن الزكي «عليه السلام»، وقد فندنا الاحتمالين ولم نتمكن من تشخيصها هي واختها زينب بنت الحسين «عليه السلام»، ولكن الأقرب إلى الواقع أنها احدى بنات الحسين «عليه السلام» وربما كانت مكناة بأم كلثوم والأخرى ملقبة بزينب، وإلى هذا اشار بعضهم قائلاً: وفاطمة الكبرى بنت الحسين «عليه السلام» - الملقبة بزينب الصغرى(1) كما اشار آخر بأن أم كلثوم كنية فاطمة الصغرى بنت الحسين «عليه السلام»(2) وربما أن الكبرى والصغرى جاءت من تلقيب احداهما بزينب الكبرى وتكنى بالطبع بأم كلثوم، والأخرى تلقب بزينب الصغرى وتكنى بأم كلثوم، كما حصل ذلك في بنتي فاطمة الزهراء «عليها السلام» فقد سميت الأولى بزينب وكنيت بأم كلثوم، والثاني أيضاً تسمى بزينب وتكنى بأم كلثوم، وللتمييز عرفت الأولى بزينب والثانية بأم كلثوم، وبما أن الزينبات من بنات علي «عليه السلام» تجاوزن الاثنتين فلذلك ميزت الأولى من بنات فاطمة بزينب الكبرى والثانية ميزت بأم كلثوم الكبرى في قبال اللتين من غير فاطمة «عليها السلام» فعرفتا بزينب الصغرى وأم كلثوم الصغرى.
والحاصل أن بنات الحسين «عليه السلام» ما عرف منهن هن الفواطم الثلاث وسكينة ورقية لو اردنا تطبيق الذي طرحناه لكان من المفروض أن نستثنين سكينة لأنها اشتهرت باسمها دون منازع، وكذلك فاطمة ابنة أم اسحاق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معالي السبطين: 2/214.
(2) الطراز المذهب: 2/562.
(34)
وزوجة الحسن المثنى وهنا لا بد من التماس الفاطمتين ورقية فهناك من احتمل أن زينب هي رقية لتطابق المعلومات من حيث العمر وطريقة الموت ومكان الدفن، أو للقول بأن إحدى الفاطمتين عرفت بأم كلثوم والأخرى بزينب ومع هذا لا يمكن البت بذلك(1).
وما ورد بأن في الموصل مرقد لأم كلثوم بنت الحسين «عليه السلام» قرب سوق الصاغة والناس يزورونها وبنات الحسين ويتبركون بهن(2) فقد ذكرنا في ترجمة أم كلثوم بنت الحسين «عليه السلام» فيما سبق(3): إن المتبادر إلى الذهن من كون مرقدها – أم كلثوم- هناك- في الموصل- أنها توفيت من شدة الهول وهي في طريق الأسر وذلك عندما مر ركب الإمام زين العابدين «عليه السلام» بعد مقتل أبيه عام 61هـ وهم في طريقهم إلى دمشق فدفنوها هناك، حالها حال محسن في حلب، وخول ةفي بعلبك، ورقية في دمشق لتكون هذه الرابعة من حيث العدد، والأولى من حيث الشهادة، وربما يشهد لهذا المرقد بالصحة وجود مقام للإمام زين العابدين «عليه السلام» بالقرب من الموصل(4)، ما يدلنا على مرور ركب الأسر من قرب الموصل، وقد تحدثنا عن هذا في السيرة(5) وقد سبق أيضاً واشرنا إلى مسير الإمام الحسين «عليه السلام» في هذا الباب(6).
ويذكر من تحدث عن هذا المرقد: إن المرقد قرب القلعة(7)، وقد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع معجم أنصار الحسين (النساء): 1/319، معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/2.
(2) منية الأدباء في تاريخ موصل الحدباء: 32.
(3) معجم أنصار الحسين (النساء): 1/172.
(4) لقد زرت هذا المقام في دافوق على تفصيل سنورده في محله، كما هناك مقام آخر في شمال سوريا أيضاً له «عليه السلام».
(5) معجم أنصار الحسين (النساء): 1/172.
(6) راجع تاريخ المراقد: 5/93 حيث إن الركب توقف في العقر ليلة الأربعاء 22/1/61هـ
(7) القلعة: ويقال لها مرج القلعة تقع دون حلوان العراق تبعد عنها منزلاً واحداً، تابعة للموصل، تقع جنوب الموصل، والقلعة بين حران والموصل، راجع معجم البلدان: 2/290 و4/389، و5/101.
(35)
رآها رجل في المنام وأمرته بإخراج قبرها، وأرته المكان فحفر وأظهر القبر الشريف(1).
وقد اتصلنا بمن له اهتمام بهذا الموضوع من أبناء تلك المنطقة فذكر في الجواب «كان لأم كلثوم بنت الإمام الحسين «عليه السلام» مشهد قديم في بعض أحياء الموصل، ولعلها حي الميدان إلا أن المشهد مندثر ولا وجود له في الوقت الحاضر، وقد قيل بانها أم الإمام يحيى بن القاسم المشهور في مدينة الموصل، إلا أن الموضوع ذكر في كتاب آخر بشكل مختلف واعتبر المؤلف بأن المقصود هو مشهد بنات الحسن، والأمر ليس كما ذكر لأن مشهد بنات الحسن «عليه السلام» غير ذلك، لكن المعلوم أن مشاهد ذرية أهل البيت «عليه السلام» غير ذلك، لكن المعلوم أن مشاهد ذرية أهل البيت «عليهم السلام» غير ذلك، لكن المعلوم أن مشاهد ذرية أهل البيت «عليهم السلام» من بناء بدر الدين لؤلؤ(2) المتشيع»(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) منية الأدباء في تاريخ موصل الحدباء: 32.
(2) بدر الدين لؤلؤ: هو لؤلؤ بن عبد الله الأتابكي (570 – 657هـ) المكنى بابي الفضائل والملقب ببدر الدين وبالملك الرحيم، صاحب الموصل، طالت ايامه بها، توفي في الموصل.
(3) رسالة الاستاذ محمد إبراهيم الشبكي بتاريخ 7/8/2009م.
(36)
مرقد أم الحسن بنت الحسن «عليه السلام»
أم الحسن بنت الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمية، لقد سبق لنا بيان نسبها في معجم الأنصار(1) وذكرنا بأن أمها هي أم بشير فاطمة بنت أبي مسعود الخزرجية.
* ولدت في المدينة سنة 48 هـ قبل وفاة أبيها الإمام الحسن «عليه السلام» بسنتين.
* سحقت بحوافر خيل العدو في كربلاء يوم الطف بعد هجومهم على مخيم أبي عبد الله الحسين «عليه السلام» بعد مقتله وذلك عصر يوم الجمعة العاشر من محرم عام 61هـ(2).
لم تتطرق المصادر إلى تفاصيل عن حياتها ولا عن مدفنها، ولكن إذا صح الكلام في استشهادها في كربلاء فلا بد أن الإمام زين العابدين «عليه السلام» الذي أشرف على دفن الشهداء الأطهار من قبل قبيلة بني أسد المتواجدة في الغاضرية وأطرافها فإنه قد ضم كل من قتل أو سحق إلى مرقد الشهداء الذي سنتحدث عنه بالتفصيل في حرف الشين إن شاء الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معجم أنصار الحسين (قسم النساء): 1/153.
(2) راجع معجم أنصار الحسين (قسم النساء): 1/153، وسيلة الدارين: 345 وغيرهما.
(37)
مرقد أم الحسين بنت الحسن «عليه السلام»
أم الحسين بنت الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمية، والتي أمها أم بشير فاطمة بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو الخزرجية، وهي شقيقة أم الحسن حيث غن اباهما وامهما متحدان وقد سبق الحديث عنهما في معجم الأنصار(1).
• ولدت في المدينة في حدود سنة 49هـ قبيل وفاة أبيها الحسن «عليه السلام».
• سحقت عصر يوم عاشوراء بحوافر الخيول التي هاجمت مخيم أبي عبد الله الحسين بعد مقتله عام 61هـ.
الكلام عنها وعن مدفنها كالكلام عن شقيقتها أم الحسن فلا حاجة إلى التكرار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع معجم أنصار الحسين (قسم النساء): 1/156.
(38)


