مشهد رؤوس الشهداء

تَارِيخُ المَراقِد (الحُسَيْن وَأهْل بَيْته وَأنصَاره (الجزْءُ الثّامِنْ)

اسم الکتاب : تَارِيخُ المَراقِد (الحُسَيْن وَأهْل بَيْته وَأنصَاره (الجزْءُ الثّامِنْ)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي

المطبعة : دائرة المعارف الحسينية / المركز الحسيني للدراسات /لندن المملكة المتحدة

أندونيسيا وماليزيا وروسيا والدول التي كانت خاضعة سابقاً للاتحاد السوفياتي. وكذلك من دول الخليج وتركيا وأفغانستان وباكستان والهند وتايلند وإيران وغيرها. والظاهر أن الزائرين كانوا من جميع دول العالم حسب الإحصاءات الواردة في التقارير الرسمية والأعداد هائلة، وهناك العراقيون والإيرانيون والخليجيون الذين وفدوا عبر المعابر البرية وهناك الكثير الكثير الذين تجاوز عددهم الخمسة عشر مليوناً قدموا إلى كربلاء المقدسة عبر الطرق الرئيسية الأربعة إلى المدينة. وتشير تقارير وزارة النقل عن تعزيز أسطولها البري بـ (600) حافلة من طابقين إضافة إلى تسعة قطارات كلها تعمل ليل نهار على مدى أيام لنقل الزائرين إلى ومن كربلاء.
وما يتعلق بأمر الزيارة الأربعينية أعلنت مديرية صحة كربلاء المقدسة أنها استقبلت ما يقارب خمسة ملايين شخص في مستشفياتها ومفارزها الطبية المنتشرة داخل المحافظة خلال أسبوع، وأما مفارزها الخارجية فقد استقبلت (۳5۹۱4۰۰) شخص لتلقي العلاج السريع وأن سيارات الاسعاف قامت بإخلاء (۲۳۰۰۰) مريض إلى المستشفيات، كما أعلن مدير صحة کربلاء أن عدد الولادات التي تمت في موسم الأربعين في كربلاء كانت (64۸) ولادة.
هذا وقد ساهمت العتبة العباسية بـ (5۰۰) آلية متنوعة لنقل الزائرين كما استأجرت أكثر من 400 حافلة للغرض نفسه.
ومن جهة أخرى واصلت مديرية بلدية كربلاء المقدسة عملها المتواصل وعلى مدار ٢٤ ساعة ولمدة 14 يوماً لرفع أكثر من (40) طناً من النفايات من مركز المدينة والأحياء المجاورة لها من خلال خمسة آلاف عامل للتنظيف كما وساهمت بلديات المثنی، البصرة، العمارة، الديوانية، واسط، بابل، ذي قار وبغداد وبمشاركة الآليات التابعة لدائرتي المياه والمجاري وغيرها للغرض نفسه.
وقد بلغ عدد القوات الأمنية أربعين ألف عنصر لحماية الزائرين، كما بلغ عدد المواكب والهيئات الحسينية المشاركة (۲۳5۰۰) موکب، كما شارك (4۷۰) إعلامياً عبر (85) مؤسسة إعلامية من (14) دولة لتغطية موسم الأربعين وسبع عشرة منها كانت تبثّ بثّاً مباشراً.
(101)

هذا وقد شارك في مسيرة السير على الأقدام من جميع الدول التي شاركت في الزيارة منهم من الجزائر والخليج والدول الأوروبية والأمريكية والدول المجاورة وروسيا.
مضافاً إلى ذلك فقد شارك في السير أربعون شخصية هولندية من المسيحيين ومنهم الوفد البابوي الذي انطلق من الناصرية أيضاً.
كما وساهم الموالون لأهل البيت عليهم السلام في توزيع عشرات الآلاف من وجبات الطعام يوميا سواء في الفطور والغداء والعشاء، إلى جانب تقديم خدمات أخرى (1).
في هذا اليوم زار رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي (2) كربلاء للإشراف على الزيارة الأربعينية (۳).
وفي مثل هذا اليوم قام المظلّي شاكر بن محسن السعدي (4) بالهبوط من على ارتفاع ۲5۰۰ قدم في منطقة ما بين الحرمىن حاملاً معه راية تبلغ أبعادها 2 × 12 م سوداء اللون كتب عليها «يا حسين»، وقد مزّقها الزائرون للتبرك وأخذ قطع منها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كل وسائل الاعلام المحلية والداخلية والخارجية بتاريخ الحدث.
(۲) نوري المالكي: هو ابن كامل بن محمد حسن، رئيس وزراء العراق ما بين ( 2006 ـ ۲۰۱4 م).
(3) الأخبار المحلية لمحافظة كربلاء بالتاريخ نفسه.
(4) شاكر بن محسن السعدي: عراقي يسكن لندن، ويُعد هذا الهبوط رقم ۲۰۰۸ من مجمل أعماله.
(102)

مشهد رؤوس الشهداء

يقع في دمشق خلف شارع الأمين في محلة الشاغور، ويُراد برؤوس الشهداء هي رؤوس شهداء كربلاء من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذين حُملت رؤوسهم بعد معركة الطف الحزينة إلى الحاكم الأموي يزيد بن معاوية الأموي.
وحسب ما أوردناه في السيرة فإنّ عمر بن سعد الزهري (1) أمر بقطع رؤوس القتلى من أنصار الإمام الحسين عليه السلام عامة وأهل بيته الطاهرين خاصة فكانت تسعة وثمانون رأساً بالإضافة إلى رأس الإمام الحسين عليه السلام حيث إنَّ عدداً كبيراً منها لم يُقطع بسبب وساطات القبائل كما في الحُر الرياحي (2) وغيره، ولكن الذي هو مؤكد أنّ رؤوس أهل البيت عليهم السلام كلها قُطعت وحُملت بالإضافة إلى بعض الشخصيات من غير أهل البيت رضوان الله عليهم أجمعين، ومما يجدر بالذكر أنّ حَمَلَةَ الرؤوس كما جاء في التاريخ والمقاتل جاء ذكرهم كالتالي:
١ ـ خولي بن يزيد الأصبحي، حَمَلَ رأس الإمام الحسين عليه السلام.
۲ ـ قيس بن الأشعث الكندي، حَمَلَ ثلاثة عشر رأساً، وقد كان على كندة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عمر بن سعد الزهري: هو حفيد أبي وقاص مالك بن أصيب (۲۳ ـ 66 هـ) ولد في المدينة، قاد الحملة ضد الإمام الحسين عليه السلام وأنصاره الكرام بتكليف مباشر من عبيد الله بن زياد بن أبيه، وكان شديد القسوة بهم، قتله المختار الثقفي.
(2) الحُر بن يزيد الرياحي: هو حفيد ناجية بن قعنب بن عتاب بن هرمي بن رياح التميمي اليربوعي، كان قائداً مِقداماً، أصله من الحيرة وهو كوفي، استُندب في جيش عمر بن سعد الزهري ليكون قائد فرقة عسكرية إلا أنه انقلب عليه وتحوّل إلى ركب الحسين عليه السلام واستشهد معه في كربلاء سنة 61 هـ.
(103)