مرقد أم وهب بنت وهب


السيدة أم وهب بنت وهب النصرانية التي اسلمت وابنها على يد الإمام الحسين «عليه السلام» في يوم الأحد السابع والعشرين من شهر ذي الحجة من عام 60هـ في قصر بني مقاتل ومن هنا التحقت بركب الإمام الحسين «عليه السلام» وقتل ابنها في معركة الطف(1).
وقد خرجت أم وهب بعد مقتل ابنها وهب إلى المعركة وبيدها عمود الخيمة لتدافع عن الحسين «عليه السلام» إلا أنه أرجعها إلى المخيم، ثم نالت الشهادة في معركة الطف.
ومن المفترض أنها دفنت مع الشهداء الأطهار «عليهم السلام» من خلال قبيلة بني أسد التي كانت على مقربة من المنطقة وقد اشرف الإمام زين العابدين «عليه السلام» على عملية الدفن في اليوم الثالث من مقتل أبيه الإمام الحسين «عليه السلام»، ولذلك فإن الحديث عن مرقدها يتم في مرقد الشهداء إن شاء الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع معجم أنصار الحسين (قسم النساء): 1/22.
(39)
مقام الحسين وابن سعد
يقع في الجدار الخارج من البيت المرقم بـ322/75 الواقع في محلة چاچين(1) قديماً كان يقال عنها باب البويبة(2) وهي اليوم تعرف بمحلة باب السلالمة في كربلاء المقدسة، وعلى أرض الواقع فإنه يقع في الربع الأخير من سوق الحسين «عليه السلام» المتجه من المرقد الحسيني إلى جهة الشمال ليصل في النهاية إلى مقام الإمام المهدي «عليه السلام» ويبعد عن المرقد الحسيني نحو 241 متراً.
والمكان يرمز إلى الموضع الذي اجتمع فيه الإمام الحسين «عليه السلام» كراراً مع عمر بن سعد الزهري قبيل يوم عاشوراء عام 62هـ، وقد ألقى «عليه السلام» الحجة عليه ولكنه اختار الصدام فخسر الدارين وله في ذلك أبيات من الشعر قالها في الكوفة حينما تردد في قبول قيادة الجيش المتوجه إلى حرب الإمام الحسين «عليه السلام» فقال من الطويل ما أوله:
دعاني عبيد الله من دون قومه إلى خطة فيها خرجت لحيني
إى أن يقول في آخرها:
يقولون إن الله خالق جنة ونار وتعذيب وغل يدين
فإن صدقوا فيما يقولون إنني أتوب إلى الرحمان من سنتين
وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة وملك عقيم دائم الحجلين(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) چاچين: كلمة محرفة من دكاكين، أو محرفة سكاكين حيث كانت تصنع هناك.
(2) باب البويبة: كلمة مصغرة من الباب ويقال إنها كانت باباً للسور في محلة باب السلالمة ولما كانت تغلق الأبواب الكبيرة تبقى هذه البوابة الصغيرة مفتوحة للزائرين مع المراقبة، وكانت البوابة الصغيرة تفتح من البوابة الكبيرة.
(3) ديوان القرن الأول: 2/245.
(40)
ولكنه ما فاز بهما بل نكل عليه ابن زياد، وقتله المختار الثقفي سنة 66هـ.
• في ليلة التاسع من محرم 61هـ كان آخر اجتماع للحسين «عليه السلام» مع عمر بن سعد(1) ولا شك أن الذين تولوا شؤون العتبتين الحسينية والعباسية والذين تولوا نقابة الأشراف بشكل خاص وشؤون المدينة بشكل عام حافظوا على الآثار التي تركتها بصمات سبط الرسول (ص) ومن كان في ركبه فكان السلف يوصي خلفه بذلك حتى إذا ما استتب الأمر وضعوا عليه معلماً كي لا يندرس إلى أن وصل إلينا، وما سجله التاريخ لنا من تطورات لهذا المقام جاء كالتالي:
• سنة 1113هـ(2) جدد بناء المقام كما كان موجوداً على الكتيبة القديمة، ونص عبارتها كانت كالتالي: «محل مكالمة إمام حسين «عليه السلام» مع عمر بن سعد، تعمير محل»، «الباني سيد حيدر نقيب المؤمنين ولد سيد امداد حسين الساكن چيپور في الهند»، «معرفت سيد محمد ابو طاهر بن ادريس جمادى الأولى 1113هـ» «كتب رضوي مهندس كربلاء 1352هـ 1934م»(3).
ويظهر من الكلام الذي كان مثبتاً أن الذي أثبت على القاشاني حصل في سنة 1352هـ وهو من كتابة المهندس الرضوي وقد اثبتها في التعمير الثاني الذي حصل سنة 1353هـ، ويظن أيضاً أن العبارات الأخرى كانت مثبتة قبل ذلك منذ أن عمر سنة 1113هـ من قبل السيد حيدر نقيب المؤمنين ابن امداد حسين والذي كان ساكناً في مدينة چيپور والتي هي قاعدة مقاطعة راجستان الهندية، وقد قام بتعريف المكان السيد محمد أبو طاهر بن ادريس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع باب السيرة.
(2) جاء في مزارات كربلاء المقدسة: 66سنة 1112هـ وفي غيرها 1113هـ.
(3) هامش مدينة الحسين: 2/26، ولا تخفى ركاكة العبارة حيث هي فارسية خلطت مع العربية.
(41)
وفي هذه الحقبة كان شبه حانوت(1)، ومن المعلوم أن الكثير من المتبرعين كانوا يخفون أسماءهم قسم لأجل أن لا يكون رياءً والقسم الآخر خوفاً من السلطات الأمنية، وهناك ما قضى الهر على تواريخها.
• سنة 1352هـ جدد البناء مرة أخرى(2)، هناك عدد من المصادر ما كانت تهتم بجوانب هامة من هذه الآثار، ومن تلك تواريخ البناء والتطور، ومن لم يؤرخ المؤرخون عنها تلك التفاصيل.
• سنة 1378هـ أعيد تجديد المقام أيضاً(3) ولكن لم نجد من ذكر تفاصيل عن هذه السنة شيئاً.
• في سنة 1424هـ بعد سقوط النظام البائد تم اكساء قاعدة الحائظ الذي فيه رمز المقام بالمرمر الصناعي ذي اللون الأسود، وضع شباك من عنصر شبه الفولاذ(4) بعرض 2,25 متر وارتفاعه 2,5 متر تقريباً وعمق متر واحد تقريباً محاط من جانبين بضفيرة اسمنتية خضراء اللون(5) كبديل على القاشاني الذي كان يستخدم على جانبي الأبواب للمراقد الدينية ومن فوقه الحائط مكسي بالطابوق الأصفر والذي يستخدم للزينة وقد وضع على الشباك الفضي اللون لوحة مؤطرة بالخشب والزجاج.
• وفي حدود سنة 1428هـ ابدل المرمر الأسود إلى آخر أبيض اللون المائل إلى الرمادي وابدلت اللوحة إلى أخرى جديدة ورسم عليها صورة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع كربلاء في الذاكرة: 160، تراث كربلاء: 128عن مدينة الحسين: 2/62.
(2) راجع كربلاء في الذاكرة وتراث كربلاء ومدينة الحسين.
(3) راجع المصادر الثلاثة.
(4) شبه الفولاذ: هو الكروم (chromium) والذي هو عنصر فلزي صلب لماع فولاذي اللون اكتشفه الكيميائي الفرنسي لويس فوكلان سنة: 1797م رمزه «كر» رقمه الذري 24، وزنه الذري: 51,99، درجة انصهاره (1890ْ) درجة مئوية ودرجة غليانه (2482ْ) درجة مئوي ثقله النوعي 7,2، وهو عنصر مقاوم تطلى به المعادن الأخرى وهو شبيه بالنيكل (Nikel).
(5) راجع المراقد والمقامات في كربلاء: 132.
(42)
خيالية للإمام الحسين «عليه السلام» وأثبتت الاشعارنفسها وهي للشاعر عبد الكريم الحائري(1) من الرجز المجزوء:
إن الحسين ههنا مع ابن سعد أعلنا
في قوله مستفسراً لم القتال بيننا؟
ما جئت من تلقاء نـفـ سي مذ تركت الوطنا
لقد أتتنا كتب من هؤلاء اللـــــــعنا
يابن النبي المصطفى إن الفضا ضاق بنا
غيرك لا نهوى ولا سواك نرضى مأمنا
لما أتيت نقضوا الــ ـعهد وراموا الفتنا
وضيعوا دين النبــ ـي المصطفى والسننا
والآن إني بابن سعــ ـد قد أتيت معلنا
فإن كرهت موطني درني حتى أظعنا
إلى الحجاز أو إلى يثرب إما اليمنا
فكلما أرشده ما زاد إلا ضغنا
وبقيت أنواره دوماً تنير الأزمنا
وإلى جانب الشباك توجد قطعة كتب عليها «هنا وقف الإمام الحسين مع عمر بن سعد».
ومما تجدر الإشارة إليه أن المقامات والمراقد التي لا زالت قائمة في عصرنا هذا تلقفها الأجيال عن الآباء والأجداد دون أن تخضع للنقاش في صحتها وسقمها، حيث لا يوجد دليل على نفيها وبالأخص ما كان منها يتناسب مع مجريات أحداث يوم عاشوراء سنة 61هـ على ما رواها المؤرخون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الكريم الحائري: هو ابن حمود المعلم (1305 – 1385هـ) ولد وتوفي في كربلاء، وعرف بكنيته أبي محفوظ، كان شاعراً شعبياً إلى جانب أنه كان ينظم بالفصحى، ومن دواوينه: المنظومات الحسينية.
(43)

ش938
(2)2
صورة المقام لسنة 1424هـ

ش939
(3)
صورة المقام قبل عام 1430هـ
واما جدران داخله فإنها مكسي بالمرايا الصغيرة التي هي مقطعة على أشكال هندسية جميلة
(44)
مشهد أولاد الحسين
ورد في معجم الأدباء: أن أحمد بن علي بن المعمر الحسيني الطالبي(1) (نقيب) دفن في الجانب الغربي من المدائن في مشهد أولاد الحسين بن علي «عليه السلام»(2).
وظاهر كلامه يدل على أن هذه المدافن تقع غربي مرقد سلمان المحمدي المدفون في المدائن(3).
لم نجد في المصادر المهتمة بالمراقد لمثل هذا ذكراً، ولعل المشهد كان مدفناً للاشراف الحسينيين حاله حال مقابر قريش في بغداد والتي دفن فيها الإمام موسى بن جعفر «عليه السلام».
ويوجد في الوقت الحاضر ثلاثة قبور على الجهة الغربية من مرقد سلمان المحمدي تنسب إلى حذيفة بن اليمان(4) وجابر بن عبد الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فالمعمر: هو ابن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله ابن الحسين بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب «عليه السلام»، (... – 565هـ) تولى نقابة الطالبيين بعد وفاة أبيه سنة 530هـ، ولم يزل على ذلك إلى أن مات في 19/6/565هـ.
(2) معجم الأدباء: 4/71.
(3) سلمان المحمدي: هو ابن عبد الله كان اسمه روزبه بن خشنوذان بن مورسلان (114ق. هـ - 36هـ) اسلم وحسن اسلامه سنة 16هـ وصحب الرسول (ص) والإمام علي «عليه السلام»، ولي المدائن السنة الأولى من الهجرة وفيها توفي ودفن، يقال له سلمان الخير.
(4) حذيفة بن اليمان: وهو حذيفة بن حسيل (اليمان) بن جابر العبسي ولد في الجاهلية قبل البعثة وتوفي سنة 36هـ يكنى بابي عبد الله، من المؤمنين حقاً ومن خيرة اصحاب الرسول (ص)، مدحه أئمة أهل البيت «عليهم السلام» تولى ولاية المدائن وفيها توفي.
(45)
الأنصاري(1) والطاهر(2) ابن الإمام الباقر «عليه السلام»، وقد زرتها في عام 1424هـ مما نحتمل ان هذه البقعة دفن فيها من احفاد إلامام الحسين «عليه السلام» وغيرهم بها فوصفها الياقوت الحموي(3) بمشهد أولاد الحسين «عليه السلام»، وعليه فلا يرتبط بموضوعنا.

4

صورة خارجية للمراقد الأربعة على اليمين مرقد سلمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جابر بن عبد الله الأنصاري: هو حفيد عمرو بن حرام بن ثعلبة الخزرجي السلمي (16ق.هـ - 78هـ) من خيرة أصحاب الرسول (ص) حضر تسع عشرة غزوة، كما حضر مع علي «عليه السلام» غزوات، صاحب علياً ونجليه وزين العابدين والباقر «عليهم السلام»، وهو من النقباء الاثني عشر الذين انتخبهم الرسول (ص) بأمر من جبرئيل وهو آخر من مات من الصحابة في المدينة، والغريب نسبة القبر الذي في المدائن إليه.
(2) الطاهر ابن الباقر «عليه السلام»: هو لقب علي بن محمد الباقر ابن علي السجاد «عليهم السلام»، جاء في حياة الإمام الباقر للقرشي: 1/93 أنه توفي في أعمال الخالص كما في تاريخ ابن النجار، وللمرقد هناك، وذكر بعض التفاصيل من ذلك والظاهر ان المراد به هو هذا، إلا أن المسافة بينهما بعيدة. ولكن جاء في مراقد المعارف لحرز الدين: 2/79، أنه مدفون على بعد سبعة فراسخ من كاشان في إيران.
(3) الياقوت الحموي: هو ابن عبد الله الرومي البغدادي (574 – 626هـ) ولد في حماة وتوفي في حلب، أصله من الروم، سكن بغداد، كان عبداً فعتق، اشتغل ببيع الكتب، من مؤلفاته: معجم البلدان، معجم الأدباء، وله شعر حسن، وكان يتعصب على علي «عليه السلام» ثم أصبح يتعصب لعلي«عليه السلام».
(46)