۳ ـ شمر بن ذي الجوشن الضبابي، حَمَلَ عشرين رأساً، وكان على هوازن.
4 ـ الحصين بن نمير السكوني حَمَلَ تسعة عشر رأساً، وكان على تميم.
5 ـ حرملة بن كاهل الأسدي، حَمَلَ ستة عشر رأساً (1)، وكان على أسد.
6 ـ عمرو بن الحجاج الزبيدي حَمَلَ تسعة رؤوس، وكان على مذحج.
۷ ـ قيس النهشلي حَمَلَ تسعة رؤوس (2)، وكان على نهشل.
۸ ـ سائر المقاتلين حملوا ثلاثة عشر رأساً من مختلف القبائل.
فمجموع الرؤوس بلغت مائة رأس، ويُحتمل أنْ تكون تسعة هي سبعة حسب ما ورد في بعض النسخ من باب التصحيف، حيث إنَّ النقاط كانت جديدة العهد بالكتابة، فيقلّ ستة منها ليبلغ ۹4 رأساً، وهناك بعض النسخ ذكرت ما حمله الأسدي تسعة بدلاً من الستة عشر فيُحذف منها عشرة فتصبح ۸4 رأساً، كما أنَّ هناك مَنْ ذَكَرَ بأنَّ ما حمله الكندي بأقل من رأس واحد وما حَمَلَه الضبابي بأقلّ من ثمانية رؤوس، فالحاصل يكون ۷۳ رأساً (۳)، وهذا هو الذي نؤكده وهو عدد مَنْ قُتل من أهل بيت الحسين عليه السلام بإضافة رأسه الشريف ليكونوا في الحاصل ۷۲ رأساً وإذا كان رأس حبيب معهم في الشام فالمجموع يكون ۷۳ رأساً. وللتفصيل راجع باب السيرة، حيث إنّ الآخرين توسطت قبائلهم فتُركت رؤوسهم، وهذا يدلنا على غُربة أهل البيت عليهم السلام أولاً، وأنَّ المقصود كانوا هُم دون غيرهم، وإنما حملوا رؤوسهم لأخذ الجائزة أولاً، ولردع الآخرين من الانتفاضة لتكون رؤوس هؤلاء الأطهار عبرة للناس، ولعلّه في الكوفة أُرجعت رؤوس غيرهم إلى أصحابها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لم يرد في المصدر أنه حرملة، ولكنه قال: كان أسدياً، وبما أنه ورد بأنّ حرملة هو الذي حمل رأس العباس الأصغر فاحتملناه.
(۲) لم يرد تحديد أبيه ولا لقبه ولكننا احتملناه لأنه لم يُقتل في كربلاء خلافاً لبعض مَنْ كان اسمه قيس وكان من أخبثهم.
(3) راجع الجزء الثالث من معجم أنصار الحسين (الهاشميون).
(104)

هذا وقد نقل القُمي (1) عن محمّد بن همام الدين (۲): أنَّ یزید سَلَّم رؤوس الشهداء إلى علي بن الحسين عليه السلام فألحقها بالأبدان الطاهرة يوم العشرين من صفر ثم توجه إلى المدينة الطيبة (3)، ومع هذا فقد وقع الخلاف في أنَّ الرؤوس كلّها أرجعت أم لا؟ ولكن الذي لا غبار عليه بل عليه إجماع الإمامية أنَّ رأس الامام الحسين عليه السلام الشريف قد رُدَّ إلى كربلاء ودُفن مع الجسد، ومن هنا شُرّعت زيارة الأربعين التي كانت تسمى بزيارة مَرَدّ الرأس.
وأما بقية الرؤوس فهناك خلاف هل رُدّت جميعها أو رُدَّ قسم منها، ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة ذلك بقدر ما نريد بيان المراقد المنسوبة إلى هذه الثلة الطاهرة التي شاركت الإمام الحسين عليه السلام في نهضته المباركة واستشهدوا على أرض الطف في كربلاء الطهر.
يوجد على يمين المقبرة الرئيسية المعروفة بباب الصغير (4) مقامٌ مسوّر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القمي: هو عباس بن محمّد رضا القمي، المولود سنة ۱۲۹4 هـ في قم والمتوفی سنة ۱۳5۹ هـ في النجف، كان من العلماء المحدثین، له کتب جمة منها: الكنى والألقاب، منتهی الآمال، وتحفة الألباب.
(۲) محمّد بن همام الدين الشيرازي: صاحب کتاب حبیب السير في أخبار أفراد البشر، ولد سنة ۸۸۰ هـ وتوفي في سنة 941 هـ، ولد في شيراز ونشأ في هرات.
(3) نفس المهموم: 425 عن حبیب السیر: ۲ / 60، وجاء النص الفارسي من كتاب الأصل كالتالي: «به كفته ي برخي از مؤرخان، إمام سجاد عليه السلام سر إمام حسین عليه السلام وسایر شهیدان را در بیستم صفر به بدن مقدسشان در کربلا مُلحق کرد و از آنجا عازم مدينة شد».
(4) إنما سمي بباب الصغير لأن سور مدينة دمشق كان يمر من هنا وكان به باب صغير جداً بالنسبة إلى بقية الأبواب حيث كانت هذه الجهة أي الشرقية مكشوفة على الصحراء، فكانوا لا يستخدمونه إلا لغايات أمنية خاصة، ومن هنا جعلوه صغيراً، ولما رحل ركب الأسر الحسيني إلى دمشق أتوا بهم إلى هنا وتركوهم لفترة في المقبرة التي كانت خارج السور حيث كانت المقابر تبنى خارج الأسوار عند مداخل المدينة ، على تفصيل أوردناه في الجزء السابق.
لقد أوردنا تفاصيل عن موقع هذه المقبرة وهذا الباب وما فيه من مدافن في الجزء الخامس من تاريخ المراقد ما بین ۱۱۱ ـ ۱4۷ لدى الحديث عن مقام السيدة أم کلثوم بنت علي عليها السلام فليراجع.
(105)

وقد احتوى على رؤوس شهداء كربلاء، وهو عبارة عن غرفة كبيرة مربعة الشكل مبنيّة من الحجر الصخري الأبيض والأسود، تعلوها قبة بيضاء ولها مدخل حسن معقود تتوسطه لوحة رخامية كتب عليها بيتان من الشعر واسم المنشأ كما تقدم، ويوجد في وسط الغرفة ضريح نحاسي صغير، وداخل القفص أُقيمت رؤوس عليها عمائم خضراء بعدد الشهداء ترمز إلى أرؤس الشهداء المدفونة في هذا المكان، ويذكر العامة أنَّ الرؤوس التي دُفنت هناك هي كالتالي:
١ ـ علي الأكبر ابن الحسين الهاشمي عليه السلام.
۲ ـ القاسم بن الحسن الهاشمي عليه السلام.
٣ ـ عبد الله بن الحسن الهاشمي عليه السلام.
4 ـ العباس بن علي الهاشمي عليه السلام.
5 ـ عبد الله بن علي الهاشمي عليه السلام.
6 ـ جعفر بن علي الهاشمي عليه السلام.
۷ ـ عثمان بن علي الهاشمي عليه السلام.
8 ـ محمّد بن علي الهاشمي عليه السلام.
۹ ـ عمر بن علي الهاشمي عليه السلام.
۱۰ ـ أبو بكر بن علي الهاشمي عليه السلام.
۱۱ ـ جعفر بن عقيل الهاشمي عليه السلام.
۱۲ ـ عبد الله بن عقيل الهاشمي عليه السلام.
۱۳ ـ محمّد بن مسلم بن عقيل الهاشمي عليه السلام.
14 ـ عون بن عبد الله بن جعفر الطيار الهاشمي عليه السلام.
۱5 ـ محمّد بن عبد الله بن جعفر الطيار الهاشمي عليه السلام.
16 ـ حبيب بن مظاهر الاسدي عليه السلام.
ويحوي صحن هذا المرقد مسجداً صغيراً أُعيد بناؤه حديثاً، ويسمى مسجد الإمام زين العابدين عليه السلام ويذكر أنَّ الإمام السجاد عليه السلام صلى في هذا
(106)

المكان بعد دفن الرؤوس، كما يوجد في فناء المرقد مدافن متولّي المقامات من السادة آل مرتضى وأولهم السيد سلیم آل مرتضی (۱) الذي أشرف على أبنية هذا المشهد.
في سنة 6۲۳ هـ، جدد السلطان الملك المعظم عیسی الأيوبي مقابر باب الصغير حيث جاء على صخرة وضعت على عمود القوس الذي عند مدخل مقبرة باب الصغير العبارة التالية في ثلاثة أسطر:
١ ـ الباب الصغير.
۲ ـ جدّده السلطان الملك المعظم عيسى الأيوبي.
٣ ـ سنة 6۲۳ هـ.
• بعد سنة ۱۳۲۱ هـ، يقول السيد الأمين (۲): رأيت في المقبرة المعروفة بمقبرة باب الصغير في دمشق مشهداً وضع فوق بابه صخرة كُتب عليها ما صورته:
«هذا مدفن رأس العباس بن علي ورأس علي الأكبر ابن الحسین ورأس حبیب بن مظاهر» (3).
• في سنة ۱۳۲۳ هـ، «هُدّم المشهد ثم أُعيد بناؤه حيث يقول السيد الأمين أيضاً بعد أنْ ذَكَرَ عن عام ۱۳۲۱ هـ، ثم إنه بعد ذلك بسنين هُدّم هذا المشهد وأُعيد بناؤه وأُزيلت هذه الصخرة وبني ضريح داخل المشهد ونُقش عليه أسماء كثيرة لشهداء کربلاء» (4).
ويتابع الأمين قائلاً: ولكن الحقيقة أنه منسوب إلى الرؤوس الشريفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سلیم آل مرتضى: هو ابن حسين آل مرتضى المتوفى في ۱۰ / ۳ / ۱۳4۹ هـ والذي كان قيّماً على مقامات و مشاهد مقبرة باب الصغير في دمشق.
(2) السيد الأمين: هو محسن بن عبد الكريم الأمين الموسوي العاملي (۱۲۸4 ـ ۱۳۷۱ هـ) ولد في شقراء وتوفي في بيروت ودفن في مدخل المرقد الزينبي بالراوية في دمشق، من أعلام الإمامية، وأبرز علماء دمشق في عصره، من مؤلفاته: أعیان الشيعة، المجالس السنية، معادن الجواهر.
(3) أعيان الشيعة: 1 / 627.
(4) سنأتي على قول الشيخ فرج العمران الذي زار المشهد سنة ۱۳۷۷ هـ، حيث ذکر الأسماء.
(107)