مقام أبناء سيد الشهداء


يوجد في حورتعلا(1) مبنى بسيط يحتوي على غرفة وطارمة وتعلو الغرفة قبة خضراء صغيرة الحجم كتب على صخرة القبر في تسعة أسطر ما يلي:
«الفاتحة»، «بسم الله الرحمان الرحيم»، (يا أيتها النفس المطمئنة) (ارجعي إلى ربك راضية)، (مرضية فادخلي في عبادي)، (وادخلي جنتي)، «هذا مقام أبناء» «سيد الشهداء الحسين» «عليه السلام»(2).
والظاهر أن بلدة حورتعلا وقعت في طريق ركب الإمام زين العابدين «عليه السلام» بعد أن تجاوزوا في مسيرتهم مدينة بعلبك باتجاه دمشق، ويظهر أيضاً من الكتيبة التي نقشت على الصخرة أن بهذه الأرض كان توقف أبناء سيد الشهداء «عليه السلام»، ويمكن الاستفادة من العبارة المثبتة عدة أمور:
1- إن هنا مقام وليس بمرقد، بمعنى أن الركب توقف هنا ولو لفترة وجيزة بغرض الاستراحة أو لاغراض فنية تتعلق بالرحلة، وما ورد في المصدر من كتيبة موضحة تحت الصورة الثانية: «ضريح أبناء الإمام الحسين«عليه السلام»» ينافي الدقة العلمية بعدما ورد في نص الكتيبة في الصورة «مقام ابناء...».
2- يفهم من الكتيبة المثبتة على الصخرة أن عدد الذين تواجدوا أكثر من واحد حيث استخدم صيغة الجمع «أبناء»، وهذا يتناسب مع كونهم كانوا في موكب الأسر.
3- إن استخدام لفظ الابن الدال على الذكور يوحي إلى أن الذين تواجدوا كانوا ذكوراً ومع العلم أن القافلة كانت فيها الغلبة للاناث، ولكن هذا لا ينافي باعتبار أن الإمام زين العابدين «عليه السلام» ونجله الإمام الباقر «عليه السلام» هما اشرفان من سائر الموجودين فلذلك غلبا على غيرهم، كما ويطلق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حورتعلا: بلدة لبنانية تابعة لمدينة بعلبك ادارياً وتقع في جنوبها الشرقي بين بريتال والخضر وتبعد عن بعلبك نحو كليو متر.
(2) راجع كتاب خولة بنت الحسين: صورة شكل 26 و26 – 1.
(47)
الابن على الذكور والاناث في مقام الانتساب كبديل عن الولد (اعني المولود) ومنه قولهم: «القوم أبناء القوم».
ومن الغريب أن المصدر وضع تحت الصورة ما يلي «مقام أحد أبناء الإمام الحسين«عليه السلام»» وهذا تصرف غير لائق به حيث خصص المقام بأحد أبناء الإمام الحسين «عليه السلام» بينما الموجود على الصخرة «أبناء سيد الشهداء»، ولعله اجتهد في ذلك بعدم إمكان موت مجموعة من الأبناء معاً، غافلاً بأن المقام يختلف عن المرقد وما هو موجود على الصخرة مفردة المقام، ولعل السبب يعزى إلى استخدام العامة كلمة المقام بديلاً عن المرقد.
4- إن كلمة «الفاتحة» هي التي تذهب بالمرء إلى وجود مرقد هنا، وربما كان هذا من جهل كاتبها حيث شاعت في القرون المتأخرة كتابة «الفاتحة» على بداية كتيبة القبور، فقام الذي وضع الصخرة بعدما جددها فوضع كلمة الفاتحة.
من هنا نجد أن أكثر الارباك يأتي من التصرفات غير المدروسة والعمل بالذي يحمله الشخص عن تصورات اكتسبها من محيطه الذي ترسخ على الشائع في عرفهم وأخيراً فالمظنون أن هذا مقام وليس بمرقد واحتمال صحته وارد إلا أن لا دليل عليه.

المقام المنسوب إلى أحد أبناء الإمام الحسين «عليه السلام» من الخارج
(48)

5

صورة الصخرة الموجودة على المرقد
ويبدو أن المشرفين على المرقد عرفوا زيف نسبة هذا المرقد إلى أبناء سيد الشهداء فأبدلوا الصخرة إلى أخرى بعد عام 1422هـ وهي كالتالي:
بسم الله الرحمان الرحيم: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) صدق الله العلي العظيم، مقام الإمام عبد الله ابن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام»»، ولا أدري على أي شيء استندوا في تحديدهم الجديد.
(49)

6

صخرة القبر الجديدة

7

صورة الضريح من داخل المرقد
(50)

 