الثلاثة المُتقدم ذكرهم ـ العباس وعلي الاكبر وحبيب ـ بحسب ما كان موضوعاً على بابه، كما مرّ في سنة ۱۳۲۱ هـ ـ وهذا المشهد الظن قويٌّ بصحة نسبته لأن الرؤوس الشريفة بعد حملها إلى دمشق والطواف بها وانتهاء عرض يزيد من إظهار الغلبة والتنكيل بأهلها والتشفي لابد أنْ تدفن في إحدى المقابر، فدُفنت هذه الرؤوس الثلاثة في مقبرة باب الصغير، وحُفظ محل دفنها» (1).
• قبل عام ۱۳۳۰ هـ، يُحكى أنَّ حائط مشهد الرؤوس قد تهدَّم فأراد السيد سليم بن حسين آل مرتضى متولّي المشهد أنْ يصلحه فاتفق مع نحّاتٍ للأحجار لهذا الغرض، فكان يأتي إلى العمل في الصباح الباكر وينهي عمله في المساء وعندها يلتقيه القيّم السيد سليم، وذات يوم أتى القيّم فوجد النَحّات والذي كان نصراني المُعتقَد قد جمع أغراضه ليرحل فقال له القَيّم: ما بك؟
قال: إذا أنا أردت الاستمرار في العمل عندكم فأخاف أنْ أترك ديني وأصير مسلماً!.
قال النحّات: البارحة بينما كنت أحفر التراب حول مقام رؤوس الشهداء لأضع الأحجار الجديدة، انفتحت أمامي ثغرة نظرت منها فإذا بي أرى غرفة فيها عدّة رؤوس بعضها أمرد، وبعضها بلحية، وبعضها مُغَمَّض العينين، وأحدها مُعصّب الرأس.
فقام القَيّم بإلقاء نظرة في الكوة فرأى الرؤوس وعدهم فكانت ستة عشر رأساً مصفوفة على شكل دائرة وكأنها مدفونة لتوّها، كل رأس منها بشَحْمِهِ ولَحْمِهِ، لم يُصبه أيّ فساد أو بلى والدماء ظاهرة عليه، فَسُدَّت الثغرة (2).
• في سنة ۱۳۳۰ هـ وبالتحديد في شهر شوال، سعى السيد سليم أفندي (3) قائم مقام مراقد أهل البيت بتجديد هذا المرقد وجاء في اللوحة التي وضعت على مدخل المرقد بيتان من الشعر من البسيط:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أعيان الشيعة : ۱ / 6۲۷.
(۲) راجع موسوعة كربلاء لبيضون: ۲ / ۹۲6.
(۳) سليم أفندي: هو ابن سليم بن حسين آل المرتضى السابق الذكر.
(108)

وفتيةٌ من بني عدنان ما نَظَرَتْ عين الغزالة أعلى مِنْهُمُ حَسَبا
مِنْ كلّ جسمٍ بوجهِ الأرض مُنطرحٌ وَكُلُّ رأسٍ برأسِ الرُمْحِ قَدْ نُصبا
وبعدها جاء ما يلي:
«هذا مقام رؤوس الشهداء الستة عشر من أهل العبا، الذين استشهدوا يوم طف كربلاء مع الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، تشيَّد هذا المقام المقدس بمساعي السيد سليم أفندي قائم مقام مراقد أهل البيت عليهم السلام في شوال سنة ۱۳۳۰ هـ» (1).
• في سنة ۱۳۳۱ هـ، أُنشئ مسجد شهداء کربلاء في مقبرة باب الصغير، يحتوي على صيفي (غير مسقوف) واسع، في جنوبَيه إيوان فيه محراب، وفي وسط الصيفي بركة هي قطعة واحدة من الحجر الأسود، تزعم العامة أنها طاسة أهل الكهف، وهو أيضاً من مزارات الشيعة (2).
• في سنة ۱۳4۷ هـ، كانت توجد في الروضة الشريفة لوحة مؤطرة بإطار خشبي ذهبي اللون كُتب عليها زيارة الرؤوس، جاء فيها:
«بسم الله الرحمان الرحيم، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: إنَّ قبورنا في قلوب محبينا» (۳).
أزور سيدي ومولاي العباس ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام السلام عليك يا أبا الفضل العباس، السلام عليك وعلى الملائكة الحافين حول حرمك الشريف ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولاي وابن مولاي يا قاسم بن الحسن ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا علي الأكبر یابن الحسين الشهيد، السلام علیكم یا أولاد جعفر الطيار ورحمة الله وبركاته، السلام علیكم یا أولاد مسلم بن عقیل ورحمة الله وبركاته، السلام علیکم یا شهداء کربلاء، السلام علیکم یا آل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي، السلام عليك يا حبیب بن مظاهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هكذا شاهدناه.
(۲) ثمار المقاصد في ذكر المساجد: ۳ / ۲۳۲.
(3) لم نجد لهذه المقولة ذكراً في المصادر التي بحوزتنا.
(109)

أيها الشهيد في سبيل الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا هاني بن عروة ويا حُر الرياحي ورحمة الله وبركاته.
وجاء في ثلاثة أسطر تحت نص الزيارة ما يلي:
بتوفيقه تعالى إنَّ هذه المراقد المقدسة جرى تطهير ما حولها من الرجس وتشييدها من الأساس كما هو مشاهد وابتدئ بتأسىسه سنة 143۷ هـ في عهد تركيا، والساعي بذلك السيد سليم بن حسين سيد المرتضى الحسيني، نلتمس الدعاء من الزوار الكرام.
وجاء في لوحة أخرى كذلك مؤطرة بإطار خشبي مُذهّب جاء فيها:
بسم الله الرحمان الرحيم، «السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره، السلام عليك يا أبا عبد الله ابن رسول الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتك، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى خليل الحسين عليه السلام، السلام عليكم يا أبا الفضل العباس ابن أمير المؤمنين وقاسم بن الحسن وعلي الاصغر ابن الحسين ومسلم بن عقيل وهاني بن عروة وحبيب بن مظاهر والحُر الشهيد الرياحي، السلام عليكم يا أيها الشهداء والأسراء جميعاً، والسلام عليك يا زينب الكبرى ورحمة الله وبركاته».
وجاء في نهاية اللوحة قصيدة فارسية من بحر الرمل المثمن المحذوف نصها كالتالي:
عِشْقْ را گُفْتَمْ كِهْ رَأْسِ عاشِقانْ اينْجا بُوَدْ
جِسْمْ را گُفْتَمْ كِهْ گَرْ خواهي رَوانْ اينْجا بُوَدْ
تِشْنِه اينْجا نَبايَدْ دَمْ زَنَدْ اَزَ تَشْنِگي
چُونْ مَزارِ رَأْسِ پاگِ تَشْنِگانْ ايْنْجا بُوَدْ
اِيْ گِهْ اَزْ دينُ و ديانَتْ آنْقَدْرْ دَمْ ميزَني
عِتْرَتِ پَيْغَمْبَرِ آخِرْ زَمانْ اينْجا بُوَدْ
(110)