9

صورة المرقد من الخارج
ونسبة هذا المقام إلى عبد الله ابن الإمام الحسن «عليه السلام» غير صحيحة حسب تحقيقاتنا حيث إن الإمام الحسن «عليه السلام» كان له ثلاثة أبناء باسم عبد الله وقد وصفناهم بالأكبر والأوسط والأصغر، وهنا أبو بكر والذي قد يقال اسمه عبد الله وكلهم قتلوا في كربلاء مع عمهم الإمام الحسين «عليه السلام» في العاشر من محرم وقد فصلنا الكلام عن تراجمهم في معجم أنصار الحسين «عليه السلام»(1) ومجمل الكلام ما يلي:
1- أبو بكر: أمه مليكة بنت الأحنف التميمية (44 – 61هـ) قتله عبد الله بن عقبة الغنوي.
2- عبد الله الأكبر: أمه نفيلة (25 – 61هـ) قتله هاني بن ثبيت الحضرمي.
3- عبد الله الأوسط: امه حبيبة الحبشية (46 – 61هـ) قتله نبهان بن زهير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع معجم أنصار الحسين: 1/347، 2/177 و191 و208.
(51)
4- عبد الله الأصغر: أمه زينب بنت سبيع البجلية (49 – 61هـ) قتله حرملة بن كاهل الأسدي.
وربما أريد غيرهم من الأحفاد الذين يصل أنسابهم إلى الإمام الحسن «عليه السلام».
(52)
دكة أسارى أهل البيت
تذكر المصادر التاريخية والمقاتل الحسينية أن موكب الأسر عندما انطلق من كربلاء إلى الكوفة ومنها إلى دمشق عاصمة الأمويين أدخلوا على يزيد بن معاوية الأموي وهو في المسجد (الأموي)(1)؛ وهنا لا بد من سرد بعض المعلومات عن الموقع والحدث كي يتضح المكان الذي استقر فيه الركب الحسيني في الأسر:
أولاً: المسجد الأموي: فتح المسلمون بلاد الشام سنة 14هـ وكانت دمشق حاضرة مسيحية بعدما كانت حاضرة وثنية(2) فقد تحول نصف كنيسة القديس يوحنا (مار يوحنا)(3) إلى مسجد(4)، وبقي النصف الآخر كنيسة يتعبد فيها النصارى حتى تمكن الوليد بن عبد الملك الأموي(5)عام 86هـ من التفاوض مع النصارى فاصبح الموقع كله مسجداً وقد أمر بهدم جميع المعابد المحيطة به واحتفظ بجدران الكنيسة واستخدم سائر الأحجار في ترميم وإعادة بنائه وقد استغرق من الوقت تسع سنوات لاتمام مشروع الجامع الأموي الماثل إلى يومنا هذا(6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دليل الأماكن المقدسة في سورية: 49.
(2) قيل إنه كان معبداً للصابئة كما في المساجد في الإسلام: 449.
(3) مار يوحنا: هو يوحنا المعمدان والمراد به النبي يحيى بن زكريا بن برخيا بن نشوا (642 – 610ق.هـ) بعثه الله نبياً وله من العمر ثلاث سنوات، وليس له دين جديد بل اتبع اليهودية ثم المسيحية.
(4) هذا النصف هو النصف الشرقي من المسجد بينما القسم الآخر هو النصف الغربي الذي ألحق فيما بعد بالمسجد.
(5) الوليد بن عبد الملك الأموي: هو حفيد الحكم بن أبي العاص (50 – 96هـ) وهو رابع من حكم من الأمويين حكم بعد أبيه سنة 86هـ وحكم بعده أخوه سليمان.
(6) راجع موقع دمشقيات (بوابة دمشق) بتاريخ 30/9/2009م.
(53)
ثانياً: الحدث: لقد استقبل يزيد بن معاوية موكب الأسر الحسيني بعد ظهر يوم الجمعة الثاني من شهر صفر عام 61هـ، يقول بعض المؤرخين: وقبل أن يدخلوهم إلى مجلس يزيد أتوهم بحبال فربطوهم بها فكان الحبل في عنق زين العابدين إلى زينب وباقي بنات رسول الله (ص)(1) ويبدو والله العالم أن استقباله لهم كان بعد صلاة الجمعة أمام حشود المصلين، وجرى بينه وآل الرسول (ص) سجالات أوردناها في باب السيرة وفي هذا المسجد استأذن زين العابدين «عليه السلام» أن يرتقي المنبر وفي أثناء خطابه المحرج ليزيد واتباعه أمر يزيد المؤذن بأن يؤذن لصلاة العصر على تفصيل أوردناه في محله.
إذاً فالموقع كان في المسجد الأموي في القسم الاسلامي منه والحدث كان عند احضار الركب الحسيني أمام الطاغية يزيد، والحديث هنا عن تحديد الموقع الذي جلس فيه الركب الحسيني لدى احضارهم لمقابلة يزيد، وهذا المكان عرف فيما بعد -«دكة اسارى أهل البيت».
الدكة: تقع مقابل المحراب وهو المنبر الأصلي للجامع الأموي والذي كان على أيام يزيد بن معاوية مسجداً، وهو اليوم يعرف بمحراب الخطيب بعدما كان يعرف سابقاً بمحراب الشافعية.
إن الدكة في يومنا الحالي مصنوعة من الخشب الصلب وهي مرتفعة عن الأرض مقدار 20 سنتيمتراً ابعادها حددت بعرض ستة امتار شرقاً وغرباً وبطول اثني عشر متراً(2) من جهة الجنوب والشمال وهي على غرب مرقد رأس يحيى بن زكريا مباشرة، وتعلوها قبة.
يؤمها اتباع مدرسة أهل البيت «عليهم السلام» ويتعبدون عليها ويتذكرون مصاب أهل البيت «عليهم السلام».
التفاصيل: قال ابن جبير(3): «والوليد هو الذي أخذ نصف الكنيسة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقتل الحسين للمقرم: 350.
(2) راجع دليل الأماكن المقدسة في سورية: 53.
(3) ابن جبير: هو محمد بن احمد بن جبير الكناني الأندلسي (540 – 614هـ) ولد في بلنسية، توفي في الاسكندرية في رحلته الثالثة، كان شاعراً أدبياً، من مؤلفاته: نظم الجنان، نتيجة وجد الجوانح، ورحلته.
(54)
الباقية منه في أيدي النصارى وأدخلها فيه، لأنه كان قسمين قسماً للمسلمين وهو الشرقي وقسماً للنصارى وهو الغربي، لأن أبا عبيدة بن الجراح دخل البلد من الجهة الغربية فانتهى إلى نصف الكنيسة وقد وقع الصلح بينه وبين النصارى، ودخل خالد بن الوليد عنده من الجانب الشرقي وانتهى إلى النصف الثاني وهو الشرقي فاختاره المسلمون وصيروه مسجداً وبقي النصف المصالح عليه وهو الغربي كنيسة بأيدي النصارى إلى أن عوضهم منه الوليد، فأبوا ذلك، فانتزعه منهم قهراً»(1) وقد هدم الوليد المعبد القديم حتى أساساته بقسميه الإسلامي والنصراني وجدد بناءه بأحسن الوجوه حتى قال فيه: «إني أريد أن ابني مسجداً لم يبن من مضى قبلي ولن يبني من بعدي مثله» وقد جمع لبنائه حذاق فارس والهند والمغرب والروم(2) فجعل ارضه رخاماً مفروشاً وجعل وجه جدرانه رخاماً مجزعاً، واساطينه رخاماً، ومحرابه مذهباً مرصعاً بالجواهر، ودور السقف كله ذهب مكتب، كما يطوف بترابيع جدار المسجد(3).مات الوليد عام 96هـ ولم يكتمل المسجد فاكمله أخوه سليمان بن عبد الملك(4) بوصية منه(5) فكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رحلة ابن جبير: 241، وعنه المساجد في الاسلام: 438 وفي الأخير: «إن المسلمين عندما استخلصوا مدينة دمشق من الروم سنة 14هـ(635م) دخلوها من جهتين فكان أبو عبيدة على الجهة التي فيها باب الجابية وخالد بن الوليد على الجهة التي فيها الباب الشرقي والذي حدث يومئذ ان القيادة الاسلامية اعطت السكان النصارى في البلد كتاب أمان أقروا بموجبه لهم حرية العقيدة وحق الاحتفاظ باربع عشرة كنيسة وأخذوا منهم نصف كنيستهم الكبرى التي كانوا يسمونها كنيسة مار يوحنا (الجامع الأموي) وحول المسلمون القسم الذي أخذوه إلى المسجد لصلاتهم، وصار المسلمون والنصارى يدخلون من باب واحد وهو باب الكنيسة الأصلي الواقع في الناحية القبلية منها فينصرف المسلمون إلى جهة الشرق والنصارى إلى جهة الغرب» وكان معاوية قد حول الصوامع إلى مآذن للاذان، ولم يغير يزيد شيئاً.
(2) المساجد في الاسلام: 442، راجع أيضاً مدينة دمشق عند الجغرافيين والرحالين المسلمين: 76، واحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: 158.
(3) المساجد في الإسلام: 444.
(4) سليمان بن عبد الملك: سابع ملوك الأمويين تولى الأمر بعد أخيه الوليد سنة 96هـ ومات سنة 99هـ فتولى الأمر بعد عمر بن عبد العزيز وكانت ولادته سنة 60هـ.
(5) المساجد في الاسلام: 448 راجع الأعلاق الخطيرة: 1/62.
(55)
طوله 1300قدم من الشرق إلى الغرب، وعرضه من الجنوب إلى الشمال 1000 قدم(1).
إذا فإن احداث المسجد الأموي يكون حسب التواريخ كالتالي:
* عام 14هـ تحويل النصف الشرقي من كنيسة مار يوحنا إلى مسجد على يد معاوية.
* عام 86هـ ضم النصف الغربي من الكنيسة إلى المسجد على يد الوليد.
* في ذي القعدة سنة 86هـ بدأ الوليد بتجريد البناء ليكون مسجداً واحداً.
* في سنة 96هـ انتهى سليمان من بناء المسجد.
* في ليلة 15/8/461هـ احترق المسجد وبقي على حاله مدة 14 سنة(2).
* في عام 475هـ قام الوزير السلجوقي نظام الملك(3) بتجديد المسجد(4).
* في عام 562هـ احترق قسم الشرقي من المسجد(5).
* في عام 668هـ أهمل المسجد واستخدمه عامة الناس لاغراضهم الشخصية(6). فاعاد افتخار الدين آباز الحراني(7) إلى المسجد رونقه وذلك بازالة ما أقامه الناس فيه، وبنى مشهد زين العابدين «عليه السلام»(8).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المساجد في الاسلام: 448 عن خطط الشام: 5/259.
(2) المساجد في الاسلام: 449.
(3) نظام الملك: هو الحسن بن علي بن اسحاق الطوسي (408 – 485هـ) وهو الذي اسس المدارس النظامية، قتل في اصفهان، ولد في نوغان.
(4) البداية والنهاية: 12/97.
(5) الأعلاق الخطيرة: 1/75.
(6) راجع المساجد في الاسلام: 450.
(7) آباز الحراني: هو إبن عبد الله، يبدو أنه ولد في حران دمشق.
وهو والد ناصر الدين محمد (... – 684هـ) كان أمير حمص ونائب السلطة فيها.
(8) الأعلاق الخطيرة: 1/79.
(56)
* في عام 740هـ احترق المسجد بفعل بعض النصارى(1).
* في 3/8/803هـ أحرق تيمورلنك(2) المسجد الأموي(3).
* في 4/4/1311هـ(4) احترق المسجد بسبب استخدام بعض العمال التنباك وعلى أثرها هب الناس لجمع التبرعات لإعادة بناء المسجد، وقرر السيد عبد الله الحموي(5) أن تصنع الأعمدة من أحجار منطقة المزة فنحتت ونقلت بعربة خاصة(7) أمر بصنعها السيد الحموي(8).
* في عام 1314هـ تعاون المعمارون وأهل الفن في دمشق لبناء المسجد وكان يشغل في كل يوم خمسمائة عامل ولما كان عام 1316هـ انجز بناء النصف الشرقي من المسجد وفرش بالسجاد وعلقت فيه المصابيح ووضع المنبر إلى جانب محراب المالكية(9) وافتتح في شهر رمضان سنة 1316هـ في حضور حشد كبير ضم المسؤولين والعلماء والأعيان(10).
* في 15/8/1318هـ تم بناء القسم الأوسط من المسجد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البداية والنهاية: 14/186 سنة (740هـ).