آنْ جَواناني کِهْ هَمْ مانَنْدِشانْ دَرْ رُوزِگارْ
دَرْ جَهانْ هَرْگِزْ نَباشَدْ رَأْسِشانْ اینْجا بُوَدْ
جِسْمْهاشانْ به رُوىِ ریگُزارِ كَرْبَلا
چاگْ چاگْ اَزْ خَنْجَرْ وتیرُ وسَنانْ اینْجا بُوَدْ
ماهْ رُویانِ اِمامَتْ اَزْ اُفُقْ با نِیْزِهْ ها
جِلْوِهْ ها هَمْچُون نُجُومِ آسِمانْ اینْجا بُوَدْ
تا رِسیدَنْدْ شامْ گَرْدیدْ مَنْزِل ایشانْ تَمامْ
مَقْدَمِشانْ عِیْدْ بَهْرِشامیانْ اینْجا بُوَدْ
ایْنْ هَمانْ سَرْهائي میباشَدْ کِهْ دَرْ بازارِ شامْ
نُوگ نِيْ دَرْ پیشِ چَشْمِ کُودَکانْ اینْجا بُوَدْ
اینْقَدْرْ گُویَمْ کِهْ سَرْهايِ پُرْ اَزْ خُونْ گِ طَرَفْ
يِگْ طَرَفْ زَنْها بِقِيْدِ ریسْمانْ اینْجا بُوَدْ
با مَصائِبْ گَشْتْ پایان، شُدْ جَهانْ كامِ يَزيدْ
أنْجُمِ آلِ نَبي آخَرْ زَمانْ اینْجا بُوَدْ
آنْکِهْ میخوابَدْ نَظَرْ سازَدْ بِهْ ماهِ آسِمانْ
چَشْمْ بُگْشایَدْ کِهْ ماهِ آسِمانْ اینْجا بُوَدْ
خَسْتِهْ اینْجا نَبایَدْ دَمْ زَنَدْ اَزْ خَسْتِگي
اَزْ فِشارِ چَرْخِ گَرْدُونْ خَسْتِگانْ اینْجا بُوَدْ
گُرْزِ بُسْتاينِ نَبُوَّتْ جُوئي اَزْ اینْ گُوشْ کُنْ
غُنْچِه گُلْهايِ اُو پَژْمُرْدِگانْ اینْجا بُوَدْ
اینْ هَمانْ سَرْهاسْتْ کِهْ اَزْ كَرْبَلا تا نَهْرِ شامْ
پیشِ چَشْمِ مادَرانُ وخواهَرانْ اینْجا بُوَدْ
چُونْ جدا گَرْدیدْ سَرْهاشانْ بِشُدْ بَرْقي بُلَنْدْ
تا بِهْ شامْ اَزْ کَرْبَلا زیب سَنانْ ایْنْجا بُوَدْ
(111)

گاهْ دَرْ بازارِ كُوفِهْ گاهْ دَرْ بازارِ شامْ
سِيْرْ مي كَرْدَنْدْ مَنْزِلْ خُونْ چَكانْ اينْجا بُوَدْ
بَهْرِ اِسْتِقْبالِ اىشانْ جُمْلِگى بيرُونْ شُدَنْدْ
با دَفْ وبا چَنْگُ وباني شادِ مانْ اينْجا بُوَدْ
مَنْ چِه گُويَمْ اَزْ وُرُودِشانْ بِهْ مَجْلِسِ بَرْ يَزيدْ
ذِكْرِ اُو را عاجِزْ اَسْتْ سُوزِ بَيانْ اينْجا بُوَدْ
كِهْ يَزيدْ اَزْ راهِ طُغْيانْ كُفْرِ خُودْ اِظْهارْ كَرْدْ
كِهْ شَرابُ وطَشْتِ زَرْكِهْ خَيْزَرانْ اينْجا بُوَدْ

وجاء في نهاية الأشعار العبارة التالية: «إلتماس دعا دارد حاج كرامت الله محلاتي شيرزاي» أي يلتمس الدعاء الحاج كرامت الله المحلاتي الشيرازي (1)، ومن الواضح أنه هو الذي أهدى هذه اللوحة إلى هذا المشهد.
• بتاريخ 9 / 2 / 1377 هـ، زار مشهد الرؤوس الشيخ فرج آل عمران (2) وسطر عنه ما يلي:
قبر ستة عشر رأساً لستة عشر شهيداً من شهداء الطف، في مشهد واحد، وعلى طُرّة باب المشهد بيتان من الشعر (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(۱) كرامت الله محلاتي شيرازي: هو ابن صدر الدين ملك الحسيني (۱۳4۲ ـ ۱4۳۲ هـ) ولد في شيراز ودرس فيها وفي النجف، سكن قم واشتغل بتدريس الفقه والأصول حيث كان من أعمدة الحوزة وعلمائها وتوفي فيها.
ويحتمل أن يكون الشاعر غير العالم الذي ذكرناه والله العالم.
(۲) فرج آل عمران: هو ابن حسن بن أحمد القطيفي (۱۳۲۱ ـ ۱۳۹۸ هـ) ولد وتوفي في القطيف، من علماء القطيف المُبرَّزين، له مؤلفات عديدة منها: وفاة السيدة زينب، الروضة الندية، والمرقد الزينبي.
(۳) الأزهار الأرجية في الآثار الفرجية: 7 / 43، وقد مضى ذكر البيتين في سنة ۱۳۳۰ هـ.
(112)

وأسماء أصحاب الرؤوس جاءت كالتالي، كما وردت دون زيادة أو نقيصة.
١ ـ العباس بن علي.
۲ ـ القاسم بن الحسن.
۳ ـ علي الأكبر ابن الحسين.
4 ـ عمر بن علي.
5 ـ عبد الله بن علي.
6 ـ الحر بن يزيد الرياحي.
۷ ـ محمّد بن علي.
۸ ـ عبد الله بن عوف.
۹ ـ عبد الله بن مسلم.
۱۰ ـ عبد الله بن عقيل.
۱۱ ـ الحسين بن عبد الله.
۱۲ ـ حبيب بن مظاهر.
۱۳ ـ أبو بكر بن علي.
14 ـ عثمان بن علي.
15 ـ جعفر بن عقيل.
16 ـ جعفر بن علي (1).
• قبل سنة 1414 هـ، كان في القبة من الداخل كتيبة دائرية باللون الأزرق كُتبت فيها أسماء الله الحسنى وجاءت تحتها اللامية المنشأة بالعربية والتي سنأتي على ذكرها وقد جاءت بلون أسود وخط الثلث.
• في سنة 1414 هـ، قام زعيم الطائفة الاسماعيلية البُهرة أبو القائد جوهر محمّد برهان الدين الفاطمي بنصب ضريح جديد وكبير مصنوع من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دليل الأماكن المقدسة في سورية: ۷5.
(113)