(2) تيمورلنك: هو ابن ترغاي المغولي (737 – 808هـ) وهو حفيد جنگيز خان، توسع ملكه حتى اخضع إيران والعراق واجزاء واسعة من آسيا لسلطته، وقد اتخذ من سمرقند عاصمة لملكه وذلك سنة 804هـ.
(3) صبح الأعشى: 12/245.
(4) جاء في المصدر أن الحادث وقع في الضحى من يوم السبت، ودام الحريق ساعتين ونصف الساعة.
(5) السيد عبد الله الحموي: يبدو أن أصله أو ولادته في حماة، وكان من عامة الناس.
(6) المزة: هي الآن حي من أحياء دمشق يقع على سفح الجبل من شمال غرب دمشق.
(7) ولا زالت العربة موجودة في الجامع الأموي.
(8) المساجد في الاسلام: 452 – 454 عن حريق الجامع الأموي أيام العثمانيين: 61.
(9) في الجامع الأموي اربعة محاريب من جهة الشرق الأول: محراب الصحابة (محراب المالكية) الثاني: محراب الخطيب (محراب الشافعية)، الثالث: محراب الحنفية، الرابع: محراب الحنابلة، ويعد المحراب الثاني هو المحراب الرئيسي للجامع.
(10) المساجد في الاسلام: 455 عن المصدر السابق.
(57)
* في 28/5/1320هـ تم بناء المسجد كاملاً(1).
ولا يخفى أن العديد من الحرائق والزلازل أصابت المسجد إلا أننا رصدنا ما هو الأهم منها.
* في سنة 1338هـ تم اصلاح المسجد بشكل عام ومنذ تاريخه إلى اليوم يخضع المسجد للترميم والتحسين(2).
وأما عن دكة أسارى أهل البيت «عليهم السلام» وقبة النسر التي تعلوها فلم نجد ما يؤكد وجود الأولى منذ العهد الأول كما لا نستبعد وجودها لأن الملوك والسلاطين عادة ما كانوا يستقبلون القيادات العسكرية واسرى الحرب وما إلى ذلك في دكات خاصة بالمسجاد أمام منبر السلطان ومحرابه.
ورغم أن قبة النسر ينسب بناؤها إلى الوليد بن عبد الملك(3) فإن الدكة لا يمكن نسبة نصبها إلى الوليد بالضرورة حيث لا ذكر لها في المصادر، وفيما يلي نتحدث عن قبة النسر والدكة.
أما القبة فتعرف بقبة النسر ويقال في وجه تسميتها: إن الناس كانوا يشبهونه بنسر طائر، كأن القبة رأسه والغارب جؤجؤه، ونصف جدار البلاط عن اليمين والنصف الثاني عن الشمال جناحاه(4).
* عام 86هـ بدأ الوليد بن عبد الملك الأموي ببناء المسجد وكان منه بناء القبة ويذكر أن القبة سقطت بعد بنائها الأول في عهد الوليد وقد احزنه سقوطها فجاءه بناء شامي واشترط على الوليد أن لا يعمل فيها احد غيره، فكان له ذلك فوضع الأساسات وغاب بعدها عاماً كاملاً، وعاد إليها فوجدها قد نزلت قليلاً فقال للوليد من هنا كان سقوطها فإنها الآن لا تهوي إن شاء الله وتم البناء واستقرت(5) والظاهر كان ذلك قبل وفاته سنة 96هـ.
* عام 475هـ قام الوزير السلجوقي نظام الملك بتجديدها مع تجديد بناء المسجد بشكل عام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع المصدر السابق، وخطط الشام: 5/262.
(2) المساجد في الإسلام: 456.
(3) دمشق القديمة وأهل البيت: 57، موقع اكتشف سورية بتاريخ 1/1/2009م.
(4) موقع اكتشف سورية عن احسن التقاسيم في معرفة الأقاليم:
وقيل إن الكلمة يونانية تعني السقف المثلث.
(5) راجع أيضاً تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 2/261.
(58)
* عام 574هـ قام صلاح الدين الأيوبي بتجديد ركنين منها.
* عام 597هـ تشققت القبة إثر الزلزال الذي ضرب دمشق وسقط بعض أجزائها، فاعيد بناؤها.
* عام 853هـ سقطت القبة إثر الحريق واعيد بناؤها.
* عام 1311هـ انهارت القبة إثر الحريق واعيد بناؤها(1).
ومنذ ذلك الحين تجري اصلاحات عليها إلى يومنا الحاضر.
وهذه القبة ترتقع عن أرض المسجد 45 متراً ويبلغ قطرها 16 متراً وقد وصفها ابن جبير بقوله: أعظم ما في هذا البناء قبة الرصاص المتصلة بالمحراب وسطه سامية في الهواء عظيمة الاستدارة، ومن أي جهة استقبلت البلد ترى القبة في الهواء منيفة كأنها معلقة من الجو(2).
ومن داخل القبة يمكن مشاهدة زخرفة جميلة على شكل دوائر هندسية وقد برز منها ثمان دوائر متساوية الأحجام متوازية الأبعاد كتب فيها بالخط الأسود.
1- الله (جل جلاله).
2- محمد (ص).
3- أبو بكر (رض).
4- عمر (رض).
5- عثمان (رض).
6- علي «عليه السلام».
7- حسن.
8- حسين(3).
وهي من الداخل دائرية مقعرة ولكن قاعدتها مضلعة مثمنة تعتمد على أربعة أعمدة رئيسية، تشغل الدكة معظم مساحة مابين الأعمدة الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع موقع اكتشف سورية بتاريخ: 1/10/2009م.
(2) راجع رحلة ابن جبير: 241.
(3) ولا يخفى أن الصور المتعلقة بموضوع دكة الأسارى ومشهد رأس الحسين «عليه السلام»الواقعين في الجامع الأموي زودنا بها بتكليف منا الأخ الفاضل حسن ابن الشيخ محمد أمين بن محمد حسن الغفوري من مواليد قم سنة 1410هـ، انتقل مع والده إلى دمشق سنة 1418هـ وانهى دراسة مرحلة الثانوية في دمشق سنة 1429هـ.
(59)
المربعة والضخمة يبلغ كل ضلع من اضلاعها الأربعة حوالي اربعة أمتار عليها نقوش هندسية ويتدلى من وسطها ثريا ضخمة جداً.