الفضة يعلوه تاج مطليٌ بالذهب نُقشت عليه آيات قرآنية وأبيات من الشعر الحسيني (1).
وجاء وصفه بالتالي: قفص فضّي ثمين مُزيَّن في عضاداته بالمسبعات، وضعوا في داخله كُرات صغيرة من المخمل بعدد شهداء كربلاء وهم 73 شهيداً (۲)، جعلوا منها 16 بلون أخضر والباقي بلون أحمر (۳).
وعلى أطراف القبة من الداخل كتيبتان، أعلاهما ذُكر فيها اسم الجلالة والرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة عليهما السلام وتحتها أسماء الأئمة الاثني عشر، وفي الكتيبة الثانية أُودعت أشعار يبدو أنها لسلطان البُهرة.
أما الكتبية العليا فقد جاء فيها، في أربعة أماكن منها، مُقسّمة من حيث المَقاس على أربعة أقسام، ورد في كل منها ما يلي:
١ ـ الله جل جلاله، وجاء مكانها فوق اسم الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام.
۲ ـ محمّد رسول الله، وجاء مكانها فوق اسم الهادي والعسكري عليهما السلام.
٣ ـ الإمام علي بن أبي طالب، أمير المؤمنين، وجاء مكانها فوق اسم الباقر عليه السلام.
4 ـ فاطمة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين، وجاء مكانها فوق اسم الكاظم والرضا عليهما السلام.
وقد جاءت العبارة التالية: «أكرم ۹4» (4) على الجهة اليمنى من ذكر الإمام أمير المؤمنين للدلالة على اسم الخطاط وسنة قيامه بذلك وهي سنة ۱۹۹4 م الموافق لـ 1415 هـ.
ثم تحت هذه جاءت أسماء الأئمة الميامين بالتسلسل التالي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كما هو مثبت على الضريح.
(۲) أراد عدد الشهداء من أهل البيت عليهم السلام.
(۳) دمشق القديمة وأهل البيت: ۱۰۸.
(4) أكرم: خطاط شامي سبقت ترجمته في الجزء السابق.
(114)

1 ـ الإمام الحسن المجتبى، بالطبع الإمام في سطر والباقي في سطر آخر بخط أكبر.
2 ـ الإمام الحسين الشهيد عليه السلام، وجاءت الخطوط كلها بلون ذهبي على قاعدة بيضاء.
3 ـ الإمام زين العابدين عليه السلام، بالطبع أنَّ رمز عليه السلام جاء صغيراً جداً.
4 ـ الإمام محمّد الباقر عليه السلام.
5 ـ الإمام جعفر الصادق عليه السلام.
٦ ـ الإمام موسى الكاظم عليه السلام.
7 ـ الإمام علي الرضا عليه السلام.
۸ ـ الإمام محمّد الجواد عليه السلام.
۹ ـ الإمام علي الهادي عليه السلام.
۱۰ ـ الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
۱۱ ـ الإمام المهدي المنتظر عليه السلام القائم، جاءت كلمة القائم فقط في سطر ثالث.
ومن تحتها تأتي كتيبة الأشعار.
وجاء في الكتيبة الدائرية الثانية أبيات من الشعر بلغت تسعاً من بحر الطويل تبدأ من تحت اسم الإمام الحسن المجتبى عليه السلام جاء كل شطر منه في سطر والعجز تحته مباشرة.

عَلَيْك سلام الله مظلوم كربلا إمام الهدى كهف الورى كاشف البلا
عليك سلام الله من عبدك الذي أتاك أمولاي الحسين مؤمّلا
سأبكيك يا مولاي ما عشت دائماً لأدمع عيني كالأهاضىب مُسْبلا
ذرّيةَ مولانا الحسين جليلة فما كان فيها صبر ذي الصبر أجملا
يا بأبي رأساً معلّى على القنا وشيخاً زكياً في الرمال مُجدّلا
شهِدْتُ بان لولا شهادته لما وجدنا على الأرضين مرءاً مهلّلا
(115)

سأبكي على العباس والأكبر الرضى وأصغره العالي مقاماً مبجّلا
واذكر أهل البيت ثم صحابةً وأجري دموعاً كالسحائب هُطّلا
لهفي لزين العبادين على الـ ـذي جعلوه مع سُقامٍ مكبّلا
عليك أبا عبد الإله سلامنا الذي كان في التعظيم وفى وأكملا
(116)

الضريح

الضريح: مربع الشكل في كل طرف منه ثلاثة شبابيك، وزواياه الأربع على شكل اسطوانة تشكل هيكلية المئذنة، ويعلو عن سقف الضريح أكثر من نصف متر وفيه ثمانية منافذ، وقمّته مُدبّبة مُضلّعة، والاسطوانة جاءت بستة أضلاع ظاهرة وجاءت عليها نقوش هندسية بارزة ويعلو الضريح قُبة لاصقة كجزء من الضريح مضلعة الشكل تقع في وسط الضريح تبعد من حافة الضريح من كل جهة نحو متر واحد، هذا وقد جاءت الشبابيك هلالية القمّة وفوقها كتيبتان علوية وأخرى تحتها، جاء في الكتيبة العلوية: بسم الله الرحمان الرحيم: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (۱).
وجاء في الكتبية الثانية: الابيات التالية من المجتث الموشح:

لهفي لأهل الفتوهْ من أهل بيت النبوّهْ
مُبارزينَ بقوهْ دون الحسين عدوه
قدوة يوم اللّقا والهفتا يا حسينا يا سيد الشهداء

وكُتب ما بين كل شباك وآخر في دائرة «رؤوس الشهداء»، وهذا يشمل كل الأضلاع، فإذاً هناك اثنا عشر شباكاً بما فيه الباب وثمان دوائر وتُعد هذه هي الجهة الغربية والتي فيها الباب الرئيسي للروضة، كل ذلك هو من الجهة الشمالية.
وجاء في الضلع الشرقي للضريح كتيبة الآيات القرآنية كالتالي:
﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران، الآية: 169.
(2) سورة آل عمران، الآية: ۱۷۰.
(117)

وجاء في الكتيبة الشعرية الأبيات التالية:

يا لهفتاه لصحبٍ له كماۃٍ غلب
آساد يوم الحرب قد صرعوا في الترب
موفين حق الوفاءِ والهفتا يا حسينا يا سيد الشهداء

وجاءت في الضلع الجنوبي للضريح كتيبة الآيات القرآنية كالتالي:

﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (۱).
وفي الكتيبة الشعرية جاءت الأبيات التالية:

فمن طعين جريح ومن شهيد طريح
ومن قتيل ذبيح صلب الجنين صبيح
في الطف بالصحراء والهفتا يا حسينا يا سيد الشهداء

وجاء في الضلع الغربي للضريح كتيبة الآيات القرآنية كالتالي:
﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ (۲).
وجاء في الكتيبة السفلى الأبيات التالية:
لله من شهداء اطائب سعداء
أكارم فضلاء أماثلٌ نبلاء
في دينهم حنفاء والهفتا يا حسينا يا سيد الشهداء

ويقع باب الضريح في هذه الجهة، وذلك في الشباك الوسط، وجاء في أعلى الباب (في قوس الشباك) كتيبة من خمسة أسطر أُثبتت على أرضية زرقاء، وأسطرها جاءت كالتالي:
١ ـ بسم الله الرحمان الرحيم.
۲ ـ ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران، الآية: ۱۷۱.
(۲) سورة الأحزاب، الآية: ۲۳.
(118)

۳ ـ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ
4 ـ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ، سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ
5 ـ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ (۱).
وجاء تحتها كتيبة أُخرى ضمن إطار مستطيل الشكل تقع مباشرة على الباب وهي في ثلاثة أسطر:
1 ـ الحمد لله الذي بتوفيقه تقرب إلى الله رب العالمين بعمل ضريح رؤوس الشهداء عليهم السلام الذين استشهدوا.
۲ ـ مع الإمام الحسين المُستضام صلوات الله عليه.
٣ ـ الداعي إلى أهل البيت عليهم السلام الفاطمي أبو القائد جوهر محمّد برهان الدين سنة 1414 هـ، ويليه مباشرة باب الضريح المتألف من مصراعين.
ولا يخفى أنَّ هذه الكتيبة وما جاء على الضريح كلها نافرة ومصنوعة من الفضة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الرعد، الآيتان: ۲۳ ـ ۲4.
(119)

(120)

الروضة

الروضة مربعة الشكل أبعادها من الخارج حوالي ۱۰ × 10 أمتار، الداخل 9 × 9 أمتار، وبارتفاع 5 أمتار، جدرانها مبنيّة من الصخور المحليّة البيضاء والسوداء، وقد عُلّمت الأحجار البيض بالأحجار السود التزداد جمالاً.
للروضة بابان، الباب الرئيسي يقع إلى الجهة الشمالية والذي يدخل إلى جهة الداخل بمقدار ۲۰ سم ويعلوه قوس مُدبدب من ذات الحجر السابق الذكر أبيضه وأسوده، كُتب في أعلى القوس من داخله على شكل دائرة باللون الذهبي هذه الأبيات المثبتة على الضريح أيضاً:

لله من شهداء أطائب سعداء
أكارم فضلاء اماثل نبلاء
في دينهم حنفاء والهفتا يا حسينا يا سيد الشهداء

وجاء تحتها مباشرة لوحة رخامية بيضاء مستطيلة الشكل أثبتت على الجدار حفر فيها كتيبة ولوّنت باللون الأسود وجاءت في ستة أسطر كما في التالي:
١ ـ بتوفيق الله تعالى، تم تجديد مقام رؤوس شهداء كربلاء عليهم السلام.
۲ ـ ووضع المقصورة الفضية من قبل الداعي إلى أهل البيت الفاطمي القائد.
۳ ـ جوهر محمّد برهان الدين سلطان البُهرة.
4 ـ بمساعي السيد محمّد سليم ابن السيد رضا مرتضى.
٥ ـ متولّي مقامات أهل البيت عليهم السلام.
(121)

6 ـ ۱414 هـ (۱۹۹۳ م).
وجاء تحته رخامة قديمة بيضاء كُتب عليها ستة أسطر جاءت كالتالي:
1 ـ وفتية من بني عدنان ما نظرت عين الغزالة أعلى منهم حسبا
۲ ـ من كل جسم بوجه الأرض مطروح وكل رأس برأسٍ الرمح قد نصبا (۱)
٣ ـ هذا مقام رؤوس الشهداء الستة عشر رأساً من أهل العبا الذين
٤ ـ استشهدوا يوم طف كربلا مع الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
5 ـ تَشَيَّدَ هذا المقام المقدس بمساعي السيد سليم أفندي ابن السيد حسين
6 ـ مرتضى قائم مقام مراقد أهل البيت عليهم السلام في شوال سنة ۱۳۳۰ هـ
ويأتي تحته مباشرة الباب الخشبي والرئيسي للروضة وهو مصنوع من الخشب الساج وله مصراعان وعرضه أقل من مترين وارتفاعه بحدود المترين ونصف المتر، ومن خارجه مُنقّش بحفريات نباتية، ويبدو أنَّ سمك الجدران ضخم يقدّر بنحو 40 سم، وقد جاء على الجدار الداخلي فوق الباب الرئيسي آية التطهير ثم تحته كتيبة دائرية كُتب فيها الشعر الذي كتب خارجها.
الروضة من الداخل في الواقع مثمنة الشكل بمعنى أنَّ هناك ثمانية عقادات تكوّن منها جدار الروضة الداخلي ولكن مُلئت داخل العقادة بالشبابيك والمخازن والأبواب فجاءت على سبيل المثال في الجهة الغربية شباكين من ضمن قوس العقادة الواحدة، واحدهما صنع بشكل يمكن الاستفادة منه كباب أيضاً حيث إنَّ فوقه شباك، والقسم السفلي باب ذو عرض أقل من متر واحد، هذا وقد وضعت طرة ذهبية في داخل كل الأقواس الداخلية وقد جاء فيها: «لله من شهداء، أطائب سعداء، أكارم فضلاء، آماثل نُبلاء، في دينهم حنفاء، والهفتا يا حسينا، يا سيد الشهداء» (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البيتان من بحر البسيط، ولم نتعرف على قائلهما.
(۲) هذا جزء من الشعر السابق الذكر.
(122)

نعود ونكرر أنَّ الروضة من الخارج مربعة الشكل في الجهة الجنوبية التي يقع فيها الباب الرئيسي وعلى جانبها شباكان يقعان داخل قوس حجري، كما أنَّ الباب وعرضه لا يزيد على المتر، وأما عرض قوس الباب فهو أقل من مترين، وأما طول قوس الباب فهو أكثر من ثلاثة أمتار ويعلو فوقه متر واحد، وأما قوس الشبابيك فهو أوطأ من قوس الباب، وأما ارتفاع الشباك نفسه فهو في حدود المترين مع القوس الذي فوقه.
وأما الجانب الواقع على يمين الخارج من الروضة ففيه شباكان متلاصقان على نفس الشكل والاطار وكل الشبابيك طولها لا يتجاوز ۱٫۳۰ سم وترتفع عن الارض بمقدار متر ونصف المتر.
ويبدو أنَّ عرض كل ضلع من أضلاع الروضة من الخارج يقدّر ما بين سبعة أمتار وثمانية.
وفي الجهة المخالفة لباب الروضة توجد ثلاثة شبابيك كلها على مقاسات واحدة، وعلى الجانبين الآخرين كل جهة شباكان متقاربان في وسط الجهة، ويعلو كل ركن من أركان الروضة من الخارج تمثال مئذنة مُثمّنة الشكل وقبّة بارتفاع متر واحد، ويعلو الروضة من الخارج قبّة بيضاء أُنشئت وسط المبنى وهي تستوعب كل مساحة الروضة، قاعدتها مُثمّنة مرتفعة عن سطح المبنى بأكثر من متر ثم تتدرج نحو ارتفاع نصف متر لتتحول إلى شكل دائري وترتفع نحو ثلاثة أمتار.
ولا يخفى أنَّ الروضة مُكيّفة بوسائل التبريد والتدفئة الحديثة وفيها عدد من القناديل الصغيرة والقديمة والمراوح السقفية، وأما الثريا الكبيرة فهي معلقة من وسط القبة لتقع في منتصف الضريح ويبدو أنها من الكريستال، كما أنَّ الجسور التي تربط بين العقادَتين غُلفت بالخشب المنقوش عليه حفراً بالنقوش النباتية ومن المفترض أنْ تكون أربعة حيث وضعت ما بين كل عمود وآخر.
(123)

(124)

الصحن

الصحن مستطيل الشكل يحتوي عرضه على خمسة أقواس وأما طوله فيحتوي على سبعة أقواس متقدمة على الجدار المحيط بالصحن وهي مسقفة جاءت على شكل أروقة طويلة على الأطراف الأربعة للصحن أُنشئت لراحة الزائرين وحمايتهم من حرارة الشمس اللاهبة أيام الصيف، والمطر أيام الشتاء، وأما الصحن ففضاؤه مفتوح وباب الصحن يقع إلى جهة الجنوب.
وهناك مرافق صحية ومغاسل لأجل تجديد الوضوء، ومن خدمات هذا المشهد تقديم كرسي لخدمة العاجزين والمعوقين، ومتولّي المشهد اليوم هو السيد وائل بن سليم آل مرتضى.
• في سنة 1417 هـ، كتب على مدخل مشهد رؤوس الشهداء بخط الثلث أسود اللون على أرضية رخامية بيضاء قوله تعالى: بسم الله الرحمان الرحيم، ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (۱) صدق الله العظيم، كتبه لطف 1417 هـ (2)، وهذا المدخل له مدخلان شمالي ويميني يتوسطهما سقاية ماء كتب على المدخل الأيمن مقام رؤوس شهداء كربلاء، وقد خُصص للنساء، وأما المدخل الأيسر فقد كُتب عليه «الشهداء أكرم مَنْ في الدنيا» وقد خُصص للرجال، وجاءت السقاية بداخل قوس من الحجر المحلي الأبيض والأسود.
ويوجد لوحة مُسمّرة على الشباك من خارج الروضة جاء فيها: «بسم الرحمان الرحيم، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، بإذن الله وإذن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وإذن خلفائه أدخل هذا البيت فكونوا ملائكة الله أعواني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران، الآية: 169.
(۲) لطف: خطاط سوري، كتب هذه الآيات والأحاديث، ولكننا لم نتعرف على شخصه.
(125)

وكونوا أنصاري حتى أدخل هذه الروضة المباركة وأدعوا الله بفنون الدعوات وأعترف لله بالعبودية وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام بالطاعة، بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رب أدخلني مُدخل صدق وأخرجني مُخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً».
وفي السطر الأخير جاء ما يلي: «الفاتحة، ساعية الخير الحاجة شهلاء (۱) عباس موسى حسين آل نواب ـ العراق ـ الكاظمية ـ شركة ألوان للطباعة الرقمية بغداد».
وهذه اللوحة مؤطّرة بإطار فلزيّ ذهبي اللون.

ش ۱۳۲۳
(57)

مخطط توضيحي لمرقد الرؤوس نظم على ما وصفه متولي المرقد السيد سليم آل مرتضى ـ مخطط توضيحي للمقام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحاجة شهلاء: لم نحصل على ترجمتها.
(126)

ش 1324
(58)

الجدار الخارجي للمقبرة الذي جُدد سنة 1330 هـ
ش 1325
(59)

الباب الرئيسي للمقبرة
(127)

ش 1326
(60)

السقاية التي تتوسط البابين النافذين إلى الصحن
(128)

ش 1327
(61)

البابان الرئيسيان للدخول إلى الصحن
ش 1328
(62)

الجدار الجنوبي للمرقد
(129)

ش 1329
(63)

قوس الباب الرئيسي للمرقد والواقع على جهة الجنوب

ش 1330
(64)

الباب الرئيسي للمرقد ويظهر الضريح
(130)

ويوجد داخل الضريح صندوق وضع فوقه تمثال لستّة عشر رأساً بعرض أربعة رؤوس وطول أربعة رؤوس، غُلِّفَ بقماش مخمل أخضر اللون قاتمه، طُرّزَ عليه بخطوط ذهبية اللون دائرية كتب في داخلها أسماء الشهداء الستّة عشر اتجاه قراءتها نحو باب الضريح، بمعنى أنّ الذي ينظر إلى الداخل من جهة باب الضريح يقرأها بسهولة.
ش ۱۳۳۱
(65)