10قبة النسر من الداخل

محجر الدكة والمحراب والمنبر والجهة الجنوبية للمسجد
(60)

12

مدخل الدكة والجهة الشمالية للمسجد
وبشكل عام فإن المسجد الأموي أعني به قسم المصلى فإنه يتكون من ثلاثة ممرات متوازية ذات أعمدة واقواس جميلة ومتراًصة، في الجنوبي منها تقع المحاريب الأربعة والشمالي منها يطل على ساحة المسجد المكشوفة، أما الوسطى ففيها إلى جهة الشرق مرقد(1) النبي يحيى بن زكريا «عليه السلام» وفي الوسط تحت القبة بازائه تقع الدكة.
وهذه الدكة محصورة بين اعمدة القبة الأربعة تقريباً ويقابلها محراب الخطيب والذي يعد الرئيسي في يومنا هذا ومن الجهة الأخرى يقابلها الباب الرئيسي للمسجد المطل على صحن الجامع (الساحة المكشوفة) والتي في وسطها توجد قبة البحرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اختلف المؤرخون في مرقد النبي يحيى بن زكريا آل عمران (642 – 610ق.هـ) فمنهم من ذكر وجوده في القدس، والظاهر أن الرأس هو المدفون في الجامع الأموي دون الجسد، وقد ظهر ذلك في عهد الوليد بن عب الملك الأموي (86 – 96هـ) وذلك عندما أرادوا بناء جانب من الجامع فظهرت ثغرة فيها صندوق كتب عليه: «هذا رأس يحيى بن زكريا» وقيل إنه في مكان آخر من دمشق.
(61)

13

أعمدة الجامع الأموي والصورة ملتقطة من الغرب إلى الشرق

الجامع الأموي من الشرق إلى الغرب ويرى فيه مقام النبي يحيى «عليه السلام»
(62)